حُلم إرهابي
طاخ، طاخ، دوم … هكذا استيقظ «عُمر» من حُلمه قبل الفجر، على ضرباتٍ مُدوية، في بابه، ما كاد يفتحه، حتى انخلع من مكانه أمام ناظريه، والدار مُحاطة بالجنود كالسوار في المعصم.
صُعقت الأسرة من هولِ ما جرى، ولم يجرؤ أحد على السؤال لماذا حَدثَ هذا.
عبثَ الجنود في البيت جيدًا، فوجدوا أدلةً على جُرم عمر؛ قلمَ رصاص، دفترَ رسم خرائط، مِسواكَ أسنان، مسامير أحذية، إبرة خياطة، كُتيب دعاء المستضعفين، ثم بقرةً حلوبًا في فناء الدار، سُلخت قبل ذبحها في حينه.
فتَّشوا المطبخ، فوجدوا فيه السمن البلدي، الحليب الطازج، ونصف كيلو من مسحوق الفلفل الأحمر الحار. شمَّه الكلب «جون»، فكاد يختنق ويموت.
أكَّدت مختبراتهم فيما بعدُ أنها مادة كيماويه سامة … فتحوا التلفزيون فلم يجدوا أية قناة للترفيه عن الأسرة، مما يدُل على كبت للحريات.
تقدَّم الضابط إلى عُمر وقال له بِحدَّة: لقد كُنتَ في هذه الليلة تحلُم حُلمًا إرهابيًّا وفيه …
ردَّ عُمر خائفًا: لا، لم يكن كذلك، بل كان حُلمًا رومانسيًّا.
صاح الضابط والشرر يتطاير من عينيه: كاذب، بل كان حُلمًا إرهابيًّا، ولولا حضورنا في الوقت المناسب لرسمتَه وأعددتَ الخُطة لتنفيذه. إذا كذبتَ مرةً أخرى فسوف نقطع رأسك ونفتِّش فيه عن الحُلم وعن الحقيقة.
ردَّ عمر مرعوبًا: كما ترى يا سيدي، كما ترى يا …
هتف الضابط بالجنود أن يأخذوا كلَّ الأدلة معهم، ويقيدوا عُمر بالسلاسل وعشرة رجال مِن حوله مع الكلب لحراسته.
اقتيد عُمر مُغمض العينين إلى مكان مجهول بعد أن بيَّنت مختبراتهم أن لديه جيناتٍ إرهابية وراثية، وبدأ التحقيق الذي استمر عشر سنوات وتسعة أشهر وأحد عشر يومًا، وغيَّروا اسمه في السجن إلى «جون»، ثم قُدِّم إلى المحكمة بعد أن تم محو جيناته الإرهابية التي حكمت ببراءته مما نُسب إليه، وتم الاحتفال بالبراءة والإشادة بنزاهة العدالة.