القصة في شعر عُمر بن أبي ربيعة

لعلَّ عمر بن أبي ربيعة هو أول شاعرٍ في العربية أحبَّ الحُبَّ لذاتِه، وعَشِق الهوى نفسَه دُون أن يثبُتَ على حبِّ واحدةٍ بذاتها، كما فعل مجنون ليلى، وكُثيِّر عزة وجميل بُثينة. فعُمر بن أبي ربيعة أحبَّ الكثيرات، وغنَّى الحُبَّ لجيله وللأجيال بعدَه. ويبدو لي أن عُمر أحبَّ الشِّعر كما أحبَّ الحُب، ولم يكن عُمر شاعرًا فقيرًا يتكسَّبُ بالشِّعر ويَدور به على ذي الوَجاهة والغِنى، فهو ينتسِبُ إلى قريش وحسْبُه هذا نسَبًا، وهو غَنيٌّ مَوفُور، فالفنُّ عنده للفن، وإن كانت الأجيال التي تلتْ جيل عُمر قد أحبَّتِ الفن، وفكَّرتْ أنه قد يَجلُبُ إليها نَباهة الذِّكر، وبُعد الصِّيت، فما أظنُّ هذا المعنى قد خالَطَ حُبَّ عمر لفنِّه، فقد كان نابِهَ الذِّكر، بِحُكم انتسابِه إلى أشرَفِ بيتٍ عرَفَهُ العرب، وقد كان يستطيع أن يُوفِدَ الشعراء فيتغنَّوا به، ولكنه أراد هو أن يتغنَّى، فغنَّى أعذبَ الغناء وأجملَه وأرقَّه.

وقد كان عُمر في مَولِده قريبًا من عام هِجرة الرسول عليه الصلاة والسلام، فقد وُلِد عُمر في عام ثلاثة وعشرين للهجرة وتُوفِّي سنة ثلاثٍ وتِسعين، فهو إذن من شُعراء صدْر الإسلام، الذين تأثَّروا بالشِّعر الجاهلي أعظمَ التأثُّر، ولكن في رهافةِ حِس، ونقاءٍ فني مُشرق، تخلَّص من ألفاظ الجاهلية الصَّعبة وجاء شِعره كالنَّبع الرَّقراق الصافي. وفي هذه المُحاولة التي نُحاولها، سنجِدُ أن عُمر بن أبي ربيعة من أعظم الشعراء الذين أحسَنوا فنَّ القصة، وقدَّموا منها الكثير في قصائدهم.

وقد استطاع عُمر بِعُذوبته، أن يفرِض نفسه على جيله وعلى الأجيال بعدَه، حتى يَومِنا هذا، وإن الكثير مِمَّا نُردِّده في حياتنا اليومية، ينتسِبُ إلى عُمر لِما في ألفاظه من موسيقى، وفي نظمِهِ من إحكام، فلا تُحسُّ عنده لفظة تُريد أن تَنبُو عن مكانها، ولا قافية غير مُطمئنَّة في بَيتِها.

ولعلَّ قصيدتَه «أمِن آلِ نُعم» من أعظم القصائد التي ثبَّتَتْ دعائم القصة في الشعر العربي، ولعلَّها هي وبعض قصائد أخرى لعُمر التي أوحتْ إليَّ أن أتتبَّع القصة في الشعر العربي قدْر الجُهد. وقد وقعتْ في يدي نُسخة من دِيوان عُمر ابن أبي ربيعة، أشرف عليها بشير يموت، ووجدتُه يقول فيما قدَّم به الديوان: «وإنك لتجِد له في قصيدته «أمِن آلِ نُعم» قصَّة لو تجرَّد لها قلَمُ كاتب روائي، لأخرج منها رواية، لا تجِدُ أبدعَ منها ولا أوْفَى في بابِها، في أسلوبٍ ما يَعرِفُهُ رمبو ولا دي موسيه ولا غيرهما من مَعبودي الفِتيانِ المُتفرنجين.» وهكذا كان عجيبًا أن ينظُر إليَّ شارحُ الديوان، من وراء عام أربعة وثلاثين وتسعمائة وألف، ليَجِدَني أحاوِلُ أن أُقدِّم القصة في شِعر عُمر بعد ذلك بأربعين عامًا.

والآن، فلنُردِّد معًا قصيدةً أخرى لعُمر بن أبي ربيعة، ولستَ بمُحتاجٍ أن أُشير لك إلى مِقدار العُذوبة والرِّقَّة التي تتمتَّع بها، وإني لمُنتقِل بك بعد ذلك إلى قصيدة أمِن آلِ نُعم، ولكن يَطيب لي أن أُقدِّم هذه أوَّلًا بين يَدَيك، وإنك لواجِدٌ أنَّ القصة فيها لا تحتاج إلى إشارة:

أرسَلتْ خلَّتي إليَّ بأنَّا
قد أتَينا ببعضِ ما قد كتَمْتَا
وبِهِجرانكَ الرَّبابَ حديثًا
سَوءةٌ يا خليلُ ما قد فعلْتَا
وهجرتَ الرَّياب من حُبِّ سُعدى
ونَسيتَ الذي لها كُنتَ قُلتَا
ولعَمري ليَحسُننَّ عزائي
عنك إذ كنتَ غَيرَها قد ألِفتَا
وكأنِّي قد كنتُ أعلم أنِّي
لستُ إلَّا كمَنْ به قد غَدرْتَا
غَير أن قد غَدرْتَني قَبل خُبرٍ
فوَجدناك كاذبًا إذ خُبِرتَا
أين أيمانُك الغليظةُ عِندي
ومواثيق كلُّها قد نَقضْتَا
لا تخون الرَّباب ما دمتَ حيًّا
يا ابنَ عَمِّي فقد غَدرْتَ وخُنتَا
وأتيتَ الذي أتَيْتَ بِعمدٍ
لم تَهبْنا لذاك ثُمَّ ظَلمْتَا
إنْ تَجِدَّ الوِصالَ مِنك فإنَّا
قبَّحَ اللهُ بعدَها مَن خدَعْتَا
من كلامٍ تَهزُّهُ وبِحَلفٍ
فلَعَمري فرُبَّما قد حَلَفْتا
ثُمَّ لم تُوفِ أو خلفتَ بعهدٍ
بئسَ ذُو مَوضِعُ الأمانةِ أنْتَا

أتُراك تلمَح قصة الحبيب الغادِر وكيف اكتملتْ في هذه الأبيات، وكيف رَواها لك على لِسان خليلتِه، وتُحسُّ بِرَنَّة الاعتزاز، إنه غادِر لا يُقيم على عَهد، ولا يُبقي على أيمانٍ، كثيرة ما كثُرَتْ هذه الأيمان، وغليظة ما غَلُظت.

أينَ أيمانُك الغليظةُ عِندي
ومَواثيق كلُّها قد نقضْتَا
لا تخون الرباب ما دمتَ حيًّا
يا ابنَ عمِّي فقد غدرتَ وخُنتَا

هذه الأيمان التي كُنتَ تُقسِمها ألَّا تخونَ الربابَ ما دُمتَ حيًّا، فقد غدرتَ وخُنت، فبئسَ ذو مَوضِع الأمانة أنت. والشاعر سعيد تترنَّحُ نغماتُ السعادة في أبياته جميعًا أنَّهُ غير وَفِي. إنه يُمثِّل لنا فلانتينو وكازانوفا ودون جوان، وكيف كان اعتزازُهم أنهم لا يَبقَون على حُبٍّ واحد، وهكذا كان عُمر بقصَصِه الشِّعري، يُمثل حالةً غريبة على عَصره، فحِين كان جميل والمجنون قَيس، يُشبِّبون بفتاةٍ واحدة، يرَون الدنيا جميعها فيها، يَنتقِل عُمر بن أبي ربيعة بين الفتياتِ خفيفَ القلب، رقيقَ الشِّعر، سعيدًا أنه يَغدُرُ بالفتاةِ قبلَ أن تغدُرَ به، ولا يُراعي في ذلك عهدًا ولا مِيثاقًا، واثِقًا أنَّها هي أيضًا لن ترعى عهدًا أو مِيثاقًا إذا طال الأمَدُ بِحُبِّهما.

والآن بِنا إلى قصيدته الشهيرة «أمِن آل نعم».

إنَّ أكثر ما أخافُهُ وأنا مُقدِمٌ على قصيدة «أمِن آلِ نعم» ألَّا أجِدَ شيئًا أُقدِّمُها به، ولا أجِدَ شيئًا أعلِّقُ على أبياتها؛ فالقصيدة قصَّةٌ كاملة، وإن شئتَ أن تتناوَلَ خُيوطها وتنسج لاستطعْتَ أن تَخرُج برواية، وألفاظها سهلةٌ مَيسورة، قريبة المعاني، لا تكاد تحتاج إلى أيِّ تعليق. ومع ذلك فماذا علينا أن ننظُر في أبياتها معًا، ثم نرى ماذا نَستطيع أن نقول.

القصيدةُ طويلة، وقد اخترتُ أن أجمَعَ منها ما يكوِّنُ القصة، وهكذا حوَّلتُها في هذا الاختيار من القَصص الواقِعي القديم إلى القَصَص الواقعي الحديث؛ فقد كان القديم يُعنى بالتفاصيل والوَصْف الدقيق، وحين تطوَّرتْ نظرية الأدب الواقعي، أصبحتِ الخطوط القليلة تكوِّنُ الصورة، دُون كبير عناية بالتفاصيل، وهكذا أصبحت قصيدة أمِن آلِ نُعم بعد أن حَجَبْتُ منها بِضعةَ أبياتٍ في الوصف:

أمِن آلِ نُعم أنت غادٍ فمُبكِرُ
غداةَ غدٍ أم رائحٌ فمُهجرُ
لِحاجةِ نفسٍ لم تقُلْ في جوابِها
فتبلُغَ عُذرًا والمقالة تُعذِرُ؟
تَهيمُ إلى نُعمٍ فلا الشملُ جامِعٌ
ولا الحبلُ مَوصولٌ ولا القلبُ مُقصِرُ
ولا قُربُ نُعمٍ إن دنَتْ لك نافِعٌ
ولا نَأيُها يُسلِي ولا أنت تَصبِرُ
إذا زُرتُ نُعمًا لم يَزَلْ ذُو قرابةٍ
لها كُلَّما لاقَيتُها يَتنمَّرُ
عزيزٌ عليه أن أُلِمَّ بِبيتِها
يُسِرُّ ليَ الشحناءَ والبُغضَ يُظهِرُ
ألِكني إليها بالسلام فإنَّهُ
يُشَهَّرُ إلمامي بِها وَيُنكَّرُ
بآيةِ ما قالت غَداةَ لَقِيتُها
بمدفعِ أكنافٍ أهذا المُشهَّرُ؟
قِفي فانظُري أسماءُ هل تَعرفينَهُ
أهذا المُغيريُّ الذي كان يُذكَرُ؟
فقالت: نعم لا شكَّ غَيَّرَ لَونَهُ
سُرى الليلِ يُحيي نَصَّهُ والتَّهجُّرُ

أورأيتَ كيف استطاع في هذه الأبيات القليلة أن يَروي لنا صِلتَهُ القديمة بها، وكيف قامتِ العداوة والبَغضاء بينَهُ وبين أهلها، ثمَّ كيف طال البُعاد بينهما، وكيف هي من حُبِّهِ حتى لتقول لرفيقَتِها إنه هوَ وقد حال لَونُهُ وتغيَّرَ من طُول ما سرى في الليلِ ومشى في هَجير الشمس وحرِّها، ولو أراد القاصُّ المُتمكِّنُ أن يُقدِّمَ لك هذا التاريخ جميعه ما استطاع أن يُقدِّمَه في أبرَعِ ولا أرْوَعِ من هذه الصورة، فهو يَتنقَّل من لغة المُتكلِّم إلى لغة الحوار في مَقدِرةٍ فائقة، حتى ما تكاد تُحسُّ بهذا التنقل. ثم هو يُومئ إلى القصة بهذه البَغضاء التي يُكنُّها له بعض أهل حبيبته، وكأنَّ هذه البغضاء خَبَرٌ يُتلى ولا صِلةَ له بعُقدة القصة. وهكذا يفعل القصصي البارع، فهو لا يكشف عن النهاية ومع ذلك لا بدَّ أن يُومئ بها إيماءً حتى لا تَجيء النهاية مُفاجئة، ولنمْضِ معًا إلى بَقيَّةِ الأبيات:

وليلةَ ذِي دَوران جَشَّمْتِني السُّرى
وقد يَجشَمُ الهولَ المُحبُّ المُغرَّرُ
فبِتُّ رقيبًا للرِّفاق على شَفا
أحاذِرُ منهم مَن يَطوفُ وأنظُرُ
إليهم متى يَستمكِنُ النوم مِنهُمُ
ولي مَجلِسٌ لولا اللُّبانةُ أوْعَرُ
وبِتُّ أُناجي النفسَ أين خِباؤها
وكيف لما آتي مِن الأمْرِ مَصدَرُ

أرأيْتَ هذه الحيرة التي تتردَّدُ في نفسِه؟ إنها التشويق من الكاتب القصصي القادر، ولا يُطيل من هذه الحيرة شأنَ الكاتب المُترفِّع الذي يَعفُّ عن تقديم التشويق للتشويق، فيَسوقُهُ في خُيوطِ القصة سِرًّا وكأنَّهُ لا يُريده لِذاتِهِ.

فدلَّ عليها القلبَ رَيَّا عَرفْتُها
لها وهوى النفسِ الذي كادَ يَظهَرُ

وهكذا يَعود كاتبًا قصصيًّا رُومانسيًّا، لقد عرَف الخِباء بعبَقٍ يَعرفُه من فتاته، وبِهَوى قلبِهِ الذي يُكِنُّه لها.

فلمَّا فقدتُ الصوتَ منهم وأُطفِئتْ
مصابيح شُبَّتْ بالعشاء وأنؤرُ
وغاب قُمَير كنتُ أهوى غُيوبَهُ
وروَّح رُعيان ونوَّم سُمَّرُ
وخُفِّضَ عنِّي الصوتُ أقبلتُ مشيةَ الـ
ـحُبابِ وشخصي خشيةَ الحيِّ أزْوَرُ

أرأيتَ القصَّاص كيف يرسُم صورته حين اطمأنَّ أنه يستطيع أن يذهب إلى ضحيتها التي عرَفها بِرِيَّاها وحُبِّهِ. قام يمشي كأنَّهُ الحُباب مُلتفتًا إلى الحي مُحاذَرةَ أن يراه أحد وهو في طريقه إليها؛ صورة فنية كاملة، ودون أي مُقدِّمات.

فحيَّيتُ إذ فاجأتُها فتولَّهتْ
وكادتْ بمكنونِ التحيةِ تجهرُ
وقالتْ وعضَّتْ بالبنانِ فضحتَنِي
وأنتَ امرؤٌ مَيسورُ أمرِكَ أعسَرُ
أريتكَ إذ هُنَّا عليك ألم تَخَفْ
رقيبًا وَحَولي من عَدوِّكَ حُضَّرُ
فوالله ما أدري أتعجيلُ حاجةٍ
سرتْ بك أم قد نامَ من كنتَ تحذَرُ
فقلتُ لها بل قادَني الشوقُ والهوى
إليك وما نفسي من الناس تشعُر
فقالتْ وقد لانتْ وأفرَخَ رَوعُها
كَلاكَ بِحفظٍ ربُّكُ المُتكبِّرُ

•••

فبتُّ قريرَ العينِ أُعطيتُ حاجتي
أُقبِّلُ فاها في الخلاءِ فأُكثِرُ
وتَرنو بِعينَيها إليَّ كما رَنا
إلى ظَبيةٍ وسط الخميلة جُؤذَرُ
فما راعَني إلَّا مُنادٍ ترحَّلوا
وقد لاحَ معروفٌ من الصبحِ أشْقرُ
فلمَّا رأتْ مَن قدْ تنبَّهَ منهم
وأيقاظَهم قالت: أشِرْ كيفَ تأمُرُ
فقلت: أُباديهم فإمَّا أفوتُهم
وإمَّا ينالُ السيفُ ثأرًا فيَثأرُ
فقالت: أتحقيقًا لِما قال كاشِحٌ
علينا وتصديقًا لما كان يُؤثرُ
فإن كان ما لا بُدَّ منه فغَيرُه
من الأمر أدنى للخَفاء وأَسْتَرُ
أقصُّ على أُختيَّ بَدءَ حديثِنا
وما ليَ مِن أن تَعلَما مُتأخَّرُ

•••

فقامتْ كئيبًا ليس في وَجهِها دمٌ
مِن الحُزن تُذري دمعةً تتحدَّرُ
فقامتْ إليها حُرَّتانِ عليهما
كِساءانِ من خَزٍّ دِمَقسٍ وأخضرُ
فقالتْ لأختَيها أَعِينا على فتًى
أتى زائرًا والأمرُ للأمرِ يُقدَرُ
فأقبَلَتا فارْتاعَتا ثُمَّ قالَتا
أقِلِّي عليكِ اللومَ فالخطبُ أيسَرُ
فقالتْ لها الصُّغرى سأُعطيهِ مِطرَفي
ودِرعي وهذا البُردَ إن كان يَحذَرُ
يقوم فيمشي بينَنا مُتنكِّرًا
فلا سِرُّنا يفشُو ولا هو يَظهَرُ
فكان مِجنِّي دُونَ من كنتُ أتَّقِي
ثلاثُ شخوصٍ كاعِبانِ ومُعصِرُ
فلمَّا أجزْنا ساحة الحيِّ قُلنَ لي
أمَا تَتَّقي الأعداءَ والليلُ مُقمِرُ
وقُلنَ أهذا دأبُكَ الدهرَ سادِرًا؟
أمَا تَستحي؟ أو ترعَوي؟ أو تُفكِّرُ؟
إذا جئتَ فامنَحْ طرفَ عَينِكَ غَيْرَنَا
لكي يَحسَبوا أنَّ الهوى حيثُ تنظُرُ
فآخِرُ عهدٍ لي بها حِين أعرضتْ
ولاح لها خدٌّ نقيٌّ ومِحجَرُ

أرأيتَ أجملَ من هذا قصصًا مُتكاملًا؟ ألم تتلاحَق أنفاسُك حين أسفر الصبح ووجدَه بين القبيلة؟ ثم ألمْ تهدأ أنفاسُك والأُختان تؤنِّبانه؟ لقد انتهت المُشكلة فهما تُريدان منها أن تكون له رادِعًا فيرعوي.

أتراني أحتاج إلى تعليق؟ أمَّا أنا فلا تعليق عندي، فهل لديك أنت تعليق غير الاستِحسان؟

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤