القطعة الثانية

الفصل الأول

محرز (لوحده) :
إمتى من الثقلا يزول عنَّا الخطر؟
دول في العدد أكتر علينا من المطر
إذا انقلب واحد يجي التاني قوام
وإن كنت أنا نايم يجيني في المنام
وإن تملِّيت لي دقيقة بالحبيب
يظهر عزول منهم علينا أو رقيب
يا رب ترسل سيل عليهم من زلط
يكون متخصص لوحدهم فقط
والشمس أهي غابت عليَّ وأعمل إيه؟
والخادم المنحوس دا ما جاش ليه؟

الفصل الثاني

(حوران ومحرز)
حوران :
أهلًا صباح الخير … … …
محرز :
… … … صباح الخير عليك
حوران :
أقول لك الدُّغري أنا محتاج إليك
أنا جيت تسلِّيني على اللي حل بي
سايق عليك السيدة وسيدنا النبي
انبارح المغرب وأنا بلعب ورق
الزهر راح مني وقلبي انحرق
يا للعجب بنطين ثلاثة خدتهم
وقلت أكسب دِ الدراهم كلهم
وفضل عليَّ آس وخصمي قال رواه
بصيت رأيته داء يلزم له دواه
ظهرت له بالبيك رمى اثنين دام
وحط إيده في الفلوس خدها قوام
من بعد دا كله يصحِّش أنغلِب
واللعب بعد أن كان معايا ينقلِب
محرز :
اللعب ده أبخات ويحكم بالصدف
حواران :
لكن أنا الرامي أصير بعدين هدف
الحمد لله الورق جبته معي
أنا مش بقول بالزور والا بادِّعي
الآس أهو حاضر وجنبه اتنين ولد
دا اللعب ما جدِّش نظيره في البلد
محرز :
فهمت أقوالك ولكن ما العمل؟
اللي يصدُّه البخت خاب منه الأمل
اصبر على بختك عسى الله ينصفك
والَّا ارتجِع لا اللعب بعدين يتلفك
حوران :
أما عجايب بس والله العظيم
لا انا مغفل في الورق ولا غشيم
لما الغشيم يكسب يقولوا دا صُدف
ويفضل الأسطى الكبير زي الهدف
لاخُد الورق وأدور على الناس أجمعين
وأشوف بس اللي يكدِّبني دا مين

(ثم يخرج ويرجع ثاني بالورق ويقول):

اثنين بيك والآس … … …

(ويخرج.)

محرز :
… … … أما دا جنون
حتى الأرازل دول فيهم عال ودون

الفصل الثالث

(محرز وقابيل)
محرز :
لك من زمان غايب فقل لي كنت فين؟
قابيل :
مش كنت في المشوار أنا لي شغلتين
محرز :
إياك تكون امَّال رسيت لي عالخبر
قابيل :
معي كلام من شان مزاجك معتبر
محرز :
قُل لي عليه … … …
قابيل :
… … … صحيح بدَّك تعرفه؟
محرز :
أما عجايب … …
قابيل :
… … دلوقيت تستلطفه
محرز :
قُل بالعجل … … … …
قابيل :
… … اصبر عليَّ شوية بس
أنا جيت هنا مكروش لمَّا آخد نفس
محرز :
زعلتني قل بالعجل … … …
قابيل :
… … … يوه يا سلام
بدك أقول على الخبر كدا قوام؟
الست قالت تنتظرها اليوم هنا
أظنها تيجي قوامك عندنا

(ويروح.)

محرز :
لازم أقول لي كلمتين على الغرام
حين أفتكر في حبها يحلى الكلام

(ويقعد ينظم.)

الفصل الرابع

(عرمان وسلمان، ومحرز في ركن ما حد يراه)
عرمان :
رأيي أنا والناس جميع تستصوبه
سلمان :
دا عِند منك والحقيقة تغلبه
عرمان :
رأيي أنا أحسن ورأيك دا سَفَه
سلمان :
لِتنين نورِّيهم لصاحب فلسفة

(عرمان يلمح محرز فيقول):

الحمد لله التقينا فيلسوف
يحكم على الرأيين لما لهم يشوف
يا سيِّدي محرز أتينا لك هنا
بالعدل والإنصاف تحكم بيننا
وادي السؤال يا سيدي من أوله
أنهو من العشاق تريد تفضَّله؟
محرز :
دي مسألة يصعب عليَّ حلها
شوفوا لكم واحد يكون من أهلها
عرمان :
إزاي ما يجرى وانتَ فيلسوف
والله لغيرك ما نروح ولا نشوف
إنتَ من العُلما وفضلك اشتهر
حتى كلامك لعقول الناس بهر
واحنا رضينا أن تكون فينا حَكَم
محرز :
العفو يا سيدي وكم غيري وكم
عرمان :
إحنا عرفنا المسألة وأهلها
تلت دقايق بس وانتَ تحلها
سلمان (لعرمان) :
دا يذم رأيك يا أخي ما يمدحه
ويحب رأيي إن رآه ويرجَّحه
محرز (على جنب) :
يا ريت يجي الخدام ويدخل بيننا
أو حد ينده لي واخرج من هنا
عرمان (لسليمان) :
يبان من عينه إذا ما بص لي
يميل لرأيي ويكون الحكم لي

(ويقول لمحرز):

المسألة دي كلمتين يا سي الأمير
مش يلزم العاشق يكون طبعًا يغير
سلمان :
لازم توضح يا حبيبي السؤال
من شان ما يحكم عليه على كل حال
إيش يعجب المعشوق ويبسطه كتير
عاشق وله غِيرَة وعاشق ما يغير؟
عرمان :
أنا مع التاني ولازم أرجَّحه
سلمان :
وأنا مع الأول ودا أستصلحه
عرمان :
أنا أقول الواجب على أهل الغرام
يعاملوا المعشوق بغاية الاحترام
سلمان :
وأنا أقول الاحترام مالوش مقام
ركَّك على كُتر المحبة والهيام
عرمان :
أعوذ بالله بس ما تقُلشي كده
مين في المحبة يمتثل للشرط ده؟
والحب بالغيرة كراهة باينة
يقول على معشوقته دي خاينة
واللي يغير بالطبع دا يبقى ثقيل
وعند معشوقه يكون راجل رزيل
كله غباوة أو محبة فارغة
ويعمل الهفوة جريمة بالغة
ومن عماه يحكم على الشخص البري
ويجعله إنه حقيقًا مفتري
وإن كان محبوبه حصل عنده زعل
راح عدها منه كراهة وانفعل
وإن رآه مبسوط ومشروح الجنان
يقول مش مني ولكن من فلان
ويكدَّر العيشة ويخلق للنكد
ويظن ظن السوء في أهل البلد
أنا على رأيي أشوف الاحترام
واجب لمن أهوى وتعظيم المقام
سلمان :
بالله ما تحكي على أهل البرود
اللي هواهم للجميل كله برود
وكل شيء جايز لهم ما فيه شبه
ما حد منهم قط من حاجة اشتبه
وإن جا زبون تاني يسيروا اتنين سوا
ويكبر الداء ما يلاقوا له دوا
طبعي أنا إن شفت عاشق ما يغير
يفور دمي ويكاد عقلي يطير
واللي يسيء الظن في كل الأمور
هُوَّا صحيح العاشق الحر الغيور
وغيرته هيَّا احترام لمُنيته
ولو يكون في غيرته مَنِيِّتُه
وإن كان حبيبه يعتذر له بالبُكا
أو حن ممَّا حل به أو اشتكى
تظهر محاسن ينتعش منها الفؤاد
والعاشق إن كان شذ يرجع للوداد
عرمان :
إن كان على رأيك أنا أعرف ناس وحوش
غير الخناق والضرب دول ما يعرفوش
سلمان :
وإن كان على رأيك ورأي أهل البرود
دول من بني آدم فحاشا دول قرود
يوافقوا الطالع ونازل كل يوم
وتصير هناك عركة ويبقى الدم عوم
عرمان (لمحرز) :
قل لي على رأيك ومين تستحسنه؟
واشرح كلامك يا أمير وبيِّنه

(عريفة تحضر وتشوف محرز واقف بين عرمان وسلمان.)

محرز :
حيث ما بقى مَخْلَص من الاتنين هنا
وصمموا على سماع رأيي أنا
دلوقتِ أرضيهم بكلمة نافعة
والَّا تلت كلمات والَّا أربعة
اللي يغير يحب أكتر والمبيح
يحب أحسن وادي الرأي الصريح
سلمان :
صدقت لكن … …
محرز :
… … لكِّنوها كلكم
وادينِي رايح من هنا وفُتُّكم

الفصل الخامس

(عريفة ومحرز)
محرز (يشوف عريفة ويروح يقابلها ويقول) :
غِبتي عليَّ يا حبيبة اليوم قوي
وأنا بنار الحب منك منكوي
عريفة (تشير على عرمان وسلمان وهم خارجين) :
بلا ملامة أنت مع دول ملتهي
ما تحب عمرك غيرهم ولا تشتهي
محرز :
يبقى يضايقوني ويوروني العذاب
ولا سلمتِش مِالملام ولا العتاب
مستعجلة ليه؟ … … …
عريفة :
… … روح بقى وفُضَّها
واجري على الصحبة اللي متعلق بها

(وتخرج.)

الفصل السادس

محرز (لوحده) :
يبقى الزعل من النسا ومن الرجال
لَجري وراها في الجبال وفي الرمال
وأقول لها إني قوي أحبها
وإن كان ما تصدَّق أنا أحلف لها

الفصل السابع

(بدران ومحرز)
بدران :
ياما ناس من الثقلا يجوا يصَّدَّرُم
وإن كان ساعة حظ لي يكدَّرُم
كان النهار دا الصيد ولازم أسمعك
محرز :
رايح لناس … … … …
بدران :
… … أحكي وأنا ماشي معك
كُنا جماعة في الخلا رُحنا سوا
وقصدنا نصطاد ونشم الهوا
وكانت الغزلان كتيرة منتَّرة
في وسط غابة بها خليج وقنطرة
من بعد ما بتنا صبحنا في نشاط
حالًا ركبنا الخيل وشدِّينا القشاط
وكل منا له كلاب موضبة
وكبيرهم له ظهر زي المرتبة
لمح غزال عالي شبيه عجل البقر
وله قرون كأنها فروع الشجر
طِرنا وراه بالخيل وهو من الخوف طار
ولا بقى له قط في الغابة قرار
إلا وبان فلاح كأنه من العُمَد
أو شيخ على الغُفَرا والَّا شيخ بلد
راكب فرس بيضة وابنه من وراه
زي الجمل في ركبته يشبه أباه
وقال أنا صياد وبدي زيكم
أصطاد واللي أحصله أدِّيه لكم
وكان معه أربع كلاب مضعضعة
لو جا عليهم ديب أكلهم لربعة
خلَّا الغزال ساهي وزمَّر بالنفير
من غير لزوم خلَّاه بِعِد عنَّا كتير
هميت بكلابي وبحصاني أمان
هلبتَّ ما عرفته … … …
محرز :
… … … ولا شفته كمان
بدران (يستمر) :
الله عليه يا خيِّ أما حصان أصيل
لونه كلون الشمس في وقت الأصيل
من الخيول اللي يوردهم حجاب
للباشوات وكمان يورد للركاب
وحجاب دا صالح ما عمره غشِّني
إلا يجيب لي شيء عظيم يسُرِّني
حصان إذا شفته تقول عنه غزال
ما هوش بجير تنقل على ضهره العزال
له صدر مع رقبة طويلة مهندمة
وغُرته بيضة وسحنة مسمسمة
أما الكفل عالي وأما الديل طويل
إن دُرت في الدنيا تجيب زيه قليل
حَب المدير ذات يوم يقايضني عليه
بحصان ويزيدني عليه ميتين جنيه
رمحت به ورا الغزال رمحة هجوم
إلا وجا الفلاح زعق من غير لزوم
وكنت قرَّبت أحصره لكن هرب
من زعقة الفلاح أو شيخ العرب
وكان غزال كمان صغير فات عليه
ضرب كماني بالنفير فقلت ليه
خلا كلابي فاتت الكبش الكبير
وجت قوام تجري على صوت النفير
واتشتِّتُوا مني وراحت صيدتي
وراح دا الفلاح وفاتني بكيدتي
محرز :
عملت طيب وأنا لآخر كمان
إن جا ثقيل أسيبه من حيث كان

(ويفوته ويخرج.)

بدران (يقول وهو خارج) :
لما تريد تصطاد يوم من دول أجي
لا نشوف هناك فلاح ولا نشوف بلطجي
محرز :
روح بس فارقني قوام عذبتني
إن كنت ما اصطدتش أدِنتا صِدتني

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤