الأبناء

ثمَّ دنت منه امرأة تحمل طفلها على ذراعيها، وقالت له: هاتِ حدِّثنا عن الأولاد.

فقال:

إنَّ أولادكم ليسوا أولادًا لكم.
إنَّهم أبناء وبنات الحياة المشتاقة إلى نفسها، بكم يأتون إلى العالم، ولكن ليس منكم.
ومع أنهم يعيشون معكم، فهم ليسوا ملكًا لكم.
أنتم تستطيعون أن تمنحوهم محبتكم، ولكن لا تقدرون أن تغرسوا فيهم بذور أفكاركم؛ لأن لهم أفكارًا خاصة بهم.
وفي طاقتكم أن تصنعوا المساكن لأجسادهم،
ولكن نفوسهم لا تقطن في مساكنكم؛
فهي تقطن في مسكن الغد، الذي لا تستطيعون أن تزوروه ولا في أحلامكم.
وأنَّ لكم أنْ تجاهدوا لكي تصيروا مثلهم،
ولكنكم عبثًا تحاولون أن تجعلوهم مثلكم؛
لأن الحياة لا ترجع إلى الوراء، ولا تلذ لها الإقامة في منزل الأمس.
أنتم الأقواس، وأولادكم سهام حية قد رمت بها الحياة عن أقواسكم.
فإن راميَ السهام ينظر العلامة المنصوبة على طريق اللانهاية، فيلويكم بقدرته لكي تكون سهامه سريعة بعيدة المدى؛
لذلك فليكن الْتواؤكم بين يدي رامي السهام الحكيم لأجل المسرَّة والغبطة؛
لأنه كما يحبُّ السهم الذي يطير من قوسه، هكذا يحبُّ القوس التي تثبت بين يديه.
fig4
الأبناء.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤