مُهرِّب

ماذا ترى يا «مانع»؟ ألم نَصِرْ دكاترةً بعد أن كنا نعمل في الخفاء، نهرِّب الأدوية عبر البحر والصحراء؟

– نعم، الحمد لله يا «صالح»، الآن أقمنا صيدليةً وأصبحنا نعالج المرضى، لكن بصراحة ليس لدينا العلم الكافي ببقية الأدوية الأخرى.

– معالجة المرضى يا مانع هي خِبرة، مثل ما يعمل الأطباء نعمل مثلهم، يَصِفون الدواء وإذا لم يُفد يَصِفون دواءٍ آخر، والطب هو خِبرة … لا تكن جبانًا، كل يوم نتعلم شيئًا جديدًا، وإن ضاقت علينا فسيساعدنا «الخُبرة»، أليسوا هُم شركاءنا في كل شيء، وهم مَن يحمونا، لماذا الخوف؟ عالِج الناس ورأسُك مرفوع، وإذا ناداك أحدٌ يا صالح، فرُدَّ عليه: عفوًا، الدكتور صالح.

دخل عليهم مريض بيده وصفةٌ طبية، نظرا إليها، حدَّق صالح بالروشتة، وقال مانع: هذا حرف z أو s وهذا zantac أو zinnat.

صرفا له الأدوية، وذهب المريض إلى الطبيب.

فرِحا بما أنجزا من صرفِ أول وصفة طبية.

عاد المريض إليهما غاضبًا وقال: يا دكتور، هذا العلاج ليس هو المطلوب!

– مَن قال هذا؟

– الطبيب المعالِج.

– هذا الطبيب لا يفهم، نحن أعطيناك دواءً أفضل منه، صحيح هو بديل لكن شركة أصلية، أنت توكَّل على الله واستخدم العلاج.

حضر مريضٌ آخر وصرفا له الوصفة الطبية، وعاد إلى الصيدلية غاضبًا: يا دكتور، كيف تصرف علاجًا خاطئًا؟! أتريد أن تقتل ابني؟ والله لأشتكيك في وزارة الصحة.

قالا له: الطبيب هذا يريد أن يوقِع بنا، وهو لا يريد المرضى أن يشتروا منَّا لغرضٍ في نفسه، لكن أرجِع العلاج وخذ نقودك.

فكَّر مانع وذهب إلى الطبيب، وقال له: يا دكتور، سندفع إيجار عيادتك بدلًا منك لمالك العقَار، مقابل أن تقبل علاجنا ولا تعيده، وترفض علاج الصيدليات الأخرى.

غضِب الطبيب وقال: لا، لن أساعدكم في أن تصرفوا علاجًا خاطئًا أبدًا.

– لكن يا دكتور أنت الخسران، سنُحضِر طبيبًا غيرك هنا وسندفع لهُ الإيجار.

رجع حمود وهو يتوعَّد أنه سوف يغيِّر الطبيب بطبيب آخر ويقول: والله ما بقي في مكانه هذا …

دخل الصيدلة رجلٌ يشكو من الإسهال فأعطياه DLCOLAX TABLET وقالا له هذا العلاج خلال ساعة سيوقف الإسهال عندك.
عاد إليهما بعد ساعة وهو يشكو من شدة الإسهال والمغص، فأعطياه BISCODIL TAB وDICLOFEN AMP ولم يَعُد المريض إليهما.

أتى إليهما أحدُ أقرباء مانع يشكو من الزكام، فوصف حمود له علاجًا، وقالا له ستكون مثل الحصان بعد هذه الإبرة — كالسوم — هل سمعتَ بها من قبلُ يا عم؟

قال الرجل: نعم.

– ادخل وسوف نحقنها لك. فسأل مانع صديقه صالح: عضلي يا صالح والَّا وريدي؟

– يا مانع عضلي، عضلي …

– باسم الله عليه توكَّلنا.

صاح الرجل: آه، آه … ما هذا الحريق؟ أي، أي … توقَّف، توقَّف … شُلَّت رجلي!

قال مانع: ما حقنتك إلا ربعها، لن تستفيد، لا بدَّ أن تصبر، خلِّيك أسد.

حقنها كاملةً فأغمي على الرجل وسقط أرضًا.

١٢ / ٢٠٠٩م

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٥