ولادة
آه … آه … يا «عبده»، ضهري، بطني، لا بدَّ أنني سألد الليلة!
ردَّ عبدُه ضاحكًا: لا، لا، أرجوك يا سميرة، ليس الآن، نحن في منتصف الليل، اصبري قليلًا حتى الصباح.
صاحت: ليس وقت المزاااااح الآن يا عبده، أسرعْ وأحضرْ تاكسي.
– يا سميرة لن أجد الآن تاكسي، ما رأيك أن تلدي هنا في البيت، سوف أساعدك ونوفِّر تكلفة المستشفى الذي لا يرحم؟
– لا، لا يا عبده، هذه المرَّة لن أستطيع أن ألد هنا؛ فحجم بطني هذه المرَّة كبير، ألا تراه، آه، آه، آه … أي، أي … بسرعة يا عبده، بسرعة.
لم يمتلك عبده إلا أجرة التاكسي، فاقترض من جاره مبلغًا من المال. أحضر التاكسي وركبت سميرة، وهي تتألم، فقال: للسائق إلى أقرب مستشفًى.
عبر التاكسي مسرعًا شارعًا لم يُعبَّد بعد، وسميرة تصيح كلما مرَّ فوق حُفرة: ما هذا يا سائق؟
ردَّ السائق: هكذا مَن يسكن أطراف المدينة، لا بد أن يعاني.
قال عبده لها: يا عزيزتي عليك بالصبر، هذه لصالحك، ستلدين سريعًا بعد مرورنا فوق هذه الحُفر.
وهم في الطريق صاحت سميرة: آاااااااه سألد، آاااااااه سألد، سألد هنا في التاكسي. واستمرت زفراتها ممزوجةً بالألم.
سمِع عبده بكاء الطفل، فقال: الحمد لله، الحمد لله، ألم أقل لكِ أن تلدي في البيت؟ وضحِك فرحًا وقال للسائق: الآن أرجعنا إلى المنزل.
فرِح عبده لنجاة زوجته ونجاة جيبه من المستشفى، وهم متوجِّهين نحو البيت، صاحت سميرة: آه آه آااااه سأل.
عبده: ماذا أيضًا؟!
– لا أدري، هناك حركة أخرى في بطني. آه، آه … ارجع … ارجع.
– إلى أين؟
– إلى المستشفى، بسرعة … بسرعة، سألد طفلًا آااااخر.
رجع التاكسي إلى المستشفى، وفي فناء المستشفى كانت سميرة تصيح، وهي داخل التاكسي، أسرعت الممرضة ورأتها في آخر ولادتها الثانية، لم يتبقَّ إلا قدما الجنين. حملت الممرضة الطفلين بيديها وأسرعت بهما إلى غرفة الولادة، مع أمهما لتقوم برعايتهم.
نادى الطبيب: يا عبده.
– نعم يا دكتور.
– ادفعْ فاتورة الولادة.
نظر عبده وفجأة، جحظت عيناه وفُتح فاه: يهْ، يهْ يهْ …
تحدَّث الطبيب: تكلفة ولادتين يا سيِّد.
– ماذا تكلفة ولادتين؟! يا دكتور امرأتي ولدت الأول في التاكسي، والثاني عند بوابة المستشفى، ولم تقوموا أنتم سوى بغسلهما فقط، وصاحب التاكسي يشهد بذلك!
– لا يا رجل، لقد أنقذنا الأم والتوءم من الموت، وهم الآن في غرفة الولادة.
عضَّ عبده شفتيه، وأحضر المبلغ سريعًا، قبل أن تدخل الأم غرفةَ العناية المركَّزة لتشمَّ النسيم، ويدخل التوءم الحضانات، وتعمل لهما فحوصات القلب، الكبد، المعدة، الفيروسات، الهرمونات، ومعرفة لماذا شَعر أحدِهم طويل، والآخر قصير، و… و…