الوهم

عدتُ إلى زوجتي لأنام بعدما استقبلت ضيفًا في غرفة استقبال الضيوف. وجدتُها غاضبة، تذرع الغرفة طولًا وعرضًا. قالت لي هامسةً: كيف تقبل لصًّا في بيتنا يا «رفيق»؟

قلتُ: هو قريبي فكيف يسرقني وقد قيل عنه إنه تاب عن اللصوصية؟!

– يا رجل، لقد سرق حتى أباه، ومَن يصدِّق لصًّا بالتوبة والكذب في دمه. قُم وأخرجه من البيت.

– لا، لن يكون هذا ونحن في ساعة متأخرة من الليل، دعينا ننم، وليحرسنا الله.

حاولتُ أن أنام، فهتفتْ بصوتٍ خافت مُتسائلة: كيف تنام ولصٌّ في بيتنا، يا رجل؟!

– وماذا تريدينني أن أفعل؟ أأحرسه؟!

– نعم احرسه حتى الصباح.

– يا حبيبتي أشعر بالنعاس، دعيني أنم.

– لا، لا، لن تنام واللص في بيتي يسرح ويمرح.

سمعتْ حركةً خفيفة في الديوان، فقالت: قُم، قم يا رجل، إنه يحاول أن يفتح الباب ليخرج.

قُمتُ مسرعًا، واتجهتُ نحو الباب، فوجدته موصدًا، لكنني وجدت قطًّا بجوار الباب، فعدت وقلت لها: لا شيء، دعيني أنم أرجوك، لديَّ عملٌ في الصباح.

صمتت ثم قالت: سأحرس الباب عنك هذه الليلة.

قلت ضاحكًا: سنتناوب الحراسة معًا، وسأبدأ أنا، ولتخلدي أنتٍ إلى النوم. (كان حديثي هذا لتطمئن وتنام.)

بعد أن نامت هي وسمعتُ غطيطها، غلبني النعاس ونمتُ، وإذ بي أسمعها فجأةً تهتف: التلفزيون، الرسيفر، التحف، اﻟ… الحقه بسرعة، بسرعة.

قُمتُ من منامي مفزوعًا ومُصدِّقًا لِما أسمعه، وأسرعت أفتح عليه باب الديوان، فوجدته متَّكئًا يمضغ قاته.

عدتُ إلى زوجتي وهي تقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، لقد كان كابوسًا.

فقلت لها: لقد صدَّقتُ أحلامكِ يا امرأة، فلا توقظيني مرةً أخرى.

رجعتُ إلى مضجعي، وهي ترقب البابَ بين لحظة وأخرى، تذرع البيتَ طولًا وعرضًا، فقلت لها: دعِي الشكَّ يا امرأة، فلننم، والله يحرسنا.

استلقينا في الفِراش لحظةً، ثم مضت تحدِّث نفسَها بصوت خافت، وهي تنظر إلى سطح الغرفة: تحفٌ ثمينة في المكتبة، كتب، تلفزيون، كمبيوتر … يا سلام وزوجي يغطُّ في النوم، وظلت تفكِّر بصوت مسموع: كم سنخسر لو نمنا ولم نحرس خروجه من الباب، ويقول إنه تاب، ومَن يصدق اللصوص؟! صمتت قليلًا، ثم ضربت يدًا بيد، هَمْ … ماذا لو جمع ما سرقه، وأنزله بحبل من النافذة، هكذا اللصوص يعملون، إنهم أذكيا. أفضل شيء، أن أبقى أحرس الباب، وأنت تحرس نوافذ وشرفة الغرفة من سطح البيت.

أذَّن المؤذِّن لصلاة الفجر ولم ننم بعدُ، وقبل ذهابي إلى عملي، طرقت عليه كي أوقظه من النوم، فلم أجده، فهو لم ينم في البيت، وما نقص شيء من محتويات الغرفة.

٢ / ٢٠٠٨م

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٥