الرسالة السادسة والستون

وكتبت في جريدة رائد النيل ١٣ ربيع الأول سنة ١٣١٨:

خطاب لكل مسلم ومسلمة

فلْتُشدَّ الهمم ولْتَسْعَ القدم، ولمثل هذا فليعمل العاملون، فلم يرِد في تاريخ مآثر الخلفاء إلى يومنا هذا مآثر ينتفع بها مسلمو الأرض قاطبة مثل هذا الأثر الحميدي، ونريد به إنشاء سكة حديد الحجاز الذي برهن عما لمولانا الخليفة الأعظم من مضاء الهمة، وجليل المسعى، وما لنا وللتمدن الإسلامي الغابر نفتخر به كحضارة بغداد وتمدن قرطاجنة لأن كل أثر خلَّفوه قائمًا في مكانه لا ينتفع به سوى من كان في ذلك المكان، وكل زخرف أقامه الخلفاء من قَبلُ كان لا يتعدَّى البقعة التي هو فيها، أما الحَرَمان الشريفان هما كعبة الإسلام ومنبع حياته؛ فهما باقيان على حالتهما الأصلية إلى يومنا هذا، ولم تتطرق إلى ذلك الإقليم الطاهر يد الإصلاح؛ لأن كل تمدن كان لا يتجاوز مقره في ذلك المهد، ولقد رأى مولانا الخليفة الأعظم — أعز الله نصره — أن الأقطار الحجازية، وهي منشأ شريعتنا الوضاء في حاجةٍ إلى خط حديدي يصلها بباقي أجزاء السلطنة السنية يُهوِّن على حجاج بيت الله الحرام أداء فريضة الحج، ويُسهِّل المواصلات التجارية والزراعية بين البلاد، وهي مثل الروح في جسم الحضارة، ويطوي الأبعاد بين الحرمين الشريفين الأقصى والأدنى، فأمر — أعزه الله — بتنفيذ هذا المشروع الجليل الفائدة والكبير العائدة.

وعلى ذلك فقد وجب على كل مسلم ومسلمة مد يد المساعدة والإسعاف لتنفيذ هذا المشروع، فلنشكل اللجان، ولتجمع الإعانات لهذا المشروع النافع لنا كلنا على السواء كانا في ذلك أولاد أب وأم واحدة، فليس هذا المشروع مثل مشروع إقامة تمثال للادى كرومر وغيرها، بل هو فرض واجب على كل ذي مروءة في قلبه ذرة من الإيمان، فإليكن أيتها السيدات الفاضلات أوجِّه الكلام، فهلم إلى البدء أمر يخلد لكن ذكرًا حسنًا إلى الأبد، ويرفع بكن إلى أوجد المجد والفخار، فشكِّلن لجنة، وافتحن بابًا لجمع إعانة يشترك فيها كل مسلم ومسلمة، وابذلن منتهى الجهد في شيء فرض عليكن، وسبقكن عليه سكان الأقاليم الأخرى فلتأخذكن الغَيرة، وفي مثل هذا الأمر تُحمد الغَيرة.

أجل، فإن سكة حديد الحجاز من أجَلِّ وأعظم المشروعات المصرية، وليست فوائدها الحسية الظاهرة الشيء في جنب فوائدها المعنوية الخافية، رعى الله مولانا وسلطاننا أمير المؤمنين، وخلد ملكه وأعز نصره ما دام الدوران.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤