الفصل التاسع

في سكانها

(١) سكانها الأصليون الذين بادوا

لقد دلَّت الآثار التي خلَّفها الفراعنة في سيناء أنَّ سكان هذه الجزيرة كانوا منذ بدء التاريخ من أصل سامي كسكان سوريا، وكانوا يتكلمون لغة غير لغة المصريين، وقد عُرِفوا على الآثار المصرية باسم «هيروشاتيو»؛ أي أسياد الرمال، وعرف سكان بلاد الطور خاصة باسم «مونيتو»، وعُرِفوا في التوراة عند مرور بني إسرائيل في الجزيرة «بالعمالقة»، ورأيت في دِرج في دير سيناء أنَّ سكان الجزيرة في عهد يوستينيانوس في أوائل القرن السادس للمسيح هم «الأعراب بنو إسماعيل»، وبنى يوستينيانوس المذكور ديرًا لرهبان طور سيناء، وبعث إليه بحامية خليط من أروام ومصريين عُرفوا «بالجباليَّة» نسبة إلى جبل الطور، وما زالوا يسكنون ضواحي الجبال إلى اليوم.

ثم ظهر الإسلام في جزيرة العرب في أوائل القرن السابع للمسيح، وفتح العرب المسلمون جزيرة سيناء، فتغلبوا على أهلها الأصليين، فأبادوا أكثرهم واستعبدوا الباقين، أو أجلوهم عن البلاد، وسكنوها إلى هذا العهد.

وأقدم القبائل الأصلية التي بقي لها أثر في الجزيرة بعد أن افتتحها العرب المسلمون هم، الحَماضة، والتَّبَنة، والمواطرة في بلاد الطور، والبدارة في جبال العجمة من بلاد التيه، وقد دخلوا في حمى العرب الفاتحين، واتخذوا لغتهم وديانتهم وعاداتهم، ولكنهم ما زالوا منفصلين عنهم في الجنس، فالبدو الفاتحون لا يزوجونهم ولا يتزوجون منهم، ولا يقيمون حربًا عليهم إلى اليوم.

أمَّا «الحَماضة» فالمشهور أنهم كانوا أسياد البلاد قبل الصوالحة، وكان مجتمعهم في حديقة فيران، وكانوا مدة الصيف يذهبون كل ليلة إلى عرق رجامات البيض في أسفل الوادي، ويبيتون فيه فرارًا من البعوض كما مرَّ، ثم يعودون في الصباح إلى الحديقة، وهم الآن شرذمة قليلة لا يزيدون عن أربعين بيتًا، وقد دخلوا في حمى العليقات.

وأمَّا «التَّبنة» فقد تقدم أنهم من سكان حديقة فيران الأصليين، يزرعون أرضها ويلقحون نخيلها إلى اليوم، وأمَّا «المواطرة» فيسكنون حديقة الحمام قرب مدينة الطور، يزرعون أرضها ويلقحون نخيلها، كالتبنة في فيران، وقد رأيت لهم ذكرًا في بعض كتب الدير القديمة التي يرجع تاريخها إلى سنة ١٠٠١ﻫ/١٥٩٢م، ويظهر أنَّ التبنة والمواطرة من أصل واحد، وكلاهما أعرق في القدم من الحماضة، ولعلهم بقية نصارى فيران «وراية» الذي غُلبوا على أمرهم بعد فتح العرب لسيناء، وهم الآن في حمى الصوالحة.

وأمَّا «البدارة» ويبلغ عددهم نحو خمسين بيتًا، فيسكنون جبال العجمة، وربما سميت الجبال بالعجمة نسبة إليهم؛ لأنهم كانوا يتكلمون لغة أعجمية، وقد كانوا أولًا حلفاء التياها، ثم اختلفوا معهم منذ عهد قريب، فحالفوا الصفايحة اللحيوات، ولهم علاقة «حُسنى» مع العليقات.

وقد سكن أهل البلاد الأصليون في المغاور والكهوف، وفي منازل محكمة البناء من الحجر الغشيم والطين على هيئة قفير النحل، تعرف عند العرب بالنواويس، ولا يزال كثير منها قائمًا على رءوس الجبال وضفاف الأودية الشهيرة إلى اليوم كما مرَّ، وهي ترجع في تاريخها إلى خمسة آلاف سنة قبل المسيح أو أكثر.

(٢) سكانها العرب المسلمون الذين هجروها

وفي تقاليد بدو سيناء أنه قد هاجر من العرب المسلمين ٧٥ قبيلة من نجد والحجاز في سنة واحدة، فسكنوا مصر وسيناء وجنوب فلسطين، على أنَّ القبائل التي سكنت سيناء لم تثبت فيها كلها، بل هاجر كثير منهم إلى مصر أو سوريا، بعد أن أقاموا فيها مدة وضعف الباقون أو انقرضوا كلهم، ومن هؤلاء:

«الوُحَيدات، والرُّشَيدات، والرُّتَيمات، والجُبَارات، والعايد، والمعازة، والطُّميلات، وبنو واصل، وبنو سليمان، والعيايدة، والنُّفيعات.»

أمَّا «الوُحيدات والرُّشيدات» فقد ذكرهما صاحب درر الفرائد في رحلته إلى الحجاز سنة ٩٥٥ﻫ/١٥٤٨م، أنهما فرعان من بني عطية، وأنَّ عليهما درك النقب «نقب العقبة»، وأمَّا الآن فلا نرى أحدًا منهما في سيناء كلها، ونرى بقية من الوحيدات في بلاد غزة، وقد آل درك النقب منذ عهد بعيد إلى قبيلة أخرى من بني عطية، وهم العمران الحويطات كما سيجيء.

وأمَّا «الرُّتيمات والجبارات» فقد كانت مساكنهما في بلاد العريش الشرقية، فطردهما الترابين منها إلى بلاد غزة في أوائل القرن التاسع عشر بعد حرب دامت نحو عشرين سنة، كما سنبينه في محله.

وأمَّا «العايد» فهم الآن من سكان مديرية الشرقية في جهة بلبيس، وقد تحضَّروا وتركوا البادية، وهناك خط يُدعى خط العايد إلى اليوم، وليس لدينا دليل على أنهم سكنوا جزيرة سيناء، ولكنا نرى أنَّ الحكومة المصرية عهدت إليهم قديمًا خفر المحمل الشريف من مصر إلى العقبة، وقد ورد ذكرهم في كتاب «الأم» — المحفوظ الآن في الدير — أن لهم الإشراف على قبائل الطَّورة، وفي بيت شيخهم كانت تُعقد شروط الاتفاق بين عرب الطورة ورهبان دير سيناء بشأن تأجير الإبل، وتأمين الطرق ونحوها كما سيجيء، والعايد الآن فريقان، فريق يرجع بنسبه إلى إبراهيم العايدي، وفريق إلى حسن أباظة، ومن هذا الفريق أسرة أباظة المشهورة، وكبيرها إسماعيل باشا أباظة، قيل وينتهي نسب العايد إلى عقبة إلى جزام إلى قحطان، وكانت جزام في جملة من دخلوا مصر مع عمرو بن العاص.

وأمَّا «المعازة والطميلات» فإنهم رحلوا من سيناء إلى مصر، وبقي لهم إلى الآن بعض الأملاك في برِّ قَطْيَة من بلاد العريش.

وأمَّا «بنو واصل» فقد أجمع ثقات سيناء أنهم من بني عقبة من عرب الحجاز، وأنهم هاجروا إلى بلاد الطور من عهد بعيد، واقتسموا البلاد مع الحماضة المار ذكرهم، فأخذ بنو واصل القسم الجنوبي إلى وادي فيران، وأخذ الحماضة القسم الشمالي؛ أي وادي فيران وشماليها إلى جبال التيه، وكانت منافع البلاد مقسومة بينهم بالسوية، ثم قامت بينهما حرب بشأن نقل الحجاج المصريين الذين كانوا يأتون بطريق الطور، وكانت الواقعة الكبرى في المكان المعروف بمكون الحماضة قرب وادي وردان كما مرَّ، فضعف حالهم جميعًا، فجاء الصوالحة والنفيعات من برِّ الحجاز واستولوا على البلاد، واقتسموا منافعها بينهم على نحو ما كان عليه بنو واصل والحماضة، وانضم من بقي من الحماضة إلى النفيعات، ثم إلى حلفائهم العليقات، وانضم من بقي من بني واصل، وهم الآن نحو ٢٠ بيتًا إلى الصوالحة، وقد رأيت ذكرًا لبني واصل في «كتاب الأم»، أنَّ بني عقبة أصحاب الدرك في قلعة المُوَيلح «ببر الحجاز»، تعدَّوا على تجار من بني واصل في ٤ صفر سنة ١٠٠٢ﻫ/٣٠ أكتوبر سنة ١٥٩٣م، وفي مصر في مديرية جرجا قبيلة من بني واصل.

وأمَّا عرب «بني سليمان» فالظاهر أنهم كانوا قبيلة قوية في الجزيرة، ولعلهم دخلوا الجزيرة مع بني واصل، وكانوا حلفاءَهم، ثم ضاق بهم العيش فرحلوا إلى مصر، وسكنوا مديرية الشرقية، ولم يبقَ منهم في الجزيرة الآن سوى بيت واحد انضم إلى القرارشة الصوالحة، وقيل هم فرع من بني عطيَّة المساعيد كما سيجيء.

وأمَّا «العيايدة» فإنهم استوطنوا بلاد الطور مدة، ثم رحلوا عنها بسبب القحط في الأرجح إلى مصر، فسكنوا مديرية الشرقية وغربي بلاد العريش، ومن الأقوال المأثورة عنهم أنهم قالوا عند ارتحالهم من بلاد الطور: «تركنا الشر في خُشيم الطر»، وبقي لهم كرم نخيل في وادي فيران إلى عهد قريب، فرهنه سليمان بن غانم العيادي عند رجل من العوارمة، ثم باعه له سنة ١٩٠٥.

وأمَّا «النفيعات» فالراجح أنهم دخلوا بلاد الطور مع الصوالحة، فوجدوا الحماضة وبني واصل في ضعف، فاستولوا على البلاد واقتسموها فيما بينهم كما مرَّ، واقتسموا أيضًا غفر الدير ونقل الحجاج والسياح.

ثم جاء العليقات من بلاد الحجاز إلى الجزيرة، وحالفوا النفيعات، وصاروا معهم حزبًا واحدًا رئيسهم النُّفيعي، وسكن العليقات أولًا جهة عين حدرة والنويبع، ثم حصل قحط في الجزيرة، فرحل النفيعات إلى مصر وسكنوا مديرية الشرقية في مركز الزقازيق، وحل محلهم في الجزيرة حلفاؤهم العليقات، وترك النفيعات في الجزيرة «بدَنة» منهم يقال لها «السواعدة»، فسكنت مع العليقات إلى اليوم، ولا يزال للشيخ إبراهيم منصور عمدة النفيعات الحالي أملاك في أودية فيران والنصب وبعبعة من بلاد الطور، وفي بر قَطْيَة من بلاد العريش، وقد رأيت ذكرًا للنفيعات في كتب الدير يرجع تاريخها إلى سنة ١٠٠١ﻫ/١٥٩٣م، وهم ينتسبون إلى نافع بن مروان بطن من ثعلبة طي من نجد الحجاز.

(٢-١) حرب الصوالحة والعليقات

وفي تقاليد الطَّورة أنه في زمن حكم الأنطوش في قلعة مدينة الطور، اختلف الصوالحة والعليقات على قسمة منافع البلاد ونقل الحجاج، فقامت بينهم حرب، واقتتلوا في واقعة عظيمة في «وادي الحمام» قرب مدينة الطور، كان النصر فيها للصوالحة، وقالوا في تفصيل ذلك: إنَّ الصوالحة هاجموا العليقات ليلًا، وكان سرُّ الليل عندهم: «ادْهك يا داهوك»، فكانوا يرددون هذه الكلمة بصوت عالٍ؛ ليتعارفوا بها في الظلام، فمن لم يرددها علموا أنه عدو وقتلوه، قالوا: ولم ينجُ من جيش العليقات في تلك الواقعة سوى أربعين رجلًا، فضعف حالهم وعجزوا عن حفظ مركزهم مع الصوالحة.

واتفق أنه في هذه الأثناء هاجر جماعة من مُزَينة من «قبيلة حرب» بالحجاز، وأرادوا التوطن في سيناء، ولما كانوا هم والصوالحة من أصل واحد سألوهم الإقامة معهم، فضرب الصوالحة عليهم جعلًا قدره «نصفان» من الدراهم على كل بنت يزوجونها من بناتهم، فأبوا وحالفوا العليقات على أن يكون لكل قبيلة نصف منافع الجهة، ما عدا «منافع الدير» فإنها تبقى للعليقات وحدهم، فقوي بذلك العليقات وعادت الموازنة بينهم وبين الصوالحة كما كانت فهبوا لأخذ الثأر، قيل وقد ذهب واحد منهم بعد «واقعة الحمام» إلى مصر، فجلس على طريق سوق الخانكي ينادي:

عليقات يا عليقات يا أهل الرَّمَك والنجادة
الطور غربي سربال ما عقَّب إلَّا النكادة

فأمدَّهم حلفاؤهم النفيعات بنجدةٍ، فجيشوا جيشًا كبيرًا، وأرسلوا الجواسيس ترقب حركات الصوالحة، وكان الصوالحة قد ذهبوا لزيارة الشيخ صالح في واديه، وتقديم الذبيحة المعتادة له، ولما لم يكن عند القبة حطبٌ كافٍ أتوا بالذبيحة إلى غابة الطرفاء التي إلى غرب الوَطية، فذبحوا ناقتهم وأكلوا وناموا، وانتظر العليقات حتى استغرقوا في النوم، ثم انقضوا عليهم كالنسور وقتلوهم شر قتلة، قيل وكان سر الليل عند العليقات «افعص يا فاعوص.»

وبعد هذه الواقعة اجتمع كبراء الصوالحة والعليقات في بيت عربي في مصر يُدعى «الوُدَي»، وعقدوا صلحًا على أن يعود كل فريق منهم إلى الأملاك التي كانت له قبل الحرب من نخيل ومزارع، وأنْ تعود منافع البلاد من خفر الدير (أي نقل الرهبان وأمتعتهم ونقل حجاج الدير)، ونقل حجاج مصر المسلمين الآتين بطريق الطور أو بطريق نخل على الإبل فتقسم بينهم بالسوية، حتى «الفَيْد» الذي يلفظه البحر إلى شطوط الجزيرة يقسم بينهم بالسوية، كما كان الحال بين الحماضة وبني واصل، ثم بين الصوالحة والنفيعات من قبلهم، ثم إنَّ لكل من الفريقين نسبة معلومة تقسم بها المنافع بين قبائله، سنأتي على ذكرها تفصيلًا في فصل خاص.

ولنتقدم الآن إلى ذكر قبائل سيناء الحاليين قبيلة قبيلة، مع ذكر أصولها وفروعها ومشايخها، وأشهر مراكزها في الجزيرة، فنقول:

(٣) سكانها الحاليون

(٣-١) قبائل بلاد الطور

يسكن بلاد الطور الآن قبائل: العُلَيقات، ومُزينة، والعوارمة، وأولاد سعيد، والقرارشة، والجباليَّة، ويطلق عليها كلها اسم «الطورة»، ويطلق على العوارمة وأولاد سعيد والقرارشة اسم الصوالحة، وقد يُطلق اسم الصوالحة على العوارمة وحدهم.

  • العليقات: أمَّا قبيلة العليقات فأهم فروعها: أولاد سِلمي، والتُّليلات، والحمايدة، والخرَيسات، وينضم إليها الحماضة، والسواعدة النفيعات كما مرَّ، وشيخها الحالي مدَخَّل سليمان من أولاد سِلمي، وتمتد بلادها من الرملة إلى وادي غرندل، والمشهور أنها هي والعليقات القاطنين في مديريتي القليوبية وأصوان من أصل واحد.
  • مُزَينة: وأمَّا قبيلة مزينة أو أم زينة، فأهمُّ فروعها العلاونة، والشذاذنة، والعُوَيصات، وأولاد علي، وشيخها الحالي خضر عامر فرحان من بدنة العويصات.

    وتبدأ بلادها من جنوب مدينة الطور، وتمتد على الشطوط البحرية حول رأس محمد إلى النويبع فالرملة، وهم يرجعون في أصلهم إلى عرب بني حرب كما مرَّ، وقد اشتهروا بحب السلام ولين العريكة والأمانة مع أنهم فقراء، ومن أشغالهم عمل حجارة الرحى والفحم وصيد السمك، ورأيت جماعة منهم في السويس يشتغلون سقاة.

    ويسكن مع مزينة في جهة النويبع نفر من العزايزة يصيدون السمك، ولهم نخيل قديم في أرض مزينة، ولعلهم نسل رجل من العزايزة الساكنين غزة.

  • العوارمة: وأمَّا قبيلة العوارمة ففروعها العوارمة خاصة ومنهم الفوانسة، والرُّديسات ومنهم أولاد شاهين، والنواصرة، والمحاسنة، وشيخهم الحالي سليمان غنيم من الفوانسة.
  • أولاد سعيد: وأمَّا قبيلة أولاد سعيد، ففروعها أولاد سعيد خاصة، ومنهم الزهيرات والعوامرة، وأولاد مسلم، وأولاد سيف، والرَّزَنة، وهم فرع غريب ملحق بها، وشيخها الحالي صالح علي من العوامرة.
    fig27
    شكل ٩-١: الشيخ موسى أبو نصير شيخ مشايخ الطورة.
  • القرارشة: أمَّا قبيلة القرارشة ففروعها النصيرات، وأولاد تيهي، قيل هم من عرب قريش، دخلوا الجزيرة مع العوارمة وأولاد سعيد، وكانوا معهم حزبًا واحدًا كما مرَّ، وبالنظر لرفعة نسبهم ترى شيخهم في الغالب شيخًا للطَّورة كافة، وشيخهم الحالي نصير موسى من النصيرات، وكان أبوه الشيخ موسى أبو نصير شيخ القرارشة من قبله، وشيخ مشايخ الطورة كافة، وهو أعظم رجل أنتجته الجزيرة في هذا العصر، وقد كان نابغة جزيرة سيناء، كما كان «الزبير» نابغة السودان، وكان رجلًا شهمًا مهوبًا، طويل القامة، جميل الطلعة، جليل القدر، سديد الرأي، مسموع الكلمة، توفي عن نحو ٨٠ عامًا في منزله في حديقة فيران يوم الجمعة في ١١ أكتوبر سنة ١٩١٢، ودفن في جبانة الشيخ عليان بفيران، قيل عجَّل في موته وفاة ابنه الأصغر إبراهيم شابًّا في مقتبل العمر، وقد أدخله مدرسة الطور، فكان أوَّل من أتقن القراءة والكتابة من البدو في سيناء كلها، فشق عليه موته فمات غمًّا، وكان في فيران يوم وفاته نحو ٢٠٠ رجل من قبائل الطورة كافة، قد اجتمعوا لموسم البلح فدفنوه بالإكرام اللائق به.

    ثم إنَّ بلاد الصوالحة؛ أي العوارمة وأولاد سعيد والقرارشة هي في قلب بلاد الطور، يحيط بهم مزينة والعليقات كدائرة، وفي تقاليد الصوالحة أنهم من قبيلة حرب الحجاز، وقد رحلوا أولًا إلى ضبائم إلى بلاد الطور فسكنوها إلى اليوم.

    ونرى الآن فريقًا من العوارمة وأولاد سعيد يسكنون قرب قليوب مصر، قالوا:

    حصلت مجاعة في سيناء فهاجروها إلى مصر وبقوا فيها، ولبعضهم أملاك من النخيل في فيران إلى اليوم، وكبيرهم في مصر هندي أبو شعيرة من النواصرة العوارمة.

  • الجباليَّة: وأمَّا قبيلة الجبالية ففروعها: الحمايدة، والسلايمة، والوُهيبات، وأولاد جندي، وشيخهم الحالي الشيخ عطية أبو غنيمان من الوهيبات، وهم يسكنون جبل طور سيناء المنتسبين إليه وضواحيه، وقد تقدم أنهم خليط من أروام ومصريين، وكانوا يدينون بالنصرانية، ثم أجبروا على اعتناق الإسلام وعاشوا عيشة البادية، ولكن البدو العريقين في البداوة يترفعون عنهم، فلا يزوجونهم ولا يتزوجون منهم، وعددهم الآن كما هو في كتب الدير ٤٨٠ شخصًا، وسيأتي ذكرهم.

هذا، وقد اشتهر الطورة عمومًا بالضيافة واتحاد الكلمة، ومن أمثالهم، «الطورة ربيع الضيف» فهم يضيفونه ثلاث وجبات، مع أنَّ سائر قبائل الجزيرة يضيفونه وقعتين، وإذا لحقهم أذًى قاموا كلهم قومة رجل واحد لأخذ الثأر.

(٣-٢) قبائل بلاد التيه

يسكن بلاد التيه الآن فروع من قبائل التياها، والترابين، واللحيوات، والحويطات.

  • التياها: أمَّا قبيلة التياها فتسكن بلاد التيه وجنوب سوريا، وأهمُّ فروعها التي تسكن بلاد التيه، الصقيرات، والبُنيَّات، والشُّتيات، والقُديرات، والبريكات، وشيخهم الحالي الشيخ حمد مصلح من الصقيرات.

    والمشهور أنَّ هذه القبيلة هي أقدم قبائل التيه، وقد سميت كذلك؛ لأنها أول قبيلة سكنت بلاد التيه، وفي تقاليد شيوخها «أنَّ أصلهم من بني هلال من ظعن سليمان العنود من برية نجد، وأنهم هاجروا بلادهم فرارًا من المعازة، ودخلوا الجزيرة في وقت واحد مع الترابين، وسكنوا بلاد التيه، وسكن قسم من الترابين شرق بلاد الطور، ووقعت بين القبيلتين حرب على «عين سدر»، كان الفوز فيها للتياها، وانهزم الترابين إلى مصر، ثم عادوا إلى الجزيرة واصطلحوا مع التياها في بلدة نِخِل، على أن يكون للتياها أرض الجَلَد، وللترابين أرض الدَّمَث» فسكن التياها بلاد التيه من جبل الحلال إلى نقب الراكنة شمالًا وجنوبًا، ومن مطلة نخل الشرقية إلى جُبَيل حسن شرقًا وغربًا، وسكن الترابين شمالي جبل الحلال بين التياها والسواركة، وامتدوا شمالًا بشرق إلى غزة.

    وكان «دَرَك» التياها في درب الحج المصري من جبيل حسن إلى مطلة نخل الشرقية، وأشهر مراكزهم: نخل، وجبل الحلال، وعين القُصَيِّمة، وعد المويلح، وأشهر مزارعهم في أودية المويلح، والصبحة، والقُصَيِّمة، وصرام، ومعظم وادي العريش، ويسكن القديرات منهم الوادي المعروف باسمهم، والبرَيكات واديي مايين وقرَيَّة.

    وقد اشتهر التياها بالبساطة وشكاسة الأخلاق، ومما رواه أهل الجزيرة عنهم، أنَّ أحد التياها كان نازلًا بجمله في بطن وادي العريش، ففاجأه السيل وجرفه هو وجمله، فصار يستغيث وينادي: «أنا تيهي يا سيل، أنا تيهي يا سيل، وإنْ كذبتني فكِّر بوسم الجمل»، ومنها أنَّ أحدهم كان له عباءة سوداء، فنزل عليه مطر شديد وهو في سفر فغرَّق العباءة وبلله، فظن أنَّ ذلك من سواد العباءة فخلعها عنه ورماها على شجرة في الطريق، وقال لها: «والله لأتركنك في الخلاء حتى يقتلك البرد»! ثم تركها وانصرف.

  • الترابين: أمَّا الترابين فأشهر فروعهم في التيه: «الحرَرَة» شياخة خضر الشنُّوب، «والحسابلة» شياخة سلامة حجازي، «والشُّبيتات» شياخة عودة الباسلي.

    وأشهر مراكزهم: الجورة، والبَرْث، والبَواطي، والمَقْضبة، والعَمْر، وأم قَطْف بين المقضبة والعمر، والروافعة، وجبل المغارة، والجفجافة، وجبل الراحة.

    وقد تقدم أنَّ فريقًا منهم سكن شرق بلاد الطور، ولا يزال منهم بقية هناك في النويبع، وعين أحمد، وعين جُذَيع، وعين العاقولة، ولهم فيها نخيل إلى اليوم، ولكن معظم الترابين في بلاد غزة، ومنهم طائفة في مديرية الجيزة بمصر.

    ومما قيل في أصل الترابين: إنهم من جدٍّ يقال له نجم، قدم إلى سيناء مع رجل يدعى الوُحيدي من ذرية الحسن أخي الحسين، فنزلا ضيفين على شيخ كبير من بني واصل في جبل طور سيناء، وكان لهذا الشيخ بنتان إحداهما جَعْدة الشعر قبيحة الوجه، والأخرى ذات شعر جميل ووجه حسن، ولم يكن له ذكور، وكان نجم فارسًا مقدامًا، ولكنه كان قبيح المنظر أسمر اللون، وكان الوحيدي شابًّا جميل الوجه أبيض اللون، فزوج نجمًا بنته القبيحة الوجه وزوج الوحيدي بنته الجميلة، فكان نجم جدَّ الترابين، وهم مشهورون بالبسالة وقبح الصورة، والوحيدي جدُّ الوُحيدات، وهم مشهورون بالكياسة وحسن الصورة.

    وقد أقام الوحيدات في جزيرة سيناء زمانًا طويلًا، ثم هجروها وسكنوا غزة كما مرَّ، ولا يزال الترابين يحترمونهم إلى الآن، فيذهب كبارهم لمعايدة شيخ الوحيدات ثاني يوم عيد الأضحى احترامًا لمقامه ونسبه، ومن أقوال البدو في الوحيدات أنهم «خفيفي الملبوس نقالة الدبُّوس.»

    قالوا: ونجم جدُّ الترابين هذا هو ابن الشيخ عطية المدفون في الوادي، المنسوب إليه عند عين جذيع، وقد مرَّ ذكره، والترابين يزورون قبره كل سنة بعد الربيع ويذبحون له الذبائح، وقد اشتهر الترابين بالألفة والاتحاد، واشتهرت بَدَنة النَّبعات منهم بجودة الرأي، وبدنة الغوالية بالشجاعة والإقدام، فهم يقتحمون غمرات الوغى بعزم صادق على نية النصر أو الموت، وعن درر الفرائد «أنَّ الترابين والوحيدات والحويطات واللحيوات من أصل واحد؛ أي من بني عطية.»

  • اللُّحيوات: وأمَّا قبيلة اللحيوات أو الأحَيوات ففروعها: النَّجمات، والخناطلة، والكساسبة، والسلَّاميَّين، والغُريقانيين، والمُطُور، والكرادمة، والحمدات، والصَّفايحة، والخواطرة، والخلايفة.

    وفي تقاليدهم أنهم من بني عطية المساعيد المنتسبين إلى مسعود بن هاني، وقالوا في تفصيل ذلك: إنَّ المساعيد ارتحلوا هم وبني عقبة من نجد، ونزلوا في وادي العَرَبة، وكان مع المساعيد قوم من عرب مُطَير يعيشون معهم «بالخاوة» فاستثقلوا دفع الخاوة، واستغاثوا ببني عقبة ليتخلَّصوا منها كلها أو بعضها، وكان لشيخ مُطَير بنت بديعة الجمال، فمرَّت بهودج على أَميرَي بني عقبة والمساعيد وهما يلعبان «السيجة» ففتن أمير المساعيد بجمالها، وترك اللعب وصار ينظر إليها، فغاظ ذلك شيخ بني عقبة فأنشد قائلًا:

    مُطَيريَّة يا أمير ما هي لنا من قبيلة
    وطُنَيبها داود الذي ما يعيبها

    فقال له الأمير:

    نجيبها بالسَّرْد والمُرْد والقنا
    وضربٍ يعدِّي جارها مع طنيبها

    فأجابه العُقْبي:

    ياما دونها يا أمير من طرح سابق
    وعودة بالميدان ما ينسخي بها

    فهب المسعودي لساعته، وأخذ يجمع جموعه ويستعد للقتال، وهكذا فعل العقبي، والتقى الجمعان في مكان يدعى حُصي المدَرَة عند «مطبِّ نقب غارب» بوادي العرَبة، فاقتتلا قتالًا شديدًا كان النصر فيه للمسعودي ووقعت المطيريَّة في أسره، فلما أتى بها إلى خيمته خرجت أمه من الخيمة، فسألها ابنها في ذلك، فقالت لا أقيم تحت سقف واحد مع «هتيمية»، فتأثر لقول أمه وطرد المطيريَّة وأهلها من داره، وقد عرفت تلك الواقعة «بواقعة المطيرية» وفي حصي المدَرة إلى الآن قبور قديمة، قيل إنها مدافن قتلى تلك الواقعة.

    قالوا: وبعد الواقعة ذهب العقبي إلى بلاد الكرك، والمسعودي إلى بلاد غزة، فضرب عليها حاكمها فرسًا من جياد خيله يقدمه له كل سنة، وبقي المساعيد يؤدون هذه الضريبة حتى قام عليهم أمير يدعى «سليمان المنطار»، فاستثقل الضريبة وأبى دفعها، وجاهر بالعداوة للدولة، فجرَّدت عليه وقتلته في واقعة مشهورة قرب غزة، قالوا: وكان سليمان المذكور من أهل الصلاح والتقوى، فرأى الترك قنديلًا أضاء فوق جثته، فدفنوه بإكرام، وبنوا قبة فوق قبره، لا تزال قائمة، والعرب تزورها إلى اليوم.

    وتفرق المساعيد ثلاث فرق: فرقة ذهبت شرقًا، فسكنت فارعة المسعودي وراء حوران، وفرقة ذهبت غربًا فسكنت أرض مصر، وعرفت هناك بأولاد سليمان، وبقي منها بقية في بر قَطْيَة غرب العريش حافظت على اسم المساعيد كما سيجيء، وفرقة ذهبت جنوبًا بشرق، فسكنت وادي الليف في البَدْع من أعمال الحجاز على نحو خمسين ميلًا من العقبة، وتخلف من هذه الفرقة قوم في وادي الجرافي ففرغ زادهم، فأخذوا يقتاتون بنبت الحُوِّي فسمُّوا الأحيوات، وكبيرهم إذ ذاك «سعد صادق الوعد».

    وكان لسعد ثلاثة بنين: شوفان من أم، وحمد وسويلم من أم، فكان سويلم جدُّ الكرادمة، وحَمد جدُّ الحَمَدات، وشوفان جد الشوَّافين، وكان لشوفان ابنان: غانم جد النجمات والخناطلة والكساسبة والسلاميين، وغُنيم جد الغريقانيين والمطور.

    وقد اشتهر الشوَّافون بين اللحيوات بالصلاح والتقوى، ولهم في الجزيرة عدة قبور تُزار، منها: قبر «الشيخ حمدان»، ابن نجم جدِّ النجمات، المدفون في رأس وادي الردَّادي قرب مفرق العقبة، يزوره اللحيوات من كل الجهات، وقبران في وادي الهاشة مرَّ ذكرهما، وهما «قبر الشيخ مسلَّم وقبر الشيخ صُبَيح»، وكلاهما من بَدَنة المطور، وقبر «الشيخ عمر» المدفون بقرب «بئر أبو قطيفة» على نحو ست ساعات شرقي السويس، وقبر «الحجاج» في نِخل الآتي ذكره، وقبر «أبو ديب» في وادي مايين وكلاهما من السلَّاميين، وأبو ديب أقدم من حمدان وأحدث من الحجاج.

    وأمَّا باقي فروع اللحيوات: «فالصفايحة» من صفيح ابن عم لسعد صادق الوعد، وأمَّا الخواطرة والخلايفة فليسوا من اللحيوات، قيل إنَّ الخواطرة هم نسل رجل مزيني يدعى خاطرًا ساكَن اللحيوات وتناسل عندهم، وأمَّا الخلايفة فالمشهور أنهم انضموا إلى اللحيوات بطريق «الأخوَّة»، فنسبوا إليهم على عادة القبائل الضعيفة الأصيلة مع القوية.

    وبلاد اللحيوات شرقي بلاد التياها وغربيها، فبدنة الصفايحة تسكن غربي التياها من جبيل حسن إلى بئر مبعوق، وأشهر مراكزهم: جبل المغارة، والجفجافة، وسر الحقيب، وعين سدر، وجبل بَضيع، وأمَّا سائر اللحيوات فيسكنون شرقي التياها، ويمتدون من مطلة نخل الشرقية إلى وادي العربة شرقًا وغربًا، ومن جبل الأحيقبة إلى خليج العقبة شمالًا وجنوبًا، وأشهر مراكزهم في سيناء بئر الثمد، والتحديد الأخير أخرج الخلايفة القاطنين وادي العربة من إدارة سيناء وألحقهم بإدارة العقبة.

    وكان درَك اللحيوات في درب الحج المصري من مطلة نخل الشرقية إلى العقبة، ولكن عرب الحويطات العلويين القاطنين العقبة منذ عهد بعيد يقولون إنهم كانوا يتسلَّمون محمل الحج المصري من اللحيوات «من رجم الدرك» في رأس نقب العقبة، وإنهم اشتروا هذا الحق من الترابين الذين سكنوا العقبة قبلهم.

    ومشايخ اللحيوات كلهم من بدنة النَّجمات ذرية نجم بن سلامة بن غانم بن شوفان بن سعد صادق الوعد، وكان نجم هذا هو أول من أخذ «الصرَّة» من الحكومة المصرية لحماية طريق الحج، وهو مدفون عند بئر الصني على ١٦ ميلًا شرقي المربَّعة، ومات عن أربعة أولاد، علي وحمدان وعُلَيَّان وسالم.

    وخلفه على مشيخة اللحيوات ابنه «علي» فقتل في القاهرة خطأ، قيل دخل القلعة وهو راكب فرسه فناداه الديدبان «أن قف»، فلم يلتفت إلى النداء استصغارًا لشأن الديدبان، فرماه بالرصاص فقتله، فأضافت الحكومة أربعة جنيهات إلى صرَّة النجمات لهذا السبب، ولا زالت تُضاف إلى صرَّتهم إلى اليوم، وفي أيام علي هذا شبت حرب بين اللحيوات والسواركة سيأتي ذكرها في باب التاريخ.

    وخلفه أخوه «حمدان» فاشتهر بالصلاح والتقوى، وله قبر في جبانة الشوَّافين عند ثميلة الردَّادي يزوره اللحيوات كما مرَّ.

    وخلفُه «مسمح بن عُلَيَّان بن نجم»، فتولى مشيخة القبيلة مدة طويلة ومات ابن ثمانين سنة، وفي أيامه حالف اللحيوات الترابين ونصروهم في حربهم المشهورة على السواركة سنة ١٨٥٦م كما سيجيء.

    وتولى المشيخة بعده ابنه «عُلَيَّان» فمات في سن الخمسين.

    وخلفه على المشيخة «سليمان بن سالم بن نجم» الملقب بالقُصيَّر لقصر قمته، ولما بلغ سن الثمانين تنازل عن المشيخة لابنه علي المشهور «بعلي القصيَّر»، وتوفي علي سنة ١٩١٠، وتولى المشيخة بعده أخوه «عُليَّان» وهو شيخ اللحيوات الحالي.

  • الحويطات: وأمَّا الحويطات فمنهم في بلاد التيه شراذم من بدنات شتى، جاءوها حديثًا من مصر والحجاز، وأقدمهم فيها الدُّبور، وهم يتجرون بالحطب والفحم مع السويس، وشيخهم الحالي سعد أبو نار، وكان قد دخل سيناء جماعة من بدنة الفحَّامين، فنشب بينهم وبين التياها خصام، فعادوا إلى جزيرة العرب سنة ١٩٠٦.

    وتمتد بلاد الحويطات من «طاسة العِلْو» تجاه الإسماعيلية إلى وادي غرندل شمالًا وجنوبًا، ومن جبيل حسن إلى البحر الأحمر شرقًا وغربًا، وأشهر مراكزهم: بئر مبعوق وبئر المُرَّة في وادي الراحة، وعين سدر في وادي سدر.

    ومن الحويطات قبيلة كبيرة في مصر في مديرية القليوبية، وعمدتهم فيها الشيخ سعد بن شديد، وله منزل في القاهرة ومنزل في أجهور الصغرى، وهو من المشايخ النبلاء.

    ومنهم حويطات حسما والعقبة، وهم هناك فريقان: «العلويون» المار ذكرهم، وكبيرهم الشيخ حسن بن جاد، «والعمران» وكبيرهم الشيخ قاسم الهليِّل وسيأتي ذكرهم.

    وقد اشتهر عن الحويطات الميل إلى التعدي والسرقة، حدثني بعضهم عن رجل من الحويطات يدعى سليم العشا، أنه قصد في إحدى الليالي حيًّا من أحياء عرب بلي والناس نيام، فرأى أرجوحة معلقة في سقف الخيمة فظنها زق سمن، فتسرَّق حتى دخل الخيمة، وقطع الأرجوحة بسكين وحملها على ظهره، وجدَّ في السير حتى أعياه التعب، فأنزل الأرجوحة عن ظهره وفتحها، فإذا بها عجوز شمطاء قد أنهكها العجز والمرض، وكان أهلها قد رفعوها عن الأرض خوف الرطوبة، فصب الحويطي عليها وابلًا من الشتائم ثم تركها وانصرف، قالوا: وهي حادثة واقعية وقعت قريبًا في جهة ضبا من أرض الحجاز.

(٣-٣) قبائل بلاد العريش

يسكن بادية العريش قبائل السواركة، والرُّمَيلات، والمساعيد، والعيايدة، والأخارسة، والعقايلة، وبِلي البرَرَة، وأولاد علي، والقطاوية، والبيَّاضيين، والسماعنة، والسعديين، والدواغرة.

  • السواركة: أمَّا «السواركة» فأكثر قبائل سيناء عددًا، وفروعها الرئيسة: العَرَدات، والدُّهيمات، ومنهم الجُريرات، والمحافيظ، والفلافلة، والخناصرة، وعمدتها الشيخ سلَّام عرادة من العردات، ويقال للعردات غزُّ العرب لامتيازهم عن سائر البدو جيرانهم بنظافة المأكل والملبس، واشتهر الجريرات بالصلاح والتقوى، ومنهم أبو جُرَير الذي يحلف العرب بردنه الآن، وأبو جرير الولي المدفون في مدينة العريش.

    ويمتاز السواركة عمومًا بكثرة العدد وضعف الرأي، ويلقبون بأولاد الظَّرْوة، والظروة عندهم هي المرأة التي خالط الشيب سواد شعرها، وأمَّا نسبتهم إلى الظروة فقد قيل فيه: إنَّ رجلين من ذرية عكاشة الصحابي، وهما نصير ومنصور، هاجرا من بلادهما ونزلا ضيفين على رجل من عرب بلي في وادي الليف، وكان نصير متزوجًا من عرب قبيلته، وأخوه منصور عازبًا، فرأى عند مضيفه بنتًا ظروة فتزوجها، وجاء الأخوان بامرأتيهما إلى بلاد العريش، فكان من نصير بَدنة العردات، ومن منصور سائر بدنات القبيلة.

  • والرُّميلات: أمَّا الرميلات فأهم فروعها البُسُوم، والشرطيين، والعوابدة، والسننة، والعجالين، وشيخهم الحالي سليمان معيوف الملقب بأبو صيبع من البسوم، وهي أكبر البدنات، وكان الرميلات قديمًا يسكنون «القرارة» في برية خان يونس من أعمال فلسطين، ثم ارتحلوا إلى بلاد العريش بسبب حروب نشبت بينهم وبين الترابين، وانضموا إلى السواركة «بالأُخوَّة»، وصاروا معهم قبيلة واحدة، واشتهر الرميلات بحب الخصام، وقد عُيِّر شيخهم أبو صيبع في ذلك فقال: «الرميلات رجال إذا كان الحق لهم أخذوه عنوة واقتدارًا، وإنْ كان عليهم لم يمكِّنوا الخصم منه إلَّا بكل مشقة.»
ويسكن السواركة القسم الشرقي من بلاد العريش؛ أي القسم الواقع بين خط الحد الشرقي وبئر العبد شرقًا وغربًا، وبين البحر المتوسط ورجم القبلين شمالًا وجنوبًا، وأهم أملاكهم الجورة المار ذكرها، ويسكن إخوانهم الرميلات في جهة رفح على الحدود، وأمَّا باقي قبائل العريش فتسكن القسم الغربي، وتعرف «بعربان برِّ قَطْيَة»، وهي فروع صغيرة من القبائل المعروفة بهذه الأسماء في مديريتي الشرقية والقليوبية، إلَّا المساعيد فإن إخوانهم في مصر يعرفون بأولاد سليمان كما مرَّ، وقد كانت مع أصولها تابعة في الإدارة للمديريتين المذكورتين، ثم ألحقت بإدارة العريش بعد فتح ترعة السويس وهي:
  • المساعيد: وعمدتهم الشيخ عودة عطية، وقد تقدم أنهم واللحيوات من أصل واحد، وهم أقوى قبائل العريش بعد السواركة.
  • والعيايدة: ومن مشايخهم مسلَّم أبو السباع، وتمتد بلادهم من ضواحي القنطرة إلى تل حَبْوة، فالمرقب، فأم ضيَّان، فالشيخ حميد، فجبل الريشة، ويحدهم من الشمال المساعيد، ومن الجنوب الصفايحة اللحيوات، ومن الشرق بلي البررة، ومن الغرب ترعة السويس.
  • والأخارسة: ومن مشايخهم: إبراهيم عطية، وعبد العال محمد، وتمتد بلادهم على شاطئ البحر المتوسط من «غراقد الحنَّة» شمالي بركة الجمل إلى قلعة مفرَّج، المعروفة أيضًا بقلعة البلَّاح على نحو ساعتين من قلعة الطينة غربًا، وأهم مراكزهم «القلس».
  • والعقايلة: وشيخهم عطوان سعدون، «وبلي البررة» وشيخهم جدُّوع شلبي.
  • وأولاد علي: وشيخهم عمر أبو الرايات.
  • والقطاوية: وهم سكان حديقة قَطْيَة، وعمدتهم سعيد أبو بطيحان.
  • والبيَّاضيين: ومن مشايخهم: الحاج علي سالم الهرش.
  • والسماعنة: ومن مشايخهم: محمد خضير، وحسين شبانه.
  • والسعديين: وشيخهم مقبول نصر، وهم مجاورون للبياضيين والسماعنة.
  • والدواغرة: وقد تقدم أنهم من عرب مُطير، ويسكنون الزُّقبة، وقد كانوا قديمًا يعيشون مع جيرانهم البدو «بالخاوة»، ولكنهم صاروا الآن أحرارًا، والحكومة تحميهم، ومن مشايخهم عيد سويلم، وسالم مصبَّح.

    ومن القبائل التي تزرع الزقبة مع الدواغرة: الأخارسة، والبياضيين، والسماعنة، والسعديين.

وأمَّا دركات القبائل على طريق العريش فهي: العيايدة من القنطرة إلى تل حبوة، فالمساعيد إلى بئر الدويدار، فالأخارسة إلى بئر النصف، فالعقايلة وبلي البررة وأولاد علي إلى سبخة قَطْيَة، فالقطَّاوية إلى بئر حجَّاج، فالبياضيين إلى بئر العبد من الجبل إلى البحر، فالدواغرة إلى الجنادل من الجبل إلى البحر، فالسواركة إلى الشيخ زوِّيد، فالرميلات إلى رفح.

(٣-٤) ملحقات قبائل سيناء

  • العبيد السود: هذا وكان من عادة العرب قبل منع الاسترقاق اقتناء العبيد السود؛ لمساعدتهم على رعي السائمة وحرث الأرض، فتناسلوا بينهم، وما زال عدد كبير منهم في برية سيناء، وهم راضون بعيشتهم، ولكن البدو غير راضين عن منع الاسترقاق.

    كنت يومًا أحدث كهلًا من الرميلات يدعى حسين سلامة، فلما استأنس بي قال: «بالله قل لي متى تنتهي حرية العبيد، فإن عندي عبدًا غير راضٍ عنه، وأريد أن أبيعه وأشتري بثمنه بعيرًا»، قلت: لا نهاية لحرية العبيد، فقد أصبحوا أحرارًا كالعرب، فإن كنت غير راضٍ عن عبدك فأعتقه لوجه الله تعالى، فهزَّ رأسه وقال: «إذن خلِّيه!»

    والعرب لا يزوجون السود ولا يتزوجون منهم، وإذا تزوج عربي بجارية سوداء عُدَّ نسله عبيدًا، وعوملوا معاملة العبيد، والعادة عندهم أنه إذا زوج عربي بنته رجلًا من غير قبيلته حقَّ لعبده الكسوة من العريس، وتعرف عندهم «بالحدادة»، وهي «يا هدم شهير يا جمل ظهير»؛ أي إمَّا ثوب ثمين من الجوخ، أو نحوه، أو جمل نشيط، وإذا لم يكن للعربي عبد حقَّت الكسوة لأقدم عبدٍ في قبيلته.

  • الهُتَيم: هذا ويسكن بادية العرب قبائل شتى مستضعفة، لا طاقة لها على حفظ كيانها، فتعيش في حمى القبائل القوية على جُعْل معلوم يسمُّونه «الخاوة»، وهم معروفون في البادية باسم «هُتيم»، وهم كالسود في أنَّ العرب لا يزوجونهم ولا يتزوجون منهم، وإذا تزوج أحدهم بهُتَيمية عيَّره العرب، وعدُّوا أولادهُ هُتمًا، وإذا غنمت قبيلة من أخرى في الحرب وكان في غنيمتها مال لإحدى قبائل هُتيم ردَّته إليها بلا تردُّد.
    وأشهر قبائل هتيم في بادية العرب:
    • الشرارات: وقنيتهم الإبل، ولهم ولع بالصيد، وهم خبراء البادية؛ لأنهم أعرف أهل البادية بطرق المفاوز والقفار، حتى إنَّ البدو أنفسهم يتخذون منهم الأدلة في أسفارهم البعيدة، وهم يسيرون على النجم، قيل ولهم مهارة عجيبة في الاستدلال على الطريق، حتى إنهم قد يعينون موقع مخيَّم من العرب بمجرد تغيير حرارة الهواء التي تسببها نار المخيَّم، والشرارات أقوى قبائل هتيم وأكثرها عددًا، وكثيرًا ما يأبون دفع الخاوة لحماتهم العرب، ويشهرون عليهم حربًا، وأكثر الشرارات في بلاد نجد شرقي طريق الحج الشامية، وليس منهم أحدٌ في جزيرة سيناء، ولكن لبدو سيناء علائق قديمة بهم يأتي ذكرها في باب التاريخ.
    ويسكن جزيرة سيناء من قبائل هتيم:
    • مُطير: ومنهم الدواغرة سكان الزُّقبة من بلاد العريش، وقد مرَّ ذكرهم.
    • والعُرَينات: ويسكنون جبل الحلال مع التياها البُنَيَّات، ومنهم جماعة على شاطئ البحر المتوسط يصيدون السمك.
    • والملالحة: ويسكنون العُجْرة مع الترابين والسواركة، وهم أحقر قبائل هتيم.

    وفي تقاليد البدو في أصل هتيم: أنه لما أعاد مسعود بن هاني بناء الكعبة، تأخر عرب هتيم عن الاشتراك في بنائها، فبناها بقبيلته وألزم هتيم بالخاوة، وقال لقبيلته: «لك هتيم بمالك تشريه ودون رقبتك تؤدِّيه»، ولا يبعد أن يكون هتيم من سكان جزيرة العرب الأصليين الذي غُلبوا على أمرهم، ولم يمكنهم المحافظة على كرامتهم بين العربان، فعاشوا معهم على صغار، ومن أمثلة أهل سيناء في هتيم:

    «الهتيمي كثير ناسه قليل باسه»، «ولا يتلف الأصل غير الهتيمي المقر والعبد الزفر.»

  • الصُّلَيب: وفي حكم هتيم بدو يعرفون بالصُّلَيب يسكنون غالبًا برية الشام، ولا يأتون سيناء إلَّا نادرًا، وصناعتهم عمل الفئوس الزراعية ورماح الحراب، وعمال الأخراج والمخالي، وقنيتهم الحمير ليس إلَّا، وحميرهم مشهورة بحسن الجري ولطافة اللون، فإذا ارتحلوا حملوا عليها خيامهم وأثقالهم، وإذا نزلوا ضربوا خيامهم وراء مخيمات العرب، واشتغلوا بصناعتهم وذهبت نساؤهم تستعطي، وهم محتقرون كبدو هتيم ويستعار اسمهم للشتم، فيقال في الشتائم «يا صُلَيب العرب»، كما يقال «يا هتيم العرب»، ويظهر من صناعتهم ونوع معيشتهم ومجمل حالهم أنهم كانوا حضرًا فقذفتهم الحروب إلى البادية، فعاشوا مع البدو «بالخاوة».

    وقد ظن بعض المحققين أنهم من بقايا الصليبيين بدليل اسمهم ومسكنهم، وطول شعرهم، وبياض لونهم، ووجود العيون الزرق فيهم، ومن أصحاب هذا الرأي العلامة سليمان أفندي البستاني، ناظر النافعة والزراعة في المملكة العثمانية الذي خبر البدو في بادية بغداد زمانًا طويلًا.

  • النَّوَر: وينتاب جزيرة سيناء النَّور، فيتعاطون فيها الشحاذة، وبصر البخت، وعمل المناخل، والرقص في الأفراح، وهم أحط أنواع البدو، وحالهم معروف في كل البلاد.

هذا فيما يتعلق بقبائل البدو في سيناء، وأمَّا الحضر في مدن الطور، ونخل والعريش، والشيخ زويد، وعيون موسى، والشط وغيرها، فسيأتي الكلام عليهم في الفصل التالي.

(٤) عدد سكان سيناء من بدو وحضر

أمَّا عدد سكان الجزيرة فلا يمكن معرفته بالتدقيق؛ لعدم وجود إحصاء قانوني؛ ولأن البدو تنفر من التعداد، وتحسبه مقدمة لإدخالهم في العسكرية، ولما باشرت الحكومة المصرية تعداد السكان سنة ١٨٩٧ أبى أهل مدينة العريش أولًا قبول التعداد، ثم أذعنوا، أمَّا عرب البادية فبقوا على نفورهم، فقدَّرهم المحافظ إذ ذاك باثني عشر ألفًا، وكذلك لما بوشر إحصاؤهم سنة ١٩٠٧ أرسلوا عرائض مشددة لرجال الحكومة بمصر، يتوسلون إليهم أن تُرفع يد الإحصاء عنهم وإلَّا رحلوا عن بلادهم.

وإذا سألت مشايخ البدو عن عدد رجال قبائلهم أجابوا: إننا لا نعلم عددهم؛ لأننا لا نعدهم، وإذا عيَّنت لهم عددًا وسألتهم عن رأيهم فيه، قالوا: ربما بلغوا هذا العدد أو نقصوا عنه أو زادوا.

ومعلوم أنَّ البدو يتجنبون النزول على الطرق خوف القرى على حدِّ قولهم:

لا تنزل حدا الطريق تعمد
الدرب تأخذ حقها ما تستحي
fig28
شكل ٩-٢: الشيخ إبراهيم أبو الجدائل التاجر بالسويس، وبعض الطورة والحويطات.

ولم أقِم في الجزيرة وقتًا كافيًا يمكنني من زيارة البدو في جميع مخيماتهم ومجتمعاتهم، ولكن مما لا ريب فيه أنَّ سكان الجزيرة كانوا ولا يزالون قليلين جدًّا بالنسبة إلى اتساع بلادهم، وقد جُلت كثيرًا في بادية سيناء فلم أرَ إلَّا القليل من سكانها، وسبب قلتهم؛ قلة المياه والأمطار، والأراضي الصالحة للزراعة في بلادهم كما مرَّ.

بقي علينا أن نعلم ولو تقديرًا إلى أي حدِّ تصل هذه القلة من السكان، وقد حدث أني لما كنت في رفح سنة ١٩٠٦، اختلف بدنتا السننة والعجالين من الرميلات في أيتهما أكبر من الأخرى ليكون الشيخ منها؛ لأنه لم يسمح لهما إلَّا بشيخ واحد، فأحضر كل زعيم رجله، فكان في كل بدنة نحو مائة رجل، وقد تقدم أنَّ في قبيلة الرميلات ٥ بدنات، فيكون عدد رجالها ٥٠٠ تقريبا، وفي السواركة ٥ فروع أو أفخاذ يقدر في كل منها رجال بعدد الرميلات، فيكون عدد السواركة ٢٥٠٠، وعدد الكل ٣٠٠٠ رجل، فإذا قدَّرنا مع كل رجل ثلاثة أنفس كان عددهم جميعًا ١٢٠٠٠ نفس.

fig29
شكل ٩-٣: بعض التبنة من سكان فيران.
fig30
شكل ٩-٤: صياد طوري يعرض صيده للبيع.
fig31
شكل ٩-٥: تيتل صغير رابض بين الشجر.

هذا، وقد قدَّرت عدد سكان بلاد الطور بما ينفقونه من الحبوب، أخبرني الشيخ إبراهيم أبو الجدائل، وهو أكبر تاجر في السويس يتجر مع الطورة، ومن أبرع هذا القطر وأنجبهم قال إنه يشحن للطورة في السنة نحو ٤٠٠٠ إردب من الحبوب إلى مين الشط وأبو رُدَيس والطور، وأن «علي أبو شاهين» من تجار السويس يبيع الطورة نحو ٥٠٠ إردب حبًّا في السنة، فيكون الكل ٤٥٠٠ إردب، ومعلوم أنَّ البدوي يأخذ ثلثي طعامه حبوبًا، والثلث الآخر لحمًا ولبنًا وأعشابًا، فلو أخذ الطورة كل طعامهم حبوبًا لزمهم ٦٧٥٠ إردبًا في السنة، وإذا قدَّرنا لكل شخص ثلثي إردب من الحبوب في السنة كما هو المعتاد، كان عدد الطورة ١٠١٢٥ نفسًا، وقد قدَّرتهم أكثر قليلًا من هذا العدد كما سترى؛ لأن عربان مزينة يشترون بعض حبوبهم أحيانًا من غزة، وهكذا بالاستقراء والمزاولة، ومقارنة قوى القبائل بعضها ببعض مع مشايخها، توصلت إلى الأرقام الآتية التي لا أضمن صحتها، ولكني أرجح قربها من الحقيقة:

(١) عدد البدو في بادية سيناء.
عدد النفوس عدد النفوس
فمجموع عدد النفوس في بادية سيناء كلها ٤٠٠٠٠
(١) في بلاد الطور
قبيلة مزينة ٤٢٠٠
قبيلة العليقات ٢٤٠٠
قبيلة العوارمة ١٥٠٠
قبيلة القرارشة ١٥٠٠
قبيلة أولاد سعيد ٩٠٠
قبيلة الجبالية ٤٨٠ ١٠٩٨٠
(٢) في بلاد التيه
قبيلة اللحيوات ٤٢٠٠
قبيلة التياها ٤٢٠٠
قبيلة الترابين ٣٠٠٠
قبيلة الحويطات ١٥٠٠ ١٢٩٠٠
(٣) في بلاد العريش
قبيلتا السواركة والرميلات ١٢٠٠٠
عربان برِّ قَطْيَة ٤١٢٠ ١٦١٢٠
(٢) عدد الحضر في مدن سيناء (حسب تعداد محافظها سنة ١٩٠٧ وغيره).
ذكور إناث عدد النفوس
فيكون مجموع سكان سيناء ما عدا موظفيها وعمالها وعساكرها الذين من غير أهلها ٤٨٠٠٠
(١) في بلاد الطور
سكان مدينة الطور وضواحيها ٥٦٢ ٥١١ ١٠٧٣
سكان عيون موسى من أهل السويس والبدو ٩٥
سكان شط السويس من تجار السويس والعرب ٦٠ ٧٥ ١٣٥
رهبان دير طور سيناء ٦٠
(٢) في بلاد التيه
سكان نخل ١٩٠ ١١٨ ٣٠٨
(٣) في بلاد العريش
سكان مدينة العريش والمساعيد والشيخ زويد ٢٩٦١ ٢٨٩٠ ٥٨٥١
سكان القنطرة ٤٨٨
فمجموع عدد الحضر في مدن سيناء وقراها ٨٠٠٠
ومجموع عدد النفوس في بادية سيناء كما تقدم ٤٠٠٠٠

وعليه يمكن أن يقال بالإجمال: إنَّ عدد سكان جزيرة سيناء من بادية وحضر «خمسون ألف نسمة»؛ أي بعدد سكان مدينة بورسعيد من مدن مصر، وقد قدَّرنا مساحة سيناء ﺑ ٢٥ ألف ميل مربع، فيكون لكل نفسين من سكان سيناء ميل مربع من الأرض يرتعان فيه بلا منازع ولا مزاحم!

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤