مقدمة

القصة بشكلها الحالي جديدة على الأدب العربي، وأعتقِد أنَّ العرب لم يكونوا في حاجةٍ إلى القصة أو المسرح، فقد كانوا بعيدين كلَّ البُعد عن مَنابِت هذَين الفنَّين، وإن كانت الرحلات التجارية قد قامت بدَور كبير في تناقُل الحضارات، فإنني أعتقِد أنَّ التُّجار من العرب لم يكونوا يَهتمُّون بمجال القصة أو المسرح؛ فقد كان شعرُهم يُغنيهم عن الفنون الأدبية الأخرى غَناءً كاملًا، فالنثر الأدبي نفسُه لم يزدهِر إلَّا حين نزل القرآن على النبي ، وقد كان الشِّعر يُشيع في نفوسهم النَّزعة التي تنزِع بعُشَّاق القصة اليوم إلى قراءتها.

ولما كنتُ أرجو ألا تتَّسِم هذه الدراسة بسِمةٍ منهجية؛ فإننا سنختارُ من الشعراء من نشاء، دون أن نتقيَّدَ بعصرٍ مُعين، وإنما نمدُّ أيدينا إلى المكتبة ونختار من شُعرائها من يَطيبُ لنا أن نختارَه ونُقلِّب العين بين قصائده، ونرى أثَرَ القصة في شعره؛ فاعتقادي أنَّ ما كانت تَرويه هذه القصائد وما كانت تتناقَلُه ألسِنةُ العرب بعد ذلك جعلهم في غِنًى عن إنشاء القصة وروايتها.

ثروت أباظة

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤