الأحواش
نادى د. حُنينة: يا أولاد أين مفتاح السيارة؟ ابحثوا عنه سريعًا، تأخَّرت عن العمل.
عبثوا جميعًا في البيت حتى وجدوه. خرج مسرعًا ووقف أمام منزله مندهشًا ومحتارًا، فقد اختفت السيارة من مكانها، لطمَ كفًّا بكف … ذهب إلى مديرية الأمن، استقبله مسئول السرقات الخاص بالمركبات.
بدأ التحقيق معه: متى، أين، كيف ولعلَّ … نوعها، رقمها … واتهموه بالإهمال، ثم قيل له سوف نبذل جهدنا لإعادتها، وسنتصل بك عندما نجد مركبتك.
بعد فترةٍ قيل له: لقد عرفنا أن مركبتك في الأحواش الشرقية، لكن لا نستطيع إعادتها إليك؛ فهذه المنطقة خارجة عن سيطرة القانون.
عضَّ شفته وهجا هؤلاء السُّرَّاق الخارجين عن القانون، لكنه طلب صورة بلاغ سرقة سيارته، فلم يُسْتجب له إلا بعد توسُّلات كثيرة، ثم خرج فرِحًا بصورة البلاغ؛ فقد يُرتكب جُرم بها. أدركه أحد العسكر وقال له خفيةً وبصوتٍ خافت: يا أستاذ، يا أستاذ، إن كنت تريد سيارتك فعليك بالشيخ … فهو مَن سيرجِعها لك، ولا بدَّ من ثَمن لمقولتي هذه لك. دفع له، وبدأ يبحث عن الشيخ في المدينة.
وصل إلى قصره، وفجأةً رأى صديقه د. رياض جالسًا مع المنتظرين، فسأل مندهشًا: مَن! حُنينة! ماذا تعمل هنا؟!
– لقد سُرقت سيارتي. وهمس: «لقد خرج السُّرَّاق من القماقم يا صاحبي وانتفشوا مثل جن الإمام.»
انتظرا دورهما في الطابور، ثم سرد حُنينة شكواه، فقال له الشيخ: لقد أتيت إلى المكان الصح، نحن بحمد الله يا ولدي ننصر المغلوب، ونعيد المسلوب، سنعيد سيارتك عاجلًا إن شاء الله.
بذل الشيخ الكثيرَ لإعادة المركبة، فلديه معرفة وهيبة لدى هؤلاء الخارجين على القانون، مَن سرق و… بعد يوم واحد فقط، بُلِّغ رياض أن سيارته وُجدت.
حضر يشكر الشيخ ويكيل له الثناء، فقال الشيخ: لقد تعِب رجالٌ كُثر حتى وجدوها، وهذه قائمة تكلفة إعادة المركبة.
نظر إلى الكشف:
عشرون ألف ريال تكلفة اتصالات.
خمسةُ وسبعون ألفًا تنقُّلات.
ثلاثمائة ألف ريال تكلفة وساطات.
ثلاثمائة ألف أتعاب.
مائة ألف نثريات.
خمسمائة ألف ريال للسُّرَّاق أنفسهم حتى يعيدوها بسلام. عضَّ شفتيه حُنينة، فقد وجد أن المطلوب منه أكثر من ثَمن السيارة.