خلاصة تاريخ العراق

نعني بالعراق جميع البلاد الواقعة ما بين النهرين: الفرات ودجلة، مع أن «العراق» يطلق في الأصل على القسم الجنوبي من هذه البلاد إلى بغداد، ويطلق على البلاد التي إلى شمال بغداد اسم «الجزيرة»، ولكن أطلقنا اسم العراق على البلاد كلها توسعًا.

وهذه البلاد من أخصب بلاد الدنيا وأغناها، والمشهور أن جنة عدن كانت فيها، وأنها موطن الإنسان الأول، ولقد قام فيها عدة ممالك اشتهرت في التاريخ، وهي:
  • مملكة السومريين والأكاديين: وهي أقدم ممالكها.
  • مملكة الكلدان الأولى: وعاصمتها بابل على الفرات؛ ولذلك تسمى أيضًا مملكة بابل، ومن مدنها أور الكلدانيين التي خرج منها إبراهيم إلى أرض كنعان كما مرَّ، وقام في هذه المملكة سبع دول كانت الدولة الخامسة منها عربية، وأشهر ملوك هذه الدولة الملك حمُّورابي، وقد مرَّ ذكرها.
  • مملكة آشور: قامت على أنقاض مملكة بابل الأولى، وكانت عاصمتها آشور ثم نينوى، وكلتاهما على دجلة، ودامت هذه المملكة من نحو سنة ١٣٠٠ق.م إلى نحو سنة ٦٠٩ق.م وكان لها شأن مع مصر وسوريا كما سيجيء.
  • مملكة بابل الثانية: دامت من سنة ٦٠٩–سنة ٥٣٩ق.م، وكان أشهر ملوكها نبوخذنصَّر.
  • مملكة مادي وفارس: قامت هذه المملكة أولًا في مادي، ثم تغلبت فارس عليها في أيام ملكها كورش، فسميت مملكة مادي وفارس، ثم استولى كورش على بابل وعلى جميع أملاكها في سوريا سنة ٥٣٩ق.م، واستولى ابنه قمبيز على مصر، وهكذا طمى سيل الفرس في الشرق على الساميين الذين تسلطوا على غرب آسيا قرونًا، وأظهروا من البأس والسطوة والتمدن والعلم ما لم يظهره شعب آخر من شعوب آسيا.
  • المملكة اليونانية أو السلوقية: ودامت مملكة مادي وفارس على العراق حتى افتتح الإسكندر بابل من ملكها داريوس سنة ٣٣١ق.م، وبعد موت الإسكندر آلت إلى يد قواده فاستولى السلوقيون عليها وعلى سوريا معًا، فبنى سلوقوس مؤسس الدولة السلوقية مدينة على العاصي، وسماها أنطاكية على اسم أبيه، وجعلها كرسي ملكه وهجر بابل وبنى مدينة على دجلة سمَّاها باسمه.
  • مملكة الفرثيين: وبقي حكم السلوقيين على العراق حتى انتزعها الفرثيون منهم سنة ١٧٤ق.م فدام ملكهم إلى سنة ٢٢٦ب.م.
  • المملكة الساسانية: أو الفارسية الوسطى: خلفت مملكة الفرثيين على العراق، وكانت مدتها ٤١٠ سنين من سنة ٢٢٦–سنة ٣٣٦ب.م. وظهر فيها ٢٨ ملكًا أشهرهم أزدشير الأول مؤسس المملكة، ثم كسرى أنوشروان ويزدجرد الثالث المار ذكرهما.
  • الخلافة العربية: وفي سنة ٦٣٦م غزا العرب العراق في خلافة عمر بن الخطاب وملكوها من الفرس، وفيها نشأت الدولة العباسية وكانت عاصمتها بغداد.
  • المملكة التترية: وبقيت إلى سنة ١٢٥٨م إذ تغلب عليها هولاكو التتري، وأسس فيها الدولة التترية، ثمَّ استولى عليها تيمورلنك سنة ١٣٩٣، وتوفي سنة ١٤٠٥.
  • المملكة الفارسية: وضعفت البلاد بعد تيمورلنك، وكان الفرس قد تقووا وأسسوا مملكة في طهران، فهاجموا بغداد في عهد ملكهم الشاه إسماعيل الأول، فافتتحوها سنة ١٥٠٢م.
  • السلطة العثمانية: واستولى الترك العثمانيون على القسطنطينية سنة ١٤٥٣، فلم يسعهم أن يكون الفرس شوكة في جنبهم، فسعوا لفتح العراق منذ أيام السلطان سليم، وتمَّ لهم ذلك في أيام السلطان سليمان الكبير سنة ١٥٣٤م كما مرَّ، ولكن الفرس أعادوا الكرة على بغداد سنة ١٦٢٠ في عهد الشاه عباس الأول، وبقيت إلى أن قام السلطان مراد الرابع فاسترجعها من الفرس سنة ١٦٣٨، ودامت بيد الأتراك حتى هذه الحرب.

وتقسم العراق إداريًّا إلى ثلاث ولايات: الموصل، وبغداد، والبصرة، ومتصرفية الزور.

ويقدر عدد سكانها بنحو ثلاثة ملايين وكلهم عرب، النصف حضر والنصف الآخر بدو متحضرون أو بدو صرف، وهناك بعض عشائر الأكراد في السليمانية وغيرها.

وهم في المذهب مسلمون: سنِّيون وشيعة، ومسيحيون: كلدان وسريان ويعاقبة، ويهود: قرائون وربانيون، وتسعة أعشارهم مسلمون والعشر الباقي من سائر الطوائف، وبين المسلمين أسرات من آل البيت أشهرهم:
  • الفاروقيون: من سلالة عمر بن الخطاب، ويسكنون الموصل، وكبيرهم حسن بك العُمري، ومنهم محمد شريف الفاروقي من الضباط النجباء.
  • والسادة: من سلالة علي بن أبي طالب، يسكنون الموصل وبغداد والبصرة، وكبيرهم السيد طالب النقيب.
  • والسويديُّون: من سلالة الخلفاء العباسيين، وكلهم في بغداد.
  • والجيلانية: في بغداد وهم ذرية عبد القادر الجيلاني من أكبر أقطاب الصوفية المدفون ببغداد، وكبيرهم السيد عبد الرحمن النقيب.
  • والألوسيون: من أشهر أسرات بغداد وأقدمها، وكبيرهم السيد محمود شكري الألوسي، وهو مروَّج مذهب السلفية «الوهابية» في العراق.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤