الفصل السابع عشر

توقعات سارَّة

مرت الأسابيع التي سبقت عيد الميلاد في سكينة. أرسل السيد مارش خطابًا يقول فيه إنه سيحضر في وقت مبكر من العام الجديد. كانت صحة بيث تتحسن يومًا بعد يوم، وعادت إيمي إلى المنزل، وانشغل كل من بالمنزل بالاستعداد لقضاء إجازة سعيدة.

حلَّ العيد وساد شعور طيب. أصبحت بيث قادرة على الوقوف بجانب النافذة، وأبدت إعجابها بالدمية الجليدية التي صنعتها جو ولوري من أجلها. وُزِّعت الهدايا، وبعثت البهجة في النفوس.

قالت بيث: «أنا سعيدة للغاية، ليت أبي كان بيننا.» اتفقت الفتيات معها في الرأي تمامًا.

أطل لوري اللعوب من باب حجرة المعيشة، وصاح: «هناك هدية أخرى لعائلة مارش!»

وفجأة ظهر أبوهن الحبيب. وعلى الفور التفت أذرع الفتيات المحبات حول أبيهن. تبادلوا الأحضان والقبلات والضحكات والقليل من دموع الفرح أيضًا.

كان عشاء عيد الميلاد مميزًا للغاية ذلك اليوم؛ طهت هانا ديكًا روميًّا كبيرًا وطري اللحم، وزينت مائدة الطعام بكافة أشكال الزينة. انضم السيد لورانس ولوري والسيد بروك إلى عائلة مارش على مائدة الطعام.

أشارت جو: «في نفس ذلك اليوم من العام السابق تذمرنا جميعًا من عيد الميلاد التعيس الذي أمضيناه.»

سألتها ميج وذهنها شارد في عيني السيد بروك الجميلتين: «على كل، لقد انتهى العام نهاية سعيدة، أليس كذلك؟»

ثم قالت إيمي: «لقد كان عامًا صعبًا للغاية أيضًا.»

علَّقت بيث وهي تنظر إلى أبيها: «أنا سعيدة للغاية لأنه انقضى، ولأنك بيننا الآن.»

ابتسم السيد مارش لبناته الجميلات، وهنأهن على سعيهن الجدي للتغلب على مساوئهن، ولأنهن كن طيبات ومراعيات لمشاعر الآخرين. والأهم من ذلك، أطرى عليهن للحب الذي تحمله كل منهن للأخرى، ولأنهن أصبحن «نساءه الصغيرات» حقًّا.

قبل أن تعزف بيث على البيانو، تذكرت أنها قرأت عن مرج أخضر جميل تتفتح فيه أزهار السوسن كل عام. سادت تلك الأجواء المرحة مع غناء الأناشيد والترانيم. كان الجو مفعمًا بالأصوات السعيدة والأمنيات الصادقة بقضاء عيد سعيد للجميع.

وفي اليوم التالي، أُهملت الأعمال المنزلية العادية، وذلك لاعتناء الأم وبناتها بالسيد مارش.

تذمَّرت جو عندما رأت المظلة التي نسيها السيد بروك. كانت ميج المسكينة شاردة الذهن وخجلة وصامتة، يحمر وجهها متى ذكر اسم جون، وأصبح الأمر حملًا ثقيلًا على السيد مارش وزوجته.

تبادلت ميج وجو حديثًا من القلب معًا، بعد أن شاهدتا من النافذة لوري وهو يترنح محاولًا التظاهر بأنه حبيب مجروح.

تساءلت جو: «ماذا ستقولين إذا طلب السيد بروك الزواج منك؟»

– «حسنًا، سأكون هادئة، وسأقول: «شكرًا لك يا سيد بروك، أنت طيب للغاية، لكنني ما زلت صغيرة على الزواج.»»

– ضحكت جو: «لا أظن أنك ستقولين هذا.»

– «بلى، سأقوله، وسأخرج من الغرفة ورأسي مرفوع.»

نهضت ميج لتمثل أمام جو الطريقة التي ستخرج بها من الغرفة، وإذا بها تصطدم فعليًّا بالسيد بروك. خرجت جو من الغرفة لتفسح المجال لشقيقتها لتقول ما تريد.

قال السيد بروك في هدوء: «مساء الخير، حضرت لآخذ مظلتي وكي أطمئن على حال والدك اليوم.»

قالت ميج: «هو في أحسن حال، إنه بالفراش. سوف أُحضره وأخبرها أنك هنا.» في غمرة توترها، اختلط عليها الأمر بين المظلة وأبيها!

«هل أنت خائفة مني يا مارجريت؟» بدا السيد بروك معذبًا للغاية حتى إن وجه ميج احمر خجلًا.

قالت: «كيف أخاف منك؟ لقد كنت طيبًا للغاية مع والدي، ليتني أستطيع شكرك على ذلك.»

«هل لي أن أخبرك بطريقة تشكرينني بها؟» ثم أمسك يدها الصغيرة بإحكام.

حاولت ميج جاهدة أن تسحب يدها، وقالت: «أوه، أرجوك لا تفعل ذلك.»

– «لا أود سوى أن أعرف هل تحملين في قلبك القليل من الحب تجاهي، لأنني أحمل لك الكثير والكثير من الحب.»

حان وقت التصرف بهدوء والنطق بالكلمات المناسبة. لكن ميج نسيت كل كلمة! وبدلًا من ذلك تلعثمت في الكلام: «أنا صغيرة للغاية على الزواج.» انزعجت ميج من افتراضه أنها ستوافق على الزواج منه، فجذبت يدها بعيدًا وقالت: «من فضلك ارحل الآن!»

عكس وجه السيد بروك المسكين ما كان بداخله من قلب جريح. «أهذا حقًّا ما تريدينه؟»

– «أجل، يرى أبي أنه لا ينبغي لي التفكير في تلك الأمور الآن، وأنا لا أنوي ذلك.»

– «هل من الممكن أن تغيري رأيك؟ سأنتظر إذا كنت في حاجة إلى مزيد من الوقت.»

لمعت عينا ميج، وتغيرت نبرة صوتها: «ليتك لم تفكر بي من الأساس!»

شحب وجه السيد بروك، وشعرت ميج بقلبها يرق، لكن العمة مارش وصلت إلى المنزل في تلك اللحظة. رأت ميج وبروك وسألت في غضب: «ماذا يحدث هنا؟»

غادر السيد بروك، وجلس في غرفة أخرى، وأجابتها ميج: «لا شيء، إنه صديق أبي حضر ليطمئن على حاله.» ثم حاولت استعادة رباطة جأشها، وقالت: «لقد فوجئت بحضورك يا عمتي.»

– «وجهك أحمر كالبنجر. أصرُّ على معرفة ماذا يحدث هنا.»

– «كنت أنا والسيد بروك نتحدث ليس إلا.»

قالت العمة مارش في نبرة استهزاء: «هذا إذن السيد بروك المعلم الخاص. لم توافقي على الزواج منه، أليس كذلك؟»

شعرت ميج بالغضب حينئذ: «صمتًا رجاءً، سيسمعك، سأخبر أمي بأنك حضرت.»

أصرت العمة مارش، وقالت: «انتظري دقيقة يا ابنتي، أريد أن أخبرك بشيء.» وقالت لها إنه واجب عليها أن تتزوج من رجل ثري وتنقذ عائلتها، ولا ينبغي لها أن تتزوج من رجل فقير بلا طموح.

شعرت ميج بالغضب من حديث عمتها الذي يحمل تقليلًا من شأن «حبيبها» جون، وامتدحت جون ووصفته بأنه رجل طيب وسخي، وقالت: «سأتزوج بمن أريد. جون ليس ثريًّا، لكنني أعلم أنني سأكون سعيدة معه لأنه يحبني!»

بعد أن وبَّختها العمة مارش، خرجت وصفعت الباب في وجه ميج، لم تدر ميج هل ينبغي أن تبكي أم تضحك. جاء جون إلى الرواق، بعد أن سمع الحديث الذي دار بين ميج وعمتها. قال بصوت خافت: «سنعيش في سعادة معًا يا ميج، أليس كذلك؟»

نظرت ميج إلى وجهه الوسيم الحنون، وقالت: «أجل يا جون.»

أمضى جون بقية الظهيرة في إقناع السيد مارش وزوجته بنواياه الحسنة. وسرعان ما وافقت العائلة بأكملها على الخطبة. حتى جو عدلت عن رأيها بعد أن رأت سعادة أختها بجون.

اجتمعت العائلة لتناول عشاء جميل للاحتفال بالخطبة. حضر لوري ومعه باقة جميلة من الورود، وأحضر السيد لورانس زجاجة خمر. وعند غروب الشمس جلسوا في حجرة المعيشة في سعادة، وتحمَّس الزوجان الشابان لخططهما المستقبلية. كانت السعادة التي شعر بها الجميع لا تضاهيها سعادة. جلست العائلة التي لُمَّ شملها في رضا حول المدفأة مع أصدقائهم الطيبين يحملون في قلوبهم آمالًا سارة للمستقبل.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤