إشاعة

صاح محمد وهو يُنظِّف جوار بيته: آه، آه، آه … لدغتني، لدغتني … دخل إلى بيته يتألم فهُرعت الأسرة إليه تسأله بدهشة ماذا جرى … ردَّ وهو يتقيأ ويتصبَّب عرقًا: أظنها عقربة لدغتني، ثم أغمي عليه، وإذ بالأبناء يبكون ويعلو صياحهم، والأم تندب.

سمِع الجيران صياحهم فهُرعوا بالدخول يسألون: ماذا جرى لمحمد؟ فوجدوه مُصابًا بالحمى، وهو في حالة حرجة وأسعفوه إلى المستشفى.

تناقلت النساء الخبر، إن محمد عبده لدغته عقربة سامة، وهو في حالة حرجة، ثم قيل بأن ثعبانًا لدغه وهو على حافة الموت، ثم نُقل الخبر بأنه توفي على أثر اللدغة، وانتقل الخبر إلى القرية ومدن أخرى. ترحَّم عليه كثيرٌ من الناس.

لم تمرَّ ربع ساعة، إلا والاتصالات الهاتفية تنهال على البيت ولم تتوقَّف: الله يرحمه … كان رجلًا طيبًا، البقية في حياتكم … أين ستدفنون المرحوم؟ والموت حقٌّ، أيتها خدمات نقدِّمها؟

قدَّم بعضهم المساعدة والتكفُّل بالدفن. كانت الأم تقول لهم: محمد لم يمُت، بل حيٌّ يُرزق، لم يمُت، لم يمُت، منهم مَن قال: لاحول ولا قوة إلا بالله، دنيا غرورة مكَّارة، الأب مات والأم جُنت، تُرى مَن سيكفل هذه الأسرة الفقيرة؟! اتصلت الأم بالمستشفى، لتسأل عن حالة زوجها، فقيل لها: إنه ما زال مُغمًى عليه، فظنَّت أن ما يتناقله الناس صحيح، وبدأ قلبها يوجف خوفًا.

أرسل أحدهم الكفن إلى البيت، رأته الأسرة، فازداد النحيب والعويل، وصدَّقت الأسرة أن الأب فعلًا مات، ومَن كان يقول لهم إنه لم يمُت لم يصدِّقوه.

تعافى محمد، وأسرع إلى البيت يطمئن أسرته، ويرد على اتصالات المُعزِّين بنفسه.

٢ / ٢٠١٠م

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٥