مقدمة في علم الاستغراب
«الاستغراب هو الوجه الآخر من الاستشراق، فإذا كان الاستشراق هو رؤية الأنا (الشرق) من خلال الآخر (الغرب)، فإن علم الاستغراب يهدف إذن إلى فك العقدة التاريخية المزدوِجة بين الأنا والآخر، والجدل بين مركب النقص عند الأنا ومركب العظمة عند الآخر»
يحتاج المجتمع العربي أن يستفيق من وهمه وانبهاره بالشاطئ المقابل لشاطئه، وأن يعرف أنه مجرد جانبٍ آخرَ من البشرية وليس نموذجًا يُقتدى به، ويُستبدل بنموذجنا العربي ذي الثقافة والحضارة الكبيرة. على هذا النحو حدد الدكتور حسن حنفي على أي الجبهات ستكون معركته الفكرية عند الحديث عن «علم الاستغراب»، فبعد أن خاض عراكًا عقليًّا مع التراث القديم وحدد بدقةٍ موقفه منه، ها هو يبدأ في رسم معالم جبهته الثانية من جبهاته الثلاث في مشروع «التراث والتجديد»؛ ألا وهي الموقف من التراث الغربي. وبشكل عملي، لا يخلو من النظري، أعاد المؤلف وصف الوعي الأوروبي عبر ثلاثية مرتبة؛ أولها مصادره المعلنة والخفية، وثانيها بداية تكوينه في عصري الإصلاح الديني والنهضة ووصولًا إلى عصر التنوير والثورة، وثالثها نهايته ونقده لنفسه وتحول مساره من الأنا أفكر إلى الأنا موجود.