تمهيد

مصر والشام والعراق وجزيرة العرب جارات، بل أخوات كريمات، تربط بينها برًّا سيناء وبحرًا البحر المتوسط والبحر الأحمر، وقد طالما ضمَّها في التاريخ سلطان واحد، ومرَّ على مصر أزمان طوال قبل تقدم الملاحة لم يكن بينها وبين جاراتها اتصال إلا بطريق سيناء، فسيناء هي طريق الفاتحين الرعاة والآشوريين والفرس والعرب والترك إلى مصر، وهي طريق الفاتحين الفراعنة إلى الشام والعراق وجزيرة العرب، ولا تزال الطريق البرية للمهاجرين والحجاج والتجار والغزاة بين مصر والشام والعراق والحجاز إلى اليوم.

لذلك ولما كانت الحرب الحاضرة قد جدَّدت الحملة على مصر بطريق سيناء، وكان المراد الإلمام بتاريخ سيناء من جميع وجوهه؛ كان لا بدَّ لنا من ذكر هذه الحملة وما كان بين مصر وجاراتها من الوقائع الحربية والصلات التجارية وغيرها عن طريق سيناء منذ انبلج فجر التاريخ إلى اليوم.

ثم إن الباحث في تاريخ مصر والشام والعراق كلما تعمَّق في البحث وجد أن معظم سكان هذه البلاد كانوا في كل عصور التاريخ — كما هم في هذا العصر — عربًا أو من أصل عربي، وكانت لغتهم العربية أو أختًا لها، وعليه فأول الصلات التي تربط هذه البلاد بعضها ببعض وأهمها هي الصلة الجنسية العربية.

لذلك يجدر بنا قبل ذكر الصلات الحربية والتجارية أن نأتي على زبدة تاريخ هذه البلاد وشعوبها وممالكها إيضاحًا لهذه الحقيقة وإتمامًا للفائدة فنقول …

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤