الفصل التاسع والعشرون

مغالطة المقامر

gambler’s fallacy
تنطوي مغالطة المقامر على خطأ في فهم فكرة الاحتمالات probability وفكرة الأرجحية odds،١ ونحن نرتكب هذه المغالطة عندما نظن أن ما وقع في الماضي له تأثير على الأرجحية — أو الاحتمالات — الحالية، حين نرمي قطعة العملة رمية ترجيح فإن احتمال «الصورة» في كل رمية هو ٥٠٪ واحتمال «الكتابة» ٥٠٪، ولا صلة لاحتمالات كل رمية بالرمية السابقة عليها ولا بأية رمية أخرى على الإطلاق، فإذا رمى شخصٌ ست رميات كانت جميعًا «صورة» واستنتج من ذلك أن الرمية القادمة لا بُدَّ لها من أن تكون «كتابة» لأن «الكتابة» طال غيابها ولا بُدَّ أنها الآن متوقَّعة أو مرجحة جدًّا، يكون هذا الشخص قد ارتكب «مغالطة المقامر»، ذلك أن نتائج الرميات السابقة «لا ضغط لها» البتة على الرمية السابعة، فالرمية السابعة لديها احتمال ٥٠٪ للكتابة و٥٠٪ للصورة مثلها مثل أي رمية أخرى.

أمثلة

  • (١)

    لقد اشتريتُ ثمانيَ بطاقات حظ الأسبوع الماضي، ولم تكن بينها أي بطاقة رابحة، وحيث إن فرص الكسب هي واحد لكلِّ تسعة، فإن بطاقتي القادمة ستكون رابحة على الأرجح.

  • (٢)

    أما زِلت تشتري أوراق اليانصيب هذه؟

    نعم، لقد ظللت أشتريها بانتظام لمدة سنتين ولم أربح.

    إذن لماذا تحرص على شرائها؟!

    حسنٌ، بما أنني لم أربح حتى الآن، فإن الوقت قد حان لكي أربح عاجلًا.

  • (٣)

    أما زِلت مصممًا أن تراهن على الحصان «فارس»؟ لقد خسر ثلاثة من سباقاته الأربعة الأخيرة.

    لذلك سوف أراهن عليه الآن، لقد راجعت السجلات وعرفت أن «فارس» قد ربح نصف سباقاته في العامين الأخيرين، وحيث إنه خسر ثلاثة من سباقاته الأربعة الأخيرة، فلا بُدَّ من أنه سيفوز في هذا السباق.

    هل أنت واثق من ذلك؟

    بالتأكيد، لقد حان فوزه الآن.

في كلِّ مثال من الأمثلة السابقة يأخذ شخصٌ احتمال وقوع حدث «أ» خلال فترة من الوقت، ويلاحظ أنه خلال الشطر الأول من تلك الفترة كان الحدوث الفعلي ﻟ «أ» أقل بكثير من المتوقع، فيُستدل من ذلك على أن حدوث «أ» سيكون أكثر احتمالًا في بقية الفترة، وهو استدلال مغلوط بالنظر إلى مفهوم الاحتمالات والأرجحية.

وقد تمضي المغالطة أيضًا في الاتجاه المقابل: فيفترض المرء أن الحدوث الزائد عن المتوقع ﻟ «أ» لا بُدَّ من أن يؤدي إلى انخفاض احتمالية «أ» فيما سيأتي؛ وذلك لكي تتحقق الاحتمالات وتستوي الأمور في نصابها:

– أتشتري بطاقات الحظ ثانيةً هذا الأسبوع؟

– نعم.

– أي الأرقام سوف تختار؟

– حسنٌ، إن الأرقام التي كثر فوزها حتى الآن هي ٣، ٧، ٢٨؛ لذا فلن أختارها بكل تأكيد، فقد آن لها أن تتلقى نصيبها من الخسارة لفترة غير قصيرة.

وصفوة القول في المقامرة إن ما تم حدوثه حتى اللحظة الآنية هو شيء لا يُقدم ولا يُؤخِّر في احتمالات السحبة القادمة، ولا يُؤثر على أرجحيتها، بحد ذاتها، مثقال ذرة من التأثير، فاحتمال «الصورة» في رمية العملة القادمة هو ٥٠٪ مهما تكن النتائج السابقة، واحتمال فوز أي رقم في اليانصيب الأسبوعي للمملكة المتحدة هو واحد إلى أربعة عشر مليونًا.

١  الأرجحية odds تعني نسبة النجاح إلى الفشل، والاحتمال probability يعني نسبة المحاولات الناجحة إلى المجموع الكلي للمحاولات.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤