القطعة الأولى

الفصل الأول

(محرز وقابيل)
محرز :
في طالع أنهو نحس أنا كان مولدي
حتى بلاني بالثقيل وبالرَّدي!
في كل يوم أشكال من الثقلا تجي
من غير ما أكتب لهم ولا أرتجي
على الخصوص اليوم جا راجل تبيت
أقوى وأجمد صدغ من حجر النحيت
وأصل دا كله نويت وقت العَشا
على التياترو أروح من بعد العِشا
وقعت أنا في شر أعمالي هناك
واحد ثقيل أشرفت منه على الهلاك
لا بد ما أحكي لك وأقول عللي جَرَه
أهي فكرتي لدلوقيت مكدَّرَه
دخلت جوَّا للتياترو أنشرح
في وقت ما كانت الستارة بتنفتح
إلا وواحد جا طلب كرسي وصاح
ووقتها كان الطلب هناك مُباح
والناس في سكته ورايحة تستمع
وتنبسط من الكلام اللي طلع
وكان من الواجب عليه يرعى الأدب
ويكون صاحب ذوق وحكمة في الطلب
ألا أخد كرسيه بضجَّة وحشَّره
وعرَّض أكتافه وصدره صدَّره
انغظت وأصل ما بقى عندي جَلَد
وقلت يا ربي كدا أولاد البلد؟
خلقتهم كبار قوي زي العجول
ولا خلقتش ليه في رءوسهم عقول؟
لو كان مؤلف للتياترو ينتبه
ويقلد اللي في سلوكه مشتبه
واللي خرج عن الأصول يقلده
وبالكلام يخوِّفه ويهدده
حتى تتوب كل الصدم وتعتبر
والنطع يتربى وللذوق ينجبر
أحسن بقينا مَعيَرة عند الدول
وإننا السرت النفاية من الأول
وبعد ما انفض الثقيل من ضجته
ولا رأى واحد طلع يسكِّته
وطلعت الممثلين تحكي كلام
شوِّش كمان مرة عليهم يا سلام
وخاض في العالم بكرسيه القبيح
وظن في نفسه بإنه شيء مليح
طلعت عليه الناس جميعًا تزجره
ولا التفت لهم ولا شيء يحضره
إلا على بختي لمحني دا الثقيل
سلِّم عليَّ بسلام بارد طويل
ويقول أنا من كتر لطفك أعشقك
بالله تأذن لي هنا أعنَّقَك
خلَّا عيون الناس عليَّ اتوجَّهت
وكان من كتر الكسوف لوني بهت
والناس لما شافته يعمل كده
تقدر تلومني اللي أصاحب زي ده
لكنهم للي نظيره يعرفوا
إذا رأوه عنه نظرهم يصرفوا
حيث إن زيه في كتير يتحشَّروا
ويضحكوا للي يلوم ما يكشَّروا
وفضل بصوت عالي يسمَّعني كلام
كتير بلا معنى ويقريني السلام
والناس جميعًا من وراه بتلعنه
وهو يدردش في كلام ويفننه
ويقول روايتهم أنا حفضتها
وفضل يكرر لي الرواية كلها
ويقول نظم الناس كله أحفضه
وكل من ألِّف كتاب لي يعرضه
فقلت في آخر الرواية نفترق
وفي الزحام أزوَّغ منه وانسرق
لكن شبكني بكلام تاني طويل
ما شفت طول عمري كدا راجل ثقيل
وخش في موضوع تاني لفَّقُه
ويحب يسبقني إذا رُمت أسبقُه
وفضل يكلمني على ما بيعمله
وإن كل الناس بعلمه تفضَّله
والخيل والأموال دي اللي لمَّها
وبنت عمه خطبها من أمها
وحين رأى مني ومن عيني الزعل
وشاف وشِّي بالحماقة اشتعل
قال لي: بنا نخرج أورِّيك الخيول
وأروَّحَك للبيت ولو فيها فضول
فقلت: عن إذنك أريد أخرج أنا
قال: السكك فِضيتْ ونخرج كلنا
فقلت: عن إذنك أنا عندي ضيوف!
قال لي: آجي معهم ولو كانوا ألوف
إزاي أفوتك يا أخي وإنت حبيب؟
وإن عزمني حد غيرك ما أجيب
فقلت: يمكن أكلنا ما يوافقك
قال: أكل إيه؟ القصد أن أرافقك
عزومة السردار شيء ما يهمني
العيش معك بالملح هو العيش الهني
وفضلت امطوَح بالكلام وأمرَّغه
وكان على ودي بسكين أفرَّغه
ولا لقيت حيلة معي غير السكوت
ومن الحنق والغيظ منه كدت أموت
إلا عربية كبيرة كركبت
وجت قُبالنا بالعجل وقرَّبت
ونط منها شب متحفلط قوي
ومن كلامه يبان إنه فشروي
وادَّعى إنه أمير وأبوه أمير
وعزم أخينا النطع في بيت السفير
خليتهم مع بعض في كتر الكلام
وفي أمور الحفلطة عند السلام
وهربت في عطفة وعلمرواح نويت
من بعد ما شفت العذاب وانكويت
وفضلت ألعن في الثقيل وأسفهه
وكل من كان في الرزالة يشبهه
ضيَّع عليَّ موعدي مع الحبيب
لكن يقولوا دا اللقا لآخر نصيب
قابيل :
ما فيش في الدنيا كدر غير الثقال
ما أقبل جواب منهم ولا أقبل سؤال
لولا الأرازل والثقال كنا نعيش
من غير كدر لكن كدا ما نلتقيش
محرز :
سامي وصيِّ الست أثقل ما يكون
وكل شيء غيره على قلبي يهون
فيمن أحبه هو سبب قطع العشم
هو عِند منه يا ترى والَّا غشم؟
أبدًا عليَّ في حضوره ما تبان
لا بد ما نبِّه عليها من زمان
كانت أوعدتني أن تقابلني هنا
ضيَّع عليَّ موعدي ابن الزنا
قابيل :
إذا سمح لك من تحبه بموعده
إن ما اتَّفقش اليوم بُكْرَة توجِده
محرز :
صحيح ولكن في قوانين الغرام
خُلف المواعيد في اللقا يحكم حرام
قابيل :
وعندها لخره إذا كان تألفك
وتوعدك بِوَصْلِها وتستلطفك
خُلف المواعيد عندها يوم الوصال
إن كان حرام من شان عيونك صار حلال
محرز :
طيب ولكن يا ترى تحبني؟
قابيل :
وتحن من وصلك إلى العيش الهني
محرز :
لكن بشوف اللي عشق دايمًا يبان
خائف وقلبه ما يشوف أبدًا طمان
ما يصدق إن اللي يحبه يألفه
إلا اعتقاده إنه بهجره يعنِّفه
يا لله نروح على التياترو وأنا معاك
إيَّاك بالصدفة نقابلها هناك

الفصل الثاني

(عريفة ومورو ومحرز وقابيل)

(تكون عريفة واقفة في آخر التياترو، ومورو ماسك يدها.)

محرز :
يه دي مش عريفة اللي بشوفها مقبلة؟
يا هل ترى فين رايحة ومستعجلة؟
ومين معاها يا ترى من الرجال؟
مورو كمان؟ إش وصَّله يطول دا المطال؟

(عريفة تمر عليه، فيسلم عليها وهي تلتفت نحوه.)

الفصل الثالث

(محرز وقابيل)
محرز :
لا شك شافتني ومنِّي اتحققت
وثبت لديها الحب مني وصدَّقِتْ
لكن غلبها التيه وعني صدَّها
قل لي بقى يا هل ترى واش بدها؟
قابيل :
إن قلت يمكن تعتقد إني ثقيل
والَّا بليد والَّا تبت والَّا رزيل
محرز :
أما سكوتك دا يفهمني أكيد
إنك تقيل الدم أو إنك بليد
قل لي قوام يا هل ترى إنت فهمت إيه؟
إن كان رأيك جد أنا أمشي عليه
قابيل :
إن كان على رأيي ولو من بعد حين
لا لي أنا في الطور ولا لي في الطحين
محرز :
أما كلامك دا يقصر الأجل
الله يضرك روح وراهم بالعجل!
قابيل (يمشي وراهم ثم يرجع لسيده ويقول) :
أمشي وراهم من بعيد؟ … …
محرز :
… … … … أيوه …
قابيل (يمشي شويه ثم يرجع ويقول) :
… … … … … عظيم
وأكون تقيل في المشي أو زي النسيم؟
وأعمل إني ما بهم عندي خبر؟
ولا حد أرسلني وراهم عالأثر؟
محرز :
لا بد تخبرهم بما قلته صريح
إنك جاسوس مرسول من طرفي صحيح
قابيل (يمشي شويه ويرجع ويقول) :
من بعد ما أرجع تكون بردك هنا؟
محرز :
الله يضرك يا ثقيل يا ابن الزنا!

الفصل الرابع

محرز (لوحده) :
أهي جت جمايل لي وربنا ستر
اللي أتى الخدام ولا اتَّبع الأثر
لا بد كان تظهر أمور ما تسرني
وتجد لي أحوال كريهة تضرني

الفصل الخامس

(إسكندر ومحرز)
إسكندر :
يا حضرة المير الجليل المفتخر
أنا رأيتك من بعيد تحت الشجر
فقلت أهلًا بالحبيب أقابله
وأبهجه بمغنتي وأعدله
ألِّفت دور ومن الصبا جت نغمته
وضجِّتْ أهل الفن لما سمعته
وأغلب الشعرا عليه قالوا كلام
والقُطر كله قال منه يا سلام
حتى انتشر اسمي وصِيتي اشتهر
من دا النغم اللي عقول الناس بهر
اسمع كدا لما أقوله وألحَّنه

(ويغني):

شو شو أنا شفت الجميل
شا شا ششا شعره طويل
طا طا ططا طرفه كحيل
ما ما مما ما أحسنه
بالله إش زيه كدا؟ … …
محرز :
… … … … قوي، مليح
إسكندر :
وأنا أعرف إنك يا أخي تقول صحيح

(ثم يغني هذا الدور مرتين ثلاثة ويقول):

يطلع عليه الرقص مظبوط عالتمام
واللي يريد يرقص يوافق عالكلام
وكل دا من القريحة اختراع
أنا أخدت الفن كله بالدراع
لا تقول عليَّ عبده ولا الليثي بقه
وانزل على المسلوب بحتت مسوقة
بالله عليك مش فن؟ … … …
محرز :
… … … … دا كله فنون
إسكندر :
حدِّش عمل زيه؟ … … …
محرز :
… … … ولا زيه يكون
إسكندر :
أعلمك ضربه؟ … … …
محرز :
… … بلاش الوقت ده
لما أروق له وليه تستعجل كده؟
إسكندر :
لو كانت الأدوار معايا كلها
كنَّا هنا نقرا سوا ونحلَّها
محرز :
في وقت غير ده … … …
إسكندر :
… … … … لجل شُغلك أعذرك
لا بد أجيلك يوم كمان وأفكرك
من حق والدرويش أنا ما رحت له
أقرا عليه دوري الجميل وأرتِّله
واطلب كمان كام دور يوقعهم عليه
ما أشهرش نفسي عند أهل الفن ليه؟

(ثم يخرج وهو يغني.)

الفصل السادس

محرز (لوحده) :
من العجايب عندنا ياما نشوف
ياما على الدنيا من الرُّزلا ألوف
مستحضرين على عذابنا كلهم
ومن مصيبتنا بنتورط لهم
وبالتملُّق يملكونا والخداع
وكل ما قالوه يمشُّوه بالدراع

الفصل السابع

(محرز وقابيل)
قابيل :
يا سيَّدي ستي عريفة أهي هناك
محرز :
آه يا فؤادي في هواها واش رماك؟
إزاي دِ الخاينة فؤادي يحبها
وبدال ما أكرهها أنا أصبِّب بها
قابيل :
يا سيدي بتحكي كلام ما بتعقله
دا العشق يحكم عالجمل ويعْقِله
ولو يكون الحق بيدك في الزعل
الحب يخدع نفس من كان انفعل
محرز :
الحق بيدك يا قابيل في دا الحكم
صحيح عليَّ حبها اليوم حكم
والكبر زال والذل جا في مطرحه
والقلب مني مال للي بيجرحه

الفصل الثامن

(عريفة ومحرز وقابيل)
عريفة :
ما لك معرقص جبهتك من رؤيتي؟
هُوَّا حضوري عكننك؟ يا دهوتي!
وليه بتتنهد إذا ما شفتني؟
أنا اللي فُتَّك والَّا انتَ فُتِّني؟
محرز :
وكمان كدا يا ظالمة بتسألي؟
عن أصل غَمِّي وفعالك تجهلي؟
كنتي معَ مين يا ترى تتحدِّتي؟
فُتِّي عليَّ وكمان تتلفِّتي
عريفة :
هُوَّ دا السبب اللي عليَّ غيَّرك؟
وأشعل النار فيك كدا وحيَّرَك؟
محرز :
يحق لك بِدِي الفعال تستهتري
ومن عذابي في الغرام تتمسخري
لما رأيتي الداء منعتيه الدوا
وكل ما جي أشتكي يروح في الهوا
عريفة :
دا شي يضحَّك وصحيح يا محرزون
إن الزعل من شيء فارغ دا جنون
الراجل اللي غِرت منه دا ثقيل
المشي ويَّاه بالمحبة مستحيل
ثقيل وضايقني وأنا اتورَّطت له
صحيح مسك إيدي وأنا برزِّله
وجريت على العربة وهو واقف هناك
وقلت فارقني بقى دا شيء هلاك
وبعدها لفِّيت وجيت على الزقاق
اللي حصل موعد عليه واتفاق
محرز :
أما كلامك يا عريفة دا فصيح
يا هل ترى أنتي تحبيني صحيح؟
عريفة :
وليه بقى كتر الكلام من غير نفع؟
أنا حكيت والشك فيَّ ارتفع
احكيت عن اللي صار واصفيت نيِّتي
محرز :
ما تزعليش من دا السؤال يا مُنيتي
دخلت في حكمك ففيَّ اصَّرَّفي
وافعلي يا ست زي ما تعرفي
وامشي على كيفك وخونيني كمان
لِكي عليَّ الطوع وعليكي الأمان
وإن كنت في فعلك أدوق كل العذاب
برضى أنا مليح ولا من الموت أهاب
عريفة :
إن كان كدا رأيك وصبرك في الغرام
أنا كمان أعمل بأصلي والسلام

الفصل التاسع

(إسكندر وعريفة ومحرز وقابيل)
إسكندر (لعريفة) :
كلمة … … …

(ولمحرز):

… تسامحني إذا كلمتها
في السر كلمة وأنت حاضر عندها

(عريفة تخرج.)

الفصل العاشر

(إسكندر ومحرز وقابيل)
إسكندر :
مع الأسف أرجوك يا سيدي الأمير
تاخذ بناصري من سفيه قَبَّح كتير
وأنا بعون الله أعرف أزجره
بس انت إنده له هنا وحضَّره
تبقى جِميلة أشكر أفعالك لها
ولك عليَّ يا أمير بمثلها
محرز (يسكت برهة ويقول) :
هوَّ أنا قواص والَّا بربري؟
اعرف صحيح يا شيخ إني عسكري
عشرين سنة خدمت في الجيش العظيم
واعمل هنا ساعي بِناتكم يا غشيم؟
اطلب دويل معه قوام في دا المكان
واغسل العار بالدما من حيث كان
وأدينِي نصحتك بالحقيقة فانتِصِح
واعرف خلاصك روح بقى واصطبح

الفصل الحادي عشر

(محرز وقابيل)
محرز :
فين يا ترى راحت عريفة من هنا؟
دخل ووزَّعها الثقيل ابن الزنا
روح يا قابيل دوَّر عليها بالعجل
وأدينِي بستنَّاك هنا في دا المحل

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤