الاسْتِنْطاء

جعل العين الساكنة نونًا

في «القاموس»: «وأنْطى: أعْطَى.» وفي الشرح قال الجوهري: هي لغة اليمن. وقال غيره: هي لغة سعْد بن بكر وهُذيْل والأزد وقيْس، والأنصار يجعلون العين الساكنة نونًا إذا جاوزت الطاء، وقد مر ذلك في المقصد الخامس من خطبة هذا الكتاب.

وهؤلاء من قبائل اليمن ما عدا هُذيْل، وقد شرفها النبي قال لرجل: «أنْطِه كذا وكذا»؛ أي أَعْطِه. وفي حديث آخر: «وأن مالَ الله مسئولٌ ومُنْطَى»؛ أي مُعْطَى. وفي حديث الدعاء: «لا مانع لما أنْطَيْتَ.» وفي حديث آخر: «اليد المُنْطِية خيرٌ من اليد السُّفلى.» وفي كتابه لوائل: «وأنْطوا الثبجَة.» وفي كتابه لتميم الداري: «هذا ما أنْطَى رسول الله …» إلى آخره، ويسمون هذا «الإنطاء الشريف» وهو محفوظ عند أولاده …

قال شيخنا: وقرئ بها شاذًّا: «إنَّا أنْطيْنَاكَ الكَوْثَر.» ا.ﻫ.

والذي ذكره في المقدمة هو: والاستنطاء لغة سعد بن بكر، وهذيل، والأزد، وقيس، والأنصار يجعلون العين السكنة نونًا إذا جاوزت الطاء، كأَنْطَى في: أعطى. ا.ﻫ.

وهي عبارة «المزهر» إلا أنه قال: «تجعل»، بدل: «يجعلون».

وفي «تفسير أبي حيان»، ج٨، ص٥١٩: وقرأ الجمهور «أعطيناك» بالعين، والحسن وطلحة وابن محيْصن والزعفراني: «أنطيناك» بالنون، وهي قراءة مروية عن رسول الله . قال التبريزي: هي لغة للعرب العاربة من أولى قريش، ومن كلامه : «اليدُ العليا المُنْطِية، واليد السُّفْلَى المُنَطَاةُ.» ومن كلامه أيضًا — عليه الصلاة والسلام: «وأنْطُوا الثبَجَةَ.» وقال الأعشى:

جِيادُك خيرُ جياد الملُوكِ
تصان الحلال١ وتُنطيِ السِّعِدا
قال أبو الفضل٢ الرَّازِيُّ، وأبو زكريَّا التبريزي: أبدل من العين نونًا، فإن عنِيا النون في هذه اللغة مكان العين في غيرها فَحَسَنٌ، وإن عنيا البدل الصناعي فليس كذلك، بل كل واحدة من اللغتين أصلٌ بنفسها، لوجود تمام التصرف من كل واحدة، فلا تقول العين ثم أبدلت النون منها. ا.ﻫ.

واستشهد في «اللسان» أيضًا بقول القائل وأنشده ثعلب:

من المُنْطِيَاتِ الموكبُ المعْجُ بعدما
يرى في فروع المُقْلتيْن نُضُوبُ

وفي «المزهر» للسيوطي، ج١، ص١٠٩: «ومن ذلك: الاستنطاء في لغة سعد بن بكر وهُذيْل والأزد وقيس والأنصار، تجعل العين الساكنة نونًا إذا جاوزت الطاء، كأنْطى في: أعْطى.» ا.ﻫ.

وفي «الاقتراح» للسيوطي ص٩٩: نقل عبارته في «المزهر». وفي حاشية الاقتراح لابن الطيب المسماة «نشر الانشراح» ص٤٤٢ ما نصه قوله: «الاستنطاء كأنَّه استفعال.» من نطَى؛ أي: طلب هذا اللفظ. وفي الشرح٣ أنه رآه بخط الجمالي العصامي مضبوطًا بالقلم بالمهملة بعد فوقية مكسورة، فمُعْجَمة.

قلت: وهو بعيد عن المقصود، بل لا معنى له؛ لأن ظاهره أنه يوجد في الكلام «نظى» بعجم الظاء ولا وجود له، والله أعلم. قوله: «جاوَرَت» بالجيم والراء المهملة؛ أي: كانت لها جارة، بأن وقعت قبلها كما في المثال، من المجاورة وهي الملاصقة في البيوت، قوله: و«أنطى» بالنون في: أعطى بالعين، وقد قرئ شاذًّا: «إنَّا أَنْطَيْنَاك الكوثر» عن أُبَيٍّ وابن مسعود والحسن، وروي في الدعاء: «لا مانع لما أنْطَيْتَ.» ونسبها عِياضٌ لأهل اليمن، ولا منافاة.» ا.ﻫ.

١  كذا في الأصل.
٢  لعله «أبو الفضل الرازي» كنيته للإمام الفخر الرازي، لما هو معروف عنه ومشهود له به.
٣  يعني «شرح ابن علان» على «الاقتراح».

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤