علي بابا
اقترِبْ مني يا صديقي الصغير، ها هي قطعة الشكولاتة، هه خُذْ، خُذْ.
اقترب «عامر»، في عُمر الزهور وجلس بجواره. فقال له مُراد: هه، تفضَّل.
قضم عامر منها، وقال: شُكرًا يا «عمُّو»، إنها أفضل من قطعة أمس.
مسح مُراد على رأسه، وقال: نعم يا صديقي، ألسنا أصدقاء منذ أن أحضرك أبوك إلى هذا النادي؟ هاك المنديل، امسح حول فمك، دعني أقُم بهذا، هكذا، هكذا، شااااطر. حدِّثني يا صديقي الصغير، كم عدد إخوتك؟
أجاب: من أمي أو من خالتي؟
– نعم، أعرف خالتك، كانت سكرتيرة بابا، وهو ينظر إلى أبيه وهو يلعب البلياردو، أولًا قُل كم من أمِّك؟
يَعُد عامر أصابعه: حامد، محمود، عمر، سليم، جميلة … ومِن خالتي: بنت واحدة فقط.
همس مراد: أهي جميلة خالتك؟
ردَّ عامر: أبي يقول مثل القمر، وأمي تقول مثل القِردة.
ضحِك مراد هه، هه: يا سلام يا عامر، أنت ولد محبوب والله.
نظر الأب إليهما، ثم قال: ماذا يقول لك هذا الشقي؟
– لا، لا، لم يقُل شيئًا.
قال الأب: لا تصدِّقه، فهو قاصٌّ جيد.
قرَّب مراد نحوه أكثرَ وقال له: هه، خُذْ هذه القطعة أيضًا. حدِّثني عن بيتكم.
أجاب عامر: أيُّهما، الذي في حارة … أو العمارة التي في شارع … أو … أو …
يهمس مراد لنفسه: «يا سلام يا «علي صلاح» أصلحتَ ما يطيب لك، كل هذا من الوظيفة، ولا ندري!» أنت قُل لي فقط عن التي تسكنون فيها.
أجاب: بيت كبييييير … أمي وأخواني في الدور الأول، وخالتي في الدور الثاني.
– لماذا هي في الدور الثاني؟
– أبي يحبسها هناك؛ لأنها تريد أن تخرج كلَّ يوم دون رضا أبي.
– وإذا خرجت أمُّك دون رضاه؟
هتف عامر: ها … ورفع يده، سوف يضربها أبي. (دمدم مراد: ونعم العدل يا مدير مثل عدلك في العمل تمامًا)، ثم أضاف عامر: ولدينا خدَّامة فلبينية. ثم ضحك.
سألهُ مراد: لماذا تضحك؟
همس عامر في أذنه: في أحد الأيام رأيت أخي حامد …
احمرَّ وجه مراد، وجحظت عيناه وتدلَّت شفتاه: هه … ثم ماذا؟
أغلقا باب الغُرفة.
همس مراد لنفسه: «يا سلام يا علي على التربية، هكذا خدَّامات العصر.» ثم سأل مراد: وإخوانك الآخرون: أين يدرسون؟
– أخي حامد في الثانوية هو ومحمود.
– هل ينجحان؟
– لااااا … أبي دائمًا يشتري لهم «الشهادة» كل سنة.
دمدم مراد: «يا سلام على نجاحك في الحياة يا علي.» ثم قال: هه، والآخرون؟
أجاب الولد: عمر دائمًا يخرج مع أصحابه، وأمي دائمًا تضربه.
– لماذا تضربه؟
استغرب عامر وقلَّب يديه: لا أدري!
– وماذا عن أختك جميلة؟
– تدرُس في الجامعة.
– أهي مخطوبة؟
رفع الطفل يده وقال: ما وافقت.
– لماذا؟
– أبي يريد يزوجها ابن صاحبه، وأمي تريد تزوجها ابن خالي، وهي تريد «رجلًا آخر».
– قُل لي، هل أنت تعرف هذا الرجل الآخر الذي تريده أختك؟
– لا، لكن أبي يعرفه، يقول إنه رجُل ليل و… ما معنى رجل ليل يا عمُّو؟!
– أبوك يعلم بها وأخبر.
حدَّث نفسه مراد: «يا سلام يا «علي»، لمَ يصعُب عليك معرفة هذا الأمر، فالجاسوسية في دمك، تعرف عن كل واحد في العمل، وتصطاد في الماء العكر.» ثم قال: يا سلام يا صديقي الصغير، أتريد قطعة أخرى؟
– لا، لا …
– قُل لي: خالتك وأمُّك ألم تختلفا يومًا، قصدي ما «يضَّاربنش»؟
– أحيانًا.
– ومن تَهزم؟
ردَّ: أمي.
ثم سأل مراد مُستغربًا: كيف؟
– في أحد الأيام أمي قبضت خالتي من شعرها وهي بثوب النوم …
– هه، وماذا بعد؟ أكمِل، أكمِل (ويكاد لعابه يقطر من فمه).
ضحِك عامر وقال: أمي جعلتها «عريانة».
تدلَّت شفتا مراد وقال: كم أنت بريء! وماذا عمل أبوك لهن عندما حضر؟
ردَّ عامر وهو يحرِّك يده أعلى وأسفل: خالتي ضربت أبي، ضربته، ضربته … وقذفته بالأحذية وهي تبكي، وتصيح.
اندهش مراد: ماذا، ماذا … وهل تضربه دائمًا؟!
– نعم، أحيانًا.
– وأمُّك، ألم تُدافع عن أبيك؟
– لا، أمي كانت تضحك … تضحك وتقول لأبي: مَن أراد العسل يتحمل لسْع النحل، لا تغضب يا حبيبي، ضرب الحبيب مثل أكل الزبيب.
همس مراد في نفسه: «نمرٌ في العمل، وفي البيت حَمل.» وتذكَّر صولات علي وجولاته في المجتمع. ثم قال: هه، وماذا أيضًا؟ احكِ، احكِ!
– أبي قال لأمي وخالتي، وهو غاضب يصيح: إن لم تعيشا بسلام فسوف أتزوَّج عليكن الثالثة. فغضبت خالتي وقالت: أهي السكرتيرة الجديدة؟ وأمي قالت له: من أنفق من حقِّ غيره ما يهمه، مال الدولة حلال عليك.
قال مراد: نعم يا صديقي الصغير نعم … أمُّك على حق. وأخيرًا قُل لي يا صديقي: هل تقول مثل هذا للآخرين؟
– لا، لا … يا عمُّو أنت فقط.
– لماذا أنا فقط؟!
– لأنك تعطيني الشكولاتة.
– وإذا أعطيتُ أباك شكولاتة، هل سيخبرني بما أخبرتني أنت به؟
ردَّ مستغربًا: لااااا، أبي لا يأخذ شكولاتة، أبي يأخذ فلووووس كثيييير بالصندوق.
أتى الأب ولم يُلاحظه مراد، فهتف الفتى بصوت منخفض: بابا، بابا.
جلس بجانب ابنه، ثم سأل مراد: ماذا كان يقصُّ عليك الفتى يا عزيزي، فهو بارع في القصص؟
– نعم نعم يا علي، هو كذلك، كان يقصُّ قصة علي بابا وأربعين حرامي.