الزمان

ثمَّ قال له فلكي: أَيُّهَا المعلم، ماذا تعتقد بالزمان؟

فأجابه قائلًا:

أنت تريد أن تقيس الزمان غير المحدود، الذي لا قياس له،
وتودُّ أن تطبق سلوكك وتعين مسالك روحك على مقتضى الساعات والفصول.
بل أنت تريد أن تجعل الزمان جدولًا تجلس إلى حافته وتراقب انسجام مياهه وتصغي إلى خريرها.

•••

بيد أن غير المقيَّد فيك بالزمان يعرف حقيقة أن الحياة لا تعرف حدود الزمان،
وأن ليس أمس سوى ذكرى اليوم، وليس الغد سوى حلم اليوم،
وأن القوة التي تترنم وتتأمل فيك لا تزال قاطنة ضمن حدود تلك الثانية الأولى التي فرَّقت الكواكب في الفضاء.
وهل بينكم رجل لا يشعر أن قوته على المحبة فائقة الحدود؟
بل من هو الذي لا يشعر بتلك المحبة، غير المحدودة، المحصورة في صميم كيانه، ولا ينتقل من فكر محبة إلى فكر محبة، ومن أعمال محبة إلى أعمال محبة غيرها؟
والزمان، أليس الزمان كالمحبة، لا ينقسم ولا يُستقصى؟

•••

ولكن إذا شئتم أن تقسموا الزمان إلى فصول مختلفة في أفكاركم، فاجعلوا كل فصل من فصوله يحيط بجميع الفصول الأخرى،
واجعلوا الحاضر يعانق الماضي بالتذكارات، والمستقبل بالحنين والتشوقات.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤