الفصل السادس

تكوين الوعي الأوروبي (بداية النهاية)

أولًا: الفلسفة الوجودية

لما كان تكوين الوعي الأوروبي يبدأ بالمصادر، ثم يبدأ في القرنين السابع عشر والثامن عشر، ثم يبلغ الذروة في القرن التاسع عشر، ثم يصل إلى نهايته في القرن العشرين، إلا أن تضخم النهاية التي ورثت تراكم الوعي الأوروبي كله حتى أصبح كالحامل وعلى أهبة المخاض جعلت من الحكمة التي يؤيدها التاريخ أيضًا التمييز في النهاية بين نهاية البداية كما تتمثل في نقد المثالية ونقد التجريبية والجمع بين المثالية والواقعية ثم أخيرًا في الظاهريات، وبين بداية النهاية كما تبدو في الفلسفة الوجودية والشخصانية والتوماوية الجديدة ومدرسة فرانكفورت والفكر الاجتماعي ثم في فلسفة العلوم والفلسفة التحليلية بوجه عام. وقد تكون الحرب الأوروبية الثانية ونهايتها في أواسط الأربعينيات هي الحد بين نهاية البداية، إكمال ديكارت بهُوسِرل، وبداية النهاية في العودة إلى الإنسان (الشخصانية) أو الإيمان (التوماوية الجديدة) أو في ماركسية القرن العشرين (مدرسة فرانكفورت) أو في فلسفات العدم والتفكيك (الوجودية والتفكيكية).

كانت الظاهريات هي إعلان الوعي الأوروبي عن نهايته بعد اكتمال المثالية الغربية وضم الشقين فيه وتأكيد وَحدته الأولى التي راحت ضحية الثنائية التي خرجت منها. وأصبحت كل الفلسفات التالية لها هي مجرد تطبيقات لها أو شروح عليها أو موازاة لتحليلاتها. فالفلسفة الوجودية في معظمها تطبيق لمنهجها. والشخصانية والتوماوية الجديدة والاتجاهات الإيمانية الحديثة كلها مرتبطة بها. فالشخصانية من مبادرة شيلر الذي يُعتبر حلقة الاتصال بين الظاهريات والشخصانية. والتوماوية الجديدة من اكتشاف برنتانو كما اكتشف هَيدجر دانز سكوت، تلتقي مع الظاهريات في العودة إلى الأشياء ذاتها. والاتجاهات الإيمانية الحديثة، سواء في المسيحية عند بلوندل أو في اليهودية عند بوبر، وهيشيل، وروزنزفايج هي استعمال لمنهج تحليل الشعور ووصف التجارِب المشتركة والعَلاقات بين الذوات. بل إن مدرسة فرانكفورت والفكر الاجتماعي السياسي إنما هي تطبيق للمنهج الظاهرياتي من خلال فيبر في العلوم الاجتماعية. كما أن الفكر الرياضي العلمي المنطقي والفلسفة التحليلية هو استمرار للظاهريات من خلال فتجنشتين وفلسفة اللغة. فكل التيارات في الفلسفة المعاصرة هي بطريقة أو بأخرى من الظاهريات أو معها أو ضدها كما هو الحال في فلسفة ما بعد الحداثة في الفلسفة التفكيكية والكتابة في نقطة الصفر.

والوجودية من أشهر الفلسفات المعاصرة التي راجت في المركز أو في الأطراف. تعبر في المركز عن أزمة العصر وفي الأطراف عن حاجة دفينة للتحرر من القهر الديني والسياسي والاجتماعي. وتضم عددًا من الفلاسفة والمفكرين والأدباء في كافة أرجاء القارة الأوروبية خاصة في فرنسا وألمانيا وإسبانيا. والسؤال الآن: كيف يتم تصنيف الفلاسفة الوجوديين وطبقًا لأي مقاييس؟ لقد جرت العادة على التصنيف القومي للفلاسفة نظرًا لوجود قوميات متعددة نوعية داخل الشعور الأوروبي العام. ولكن لما كانت الوجودية تعبر عن أزمة الوعي الأوروبي ككل فقد تجاوزت حدود القوميات، ولم يعد هنالك فرق بين سارتر في فرنسا وهَيدجر في ألمانيا وكيركجارد في الدانمارك. كما لم يعد هناك فرق بين هُوسِرل في ألمانيا وبرجسون وجابريل مارسيل وميرلوبونتي في فرنسا، وأونامونو وأورتيجا في إسبانيا. وكنا قد رفضنا من قبل تصنيف الوجودية إلى مؤمنة وملحدة؛ الأولى عند كيركجارد وياسبرز ومارسيل وأونامونو وأورتيجا، والثانية عند سارتر وهَيدجر وميرلوبونتي وكامو، نظرًا لصعوبة معرفة مقاييس الإيمان والإلحاد، هل هما الكنيسة والعقائد والإيمان التقليدي أم الدفاع عن مصالح الناس ونقد المجتمع؟ وكيف يكون الوجودي مؤمنًا وهو يتعاون مع الاستعمار مثل ياسبرز ومارسيل؟ وكيف يكون ملحدًا وهو يدافع عن قضايا التحرير وشعوب العالم الثالث مثل سارتر وميرلوبونتي وكامو؟ وآثرنا التصنيف السياسي: وجودية محافظة مدافعة عن الغرب، وهي في الغالب الدينية، مثل: ياسبرز ومارسيل وأورتيجا، ووجودية تحررية ناقدة للغرب مثل: ياسبرز وميرلوبونتي وكامو.١ والآن، وبالنسبة للوعي الأوروبي واكتماله في الظاهريات، فإن التصنيف يكون: الوجودية الظاهراتية التي خرجت من تطبيق المنهج الظاهرياتي في الوجود، والوجودية المستقلة عن الظاهريات، وإن كانت موازية لها أو على اتصال عرَضي بها كرفقة سلاح.

(١) الوجودية الظاهراتية

وكما خرج من ديكارت كبار الديكارتيين ومن كانط الكانطيون بعده، والكانطيون الجدد، ومن هيجل الهيجليون والهيجليون الجدد، كذلك خرج من هُوسِرل، وهو العلامة الرابعة في تطور الوعي الأوروبي، الهُوسِرليون أو الظاهراتيون أو فلاسفة الوجود، يطبقون المنهج الظاهرياتي في الوجود، ويصدرون عليه أحكامًا كما أصدر الفلاسفة بعد كانط أحكامًا على الشيء في ذاته، وأسسوا «الأُنطولوجيا الفينومينولوجية» أو الوجودية الظاهراتية بالرغم من اختلافهم حول الوجود وتباين أحكامهم عليه بأنه عبث أو عدم أو موت أو جسم أو موقف … إلخ. وأهم الوجوديين الظاهراتيين: ميرلوبونتي، كامو، سارتر، هَيدجر، ياسبرز، مارسيل، بصرف النظر عن درجة استعمالهم للمنهج والتصاقهم به أكثر (ميرلوبونتي، سارتر، هَيدجر) أو أقل (كامو، ياسبرز، مارسيل).

ففي فرنسا، درس ميرلوبونتي موضوعَي الشعور والأخلاق.٢ كما درس عَلاقة الوعي بالعالم رافضًا النظريات الثنائية بين النفس والبدن، وكذلك الذاتية المغالية والواقعية المغالية بحثًا عن الطريق الثالث الذي حاول شقه معظم الفلاسفة المعاصرين. كما رفض نظريات السلوك الشرطي لتأسيسه على المستوى الإنساني الخالص متجاوزًا المستويين الفيزيقي والحيوي. كما رفض الأحكام المسبقة حول الإحساس والارتباط والانتباه، وأعاد دراسة كل ذلك باعتباره صلة الجسم بالعالم المدرَك. الجسم أداة فيزيولوجية ونفسية وحركية وجنسية ولُغوية واجتماعية. والعالم المدرَك هو عالم الشعور والمكان والأشياء الطبيعية والعالم الإنساني. ثم انتهى من تحليل الجسم والعالم المدرَك إلى الوجود في ذاته والوجود في العالم وتحليل الزمانية والحركية. كما تعرض في كتاباته الأخلاقية والسياسية إلى نقض الماركسية. ولكن تظل فلسفة المعنى هي الغالبة عليه ضد فلسفات اللامعنى واللامعقول والعبث والتناقض عند كامو وسارتر. وهو أقرب فلاسفة الوجود إلى هُوسِرل وأكثرهم انتسابًا إليه. أما كامو فقد تأثر بشوبنهور ونيتشه والوجوديين الألمان.٣ العالم الخارجي لديه حالة للذات. والمشكلة الفلسفية الأولى هي الانتحار. فلسفته مشبعة بالتشاؤم، فالإنسان باستمرار في حالة تناقض، ويوجد في مواقف متناقضة مثل الغيرة والطموح والأنانيَّة، وهو محكوم عليه باللامعنى واللاغائية، كما أنه محكوم عليه بالحرية عند سارتر. وصوَّر العبث واللامعقول والتناقض في الإنسان وفي الخلق بأسطورة سيزيف التي تحكم فيها الآلهة على الإنسان بأن يصعد إلى قمة الجبل حاملًا صخرة على كتفيه وقبل أن يصل إلى الغاية يتدحرج مع صخرته إلى أسفل ليعاود من جديدٍ الصعود، وكأسطورة بنلوب التي تخيط ثوبها ثم تفكه لتعاود خيطه من جديد. جمع بين الفردية واللاعقلانية. وهو أقرب فلاسفة الوجود إلى كيركجارد. وكان سارتر مع ميرلوبونتي أقرب فلاسفة الوجود إلى الظاهريات، فقد بدأ بوضع تقابل بين «الأنا أفكر» و«الأنا موجود» كما فعل هُوسِرل في «تأملات ديكارتية».٤ الأول فراغ معرفي كما وضح عند كانط في تصوره للأنا، والثاني مَلاء وجودي. ثم رفض النظريات الميتافيزيقية والحسية للخيال من أجل تأسيس نظرية ظاهراتية ابتداءً من تحليل هُوسِرل. ثم حاول تأسيس علم نفس ظاهراتي لنظرية الانفعالات بعيدًا عن علم النفس العقلي عند فولف وكانط وعلم النفس التجريبي عند هيوم وفشنر. ثم حاول من جديد تأسيس علم نفس ظاهرياتي للخيال وكأنه درس أولًا قالب الشعور noése ثم بعد ذلك مضمون الشعور noême في موضوع الخيال، الجانب الذاتي أولًا ثم الجانب الموضوعي ثانيًا. ثم انتقل من علم النفس الظاهرياتي إلى الأُنطولوجيا الظاهراتية التي تسترد الوجود بعيدًا عن الإدراك والمظهر، ويتم فيها القضاء على مثالية بركلي التي تعتبر أن الوجود هو الإدراك. الوجود يتجاوز الظواهر، وطابعه لا ينكشف في ظواهر على عكس كانط وهُوسِرل. ومع ذلك لا يوجد شيء في ذاته مخفي. كل شيء يوجد يتعالى على المقولات والأوصاف والتعيُّنات التي يمكن معرفتها من خلال مشاركة الوجود فيها. الوجود وجودان: الوجود في ذاته والوجود لذاته؛ الأول مصمت، كامل، ثابت، يعبر عن عَلاقته بنفسه أو مع الآخرين خارج نفسه، غير مخلوق، لا سبب لوجوده، وحادث. والثاني الموجود لذاته وهو الوجود الإنساني، وجود الوعي، وهو وجود هش، لزج، رطب، رخو كالبلغم، ليس له بنية ثابتة، مفتوح للمستقبل، إمكانية تحقق. الوجود عدم، وحدس الإنسان للعدم يجعل الأحكام ممكنة على الوجود. ويبدو العدم في التساؤل وسوء النية والنفي. ثم يحلل الوجود لذاته فيكتشف الزمان مثل ميرلوبونتي وهَيدجر. ويصف الوجود للآخرين فيكتشف البدن والمِلكية والفعل. وفي السلوك الفردي تتمايز بدائل الاختيار فيما بينها بفرديتها وهُويتها وبأنها ليست شيئًا آخر سوى ذاتها. الوجود الإنساني مشروع للتحقق تحققًا ذاتيًّا بفعل الحرية. لا ماهية مسبقة له من أجل تأسيس الحرية، فالوجود حرية، والإنسان بلا ماهية، محكوم عليه بالحرية واختيار أفعاله وتحمله للمسئولية. ويتجلى ذلك في الموقف والالتزام. وفي محاولة الإنسان إنكار ذلك والتغلب على القلب الناشئ من الحرية فإنه يسلك وكأن حياته واختياراته تحددها المواقف والأدوار الاجتماعية التي يجد نفسه فيها، مثل القلق والصراع والكراهية واليأس. وتتفق الوجودية والماركسية في نقد المجتمع وأهداف الحرية السياسية وتحليل الطبيعة البشرية، سواء في الذاتية أو في العَلاقة بين الذوات. وعالج المسألة اليهودية بطريقته الخاصة في تحويل المشكلة من الموضوعية إلى الذاتية، وأن الآخر هو رؤية الذات له وليس رؤية الآخر لغيره من الذوات. والسؤال: هل استطاع سارتر وغيره من الفلاسفة الوجوديين التخلي عن الثنائية المتعارضة التقليدية: الوجود والعدم، الموجود في ذاته والموجود لذاته والتي تجعل الفكر المعاصر أقرب إلى المانوية التي يختصم فيها الطرفان المتعارضان، يدمر كل منهما الآخر، وبالتالي ينتهي عصر هيجل وحل التناقضات في طرف ثالث مركب يجمع بين المتناقضين؟ ثم نقَد جابريل مارسيل الأخلاق عند سارتر وجعلها أقرب إلى الفوضوية والوجود المنعزل.٥ فالوجودية عند مارسيل لا تعارض العقائد المسيحية. غاية الحياة الاتصال بين الذوات، وكذلك الاتصال بين الإنسان والآخر المطلق وهو الله. وتُبقي هذه العَلاقة على الفردية والحرية في مقابل الشمولية والقهر والقبول المشترك للقواعد والأعراف. لذلك حذر من طغيان البشر على الإنسان، واستبدال المجرد الآلي بالإنسان الواقعي. الوجود ليس موضوعًا بل ذات. وهو وجود رُوحي وفردي كما هو الحال عند رويس من أنصار الهيجلية الجديدة في أمريكا. الوجود مقولة خاصة لا ترد إلى المِلكية. «أنا جسمي ولا أملك جسمي». الوجود فعل الكينونة وليس فعل المِلكية. ويؤكد على الغائية مثل فشته بمعنى الأخرويات الدينية وبلغة العقائد المسيحية مثل التجسد والإيمان والخلاص والفداء. ويتحدث عن الآخر في مصطلحات العقيدة المسيحية مثل السر والأبوة والطاعة والأمل. يشير إلى الظاهريات ليوحي باستقلاله الفلسفي عن الدين، وينتقد فلسفة الوجود القائمة على العدم والعبث. ويتحدث عن الأُنطولوجيا العِيانية في مقابل التحليلات الصورية والوضعية. ويستكمل باقي المقولات الوجودية مثل العالم الهش، والمفارقة، والشعور، والموقف، والحياة. ويكشف عن أساسها الديني في التواضع، والإيمان، والفضل الإلهي، والشهادة، والموت، والأمل. تظهر في كتاباته لغة كيركجارد وأوغسطين وبسكال ونيتشه وهَيدجر، لغة القلق والحصر والهم، في مقابل الإنسان المجرد عند المثاليين والإنسان الفيزيقي عند الوضعيين. يخلق لغة وجودية، مثل المشاركة والأنا والحرية، موازية للُّغة الدينية مثل الإخلاص والسر والأخوة. بل ويطبق الوجودية الدينية في ميادين السياسة والاجتماع ضد خطايا التكنولوجيا والحرب. ويكون العود إلى الإيمان هو الحل، والمسيحية هي البديل. ويغلب على مسرحه طابع التجريد بالرغم من دعوته لإقامة أُنطولوجيا عِيانية.
وفي ألمانيا، انتسب ياسبرز وهَيدجر كلاهما إلى الظاهريات كانتساب جابريل مارسيل وسارتر. ومارسيل أشبه بياسبرز، وسارتر أشبه بهَيدجر في استخدام كل منهما للظاهريات لتأسيس وجودية إيمانية عند مارسيل وياسبرز ووجودية إنسانية عند سارتر وهَيدجر. بدأ ياسبرز كمحلل نفسي.٦ ثم اكتشف من تحليل مِلفات المرضى المواقف الإنسانية المحددة لهم. فالأمراض النفسية ليست فردية بل هي وجودية. ليست تمزقًا وانحلالًا للفرد بل بعث جاد للإنسان لفرديته ووجوده. لذلك كانت المعرفة العقلية للوجود مجرد رموز يمكن قراءتها وحلها. الفلسفة فن فك الرموز واستنطاق الأسرار. الفلسفة قراءة للوجود لاكتشاف المواقف المحددة مثل المرض والموت والخطيئة. ومع ذلك ينتهي تحليل الوجود الإنساني إلى اكتشاف بُعد المفارقة أي اكتشاف الله في أعماق الوجود. ومن ثم يلحق ياسبرز ببسكال وجابريل مارسيل وأوغسطين. وطبق منهجه في التحليل النفسي الوجودي في دراسة عدة حالات من الأدباء والفنانين والصوفية مثل سترِندنبِرج، فان جوخ، هولدرلِن، سويدنبُرج، لبيان كيفية الانتقال من علم النفس المرضي إلى الفلسفة، ومن مِلفات المرضى النفسيين إلى المواقف الفلسفية. وحاول نفس الشيء مرتين مع نيتشه كتطبيق للمنهج النفسي على كبار الفلاسفة. وتدل مقولاته الوجودية مثل: الموقف المحدد، الاتصال، المفارقة، على مدى انتسابه لكيركجارد ونيتشه وللدين، وموازاتها لمفاهيم المسيحية مثل: الخطيئة والإيمان والخلاص. ويظل ياسبرز أقرب الفلاسفة الوجوديين إلى التحليل العقلي. يعالج مشكلة الوجود من خلال العقل وليس عن طريق الفكر الموضوعي. فالوجود ليس موضوعًا خارجيًّا بل هو موجود مفارق يتجاوز ذاته. الوجود ثلاثة أشياء: الأول الموقف الإنساني الذي يكشف عن نفسه في العلم والألم والذنب والموت، وبالتالي فهو ذات وليس موضوعًا. والثاني الحرية والمسئولية عن الأفعال. والثالث الاتصال بين الذوات، والبحث عن الحقيقة لتجاوز الموجود ذاته من أجل الاتصال والتواصل مع الآخرين. حلل اتجاهات الإنسان الممكنة في العالم والقرارات التي يتخذها الإنسان في مواقف صعبة مثل الموت والصراع والتغير والذنب وطرق الاستجابة لها. وحاول إعادة كتابة تاريخ الفلسفة مثل دِلتاي وفلسفة تصورات العالم على أسس نفسية. وحرصًا على الوضوح والدقة والموضوعية التي تميز العلم أراد ياسبرز إعادة تأسيس الفلسفة اعتمادًا على مناهج ثلاثة موجودة منذ القدم؛ الأول: التوجه الفلسفي في العالم، ويعني بيان حدود المناهج والأبحاث العلمية التي تكوِّن رؤى العالم ونقصها ونسبيتها. والثاني: إنارة الوجود، ويتضح فيه منهج هُوسِرل في خطوته الثالثة «الإيضاح»، كما يظهر «كشف» هَيدجر، ويعني النفاذ المعرفي إلى الوجود كما يفعل برجسون بالحدس بناء على القرارات المصيرية التي يتخذها الإنسان من أجل تلبية مطالب الوجود الإنساني. والثالث: طريق الميتافيزيقا، وهو البحث المستمر عن الحقيقة في عالم المعرفة والسلوك، والغوص في حياة الإنسان من خلال الأفكار المتناقضة والصراعات الجوهرية والرموز الميتافيزيقية المختلَف عليها في الماضي. جمَع بين الفلسفة والدين كما كان الحال في العصور الوسطى، وجمع بين علم النفس والتاريخ في العصور الحديثة كأساس لإعادة بناء تاريخ الفلسفة كله. وبالرغم مما تبدو عليه فلسفته النظرية من بريق وجودي إنساني إلا أن فلسفته السياسية أقرب إلى المحافظة الدينية والرجعية الغربية. كما استعمل هَيدجر ظاهريات هُوسِرل كمنهج لتحليل التجرِبة المباشرة ضد المعرفة المسبقة والمنطق البنائي المسبق والثنائية التقليدية في الفلسفة الغربية مميزًا بين الوعي والعالم الخارجي.٧ وكل نظرية تجعل الذات متفرجة تطلب البرهان على وجود العالم الخارجي، كما هو الحال عند ديكارت وكانط، تقع في تناقض، لأنه لا وجود لمثل هذا البرهان. يُعرف الوجود عن طريق تحليل التجارِب الإنسانية، ومن خلال المشاركة، ثم وصف الوجود الإنساني في محيطه ومع الآخرين ومع الأشياء المستعملة أو القابلة للاستعمال. الوجود الشرعي هو الوجود الفردي، نسيجه الزمان، الوجود من أجل الموت، الهم، الحصر، الضيق. والتاريخ بُعد للشعور. أما الوجود اللاشرعي، فهو الوجود العام، العددي، اللاشخصي الذي حاولت المثالية تصوره، والعلم الطبيعي دراسته وتحويله إلى موضوع. وتدور محاور فلسفته حول التمييز بين الوجود والموجود، أي الوجود العام والموجود الخاص، الوجود الإنساني ووجود الشيء، وحول عَلاقة الوجود بالزمان والزمان بالوجود، وحول تحليل الواقعة الإنسانية وقراءتها، أي وصف الوجود الإنساني. هذا بالإضافة إلى قراءة تاريخ الفلسفة كله منذ اليونان حتى العصر الحاضر من منظور فلسفة الوجود. ويصعب التمييز بين هذه المحاور الأربعة إلا أنها تدور كلها حول مسألة الوجود مع تبني المنهج الظاهرياتي في تحليل الوجود. فمنذ «الوجود والزمان» يتساءل هَيدجر عن معنى الوجود، ويحلل مفاهيم الضرورة والبناء. ثم يكشف الزمان كنسيج للوجود كي يكتشف بعد ذلك الوجود كنسيج للزمان في «الزمان والوجود». والحقيقة كشف للوجود، والخطأ تغطية له، كشف للوجود الإنساني وأبعاده المختلفة كالزمان والتاريخ. والميتافيزيقا بحث في الوجود من حيث هو وجود، مثل التعريف الأرسطي القديم. هي بحث في معاني الوجود وحدوده في الصيرورة والمظهر والفكر والواجب … ويستعمل هَيدجر أحيانًا شعر الطبيعة وتشبيهاته مثل «طريق الغابة» الذي لا يقود إلى شيء، والحقيقة فيه أشبه بالضوء الذي يسقط على الأرض من ثنايا فروع الأشجار المتشابكة أعلى الطريق. لا فرق بين الفكر والوجود، فالفكر هو فكر الوجود. والوجود هو الوجود الإنساني كما يبدو في تعبيرات هَيدجر الشهيرة: «اللغة منزل الوجود»، «الإنسان راعي الوجود». لا فرق بين الفكر والشعر والطبيعة والوجود في تحليل الشعور. الإنسان شاعر، والوجود شعر الفكر. ويحلل هَيدجر بعض الألفاظ للانتقال بها من اللغة إلى الوجود مثل «يبني»، «يسكن»، «يفكر» أو بعض الألفاظ اليونانية مثل «لوجوس» عند هرقليطس، «موريا» عند بارمنيدس، «أليثِيا» عند هرقليطس. ثم يؤصل هَيدجر فلسفته في الوجود في قراءته لتاريخ الفكر كله، بما في ذلك الفكر الشرقي عند زرادشت كما فعل نيتشه، والفكر اليوناني عند أفلاطون ومعنى الحقيقة، وأرسطو ومعنى الوجود، كما فعل برنتانو. فالطبائعيون الأوائل قبل سقراط طرحوا مسألة الوجود. كما أعاد تفسير نظرية المعاني والمقولات عند دانز سكوت في العصر الوسيط. وفي العصور الحديثة أعاد تأويل مشكلة الميتافيزيقا عند كانط والحساسية الترنسندنتالية على أنها اكتشاف الوجود وليس مجرد مادة للحدوس الحسية القبلية، قارئًا الحاضر في الماضي، ومؤوِّلًا الماضي بالحاضر. فكانط فيلسوف وجود، وله دعوى في الوجود. كما قدم تفسيرًا ظاهرياتيًّا لنقد العقل الخالص لكانط كخطوة أولى نحو تأويل وجودي له. وقام بنفس الشيء مع ظاهريات الرُّوح عند هيجل شارحًا الوعي، واليقين الحسي، والإدراك، والقوة، والذهن ثم الوعي الذاتي على أنها كشف للوجود. ويرصد تأويل هيجل لليونان، وهو تأويل وجودي مثل تأويله. ويشرح رسالة شلنج «في ماهية الحرية الإنسانية» كاشفًا عن الوجود من خلال الحرية، كما هو الحال عند سارتر. ويعيد قراءة نيتشه على أنه نهاية للفلسفة وبداية للفكر. ويعرض تفسيره للظاهريات على أنها مبحث للوجود وليس وصفًا للماهيات المستقلة. وواضح أن الوجودية الظاهراتية عند هَيدجر ليست فقط كشفًا للوجود إعلانًا للنهاية، بل هي إعادة قراءة لتاريخ الفلسفة كله بحيث تبدو البدايات كلها متجهة نحو النهاية.

(٢) الوجودية المستقلة

وتعني الوجودية المستقلة عن التطبيق المباشر للظاهريات وإن نشأت من نفس الدوافع: نقد العقلانية الصورية التي أبرزتها المثالية، ونقد الحسية التجريبية التي تمثلها الوضعية، والبحث في عالم الحياة واكتشاف الوجود. وهذا لا يعني تجاهل الظاهريات، بل ذكرها على أنها فلسفة رُوحية تسير في نفس الاتجاه. وأشهر نموذج على هذه الوجودية المستقلة في نشأتها عن الظاهريات، وإن لم تكن منفصلة عنها، الوجودية الروسية عند سولوفييف وبِرديائيف، والفلاسفة الرُّوحيين الذين جمعوا بين الوجودية الروسية والبرجسونية مثل لوسكي.

تأثر سولوفييف بالمسيحية والبوذية والأفلاطونية الجديدة وفلسفات الأديان.٨ كان في البداية من أنصار الحركة السلافية التي ارتبطت بالمثالية والتصوف ضد الوضعية الأوروبية. وتقوم فلسفته على فكرة واحدية الوجود أو الفردية المطلقة اللامشروطة، بحيث يصعب التمييز فيها بين الإنسان والعالم والله. الحقيقة لا عقلية ولا تجريبية، بل معرفة متكاملة من خلال التجرِبة الصوفية القادرة على الكشف عن الوجود اللامشروط. بعد ذلك يمكن إعمال التأمل العقلي لفهم الموضوع، والخيال لتصوره، وكأننا في ثنايا حكمة الإشراق. المعرفة الكاملة وحدة الفلسفة والدين والعلم. ومهمة الفلسفة تبرير المُثُل الاجتماعية والدينية، وبالتالي فهي خادمة للدين. كما ظهرت لديه من رموز الأخلاق والدين والشعر والجمال. ثم تنعكس واحدية الوجود في المجتمع لتصبح وحدة الشعب أو الكنيسة، ملكوت الله على الأرض حيث تحل كل التناقضات الاجتماعية في ثيوقراطية حرة تجمع بين الكاثوليكية الغربية والأرثوذكسية الشرقية في نظام ملكي! وهناك دور خاص للشعب السوفيتي في الفلسفة لأنه أكثر تأهيلًا على ممارستها وتحقيق مشروعها. وواضح إنها فلسفة متدينة سياسية انتهت إلى المصالحة مع الكنيسة الكاثوليكية. ثم حاول بِرديائيف تأسيس مسيحية جديدة.٩ وفي نفس الوقت نظر «للفيْكية» وهي الفلسفة المناهضة للماركسية، والتي كانت تعبر عن البرجوازية ورغبتها في التحرر عن طريق فلسفة مثالية باطنية صوفية أقرب إلى الليبرالية منها إلى الفلسفة الاجتماعية. تحمس للكانطية، وانتهى إلى البحث في الله والإيغال في تحليل التجارِب الصوفية. عارض الصراع الطبقي الخارجي في سبيل تحرر داخلي للشخصية الإنسانية عن طريق الدين وجدل الإلهي والإنساني في الفرد، وكما هو الحال عند ماكس شيلر. بحث عن نظرية كاملة قادرة على إعادة المثقفين إلى حظيرة التصوف. فالرأسمالية نظام لا إنساني، والمسيحية التقليدية أداة الاستغلال، والشيوعية تؤدي إلى اشتراكية الإنتاج، والماركسية لا تحل مشكلة الحرية والشخصية لأنها جعلت الفرد تحت سيطرة الطبقة. أقرب النظريات الكاملة المسيحية الشخصانية الوجودية. الواقع الحقيقي هو وجود الذات وإبداعاتها الحرة. وجوهر هذا الخلق هو جدل الإلهي والإنساني، سر تولد الله في الإنسان، والإنسان من الله. والحياة الأخرى هي البعد الرابع في الحياة لأن كل التحققات الأرضية فانية زائلة. وسمى هذه الفلسفة «العصور الوسطى الجديدة». كان يمكن للوجودية الرُّوحية ألا تكون بديلًا عن الماركسية ومناقضة لها في وجودية رُوحية ماركسية. وهو ما حدث بعد ذلك في «لاهوت التحرير» في أمريكا اللاتينية. وحاول لوسكي خلق مذهب حدسي مطلق يوفِّق فيه بين أفلاطون وبرجسون في تصور حلولي قائم على تصوف مستمد من سولوفييف.١٠ فالفلسفة تجرِبة إلهية بما يفوق الطبيعة. والعالم واحد، لا فرق بين الله والإنسان والطبيعة. وواضح أنه في الوجودية المستقلة، خاصة الروسية، تصعب التفرقة بين المثالية والتصوف والدين والوجودية على عكس الوجودية الظاهراتية.
وإذا كانت الوجودية الروسية نموذجًا لوجودية مسيحية مؤمنة فقد ظهرت وجودية يهودية مؤمنة أيضًا عند روزنزفايج، ومارتن بوبر، وجوشوا هيشيل. نبذ روزنزفايج المثالية الألمانية بوجه عام وهيجل بوجه خاص، بل وكل فلسفة لا تعطي الأولوية للوجود على الفكر.١١ فكلاهما دينان صحيحان، ولهما رؤيتان صائبتان للواقع، ويمكن الحوار بينهما للكشف عن وحدتهما الباطنية. الطريق إلى الحقيقة، الخلق والوحي والخلاص، وعناصرها الأولى الإنسان والعالم والله. وهذه الطرق الثلاثة وهذه العناصر الثلاثة تمثل نجمًا سداسيًّا للخلاص. أما مارتن بوبر فتدور فلسفته حول ثلاثة محاور:١٢ الأول: فلسفة الحوار، العَلاقات بين الذوات كما هو الحال عند هُوسِرل وجابريل مارسيل وبرجسون، عَلاقات التبادل، الأخذ والعطاء. أما عَلاقة الذات بالأشياء فهي أحادية الطرف، عَلاقة استعمال وسيطرة. وقد يتشخص الآخر ويتحول إلى شيء في عَلاقات الكراهية، وقد يتحول الشيء إلى آخر في عَلاقات المحبة واحترام الطبيعة. الله هو الأنا الأبدي، الأنا الحق، الأنا المطلق، مصدر كل شيء. لا يمكن ملاحظته أو رؤيته بل ينكشف للذات عندما يكشف عن نفسه. وقد أصل هذا المحور في التراث اليهودي. والمحور الثاني: الفلسفة اليهودية التي حاول بوبر تجديدها طبقًا لمتطلبات العصر وتأصيلها في الإيمان بالأنبياء والحوار مع المسيحية ومعالجة مشكلة الخير والشر. وتظهر قمة هذا المحور في الله، الأنا المطلق، مع نقد الفلسفات المعاصرة التي أعلنت موت الإله، وإثبات ملكوت الله على الأرض (إسرائيل). والمحور الثالث: هي دراساته المستفيضة عن «الخاسيدية»، وهي طريقة يهودية صوفية في أوروبا الشرقية أسسها «بعل شيم توف». جمع بوبر أقوال زعماء الطريقة وكتب عن أسطورة مؤسسها وعن أحد كبار صوفيتها، ووصف مقاماتها العشرة، وحاول إيجاد دلالتها بالنسبة إلى الإنسان المعاصر. وتشبه فلسفة هيشيل فلسفة بوبر، خاصة في محوريها الأولَين: العَلاقات بين الذوات والفلسفة اليهودية.١٣ فبالنسبة للمحور الأول الإنسان لا يعيش بمفرده بل في عَلاقة مع الآخرين، وهو الأساس الأول لإقامة فلسفة في الدين، فالإنسان يعيش مع الله قدر عيشه في الحياة. وهناك عَلاقة متبادلة بين الإنسان والله قدر عَلاقة الإنسان بالآخرين. الله يبحث عن الإنسان والإنسان يبحث عن الله. الله يتجه نحو الإنسان بالكلام والوحي وإرسال الأنبياء، والإنسان يتجه نحو الله بالعبادة والصلاة والعمل الصالح. وفي المحور الثاني، وهو الفلسفة اليهودية، حاول تأسيس فلسفة وجودية دينية مستمدة من التراث اليهودي الصوفي، ويعبر فيها عن الطابع المأساوي للإنسان المعاصر. وحاول تأصيل فلسفته في تصور اليهودية للطبيعة والخلق وفي الشعائر وفي رسالات الأنبياء وفي حضور إسرائيل عبر التاريخ. كما بيَّن حدود الاتجاه النقلي في الدين وأهمية الإيمان الشخصي. ويبدو أن الفلسفة اليهودية طوال الوعي الأوروبي كانت تتمثل كل مرحلة فلسفية، وكل حضارة سواء الشرقية القديمة أولًا أو اليونانية ثانيًا أو الإسلامية ثالثًا، أو الغربية، حديثة ومعاصرة، رابعًا. وهو ما يُثبت أيضًا تداخل المصدرين اليهودي والمسيحي في تكوين الوعي الأوروبي.

ثانيًا: الشخصانية والتوماوية الجديدة والأوغسطينية الجديدة

ومن خلال الظاهريات وتطبيقاتها المباشرة أو غير المباشرة، من التلاميذ المباشرين لهُوسِرل أو من غير المباشرين، المعاصرين له أو اللاحقين عليه، في فلسفة الوجود أو في العلوم الإنسانية مثل علم النفس والمنطق والفلسفة والأخلاق والاجتماع واللغة والتاريخ والجمال والقانون والدين بدأت تيارات جديدة تتفرد عن الظاهريات، وتستقل عنها، وتسير موازية لها. تخرج من نفس الدوافع، وتحقق نفس الأهداف. تحاول ضم الوعي الأوروبي وتجاوز ثنائيته في طريق ثالث. ومثال ذلك الشخصانية والتوماوية الجديدة، فقد حاول شيلر ومونييه وغيرهم اكتشاف الإنسان باعتباره شخصًا، أي قيمة، لا هو عقل خالص ولا هو حس خالص، ولا إرادة عمياء، ولا مجرد تجرِبة حية بلا اتجاه. اكتشفا بُعد الشخص وحلَّلا معًا أبعاد الشخصية الإنسانية. ولما كانت الظاهريات، من خلال أحد مصادرها، إحياءً للأرسطية كما فعل برنتانو أولًا ثم هَيدجر ثانيًا ظهرت التوماوية الجديدة أحياءً للأرسطية من خلال توما الأكويني في ظروف العصر الحديث وأزمات الوعي الأوروبي لعله يستطيع أن يبدأ من جديد بالعودة إلى بعض قواعد الإيمان. وظهر جاك مارِيتان وبوشِنسكي وتِيَّار دو شاردان وغيرهم من الفلاسفة المسيحيين، يعترفون بأزمة العصر دون تشاؤم، ويجدون حلًّا لها في تفاؤل الإيمان. وهناك مجموعة ثالثة من الفلاسفة جمعت بين الشخصانية والتوماوية، بين الأفلاطونية والأرسطية، بين المثالية الرُّوحية والواقعية الإنسانية، بين تشاؤم العصر وتفاؤل الإيمان مثل: بلُوندِل، بارت، نَيبور، تيليش، فروم، وآخرون. ويمكن أن نطلق عليهم تسمية الأوغسطينية الجديدة.

(١) الشخصانية

والشخصانية تيار عام نشأ في جميع أنحاء القارة الأوروبية وامتدادها في الولايات المتحدة. وبالإضافة إلى هذا الامتداد العَرْضي الجغرافي فإنها أيضًا امتدت طولًا في التاريخ. إذ يُرجعها البعض إلى بدايات الوعي الأوروبي، بل وإلى مصادره القديمة عند أوغسطين، وبويثيوس، وتوما الأكويني. ففي ألمانيا قد تمتد جذور الشخصانية إلى لَيبنتز في تصوره للموناد، وإلى أُوكن في تصوره للشخصانية التأليهية، وإلى لُوتزه في الشخصانية اللاهوتية، وإلى شلايرماخر، وهانز دراير، وأوتو، وترويلِتش للتأكيد على الطابع الشخصي للعالم في الميتافيزيقا، والجمع بين نظريتي المعرفة في العصور الحديثة والوسطى والنزعة البرجماتية في المنطق، والتركيز على أهمية القيم في الأخلاق، وفي نفس الوقت معاداة النزعتين المثالية الصورية في الفلسفة والمادية الطبيعية في العلم.

ففي ألمانيا ظهرت الشخصانية عند ماكس شيلر متطورًا من الكانطية إلى فلسفة الحياة عند أُوكن إلى الظاهريات عند هُوسِرل.١٤ ظل في الظاهريات وزاوج بينها وبين فلسفة الدين (الكاثوليكية) والدينامية الاجتماعية والنزعة الإنسانية، جامعًا بين المثالية والواقعية. استطاع تحويل الظاهريات من الفلسفة والمنطق وعلم النفس إلى باقي العلوم الاجتماعية، وتحويل رؤية الماهيات من مجرد إدراك حدسي لمُثُل أفلاطون إلى خلق موضوع الرؤية ذاته. كما أكد على أهمية العَلاقة بين ماهيات الموضوعات وماهيات التجارِب القصدية، وأن التجارِب القصدية ليست مجرد تجارِب ذاتية بل تكشف عن وجود الموضوعات. ويبدو ذلك في موضوعات القيمة حيث تتحدد ماهياتها بماهيات التجارِب القصدية مثل التعاطف، والمحبة، والمشاركة، والحياء، والعتاب، والحنق. هناك سُلم للقيم يبدأ من اللذة في أدناه حتى الشخص في أعلاه. والشخص هو الوَحدة العينية للأفعال. وهناك شخصية شاملة وكاملة وراء الشخصيات الفردية، قد تكون شخصية السيد المسيح. وانتهى إلى فلسفة في الدين تتمركز حول ظهور الخلود في الزمان كما هو الحال عند أوغسطين. وقد أصبح شيلر من مؤسسي علم اجتماع المعرفة وعلم الاجتماع الثقافي، والأنثروبولوجيا الفلسفية. وواضح أنه جمع بين دِلتاي وهُوسِرل وبرجسون في إطار العلوم الإنسانية الأخلاقية والاجتماعية. وكما تحولت الظاهريات النظرية الثابتة على يد شيلر إلى ظاهريات اجتماعية تطبيقية متحركة، كذلك تحولت على يد هيبرلين إلى وجودية ظاهراتية.١٥ وانتهى إلى مثالية ترنسندنتالية، مما يدل على استمرار المثالية الأوروبية في الفكر المعاصر ولكن دون صوريتها وتصوراتها. ثم ظهرت الشخصانية أيضًا ابتداءً من علم النفس عند شترن.١٦ كان مبدعًا في ميدان اختبارات الذكاء. واقترح معامل الذكاء عن طريق تقسيم عمر الذكاء الفردي طبقًا لمراحل العمر، واعتبار ذلك المعامل دائمًا لكل فرد. واعتمد على المناهج النفسية لقياس الذكاء. وبسبب التركيز على علم النفس الفردي انتقل إلى الفلسفة الشخصانية. فالفرد وَحدة نفسية فيزيقية تتسم بالغائية والفردية.
وفي إنجلترا تمتد جذور الشخصانية إلى بركلي في الشخصانية المؤلهة، وفريزر في نزعته الذاتية والمثالية الذاتية، وجرين، وكيرد، ووارد في نزعتهم الفردية، وعند بلفور، وكوك وِلسون، وسوفلي، وكار في نزعتهم الشخصانية المونادية مثل لَيبنتز، وعند شيلر في الشخصانية الإنسانية، وماكتاجارت في الشخصانية الجمالية.١٧ الشخصانية هنا لفظ يجمع بين عديد من التيارات الفلسفية في الفكر الغربي المعاصر بما في ذلك البرجماتية الإنسانية والهيجلية الجديدة والنزعة الإنسانية. ولم تتفرد في إنجلترا شخصانية مستقلة عن المذاهب السائدة.
وفي أمريكا ظهرت الشخصانية عند عديد من المفكرين مثل لاد في الشخصانية المؤلهة وبوكهام، وبراونسون، وهيوتون كولكنز في نزعتهم نحو المثالية الشخصانية، والشخصانية المطلقة، وعند ويلسون، ويوتس، وفلولنج والواقعية الشخصانية، وكنودسن، وبرايتمان وأهمية المعطَى الشخصي، وعند هاريس، وباتريك والواقعية الشخصانية. بل يعتبر رويس أيضًا من دعاة الشخصانية.١٨ ولكن أهم شخصيتين تفردًا بالشخصانية هما باون وهاويسون. فقد جمع باون بين التأليه والمثالية في الشخصانية،١٩ كما جمع بين اللاهوت والفلسفة. واعتبر هاويسون الواحدية أسوأ التيارات في الفلسفة المعاصرة لإنكارها مركزية الشخص،٢٠ كما عارض المثالية المطلقة والتأليه الكوني بسبب واحديتها واستبعادها التجرِبة الشخصية وتحولها إلى أنا وحدية ووحدة وجود فارغة من أي مضمون مركزي في الشخصية الإنسانية. دافع عن المثالية الشخصانية التي على عكس المثالية المطلقة لا تنكر الفردية أو طبيعة الفرد الأخلاقية. اعترف بالوعي القبلي ولكنه جعله إنسانيًّا وليس إلهيًّا. وواضح أن الشخصانية على هذا النحو نزعة دينية تأليهية ابتداءً من الشخصية الإنسانية.
وفي فرنسا تمتد جذور الشخصانية إلى مالبرانش في تأكيده على النشاط كمناسبة للفعل وتبعه في ذلك جولينكس.٢١ كما ظهرت أيضًا عند لينياك في الشخصانية المؤلِّهة،٢٢ وعند مين دي بيران في فلسفة الجهد، وعند كورنو في الحيوية الاجتماعية، وعند رافيسون في الواقعية الرُّوحية، وعند رينوفييه في النقدية الجديدة، وعند لاشيلييه في الواقعية الرُّوحية، وعند بوترو في فلسفة الانقطاع والانبثاقات الرُّوحية، وعند برجسون في فلسفة التغير والتطور الخالق والحدس. ولكن الذي تفرد باسم الشخصانية وجعلها مذهبًا له هو مونييه.٢٣ وعُرفت باسم «الشخصانية السياسية». والشخص هو أحد اختيارات الطريق الثالث. وهو وجود وليس عقلًا أو حسًّا. وجود متجسد، يتصل بالآخرين، يصارع ويجابه، ويتحرر في موقف، ويلتزم برأي، له كرامة وحق. وفي نفس الوقت يتصل الشخص ببعد رُوحي. وفي نفس الوقت، هو وجود كامل منزه. وفي السياسية تحولت الشخصانية إلى تيار ديني (كاثوليكي) يساري.
وقد ظهرت الشخصانية في باقي البلدان الأوروبية، في هولندا عند كونستام في الشخصانية النقدية، وفي روسيا عند لوسكي والشخصانية العضوية، وعند بِرديائيف، وفي سويسرا عند بودوان، مما يدل على توجه الوعي الأوروبي كله نحو مزيج من المثالية والتدين والوجودية والالتزام الاجتماعي استجابة لأزمة العصر ونداء السلام.٢٤

(٢) التوماوية الجديدة

هي تيار في الفكر الغربي المعاصر نشأ من نفس الدوافع العامة، نقد المثالية الصورية والتجريبية المادية واكتشاف بُعد ثالث في الإيمان يكشف بُعد المفارقة والخلود اعتمادًا على أرسطو كما شرحه توما الأكويني رغبة في تجاوز أزمة العصر واللَّحاق بمرحلة ما قبل النقد وتجاوز المثالية إلى الوجود المستقل عن الذات. وقد بدأ هذا التيار عند روس الذي شرح أرسطو من جديد ثم جرابمان، وتِيَّار دو شاردان، وجاك ماريتان، وبوشنسكي، وفيتر.

ظهرت التوماوية الجديدة أولًا في إنجلترا عند روس في صورة إعادة تقديم لأرسطو في الفكر المعاصر كما فعل بويثيوس في نهاية عصر آباء الكنيسة.٢٥ وترجع أهميته إلى أنه يكشف عن الرغبة في تجاوز المثالية إلى الواقع ذاته، وتأصيل هذا التجاوز عند القدماء في أرسطو نظرًا لتشابه الموقف الحضاري بين القديم والجديد. وفي ألمانيا أكد جرابمان الذي يُعتبر أول التوماويين الجدد صحة كتب توما الأكويني وتواريخها وسلطتها.٢٦ كما عرَف أوغسطين وفلاسفة عصر النهضة. وفي غمرة الأزمة يتم الكشف عن التاريخ، ويؤرخ الوعي الأوروبي لذاته باحثًا عن مصادره لعله يجد فيه دَفعة جديدة. وبالرغم من أن بيير تِيَّار دو شاردان ليس توماويًّا جديدًا بالمعنى الحرفي إلا أنه كذلك بالمعنى الرُّوحي، أي أنه يشارك في الحدس التوماوي والبداية بالطبيعة، ولكن بأسلوب العصر العلمي واكتشافاته العلمية.٢٧ درس نشأة الكون وتكويناته الأولى، وأسس علم «الأُنطولوجيا العلمية الشاملة». وضع مبدأين لتطور المادية الحية هما اللاغائية والتعقيد، وبالتالي استحال تقسيمها إلى أنواع. ومع ذلك يثبت مسار التطور على شكل الحرف أوميجا W وجود الله. فقد بدأ التطور من بذرة أولى انشطرت إلى قسمين بعد السقوط، ثم ارتفع الشطران نحو نقطة النهاية التي لم تظهر بعد. هذا التطور الكوني كله هو السيد المسيح. وهو أشبه بنظرية المسيح الكوني في كتابات بولس والإشراقيين الكونيين. جمع تِيَّار دو شاردان بين الدين والعلم واستخدم النظريات العلمية الكونية لإثبات العقائد الدينية، وفي مقدمتها السقوط والخلاص. ويؤدي إنكار الغائية إلى إثبات الإرادة الخارجية في مسار الكون من البسيط إلى المركب في الخلق، ومن المركب إلى البسيط في البعث. وهو يشبه برجسون في الهدف ولكن مع اختلاف الوسائل. فتِيَّار دو شاردان أقرب إلى رُوح العصر الوسيط، وبرجسون أقرب إلى رُوح العصر الحديث؛ الأول خارجي لاهوتي، والثاني داخلي علمي؛ الأول عقلي آلي، والثاني حدسي عضوي. وواضح من أعماله التقابل بين الإلهي والإنساني في ظاهرة الإنسان وظهوره ومستقبله، وطاقته وتنشيطها، ومكانته في الطبيعة ثم في الوسط وتجليات الإلهي في الإنساني ووضع الإنسان في الطبيعة والتاريخ. وجاك ماريتان هو ممثل التوماوية الجديدة بالمعنى الحرفي.٢٨ دافع عنها مؤكدًا إمكانية تطبيقها لحل مشاكل العصر. وتدور فلسفته على عدة محاور في الفن والفلسفة والدين والأخلاق والسياسة. كشف عن الصلة بين الفن والفلسفة المدرسية وطبيعة الشعر. وحاول صياغة نسق فلسفي للجامعة يركز فيه على فلسفة الطبيعة والوجود، ويتضح منه التوجه التوماوي العام وإيثار فلسفة الطبيعة على فلسفة التصورات، ومنتقلًا من برجسون إلى توما الأكويني ومن ديكارت إلى لوثر وروسو. ثم حاول إقامة فلسفته الخاصة التي تقوم على التمييز من أجل التوحيد وإثبات درجات المعرفة ومستوياتها، معرفة شاملة ابتداء من المعرفة العقلية إلى ما فوق العقلية إلى الصوفية وضرورة الجمع بين العقلية والقلبية كما فعل بسكال. هناك فلسفة مسيحية خالصة تقوم على هذا الجمع بين العقل والقلب وعلى التعارض بين العلم والحكمة، بين العلوم الطبيعية والعلوم الإنسانية، بين علوم البدن وعلوم الرُّوح. ثم ينتقل من الفلسفة إلى الدين وموضوعات الإيمان والرُّوح والله استشهادًا بالقديس بولس وأقل اعتمادًا على العقل. وفي الأخلاق والسياسة والاجتماع والحضارة حاول ماريتان أن يبين أن الحل المسيحي قادر على تجاوز أزمة الوعي الأوروبي والحضارة الغربية. فقد ساهم الدين في تكوين الحضارة البشرية وهو قادر على خلاصها من أزمتها الراهنة. ويمكن الدفاع عن الحرية في المواقف الظرفية ودفاعًا عن الاستقلال السياسي. وبالرغم من تركيزه على أهمية الوعي الفردي كضمير إلا أنه بدا متشائمًا مثل الأوغسطينيين الجدد ينتظر الخلاص. والحل ليس صعبًا إذا ما اتجهت البشرية نحو الإنسانية المتكاملة، وحلت مشكلة الديمقراطية، ووضعت مبادئ لسياسية إنسانية، ودافعت عن العدالة، وناهضت الطائفية. حقوق الإنسان جزء من القانون الطبيعي، وبالتالي نقل التوماوية الجديدة من مستوى فلسفة الوجود إلى ميادين الأخلاق والسياسة. وقد انتشرت فلسفته في الولايات المتحدة نظرًا لما تمثله التوماوية الجديدة من عداء للشيوعية. وكانت أمريكا بالنسبة له هي العالم الجديد القادر على التمسك بالإيمان وسط أزمة العصر. كما ظهرت التوماوية الجديدة عند بوشنسكي.٢٩ كانت مهمته تشويه الماركسية والدفاع عن الإيمان ونقد الشيوعية والدفاع عن الرأسمالية. كما رفض فيتر المادية الجدلية وكثيرًا من النظريات في العلوم الطبيعية،٣٠ ورفض قسمة الفلسفة إلى مثالية ومادية، وحاول إيجاد فلسفة محايدة سماها التوماوية الجديدة الواقعية، وهي صورة لاهوتية للمثالية الموضوعية. وكان مع أقرانه مثل ريميكر في بلجيكا ودي فريز في ألمانيا يجعل الفلسفة خادمة للاهوت. الوجود الخالص هو الله أما وجود العالم فثانوي. كما حاول تأسيس عالم ثالث بين الرأسمالية والاشتراكية كالفلسفة المحايدة بين المثالية والمادية. وانتهى إلى يوتوبيا توجهها العناية الإلهية. لذلك أصبحت التوماوية الجديدة العقيدة الرسمية للكنيسة الكاثوليكية كما أعلن عن ذلك الباب ليون الثالث عشر في ١٨٧٩م باعتبارها الفلسفة الوحيدة المتفقة مع تعاليم المسيحية. وأنشأ لذلك معهدًا عاليًا في لوفان في ١٨٨٩م لذلك الغرض، وأصبح المركز الدولي لنشر العقيدة والفلسفة. وانتشرت حيث يوجد الكاثوليك في فرنسا وإيطاليا وألمانيا الغربية والولايات المتحدة والدوائر المحافظة في أمريكا اللاتينية. ثم ظهر جيلسون في فرنسا لإعادة كتابة تاريخ الفلسفة الغربي كله وسيطًا وحديثًا من وجهة نظر التوماوية الجديدة مدافعًا عن وجود فلسفة مسيحية في مقابل الفلسفات الغربية الحديثة وهي التوماوية الجديدة. ازدهرت دراسات العصر الوسيط لديه ولدى تلاميذه. وقامت جمعيات الفلسفة في العصور الوسطى، وتحول الوعي الأوروبي في التوماوية الجديدة من الأوغسطينية إلى التوماوية، ومن الأفلاطونية إلى الأرسطية.

(٣) الأوغسطينية الجديدة

ومع ذلك استمرت النزعة المسيحية الأفلاطونية أو «الأوغسطينية الجديدة» معتمدة على أفلاطون كما شرحه أوغسطين مؤكدًا على ضرورة الخلاص من شرور العالم في ثنائية حادة تقوم على تعارض الخير والشر، والله والإنسان، وذلك على امتداد القارة الأوروبية والولايات المتحدة طوال القرن العشرين عند مجموعة من الفلاسفة الرُّوحيين المثاليين الإشراقيين مثل تولستوي، إلمر مور، بلوندل، وِليم تمبل، نيبور، بودان، فروم، تيليش، بارت وغيرهم، يقدمون لاهوتًا للخلاص عن طريق الفعل الإنساني الحر، والوجود الإنساني الفريد، والحضور الإلهي في الإنسان. ففي روسيا حاول تولستوي فهم المسيحية فهمًا عقلانيًّا رُوحيًّا أخلاقيًّا باطنيًّا، لمعرفة الحياة، وتوحيد البشر على المحبة لله لتحقيق ملكوت الله على الأرض من خلال البشر.٣١ الدين عاطفة باطنية تتمثل في حياة البساطة وحب الطبيعة. الله والشعب والأفراد عوامل محركة للتاريخ. فهو يجمع بين فعل الله وقدرية المصير. وللفن دور في تقدم المجتمعات بشرط ألا يكون هابطًا رخيصًا. نقد الرأسمالية والكنيسة الرسمية والدولة المستغلة. ودعا إلى استعمال الوسائل السلمية واللاعنف لمقاومة الشر كدين جديد. انضم إلى تعاليم المسيحية في «المواعظ على الجبل» والكونفوشيوسية، والبوذية، وروسو، وشوبنهور.
وفي فرنسا مثل بلوندل هذا التراث الرُّوحي الذي بدأه مين دي بيران وسار فيه رافيسون وبترو وغيرهم.٣٢ رفض موقف العقلانيين والتجريبيين معًا. ودافع عن علم نفس نشط وميتافيزيقا حياتية تقوم على فلسفة الفعل التي تجمع بين المثالية والنزعة الإرادية، بين الفكر والفعل، بين العقل والبرجماتية، بين اللاهوت والممارسة. يكشف الفعل عن بعد إنساني خالص. وهو فعل صاعد يبدأ من الفرد حتى يضم الإنسانية جمعاء، وهو الطريق للكشف عن الله وظهوره من خلال الإنسان على ما هو الحال في الأوغسطينية. بدأ حياته الفكرية بوصف «الفعل» كمحاولة بنقد الحياة وعلم العمل. بدأ في التجرِبة الحية مثل كل المعاصرين واختار تجرِبة الفعل أي السلوك العملي وليس تجرِبة الفكر الذاتي، ومن عتبة المعرفة إلى العملية الإرادية، ومن الجهد القصدي إلى انتشار الفعل في العالم الخارجي، ومن الفعل الفردي إلى العمل الاجتماعي، ومن العمل الاجتماعي إلى الفعل الخارق للعادة، وهو الفعل الإلهي الذي يكشف عن الوجود، وبالتالي يتحقق كمال الفعل.

ثم كرر بلوندل المحاولة من جديد لربط الفكر بالعمل بتتبع نشأة الفكر وعتبات صعوده التلقائي وبيان مسئولياته وإمكانيات تحققه، ووصف العلل الثانية وصلتها بالفعل الخالص وبيان شروط العمل الإنساني وتحققه. وسمَّى ذلك كله «الفلسفة المسيحية» المتميزة عن الفلسفة العامة أو الفلسفات الدينية الأخرى، فلسفة ظهور الله في الإنسان كما بدا في التجسد كعقيدة وفي الفعل كفلسفة. تتوحد فيها الفلسفة بالدين، والمثالية الحية بالكاثوليكية، ويبيِّن فيها الصلة بين الاستقلال الجوهري والارتباط الضروري في الحياة. هو سر الجدل بين ما يفوق الطبيعة والطبيعة، بين الله والإنسان، وتبين شروط الملحمة كلها، وهي الأمانة التي يحملها الإنسان والتي يكون بها خلاصه. تتطلب الفلسفة المسيحية معرفة المعنى المسيحي ثم تمثله في الحياة، الفكر والعمل. ويكتشف الإنسان من خلال هذه العملية الحياتية الوجود، أي أسس الأُنطولوجيا العينية والمتكاملة. يظهر فيها الله على أنه الوجود في مقابل الموجودات. وقد دخل بلوندل في المعارك الفلسفية والنقدية في عصره حول الحداثة دفاعًا عن العقيدة ضد الفكر النقدي، كما حاول تطبيق فلسفة الفعل مباشرة في السياسة داعيًا إلى تحقيق السلام.

ومثَّل هذه النزعة في إنجلترا وليم تمبل،٣٣ فبين الخلق في الطبيعة كما فعل برجسون، والله في الكون كما فعل تِيَّار دو شاردان. دافع عن عالم المستويات مثل معظم المفكرين المعاصرين وفي قمته القيمة، وهو الواقع النهائي. وظيفة الوحي إرشاد الله للإنسان أي أنه توجه عملي وليس مجرد عقائد نظرية بالرغم من أن التجسد محور العقيدة ومركز الدين. جمع بين النزعة الأفلاطونية والأثر المدرسي. ولم يكن بعيدًا عن دراسة الماركسية لمشاركتها في الطابع العملي الإرشادي.
وظهر نفس الاتجاه في أمريكا عند ناقد أدبي هو بول إلمر مور.٣٤ دافع عن العقيدة المسيحية على أساس الثنائية الأفلاطونية بين النفس والبدن، الرُّوح والمادة، الله والإنسان، مبينًا تغلغل المسيحية داخل التراث اليوناني. أساس الدين هو التأليه الأخلاقي القائم على إحساس الإنسان بالخير والشعور بالغائية، وهو ما يظهر في العقائد المسيحية في صورة التجسد، تجسد الله في المسيح. وقد ظهر هذا الطابع الثنائي أيضًا عند رينهولد نيبور.٣٥ ويُعتبر من مؤسسي اللاهوت الاجتماعي السياسي مؤكدًا حتمية الصراع الطبقي، وعنف التجمعات البشرية، وعجز العقلانيين وعلماء الاجتماع عن تخيل واقع القوة الاجتماعية وكيفية تغلب الإنسان الأخلاقي على اللاأخلاقية الاجتماعية. ويلجأ إلى المسيحية ليجد فيها الخلاص والبرهان التاريخي على قدرتها على حل الأزمة الحالية في الدين والمجتمع. كما وصف طبيعة الإنسان وإشكاليته، حيويته ونظامه، فرديته وجماعيته، ضميره وأزمته، وكيفية الخلاص من هذا الإشكال عن طريق المسيحية. فالإنسان صورة الله ومثاله، مخطئ ولكنه مسئول، وهو جزء من العدل الإلهي له رسالة في الحياة، وجزء من غائية الكون وعالم الفضل الإلهي، كما يكشف عن ديناميات الوجود الإنساني الفردي والاجتماعي. ويعطي تفسيرًا مسيحيًّا للتاريخ ويقارن بين التصور المسيحي له والتصور الحديث رافضًا أن يكون الخلاص عن طريق التقدم في التاريخ، بل عن طريق الخروج من التاريخ. ويناقش أسس المجتمع الديمقراطي، وينقد الدفاع التقليدي عنه، ويحاول تأسيسه من جديد. ويكشف عن التناقض في المجتمع الأمريكي بين آمال الآباء المؤسسين وبين الواقع الحالي. وقد يغلب على فلسفات دينية معاصرة أخرى نزعة معادية للمثالية ولكن يظل الله هو مجموع ما في الكون كما هو الحال عند بودان.٣٦ عارض مثالية رويس الرُّوحية من أجل تأسيس مثالية كونية بديلة. أغرته البرجماتية في إحدى اللحظات، ولكنه ظل في مثاليته الكونية، وعلى طريقة الواقعيين الجدد، خاصة صمويل ألكسندر، أو فلاسفة الحياة مثل هوايتهد وبرجسون، أو على طريقة اللاهوت الطبيعي الكوني مثل تِيَّار دو شاردان. الزمان واقعي ومتداخل مع المكان وليس متصلًا. والكون بناء متدرج الميادين والمستويات ابتداءً من الطبيعة غير العضوية إلى الطبيعة العضوية (الأحياء) إلى الوعي الفردي إلى الوعي الاجتماعي. وللوجود خصائص خمسة: الوجود، وهو المادة الحركية لكل المركَّبات والطاقة الفعالة في كل شيء، والزمان أساس التغير، والمكان، وهو الامتداد، والوعي، والصورة. وكلها تجليات لله في الكون. ويحاول بول تيليش إقامة فلسفة مسيحية جديدة ابتداء من البروتستانتية.٣٧ إذ تدور فلسفته حول محورين: الأول إعادة فهم المسيحية على أساس وجودي أُنطولوجي. والثاني إعادة كتابة تاريخ اللاهوت العقائدي والفكر الديني. ففي المحور الأول يصف تطوره الرُّوحي بين مزاجين: ألمانيا الشرقية وألمانيا الغربية، المدينة والقرية، الطبقات الاجتماعية، الواقع والخيال، النظر والعمل، الاعتماد على الآخرين والاستقلال الذاتي، اللاهوت والفلسفة، الدين والحضارة، البروتستانتية والاشتراكية، المثالية والماركسية، الوطني والأجنبي، مما سمح له بالجمع بين الطرفين المتباعدين أولًا المتقاربين ثانيًا في الوعي الأوروبي. يبدأ بزعزعة الأسس وهز الوجود الإنساني حتى يكتشف تناقضاته وحلها، مأساته وعظمته. الوجود حر ويتمثل في شجاعة قبول الفناء والبحث عن الحكمة. الوجود محبة وحرية وتحقق. ويبدو الله وكأنه هو الوحيد الذي يخرج الإنسان عن وَحدته في إطار الحوار بين الأنا والأنت كما هو الحال عند مارسيل وبوبر. ثم يستقر في الإيمان ويصف رموزه وأنواعه وحقيقته وحياته. وفي سيرة الذاتية يبين كيف كانت حياته بحثًا عن المطلق في المعرفة والأخلاق والدين. ثم يحاول إيجاد تطبيقات اجتماعية وسياسية كتعبير عن الإيمان. ومثَّل فروم أيضًا هذه النزعة الدينية العصرية، ولكن هذه المرة بالحوار مع فرويد وماركس أهم عدوَّين للمسيحية في العصر الحاضر.٣٨ وتدور فلسفته حول محورين: الأول التحليل النفسي والانتقال منه إلى العلاج النفسي عن طريق الدين عامة والعقائد المسيحية خاصة، والأخلاق مثل الحب والأمل. طبق التحليل النفسي في الدين ونقَد فرويد ويونج. كما طبق علم النفس في الأخلاق من أجل تأسيس أخلاق إنسانية تقوم على احترام الطبيعة والشخصية الإنسانية. وبين أنواع الحب الإنساني المتبادل بين الأفراد، وتحققه في صورته القصوى في الحب الإلهي، كما هو الحال عند الصوفية. حلل طبيعة الإنسان الشريرة والخيرة وكيفية الخلاص، والانتقال مما هو كائن إلى ما ينبغي أن يكون لتجاوز الأزمة الراهنة. أما المحور الثاني فهو الفلسفة السياسية ومعارضته الماركسية والنازية وكل النظم الشمولية. فالحرية ليست فقط مشكلة بل مشكلة إنسانية فردية، تفرض الديمقراطية في مقابل النظم الشمولية، ويطبق مناهج علم النفس المرضي على المجتمع ليعرف أمراضه وطرق علاجه التي يجدها في نوع من الاشتراكية الإنسانية الجديدة والمشاركة الوجدانية، يجد فيها الإنسان حريته ويقضي على اغترابه. وينقد النظام السوفيتي والصيني والألماني الشرقي والأيديولوجية الماركسية؛ لأنها جميعًا لا تعطي الأولوية للإنسان. ويحاول تخليص الإنسان من أوهام العلوم الإنسانية وأغلالها، من أجل فتح المجال ليقين الدين. وواضح أن فروم يهدف إلى إنقاذ المجتمع الرأسمالي ممثلًا في أمريكا من أزمته الحياتية مع رفض البدائل المتاحة آنذاك: التحليل النفسي والماركسية، مما يفسر كثرة انتشار هذا التيار في المجتمع الأمريكي.
أما الذي نظم هذه النزعة في لاهوت نسقي محكم عُرف باسم «اللاهوت العقائدي» فهو كارل بارت.٣٩ ذاع صيته بين الاجتماعيين التشاؤميين نظرًا لتركيزه على الخطيئة والوضع السلبي للإنسان في العالم لتبرير الخلاص عن طريق الإيمان وتدخل الإرادة الإلهية، كما هو الحال في الأشعرية، فالله غير الإنسان، ولا يمكن إدراكه بالعقل أو بالجهد الإنساني. والمسيحية دين وحي ومعجزات. يجب على الإنسان الثقة بالله وبخلاصه وخططه وإلا انهار. الله هو الحاكم الوحيد. وحكمه لا يمكن إدراكه. ويسمَّى لاهوته «لاهوت الأزمة»، وهو اللفظ اليوناني الذي يدل على الحكم، «ولاهوت الجدل» لأنه يركز على التناقض بين الله والعالم. وواضح ارتباطه بالكالفينيين، وحضور الله في الإنسان من خلال القضاء المسبق.

ثالثًا: مدرسة فرانكفورت والفكر الاجتماعي

ونظرًا لبحث الوعي الأوروبي عن طريق ثالث بين التيارين المتباعدين أولًا المتقاربين ثانيًا، المنفتحين في الفلسفة الحديثة أولًا والمنغلقين في الفلسفة المعاصرة ثانيًا، ومحاولته لإيجاد بُعد مستقل للظاهرة الإنسانية دون ردها إلى ما هو أعلى منه كظاهرة صورية رياضية أو إلى ما هو أقل منها كظاهرة مادة تجريبية، ظهر تيار في الفكر المعاصر يحاول إيجاد منطق خاص للظاهرة الاجتماعية ونظرية خاصة للعلوم الإنسانية تتجاوز المثالية التقليدية وفي نفس الوقت لا تقع في الوضعية الساذجة. وكان أوضح مثال على ذلك مدرسة فرانكفورت التي أبرزت الحاجة إلى ماركسية نقدية، وتضمنت رفضًا للوضعية والمادية الفظة التي تدعي التجرد من حكم القيمة مع التأكيد على بقاء الهيجلية والمثالية في ماركس. كما اتضح ذلك أيضًا لدى عديد من المفكرين السياسيين والاجتماعيين والاقتصاديين والأنثروبولوجيين وفلاسفة الحضارة وفلاسفة التاريخ في إنجلترا وفرنسا وألمانيا وروسيا وهولندا والولايات المتحدة يكوِّنون جميعًا تيارًا عامًّا في الفكر السياسي الاجتماعي بالرغم من الاختلاف والتباين بين ممثليه. وقد ساعد وجود حربين أوروبيتين، الأولى والثانية، على ازدهار هذا التيار والتفكير في أزمة الوعي الأوروبي وانفصامه بين النظر والعمل، بين البداية والنهاية.

(١) مدرسة فرانكفورت

نشأت المدرسة حول «معهد البحث الاجتماعي» في جامعة فرانكفورت الذي تأسس في ١٩٢٣م. وضمت أربعة من الفلاسفة وعلماء الاجتماع: هوركهايمر مديرًا، وأدورنو، وماركوز، وهابرماس.٤٠ وقد أسس المعهد أيضًا «مَجلة البحث الاجتماعي» لنشر أبحاث الفريق. فكانت الأبحاث تحقيقًا لمشروع مشترك وهو تأسيس النظرية النقدية للعلوم الاجتماعية في صيغة برنامج مشترك. وهو يعادل في الفكر المعاصر المذهب في الفلسفة الحديثة. كانت المدرسة نموذجًا للعمل الجماعي كفريق. يأخذ هوركهايمر الموقف ويقوم زملاؤه بالبحث: بولوك في الاقتصاد السياسي، وفروم في التحليل النفسي، ولوفنتال في النقد الأدبي، وماركوز في الفلسفة، وأدورنو في الموسيقى خاصة، وفي النقد الأدبي والتحليل النفسي وعلم الاجتماع عامة، لإيجاد نسق مشترك بين العلوم الاجتماعية. وكان معهم أيضًا فيتفوجل، وجروسمان، ونيومان.٤١ وكان في المدرسة أيضًا والتر بنيامين ومحاورًا معها.٤٢ وهو أحد الكُتاب اللاهوتيين في عصر الأزمة. وقد حاورت المدرسة عديدًا من المفكرين وعلماء الاجتماع حول مناهج العلوم الاجتماعية مثل الحوار مع بوبر، وآلبيرت حول المنهج، ومع جيلين حول الأنثروبولوجيا الفلسفية، ومع جادامر حول الهرمنيوطيقا الفلسفية، ومع لومان حول نظرية المذهب.
وتقوم مدرسة فرانكفورت بمراجعة شاملة للوعي الأوروبي، تكوينًا وبنية، وتعيد النظر في أهم مذاهب الفلسفة الغربية وتياراتها. تعود على بدء، وتبدأ على عَود، ترى النهاية في البداية، والبداية في النهاية. فهي عَود إلى الهيجليين الشبان أو اليسار الهيجلي نظرًا لاشتراكها معهم في نقد المثالية، وبالتالي فهي عَود تلقائي إلى هيجل كمؤصل للمثالية. ولما كان هيجل شارحًا لكانط كانت أيضًا عودًا إلى كانط باعتباره واضعًا للمثالية في لحظتها الثانية في الوعي القومي الألماني بعد أن وضعها ديكارت في الوعي القومي الفرنسي. لذلك ارتبطت بالكانطية الجديدة، خاصة المدرسة الاجتماعية فيها، وبماكس فيبر بدرجة أخص. وظهر لفظ «النقد» كلفظ موجِّه للمدرسة. وبدلًا من «الفلسفة النقدية» مصطلح كانط، فضَّل هوركهايمر وماركوز تعبير «النظرية النقدية».٤٣ طبقت المدرسة النقد ليس في نظرية المعرفة وحدها بل أيضًا في النظرية الاجتماعية. فالكلمة اليونانية Krisis تعني الحكم ثم تطورت معانيها من ميدان القانون إلى الطب والنحو والأدب والنصوص حتى النقد العقلي.٤٤ العقل نقد وليس عِقالًا، تحرُّر وليس ضبطًا، منهج وليس مذهبًا، كما هو الحال عند بايل. ليس النقد عند كانط، وكما تقرؤه مدرسة فرانكفورت، مجرد بيان إمكانيات المعرفة، بل هو تغيير بنيوي في تصور العالم وفي النظرية، وكما وضح ذلك في الثورة الكوبرنيقية. وبالتالي ارتبطت المدرسة بعصر البنيوية تبحث في تغير البنيات في الوعي الأوروبي وتغلبه عليها. ويمكن إعادة البناء باسم النقد، إلا أن الأول لا شخصي وعام بينما الثاني شخصي وخاص.

وتمثل المدرسة أحد روافد اليسار الجديد في الفكر السياسي الغربي، إذ إنها مراجعة للماركسية التقليدية الداروينية المادية التاريخية واكتشاف العناصر الهيجلية المثالية فيه اعتمادًا على ماركس الشاب، وكما هو الحال في جميع ماركسيات القرن العشرين التي أرادت إعادة قراءة ماركس بعيدًا عن رُوح القرن التاسع عشر كما بدت في الوضعية والمادية. مدرسة فرانكفورت بهذا المعنى هي جزء من ماركسيات القرن العشرين مثل: جرامشي، ولوكاتش، وجارودي الأول، ودويتشر، وكورش، واكتشاف ماركس البنيوي في نقده للاقتصاد القديم عند كُورْش وألتوسير، واكتشاف ماركس الإنساني مؤسس النظرية الاجتماعية، والذي حقق المصالحة بين النظر والعمل عن طريق تحليل العمل اليدوي. كما بينت روزا لكسمبورج الأهمية البنيوية للنظام الرأسمالي في التوسع العسكري الإمبريالي عن طريق القوى المركزية في البلقان وآسيا وأفريقيا. وكما أعاد هيلفردنج بناء الاقتصاد الماركسي، خاصة نمط الإنتاج الرأسمالي، على نطاق أوسع. ووصف كاوتسكي التغير في البيئة الزراعية في أوروبا وأمريكا. حاولت ماركسيات القرن العشرين على الرغم من التفاوت بينها الانتقال من البناء التحتي التقليدي إلى البناء الفوقي، والتحرر من البناء التحتي عن طريق نقد العقلانية الأداتية، وإبراز البعد السياسي عن طريق الهرمنيوطيقا. كان الهدف تخليص ماركس من مادية القرن التاسع عشر ووضعه وسط الفلسفات المعاصرة في القرن العشرين كما يفعل اللاهوتيون في تصورهم للإيمان طبقًا لفلسفة كل العصور.

وقد وضح ذلك عند ماركوز الذي اكتشف أهمية ماركس الشاب ونشره للمخطوطات الاقتصادية السياسية كمصادر جديدة لتفسير المادية التاريخية. كما عرض محاولة ماكس آدلر لصياغة ماركسية ترنسندنتالية، ماركس من خلال كانط.٤٥ كما حاول إقامة فلسفة عِيانية تنظيرًا مباشرًا للواقع وإحساسًا بالجدة واعتمادًا على فيورباخ في أن الثورة على الأوضاع تحل الشكوك التي لا يستطيع النظر حلها. أعاد تأسيس المادية التاريخية ونقض الوضعية التي كان ماركس التقليدي ضحية لها.٤٦ وبيَّن بزوغ الحرية من خلال الفعل التاريخي، وبالتالي إمكانية قيام أخلاق ثورية. وبيَّن الطابع الإيجابي للثقافة وقدرتها على الفعل والتأثير، وأنها ليست مجرد انعكاس للأوضاع الاقتصادية. كما بيَّن أن الماركسية التقليدية لم تهتم بما فيه الكفاية بالجمال في دراسة المجتمع.٤٧ وهنا يضع ماركوز الفن والجمال في قلب النظرية النقدية، فالفن يؤدي وظيفة التوازن في الشعور في بحثه عن اللذة والسعادة، كما يؤكد حرية الإنسان التي لا تظهر في باقي التجارِب الإنسانية الأخرى. وغالبًا ما ينجح الفن حيث تفشل الفلسفة ويفشل الدين. كما بين ماركوز الفرق بين الماركسية عند ماركس والشيوعية عند لينين وستالين وخروشوف، انفتاح الأولى وانغلاق الثانية، إنسانية الأولى وتسييس القيم في الثانية.٤٨
وقد استُعمل لفظ «جدل» كثيرًا في مدرسة فرانكفورت اكتشافًا لهيجل فيلسوف الاجتماع والسياسة. فنقد أدورنو الأُنطولوجيا المعاصرة في الفلسفة الوجودية خاصة فلسفة هَيدجر وما يقال عن «الأصالة» التي تخفي وراءها البعد الاجتماعي.٤٩ وكذلك فعل ماركوز لبيان نشأة النظرية الاجتماعية عند هيجل في «علم المنطق»، وتحويل السلب إلى رفض ونفي وثورة. كما بين الافتراضات الاجتماعية وراء «الوجود والعدم» ومفهوم الماهية.٥٠ وكان من الطبيعي أن تتجه مدرسة فرانكفورت باعتبارها ممثلة لليسار الجديد إلى نقد الوجودية باعتبارها فلسفة فردية بالرغم من محاولة سارتر الانتقال من الوعي الفردي إلى الوعي الاجتماعي في «نقد العقلي الجدلي». وهو الحكم الشائع الذي تطلقه الماركسية على الوجودية بأنها فلسفة فردية رجعية محافظة، فلسفة البرجوازية في المجتمع الرأسمالي وتعبيرًا عن أزمته. كما بيَّن هوركهايمر وأدورنو حدود التنوير، أعلى ما وصل إليه الوعي الأوروبي، وأعلنا نهايته.٥١ ومن علامات النهاية النازية والفاشيَّة وتجلي العنصرية الدفينة فيه. جدل التنوير هو جدل التقدم والتخلف، البداية والنهاية، التفاؤل والتشاؤم، الثقة بالنفس والخوف، المشروع وتحطمه، العقل واللاعقل، الحرية والقهر. الوعي الأوروبي مغامرة ومأساة الحياة والموت، يقطع أنفه بنفسه، ويهدم ما بناه بيديه. الغرب، منذ اليونان، أسطوري وليس تنويريًّا، سادي لا يعرف التضحية، يهودي وليس مسيحيًّا. ثقافته الصناعة، ويقوم على خداع الجماهير من خلال الإعلام. أخلاقه الإنتاج والتوزيع. وهكذا انقلب التنوير الأول إلى بربرية. في البداية كانت الأسطورة تنويرًا، وفي النهاية أصبح التنوير أسطورة.٥٢ وقد استشهد أدورنو على ذلك بتحليل الموسيقى المعاصرة، أعمال شوينبرج وسترافنسكي.٥٣ فالموسيقى تعبير عن الوعي الأوروبي. فيها الذاتية في عنفوانها في الرومانسية. وفيها أيضًا خفتت الذاتية بعد أن أصبحت فارغة من غير مضمون في الموسيقى الحديثة. تقطَّع اللحن، وضاعت الديمومة، وتحولت الآلات الوترية إلى آلات إيقاعية، وظهر الإيقاع البدائي، وغاب التقدم والهدف، وساد التنافر، وانتقلت الموسيقى من الأذن إلى العين، من التعبير إلى التصوير، من القلب إلى العقل، من المضمون إلى الصورة، من الذاتية إلى الموضوعية، من الداخل إلى الخارج … إلخ.
ومن ضمن المحاور الرئيسية في المدرسة دراسة اللغة وتحليل ذلك في السياسة. حلل هابرماس لغة الاتصال، ولغة الأمر، واللغة التداولية كما هو الحال عند أوستين وعند الأصوليين القدماء وتعريف الأمر على أنه اقتضاء فعل.٥٤ وحلل أفعال الاتصال التي تهدف إلى الفهم. وميز بينها وبين الفعل الأداتي الذي يهدف إلى السيطرة. ودرس التجارِب الاجتماعية المشتركة أو العَلاقة بين الذوات كما هو الحال في الظاهريات. وتناول موضوعات الهرمنيوطيقا ودخل في حوار حول التفسير والفهم مع هَيدجر، وجادامر، وآبل، ولومان، ومع لاهوتيين مثل بولتمان، وإيبلنج، وباننبرج، لبيان العَلاقة بين المفسر والذات، وتفسير العلم التجريبي والتأملات الفلسفية. وقد شارك ماركوز أيضًا في دراسة وسائل الاتصال وسيطرة وسائل الإعلام في المجتمع الصناعي المتقدم.
وتتميز المدرسة بمحاولة إيجاد نظرية مستقلة للعلوم الاجتماعية في مقابل التيارين الرئيسيين في الوعي الأوروبي: الصورية والمادية. بحث هوركهايمر الصلة بين الفلسفة والبحث التجريبي منتهيًا إلى فلسفة الحياة والظاهريات في مقابل التجريبية والبرجماتية. رفع البرجماتية إلى «برجماتية شاملة»، ورفع المادية التاريخية إلى مستوى البنيات المعيارية، وأعاد بناءها من أجل الوصول إلى الطريق الثالث وتحليل الظواهر الاجتماعية على المستوى الإنساني الخالص.٥٥ فالطريق الثالث الذي تشقه النظرية الاجتماعية لا يعادي العلم ولا يدافع عنه. يبغي السيطرة على المجتمع كما يبغي العلم السيطرة على الطبيعة. لذلك دخلت مدرسة فرانكفورت في نقاش حول منهج العلوم الاجتماعية عُرف في ألمانيا باسم «نقاش المنهج». لذلك ارتبطت نظرية المعرفة عند هابرماس بالمصالح الإنسانية ليبان البعد الاجتماعي في نظرية المعرفة على ما هو معروف في علم اجتماع المعرفة عند ماكس شيلر وكارل مانهايم وجورج جيرفتش، ووجود هذا البعد متضمَّنًا في نظريات المعرفة التقليدية ابتداءً من كانط وفشته وهيجل، وصريحًا عند ماركس والوضعيين عند كومت وماخ، وفي علوم الحياة عند دِلتاي ونيتشه وبرايس.٥٦ كما ركز هوركهايمر على البعد الاجتماعي للعلم مثل فيبر، وبين الصلة بين بناء العلم وتطور المجتمع. والمدرسة لا تفرق بين العلم والمواطنة، بين دور العالِم ودور المواطن لا على مستوى الكتابة ولا على مستوى القراءة، لا من ناحية المؤلف ولا من ناحية القارئ. فقد نشأت المدرسة من ثنايا العمل السياسي والممارسة الفعلية، لا فرق بين العلم والسياسة، بين النظر والعمل. البحث الاجتماعي نضال وممارسة، والتجارِب الوطنية مادة البحث العلمي. المدرسة تنظير مباشر للواقع، وإعادة بناء للنظرية الاجتماعية، ونقد لأدبيات الفلسفة والاجتماع من خلال التعامل مع الموضوعات المباشرة. لذلك كانت لها إسهامات إبداعية في النظريات الاجتماعية.٥٧
وقد ارتبطت المدرسة ارتباطًا وثيقًا بالأوضاع والسياسة في أوروبا عامة، وفي ألمانيا خاصة. فقد ظهرت وقت صعود النازية في ألمانيا والفاشيَّة في إيطاليا. وقد هاجر زعماء المدرسة إلى أمريكا ثم عادوا إلى ألمانيا بعد الحرب. ارتبطت معظم موضوعاتهم بالشخصية التسلطية ودراسة الأحكام المسبقة وأشكال التمييز الديني والاجتماعي والسياسي والاقتصادي كما تبدو في عدة أيديولوجيات مثل معاداة السامية والعرقية. لذلك صدر كتاب جماعي شارك فيه أدورنو بالتحليل الكيفي للأيديولوجيات العرقية والمناهضة للسامية لدراسة التمييز العرقي والديني وأسسه النفسية والاجتماعية، وهو ما يهدد الحياة الديمقراطية، واعتمادًا على علم نفس الأعماق وعلم النفس الإكلينيكي وعلم الاجتماع السياسي، وتحليلًا لمقابلات شخصية وإسقاطات نفسية.٥٨ وقد ركزت الدراسة على معاداة السامية دون غيرها من الأيديولوجيات العرقية مثل التفرقة العنصرية في جنوب أفريقيا، والصهيونية، والعنصرية الغربية، عنصرية الرجل الأبيض ومظاهرها في أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، خاصة وأن هيروشيما وناجازاكي كانتا في الأذهان. كما حاول ماركوز التأريخ لمفهوم السلطة وتحليله في مضمونه الاجتماعي محيلًا إلى لوثر وكالفِن وكانط وهيجل وماركس وسوريل وباريتو.
وأخيرًا حلَّلت المدرسة النظامين العالميين: الرأسمالية والاشتراكية لبيان أزمة كل منهما واحتمالات الثورة في الأولى والليبرالية في الثانية، ربما من أجل البحث عن نظام ثالث بديل يجمع بين الاثنين، وهو ما ينادي به اليسار الجديد في ضرورة الجمع بين الاشتراكية والليبرالية على ما هو معروف في ماركسيات القرن العشرين. والحقيقة أن نقد المدرسة كله ينصب على المجتمعات الرأسمالية. فالرأسمالية الآن تعيد تنظيم نفسها لتفادي مخاطر الثورة الجذرية، الثورة التاريخية العالمية. أما الثورة المضادة للرأسمالية فهي ثورة وقائية لا تحميها من الانقراض لأنها ليست ثورة. تحفر الرأسمالية قبرها بيدها ليس فقط عن طريق المعذبين في الأرض والبؤساء والفقراء بل من داخل النظام الرأسمالي ذاته، من بنيته الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، وعَلاقات الطبقات فيه، بل وعَلاقة الإنسان بالطبيعة واستقلاله عنها وتلوينه لها. إن الثورة على النظام الرأسمالي تقتضي التحرر من الطبيعة والتحرر من النظام الاقتصادي والسياسي الرأسمالي، والتحرر من ثقافة المجتمع الرأسمالي، ثقافة الإنتاج والتوزيع، والإنسان ذي البعد الواحد، والإعلام الموجه الذي يوحد بين الحقيقة وطريقة الإعلان عنها، والعقلانية التكنولوجية الأداتية، وكما ظهر ذلك عند ماركوز. كما بين هابرماس الاستعمال السياسي للتكنولوجيا، ووظيفة العلم والتكنولوجيا في تبرير النظام الرأسمالي محاولًا تأصيل مفهوم علمي للأزمة ووضع طريقة لمعالجتها.٥٩ ونقد مفهوم فيبر للشرعية على أنها السلطة العقلية وبيان حدود الشرعية الرأسمالية في جزئية العقل، والتعقيد ونهاية الفرد، والقضاء على المصلحة العامة. كما حاول ماركوز على طريقته بيان نفس الشيء من أجل إعلان نهاية المجتمع الصناعي المتقدم. لقد شجعت اليوتوبيا الناس على الإيمان بحياة أخرى ولكن لا تتحقق في التاريخ، هروبًا من الأمر الواقع إلى التمني والخيال، وإيهامًا بالفكر بعيدًا عن الوجود، وخداعًا بالسعادة ضد نظام الأشياء. أما المجتمعات الشمولية وتعني النظام الشيوعي فإنه يقضي على المثل الأعلى، ويمحو اليوتوبيا، ويعارض حرية الفرد، وتقوم الدولة فيه بدور القهر. وقد بين ماركوز ذلك وحلل استراتيجيات اليسار الجديد في الرأسمالية المتقدمة من أجل إعادة بناء الطابع الجدلي للنظرية الماركسية في مقابل الماركسية الشعائرية التي لا حياة فيها.٦٠ والحقيقة أن الصراع بين الماركسية والنازية إنما كان منافسة بينهما على حل مشاكل الرأسمالية. والعنف والقهر قاسم مشترك بينهما وإن كانا السمة الغالبة في المجتمع الرأسمالي. ارتبط العنف بالتقدم، وهناك حدود للتسامح الخالص، وهو تسامح قاهر يعادل الصبر عندنا الذي عادة ما يكون عائقًا على الثورة، فللصبر حدود. ويحدد ماركوز طرقًا جديدة للتغير الاجتماعي، إذ يمكن الخلاص من أزمة النظم السياسية القهرية عن طريق أنثروبولوجيا جديدة، وتحول الحاجات وتسييسها، وتحرير الفرد بالثورة السياسية، وبقيادة المثقفين وطلاب الجامعات. لذلك ارتبطت المدرسة بفرويد وبالتحليل النفسي، خاصة عند ماركوز.٦١ فالناس في المجتمعات الصناعية المتقدمة لا يتمتعون بالاستقلال والعقلانية والوعي، وهو ما يعتبره فرويد من علامات الصحة النفسية. إن هذا الفرد الصحيح كما يتصوره فرويد لا وجود له. إنما الإشباع الحر للحاجات الغريزية لا يتعارض مع متطلبات المجتمع المتحضر، معيدًا قراءة فرويد من خلال ماركس وهيجل. جمع فرويد بين علم نفس الأعماق والفلسفة والأنثروبولوجيا وتفسير الأساطير وعلم الاجتماع الثقافي. اللذة قيمة حضارية إيجابية وليست مقولة مجتمع القهر كما هو الحال عند فرويد. الحضارة ممكنة دون التضحية بالإشباع، وبالتالي استطاع ماركوز أن يجمع بين علم النفس النظري والماركسية الليبرالية، بين إشباع حاجات الفرد والنضال الاجتماعي. داخل عالم القهر الرأسمالي أو الاشتراكي هناك إمكانية للتحرر فيما وراء الإنسان ذي البعد الواحد عن طريق إشباع الحاجات. وفي العالم الثالث يمكن أيضًا للجماعات المقهورة من العمال الشباب وقاطني الجيتو أن تقاوم استغلالها كأدوات للإنتاج. لذلك ارتبطت المدرسة بالحركة الطلابية وبمظاهر الاحتجاج، وبثورات الحرم الجامعي، فالمثقفون هم أداة التغيير بعد العمال عند ماركس والفلاحين عند ماو. كانت المدرسة في حوار مستمر مع زعماء الحركة الطلابية وممثليها. فالمعارضة في الفكر شرط المعارضة في الواقع وأساس لها. الثقافة المضادة في الأدب والفن والفكر والعلم ثورة ضد الثقافة السائدة، نظام اجتماعي جديد في مواجهة نظام اجتماعي قديم. لذلك حلل هابرماس الاحتجاج الطلابي والصلة بين العلم والسياسة. وأخذ المعارضة السياسية موضوعًا للعلم. يسيِّس العلم، وينظِّر السياسة. وكانت محاولته بمناسبة إنشاء جامعة النقب بجوار «سيديه بوكير» لاستثمار الصحراء بناء على اقتراح بن جوريون، مما قد يلقي بعض الأضواء على مدى ارتباط اليسار الجديد بالحركة الصهيونية.٦٢

(٢) الفكر الاجتماعي

ويضم الفكر الاجتماعي عديدًا من المفكرين والفلاسفة وعلماء الاجتماع والسياسة والاقتصاد والأنثروبولوجيا والحضارة والتاريخ، وينقسمون إلى فريقين: الأول أقرب إلى مدرسة فرانكفورت واليسار الجديد، يحاول الجمع بين الماركسية والليبرالية مثل سومبارت في ألمانيا وسيدني هوك في أمريكا، أو نقد الرأسمالية مثل فيبلن ورايت ميلز في أمريكا ومانهايم في ألمانيا، أو الثورة على الإقطاع والرأسمالية بناء على الثقافة الوطنية في البلاد مثل لافروف في روسيا. والثاني أقرب إلى الدفاع عن النظم الرأسمالية والاقتصاد الحر والمجتمع المفتوح دفاعًا عن الليبرالية وحدها مثل كينز في الاقتصاد، وبوبر في الفلسفة، وإيزايا برلين في السياسة في بريطانيا، وحَنَّا آرِنت، وفورستر في السياسة في أمريكا. الأول يسار والثاني يمين. أما فلاسفة الحضارة والتاريخ — مثل هويزنجا في هولندا وكولِنجوود وتوينبي في إنجلترا واشبنجلر في ألمانيا — فيقتربون من اليمين. وهناك فريق ثالث من علماء الأنثروبولوجيا وعلوم الإنسان، مثل شتراوس وألتوسير وفوكو في فرنسا، أقرب إلى البحوث الشكلانية الخالصة في الأنثروبولوجيا وعلوم الإنسان. وفي عرض الفلاسفة سينضوي الشعور القومي تحت التيار الفلسفي كما سينضوي التطور التاريخي تحت الشعور القومي.

بدأ الفكر الاجتماعي والسياسي في القرن العشرين عند لافروف مستقلًّا عن الماركسية.٦٣ وهو منظِّر النارودية، وهي أيديولوجية تقوم على حتمية الحل الاشتراكي بداية بالإصلاح الزراعي، ومُنشئ المدرسة الذاتية الروسية في علم الاجتماع. حاول التوفيق بين المثالية والواقعية مثل معظم فلاسفة القرن العشرين، كما جمع بين الغنوصية والوضعية ولكنه انتهى إلى المثالية الذاتية. كان يبحث عن طريق ثالث مثل كل التيارات الفلسفية المعاصرة: الظاهراتية، والوجودية، والماركسية، وباقي العلوم الإنسانية مثل علوم النفس والاجتماع والاقتصاد والتاريخ، بل وعلوم المنطق والرياضة. وربط الفلسفة برُوح الشعب إذ لا يمكن من الناحية العملية التضحية بخصوصية الشعوب وثقافاتها الوطنية من أجل عالمية الأيديولوجية ودولية الحزب. فالثورة عمل إبداعي وطني مرتبط بخصوصية كل شعب. وفي حالة روسيا لا تقوم الثورة دون أن تأخذ في الاعتبار الطبيعة الاشتراكية للفلاحين الروس ودور المثقفين في قيادة العمل الثوري. وبالتالي لا يمكن فهم السياسة إلا في إطار التاريخ، ولا يمكن صياغة فلسفة سياسية إلا بعد تأسيسها في فلسفة الحضارة وفلسفة التاريخ. الحضارة تعبير عن رُوح الجماعة، والتاريخ تجسيد لسمات الشعوب، وسلوك الناس في الحياة اليومية وعَلاقاتهم الاجتماعية وطبيعة تفكيرهم. تعبر الحضارة عن البيئة الاجتماعية كما يعبر التاريخ عن الحضارة. وتطور الوعي الفردي واكتماله هو مقياس التقدم.
ونقَد فيبلن الرأسمالية في أمريكا كما نقد المجتمع الأمريكي النفعي.٦٤ نقد تنظيم المجتمع الصناعي الذي يقوم على المنافسة والاستهلاك والتبذير بلا حدود. وهو يشبه ماركوز في مدرسة فرانكفورت. وقد وجه نقده أساسًا إلى الطبقة المترفة التي تنعم بأساليب العيش وبوفرة المال وبلذة الحياة وبرفاهية الذوق، وتتشدق بالمحافظة، وتؤمن بالحظ، وتدعي الإيمان، وتتمسك بمظاهر الحضارة والتمدن. واستمر نقد المجتمع الرأسمالي من داخله حتى اتجه النقد أكثر فأكثر نحو اليسار الليبرالي عند رايت ميلز.٦٥ فقد بين مظاهر انهيار المجتمع البرجوازي الديمقراطي في الولايات المتحدة، وكشف عن قوة الأقلية المسيطرة الممثلة في الشركات وفي البيروقراطية العسكرية استنفارًا للحرب. كما نقد علم الاجتماع الأمريكي وبيَّن ضعفه وشكلانيته وتبعيته للمصالح الاحتكارية. حلل الطبقة المتوسطة في المجتمع الأمريكي، عالم رجال الأعمال والإدارة، وأساليب حياتها وطرقها إلى السلطة. كما حلل النخبة الحاكمة في دوائرها العليا وشرائحها المحلية ومشاهيرها وأغنيائها ومديريها وشركائها وعساكرها وساستها وأخلاقها وطرقها في التقوى والتدين. ودرس نظام التعليم العالي في أمريكا وعَلاقته بالبرجماتية عند بيرس وجيمس وديوي. وفي علم الاجتماع النظري درس الصلة بين الشخصية والبنية الاجتماعية اعتمادًا على البيولوجيا وعلم النفس الاجتماعي. فبنية المؤسسات الاجتماعية لا تنفصل عن شخصيات القائمين عليها واتجاهاتهم المكتسبة وتفاعلاتهم مع المجتمع. وكما هو الحال في الوجودية الظاهراتية عند سارتر يصف «الخيال الاجتماعي» بعيدًا عن العقلانية والتجريبية باحثًا مثل معظم المفكرين المعاصرين عن الطريق الثالث في عالم الشعور.
وكما اتجه نقد المجتمع الأمريكي من الليبرالية إلى اليسار الجديد فإنه اتجه أيضًا من الماركسية أولًا إلى الليبرالية ثانيًا كما هو الحال عند سيدني هوك.٦٦ فقد حاول الجمع بين الحتمية التاريخية والحرية الإنسانية، بين الثورة الاشتراكية في روسيا ١٩١٧م وبين النخبة والصفوة القائدة في الولايات المتحدة. وفي نفس الوقت حاول تجاوز النزعة الطبيعية عند ديوي من أجل كشف الوجود الإنساني. كما حاول إعادة بناء اليسار الهيجلي وكتابة تاريخ الهيجليين الشبان كما هو الحال في مدرسة فرانكفورت. ولكن مساهمته الكبرى كانت في الدفاع عن الحريات السياسية في مواجهة السلطة، والنضال من أجل الحريات الأكاديمية في مجتمع تحتوي فيه أجهزة الاستخبارات مراكز الأبحاث العلمية. وإن تناقضات الحرية — أي ضرورة التوفيق بين الحرية والقانون — بين الحرية الشخصية وحرية الآخرين لا تمنع الإنسان من حق الثورة على الأوضاع.
وفي ألمانيا نقد سومبارت المجتمع الرأسمالي الغربي وبيَّن حتمية الحل الاشتراكي.٦٧ ولكن الانتقال من الرأسمالية إلى الاشتراكية يتم بالطريق السلمي، ويحتاج ذلك إلى مدة طويلة. الليبرالية وسيلة والاشتراكية غاية. وقد ارتبط فلسفيًّا بالكانطية الجديدة التي أعطته أسسه النظرية. ويُعتبر منظِّر الأحزاب الاشتراكية الديمقراطية الغربية. وسار كارل مانهايم في نفس التيار.٦٨ تأثر بماركس دون أن يصبح ماديًّا جدليًّا. ولكنه أبقى على عَلاقة المعرفة بالمجتمع فأسس علم اجتماع المعرفة. لم يهتم مثل مدرسة فرانكفورت بنهاية الوعي الأوروبي ونهاية عصر التنوير وانقلابه على نفسه، بل اهتم بوسائل البعث وطرق الإحياء. حلل الأوهام وهي الأيديولوجيات التي تهدف إلى استقرار الوضع القائم، وحلل أحلام الرغبة وهي الطوباويات التي تهدف إلى تغيير الوضع القائم. قدم دراسة تاريخية للأزمة النفسية والاجتماعية التي عاشها الغرب، وما زال، بعد الحرب الثانية سواء في ألمانيا حيث انتهت الليبرالية وتحولت إلى نازية، أو في إنجلترا حيث استمرت الليبرالية دون أن تنقلب إلى ضدها. حاول التعرف على أسباب هذه الظاهرة حتى يستمر الوعي الأوروبي في مُثُله ومتى ينقلب على عقبيه مقترحًا بعض الحلول في حالة انهيار الأعصاب وفقدان الثقة. ظهرت الأزمة، ضياع الليبرالية والديمقراطية بسبب تغلب اللاعقلاني على العقلاني، وانقلاب عصر التنوير إلى ضده كما وصف أدورنو وهوركهايمر من قبل. والسبب في ذلك بنية الثقافة وتكوين النخبة وتنظيم المجتمع الذي أدى إلى الدكتاتورية والحرب. والحل هو التخطيط الإنساني والعقلي والإرادي والعاطفي والاجتماعي من أجل تأسيس مجتمع حر ديمقراطي. وفي مجموعة مختارة من دراساته تظهر محاور مانهايم بما في ذلك النقد الأدبي والفلسفة وعلم اجتماع المعرفة والتحليل الأيديولوجي والبحث في أسباب نشأة الاتجاهات المحافظة وعلم اجتماع الثقافة وأهميته ديمقراطية الثقافة، ومسئولية علم الاجتماع كعلم وطني لدى كل الشعوب.
أما الفريق الثاني فإنه ينقد النظم الغربية، خاصة الشمولية منها، وتعني النازية أو الاشتراكية، ولكنها تعادي الماركسية، وترى الحلول في الأخلاق والدين والقيم الرُّوحية. فدرست حَنَّا آرِنت في أمريكا سقوط النظم السياسية الغربية في القرن التاسع عشر وصعود التيارات التوسعية والمعادية للسامية.٦٩ ويبدو أن وقوع حربين أوروبيتين، وسقوط النظم الأوروبية وصعود النازية والفاشيَّة للحكم دفعت الفكر الغربي المعاصر إلى التركيز على النظم السياسية، كما ركز الفكر الغربي الحديث بسبب سيطرة الكنيسة والنظم الإقطاعية والمَلكية. كما نقد فورستر في ألمانيا المضمون الأخلاقي للاشتراكية الوطنية الألمانية،٧٠ بالتالي تراجع الفكر الاجتماعي من التحليل السياسي إلى التحليل الأخلاقي. ومع ذلك تظل النازية مع الماركسية والرأسمالية والشيوعية مثيرات للفكر السياسي الغربي المعاصر. وفي بريطانيا توجه الفكر السياسي إلى معاداة الماركسية والدفاع عن المجتمع المفتوح كما هو الحال عند إيزايا برلين.٧١ فقد نقد فلاسفة التاريخ الحتميين، ورفض تصور ماركس لمسار موضوعي للتاريخ وأن القيمة كلها مشروطة بالوضع الاجتماعي. فلا يمكن معالجة موضوع القيم مع التحرر من كل قيمة. للقيم أسسها الأخلاقية والنفسية والاعتقادية. ولا يمكن رد الحرية والمسئولية إلى ظروف اجتماعية. واستأنف كارل بوبر هذا التيار المدافع عن المجتمع المفتوح والمعادي للماركسية.٧٢ وتدور فلسفته حول محورين: الأول فلسفة العلم، والثاني فلسفة السياسة. وقد تكون الأولى مجرد غطاء للثانية، لما بين الوضعية والمحافظة من صلات منذ تحليل ماركوز للوضعية على أنها فلسفة رجعية تقوم على الدفاع عن الوضع القائم، فالدفاع عن الوضع القائم في السياسة قد يكون نتيجة طبيعية للدفاع عن الواقع الحسي في العلم. لذلك يمكن وضع بوبر في فلسفة العلوم وفي فلسفة السياسة في آنٍ واحد. كان إسهامه الأول حله لمشكلة حدود العلوم، ففصل بين العلم الطبيعي التجريبي الاستقرائي وبين علم المنطق الذي يصوغ نتائج الأول. والصعوبة في هذا التمييز حاجة العلم الطبيعي إلى علم المنطق. ولكن العلم يسلم ببعض القوانين والمبادئ العامة مثل اطراد قوانين الطبيعة، والتي تقوم بدور المنطق وفي نفس الوقت يصعب تحديدها منطقيًّا. كما أن التعميم الزائد لا يمكن التحقق من صدقه، بل ويمكن تزييفه. يعرض بوبر لمنطق العلم سواء في مشاكله الأساسية أو في مشكلة نظرية المنهج العلمي. كما يعرض لبعض المكونات البنيوية لنظرية التجرِبة مثل النظرية، والقابلية للخطأ، والأساس التجريبي، ودرجات التحقق، والاحتمال. ويصف تطور المعرفة العلمية في العصور الحديثة، خاصة عند جاليليو وكانط، ويبين مقاييس التحقق من صدقها بعيدًا عن الميتافيزيقا. وينقد المعرفة الذاتية القديمة، ويؤسس المعرفة الموضوعية المستقلة عن الذوات العارفة بعد أن يتم التعبير عنها في لغة وقضايا وأحكام. وفي فكره السياسي ينقد بوبر النزعة التاريخية عند أفلاطون وهيجل وماركس في تصور الجمهورية والدولة، دولة الرُّوح أو طبقة البروليتاريا، وهي النزعة التي تضع قوانين ومبادئ للتطور التاريخي تسمح لنا بتنبؤ مسار التاريخ كما يتنبأ عالم الفلك بالكسوف. هذا التنبؤ فقط في الأنظمة المعزولة والثابتة. وهذا لا ينطبق على المجتمع الإنساني الذي توجهه الأفكار والاختيارات الإنسانية. فمثلًا لم يكن بالإمكان التنبؤ مسبقًا بالتكنولوجيا ومدى سيطرتها على المجتمع الحالي. المسئولية والاختيار عوامل فردية لا يمكن التنبؤ بمسارهما. ولا يمكن القول بأنه يجب على المجتمع أن يتطور على هذا النحو سواء أراد أعضاؤه أم لم يريدوا. فالوجود هنا أخلاقي وليس تاريخيًّا. حر وليس حتميًّا. وفي المسائل الإنسانية النظرية والعلمية إجاباتنا هي الصحيحة. ليس أمامنا إلا أكبر قدر من حرية النقد. وفي نظم الحكم الديمقراطية لا يعطي الحكام أي حلول ناجحة ولكن يعطون بدائل يختار الناس بينها بلا جبر أو عنف. ليس المهم في المجتمع هو من بيده السلطة بل كيفية استخدامها لتحقيق أكبر قدر ممكن من المصالح العامة. وينقد بوبر النظريات اللاطبيعية والنظريات الطبيعية للتاريخ محاولًا الجمع بين الحرية والحتمية ناقدًا كل نظرية بالأخرى ومحيِّدًا لهما معًا. ويعطي نماذج من المجتمع المغلق: جمهورية أفلاطون، دولة هيجل، وشيوعية ماركس. وإن صدور «المجتمع المفتوح وأعداؤه» في ١٩٤٥م لم يكن موجهًا ضد النازية المنهارة كما هو الحال في مدرسة فرانكفورت والفكر السياسي الليبرالي، بل ضد النظم الاشتراكية الصاعدة أثناء الحرب الباردة في نهاية الحرب. وقام كينز في الاقتصاد بنفس ما قام به بوبر في السياسة، وبنفس الطريقة المزدوِجة، المظهر والحقيقة، المنطق والعلم الإنساني في السياسة عند بوبر والاقتصاد عند كينز، ولنفس الهدف، الدفاع عن المجتمع الليبرالي عند بوبر وعن النظام الرأسمالي عند كينز.٧٣ له نظرية في الاحتمالات يبين فيها أن الاحتمال يتعلق بالقضايا وليس بالحوادث. وهو موضوعي باعتبار أن القضية موضوعية بصرف النظر عن تسليمنا بها. والقضايا تقوم على مصادرات. ثم ينتقل إلى الدفاع عن الاقتصاد الرأسمالي وتبريره اقتصاديًّا. وهو منظِّر سياسات الانفتاح الرأسمالي على الغرب مما أضر بكثير من الشعوب في العالم الثالث.
ثم يتحول الفكر الاجتماعي من السياسة والاقتصاد إلى الحضارة والتاريخ. وكما تحول الفكر الاجتماعي من اليسار الجديد وماركسية القرن العشرين إلى الفكر الليبرالي، كذلك كشف الفكر الليبرالي عن أسسه الدينية والأخلاقية عند فلاسفة الحضارة والفن والتاريخ مثل كولِنجوود وتوينبي في إنجلترا، وهويزنجا في هولندا، ثم يكشف نهائيًّا عن نفسه في عنصرية دفينة في ألمانيا عند اشبنجلر. ظهرت فلسفة الحضارة والتاريخ والفن عند كولِنجوود.٧٤ بدأ من الأخلاق والدين لإثبات أن الدين ليس مجرد تعبير حر عن العاطفة، كما هو الحال عند الرومانسيين الألمان، بل هو فلسفة مثل العلم والتاريخ، وأنه ضروري للحياة السليمة. الدين تجرِبة إنسانية تُظهر قدرة الإنسان على تجاوز لحظته الزمانية إلى بُعدٍ وأعم وأشمل. والفن أيضًا أحد مظاهر التعبير عن النشاط الإنساني كما بين ذلك في دراسته عن فلسفة راسكين وعن فلسفة الفن، طبيعته، وصور الجمال، وجمال الطبيعة وجمال الفن. وهناك فرق بين الفن باعتباره طهارة وتسلية، أي على المستوى النفسي، والفن باعتباره جمالًا من خلال التعبير والخيال. وفي الفلسفة جعل الميتافيزيقا علمًا مستقلًّا دون أن يجعلها أم العلوم أو ينكرها تمامًا باعتبارها خرافة. مهمتها الكشف عن الأسس التي يقوم عليها كل نشاط علمي إنساني سواء في العلوم الطبيعية أو العلوم الإنسانية. وقد شارف على علم اجتماع المعرفة عند مانهايم. وحاول من خلال فكرة الطبيعة بيان المنهج الفلسفي عن طريق استعراض مراحلها المختلفة في عصورها الثلاثة: اليونان وعصر النهضة والعصر الحديث، مبينًا تطور الوعي الأوروبي بالطبيعة في كل عصر. أحيانًا يجعل الفلسفة نظامًا مستقلًّا عن التاريخ وأحيانًا أخرى يقع في النسبية التاريخية مثل فلاسفة التاريخ الألمان وفكرة رُوح العصر. وطبق نفس الشيء في فكرة التاريخ لما كانت الطبيعة والتاريخ أهم بعدين في الوعي الأوروبي بعد عصر النهضة وبداية العصور الحديثة. ثم يتحول كولِنجوود إلى ناقد للعصر الحديث مثل مدرسة فرانكفورت والفكر الاجتماعي المعاصر. فكما نقد هوبز في «التنين» في القرن السابع عشر مظاهر السلطة الدينية والمدنية كذلك نقد كولنجوود في «التنين الجديد» مظاهر التسلط في القرن العشرين باسم الديمقراطية حتى لا يسلم الشعب أمره للطغاة يفعلون بإرادة الجماهير ما يشاءون. ويذكر ضمن مظاهر التسلط البربرية ويعطي نماذج أربعة منها: المسلمون في العصر الوسيط، والأتراك في العصر الحديث، والألبيجيون في العصور الوسطى، والألمان في العصر الحديث.٧٥ ويكشف ذلك عن إيمان مسيحي تقليدي دفين، ويبعث على جعل صورة تراثنا الإسلامي في الفكر الغربي أحد الميادين الرئيسية في «علم الاستغراب». وقام هويزنجا في هولندا بما قام به كولنجوود في إنجلترا،٧٦ فعرض فلسفة الحضارة باعتبارها وضعًا اجتماعيًّا. وهي تعبر عن توازن القوى المادية والرُّوحية وعن مثل أعلى متسق ينظم نشاط المجتمع لتحقيق هذا المثال، وبالتالي يجمع بين النظريتين المادية والمثالية في تصوره الحضارة من وضع المجتمع وتأثيرها فيه. تنبع من الواقع وتعود إليه لتوجهه كما تفعل الأيديولوجيات.
ولكن أكبر فيلسوفين للتاريخ في الفكر الغربي المعاصر اشبنجلر في ألمانيا وتوينبي في إنجلترا. وإذا كان اشبنجلر أكثر غربية من توينبي وأقل نقدًا فإن توينبي أقل غربية وأكثر نقدًا. وإذا كان اشبنجلر يرى الخلاص في رُوح الحضارة وقدرة الشعب فإن توينبي يرى خلاص المدنية عن طريق الدين بوجه عام والمسيحية بوجه خاص. وإذا كان اشبنجلر يرى سيادة الأقوى على الأضعف فإن توينبي يسمح بالحوار بين الحضارات. وإذا كان اشبنجلر يعبر عن مرحلة الاستعمار القديم وأشكاله الجديدة في النازية والفاشيَّة فإن توينبي يعبر عن فلسفة جديدة في التاريخ تعبر عن مرحلة التحرر من الاستعمار. فقد أعلن اشبنجلر صراحة نهاية الغرب وأفوله.٧٧ وعارض القدرية في التصور المادي للتاريخ كما عارض التصور النمطي التقليدي له. وصور الماضي الإنساني باعتباره قصة الحضارات المنغلقة على ذاتها والتي تخضع لقانون شبه بيولوجي للنمو والانحدار. آمن بالنسبية التاريخية. فكل نسق فكري أو قيمي محدد حضاريًّا وليس له أية قيمة عامة وشاملة. يُسقط التاريخ في وحدات حضارية مستقلة لكلٍّ منها حياتها نشأة وتطورًا وانهيارًا. مهمة فلسفة التاريخ دراسة البناء الصوري لكل حضارة الذي يكشف عن رُوح الحضارة. الرأسمالية في القرن التاسع عشر بداية النهاية في الحضارة الأوروبية بعد أن كانت قمتها في عصر الإقطاع. كل تقدم إنساني ينتهي إلى الزوال. تأثر بفيشته في تصوره للرُّوح في التاريخ وأنماط أبولو وديونيزيوس (فاوست) والجمع بين الفن والعلم والفلسفة كتعبير عن الرُّوح في التاريخ. وقد خصص أحد أجزاء التاريخ العام للحضارة العربية وتحدث عن «التشكل الكاذب» فيها، جدل اللفظ والمعنى أو الصورة والمضمون، كما حاول اكتشاف الرُّوح السحري فيها، وقارن بين فيثاغورس ومحمد وكرومويل. وهو يحتاج إلى مراجعة شاملة، خاصة وأن صورة الأنا في مرآة الآخر إحدى مواد علم الاستغراب وأقسامه. كما تصور توينبي التاريخ على أنه تقدم اجتماعي يتم في دورات حضارية خمسة: ميلاد، نمو، سقوط، تحلل، فناء.٧٨ والوحي أحد عوامل التقدم في التاريخ كما لاحظ لِسِنج وهِردر وكانط من قبل. وهو وَحدة الإنسان مع الله من خلال الأفراد والأبطال والمبدعين أفرادًا وأقليات. ويمكن إنقاذ الغرب حاليًّا عن طريق الكنيسة باعتبارها دولة شاملة. وحدة التحليل عند توينبي هي المجتمع وليس الحضارة. فهناك حضارات باقية ومجتمعاتها مندثرة. وتؤدي الدراسة المقارنة للحضارات إلى رفض نظرية المركز والمحيط. ويدرس توينبي ثلاثة وعشرين مجتمعًا متحضرًا. ستة عشر مجتمعًا لها حضارات سابقة، وستة منها مرتبطة بالمجتمعات البُدائية. ولا تقوم الحضارة على العرق أو البيئة بل على مفهومين جديدين هما: التحدي والاستجابة. فالصراع قيمة. يكون التحدي شظف العيش أو الحصول على أراضي جديدة أو الهزائم أو الضغوط الخارجية أو التهديد بالعقاب. ولا تكون قوة الاستجابة بالضرورة طبقًا لشدة التحدي. فقد يكون التحدي قويًّا والاستجابة ضعيفة. وتنمو الحضارات باتجاه حق تقرير المصير والاعتماد على النفس واستقلال الوعي الحضاري للأفراد وللجماعة. يختفي الأفراد ويعودون كما تختفي الأقليات المبدعة وتعود. وتتمايز الحضارات فيما بينها وهي في مرحلة النمو ثم تتعثر لا بسبب عوامل حتمية بيولوجية أو كونية، كما هو الحال عند اشبنجلر، بل بسبب فقدان السيطرة على البيئة الطبيعية والاجتماعية حتى ينتهي الاستقلال الذاتي للحضارة. وتتحلل الحضارات بالفصم بين النفس والبدن، وبين الرُّوح والمادة عن طريق سيطرة الأقليات أو التفاوت الطبقي أو الغزو الخارجي من مجتمعات أكثر التزامًا. وفي وقت التحلل تظهر حركات الإنقاذ والخلاص في صورة أفراد أو قواعد أو مخترعات أو آلهة متجسدة في بشر. كما تظهر الكنائس الشاملة التي تُعتبر الحضارات مقدمة لها أو نهاية لوجودها. وتظهر العصور الذهبية في كل حضارة تنبئ عن بلوغها الذروة. والحضارات في عَلاقات متبادلة فيما بينها في المكان الزمان على ما هو حادث الآن في الصلة بين الحضارات الأوروبية وحضارات آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية. وفي النهاية لا تخضع الحضارات في نشأتها وتطورها وانهيارها لقانون تاريخي بل تتخللها حريات الأفراد. فالتاريخ مجموع القانون والحرية.
ويمثل الفريق الثالث في الفكر الاجتماعي البنيويون، سواء في الأنثروبولوجيا أو العلوم الإنسانية بوجه عام. فقد ظهرت الأنثروبولوجيا البنيوية عند كلود ليفي شتراوس لتعطي الأولوية للشكل على المضمون.٧٩ الظاهرة الإنسانية بنية مستقلة عن عناصرها المادية سواء كانت في العقل أم خارج العقل، تصورًا أو مثاليًّا أفلاطونيًّا. البنية تضبط العَلاقات، وتكشف الأنماط. البنية نسق، وللنسق أنساق. والنسق يفعل ويؤثر. ويمكن أن يعرف مسبقًا باقي الوقائع المادية دون اللجوء إلى البحوث التجريبية. وقد تكون البنية شعورية أو لا شعورية، ثابتة أو متحركة. بدأ شتراوس ببحث بنية القرابة وتحريم الزواج من المحارم. وبدأ التحليل بالقرابة في نطاق ضيق ثم في نطاق أوسع اعتمادًا على تحليل اللغة والتنظيم الاجتماعي والسحر والدين والفن. كما درس «التوتمية» وعَلاقتها بالعقل، متى يجوز الحديث عنها ومتى لا يجوز. وكرد فعل على الوضعية الاجتماعية عند ليفي برِيل درس شتراوس «الفكر البري» وليس العقلية البدائية، وكما يبدو في الاتصال المباشر بالواقع العِياني، يحلل ويميز ويصنف ويربط ويعارض في أشكاله الأسطورية والشعائرية والعقائدية. كما بين توازي الفكر الأسطوري مع أشكال الموسيقى وأنواع الطعام وفي بدايات التحضر وظهور العادات والتقاليد والأعراف. وقد طغت البنيوية على الماركسية، والشكلانية على الواقعية الاجتماعية في الماركسية البنيوية عند ألتوسير،٨٠ فقد استطاع إعادة قراءة النصوص الفلسفية لمونتسكيو وماركس ولينين من أجل اكتشاف بنية النص، وكيف كان هذا النص قراءة لنص آخر في القانون القديم عند مونتسكيو أو في الاقتصاد التقليدي عند ماركس أو في الفلسفة النقدية التجريبية عند لينين. النص القارئ يكشف عن بنية يوضع فيها النص المقروء. لذلك اهتم بماركس الشاب المثالي الهيجلي كنموذج للقارئ والمقروء. لذلك حاول تخليص الماركسية من النزعة التاريخية ومن المادية الساذجة التي سادت في القرن التاسع عشر. كما ظهر لديه مفهوم «القطيعة المعرفية» الذي ساد من باشلار في نظرية المعرفة المعاصرة لتحديد العَلاقة بين القارئ والمقروء. أما فوكو فقد عمم تطبيق البنيوية على العلوم الإنسانية كلها.٨١ وحاول اكتشاف بنيات الظواهر المهمشات خارج الأعراف وبعيدًا عن مراكز الانتباه كالجنون والعيادات الطبية والجريمة والسجون. أعاد قراءة تاريخ الجنون لاكتشاف بنيته. فالجنون واقعة إنسانية وظاهرة مرتبطة بالمدنية الحديثة التي استبعدته باعتباره شذوذًا عن القاعدة باسم العقل. كما أسقط عالم المعاني بين الكلمات والأشياء مستبعِدًا الإنسان كأداة للمعرفة أو كموضوع لها. فالعلوم الإنسانية لا تتعلق بالمعرفة وحدها بل بالممارسات وبالمؤسسات. الإنسان هو الذي يظهر من ثنايا العلوم الإنسانية وليست هي التي تظهر من ثناياه. ويمكن إثبات ذلك بتطور هذه العلوم ابتداءً من القرن السابع عشر في علم النحو العام وتحليل الثروة والتاريخ الطبيعي. وفي التاسع عشر تكوَّن فقه اللغة وعلم الأحياء وعلم الاقتصاد السياسي. تخضع الأشياء لقوانين وليس لتمثلاتنا لها. ويكتمل الخطاب، ويظهر الإنسان الذي يتكلم ويعمل ويحيا، ويوجد بين الكلمات والأشياء. فالمعرفة حفريات، أي الأسس التي تقوم عليها والتي تكمن وراء نظام الخطاب. وفي البنيوية كأن الوعي الأوروبي يعيش على ذاته، ويحفر في تاريخه، ويفحص في أعماقه لعله يكتشف له بنية وأصلًا، فانتهى إلى فراغ، ولم يجد إلا حفريات. فالحياة القديمة لا تُبعث في الموت الجديد.

رابعًا: فلسفة العلوم والفلسفة التحليلية والفلسفة التفكيكية

وبالرغم من محاولة الوعي الأوروبي في النهاية ضم الفم المفتوح والعثور على طريق ثالث إلا أن بنيته الثنائية ظلت تتحكم فيه حتى النهاية. فظهرت فلسفة العلوم الطبيعية تعبر عن اتجاهه الدائم نحو الطبيعة واتجاهه الأقل نحو العلوم الرياضية، وكأن سرعة الهبوط أكبر بكثير من سرعة الصعود. وفي نفس الوقت ظهر الطريق الثالث في محاولة بناء فلسفة أو منطق مرتبط بالإنسان. ونظرًا للاتجاه الطبيعي أتى منطقًا نفسيًّا تكوينيًّا كما هو الحال في نظرية المعرفة التكوينية عند بياجيه أو رياضيًّا فيزيولوجيًّا كما هو الحال في السيبرنيطيقا عند فينر. ثم استمر الطريق الثالث في الظهور عن طريق تحليل اللغة كبعد إنساني خالص سواء في لغة العلم الرياضي أو الطبيعي أو اللغة التداولية في الحياة اليومية، وكأن اللغة تصنع الأشياء وتبني العالم.

(١) فلسفة العلوم

ظهرت فلسفة العلوم في الوعي القومي الألماني أساسًا (بما في ذلك النمسا، فالوعي القومي لغة في أحد مظاهره) عند ماكس بلانك.٨٢ استبدل بالطبيعيات العِلِّية القديمة طبيعيات إحصائية جديدة، كما ربط بين فلسفة العلم والدين والفلسفة العامة ناقدًا الوضعية والفلسفة الحسية المادية عند ماخ. وحلل ريشنباخ في أعمال الشباب الطبيعة المعرفية للهندسة والبناء المنطقي للطبيعيات النسبية.٨٣ ومع أنه وضعي منطقي إلا أنه كان أقرب إلى المادية. كما حلل العِلِّية والنظام والاحتمال. ساهم في نظرية الاحتمالات باعتباره منطقيًّا، وحلل عبارات العلم التي تشير إلى قوانين علمية. تدور أفكاره حول مشكلة الزمان والمكان والعِلِّية والاستقراء والاحتمال الرياضي والمنطقي وأثره على مشكلتي الحقيقة والقيمة. وهنا تدخل فلسفة العلوم الرياضية والطبيعية مع الوضعية المنطقية كأحد توابعها. ووضع أينشتين نظرية النسبية العامة والخاصة أساسًا للطبيعيات الحالية.٨٤ وجعل ملاحظة الطبيعة جزءًا من الظاهرة الطبيعية مثل الزمان. فأصبح أحد أبعاد المكان كما تصور التجريبيون القدماء هيوم وماخ. لذلك نقده برجسون من أجل فصل الزمان عن المكان. وهذا يدل على استحالة وجود علم للطبيعة مستقل عن الذات، وأن الذات والموضوع واجهتان لعملة واحدة كما هو الحال في الظاهريات. وطور شرودنجر نظرية دي برُولي، وأسس نظرية «الكوانتوم» والميكانيكا التموجية.٨٥ ركز على أهمية علوم الحياة في تصور العلوم الطبيعية وأنه في الحقيقة لا يوجد فصل بين العقل والمادة تأكيدًا على وحدة الذات والموضوع كما هو الحال في الظاهريات. ووضع هيزنبرج مبدأ اللاتحدُّد الشهير كحل وسط بين حتمية قوانين الطبيعة ولا حتميتها عن طريق الاحتمال الإحصائي.٨٦ كان وضعيًّا في البداية ينكر استقلال الواقع الطبيعي عن الملاحظة، وسمَّى ذلك «اللاتحدد». ثم تحول إلى مثالية موضوعية مثبتًا الوجود الموضوعي للمادة مما يدل على صعوبة فصل الذات عن الموضوع أو الواقعي عن المثال أو عالم الأعيان عن عالم الأذهان حتى في العلوم الطبيعية. وقص تاريخ حياته في سيرة ذاتية ليدل على أنه حتى العلم الطبيعي لا ينفصل عن السيرة الذاتية للعالِم وتطور تصوراته للعالَم. ودافع هِمبل عن النزعة التجريبية التقليدية،٨٧ وميَّز مثل الوضعيين بين العلم الجدير بالاحترام وهو العلم الطبيعي والعلم المعيب أو الناقص وهو الميتافيزيقا، وبيَّن اعتماد النظرية العلمية على التجرِبة، وبالتالي خطأ التعميم، وتتداخل القوانين العلمية فيما بينها بين العموم والخصوص. الخاص لا يكون إلا تجريبيًّا، والعام مستند إلى الخاص. فالتجرِبة أساس العلم.
وفي فرنسا يوصف بوانكاريه عادة بأنه تقليدي لأنه كان يرى أن النظم الهندسية مختلفة وليست ضرورات قبلية ولا وقائع حادثة وذلك لاكتشافه بُعد العناصر الحدية في الطبيعة.٨٨ ومع ذلك لم ينكر وجود نظام طبيعي شامل يمكن للعلم اكتشافه. كان حدسيًّا في فلسفته الرياضية ومهاجمًا في أيامه الأخيرة النزعة المنطقية عند رسِل وبيانو. ثم ظهر الوعي التاريخي العلمي عند بيير دوهيم في موسوعته الضخمة «نظام العالم» التي يعطي فيها تاريخًا لتصورات الكون منذ قدماء اليونان حتى القرن الرابع عشر دون إثبات تكوين خاص للوعي الأوروبي بالطبيعة إلا أنه أرسطي أو أرسطي مضاد.٨٩ وقد تبنى كفيلسوف للعلم نظرة صورية للنظرية العلمية مؤداها أن النظرية هي حساب نافع يمكِّننا من التنبؤ بمسار التجرِبة، ولكن عناصرها لا تشير إلى شيء. فالنماذج التي يصور العلماء من خلالها وَحداتهم العلمية مجرد عوامل نفسية مساعدة. وبمزيد من البراهين تُبنى النظريات من أجل الحصول على تنبؤات. فإن لم يحدث التنبؤ تنهار النظرية كلها وليس فقط أحد جوانبها. العلم بناء نظري لا شأن له بالواقع وإن كان ينكسر عليه في حالة عدم أدائه للغاية وهو التنبؤ. وترجع أهمية جوليو كوري إلى المساهمة مع زوجته في اكتشاف النشاط المشع والإلكترون واستخدام الطاقة الذرية،٩٠ ثم تحول من الوعي العلمي إلى الوعي السياسي، ومن عالِم الطبيعة إلى داعية السلام. ولما كان ماديًّا جدليًّا شيوعيًّا يبرز سؤال: إلى أي حد يستطيع العالم أن يكون أيديولوجيًّا، وهل هناك صلة بين الرؤية العلمية والولاء الأيديولوجي؟ ثم حاول جاستون باشلار رفع فلسفة العلم إلى مستوى التحليل النفسي بل والنقد الأدبي.٩١ بدأ يبحث تطور مشكلة الفيزياء، انتشار الحرارة في الأجسام الصلبة، ثم انتقل منها إلى فلسفة العلم باعتبارها تصورًا تقريبيًّا للطبيعة. ثم حلل بعض موضوعات فلسفة العلم مثل القيمة الاستقرائية للنسبية، والتعددية المتسقة في الكيمياء الحديثة، والحدوس الذرية، وتجرِبة المكان والنشاط العقلي في الفيزياء الحديثة، والمادية العقلانية، والعقلانية التطبيقية، لينتقل منها إلى الرُّوح العلمية الجديدة التي هي أقرب إلى الفلسفة وموضوعاتها مثل النفي والحدس واللحظة، ثم إلى الفلسفة التي تجمع بين الطبيعة والشعر فتتحول فلسفة العلم إلى شعر للطبيعة في التحليل النفسي للنار، ولهب الشمعة، وشعر المكان، وشعر الأحلام، والماء والأحلام، والهواء والرؤى، والأرض والإصلاح والإرادة، والأرض والأحلام والراحة. وبالتالي تعود فلسفة العلم إلى العناصر الأربعة الأولى القديمة، بالإضافة إلى بُعد الشعور في صورة اللاشعور.
وفي إنجلترا عرض سير آرثر إدنجتون فلسفة العلم التقليدي بناء على معطيات العلم الحديث.٩٢ فوصف طبيعة العالم الفيزيائي، والعالم الممتد المستمر في النمو عن طريق تشعب المَجرات وشَغلِها حيزًا أكبر. كما حاول بيان الطرق الجديدة التي يسلكها العلم الحديث وفلسفة العلوم الفيزيائية، فبالرغم من اعتمادها على العقل إلا أنها لا تستبعد الإيمان، بل إن العقل إحدى قواعد الإيمان. وكما حاول باشلار رفع العلم إلى مستوى الصور الشعرية، كذلك حاول إدنجتون رفع العلم إلى مستوى المثالية الذاتية، فكان ممثلًا للمثالية الفيزيقية الحديثة. سمى فلسفته «الذاتية الانتقائية» تحت أثر كانط ورَسِل والوضعية المنطقية أو «البنيوية». ويمكن استنباط قوانين الطبيعة من مفاهيم قَبْلية تجريبية دون اللجوء إلى التجرِبة البَعدية. وقد انتهى إلى الأعداد الفيثاغورية والنزعات الصوفية. وسار معه في نفس التيار المثالي جيمس جينز وهو يبحث الخلفية الجديدة للعلم، ويحدد الصلة بين الفيزياء والفلسفة.٩٣ عرض المثالية الفيزيائية الحديثة من خلال نظرية الكوانتوم والنسبية. وفي أمريكا أكد إرنست ناجل على بنية العلم وعلى أهمية المنطق والمنهج العلمي في فلسفة العلم.٩٤ كما بيَّن أوبنهايمر أهمية الحس المشترك والذهن المتفتح وسعة الأفق في العلم.٩٥ وكشف عن صلة العلم بالعالم، والنظر بالممارسة. وضع ضمير العالم وسط وعيه بالعلم دون تمييز بين العالم والمسئولية. فالعلم موقف من الحياة وليس فقط من الطبيعة. وفي نفس الوقت الذي يبحث فيه المكان والزمان والذرة فإنه يحلل أيضًا الحرب والسلام والعَلاقات بين الشعوب.
وارتبطت فلسفة العالم أيضًا بعلوم الحياة، خاصة علم النفس والجهاز العصبي، كمدخل لنظرية المعرفة من أجل تأسيس نظرية المعرفة التكوينية وعلوم السيبرنيطيقا. ففي إسبانيا نقد رامون تُورو إي داردر التصور الآلي والآلي الجديد للدورة الدموية وعلم النفس الذاتي والميتافيزيقي، ورجع إلى الظروف البيئية.٩٦ رفض الاعتراف بوجود ماهيات مستقلة وفي نفس الوقت أبقى على الحالات النفسية غير مشروطة بالبنيات الفيزيقية. فالظواهر الجسمية والشعورية لا ارتباط بينهما وإن كانت في عَلاقة متبادلة. أعاد التساؤل الكانطي من جديد في الفلسفة النقدية واضعًا تقابلًا بين النظرة الذاتية والنظرة الموضوعية للعالم. ومع ذلك يقوم العلم على افتراضات فلسفية مما يدعو إلى فحص الأفكار الفلسفية الأولى. وأسس بياجيه علم النفس التكويني لربط نظرية المعرفة بالعمليات النفسية كحل وسط بين التصورات القبلية عند العقليين والارتباطات الحسية عند التجريبيين٩٧ فالمفاهيم المنطقية تتكون نفسيًّا في الشعور عند الطفل. وضرب لذلك المثل بمفاهيم الزمان والمكان والحركة والسرعة. فارتبط المنطق بعلم نفس الطفل. وفي نفس الاتجاه ولفرض مخالف أنشأ فينر علم السيبرنيطيقا.٩٨ ويهدف العلم إلى اختراع حاسبات آلية تقوم مقام الجهاز العصبي، فالمخ نموذج مصغر للآلة. كما درس آثار ذلك على الحياة الإنسانية، الأخلاقية والدينية. ونشأ مفكرون آخرون يجمعون بين كل شيء، فلسفة العلم، وفلسفة الدين، والأدب، والاجتماع، تحليل الحاضر والماضي واستشراف المستقبل. يعبرون عن رُوح العصر وأزمته، ويجدون حلولًا له غالبًا ما تكون دينية صوفية. ومن أمثال هؤلاء ألدوس هكسلي الذي حاول صياغة «فلسفة خالدة» تتجاوز الزمان والمكان، فلسفة لكل العصور، فيها من كل علم فكرة.٩٩ وهي فلسفة انتقائية في إطار من الإيمان الصوفي تخاطب التجرِبة البشرية، وترتكز على العناصر الثابتة فيها، مما يدل على رغبة الوعي الأوروبي في وحدة المعرفة متجاوزًا التجزئة والتشتت والتبعثر التي أدت إلى الحيرة والقلق والتردد وعدم الثبات.

(٢) الفلسفة التحليلية

وهي آخر ما أبدعه الوعي الأوروبي. تجمع بين المنهج والفلسفة، بين النظرية والتطبيق. وتدل على رغبة دفينة في التفكيك، ورؤية المتناهي في الصغر، ونشأة الفكر ليس فقط من خلال الحس والتجرِبة، كما هو الحال في التيار الحسي التجريبي في الفلسفة الحديثة، أو في الوضعية المنطقية في الفلسفة المعاصرة، بل أيضًا في وسيلة التعبير عنه في اللغة وعَلاقة اللغة بالأشياء. لذلك امتدت الفلسفة التحليلية كمنهج إلى تحليل التصورات وتحليل الألفاظ وتحليل الانطباعات الحسية. وإذا كان الوعي الأوروبي في الذروة قد اتجه نحو التركيب والتجميع فإنه في النهاية اتجه نحو التحليل والتفكيك مما يدل على نهاية النهاية. وقد انتشرت الفلسفة التحليلية أساسًا في إنجلترا مهد التيار الحسي التجريبي التقليدي، وفي أمريكا موطن البرجماتية والذرائعية، وفي النمسا مهد الوضعية المنطقية. وظهرت في إنجلترا في مدرستي كمبردج وأكسفورد بالرغم من أن الأولى أوسع نطاقًا من الثانية. هذا بالإضافة إلى بعض الفلاسفة التحليليين المستقلين عنهما معًا. وفي أمريكا انتشرت الفلسفة التحليلية حول هارفارد وغيرها من الجامعات الأمريكية. فالوعي القومي البريطاني هو الذي قاد الفلسفة التحليلية، وتبعه في ذلك الوعي القومي الأمريكي.

وأهم فلاسفة مدرسة كمبردج: مور، رَسِل، فِتْجِنشتَين، وِزدم. عارض مور المثالية الذاتية وفندها، كما عارض الواقعية الجديدة.١٠٠ فالإدراك الحسي يتضمن الوعي والموضوع المستقل عنه في آنٍ واحد. وقد يكون الموضوع فيزيقيًّا حسيًّا وقد لا يكون، فهو لفظ مشترك. وبالرغم من أن نظريته في المعرفة تجريبية إلا أنه يرفض النتائج المتولدة عنها مثل الشك. يلجأ إلى الحس المشترك، إدراك الرجل العادي الذي يوحد بين الصور الذهنية والأشياء المرئية، الحس المشترك هو الذي يثبت العالم، ولا يعني ذلك إنكار عالم مثالي رُوحي والحكمة الإلهية وأفعالها وأمور المعاد. كما صاغ منهجًا للتحليل المنطقي، ووضع أسس نظرية التحليل التي كان لها أبلغ الأثر عند وِزدم ورايل من مدرسة أكسفورد، وفي الوضعية الجديدة بوجه عام. وقد طبقها في موضوعات الأخلاق، فالخيرية ليست صفة طبيعية في الأشياء يمكن إدراكها من خلال الحواس، ومع ذلك يمكن إدراكها بحدس أخلاقي. هي فكرة بسيطة لا يمكن تحليلها إلى ما هو أبسط منها بعكس الأفكار الأخرى مثل الصواب والواجب، ومع ذلك لا يمكن تحديد هذه التصورات. إنما تثير العبارات الأخلاقية انفعالات في المتكلم والسامع لأوامر ونواهي انقسمت عليها المذاهب الأخلاقية بين المدرسة الانفعالية وهي الوضعية والمثالية التي تقوم بتحليل التصورات الأخلاقية. فإذا كان مور في المعرفة تجريبيًّا فإنه في الأخلاق حدسي، طبيعي في المعرفة، مثالي في الأخلاق. يعود إلى ديكارت والحس البديهي، ويصطنع منهج تحليل اللغة بين المتكلم والسامع، ويكشف عن الرغبة في شق طريق ثالث بين المثالية من ناحية والوضعية بكل أشكالها من ناحية أخرى. ويُعتبر رَسِل أهم فلاسفة التحليل على الإطلاق.١٠١ استمر نشاطه الفلسفي عبر قرن من الزمان. بدأ رياضيًّا منطقيًّا وانتهى سياسيًّا اجتماعيًّا أخلاقيًّا بعد حربين أوروبيتين طاحنتين، مما يدل على أن العالِم مواطن، وأن العلم وطن. ولم تستمر مرحلة المنطق والرياضة بعد نهاية الحرب الأولى، ولم تزد على أربعة مؤلفات، في حين استغرقت المرحلتان الثانية والثالثة من بداية القرن حتى وفاته. أغرته المثالية أولًا ثم رفضها وانتسب إلى الواقعية. ففي المرحلة الأولى الرياضية المنطقية في مبادئ الرياضيات، وبناء على تعادل المعنى والإشارة، نحصل على وحدات فعلية ما دمنا نستعمل الكلمات استعمالًا صحيحًا بما في ذلك لغة الرياضة. ونتيجة لذلك نحصل على صورة للعالم من خلال الحس المشترك. ثم يتم تحليل بنيتها المنطقية فيما بعد. فالرياضة مثل الهندسة منطق، المنطق شباب الرياضة، والرياضة رجولة المنطق. ويحاول رَسِل شق طريق ثالث بين الصورية والحدسية، ويجده في البنية المنطقية. نقطة البداية المنطق والرياضة وليس مُثُل أفلاطون، مسلَّمات أو نماذج أو أنواع. ويتم البناء المنطقي للأشياء من خلال المادة الحسية. فالعالم المادي أيضًا بناء منطقي من خلال الإدراك الحسي للطبيعة كما صورتها الفيزياء قبل النظرية النسبية. لا يوجد جوهر مفكر كما هو الحال عند ديكارت بل واحدية محايدة. والعبارات جمل ذرية تعطي أقل عدد ممكن من الوقائع. وفي المرحلة الفلسفية الثانية يؤكد رَسِل على أهمية المعرفة العلمية والتكنولوجيا العلمية والمجتمع العلمي. والعلم هو أساس دراسة الدين. لذلك نشأ الصراع بين العلم والدين في الغرب نظرًا لقيام الدين على العقائد والتاريخ والمؤسسات الكنسية. المعرفة العلمية هي أحد جوانب المعرفة الإنسانية بآفاقها وحدودها، سواء في استعمال اللغة أو في احتمال قوانينها أو في مصادراتها. وكما أن الرياضة منطق فالمعرفة أيضًا منطق، منطق العَلاقات ومنطق الإشارة. ويتم التعبير عنها باللغة. ويحلل رسِل اللغة ويعتبرها المدخل إلى المعنى والحقيقة. كما يعالج موضوع الحقيقة كفيلسوف نظري خالص ويراجع المعنى البرجماتي لها. ويستعرض أمهات المشاكل الفلسفية كالظاهر والحقيقة، والوجود والمادة، والكليات والجزئيات، والحقيقة والكذب، والصواب والخطأ. وينهي ذلك كله بكتابه «تاريخ الفلسفة الغربية» في عَلاقاتها بالظروف السياسية والاجتماعية مؤرخًا للوعي الأوروبي ومؤكدًا تاريخيته. ويكرر نفس المحاولة في «حكمة الغرب». وفي المرحلة الثالثة يتوجه رَسِل بكل ثقله إلى النقد الاجتماعي والسياسي. فوظيفة الفلسفة هي الشك في الموروث والتحول من الأحلام والتمنيات إلى الوقائع والموجودات، ومن الخرافة إلى العقل، ومن التسلط إلى الحرية، ومن التعصب إلى التسامح. بل إنه يدافع عن الحريات الفردية إلى درجة الفوضوية كرد فعل على النظم الشمولية الفاشيَّة والنازية والبُلشفية.. ويتجه إلى نقد المجتمع الغربي والحضارة الغربية والأخلاق الأوروبية ليؤسس الثقافة المضادة. مهمة الفلسفة دفع الإنسانية إلى التقدم بعيدًا عن القطعية اليمينية أو اليسارية. كما أنها ليست علمًا متخصصًا بل وسيلة لتربية الجمهور العريض، تدخل في معارك السياسة، وتدافع عن المضطهدين، وتساعد على التنوير واتساع الأفق، فهي المعلم الأول للبشرية، والفيلسوف في حوار مستمر مع معاصريه من القادة والسياسيين ليبصِّرهم بعواقب الأمور. ويحاول رَسِل أن يرسي قواعد لإعادة البناء الاجتماعي عن طريق فلسفة سياسة تقوم على الدوافع، وأهمها اثنان: التملك والإبداع. يقوم القهر السياسي على الأول والتحرر الإنساني على الثاني. التملك خاص والإبداع عام. لذلك اهتم رَسِل بالتربية كوسيلة لتحقيق المشروع السياسي. فالتربية هي وسيلة تحقيق الحياة السعيدة، ونمو الشخصية وتحررها من الخوف والأنانيَّة والتملك، وتربية ملكات الإبداع والنمو الثقافي، من أجل خلق مواطنين أحرار للعالم. قد يقف النظام الاجتماعي عقبة في سبيل ذلك مثل الطبقة الاجتماعية والثروة والدين والتقاليد. ويعطي نماذج تطبيقية في موضوعات الزواج والسعادة. فالزواج إشباع للرغبات وليس تحقيقًا لنداء مقدس تجنبًا للمحرمات. ويحلل أسباب الشقاء في المنافسة والملل والتعب والحسد والإحساس بالذنب والاضطهاد والخوف. ويحدد أسباب السعادة في التعاطف والعمل والجهد والهواية والتذوق. وبالنسبة للدين فإن وجود الله وخلود النفس في أحسن الأحوال احتمالات منطقية، ولا توجد براهين تجريبية عليها. لذلك نقد المعتقدات الدينية ليس فقط بسبب عدم إمكانية البرهنة عليها بل أيضًا لأنها مضادة لتقدم البشرية والسعادة الإنسانية، كما فعل هيوم من قبل ولكن على أساس منطقي رياضي رصين. فالإنسان لا يتعبد إلا حرًّا بعيدًا عن قهر المعتقدات والشعائر والمؤسسات الدينية، وبعيدًا عن دوافع الخوف والطمع، ووسائل الترهيب والترغيب. لذلك يعلن رَسِل أنه ليس مسيحيًّا. ويبلغ مشروعه السياسي الذروة في دفاعه عن الحرية الفردية ضد استغلال الرأسمالية وعثرات الاشتراكية ومآسي القومية. ويبحث عن طريق للحرية بعيدًا عن النظامين السياسيين المسئولَين عن الحربين العالميتين في عصره. وبعد زيارته للاتحاد السوفيتي عام ١٩٣٠م بيَّن مزايا البُلشفية وعيوبها في التحرر المنقوص. وقد استعرض التاريخ السياسي للغرب مبينًا كيف كانت الأنظمة السياسية كلها ضد الحرية الفردية منذ نابليون ومِترنِخ والاستعمار الحديث والنازية والفاشيَّة بما في ذلك النظم الاحتكارية الأمريكية. لذلك يحلل مفهوم «القوة» باعتباره المفهوم الرئيسي في العلوم الاجتماعية، القوة الدينية والمَلكية والثورية، وكيف يمكن ممارستها في النظم الديمقراطية والشمولية وباقي النظم السياسية، وكيف يمكن تنظيمها وترشيدها. ويظل جوهر المشكلة السياسية هو الحرية الفردية في مواجهة النظام الاجتماعي. ولا أمل في تغيير العالم إلا بإعادة عَلاقة الإنسان مع نفسه متحررًا من الخوف والمصادفة، ومع الطبيعة بعيدًا عن الصراع معها، ومع الآخرين فيما وراء التسلط والعنصرية والتعصب والطغيان. عندئذٍ يستطيع المجتمع الإنساني أن يعيش بناء على قواعد أخلاقية مسيطرًا على انفعالاته في العالم بعيدًا عن التهديد النووي وجرائم الحروب. فلسفته، حياته وعصره سطرهما في سيرة ذاتية ثلاثية: ما قبل الحرب الأولى، وما بين الحربين، وما بعد الحرب الثانية، تجعل من الفلسفة أساسًا الشهادة على العصر.
أما فِتْجِنشتَين فبالرغم من اختلاف مرحلته الأولى عن الأخيرة إلا أن اهتمامه الأول كان منصبًا على اللغة؛ منظورها، وحدودها، والنتائج المترتبة على استعمال الفيلسوف لها.١٠٢ ففي «الرسالة» اللغة وسيلة للتمثل، ووسيلة للإيصال كيف تكون الأشياء في العالم، فالعالم تمثل. المادي الخالص لا يمكن إيصال رسالة منه. العالم مجموع الوقائع والمواقف أو الأمور المعقدة. ولكن التحليل يحيلها إلى وقائع فكرية، وَحَدات صغرى، لا يمكن تحليلها إلى أصغر منها، يعتمد بعضها على البعض. وفي مقابل ذلك القضايا الذرية التي تعطي الوقائع الذرية تصاويرَ، لكل جزء تصوير، والكل له بناء منطقي. وكل القضايا حقائق وظيفية. اللغة مقاطع واتفاقات ومواصفات. ليست كل اللغة تصاوير. فهناك تحصيل الحاصل في المنطق والمعادلات في الرياضة التي لا تدلنا على شيء في العالم. ولا يعني ذلك أنها لا تعني شيئًا. وفي «الفحوص» اللغة أداة اجتماعية متطورة في المجتمع لخدمة أغراض متعددة متفاعلة مع باقي مظاهر النشاط الاجتماعي، لا توجد لغة خاصة، فكل لغة ظاهرة اجتماعية. واللغة علاج نفسي للمتكلم يتطابق من خلالها مع السامع والمجتمع. وقد ركز في مؤلفاته الأخيرة على اللغة في الحياة اليومية التي تعبر عن حياتنا العقلية والعاطفية ضد ثنائية النفس والبدن والنظرة السلوكية. يتضح من ذلك أن تحليل اللغة هو الوسيلة لمعرفة الصلة الرمزية بين الكلمات والأشياء حلًّا لمعظم مشكلات الفلسفة التقليدية التي تجاوزت حدود اللغة. وتتعدد المستويات في اللغة: المستوى النفسي عند المتكلم الذي يعبر عما يقصد باللغة، والمستوى المعرفي الخاص الذي يبدو في العَلاقة بين الأفكار والكلمات والجمل، والمستوى العلمي الذي يضمن صدق الإيصال وصحة استعمال القضايا من حيث مضامينها، وأخيرًا المستوى المنطقي الذي يحدد الصلة بين واقعة وأخرى أو عبارة وأخرى حتى يمكن تحويلها إلى رمز. فاللغة هي وسيلة الخروج من الثنائية القديمة بين عالم الأذهان وعالم الأعيان. واللغة كتصوير قد تقترب إذا ما دفعنا الأمر أكثر من ذلك إلى التصوير الفني والبعد الجمالي الذي يربط بين الفكر والواقع. وإن تطور فتجنشتين الفلسفي من تحليل اللغة الخالصة إلى التحليل الاجتماعي للغة في الحياة اليومية، إذا ما دفعنا الأمر أكثر من ذلك قد تتحول الفلسفة التحليلية إلى فلسفة اجتماعية وسياسية أكثر اتصالًا بالواقع كما هو الحال عند رَسِل. ولكن تقطيع فكر فتجنشتين إلى فقرات مرقمة أفقدها سيولة الفكر وحوله إلى موزايكو غير قادر على التأثير. وقد تأثر جون وِزدَم بفتجنشتين، ودافع عن أحد تأويلاته الذرية المنطقية لرَسِل وفتجنشتين مبينًا أن وحدات بعينها مثل الموضوعات المادية ليست إلا أبنية منطقية من عناصر أساسية مثل المادة الحسية، وأنه يمكن ترجمة عبارات الأولى إلى الثانية.١٠٣ استعمل وِزدم المنهج التحليلي للنظر في العَلاقة بين اللغة وعالم الأشياء كما فعل فتجنشتين في نظرية «التصوير»، ثم طبقه في أمهات المشاكل الفلسفية مثل الصلة بين النفس والبدن ومشكلة الإدراك أو التصور، ثم طبقه لدراسة موضوع «الأذهان الأخرى» التي تعادل موضوع العَلاقات بين الذوات في الظاهريات والوجودية الظاهراتية، هل هي ممكنة أم مستحيلة؟ ومنها يتم الانتقال إلى معرفة المستقبل ومعرفة الماضي ومعرفة العالم في مقابل معرفة الشيء المادي المباشر. ويربط وِزدم المنهج التحليلي بالتحليل النفسي لدراسة الأحكام الخلقية والجمالية والاحتمال ومستويات العَلاقات المنطقية، كما يطبقه في المشكلات الفلسفية التقليدية مثل وجود الله وحرية الإرادة والاعتقاد الديني وهي المسائل التي اعتبرها البعض خارج دائرة الملاحظة والتجرِبة والتي اعتبرها البعض الآخر مسائل لا إجابات عليها. فهناك فرق بين التناقض في القول والاهتمام في الفكر، والوقوع في الأول لا يعني إلغاء الثاني، والممكن في الفكر قد يكون هو الواقعي في العالم، فالتناقض في القول أساس الاكتشاف في الفكر ورؤية الواقع.
وإذا كانت مدرسة كمبردج قد ضمت مجموعة من فلاسفة التحليل تمثل الوضعية المنطقية، وتعتبر الفلسفة تحليلًا منطقيًّا للغة الحية المتنازع عليها وليس اللغة المصطنعة، فإن مدرسة أكسفورد ضمت مجموعة أخرى من الفلاسفة في نفس الاتجاه ولكن يضعون تحليل اللغة في إطار أعم من تحليل المعرفة. وكان فلاسفتها أيضًا على اتصال بكمبردج لدرجةِ وصْفِهم أيضًا بأنهم من أنصار كمبردج، ولكن بالمعنى العام وليس بالمعنى الخاص. وأشهرهم أيضًا أربعة: أوستين، رايل، آير، شتراوسون. كانت مهمة أوستين تطبيق مناهج علم النصوص القديمة ومعاييره في بعض الميادين العادية غير الفنية في الخطاب الإنجليزي المعاصر من أجل إيضاح التصورات عن طريق العناية الفائقة في استعمال الكلمات التي هي أدوات التعبير.١٠٤ حلل المنطوق الأمري ولغة الاعتذار في الحياة اليومية، وميز بين الخطاب المتجه إلى الفعل والخطاب المتجه إلى التأثير في الآخرين، ثم يضع أوستن هذه التفرقة في نظرية أعم للغة يحدد فيها ثلاثة أنواع من الخطاب من حيث هو فعل: فعل القول المفيد، فعل القول الأمري الذي يقتضي الفعل ويحتوي على أمر، فعل القول التأثيري الذي يهدف إلى إحداث أثر على الآخر مثل مضايقته.١٠٥ وقد أدى ذلك إلى اتهام مدرسة أكسفورد عامة، وأوستين خاصة، بالإغراق في تحليل لغة الحياة اليومية. والحقيقة أن محاولته تقترب من تحليل الأصوليين القدماء لأنواع الخطاب الذي يعتمد بدوره على تحليل علماء اللغة لضروب الكلام. ويقترن اسم أوستين بناشره أرمسون.١٠٦ وهو فيلسوف لغةٍ استعرض تاريخ الفلسفة التحليلية بين الحربين، خاصة عند رَسِل في «الذرية المنطقية»، وفتجنشتين في «الرسالة»، بالإضافة إلى نظريات ستِبِنج ورامزي ووِزدَم. كما أنه عرض تطور النظرية الانفعالية في الأخلاق منذ بدايتها عند أوجدن وريتشاردز في «معنى المعنى» حتى صياغتها الأخيرة عند ستيفنسن في «الأخلاق واللغة» مبينًا العناصر الإيجابية فيها باعتبارها تفكيرًا في الأخلاق.١٠٧ أما رايل فقد بدأ نشاطه الفلسفي بمقاله «التعبيرات النمطية الكاشفة» في ١٩٣٢م.١٠٨ وظيفة الفلسفة الكشف عن العبارات والشعارات القائمة على بناء خاطئ والتي تقوم على نظريات متناقضة.١٠٩ ثم دخل في حوار مع ديكارت في «مفهوم الذهن» لينقد الثنائية المشهورة بين النفس والبدن وضد تصوره للإنسان، الشبح الآلة. وحاول تأسيس المذهب السلوكي تحليليًّا عن طريق تحليل الأفكار سلوكيًّا. وأعاد تحليل المعرفة والإرادة والانفعال والحس والخيال والعقل بعيدًا عن الأسطورة الديكارتية. ثم عاد إلى تحليل اللغة من خلال عبارات تشير إلى الفعل في الماضي والمستقبل وليس فقط في الحاضر إجابة على سؤال: إلى أي حد تكون قضايا المستقبل صحيحة دون الوقوع في القدرية وبالاعتماد على الحس المشترك؟ كما أكد أهمية الأثر الشِّفاهي في السلوك الذي يتجاوز الأوامر المكتوبة. واعتبر النظريات مجرد اتجاهات فكرية تعبر عن أغراض متداخلة. ويسقط هذا الموقف الفلسفي على تاريخ الفلسفة الغربية منذ أفلاطون. مهمة الفلسفة في النهاية هو حل المعضلات الناشئة عن الفهم الناقص لوسائل المعرفة، ومن ضمنها أشكال النحو وأخطاء المقولات. ثم قدم آير النظرية الأساسية الوضعية المنطقية في كتابه الشهير «اللغة والحقيقة والمنطق» كواسطة بين ندوة فيينا والوضعية المنطقية الجديدة.١١٠ تناول موضوعات الواقع والإدراك والاستقراء والمعرفة والمعنى والأذهان الأخرى. ثم عدَّل بعض مواقفه في الطبعة الثانية في ١٩٤٦م. كان أول من عرض نظريات كارناب ونوآرث بالإنجليزية مستعينًا بالمنهج التحليلي لتوضيح الخلط الذي يمكن أن ينشأ من استعمال اللغة. انتسب إلى مبدأ التحقق كما عرضه كارناب مع التمييز بين التصديق القوي والتصديق الضعيف في النظر وفي العمل حتى يمكن التحقق من صدق قضايا التاريخ، والتي تشير إلى الحوادث الماضية. لذلك ميز بين القضايا التي لا يمكن التحقق من صدقها بالتجرِبة مثل القضايا الدينية والأخلاقية والجمالية والقَبْلية، وبين القضايا التي يمكن التحقق من صدقها بالتجرِبة. ليست مهمة الفلسفة الدخول في هذه القضايا الأولى وتبديد طاقاتها في معرفة ما لا يُعرف، بل مهمتها النقد والتحليل. لذلك استبعد الميتافيزيقا والقضايا القبلية وطبق مناهج التحليل اللُّغوي على قضايا الدين والأخلاق. وما أيسر إيجاد حل معضلات الفلسفة ومشاكلها الرئيسية عن طريق تحليل اللغة. بدأ بتحليل المادة الحسية ورفض مأزق التمركز حول الذات الديكارتي. دافع عن الإدراك الحسي ضد اتهام المثاليين له بالخطأ. وفي نفس الوقت يرفض حجج الشُّكَّاك لإنكار إمكانية المعرفة على الإطلاق أو الصحيحة منها. فالمعرفة ممكنة من خلال الإدراك والتذكر والتجارِب المشتركة كما هو الحال في الظاهريات. ويعيد قراءة تاريخ الفلسفة من المنظور التحليلي، ويتناول مسائل الميتافيزيقا اعتمادًا على الحس المشترك. ويكتب كتابين يخلد بهما عَلَمين لهما أكبر الأثر عليه: رَسِل وهيوم دون كارناب وفِتْجِنشتَين. وأشفع ذلك كله بسيرة ذاتية جزئية عن مساره الفلسفي. وأخيرًا حلل شتراوسون العبارات التي لها معاني ولكن لا تضم أحكامًا، وبالتالي لا تحتوي على أية قيمة حقيقية، مثل بعض العبارات التي نقولها في التَّرحاب لكسر الجليد وللترابط الاجتماعي.١١١ إذ لا يمكن استبعاد العبارة من السياق في التحليل. كما درس العَلاقة بين اللغة العادية والمنطق الصوري، الأولى معقدة والثاني بسيط. وهي عَلاقة المتشابه والمحكم، والمؤوَّل والظاهر، والمجمَل والمبيَّن، والمطلق والمقيد في علم أصول الفقه عند القدماء. ولا يحتاج الاستقراء إلى تبرير لشرعيته لأنه يجمع بين المطلبين في آنٍ واحد. وقد عرض نفس الموضوع في الميتافيزيقا في عَلاقة الفكر بالعالم، أو كما يقول القدماء عَلاقة عالم الأذهان بعالم الأعيان. فالموضوعات المادية جزئيات أساسية في عَلاقة ما يمكن اعتباره أساسًا للتعرف على كل الأشياء. وهو موقف جديد يدل على اتجاه قديم مما يكشف عن الأبعاد الثلاثة في الوعي الأوروبي وحيرته أمامها: الفكر، والواقع، واللغة.
وحول فلاسفة التحليل يظهر فلاسفة آخرون أقرب إلى نظرية المعرفة والمنطق منهم إلى التحليل مثل: برايس، هِير، هامبشير في إنجلترا؛ لافجوي، بريدجمان، سوزان لانْجر، جودمان، كواين، كرِيبكه في أمريكا؛ لوكاشيفيتش، تارْسكي في بولندا. فقد قدم برايس نظرية في المعرفة للعالم الخارجي يتفق فيها مع رَسِل في أن المعرفة تبدأ بالمادة الحسية، ولكنه يرفض التصورين العِلِّي والتمثُّلي للمدركات الحسية.١١٢ وبالرغم من أنه يؤخذ دائمًا على أنه ظاهري فإنه يرفض الظاهرية مؤكدًا أن الأشياء المادية تتجاوز قدراتها إحداث انطباعات حسية فحسب، ومحللًا المعرفة في عَلاقتها بالتجرِبة الحسية من ناحية، وبالرموز اللُّغوية وغير اللُّغوية من ناحية أخرى، وعلى ما هو معروف في مشكلة الكليات التقليدية. هناك تفكير وهناك تجرِبة، والمعضلة هي تحديد الصلة بينهما عن طريق اللغة والرمز. وطبَّق هير المنهج التحليلي في علم الأخلاق رافضًا حجج المذهب الطبيعي ومؤكدًا أن الأحكام الخلقية ليست وصفية بل أمرية نظرًا لأنها موجَّهة نحو الفعل وموجَّهة له، كما هو الحال في مباحث الأمر والنهي في علم الأصول.١١٣ واستطاع هامبشير في نظريته في المعرفة وآرائه في الميتافيزيقا والأخلاق والفلسفة الخروج من عالم الفكر واللغة إلى الأشخاص والأشياء في العالم الخارجي.١١٤ ولا يمكن تحليل العالم باعتباره مجرد إحساسات. فالوعي بالذات هو وعي بالعالم. ليست الشخصية مجرد عقل متأمل بل تعبر عن نفسها من خلال الإرادة والفعل، وتمارس حريتها من خلال معرفة العوامل التي تمنع النوايا الطيبة من التأثير في العالم. وبالرغم من إمكانية إعادة النظر في مفهوم الخير وتفسيره بطرق متعددة إلا أنه لا غنى عنه كدافع على الفعل. ولا يكفي التحليل اللُّغوي وحده للأحكام الخلقية لتأسيس علم الأخلاق والدخول في التحليلات اللُّغوية المتناهية في الصغر بل لا بد من الارتفاع على مستوى الفلسفة والفكر الخالص وتجاوز الثنائيات المعروفة في الوعي الأوروبي بين النظر والعمل، الفكر والسلوك، المجرد والعيني، الأبدي والزمني، الداخل والخارج، الذات والموضوع، الثابت والمتغير. ليس الوضوح والدقة مطلبين في ذاتهما وإلا تحوَّل الفكر إلى مسطحات ومعادلات رياضية. قد تتطلب لغة الأخلاق المتشابهات والمؤوَّلات لإفساح المجال للحرية الإنسانية للاختيار بين البدائل. وبالتالي كان المنطق الرياضي غير منطق الأخلاق.
وفي أمريكا أرخ لافجوي للثورة ضد الثنائية الديكارتية أو الكانطية من أجل ضم الفم المفتوح في الوعي الأوروبي عن طريق شق طريق ثالث يجمع بين الطرفين مثل النسبية الموضوعية أو الصيرورة عند هوايتهد أو التوحيد بين الذهن والمادة عند رَسِل.١١٥ وميز بين الداخل والخارج، بين عالم الأذهان وعالم الأعيان ضد التطابق الذي وقع فيه المثاليون والتجريبيون على حد سواء، إما لحساب التصور أو لحساب الإدراك الحسي. كما أرخ لمفهوم «المَلاء» منذ أفلاطون ليبين أن كل الإمكانيات الفعلية متحققة في هذا العالم. واعتبر بريدجمان كل مقولات المعرفة مجرد أدوات إجرائية ليس لها قِوام من ذاتها،١١٦ فأسس نوعًا من المثالية الذاتية أو الإجرائية لا فرق في ذلك بين الفلسفة والفيزياء. وتابع كواين كارناب، وحاول الجمع بين المنطق والفلسفة دون اهتمام بالغ بتحليل اللغة.١١٧ بدأت شهرته ببحث «عقيدتان في التجريبية» ١٩٥١م. فالتجريبية لا تسمح بالتمييز بين التحليلي والتركيبي، أو تقبل مفهوم تعادل المعنى وهو ضروري لبرنامج الاختزال عند كارناب. نموذجه للنظرية العلمية هو النسيج المترابط، ومراجعة كل جزء في ضوء التجرِبة. ولا يمكن لأية تجرِبة لفظ أي جزء. والجملة بمفردها ليس لها معنًى بديل «الكلمة والشيء»، والترجمة الحرفية. قد تعني العبارة أكثر من معنًى. وبالرغم من عدائه للمعاني المتعددة إلا أنه ساهم في نظرية المجموعات وفي الأُنطولوجيا التفسيرية. وقد ساهم كريبكه في تقدم منطق الموجهات ونظرية الحقيقة.١١٨ وطور فلسفة اللغة والميتافيزيقا مؤكدًا أن أسماء الأعلام لها معانٍ بالنسبة إلى ما تشير إليه دون وصف. وبالتالي فهي صحيحة من حيث الإشارة. فالاسم والمسمى مترادفان دون حاجة إلى الذهنية، كما هو الحال عند المثاليين، أو الشيئية، كما هو الحال عند التجريبيين. وقد ارتبط المنطق الرمزي مع اللغة الرمزية مع الفن عند سوزان لانجر.١١٩ بدأت بالرمز في المنطق، وانتهت إلى الرمز في الفلسفة والدين والفن. فالرمز ليس حرفًا هجائيًّا كما هو الحال في الجبر، أو علامة رياضية، بل يكشف عن عاطفة. فهو أحد أشكال التعبير عن العواطف، لا فرق في ذلك بين الفلسفة والدين والفن. وربما ما أراده بول وشرودر ورَسِل وهوايتهد في المنطق الرمزي هو البحث عن أشكال التعبير على مستوى التجريد: الأشكال، البنيات المنطقية، التعميم، الفئات، حساب القضايا. مهمة الفلسفة هو الكشف عن البنية الرمزية للنشاط الذهني الإنساني، والتي هي أساسًا بنية الواقع ذاته. ينطبق التحليل على لغة الرمز وفي شتى ميادين البحث العلمي. وهذا هو موضوع الفلسفة باعتبارها مفتاحًا جديدًا لفك الرموز. تاريخ البشرية هو تاريخ «الصور الرمزية» على ما يقول كاسيرر، وتطورها الحاسم هو الانتقال الجذري من مملكة الحيوان إلى مملكة الإنسان عن طريق اكتشاف عالم الرموز والمعاني. وسار في نفس التيار جودمان لترجيحه الاسمية على الشيئية وهجومه على مفهوم التشابه الذي يموضعه الناس بظنهم أن الصفات الموضوعية توجد مثل الأشياء الفردية في الزمان والمكان.١٢٠ نقد كارناب في مفهوم البناء اللُّغوي للعالم بالرغم من اعترافه بهيمنة تاريخ اللغة، وهو عرض محض، على فكرنا عن العالم.
وكان لمدرسة لافوف-وارسو مساهمة فعالة في تطور المنطق. وهي مجموعة من المناطقة البولنديين والفلاسفة مثل: لوكاشيفيتش، كوتاربنسكي، إدوكيفتش، لِسنيفسكي، شفيستك، وايزبِرج، سلوبِشكي، سوبوشِنسكي، تارسكي، عملوا ما بين الحربين في وارسو ولافوف وكراكوف.١٢١ أسسها تُواردوفسكي. وهي متنوعة الاتجاهات بين مادية عند كوتاربنسكي، وتوماوية جديدة عند سالامينا وبوشنسكي، ووضعية مضافًا إليها الكاثوليكية عند لوكاشيفيتش. ومع ذلك، تشاركوا في صفات عامة مثل: رفض اللاعقلانية وإحصاء المشاكل الفلسفية ومراجعتها منطقيًّا تأكيدًا للعقلانية، أهمية البحث العلمي الدقيق في منطق الاستدلال العلمي، الاهتمام بالسيميوطيقا المنطقية؛ فتطور المنطق الرياضي هو أساس الرياضيات، أهمية مناهج العلوم للسيميوطيقا في تاريخ المنطق، تطوير منطق الموجهات، تأسيس مفاهيم علم ما بعد المنطق، ودراسة العَلاقات المنطقية وعلم المصادرات ونظرية المجموعات. وقد ظهر ذلك بوضوح عند تارسكي الذي ترجع أهميته في الفلسفة إلى ريادته للسِّيمَنطيقا ومنهجه في تحويل العَلاقة بين التعبيرات والموضوعات إلى أنساق، وتعريفه الصوري للحقيقة في لغة صورية منطقية. ولم يكن على يقين من إمكانية تطبيق تعريفه للحقيقة على لغة الطبيعة بالرغم من محاولة فلاسفة آخرين للُّغة استعمال نظرية تاركسي في الحقيقة كأساس لنظرية في المعنى.

(٣) الفلسفة التفكيكية

وفي السبعينيات، وبعد مظاهرات الشباب في أوروبا في مايو ١٩٦٨م، ظهرت محاولات لعمل فلسفة جديدة قادرة على التعبير عن رُوح الثقافة المضادة. ظهرت أولًا «الفلسفة الراديكالية» في فرنسا وألمانيا على يد رؤساء اتحادات الطلاب والمفكرين الشبان تربط الفلسفة بالحاجة، وتصف التجارِب الحية في الحياة اليومية والعَلاقات بين الذوات، ولكنها كانت أقرب إلى المحاولات الأدبية منها إلى العروض الفلسفية. كانت سائلة كالماء، واختفت منها التصورات. كشفت عن البربرية الأوروبية التي تختفي وراء النزعة الإنسانية: أزمة القيادة، غسق الاشتراكية، الفاشيَّة في الحياة اليومية، الأمير الجديد الرأسمالية أو الماركسية، نهاية العقل، ونهاية لحياة، وتحطيم كل شيء.١٢٢ لجأت إلى الداخل دون الخارج، وإلى الانفعالات دون الصياغات. فكانت هروبًا من المواجهة لصالح الشهرة الإعلامية وموضات العصر الفكرية. لم تترك أثرًا كبيرًا، ولم تملأ الفراغ الفلسفي في الثلث الأخير من القرن العشرين. مجرد سباحة في الفضاء.
وقد واكبتها فلسفة أخرى أكثر مهنية وأطول مدة وأبقى أثرًا وأوسع انتشارًا وهي الفلسفة التفكيكية التي قد تكون آخر صرخة للوعي الأوروبي قبل إسدال الستار. ليست الحداثة بل ما بعد الحداثة، وليست البنيوية بل ما بعد البنيوية، وليست الماركسية بل ما بعد الماركسية. وهي تضم تحليل بنية العلوم الإنسانية كما هو الحال عند فوكو وألتوسير، واعتمادًا على بعض جوانب المنهج التحليلي اللُّغوي المعاصر وفلسفة هَيدجر وعدمية نيتشه وأسلوبه وتحليل النفس عند فرويد. نشأت في فرنسا عند أشهر ممثليها دريدا١٢٣ ودولوز.١٢٤ وانتشرت بعد ذلك نسبيًّا في الولايات المتحدة واليابان تسابقًا بينهما في العصرية والحداثة. وهي نهاية المشروع الغربي الذي بلغ الذروة عند فيورباخ، وهو تحويل «الثيولوجيا» إلى «أنثروبولوجيا»، ثم عند نيتشه الذي أعلن «موت الإله». تستمر في نفس التيار لتعلن بعد ذلك «موت الإنسان» ذاته حتى لا يبقى شيء، وتبدأ الكتابة من لحظة الصفر، ويموت الكاتب، ويكون العدم هو الأساس. ومع ذلك تبقى اللغة أو الكلام أو النص المدون، وكأن صفة الكلام هي ما تبقى بعد موت الإله وموت الإنسان. بدأ دريدا بهُوسِرل في نشأة الهندسة ثم انتقل من الظاهرة إلى الصوت، وميز بين المعنى واللامعنى مع ميرلوبونتي. ثم فرَّغ الظاهريات من محتواها وحولها إلى فراغ. فالكلام لغة ونحو ومنطق وليس معنًى أو ماهية أو رؤية. والشعر فارغ دائمًا وليس مملوءًا. والشِّفاهي كتابي، والكلام كتابة، والكتابة قواعد. والتعبير تصوير ومجاز وإيماء وإيهام وليس معنًى حقيقيًّا، لكل لفظ معنى. وفي الكتابة يتم اللعب بالحروف، ويتحول الاشتقاق الصوتي إلى مقاطع مكتوبة.١٢٥ ويعتمد على اللغات الفرنسية والإنجليزية والألمانية، بل واللغات الشرقية مثل اليابانية، ليبين اشتقاق الحروف والأصوات. فهو هَيدجر فرنسا بالرغم من عدم تحمل الفرنسية تحليلات الألمانية. ولا فرق في ذلك بين النص الأدبي والنص الفلسفي لدرجة صعوبة الفصل بين النقد الأدبي الحديث عند بلانشو وآرتو وبين الفلسفة التفكيكية عند دريدا. فلا فرق بين الكتابة والقراءة. الكتابة قراءة والقراءة كتابة. فآرتو بالنسبة لدريدا مثل جان جينيه بالنسبة لسارتر. ويجمع رولان بارت بين الاثنين. والبداية من النص وهو في عملية الإخراج وليس بعد العمل المدون. لذلك يعلن دريدا نهاية الكتاب وبداية الكتابة، نهاية الكتاب، والعودة إلى الطبيعة حيث نشأ النص. وسقراط كما سماه نيتشه هو هذا الذي لا يكتب، وكأن دريدا يعيد النظر في عصر التدوين كله في مقابل العصر الشِّفاهي القديم. فالمكتوب هو المقروء. وقراءة النص تتم على نحو موسيقي من أجل الانفعال به، وتحويل النوتة الموسيقية إلى صوت، والدلالة إلى قوة. وكل نص له أثران: ما يبقى وما يسقط، الثابت والمتحول، المعنى الأول والمعاني الثانوية، على ما هو معروف في علم الأصول ومنطق المتشابه. ويمارس دريدا تفكيك النصوص الفلسفية القديمة كي يبدع نصًّا جديدًا يقوم على التفكيك. ويستمد النص من التراث الفلسفي لأفلاطون وديكارت وروسو ونيتشه وهَيدجر وفرويد دون ماركس، ومن التراث الأدبي النقدي عند النقاد المعاصرين، بل ومن الخطاب الساسي الهامشي الآتي من الأطراف مثل نيلسون مانديلا. تكثر أسماء الأعلام الكبرى والصغرى، المعلومة والمجهولة فيتقطع الخطاب التفكيكي ويتشخص. وتتجمع المقالات في كتاب، ويأخذ الكل عنوان الجزء. ونادرًا ما يوجد كتاب واحد يتميز بوَحدة واحدة وببنية واحدة من البداية إلى النهاية. فالكتاب مفكك في تأليفه، والمقال مفكك في فقراته. لا يوجد خط متصل، بداية أو نهاية، مسارًا أو هدفًا. يدور الفكر ويلُف حول نفسه، يأخذ من نفسه موضوعًا، ينعكس على نفسه، ويصبح القارئ والمقروء، الممثل والمتفرج، المبدع والمتلقي. أصبح الفكر أسلوبًا، كتابة بلا معنى، تبدأ من الصفر، وتنتهي إلى الصفر. المصطنع طبيعي، وصيدلة أفلاطون علاج للطبيعة، والدواء للداء. لا يوجد علم أو فلسفة أو فن، بل إعلان النهاية لكل شيء، دق أجراس الموت. لا يوجد موضوع أو منهج أو غاية. لا يوجد افتراض أو تحقق أو نتيجة. كلها ميتات رولان بارت. يهدف التفكيك إلى قلب المائدة على الكاتب والعودة بالنص إلى مرحلة ما قبل الفهم والتعبير، كما هو معروف عند هُوسِرل في «التجرِبة والحكم» فيما سماه «ما قبل الفهم». والتفكيك في هذه المحاولة لا ينتهي إلى شيء، ولا يجد شيئًا، لا معنًى ولا صورة ولا واقعًا. يجد العدم المطلق. التفكيك هو الهدم من الداخل وليس البناء من الخارج، الغوص في علم النفس العدمي والتحليل النفسي لاكتشاف العدم القابع في النفس، أساس الوجود، ولرؤية المَلاء قائمًا على الخلاء. لذلك يعلن دريدا كما أعلنت الوضعية المنطقية من قبلُ نهاية الميتافيزيقا، وعلى خلاف هُوسِرل الذي كان البناء عنده الخطوة الثانية بعد الرد أو التوقف عن الحكم، وعلى عكس البنيوية التي حاولت من قبلُ اكتشاف البناء الصوري المستقل عن العناصر المادية المكوِّنة للظاهرة. التفكيك هو هدم دون بناء ووضع المقطع De قبل كل فعل.١٢٦ تحديد عن طريق السلب لتطهير الوعي الأوروبي من إبداعات المركز وسيادة الطبقة. لذلك كانت أفضل وسيلة لتحديد التفكيك هو السلب. ما الذي لا يكون التفكيك؟ كل شيء. وما التفكيك؟ لا شيء. ولا حاجة إلى السياق. فالمعنى لا يتواصل، والألفاظ جواهر فرادى متجاورة، مفككة متراصة ولا حتى رُوح الإبداع. التفكيك أقرب إلى الهدم منه إلى البناء أو هو بناء مقلوب، بناء سلبي، لا بناء. التفكيك قلب، تباعد، مغايرة، تغاير، أقرب إلى رُوح سارتر منه إلى جابريِل مارسيل، وإلى هَيدجر منه إلى كارل ياسبرز. لذلك تكثر الإحالة إلى هَيدجر. فدريدا هَيدجر فرنسا كما أن هَيدجر هو دريدا ألمانيا. تتحول الميتافيزيقا إلى سيميولوجيا، والذاتية في الموسيقى إلى تصويرٍ شيئِي، كما لاحظ أدورنو في فلسفة الموسيقى الجديدة أنها عَود إلى أرسطو في تحليل النفس وليس الرُّوح، وإلى التعبير عن رُوح المرأة دون الرجل. وإذا أرادت مدرسة «تاريخ الأشكال الأدبية» من قبلُ تحليل النص وتفتيته إلى الوَحَدات الأولى التي تكوَّن منها إلا أن العقلية البُدائية ورؤية الجامع والبيئة الثقافية وراء التركيب.١٢٧ أما هنا فبالرغم من ارتباط التفكيك بالتحليل النفسي إلا أن الرابط بين الأجزاء عدم خالص. ليس المهم في التفكيك هو الإبداع المركزي بل تهميش الإبداع، والبحث عن المركز في الأطراف. لذلك يستعمل دريدا كلمات مثل: الهامش، الإطار، التطفل، كما فعل فوكو من قبل في بحثه عن تاريخ الجنون وليس تاريخ العقل، تاريخ المرضى وليس تاريخ الأصحاء، تاريخ العيادات النفسية وليس تاريخ مراكز الأبحاث العلمية، من أجل قلب العَلاقة بين الأطراف والمركز، بين السلب والإيجاب، بين الهُوية والاختلاف. لذلك كان التفكيك ضد التمثُّل، أي إعادة بناء الموضوع في الذهن، وضد التمثيل، أي إعادة النص على المسرح. ويعلن دريدا نهاية مسرح التَّكرار وبداية مسرح القسوة، نهاية التسطيح وبداية عنف الدلالة، نهاية المعنى وبداية القوة، معلنًا الانتقال من عصر الكوجيتو إلى عصر الجنون، والميتافيزيقا إلى العنف، ومن الكلام الخارجي إلى النفس الباطنية، وكما كشف سارتر عن ذلك في مسرحيته «كين»، وكما يبدو أحيانًا في الارتجال في المسرح المصري والخروج على النص تملقًا لأذواق الجمهور، والإحالات الجنسية والقفشات السياسية. فإذا كان مشروع الفلسفة الحديثة هو التمثل كما وضح عند شوبنهور في «العالم إرادة وامتثال» فقد انتهى بالعودة إلى الأصل قبل التشعب الثنائي الذي وقع فيه الوعي الأوروبي منذ ديكارت وقسمة العالم إلى مدلول ودال، أعلى وأسفل، خيال وواقع، خير وشر، باطن وظاهر، كلام وكتابة، صورة ومادة، مذكر ومؤنث، نفس وبدن، هُوية واختلاف. ويضع دريدا بدلًا من هذه اللغة الثنائية مصطلحات أحادية مثل: الأثر، الباكورة، الدواء. فقلب المحور الرأسي بين الأعلى والأدنى إلى المحور الأفقي بين الأمام والخلف، من جدل الأبدية إلى جدل التاريخ. الأثر يتلاشى ويبقى، والباكورة تُفض وتلد، والترياق داء ودواء. يبحث دريدا عن ألفاظ التفكيك وليس ألفاظ الربط. فهو يؤسس منطق الاختلاف وليس منطق الهُوية. فالأجزاء لها الأولوية على الكل، والهدم قبل البناء. فهل الخلاف هو المعنى الجديد للسقوط والانفصام والخطيئة والرتق كما هو معروف في العقائد المسيحية التي شكلت بنية الوعي الأوروبي وتكوينه، على عكس الحضارة الإسلامية التي تعطي الأولوية للهُوية على الاختلاف كما هو معروف في عهد الذر الأول عند الصوفية؟ هل هو تحول للخطاب اليهودي القديم، الخلاف مع باقي الشعوب، والتغاير مع باقي البشر، والكتابة في ألواح التوراة؟ ويكتب دريدا لفظ الاختلاف بالفرنسية مستبدلًا بحرف e حرف a للدلالة على الفاعلية كما هو الحال في اسم الفعل، كما يفعل هَيدجر في تحويله أيضًا حرف e إلى حرف a في لفظ الوجودي للدلالة على الوجود العام وليس الوجود الخاص، على الأساس وليس على الفرع. لذلك وقعت فلسفة التفكيك في التأويل، كما هو الحال عند الشيعة والصوفية، وكما لاحظ كوربان الذي يجمع بين التيارين الشيعي الصوفي القديم، واللُّغوي الهَيدجري الحديث.
ويربط دريدا بين التركيبية والعرقية الأوروبية كما يربط بين التفكيكية وثورة الأطراف ضد المركز. ففي عنفوان المد الاستعماري الأوروبي والنزعة العرقية ظهرت المذاهب التركيبية الشامخة. في حين يظهر التفكيك في عصر تحرر الأطراف من الاستعمار وتفسخ المركز. وبالتالي تبدو الفلسفة التفكيكية وكأنها مراجعة حساب الوعي الأوروبي لنفسه. ويذكر دريدا لفظ «نهاية الزمان»، ويكثر الإشارة إلى الغرب، وكأن الغرب قد وصل إلى نهايته دون مخلِّص جديد.١٢٨ ويجد دريدا نفسه في موقف اللاأوروبي، ويعتبر نفسه أفريقيًّا. فهو مولود في الجزائر، ويعتبر نفسه يهوديًّا غير يهودي مثل ماركس بتعبير إسحاق دويتشر. وفكريًّا هو ألماني أكثر منه فرنسيًّا، ممثل الهَيدجرية في اللغة الفرنسية. ولما كان تقدميًّا يأخذ صف حركات التحرر فإنه أقرب إلى الأطراف منه إلى المركز. لقد ارتبطت البنيوية بالمركز، كما ارتبط التفكيك بالأطراف. وكما ارتبطت الميتافيزيقا بالرُّوح القومية وبالعنصرية تعلن الأطراف نهاية الميتافيزيقا. وعلى هذا النحو تبدو الفلسفة التفكيكية مراجعة الوعي الأوروبي لذاته، مفكِّكًا نفسه بنفسه ومنتهيًا إلى العدم، ودق أجراس الموت.١٢٩ هل هي بداية جديدة أم بداية النهاية؟ يبدو أن الوعي الأوروبي يبدو الآن كما كانت الحضارة الإسلامية في فترتها الثانية، عصر الشروح والملخصات، عندما تعمل الذاكرة مسترجعة الماضي بعد أن توقفت الحضارة عن الإبداع بعد فترتها الأولى. الوعي الأوروبي الآن يمر بفترة العصر المملوكي التركي، يوجد من عدم، ويُعدم بعد وجود لحضارة المركز. في حين يبشر «التراث والتجديد» بميلاد عصر جديد لحضارة الأطراف.١٣٠
١  «أونامونو والمسيحية المعاصرة»، «قضايا معاصرة»، ج٢، في الفكر الغربي المعاصر ص٣٤٠–٣٤٤.
٢  ميرلوبونتي (١٩٠٨–١٩٦١م) فيلسوف فرنسي. قام بتدريس الفلسفة في عديد من المدارس الثانوية، وبعد الحرب الأوروبية الثانية أصبح أستاذًا في جامعة ليون ثم في السربون ثم في الكوليج دي فرانس. نشر بالتعاون مع سارتر «الأزمنة الحديثة». فرض نفسه على المجتمع الفلسفي برسالتيه «تكوين السلوك» ١٩٤٢م، «ظاهريات الإدراك الحسي» ١٩٤٥م. ومن كتاباته السياسية: «الإنسانية والرعب» ١٩٤٧م، «مغامرات الجدل» ١٩٥٥م. ومن كتاباته في المعنى: «المعنى واللامعنى» ١٩٤٨م، «ثناء على الفلسفة» ١٩٥٤م وهي محاضرته الافتتاحية بعد تعيينه في الكوليج دي فرانس، «علامات» ١٩٦٠م، «العين والعقل» ١٩٦٤م، «المرئي واللامرئي» ١٩٦١م تركه دون أن يتم والذي نُشر بعد وفاته.
٣  ألبير كامو (١٩١٣–١٩٦٠م) فيلسوف وكاتب وروائي فرنسي. نشر مَجلة «المعركة»، وحصل على جائزة نوبل في الأدب ١٩٥٧م. أهم أعماله الفلسفية: «أسطورة سيزيف» ١٩٤٢م. وكان دبلوم تخرجه من مدرسة المعلمين العليا «الزمان والخلود عند أوغسطين وأفلوطين». وله أعمال أخرى تجمع بين الفلسفة والأدب مثل: «العرس»، «رسائل إلى صديق ألماني»، «أخبار حديثة» (ثلاثة أجزاء)، «الإنسان المتمرد»، «الصيف»، «الاتجاه والمكان»، «خطاب السويد». وله أعمال روائية مثل: «الغريب»، «الطاعون»، «السقوط»، «النفي والمملكة». وله أعمال مسرحية مثل: «كاليجولا»، «سوء التفاهم»، «حالة الحصار»، «العادلون»، وله ترجمات وإعداد لأعمال أدبية إنجليزية.
٤  جان بول سارتر (١٩٠٥–١٩٨٠م) أشهر فيلسوف فرنسي ارتبطت الوجودية باسمه. وهو روائي ومسرحي وناقد. درس في السربون ثم مع هُوسِرل في جوتنجن. وفي نهاية الحرب الأوروبية الثانية ظهر كأحد قادة اليسار الفرنسي في باريس. انضم إلى الحزب الشيوعي الفرنسي وأعلن عن تمسكه بالماركسية حتى بعد انفصاله عن الحزب. أسس مع ميرلوبونتي مَجلة «الأزمنة الحديثة». بدأ محاولاته الفلسفية الأولى بدراسته «تعالي الأنا موجود، تخطيط لوصف ظاهرياتي» ١٩٣٦م، «الخيال» ١٩٣٦م، «تخطيط نظرية للانفعالات» ١٩٣٩م، «الخيالي» ١٩٤٠م. ثم صب ذلك كله في «الوجود والعدم» ١٩٤٣م. ثم عبر عنه في «الوجودية فلسفة إنسانية» ١٩٤٨م والذي قبل فيه لفظ الوجودية عنوانًا لفلسفته. وللجمع بين الوجودية والماركسية كتب «نقد العقل الجدلي» الجزء الأول: «نظرية المجموعات العلمية» ١٩٦٠م والجزء الثاني نُشر بعد وفاته، وأيضًا «كراسات لتأسيس الأخلاق» ١٩٨٣م. وله أيضًا «تأملات في المسألة اليهودية» ١٩٥٤م. ثم جمع معظم مقالاته الأدبية والسياسية في عشَرة مجلدات بعنوان «مواقف»: الأول يحتوي على مقدمات الكتب والروايات ١٩٣٥–١٩٤٥م، والثاني مقولاته المشهورة بعنوان «ما هو الأدب؟ ١٩٤٨م، والثالث كتاباته السياسية في فرنسا وأمريكا وأفريقيا ١٩٤٩م، والرابع رسمه لشخصيات المفكرين والأدباء ١٩٥٠–١٩٦٠م، والخامس عن الاستعمار والاستعمار الجديد ١٩٥٤–١٩٦٢م، والسادس عن مشاكل الماركسية ١٩٥٠–١٩٥٤م والسابع عن نفي الموضوع ١٩٥٣–١٩٦٤م، ثم الثامن والتاسع والعاشر.
أما أعماله المسرحية والروائية فهي رسائل أدبية للتعبير عن آرائه الفلسفية؛ فمن الروايات: «الغثيان» ١٩٣٨م، «دروب الحرية» (ثلاثة أجزاء: عصر العقل، التأجيل، الموت في الرُّوح). ومن القصص القصيرة: «الحائط»، «الغرفة»، «إروسترات»، «الألفة»، «طفولة رئيس». ومن المسرحيات: «الذباب»، «الباب المغلق»، «الأيادي القذرة»، «موتى بلا قبور»، «المدن الفاضلة»، «الشيطان والإله الطيب»، «كين»، إعادة صياغة مسرحية ألكسندر ديماس «نكراسوف»، «سجناء ألتونا». «الطرواديون» ليوريبيدس. وله أيضًا: «أوجه النقد الأدبي»، «جان جينيه، كاتب مسرحي وشهيد»، «عبيط العائلة»، «جوستاف فلوبير» ١٨٢١–١٨٥٧م، «نداء إلى المثقفين»، «مسرح المواقف»، «مذكرات حرب عابثة»، ثم كتب سيرة ذاتية في «الكلمات» ١٩٦٦م وأكملها في «بودلير» جزءان ١٩٧٧م بعد أن كان قد نشر بودلير ١٩٤٧م.
٥  جابريِل مارسيل (١٨٨٩–١٩٧٣م) فيلسوف كاثوليكي وجودي فرنسي. بدأ بنشر «اليوميات الميتافيزيقية» ١٩١٤–١٩٢٣م مع ملحق «الوجود والموضوعية» الذي يُعَد أول كتاباته النظرية. وله «ميتافيزيقا رويس» ١٩١٧-١٩١٨م ليكشف عن ارتباط الوجودية بفلسفة الرُّوح. ولكن أعماله الرئيسية: «الوجود والمِلكية» ١٩٢٨–١٩٣٤م، «رفض العبث» ١٩٤٠م، «الإنسان الحي، مقدمات لميتافيزيقا الأمل» ١٩٤١–١٩٤٤م، «وضع السر الأُنطولوجي وتناولاته العينية» ١٩٤٩م، «سر الوجود» ١٩٤٩-١٩٥٠م (جزءان: «التأمل والسر»، «الإيمان والواقع»)، «الإنسان المُشْكل» ١٩٥٥م، «الكرامة الإنسانية» ١٩٦٤م، «البشر ضد الإنساني» ١٩٥١م، «الحضور والخلود» ١٩٥٩م. أما مسرحياته فمثل: «الكواتيور من مقام فا الكبير»، «النظرة الجديدة»، «ميت الغد»، «المُصَلَّى الحامي»، «نحو مملكة أخرى»، «الرسول علامة الصليب»، «الشوكة»، «انموا تكاثروا»، «زمني ليس زمنك»، «عشق الحس المشترك»، «البعد المتوهج»، «رجل الله»، «القلوب الشرهة»، «روما لم تعد في روما»، «قلب الآخرين»، «العتبة اللامرئية»، «طريق كريت»، «محطم الأقانيم»، «الفنار»، «العالم المكسور».
٦  كارل ياسبرز (١٨٨٣–١٩٦٩م) أحد الفلاسفة الوجوديين الألمان. بدأ كعالم تحليل نفسي في كتابه الأول «علم النفس المرضي العام» ١٩١٣م، ثم انتقل إلى فلسفة الوجود في «فلسفة» ١٩٣٢م (ثلاثة أجزاء). وأهم أعماله الأخرى: «سترِندنبِرج، فان جوخ، هولدرلِن، سويدنبُرج» ١٩٢٢م، «نيتشه» ١٩٣٦م، «نيتشه والمسيحية» ١٩٤٦م، «العقل والوجود» ١٩٣٥م، «كشف حساب ووجهات نظر» ١٩٣٦–١٩٤٠م، «الإيمان الفلسفي» ١٩٣٧م، «فلسفة الوجود» ١٩٣٧م، «الحقيقة والرمز» ١٩٤٧م، «المدخل إلى الفلسفة» ١٩٥١م، «الخلود» ١٩٥٨م، «الفلاسفة العظام» ١٩٥٦م. وفي السياسة: «الذنب الألماني» ١٩٤٠-١٩٤١م، «العقل والخبل في عصرنا» ١٩٥٣م، «القنبلة الذرية ومستقبل الإنسانية» ١٩٥٨م، «الحرية وإعادة التوحيد» ١٩٦٠م، وله أيضًا: «ديكارت والفلسفة» ١٩٣٧م، «الموقف الرُّوحي لعصرنا» ١٩٣١م، «نشأة التاريخ ومعناه»، «فكرة الجامعة»، «علم نفس تصورات العالم» ١٩١٩م. وله سيرة ذاتية بعنوان «تاريخ حياة» ١٩٥٣م. انظر أيضًا دراساتنا: «وداع الفيلسوف، كارل ياسبرز يرثي نفسه»، قضايا معاصرة، ج١: في الفكر الغربي المعاصر ص٣٥٦–٣٧٤، «بين ياسبرز ونيتشه» ص٣٧٥–٣٩٧، «كارل ياسبرز، الرجعية والاستعمار في فكر الفيلسوف الراحل» ص٣٩٨–٤٤١، «كارل ياسبرز، التواطؤ النازي الأمريكي عند الفيلسوف الراحل» ص٤٤٢–٤٦٥.
٧  هَيدجر (١٨٨٩–١٩٧٦م) أشهر فيلسوف وجودي ألماني. كتب رسالته «رسالة في المقولات والمعنى عند دانز سكوت» ١٩١٦م تحت إشراف ريكيرت من الكانطيين الجدد. درَّس في جامعة ماربورج ثم علَّم مع هُوسِرل في جامعة فريبورج، ولم يبرحها طيلة حياته مثل أستاذه هُوسِرل، والذي أشرف على كتابه «الوجود والزمان» ١٩٢٧م. وكان أثر هُوسِرل قد ظهر عليه من قبل في رسالته الأولى «نظرية الحكم في النزعة النفسية» ١٩١٤م. تأثر بكيركجارد ونيتشه، وأعاد قراءة تاريخ الفلسفة كله من خلال المقولات الوجودية، خاصة الفلاسفة قبل سقراط وكانط وهيجل، والشعراء، خاصة هولدرلِن. قبِل الأيديولوجية الاشتراكية الوطنية عندما أصبح رئيسًا لجامعة فريبورج في ١٩٣٣م مما أثار كثيرًا من التساؤلات حول عَلاقته بالنازية. ثم صدر الجزء الثاني «من الوجود والزمان» بعنوان «الزمان والوجود» ١٩٥٩م. وأهم مؤلفاته التي يعيد فيه قراءة تاريخ الفلسفة من منظور الوجود هي: «ما هي الميتافيزيقا؟» ١٩٢٩م، «كانط ومشكلة الميتافيزيقا» ١٩٢٩م، «ظاهريات الرُّوح لهيجل» ١٩٣٠-١٩٣١م، «المدخل إلى الميتافيزيقا» ١٩٣٥م، «نيتشه» ١٩٦١م (جزءان)، «هراقليطس» ١٩٥٥-١٩٥٦م، «شلنج» وهو شرح لرسالة شلنج في ماهية الحرية الإنسانية، «تفسير ظاهرياتي لنقد العقل الخالص لكانط». وأهم مؤلفاته التي يجمع فيها بين فلسفة الوجود وتاريخ الفلسفة: «ماهية الأساس» ١٩٢٩م، «هولدرلِن وماهية الشعر» ١٩٢٩م، «رسالة في النزعة الإنسانية» ١٩٤٦م وهو خطابه الشهير إلى بوفريه، «مسائل» (أربعة أجزاء) وتحتوي على معظم دراساته الصغيرة في الخمسينيات والستينيات مثل: «في مسألة الوجود» ١٩٥٥م، «الهُوية والاختلاف» ١٩٥٧م (الجزء الأول)، «ما هي الفلسفة؟» ١٩٥٥م، «هيجل واليونان»، «دعوى كانط في الوجود»، «نظرية أفلاطون في الحقيقة»، «ما هي الطبيعة وكيف تتحدد؟ (الجزء الثاني)، «الطريق الزراعي» ١٩٤٩م، «تجرِبة الفكر» ١٩٤٧م، «هيبل» ١٩٥٨م، «الصفاء» ١٩٥٩م (الجزء الثالث)، «نهاية الفلسفة ورسالة الفكر» ١٩٦٨م، «الداير» ١٩٦٢م، «الظاهريات وفكر الوجود» ١٩٧٠م، مداخلاته في حلقتي بحث تور وزهرنجن ١٩٦٦–١٩٦٩م (الجزء الرابع). وله أيضًا: «طرق الغابة» ١٩٤٩م، «ماذا يعني الفكر؟» ١٩٥١-١٩٥٢م، «محاولات ومحاضرات» ١٩٥٤م. وله أيضًا: «المشاكل الرئيسية للظاهريات» ١٩٢٧م، «التصورات الرئيسية» ١٩٥٢م، «في ماهية الحرية الإنسانية» ١٩٣٠م.
٨  سولوفييف (١٨٥٣–١٩٠٠م) فيلسوف مثالي روسي ولاهوتي وشاعر. بدأ التأليف برسالته «أزمة الفلسفة الغربية» ١٨٧٤م ثم برسالته الثانية «نقد المبادئ المجردة» ١٨٨٠م. وبعد تعيينه أستاذًا للفلسفة في موسكو قام بعدة رحلات إلى إنجلترا ومصر. ثم استقال واستقر في سان بتسبرج حيث ارتبط بدوستويفسكي. ثم غادر البلاد احتجاجًا على الحكم بالإعدام على قتلة القيصر ألكسندر الثاني. ثم بعد عدة رحلات إلى فرنسا وإنجلترا والبلقان استقر في زَغرب بيوغوسلافيا وأعلن ولاءه النهائي للكنيسة الكاثوليكية. وأهم أعماله: «تاريخ الثيوقراطية ومستقبلها» ١٨٨٧م، «الأسس الدينية للحياة»، ١٨٨٢–١٨٨٤م، «روسيا والكنيسة الشاملة» ١٨٨٨م، «المسألة القومية في روسيا» ١٨٨٣–١٨٩١م، «تبرير الخير» ١٨٩٤–١٨٩٧م، «مقابلات ثلاثة» ١٨٩٩-١٩٠٠م، «الوعي الروسي» ١٨٨٣–١٩٠٠م.
٩  برديائيف (١٨٧٤–١٩٤٨م) فيلسوف روسي، وجودي صوفي. عادَى الماركسية الرسمية ثم عارض الثورة في ١٩٠٥م، وهاجر من روسيا بعد الثورة الكبرى. وأهم أعماله: «معنى الخلق، محاولة لتبرير الإنسان» ١٩١٤م، «عصر وسيط جديد» ١٩١٩–١٩٢٣م، «معنى التاريخ، محاولة في فلسفة المصير الإنساني» ١٩٢٣م، «محاولة في الميتافيزيقا الأخروية، الفعل الخلاق والتموضع» ١٩٤١م، «الحقيقة والوحي» ١٩٤٦-١٩٤٧م. «على عتبة العصر الجديد» ١٩٤٧م، «ملكوت الرُّوح وملكوت قيصر» ١٩٤٨م. وله أعمال أخرى تدور حول الوجود والمصير الإنساني والحرية الإنسانية مثل: «خمسة تأملات في الوجود، الوحدة، المجتمع، المشاركة، مصير الإنسان، محاولة في أخلاق التناقض»، «في العبودية وفي حرية الإنسان»، «مصير الإنسان في العالم المعاصر»، «الجدل الوجودي بين الإلهي والإنساني»، «الرُّوح والحرية»، «الرُّوح والواقع». وله أيضًا في الفلسفة السياسية والنقد الاجتماعي: «المسيحية والواقع الاجتماعي»، «المسيحية والمعاداة للسامية»، «في الرُّوح البرجوازية»، «الإنسان والإله»، «الماركسية والدين»، «مشكلات الشيوعية»، «مصادر الماركسية ومعناها». وكتب أيضًا في الأدب «رُوح دوستويفسكي»، وفي الفلسفة عن شخصية «كونستانتين ليونتيف». وله أيضًا سيرة ذاتية «محاولة في سيرة ذاتية رُوحية» ١٩٤٠م.
١٠  لوسكي (١٨٧٠–١٩٦٥م) مثالي روسي. كان أستاذًا للأرثوذكسية في سان بترسبورج. هاجر إلى الولايات المتحدة في ١٩٢٢م مع فرانك (١٨٧٧–١٩٥٠م) وأصبح أستاذًا للأرثوذكسية في نيويورك. أهم أعماله: «الأساس الحدسي للمعرفة» ١٩٠٦م، «العالم باعتباره كلًّا عضويًّا» ١٩١٧م، «دوستويفسكي ورؤيته المسيحية» ١٩٤٥م، «تاريخ الفلسفة الروسية» ١٩٥١م.
١١  روزنزفايج (١٨٨٦–١٩٢٩م) فيلسوف وجودي، يهودي ألماني. درس في جامعات برلين وفريبورج وليبزج. وهو تلميذ لكوهين وصديق حميم لبوبر، شارك معه في ترجمة العهد القديم إلى اللغة الألمانية. كان قاب قوسين من التحول إلى المسيحية لولا أنه شعر بقربه من الله أثناء الصلاة في أحد المعابد اليهودية القديمة في برلين ١٩١٧م. عمله الرئيسي «نجم الخلاص» ١٩٢١م. وله أيضًا «التعليم اليهودي» ١٩١٧–١٩٢٣م. يعالج قضايا التنوير، وينقد التعليم التقليدي. وله بعض الكتابات السياسية على هيجل.
١٢  مارتن بوبر (١٨٧٨–١٩٦٥م) فيلسوف ولاهوتي يهودي. وُلد في فيينا. درس الدين اليهودي والأخلاق في جامعة فرانكفورت حتى صعود النازية، فاضطر إلى ترك ألمانيا في ١٩٣٣م، واستقر في فلسطين في ١٩٣٨م، وأصبح أستاذًا للفلسفة الاجتماعية في الجامعة العبرية. وبعد إحالته إلى التقاعد حاضر خارج إسرائيل، وأصبح أول رئيس للأكاديمية الإسرائيلية للعلم والإنسانيات. وأهم مؤلفاته في المحور الأول: كتابه الشهير «الأنا والأنت» ١٩٢٣م، وأيضًا «بين الإنسان والإنسان» ١٩٢٦–١٩٣٨م، «الحياة حوار» ١٩٢٣–١٩٥٥م، «مشكلة الإنسان» ١٩٣٠م، «معرفة الإنسان، فلسفة العَلاقات بين الذوات» ١٩٥١–١٩٦٣م، «طريق الإنسان طبقًا لتعاليم الخاسيد» ١٩٥٢م. وأهم مؤلفات المحور الثاني: «في اليهودية» ١٩٠٩–١٩٥١م، «الإيمان النبوي» ١٩٤٩م، «نمطان للإيمان» ١٩٥١م، «الخير والشر» ١٩٥٢م، «كسوف الله» ١٩٥٢م، «ملكوت الله» ١٩٣٢م، «إسرائيل والعالم، محاولات في زمن الأزمة» ١٩٢٨–١٩٥٨م. وأهم مؤلفات المحور الثالث: «المقامات العشرة، أقوال خاسيدية» ١٩٤٧م، «الخاسيدية والإنسان المعاصر» ١٩٤٨م، «روايات خاسيدية» ١٩٤٩م، «أسطورة بعل شيم» ١٩٥٤م، «قصص ربي ناخمان» ١٩٥٦م. وله روايتان: «يأجوج ومأجوج»، «من أجل السماء» ١٩٤٥م، مجموعة من الأقوال المأثورة ما بين ١٩٠٢–١٩٦٤م.
١٣  جوشوا هيشيل (١٩٠٧–١٩٧٢م) فيلسوف للدين، ومؤرخ للفلسفة اليهودية. وهو أمريكي من أصل ألماني. أهم أعماله في المحور الأول: «الإنسان ليس بمفرده» ١٩٥١م، «الله باحثًا عن الإنسان» ١٩٥٦م، «الإنسان باحثًا عن الله»، «بين الإنسان والإنسان» ١٩٥٩م، «ما هو الإنسان؟» ١٩٦٣م. وفي المحور الثاني: «قلق الحرية» ١٩٥٩م، «الأرض لله» ١٩٥٠م، «السبت» ١٩٥١م، «الأنبياء» (جزءان) ١٩٦٢م، «إسرائيل صوت الخلود» ١٩٦٧م. وله أيضًا عدة مؤلفات في تاريخ اللاهوت والفكر اليهودي مثل: «لاهوت اليهودية القديمة» (جزءان)، «ابن ميمون» ١٩٣٥م، «مسألة اليقين في فلسفة سَعْديا» ١٩٢٤م، «أبرافانيل».
١٤  ماكس شيلر (١٨٧٤–١٩٢٨م) عالم نفس وأخلاق وفيلسوف دين اجتماعي ألماني، تلميذ أُوكن. ثم انضم في ميونخ إلى جماعة هُوسِرل وأصبح أحد دعاتها. أهم أعماله: «المنهج النفسي والمنهج الترنسندنتالي» ١٩٠٠م، «النزعة الصورية في الأخلاق والأخلاق المادية للقيم» ١٩١٦م، «في الخالد في الإنسان» ١٩٢١م، «ماهية العاطفة وصورها» ١٩٢٣م، «أشكال العلوم والمجتمع» ١٩٢٦م، «وضع الإنسان في العالم» ١٩٢٧م، «تصورات العالم الفلسفية» ١٩٢٩م. وله أعمال متفرقة أخرى مستقلة من أعماله التجميعية الأولى أو مستقلة عنها يبدو فيها التحليل الظاهرياتي للتجارِب الأخلاقية مثل: «أنساق الحَنَق» ١٩١٢م، «الحياء» ١٩١٣م، «الموت والبقاء» ١٩١١–١٩٢١م، «الإنسان والتاريخ» ١٩٢٥-١٩٢٦م، «فكرة السلام والسلمية» ١٩٢٧م، «معنى الألم».
١٥  هيبرلين (١٨٧٨–١٩٦١م) مفكر سويسري. مساهمته الرئيسية في علم التربية، وهو التقليد السويسري العريق منذ بستالوتزي وروسو.
١٦  شترن (١٨٧١–١٩٣٨م) عالم نفس وفيلسوف ألماني. مساهمته الرئيسية في تأسيس علم النفس الفردي وعلم نفس الطفل وعلم النفس التطبيقي. أهم أعماله: «علم النفس والشخصانية» ١٩١٧م، «الشخص والشيء» (ثلاثة أجزاء)، «فلسفة العصر الحاضر تضع ذاتها».
١٧  فريزر (١٨١٩–١٩١٤م)، كيرد (١٨٧٥–١٩٠٨م)، وارد (١٨٤٣–١٩٢٥م)، بلفور (١٨٤٣–١٩٢٥م)، كوك ويلسون (١٨٤٩–١٩١٥م)، سوفلي (١٨٥٥–١٩٣٥م)، كار (١٨٥٧–١٩٣١م).
١٨  لاد (١٨٤٢–١٩٢١م)، بوكهام (١٨٦٤م–؟)، براونسون (١٨٠٣–١٨٧٦م)، هيوتون كولكنز (١٨٦٣–١٩٣٠م)، ويلسون (١٨٦٤–١٩٤١م)، يوتس (١٨٦٧م–؟)، فلولنج (١٨٧١–١٩٦٠م)، كنودسن (١٨٧٣–١٩٥٣م)، برايتمان (١٨٨٤–١٩٥٣م)، هاريس (١٨٣٥–١٩٠٩م)، باتريك (١٨٣٧–؟).
١٩  باون (١٨٤٧–١٩١٠م) فيلسوف أمريكي وأستاذ الفلسفة في بوسطن. درَّس الأخلاق والدين، وكان له أثر كبير على نشأة الشخصانية وصياغتها في أمريكا. أهم أعماله: «الميتافيزيقا» ١٨٨٢م، «فلسفة التأليه» ١٨٨٧م، «نظرية الفكر والمعرفة» ١٨٩٧م، «الشخصانية» ١٩٠٨م، «كانط وسبنسر» ١٩١٢م، «رسائل تاريخية» ١٨٦٩م. «غاية تصنيف العلوم وأهميته» ١٨٨٦م، «مهام الشخصانية والمسيحية» ١٩٣٩م، «المسيحيون في مواجهة مشكلة السلام» ١٩٣٩م.
٢٠  هاويسون (١٨٣٤–١٩١٦م) أستاذ الفلسفة في كاليفورنيا.
٢١  جولينكس (١٦٢٥–١٦٦٩م) فيلسوف هولندي من أتباع مالبرانش.
٢٢  لينياك (١٧١٠–١٧٦٩م) فيلسوف فرنسي شخصاني.
٢٣  مونييه (١٩٠٥–١٩٥٠م) فيلسوف فرنسي، شارك في المقاومة، وساهم في حركة الديمقراطية والسلام العالمي، وأسس مجلة «رُوح» في ١٩٣٢م. أهم أعماله: «فكر شارل بيجي» ١٩٣١م، «ثورة شخصانية وجماعية» ١٩٣٤م، «من المِلكية الرأسمالية إلى المِلكية الإنسانية» ١٩٣٦م، «بيان لصالح الشخصانية» ١٩٣٦م، «الشخصانية والمسيحية» ١٩٣٩م، «المسيحيون في مواجهة مشكلة السلام» ١٩٣٩م، «المواجهة المسيحية» ١٩٤٤م، مونتالامبير» ١٩٤٥م، «حرية بشروط» ١٩٤٦م، «رسالة في الشخصية» ١٩٤٦م، «المدخل إلى الفلسفات الوجودية» ١٩٤٦م، «ما هي الشخصانية» ١٩٤٧م، «يقظة أفريقيا السوداء» ١٩٤٨م، «الخوف الصغير في القرن العشرين» ١٩٤٨م، «الشخصانية» ١٩٤٩م، «المسيحية نار» ١٩٥٠م. ونُشر بعد وفاته «اليقين الصعب» ١٩٥١م، «أمل المتشائمين» ١٩٥٣م.
٢٤  بودوان (١٨٩٣م–؟) فيلسوف شخصاني سويسري.
٢٥  روس (١٨٧٧–١٩٤٠م) عالم أرسطي بريطاني، وناشر ومترجم لأعمال أرسطو، والمعِد لطبعات أكسفورد لها. ترجم كتاب «الميتافيزيقا»، «الأخلاق إلى نيقوماخوس». كما شرح «الميتافيزيقا» وكتاب «الطبيعة». ونشر كتاب «الميتافيزيقا» لثيوفراسطس. وعُرف أيضًا بتخصصه في الأخلاق.
٢٦  جرابمان (١٨٧٥–١٩٤٩م) قسيس ألماني ومؤرخ للفلسفة في العصر الوسيط. علَّم في أيشتات وفيينا وميونخ. أهم أعماله: «تاريخ المناهج المدرسية» ١٩٠٩م، «الحياة الرُّوحية في العصر الوسيط» ١٩٢٦م، «أعمال القديس توما الأكويني» ١٩٣١م.
٢٧  بيير تِيَّار دو شاردان (١٨٨١–١٩٥٥م) جِزوِيتي فرنسي، جيولوجي وفيلسوف. حاضَر في العلم الطبيعي الخالص في كلية الجِزوِيت بالقاهرة. ومنذ ١٩١٨م كان أستاذًا للجيولوجيا في المعهد الكاثوليكي بباريس. اشتهر بدراساته عن الكون وتكويناته الأولى في الصين وآسيا الوسطى. ولكن نظرًا للحكم على نتائج دراساته بمعارضتها للعقائد المسيحية مُنع من التدريس، ونُشرت مؤلفاته بعد وفاته في عدة مجلدات يضم كلٌّ منها عدة دراسات على سنوات متفرقة في موضوع واحد. وأهم أعماله: «ظهور الإنسان» ١٩١٣–١٩٥٤م، «العلم والمسيح» ١٩١٩–١٩٥٥م، «مستقبل الإنسان» ١٩٢٠–١٩٥٢م، «رؤية الماضي» ١٩٢١–١٩٥٥م، «الوسيط الإلهي» ١٩٢٦-١٩٢٧م، «الطاقة الإنسانية» ١٩٣١–١٩٣٩م، «الظاهرة الإنسانية» ١٩٣٨–١٩٤٠م، «تنشيط الطاقة» ١٩٣٩–١٩٥٥م، «مكان الإنسان في الطبيعة» ١٩٤٩م.
٢٨  جاك ماريتان (١٨٨٢–١٩٧٣م) فيلسوف فرنسي ولد في باريس، وتعلم في مدرسة هنري الرابع في السربون. درس مع برجسون، ثم تحول إلى الكاثوليكية في ١٩٠٦م. كما درس علم الأحياء مع دريش سنتين، وفلسفة توما الأكويني مع الأب كليفيساك. وكان أستاذًا في المعهد الكاثوليكي للفلسفة في ١٩١٤م، وفي معهد دراسات البحر الأبيض في تورنتو في ١٩٢٣م. وحاضر في عديد من الجامعات الأمريكية. وتدور مؤلفاته حول الفن والفلسفة والدين والأخلاق والسياسة. ففي الفن: «الفن والمدرسية» ١٩٢٠م، «حدود الشعر» ١٩٢٦م، «موقف الشعر» بالاشتراك مع زوجته رايسه. وفي الفلسفة: «عناصر فلسفية» في عدة مجلدات منها: «مقدمة عامة للفلسفة»، «نظام التصورات»، «سبعة دروس في الوجود»، «فلسفة الطبيعة»، محاولة نقدية في حدودها وموضوعها»، «رسالة قصيرة في الوجود والموجود». وله أيضًا: «الفلسفة البرجسونية، دراسات نقدية» ١٩١٤م، «من برجسون إلى توما الأكويني»، «المعلم الملائكي»، «حلم ديكارت» ١٩٢٩م، «مصلحون ثلاثة: لوثر، ديكارت، روسو» ١٩٢٥م. وفي نظرية المعرفة: «التمييز من أجل التوحيد أو درجات المعرفة» ١٩٤٣م، «تأملات في الذكاء وفي حياته الخاصة»، «في الفلسفة المسيحية»، «العلم والحكمة»، «أربع محاولات في الرُّوح في عَلاقتها بالبدن». وفي الدين: «فكر القديس بولس»، «اعتراف الإيمان»، «أولوية الرُّوحي»، «اقترابات من الله». وفي الأخلاق والسياسة والاجتماع والحضارة: «الدين والحضارة» ١٩٣٩م، «في النظام الزمني وفي الحرية»، «خطاب في الاستقلال»، «مسائل ضمير»، «غسق المدنية»، «خلال المأساة»، «نحو الإنسانية المتكاملة» ١٩٣٣م، «المسيحية والديمقراطية» ١٩٤١-١٩٤٢م، «مبادئ لسياسة إنسانية» ١٩٣٨–١٩٤٠م، «من أجل العدالة»، «اليهود بين الأمم»، «من خلال النصر»، «حقوق الإنسان والقانون الطبيعي»، «الفلسفة الخلقية»، «التربية في مفترق الطرق» ١٩٤٢م، «من أجل فلسفة في التاريخ» ١٩٥٦م، «الإنسان والدولة» ١٩٥٠م، «تأملات في أمريكا» ١٩٢٠–١٩٢٦م.
٢٩  بوشنسكي (١٩٠٢–؟) وُلد في بولندا، وانضم إلى الدومينيكان، وأصبح أستاذًا للفلسفة في جامعة فريبورج بسويسرا في ١٩٤٥م. أرخ للمنطق ونظَّر له. وكتب في تاريخ الفلسفة. وأهم أعماله: «تاريخ الفلسفة المعاصرة في أوروبا».
٣٠  فيتر (١٩١١–؟) فيلسوف كاثوليكي نمساوي جِزوِيتي، وأستاذ في المعهد البابوي في روما.
٣١  تولستوي (١٨٢٨–١٩١٠م) كاتب وروائي روسي ومفكر وفيلسوف، وفنان ومعلم ومربٍّ في النصف الثاني من القرن التاسع عشر ورد فعل عليه في ذروة الرأسمالية وإرهاصات الثورة الروسية كثورة خلاصية بقيادة البرجوازية. علَّم نفسه بنفسه ودرس اللغات الشرقية والقانون في جامعة كازان. وعاش حياة اللهو حتى ١٨٥١م حتى انضمامه إلى الجيش في القوقاز. شارك في حرب القرم. وكتب «قصص سيباستوبول» التي نالت شهرة كبيرة. وبعد إقامته في سانت بترسبورج وفي الخارج حيث درَّس مناهج التربية في مدرسته التي أقامها لتعليم أطفال الفلاحين. تزوج في ١٨٦٢م وأنجب ثلاثة عشر طفلًا. أدار إقطاعياته بنفسه ومارس مشروعاته التربوية واعتنى بفلاحيه. وكتب أثناء ذلك «الحرب والسلام» ١٨٦٥–١٨٦٨م، «أنا كارينينا» ١٨٧٤–١٨٧٦م، «اعترافات» ١٨٧٩–١٨٨٢م، «القوزاق»، «موت إيفان إيليتش وقصص أخرى»، «البعث». ثم أصبح عقلانيًّا أخلاقيًّا. وبعد ١٨٨٠م كتب عدة بيانات رافضًا الدولة والكنيسة، وزاهدًا في مطالب الجسد، ومنكرًا للمِلكية الخاصة. لاقت تعاليمه انتشارًا واسعًا في روسيا وخارجها. ولكن حرَمته الكنيسة في ١٩٠١م. وتُوفي أثناء هربه من المنزل إلى محطة القطار. وأهم أعماله الفلسفية والدينية بالإضافة إلى أعماله الروائية: «فحص اللاهوت العقائدي» ١٨٨٠م، «ماذا أُومِن به؟» ١٨٨٣م، «ملكوت الله في النفس» ١٨٩١م، «طريق حياة» ١٩١٠م. وله أيضًا: «طفولة، وصبا، وشباب» ١٨٥٢–١٨٥٧م، «في التربية» ١٨٦٢م، «ما الفن؟» ١٨٩٤م، «في العصيان المدني واللاعنف» ١٨٩٤–١٩٠٤م.
٣٢  بلوندل (١٨٦١–١٩٤٩م) فيلسوف فرنسي. بدأ حياته الفلسفية برسالته المشهورة «الفعل» ١٨٩٣م. وله أيضًا «الفكر» (جزءان) ١٩٣٤م، «العمل» ١٩٣٤–١٩٣٧م (جزءان)، «مشكلة الفلسفة المسيحية» ١٩٣٢م، «الفلسفة والرُّوح المسيحية» ١٩٤٤–١٩٤٦م (جزءان)، «المتطلبات الفلسفية للمسيحية» ١٩٤٩م، «الوجود والموجودات» ١٩٣٤م، «خطاب في مطالب الفكر المعاصر في موضوع الدفاع عن العقيدة وفي منهج الفلسفة في دراسة المشكلة الدينية» ١٨٩٦م، «الوهم المثالي» ١٨٩٨م، «التاريخ والعقيدة» ١٩٠٤م، «في القيمة التاريخية للعقيدة» ١٩٠٥م، «في قلب الأزمة التحديثية»، «نضال من أجل المدنية وفلسفة السلام» ١٩٣٩م. ولما كان بلوندل يَدين لأستاذه أوليه لابرون بفلسفة الحياة فقد كتب عنه مجلدين «ليون أوليه لابرون» ١٩٢٣م يبين فيهما نشأة فلسفته واكتمالها. كما حاول تأصيل فلسفته في العَلاقة بين الله والإنسان في فكرة «السر الجوهري عند لَيبنتز» ١٩٣٠م يشرح فيها هذه المعضلة في تاريخ الفلسفة، والتي تكشف عن واقعية عليا. وله عدة مذكِّرات ورسائل متبادلة مع معاصريه مثل «مذكِّرات خاصة» ١٨٨٣–١٨٩٤م، «رسائل فلسفية» ١٨٨٧–١٩١٣م، «مراسلات بلوندل» (جزءان) ١٨٩٩–١٩١٢م، «مراسلات فلسفية بلوندل لابرتونيير» ١٨٩٤–١٩٢٨م. وقد جُمعت بعض مقالاته ودراساته بعد وفاته في «دراسات بلوندية» (ثلاثة أجزاء) ١٩٥١م. وما زالت كثير من أوراقه مخطوطة في جامعة إكس في جنوب فرنسا حيث عاش هناك طيلة حياته.
٣٣  وليم تمبل (١٨٨١–١٩٤٤م) أسقف يورك. كتب في فلسفة الدين: «الرُّوح الخالق»، «الطبيعة، والإنسان، والله»، «المسيح هو الحقيقة».
٣٤  بول إلمر مور (١٨٦٤–١٩٣٧م) مفكر وفيلسوف أمريكي. حاضَر في عدة جامعات. وأصدر مَجلة «الأمة». وأهم مؤلفاته: «التراث اليوناني»، «التناول الشكي للدين».
٣٥  رينهولد نيبور (١٨٩٢–١٩٧١م) فيلسوف ولاهوتي أمريكي. حصل على شهاداته الجامعية من جامعة ييل في ١٩١٤-١٩١٥م. ثم عمل راعيًا في دترويت. وأصبح أستاذًا للأخلاق المسيحية في نيويورك من ١٩٢٥م حتى سن التقاعد في١٩٦٠م. تدور معظم مؤلفاته في الأخلاق والسياسة، أي في اللاهوت الاجتماعي مثل: «الإنسان الأخلاقي والمجتمع اللاأخلاقي» ١٩٣٢م، «فيما وراء المأساة» ١٩٣٧م، «طبيعة الإنسان ومصيره» (جزءان) ١٩٤١م، «الإيمان والتاريخ» ١٩٤٥م، «أطفال النور وأطفال الظلمة» ١٩٤٤م، «سخرية التاريخ الأمريكي» ١٩٤٩–١٩٥١م، «طبيعة الإنسان وتجمعاته» ١٩٦٥م. وله أيضًا مجموعة من المؤلفات يحلل فيها المجتمع الأمريكي ويعطيه الأمل في الخلاص مثل: «تصور أمة»، «بنية الأمم والإمبراطوريات»، «أمريكا التقية والعلمانية»، «الأنا ودراما التاريخ»، «الواقعية المسيحية والمشاكل السياسية»، «التجرِبة الديمقراطية» ١٩٦٩م. ويتعرض فيها لبعض التجارِب السياسية في العالم الثالث.
٣٦  بودان (١٨٦٩–١٩٥٠م) فيلسوف أمريكي وُلد في السويد وهاجر إلى أمريكا في ١٨٨٦م. درس مع رويس وكان صديقًا له. أهم أعماله: «الزمان والواقع» ١٩٠٤م، «الحقيقة والواقع» ١٩١٢م، «عالم واقعي» ١٩١٦م، «التطور الكوني» ١٩٢٥م، «ثلاثة تفسيرات للعالم» ١٩٣٤م، «الله» ١٩٣٥م، «العقل الاجتماعي» ١٩٤٠م.
٣٧  بول تيليش (١٨٨٦–١٩٦٥م) فيلسوف ألماني هاجر إلى أمريكا هربًا من النازية. وُلد في بروسيا، وكان أستاذًا للفلسفة واللاهوت في جامعة ماربورج، درسدن، ليبزج، فرانكفورت. وكان زعيمًا للحركة الدينية الاشتراكية، مما أدى إلى صراعه مع النازية. اضطُر إلى مغادرة ألمانيا بعد وصول هتلر إلى السلطة. درَّس في المعهد اللاهوتي في نيويورك من ١٩٣٣–١٩٥٥م، ثم أصبح أستاذًا في هارفارد، وفي ١٩٦٢ أستاذًا في شيكاغو. وأهم أعماله في المحور الأول: «على الحدود» ١٩٤١م، «زعزعة الأسس» ١٩٤٢م، «شجاعة الوجود» ١٩٥٢م، «الوجود الجديد» ١٩٥٥م، «الآن الأبدي» ١٩٥٦م، «ديناميات الإيمان» ١٩٥٧م، «بحثي عن المطْلَقات» ١٩٦٥م، «الحب والقوة والعدالة» ١٩٥٤م، «موقف العالم» ١٩٤٥م، «العصر البروتستانتي» ١٩٢٢–١٩٤٦م. وفي المحور الثاني: «اللاهوت المذهبي» (ثلاثة أجزاء): الأول «العقل والوحي، الوجود والله» ١٩٥١م، والثاني «الوجود والمسيح» ١٩٥٧م، والثالث «الحياة والرُّوح، التاريخ وملكوت الله» ١٩٦٣م، «دين الكتاب المقدس والبحث عن الواقع الأقصى» ١٩٥٥م. ويظهر تاريخ الفكر الديني في: «تاريخ الفكر المسيحي منذ المصادر اليهودية حتى الوجودية» ١٩٦٣م، «لاهوت الحضارة» ١٩٥٩م، «المسيحية في مواجهة ديانات العالم» ١٩٦٢م.
٣٨  إريك فروم (١٩٠٠–١٩٨٠م) فيلسوف ألماني هاجر إلى أمريكا مثل بول تيليش. وُلد في فرانكفورت، ودرس علم الاجتماع في جامعات هيدلبرج وفرانكفورت وميونخ. وحصل على الدكتوراه من جامعة هيدلبرج في ١٩٢٢م. درس التحليل النفسي وأصبح من كبار المستشارين في علم النفس النظري والعملي مطبقًا نظرية التحليل النفسي في مشكلات المجتمع والحضارة. هاجر إلى الولايات المتحدة في ١٩٣٣م كأستاذ زائر في معهد التحليل النفسي بشيكاغو، وأصبح مواطنًا أمريكيًّا وعضوًا في عديد من الجمعيات العلمية الأمريكية. وأهم مؤلفاته في المحور الأول: «التحليل النفسي والديني» ١٩٥٠م، «الإنسان لنفسه» ١٩٤٧م، «فن الحب» ١٩٥٦م، «قلب الإنسان» ١٩٦٤م، «ثورة الأمل» ١٩٦٨م. وله أيضًا: «عقيدة المسيح»، «اللغة المنسية»، «تصور ماركس للإنسان»، «رسالة سيجموند فرويد»، «بوذية الزِّن والتحليل النفسي»، «ستكون مثل الآلهة». وفي المحور الثاني: «الهروب من الحرية» ١٩٤١م، «المجتمع السليم» ١٩٥٥م، «ليت الأولوية للإنسان» ١٩٦١م، «ما وراء أغلال الوهم» ١٩٦٢م، وأشرف على ندوة «الإنسانية الاشتراكية» ١٩٦٥م.
٣٩  كارل بارت (١٨٨٦–١٩٦٩م) لاهوتي سويسري ذائع الصيت بين الاجتماعيين التشاؤميين. ويضم عمله الكبير «اللاهوت الكنسي» ثلاثة أجزاء: الأول: «عقيدة كلمة الله» ١٩٣٢م (مجلدان): الأول «مقدمات إلى اللاهوت العقائدي»، والثاني «انتشار الرُّوح القدس» ثم «الكتاب ووعظ الكنيسة». والثاني «عقيدة الله» ١٩٤٠م (مجلدان) وظهر الثاني ١٩٤٢م. والثالث «عقيدة الخلق» (ثلاثة مجلدات): الأول «عمل الخلق» ١٩٤٥م، وصدر الثاني في ١٩٤٨م، ثم «المخلوق» ١٩٤٨م، وصدر الثالث في ١٩٥٠م ثم «الخالق والمخلوق» ١٩٥٠م. وله أيضًا أعمال أولى مثل: «كلام الله والكلام الإنساني» ١٩٣٤م، «مقدمة في اللاهوت الإنجيلي» ١٩٦٢م.
٤٠  ماكس هوركهايمر (١٨٩٥–١٩٧٣م) مؤسس «معهد البحث الاجتماعي» الشهير في فرانكفورت ومديره لمدة طويلة. كان أستاذًا متفرغًا للفلسفة وعلم الاجتماع في جامعة فرانكفورت. أهم مؤلفاته: «في نقد ملكة الحكم لكانط كعنصر ربط بين الفلسفة النظرية والعملية» ١٩٢٥م، «خسوف العقل» ١٩٤٧م، «في نقد العقل الأداتي» ١٩٦٧م، «النظرية النقدية» (جزءان) ١٩٦٨م، «العالم المنظم، حديث» ١٩٧٠م، «العقل والثبات» ١٩٧٠م، «بدايات فلسفة التاريخ البرجوازية» ١٩٧١م، «ملاحظات» ١٩٥٠–١٩٦٩م، «الغسق» ١٩٧٤م. وبالاشتراك مع أدورنو له: «جدل التنوير» ١٩٦٩م، «جوانب علم الاجتماع» ١٩٧٣م. وأعد بالاشتراك مع آخرين: «دراسات في السلطة والعائلة» ١٩٣٦م، «دراسات في التحيز» ١٩٤٩-١٩٥٠م، «شهادات لتيودور أدورنو في عيد ميلاده الستين» ١٩٦٣م.
أدورنو (١٩٠٣–١٩٦٩م) عمل مع هوركهايمر في معهد البحث الاجتماعي بنيويورك، ثم أصبح بعد ذلك أستاذًا في جامعة فرانكفورت. وأهم أعماله: «في نظرية كيركجارد في الحب» ١٩٣٩م، «فلسفة الموسيقى الجديدة» ١٩٤٨م، «الجدل السلبي» ١٩٦٦م، «لغو الأصالة» ١٩٦٧م، «الأخلاق الصغرى» ١٩٥١م، «النقاش الوضعي في علم الاجتماع الألماني» ١٩٦٧م. وبالاشتراك مع هوركهايمر: «جدل التنوير» ١٩٤٤م. وبالاشتراك مع آخرين: «الشخصية التسلطية» ١٩٥٠م، وأعد للنشر «موسيقى القرن العشرين» ١٩٦٠م.
ماركوز (١٨٩٨–١٩٧٩م) درس الفلسفة في برلين وفريبورج، وحاضَر في جامعات كولومبيا وهارفارد، وكان أستاذًا للفلسفة والسياسة في جامعة براندايز، ثم أصبح أستاذًا للفلسفة في جامعة كاليفورنيا بسان دييجو. أهم مؤلفاته: «الفلسفة والثورة» ١٩٢٩–١٩٣٢م، «دراسات في الفلسفة النقدية» ١٩٣٢–١٩٧٠م، «مظاهر النفي، محاولات في النظرية النقدية» ١٩٣٦–١٩٦٧م، «العقل والثورة، هيجل ونشأة النظرية الاجتماعية» ١٩٣٩م، «الحب والمدنية، استقصاء فلسفي في فرويد» ١٩٥٥م، «محاضرات خمسة في التحليل النفسي والنظرية الاجتماعية والسياسة واليوتوبيا» ١٩٥٦–١٩٦٧م، «الماركسية السوفيتية» ١٩٦٣م، «الإنسان ذو البعد الواحد، دراسات في أيديولوجية المجتمع الصناعي المتقدم» ١٩٦٤م، «نهاية اليوتوبيا» ١٩٦٧م، «الحضارة والمجتمع» (جزءان) ١٩٦٥م، «نقد التسامح الخالص» ١٩٦٥م، «أُنطولوجيا هيجل ونظرية التاريخانية» ١٩٦٨م، «أفكار من أجل نظرية نقدية للمجتمع» ١٩٦٩م، «نحو التحرر» ١٩٦٩م، «حولية البحث الاجتماعي» ١٩٧٠م، «الثورة المضادة والثورة» ١٩٧٢م، «البعد الجمالي، نحو نقد لعلم الجمال الماركسي» ١٩٧٧م، «التحليل النفسي والسياسة».
هابرماس (١٩٢٩م–؟) أستاذ الفلسفة وعلم الاجتماع في جامعة فرانكفورت ثم أصبح مديرًا لمعهد ماكس بلانك في شتارنبرج. أهم مؤلفاته: «الطالب والسياسة» ١٩٦١م، «تغيير بنية الإعلام» ١٩٦٢م، «النظرية والممارسة» ١٩٦٣م، «المعرفة والمصالح الإنسانية» ١٩٦٨م، «التقنية والحلم كنظرية» ١٩٦٨م، «حركة الاحتجاج وصورة طالب المدرسة الثانوية» ١٩٦٩م، «في منطق العلوم الاجتماعية» ١٩٧٠م، «العمل والمعرفة والتقدم» ١٩٧٠م، «نحو مجتمع عقلاني» ١٩٧٠م، «أزمة الشرعية في الرأسمالية المتأخرة» ١٩٧٣م، «صورة جانبية فلسفية سياسية» ١٩٧١م، «الحضارة والنقد» ١٩٧٣م، «الاتصال وتطور المجتمع» ١٩٧٦م، «في إعادة بناء المادية التاريخية» ١٩٧٦م، «نظرية المجتمع أو التكنولوجيا الاجتماعية» ١٩٧٦م.
٤١  كان جروسمان عضوًا في الحزب الشيوعي واقتصاديًّا تقليديًّا. عمل في ألمانيا الشرقية أستاذًا للاقتصاد في جامعة ليبزج. وكان نيومان عضوًا فعالًا في الحزب الاشتراكي الألماني حتى نهايته على أيدي الاشتراكيين الوطنيين. ولكنه ظل يعمل محاميًا للاتحادات التجارية الاشتراكية.
٤٢  والتر بنيامين (١٨٩٢–١٩٤٠م).
٤٣  أخذ هوركهايمر تعبير «النظريات النقدية» كعنوان لأهم كتبه، وكذلك ماركوز في كتابه «مظاهر النفي، الفلسفة والنظرية النقدية».
٤٤  كما هو الحال في «القاموس التاريخي والنقدي» لبايل في ١٦٩٧م.
٤٥  وذلك في أولى مؤلفاته «الفلسفة والثورة» الذي عرض فيه لمخطوطات ١٨٤٤م لماركس. انظر دراستنا: «الفلسفة والثورة عند ماركوز»، قضايا معاصرة، ج٢، في الفكر الغربي المعاصر ص٥٠٣–٥٢٥.
٤٦  وذلك في «دراسات في الفلسفة النقدية» ١٩٣٢م، «كارل بوبر ومشكلة القوانين التاريخية» ١٩٥٩م.
٤٧  وذلك في «البعد الجمالي»، «نحو نقد لعلم الجمال الماركسي» و«الثورة المضادة والثورة».
٤٨  وذلك في «الماركسية السوفيتية».
٤٩  وذلك في كتابيه «الجدل السلبي»، «لغو الأصالة».
٥٠  وذلك في كتابه «العقل والثورة»، وأيضًا في «وجودية سارتر» ١٩٤٨م إحدى المحاضرات الخمسة، وأيضًا «الوجود والعدم»، «مفهوم الماهية» في «مظاهر النفي». انظر دراستنا: «هربرت ماركوز: العقل والثورة» في قضايا معاصرة، ج٢، في الفكر الغربي المعاصر ص٤٦٦–٥٠٢.
٥١  وذلك في كتابيهما المشترك «جدل التنوير» الذي ظل مخطوطًا في دوائر اليسار الألماني منذ تأليفه في ١٩٤٤م حتى نشره في ١٩٦٩م.
٥٢  وقد خصص هوركهايمر لذلك كتابه «كسوف العقل» لبيان نفس الشيء ونهاية التنوير. وهو أيضًا ما فعله لوكاتش في «تحطيم العقل».
٥٣  وذلك في كتابه «فلسفة الموسيقى الجديدة» ١٩٤٨م.
٥٤  وقد كتب هابرماس في ذلك كتبًا كثيرة مثل: «البرجماتية الشاملة»، «الاتصال وتطور المجتمع» «تغير بنية الإعلام». وكذلك كتب ماركوز «الإنسان ذو البعد الواحد».
٥٥  وذلك في دراساته: «ما هي البرجماتية الشاملة؟» «المادية التاريخية وتطور البنيات الاجتماعية»، «نحو إعادة بناء للمادية التاريخية»، «التطور الخلقي وهُوية الأنا».
٥٦  وذلك في كتاب «المعرفة والمصالح الإنسانية».
٥٧  انظر دراستنا: «الجامعة والوطن»، الدين والثورة في مصر ١٩٥٢–١٩٨١م، ج١، الدين والثقافة الوطنية ص٣٢٥–٣٦٤.
٥٨  وهو كتاب «الشخصية التسلطية» ١٩٥٠م. وقد أُجريت الدراسة بناء على طلب اللجنة الأمريكية اليهودية في مايو ١٩٤٤م. أما دراسة ماركوز فهي «دراسة في السلطة» ١٩٣٦م.
٥٩  لذلك كتب هابرماس «أزمة الشرعية في الرأسمالية المتأخرة»، وعقد ماركوز في «مظاهر النفي» فصلًا عن «التصنيع والرأسمالية في مؤلفات ماكس فيبر» ١٩٦٥م، «نهاية اليوتوبيا».
٦٠  بيَّن ماركوز ذلك في «الصراع ضد الليبرالية في النظرة الشمولية للدولة»، «العدوان في المجتمعات الصناعية المتقدمة»، «مشكلة العنف والمعارضة الجذرية» في «مظاهر النفي»، «نقد التسامح الخالص».
٦١  خاصة في أعماله: «الحرية ونظرية فرويد في الغرائز»، «التقدم ونظرية فرويد في الغرائز»، «قِدم التصور الفرويدي للإنسان». كما عرض لذلك في: «السعادة»، «الإيهام بالحب» وكلاهما في «مظاهر النفي»، «الحب والمدنية»، «نحو التحرر».
٦٢  وذلك في كتابه «نحو مجتمع عقلاني».
٦٣  لافروف (١٨٢٣–١٩٠٠م) عالم اجتماع روسي وابن إقطاعي، شارك في تنظيمات ثورية لا شرعية مثل «الأرض والحرية»، «إرادة الشعب»، وعضو في الدولية الأولى. تعرف في لندن على ماركس وإنجلز. تناول موضوعات الفلسفة والاجتماع والأخلاق والتاريخ والرأي العام والفن. واهتم بطريق تحقيق الثورة في روسيا معترفًا بدور الثورة الاشتراكية في تطوير البلاد الرأسمالية في أوروبا بناء على خصوصية كل شعب وثقافته الوطنية. أهم أعماله: «رسائل تاريخية» ١٨٦٩م، «هدف تصنيف العلوم وأهميته» ١٨٨٦م، «مهام الوضعية وحلولها» ١٨٨٦م، «الحركات الأساسية في تاريخ الفكر» ١٨٩٩م.
٦٤  فيبلن (١٨٥٧–١٩٢٩م) عالم اقتصاد وعالم اجتماع أمريكي. أهم أعماله: «نظرية الطبقة المترفة» ١٨٩٩م، «نظرية شركة الأعمال» ١٩١٤م، «غريزة العمل وحالة الفنون الصناعية» ١٩١٤م، «فحص في طبيعة السلام وشروط استمراره» ١٩١٧م.
٦٥  رايت ميلز (١٩١٦–١٩٦٢م) أستاذ علم الاجتماع في جامعة كولومبيا، وأحد النقاد للمجتمع الأمريكي المعاصر. أهم أعماله: «رجال السلطة الجدد» ١٩٤٨م، «الياقة البيضاء، الطبقة الأمريكية الوسطى» ١٩٥١م، «الشخصية والبنية الاجتماعية» ١٩٥٣م (مع جيرت)، «النخبة الحاكمة» ١٩٥٦م، «أسباب الحرب العالمية الثالثة» ١٩٥٨م، «الخيال الاجتماعي» ١٩٥٩م، «استمع يانكي، الثورة في كوبا» ١٩٦٠م، «الماركسيون» ١٩٦٢م، «السلطة والسياسة والشعب» ١٩٦٣م، «علم الاجتماع والبرجماتية» ١٩٦٤م.
٦٦  سيدني هوك (١٩٠٢–؟) أستاذ ورئيس قسم الفلسفة في جامعة نيويورك. كان من كبار المدافعين عن الحريات الأكاديمية طالبًا ومدرسًا وأستاذًا. درس مع موريس كوهين وجون ديوي، وحاول تجاوز نظرتهم العقلية الطبيعية الحرفية لمشاكل الإنسان والمجتمع. أنشأ المركز الجامعي للبدائل العقلية للدفاع عن الحريات الأكاديمية. وتأثر بجون ديوي. وكان منذ عدة سنوات متحدثًا باسم الماركسية ثم نشط بعد ذلك في الدفاع عن الديمقراطية بالمعنى الغربي. أهم مؤلفاته: «البطل في التاريخ، دراسة في الحدود والإمكانية» ١٩٤٣م، «من هيجل إلى ماركس، دراسات في التطور العقلي لكارل ماركس» ١٩٥٠م، «السلطة السياسية والحرية الشخصية» ١٩٥٩م، «مطالب الوجود، دراسات أخرى في المذهب الطبيعي والمذهب الإنساني» ١٩٦٠م، «تناقضات الحرية» ١٩٦٢م. كما شارك في إعداد أعمال جماعية مثل: «أبعاد العقل» ١٩٦٠م، «دفاعًا عن الحرية الأكاديمية» ١٩٧١م، «في الحرية الأكاديمية» ١٩٧١م، «الحتمية والحرية»، «في عصر العلم الحديث»، «التربية والإنسان والحديث»، «نحو فهم لكارل ماركس» ١٩٣٣م، «هرطقة نعم، مؤامرة لا» ١٩٥٣م. كما أعد مختارات في «الشيوعية العالمية» ١٩٦٢م، «الفلاسفة الأمريكيون كيف يعملون؟» «الحرية الأكاديمية والسلطة الأكاديمية».
٦٧  سومبارت (١٨٦٣–١٩٤١م) عالم اجتماع واقتصاد ألماني. درس الرأسمالية كظاهرة اجتماعية كما درس مشاكل الحراك الاجتماعي والتخطيط الاجتماعي. اعتبر نفسه أولًا اشتراكيًّا وماركسيًّا ثم تحول ضد الماركسية. أهم أعماله: «الاشتراكية والحركة الاجتماعية في القرن التاسع عشر» ١٨٩٦م، «الرأسمالية الجديدة» (ثلاثة أجزاء) ١٩٠٢م، «مستقبل الرأسمالية» ١٩٣٢م.
٦٨  كارل مانهايم (١٨٩٣–١٩٤٧م) عالم اجتماع مجري. وُلد في بودابست، وبدأ محاضرًا حتى الحرب الأولى. ثم هاجر إلى ألمانيا ١٩٢٥م. وحاضر في هيدلبرج. ثم عُين أستاذًا لعلم الاجتماع والاقتصاد في فرانكفورت. وبعد فصله من الجامعة في ١٩٣٣م ذهب إلى لندن في كلية الاقتصاد، ثم معهد التربية بجامعة لندن. أهم أعماله: «العناصر العقلية واللاعقلية في المجتمع المعاصر» ١٩١٤م، «الأيديولوجيا واليوتوبيا» مقدمة في علم اجتماع المعرفة ١٩٣٦م، «الإنسان والمجتمع في عصر إعادة البناء» ١٩٤٠م، «الحرية والسلطة والتخطيط الديمقراطي» ١٩٥٠م، «محاولات في علم الاجتماع وفي علم النفس الاجتماعي» ١٩٥٣م، «محاولات في علم اجتماع الثقافة»، «محاولات في علم اجتماع المعرفة»، «مقدمة في علم اجتماع التربية»، «تشخيص لعصرنا»، «علم الاجتماع كنسق»، «مختارات من كارل مانهايم (فولف) ١٩٧١م.
٦٩  حَنَّا آرِنت (١٩٠٦–١٩٧٥م) فيلسوفة سياسية. وُلدت في ألمانيا، وهاجرت إلى الولايات المتحدة في ١٩٤١م. ألقت محاضرات جيفورد في ١٩٧٢م تعبر عن قلقها العميق من عجز الفلسفة منذ أفلاطون حتى الآن عن التأثير على البشرية وتوجيهها نحو الخير. أهم أعمالها: «مصادر الشمولية» ١٩٥١م، «حياة العقل» (جزءان) نُشر بعد وفاتها.
٧٠  فورستر (١٨٦٩–١٩٦٦م) فيلسوف أخلاقي وتربوي ألماني، وُلد في برلين وعلم في فيينا وميونخ. ثم ذهب إلى باريس في ١٩٢٧م، واستقر في زيورخ. أهم أعماله: «نظرية الشباب» ١٩٠٤م، «المدرسة والشخصية» (الطبعة الرابعة عشرة) ١٩٣٠م، «الأخلاق السياسية والتربية» (الطبعة الرابعة) ١٩٢٠م.
٧١  إيزايا برلين (١٩٠٩م–؟) فيلسوف أخلاقي ومؤرخ بريطاني. أهم أعماله: «كارل ماركس» ١٩٣٩م، «الحتمية التاريخية» ١٩٥٤م، «مفهومان للحرية» ١٩٥٩م.
٧٢  كارل بوبر (١٩٠٢م–؟) فيلسوف علم طبيعي واجتماعي. درس وعلَّم في موطنه الأصلي فيينا حتى صعود النازية إلى ألمانيا، فهاجر إلى نيوزيلاندا ثم رحل إلى لندن ليصبح أستاذًا للمنطق والمنهج العلمي في كلية لندن للاقتصاد ١٩٤٩–١٩٦٩م. وأخذ لقب سير في ١٩٦٥م. أهم أعماله: «منطق الاكتشاف العلمي» ١٩٣٥م، «المجتمع المفتوح وأعداؤه» ١٩٤٥م (جزءان) (١) عرض أفلاطون (٢) المد العالي للنبوة، هيجل وماركس وما بعد، «عقم المذهب التاريخي» ١٩٥٧م، «افتراضات وتفنيدات نحو المعرفة العلمية» ١٩٦٣م، «المعرفة الموضوعية، تناول تطوري»، ١٩٧٢م، «في السحب والساعات» ١٩٦٦م.
٧٣  كينز (١٨٨٣–١٩٤٦م) الابن، اقتصادي بريطاني ابن كينز الأب. حاضَر في علم الأخلاق ومؤلفاته الرئيسية: «المنطق الصوري» ١٨٨٤م، «محلولة في الاحتمال» ١٩٢١م، «النظرية العامة للعمالة والفائدة والمال» ١٩٣٦م.
٧٤  كولِنجوود (١٨٨٩–١٩٤٣م) فيلسوف ومؤرخ بريطاني، أستاذ الفلسفة الميتافيزيقية في أكسفورد. اهتم بالتاريخ القديم وبالآثار وبفلسفة التاريخ. أهم أعماله: «الدين والفلسفة» ١٩١٦م، «تأمل في الرُّوح» ١٩٢٤م، «خطوط عامة لفلسفة الفن» ١٩٢٥م، «محاولة في المنهج الفلسفي» ١٩٣٣م، «مبادئ الفن» ١٩٣٨م، «محاولة في الميتافيزيقا» ١٩٤٠م، «أول سكن لرفيق» ١٩٤٠م، «التنين الجديد» ١٩٤٢م، «فكرة التاريخ» ١٩٤٦م، «فكرة الطبيعة» ١٩٤٤م، «سيرة ذاتية» ١٩٣٩م، يبين كيف بدأ حياته الفلسفية كرد فعل على الاتجاهات الطبيعية والمادية واتجاهه نحو الرُّوحية.
٧٥  الألبيجيون فرقة دينية متطهرة في العصر الوسيط في جنوب غرب فرنسا.
٧٦  هويزنجا (١٨٧٢–١٩٤٥م) أستاذ الفلسفة في جامعة ليدن. أهم أعماله «الإنسان».
٧٧  اشبنجلر (١٨٨٠–١٩٣٦م) فيلسوف مثالي ألماني للتاريخ، ويُعتبر الأيديولوجي والمنظِّر الأول لبروسيا الفاشيَّة. نشر كتابه بعد هزيمة ألمانيا في الحرب الأولى لإعادة رُوح بروسيا القديمة التي تجمع بين المَلكية والشعوبية والعسكرية، وهو كتاب «أفول الغرب، محاولة تخطيطية لأشكال التاريخ الشامل» (جزءان) (١) الشكل والواقع (٢) نظرات في التاريخ الشامل ١٩١٧م.
٧٨  توينبي (١٨٨٩–١٩٧٥م) أشهر فيلسوف معاصر في التاريخ. وُلد في لندن، وتعلم في أكسفورد، وأصبح زميلًا في الأكاديمية البريطانية، وانتُخب في ١٩٣٧م عضوًا في البرلمان. ونال درجات فخرية من جامعات برمنجهام وكولومبيا. وعمل في وزارة الخارجية أثناء الحربين، وحضر مؤتمرات باريس للسلام في ١٩١٩م وفي ١٩٤٦م. وكان مدير الدراسات في المعهد الملكي وأستاذ الأبحاث في جامعة لندن ١٩٢٥–١٩٥٥م. وأشهر عمل له «دراسة في التاريخ» (اثنا عشر جزءًا) انتهى في ١٩٥٤م. وله قبل ذلك «أوروبا الجديدة» ١٩١٥م، «الفكر اليوناني التاريخي» ١٩٢٤م، «العالم بعد مؤتمر السلام» ١٩٢٥م، «المدنية في المحاكمة» ١٩٤٧م، «العالم والغرب» ١٩٤٧م، «المسيحية بين ديانات العالم» ١٩٥٧م.
٧٩  كلود ليفي شتراوس (١٩٠٨م–؟) أشهر أنثروبولوجي فرنسي وممثل البنيوية. درَّس الفلسفة لمدة سنتين في مدارس الأقاليم قبل أن يغادر إلى سان باولو بالبرازيل أستاذًا لعلم الاجتماع. وهناك تعرف على المجتمعات الهندية ودرس ثقافاتها، وأشرف على عدة بعثات علمية في الأمازون الأوسط. وعاد إلى فرنسا في ١٩٣٩م جنديًّا في الحرب حتى الهدنة. ثم هاجر إلى الولايات المتحدة أستاذًا بنيويورك، وعُين مستشارًا ثقافيًّا لفرنسا ولكنه استقال في ١٩٤٧م من أجل البحث العلمي في متحف الإنسان ثم في مدرسة الدراسات العليا. ومنذ ١٩٥٩م عُين أستاذ كرسي الأنثروبولوجيا في الكوليج دي فرانس. أهم مؤلفاته: «الحياة العائلية والاجتماعية لهنود نامبيكوارا» ١٩٤٨م، «البنيات الأولية للقرابة» ١٩٤٩م، «العرق والتاريخ» ١٩٥٢م، «الاستوائيات الحزينة» ١٩٥٥م، «الأنثروبولوجيا البنيوية» ١٩٥٨م، «التوتمية اليوم» ١٩٦٢م، «الفكر البري» ١٩٦٢م، «أساطير» (أربعة أجزاء) (١) «النِّيء والمطبوخ» ١٩٦٤م (٢) «من العسل إلى الرماد» ١٩٦٧م (٣) «نشأة آداب المائدة» ١٩٦٨م.
٨٠  ألتوسير (١٩١٨م–؟) ماركسي بنيوي فرنسي. انتهى نهاية مأساوية بقتل زوجته. وأشهر أعماله: «مونتسكيو، السياسة والتاريخ» ١٩٥٩م، «دفاعًا عن ماركس» ١٩٦٥م، «قراءة رأس المال» (جزءان) ١٩٦٨م (بالاشتراك مع باليبار)، «لينين والفلسفة» ١٩٦٩م، «نقد ذاتي» ١٩٧٤م، «مواقف» ١٩٧٦م.
٨١  فوكو (١٩٢٦–١٩٨٤م) فيلسوف علوم إنسانية فرنسي. درس في السويد وبولونيا والبرازيل وفي جامعة باريس ثم الكوليج دي فرانس. وأهم أعماله: «تاريخ الجنون في العصر الكلاسيكي» ١٩٦١م، «الكلمات والأشياء» ١٩٦٦م، «أركيولوجيا المعرفة» ١٩٦٩م، «نظام الخطاب» ١٩٧١م، «الرقابة والعقاب»، نشأة السجن» ١٩٧٥م، «تاريخ الجنس» (ثلاثة أجزاء)، «إرادة المعرفة» ١٩٧٦م، «استعمال اللذات» ١٩٨٤م، «هم الذات» ١٩٨٤م، «نشأة العيادة، أركيولوجيا النظرة الطبية».
٨٢  ماكس بلانك (١٨٥٨–١٩٤٧م) عالم طبيعة ألماني، من مؤسسي نظرية «الكوانتوم» في الطبيعيات الحديثة. ومن أهم كتبه «عرض عام للنظرية الطبيعية».
٨٣  ريشنباخ (١٨٩١–١٩٥٣م) فيلسوف منطقي وأستاذ طبيعيات ألماني. وُلد في همبورج ثم عُين في جامعات اشتوتجرت وبرلين واستنبول وكاليفورنيا. وفي العشرينيات كان أحد المنظمين لجمعية الفلسفة العلمية في برلين التي كونت أساس الوضعية المنطقية مع ندوة فيينا. وبعد صعود النازية هاجر إلى أمريكا. أهم أعماله: «نظرية المكان والزمان» ١٩٢٧م، «نظرية الاحتمالات» ١٩٣٥م، «التجرِبة والتنبؤ» ١٩٣٨م، «نشأة الفلسفة العلمية» ١٩٥١م، «اتجاه الزمان» ١٩٥٣م، «الذرة والكون».
٨٤  أينشتين (١٨٧٩–١٩٥٥م) أشهر عالم طبيعة ألماني، وصاحب نظرية النسبية العامة والخاصة. وأهم مؤلفاته في فلسفة العلم: «نظرية النسبية الخاصة والعامة» ١٩١٦م، «محاضرات أربعة في نظرية النسبية» ١٩٢٢م، «تطور الأفكار في الطبيعة من التصورات الأولى حتى نظريات النسبية والكوانتا» «كيف أتصور العالم؟».
٨٥  شرودنجر (١٨٨٧–١٩٦١م) عالم طبيعة نمساوي، وأستاذ الفيزياء في جامعة فيينا. أهم مؤلفاته العامة: «العلم والإنسانية، الفيزيقا في عصرنا» ١٩٥١م، «ما هي الحياة؟» ١٩٤٤م، «العقل والمادة» ١٩٥٨م.
٨٦  هيزنبرج (١٩٠١–١٩٧٦م) عالم طبيعي ألماني وأحد مؤسسي ميكانيكا «الكوانتوم». كان أستاذًا بجوتنجن ثم مديرًا لمعهد ماكس بلانك للفيزيقا. أهم مؤلفاته: «فيزيقا النواة الذرية» ١٩٤١م، «الفيزيقا والفلسفة، قدرة العلم الحديث» ١٩٥٤م، «الفيزياء وما بعد، مقابلات ومحادثات» ١٩٦٩م.
٨٧  هِمبل (١٩٠٥–؟) فيلسوف علم ألماني استقر في أمريكا بعد ١٩٣٧م. جُمعت مقالاته في «مظاهر التفسير العلمي» ١٩٥٦م. وكتب مع أوبنهايمر «فلسفة العلم» ١٩٤٥م. وله أيضًا «أسس تكوين التصور في العلم التجريبي» ١٩٥٢م.
٨٨  بوانكاريه (١٨٥٤–١٩١٢م) رياضي وفيلسوف ومهندس فرنسي. أهم مؤلفاته: «العلم والفرض»، «العلم والمنهج»، «قيمة العلم»، «الأفكار الأخيرة».
٨٩  بيير دوهيم (١٨٦١–١٩١٦م) عالم طبيعة وفيلسوف علم فرنسي. عمله الرئيسي «النظرية الفيزيائية، موضوعها وبنيتها» ١٩٠٦م، ثم موسوعته الضخمة في فلسفة العلوم «نظام العالم» (عشرة أجزاء) ١٩٥٩م.
٩٠  جوليو كوري (١٩٠٠–١٩٥٨م) عالم طبيعة فرنسي، وعضو في أكاديمية باريس للعلوم. اكتشف النشاط المشع الاصطناعي والإلكترون. وعند اكتشاف النيوترون كان من أوائل الذين تَنبَّئُوا بإمكانية استخدام الطاقة الذرية. وكان رئيسًا لمجلس السلام العالمي ١٩٤٩–١٩٥٨م.
٩١  جاستون باشلار (١٨٨٤–١٩٦٢م) فيلسوف علم فرنسي. أهم أعماله: «دراسة في تطور مشكلة الفيزياء، الانتشار الحراري في الأجسام الصلبة» ١٩٢٧م، «محاولة في المعرفة التقريبية»، «القيمة الاستقرائية للنسبية»، «التعددية المتسقة للكيمياء الحديثة»، «الحدوس الذرية»، «الرُّوح العلمية الجديدة»، «تجرِبة المكان في الفيزياء المعاصرة»، «فلسفة اللا»، «العقلانية التطبيقية»، «جدل الديمومة»، «النشاط العقلاني للفيزياء المعاصرة»، «المادية العقلانية»، «الحدس واللحظة»، «تحليل نفسي للنار»، «الماء والأحلام»، «الهواء والأحلام»، «الأرض وأحلام الإرادة»، «الأرض وأحلام الراحة».
٩٢  سير آرثر إدنجتون (١٨٨٢–١٩٤٤م) عالم طبيعة وفلكي بريطاني روج للعلم. وأهم مؤلفاته: «طبيعة العالم الفيزيائي» ١٩٢٨م، «العالم الممتد» ١٩٣٢م، «طرق جديدة في العلم» ١٩٣٤م، «فلسفة العلم الفيزيائي» ١٩٣٩م.
٩٣  جيمس جينز (١٨٧٧–١٩٤٦م) عالم طبيعة وفلكي بريطاني له بحوث في الفيزياء النظرية والكونيات. وكانت نظريته في نشأة المجموعة الشمسية نتيجة لصدام الشمس مع نجوم أخرى شائعةً في العشرينيات والثلاثينيات. وهي نظرية خاطئة تجعل نُظم الكواكب نادرة وتقع بالمصادفة. أهم مؤلفاته: «الخلفية الجديدة للعلم» ١٩٣٣م، «الفيزياء والفلسفة» ١٩٤٢م.
٩٤  إرنست ناجل (١٩٠١–١٩٨٥م) فيلسوف للعلم أمريكيٌّ من أصل تشيكوسلوفاكي. أهم مؤلفاته: «بنية العلم» ١٩٦١م، «مقدمة في المنطق والمنهج العلمي» ١٩٣٤م (بالاشتراك مع كوهين).
٩٥  أوبنهايمر (١٩٠١–١٩٧٦م) عالم طبيعي أمريكي اهتم منذ طفولته بالعلم، وتخرج من هارفارد وكمبردج حيث تعرف على بور، وديراك، وبورن. وبعد رحلة علمية إلى ألمانيا عاد إلى أمريكا في ١٩٢٥م وعُين أستاذًا في بركلي. وفي ١٩٣٤م اكتشف طريقة انشطار الذرة. وفي ١٩٤٣م استدعاه روزفلت لإدارة الأبحاث الذرية من أجل صنع القنبلة الذرية من أجل صنع القنبلة الذرية حتى اعتُبر أبا القنبُلة A. ثم استُبعد في ١٩٥٤م بتهمة مزيفة؛ فقد كانت زوجته عضوة في الحزب الشيوعي. وقد درَّس الفلسفة الهندية وأصبح داعية للسلام. أهم مؤلفاته: «العلم والفهم المشترك» ١٩٥٣م، «الذهن المتفتح» ١٩٥٥م، «المائدة الطائرة» ١٩٦٤م.
٩٦  رامون تورو إي داردر (١٨٥٤–١٩٢٦م) عالم بيولوجي وفيلسوف إسباني ظلت نتائج أبحاثه حول الدورة الدموية مقبولة بعد خمسين عامًا، بعد التحقق من صدقها بالأبحاث التالية. اهتم بالوقاية البكتريولوجية. أهم عمل له «الفلسفة النقدية».
٩٧  جان بياجيه (١٨٩٦–١٩٨٥م) عالم وفيلسوف ومنطقي سويسري، مدير المركز العالمي للمعرفة «التكوينية». أهم أعماله: «تطور مفهوم الزمان عند الطفل»، «مفاهيم الحركة والسرعة عند الطفل»، «الهندسة التلقائية عند الطفل»، «تمثل المكان عند الطفل»، «تكوين فكرة المصادفة عند الطفل» (بالاشتراك مع إنهلدر)، «المعرفة التكوينية والبحث النفسي» (بالاشتراك)، «دراسة حول تحولات العمليات المنطقية»، «المنطق والتوازن» (بالاشتراك)، «العَلاقات التحليلية والتركيبية في سلوك الذات» (بالاشتراك)، «مشاكل بناء العَدد» (بالاشتراك)، «نظرية السلوك والعمليات» (بالاشتراك)، «تسلسل الأبنية» (بالاشتراك)، «التضمن والصورية والمنطق الطبيعي» (بالاشتراك).
٩٨  فينر (١٨٩٤–١٩٦٤م) رياضي أمريكي. له أعمال في الرياضة. اهتم بالفيزياء النظرية وانتهى إلى نتائج مهمة في نظرية الاحتمالات الرياضية. وصمم آلات إلكترونية تقوم بدور الجهاز العصبي، وكان أول من نادى بذلك العالم الفيزيولوجي المكسيكي روزنبلويث. وأهم أعماله: «السيبرنيطيقا أو الرقابة والاتصال في الحيوان والآلة» ١٩٤٨م، «الاستعمال الإنساني للكائنات الإنسانية»، «السيبرنيطيقا والمجتمع» ١٩٥٠م، «الله والبربر، شرح على بعض النقاط التي تؤثر فيها السيبرنيطيقا على الدين» ١٩٦٤م. وله سيرتان ذاتيتان «المعجزة» ١٩٥٣م، «أنا رياضي» ١٩٥٦م.
٩٩  ألدوس هكسلي (١٨٩٤–١٩٦٣م) كاتب بريطاني. أهم مؤلفاته: «محاولات مجموعة» ١٩٢٣م «على الهامش» ١٩٢٣م، «على الطريق» ١٩٢٥م، «بيلاطس الهزلي» ١٩٢٦م، «افعل ما تريد» ١٩٢٩م، «الموسيقى ليلًا» ١٩٣١م، «وراء خليج المكسيك» ١٩٣٤م، «شجرة الزيتون» ١٩٣٧م، «الغايات والوسائل» ١٩٣٧م، «العظمة الرمادية» ١٩٤١م، «الفلسفة الخالدة» ١٩٤٤م، «العلم والحرية والسلام» ١٩٤٦م، «موضوعات وصياغات متنوعة». ١٩٥٠م، «أبواب الإدراك» ١٩٥٤م، «الجنة والنار» ١٩٥٦م، «غدًا، غدًا، غدًا»، ١٩٥٦م، «شياطين لودن»، «نصوص وأعذار»، «الفظاظة في الأدب»، «دارسات ملائمة»، «محاولات قديمة وجديدة»، «فن الرؤية».
١٠٠  جورج إدوارد مور (١٨٧٣–١٩٥٨م) فيلسوف بريطاني أتى إلى الفلسفة من الدراسات الكلاسيكية. كان مدرسًا للفلسفة من ١٩١١–١٩٢٥م، وأستاذًا لفلسفة الذهن والمنطق من ١٩٢٥–١٩٣٩م في كمبردج. أصدر مَجلة Mind. أهم مؤلفاته: «مبادئ الأخلاق» ١٩٠٣م، «الأخلاق» ١٩١٢م، «دراسات فلسفية» ١٩٢٢م، «دفاع عن الحس المشترك» ١٩٢٥م، «بعض مشاكل الفلسفة» ١٩٥٣م، «أوراق فلسفية» ١٩٥٩م.
١٠١  رَسِل (١٨٧٢–١٩٧٠م) فيلسوف بريطاني، درس الرياضيات والفلسفة في كمبردج وعلَّم فيها. تتنوع كتاباته في ثلاث مجموعات: الأولى رياضية منطقية مثل: «محاولة في أسس الهندسة» ١٨٩٧م، «مبادئ الرياضة» ١٩٠٣م، «أصول الرياضيات» ١٩١٠–١٩١٣م (ثلاثة أجزاء)، «مقدمة في الفلسفة الرياضية» ١٨٩٧–١٩١٩م. وتبدأ المرحلة الفلسفية من بداية القرن العشرين حتى وفاته، وتضم حوالَي خمسة وعشرين مؤلفًا هي: «فلسفة لَيبنتز» ١٩٠٠م، «محاولات فلسفية» ١٩١٠م، «مشاكل الفلسفة» ١٩١٢م، «معرفتنا بالعالم الخارجي» ١٩١٤م، «التصوف والمنطق» ١٩١٨م، «تحليل الذهن» ١٩٢١م، «ألف باء الذرات» ١٩٢٣م، «إيكاروس أو مستقبل العلم» ١٩٢٤م، «ألف باء النسبية» ١٩٢٥م، «مخطط للفلسفة» ١٩٢٧م، «تحليل المادة» ١٩٢٧م، «محاولات شكية» ١٩٢٨م، «النظرة العلمية» ١٩٣١م، «الدين والعلم» ١٩٣٥م، «فحص في المعنى والحقيقة» ١٩٤٠م، «تاريخ الفلسفة الغربية» ١٩٤٥م، «المعرفة الإنسانية، مجالها وحدودها» ١٩٤٨م، «المنطق والمعرفة» ١٩٥٦م، «حكمة الغرب» ١٩٥٩م، «الواقع والخيال» ١٩٦١م. ثم شفَع هذه المرحلة بسيرتين ذاتيتين. «تطوري الفلسفي» ١٩٥٩م، «سيرة ذاتية»: الجزء الأول ١٨٧٢–١٩١٤م (عام ١٩٦٧م) والجزء الثاني ١٩١٤–١٩٤٤م (عام ١٩٦٨م)، والجزء الثالث ١٩٤٤–١٩٦٧م (عام ١٩٦٩م). أما المرحلة الثالثة وهي أهم المراحل على الإطلاق، وتمتد منذ أول دراسة له «الديمقراطية الاشتراكية الألمانية» ١٨٩٦م حتى سيرته الذاتية الأخيرة في حوالَي خمسة وثلاثين مؤلفًا وهي: «العدالة وقت الحرب» ١٩١٦م، «ممارسة البُلشفية ونظريتها» ١٩٢٠م، «مشكلة الصين»، ١٩٢٢م، «آفاق المدنية الصناعية» ١٩٢٣م، «في التربية» ١٩٢٦م، «الزواج والأخلاقيات» ١٩٢٩م، «نيل السعادة» ١٩٣٠م، «التربية والنظام الاجتماعي» ١٩٣٢م، «الحرية والتنظيم» ١٨١٤–١٩١٤م، «في مدح الكسل» ١٩٣٥م، «أي طريق للسلام» ١٩٣٦م، «أوراق أمبرلي» ١٩٣٧م، «القوة» ١٩٣٨م، «السلطة والفرد» ١٩٤٩م، «آمال جديدة لعالم متغير» ١٩٥١م، «أثر العلم على المجتمع» ١٩٥٢م، «ألف باء المواطن الصالح» ١٩٥٣م، «الشيطان في الضواحي» ١٩٥٣م، «كوابيس الشخصيات العظيمة» ١٩٥٤م، «المجتمع الإنساني في الأخلاق والسياسة» ١٩٥٤م، «رسم شخصيات من الذاكرة» ١٩٥٦م، «لماذا أنا غير مسيحي؟» ١٩٥٧م، «فهم التاريخ ومحاولات أخرى» ١٩٥٧م، «رسائل حاسمة لرَسِل وخروتشوف ودالاس» ١٩٥٨م، «الحس المشترك والحرب الذرية» ١٩٥٩م، «برتراند رَسِل يعبر عن نفسه» ١٩٦٠م، «هل للإنسان مستقبل؟» ١٩٦١م، «نصر غير مسلح» ١٩٦٣م، «جرائم الحرب في فيتنام» ١٩٦٧م، «أرشيف برتراند رَسِل» ١٩٦٧م، «عزيزي رَسِل» ١٩٦٩م.
١٠٢  فِتْجِنشتَين (١٨٨٩–١٩٥١م) فيلسوف من أصل نمساوي درس الهندسة قبل الذَّهاب إلى كمبردج في ١٩١٢-١٩١٣م ليعمل مع رَسِل. وبعد أن جُند في الجيش النمساوي في الحرب الأولى نبذ الفلسفة عشر سنوات قبل العودة إلى كمبردج في ١٩٢٩م زميلًا ثم أستاذًا للفلسفة بين ١٩٣٩–١٩٤٧م. أشهر مؤلفاته: «رسالة منطقية فلسفية» ١٩١٨–١٩٢١م، وهي الوحيدة التي نشرها في حياته، وصدرت الترجمة الإنجليزية عام ١٩٢٢م. وبعد وفاته صدر له: «فحوص فلسفية» (١٩٤٥–١٩٤٩م) ١٩٥٣م، «ملاحظات حول تأسس الرياضيات (١٩٣٧–١٩٤٤م) ١٩٦٧م، «الكتاب الأزرق والكتاب البني» (١٩٣٣–١٩٣٥م) ١٩٥٨م، «مذكِّرات» (١٩١٤–١٩١٦م) ١٩٦١م، «ملاحظات فلسفية» ١٩٦٤م، «البطاقات» (١٩٤٥–١٩٤٨م) ١٩٦٧م، «النحو الفلسفي» ١٩٦٩م، «في اليقين» (١٩٤٩–١٩٥١م) ١٩٦٩م، «محاضرات ومحادثات في الجمال وعلم النفس والاعتقاد الديني» (١٩٣٨–١٩٤٦م) ١٩٧٢م.
١٠٣  جون وِزدَم (١٩٠٤م–؟) فيلسوف تحليلي بريطاني تعلم في كمبردج وتأثر بفتجنشتين. أهم أعماله: «التفسير والتحليل» ١٩٣١م، «الأبنية المنطقية» (١٩٣١–١٩٣٣م) ١٩٦٩م، «مشاكل الذهن والمادة» ١٩٣٤م، «الاذهان الأخرى» ١٩٥٢م، «الفلسفة والتحليل النفسي» ١٩٥٣م، «التناقض والاكتشاف» ١٩٦٥م.
١٠٤  أوستين (١٩١١–١٩٦٠م) فيلسوف بريطاني قضى حياته العلمية كلها، باستثناء عمله بالمخابرات أثناء الحرب، في أكسفورد. أهم أعماله طُبعت بعد وفاته مثل: «أوراق فلسفية» ١٩٦١م التي تحتوي على مقالَي: «الأذهان الأخرى» ١٩٤٦م و«رجاء الاعتذارات» ١٩٥٦م، «الحس والمحسوس» ١٩٦٢م، «كيف تُصنع الأشياء بالكلمات؟» ١٩٦٢م.
١٠٥  المنطوق الأمري Performative utterance. فعل القول المفيد Locutionary   فعل القول الأمري Illocutionary، فعل القول التأثيري Perlocutionary.
١٠٦  أرمسون (١٩١٥م–؟) فيلسوف أكسفورد. نشر «دائرة المعارف المختصرة للفلسفة والفلاسفة في الغرب». وله أيضًا، بالإضافة إلى نشره أعمال أوستين: «التحليل الفلسفي» ١٩٥٦م، «النظرية الانفعالية في الأخلاق» ١٩٦٨م.
١٠٧  ستِبِنج (١٨٨٥–١٩٤٣م)، رامزي (١٩٠٣–١٩٣٠م)، أوجدن، ريتشاردز، ستيفنس.
١٠٨  التعبيرات النمطية الكاشفة Systematically leading expressions.
١٠٩  رايل (١٩٠٠–١٩٧٦م) فيلسوف بريطاني حاضَر في الخارج بديلًا عن الخدمة العسكرية. قضى معظم حياته في أكسفورد ثم أصبح أستاذًا للميتافيزيقا بها. تحول من ظاهريات هُوسِرل وتحليلات هَيدجر في الوجود والزمان إلى الفلسفة التحليلية بعد لقائه بفِتْجِنشتَين. أهم أعماله: «مفهوم الذهن» ١٩٤٩م، «معضلات» ١٩٥٣م، «تقدم أفلاطون» ١٩٦٦م، «أوراق مجموعة».
١١٠  آير (١٩١٠–١٩٨٩م) فيلسوف إنجليزي، درس مع رايل في أكسفورد ثم في فيينا قبل العَود إلى أكسفورد من جديد في ١٩٣٣م ليحاضر في الفلسفة. ثم عُين أستاذًا لفلسفة الذهن والمنطق في جامعة لندن في ١٩٤٦م ثم أستاذًا للمنطق في أكسفورد في ١٩٥٩م. وأخذ لقب سير في ١٩٧٠م. أهم أعماله: «اللغة والحقيقة والمنطق» ١٩٣٦م، «أسس المعرفة التجريبية» ١٩٤٠م، «مفهوم الشخص ومحاولات أخرى» ١٩٥٣م، «مصادر البرجماتية»، «محاولات فلسفية» ١٩٥٤م، «مشكلة المعرفة» ١٩٥٦م، «الوضعية المنطقية» ١٩٥٩م (إعداد)، «الميتافيزيقا والحس المشترك» ١٩٦٩م، «رَسِل ومور، التراث التحليلي» ١٩٧١م، «برتراند رَسِل» ١٩٧٢م، «الاحتمال والوضوح» ١٩٧٢م، «المسائل الرئيسية في الفلسفة» ١٩٧٣م، «جزء من حياتي» ١٩٧٦م، «هيوم» ١٩٨٠م.
١١١  شتراوسون (؟–؟) فيلسوف بريطاني وأستاذ الفلسفة الميتافيزيقية في أكسفورد منذ ١٩٦٨م وزعيم مدرسة تحليل اللغة العادية ابتداءً من مقاله «في الإشارة» ١٩٥٠م. أهم أعماله: «مقدمة في النظرية المنطقية» ١٩٥٢م، «الأفراد، محاولة في الميتافيزيقا الوصفية» ١٩٥٩م.
١١٢  برايس (١٨٩٩–١٩٨٤م) فيلسوف إنجليزي. أهم أعماله: «الإدراك الحسي» ١٩٣٢م، «نظرية هيوم في العالم الخارجي» ١٩٤٠م، «التفكير والتجرِبة» ١٩٥٣م، «الاعتقاد» ١٩٦٩م.
١١٣  هير (١٩١٩م–؟) فيلسوف أخلاقي بريطاني. أهم أعماله: «لغة الأخلاق» ١٩٥٢م، «الحرية والعقل» ١٩٦٣م.
١١٤  هامبشير (١٩١٤م–؟) فيلسوف بريطاني، وأستاذ فلسفة الذهن والمنطق، أهم مؤلفاته: «اسبينوزا»، «حرية الفرد»، «الفكر والعمل» ١٩٥٩م.
١١٥  لافجوي (١٨٧٣–١٩٦٢م) فيلسوف ومؤرخ أمريكي، وناشر مَجلة «تاريخ الأفكار». أهم أعماله: «الثورة ضد الثنائية» ١٩٣٠م، «سلسلة الوجود العظمى» ١٩٣٦م.
١١٦  بريدجمان (١٨٨٢–١٩٦١م) عالم طبيعة وفيلسوف أمريكي تخرج من هارفارد. وعُين فيها أستاذًا للرياضيات والفلسفة الطبيعية حتى ١٩٥٤م. وحصل على جائزة نوبل في ١٩٤٦م. أهم أعماله: «منطق الفيزياء المعاصرة» ١٩٢٧م، «طبيعة النظرية الفيزيائية» ١٩٣٦م.
١١٧  كواين (١٩٠٨م–؟) منطقي أمريكي، وأستاذ الفلسفة في هارفارد. تدور معظم كتاباته حول المنطق الصوري والفلسفة. وأهم مؤلفاته: «المنطق الرياضي» ١٩٤٠م، «عقيدتان في التجريبية» ١٩٥١م، «من وجهة نظر منطقية» ١٩٥٣م، «العالم والموضوع» ١٩٦٠م، «نظرية المجموعات ومنطقها» ١٩٦٩م، «فلسفة المنطق» ١٩٧٠م، «جذور الإشارة» ١٩٧٣م.
١١٨  كريبكه (١٩٤١م–؟) منطقي وفيلسوف أمريكي. أشهر كتبه: «التسمية والضرورة» ١٩٧٢م.
١١٩  سوزان لانجر (١٨٩٥–١٩٨٥م) فيلسوفة أمريكية وأستاذة متفرغة للفلسفة وباحثة في كلية كونكتكت. أهم مؤلفاتها: «مقدمة في المنطق الرمزي» ١٩٣٧م، «الفلسفة في مِفتاح جديد، دراسة في رمزية العقل والطقس في الفن» ١٩٤٢م، «العاطفة والشكل»، «مشاكل الفن»، «تأملات في الفن»، «مرجع لكتابات الفنانين والنقاد والفلاسفة» ١٩٥٨م، «رسومات فلسفية» ١٩٦٢م.
١٢٠  جودمان (١٩٠٦م–؟) فيلسوف أمريكي. أعماله الرئيسية: «بنية الظاهر» ١٩٥١م، «الواقع والخيال والتنبؤ» ١٩٥٤م، «لغة الفن» ١٩٦٩م.
١٢١  لوكاشيفيتش (١٨٧٨–١٩٥٦م)، وأشهرهم تارسكي (١٩٠٢م–؟) الذي كتب عدة مؤلفات في الرياضيات البحتة في نظرية المجموعات والجبر وفي المنطق والرياضي، خاصة ما بعد الرياضيات مثل: «الجبر التتابعي»، «منهج لاتخاذ القرار في المنطق الأوَّلي والهندسة»، «النظريات غير الحاسمة»، «الجبر الرقمي»، «المنطق والسيبرنيطيقا والرياضة» ١٩٥٦م، «مفهوم الحقيقة بلغات صورية» ١٩٣٥م.
١٢٢  أبرز مَثلين على ذلك هما: برنار هنري ليفي في كتابه «البربرية ذات الوجه الإنساني» ١٩٧٧م، «آجنس هيلر» من أجل «فلسفة راديكالية» ١٩٧٩م.
١٢٣  جاك دريدا (١٩٣٠م–؟) فيلسوف فرنسي بدأ بالظاهريات ثم ثنى بهَيدجر ثم تميز بتحليلاته اللُّغوية الفلسفية الخاصة. أسس «الكلية الفلسفية» لممارسة الفلسفة التفكيكية كفريق. أهم أعماله: «نشأة الهندسة» ١٩٦٢م، «الصوت والظاهرة» ١٩٦٧م، «في علم النحو»(الجراماتولوجيا) ١٩٦٧م، «الكتابة والاختلاف» ١٩٦٧م، «هوامش الفلسفة» ١٩٧٢م، «مواضع» ١٩٧٢م، «الانتشار» ١٩٧٢م، «قرع أجراس الموت» ١٩٧٤م، «إبيرونات، أساليب نيتشه» ١٩٧٨م، «الحقائق في الرسم» ١٩٧٨م، «بطاقة بريد»، «من سقراط حتى فرويد إلى ما بعد» ١٩٨٠م، «العلامة الإسفنجية» ١٩٨٣م، «النار الرماد» ١٩٨٤م، «من صوت أخروي مستعار من الآن في الفلسفة» ١٩٨٣م، «تواريخ حياة، تعليم نيتشه وفلسفة اسم العلم» ١٩٨٤م، «شيبوليت، إلى بول سيلان» ١٩٨٦م، «حق النظر» ١٩٨٥م، «خروج» (ولادة فسوق) ١٩٨٦م، «أُولِيس جراموفون، كلمتان لجويس» ١٩٨٧م، «في الرُّوح، هَيدجر والمسألة» ١٩٨٧م، «النفس، اختراعات الآخر» ١٩٨٧م.
١٢٤  جل دولوز (؟–؟) فيلسوف فرنسي وأستاذ في السربون يجمع بين النقد الأدبي والفلسفة. أهم أعماله: «التجريبية والذاتية» ١٩٥٣م، «نيتشه والفلسفة» ١٩٦٢م، «فلسفة كانط» ١٩٦٣م، «نيتشه» ١٩٦٥م، «البرجسونية» ١٩٦٦م، «اسبينوزا ومشكلة التعبير» ١٩٦٨م، «الاختلاف والتكرار» ١٩٦٩م، «منطق الحس» ١٩٦٩م، «اسبينوزا، فلسفة عملية» ١٩٨١م، «فرنسيس بيكون، منطق الإحساس» (جزءان) ١٩٨١م، «الصورة والحركة» ١٩٨٣م، «الصورة-الزمان».
١٢٥  يكتب دريدا Différancea وليس ﺑ e كما كتب هَيدجر Existentiala وليس ﺑ e. ويشتق كلمة Ecrit من Ecran فالكتابة شاشة للرؤية.
١٢٦  وذلك مثل Desistance, Dénégation, Deinstruction … إلخ.
١٢٧  انظر دراستنا: «مدرسة تاريخ الأشكال الأدبية»، دراسات فلسفية ص٤٨٧–٥٢٢.
١٢٨  نهاية الزمان Apocalypse.
١٢٩  «دق أجراس الموت» ترجمة لكتاب دريدا Glas.
١٣٠  لم نشأ عرض فلسفة دولوز لأنها أقرب إلى الغوص في الفلسفة التقليدية عند بيكون واسبينوزا وكانط ونيتشه وبرجسون منها إلى الدلالة على بداية النهاية في الوعي الأوروبي.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٥