المرأة الباكستانية

قاست المرأة في هذا الجزء من العالم اضطهادًا شديدًا وأُنكرت عليها حقوقها حتى نهاية القرن التاسع عشر، مما اضطرها إلى أن تلازم منزلها وأن تخضع لنظام قاسٍ من ألوان الحجاب أُطلق عليه اسم «البردة»، ولا تزال آثاره باقية عند طبقات قليلة إلى اليوم … وقد بدأت حركة نهضة المرأة في أواخر القرن التاسع عشر باستيقاظ الوعي السياسي والاجتماعي، فأُسست بعض الجمعيات النسائية وصدرت في مدينة لاهور في عام ١٨٨٦ مجلة أسبوعية نسائية اسمها «تهذيب النسوان»، وقد قامت هذه الجريدة بجهود كبيرة في سبيل نهضة المرأة المسلمة في الهند، وفي عام ١٩١٣ تأسس اتحاد النساء المسلمات في الهند على يد بيجوم بهوبال.

وعندما أعاد القائد الأعظم محمد علي جناح تنظيم الرابطة الإسلامية بالهند، سارعت السيدات المسلمات إلى الاشتراك في الحال وبذلن جميعهن كل مرتخص وغالٍ في سبيل إنشاء دولة باكستان، وفي أثناء هذا الصراع قُبض على كثيرات من بينهن وأُودِعن السجون.

والدور الذي لعبته المرأة في سبيل استقلال باكستان أو في سبيل إنشائها لا يقل عن الدور الذي لعبته المرأة المصرية في عام ١٩١٩ عند بدء جهاد مصر من أجل الاستقلال، وإذا كان الحجاب في ذلك الوقت لم يمنع السيدات المصريات وعلى رأسهن صفية زغلول وهدى شعراوي من القيام بالمظاهرات، فإن البردة لم تمنع المرأة الباكستانية من الجهاد في سبيل حرية بلادها.

كما أن البردة لم تمنع المرأة في باكستان في العشرين سنة الأخيرة، بل قبل ذلك، من مباشرة حقها في التصويت وفي الانتخاب، وقد برزت كثيرات من الباكستانيات في مختلِف الجمعيات والهيئات التشريعية.

ويعترف دستور الباكستان بحق المرأة في العمل والكسب كالرجل تمامًا.

•••

وفي كراتشي يمكنك أن تستأجر «بسكليت» تجلس على مقعد أُعدَّ عليها ثم يقودها لك رجل آخر تنقده أجره عندما تصل إلى المكان الذي تقصده.

ويمكنك أن تستأجر دراجة بخارية (موتوسيكل) بنفس الطريقة، فتجلس على مقعد أُعدَّ على الموتوسيكل ثم يقود الموتوسيكل رجل آخر بل إن المقعد يتسع لشخصين، ويمكنك أيضًا أن تجد إلى جانب الدراجة والموتوسيكل سيارات فاخرة من آخر طراز.

وهكذا أيضًا المرأة في الباكستان … فهناك سيدات لا تزال البردة تمنعهن من الخروج أو الظهور، وهناك فتيات وسيدات يقمن بجميع ما تقوم به المرأة الغربية، بل إن بعضهن يعمل في أسطول الباكستان وبعضهن في الجيش وبعضهن يكوِّنَّ حرسًا وطنيًّا.

قال لنا سائق السيارة الذي أقلَّنا من المطار إلى المدينة: هل عندكم بردة في مصر؟

وفهمت أنه يقصد الحجاب بوجهٍ عامٍّ فقلت له: إنها في طريق الزوال.

ثم سألته: وعندكم؟

قال: إنها لا تزال موجودة في بعض طبقات وإن كانت قد زالت من طبقات أخرى.

سألته: وأنت إذا أردت أن تتزوج هل تحرص على أن تكون زوجتك من أهل البردة؟

وحار الرجل في الإجابة ثم قال: إنني شخصيًّا قليل العلم ويجب أن أتبع تقاليد أبي وأمي وقبل أن أتزوج ينبغي أن استشيرهما … وأمي لا تزال محافظة على البردة ولا شك أنها ستطالبني بأن أتزوج واحدة مثلها، بل إنها هي التي قد تختار لي زوجتي.

سألته: وهل لك أن تبدي رأيك فيها؟

ونظر إليَّ الرجل دهشًا وهو يقول: وكيف أبدي رأيي وأنا لا أراها إلا في ليلة الزواج؟!

وأخذ يشرح لنا ما كنا نسمعه من آبائنا وأجدادنا في مصر منذ نصف قرن تقريبًا، عندما كان الآباء والأمهات يزوجون أبناءهم وبناتهم دون استشارتهم ودون أن يتقابل الطرفان.

وشكل البردة ومنظر المرأة الباكستانية وهي ترتدي البردة من المناظر التي تسترعي نظر من يزور باكستان لأول مرة …

فالبردة عبارة عن عباءة كبيرة واسعة فضفاضة تكسو المرأة من قمة رأسها إلى أخمص قدميها بحيث لا يظهر منها شيء مطلقًا، أما عند الوجه فقد أُعدت ثقوب صغيرة جدًّا كثقوب الكِلَّة (الناموسية) في مواجهة العين حتى يمكنها أن ترى الطريق وهي تسير.

هذه هي البردة التي ترتديها غالبية نساء باكستان حتى اليوم، تلبسها المرأة عند خروجها من المنزل إلى السوق أو إلى الطبيب أو إلى المستشفى، ذلك لأن تقاليد المرأة في باكستان لا تسمح بخروجها إلا لأمر هامٍّ جدًّا لا يمكن قضاؤه وهي في منزلها …

والبردة ذات أشكال وألوان مختلفة ولكنها جميعًا لا تختلف عن هذا الوصف الذي ذكرناه، واللون الشائع هو الأبيض وقد يرجع السبب في تفضيله إلى حرارة الجو.

ومع صرامة التقاليد التي تمنع المرأة من مغادرة منزلها إلا لأمر هامٍّ، فإنه ليس غريبًا أن ترى نساءً يرتدين البردة وقد جلسن إلى جانب أزواجهن في دور السينما لمشاهدة الروايات الغرامية والاستماع إلى أغاني العشق والهيام … بل لقد رأيت ما هو أعجب من هذا، رأيت فتيات وسيدات في مكتبة جامعة لاهور وقد ارتدَيْن البردة وانتحين جانبًا من القاعة وأخذن يطالعن في الكتب والمراجع المختلفة.

بل رأيت في المجلس النيابي بالولايات الشمالية «عضوَيْن» من النساء، وقد جلستا في أحد أركان القاعة وأخذتا في الاطِّلاع على جدول الأعمال ومتابعة المناقشات والاشتراك فيها، وكلتاهما ترتدي «البردة» السوداء اللون، وسألت عنهما فقيل لي إنهما من أنشط أعضاء المجلس النيابي وإنهما يواظبان على الحضور أكثر من الرجال، كما أنهما تدافعان عن رأيهما بحرارة … كل ذلك من وراء ستار البردة.

ولكن إذا كان بعض الرجال يسمحون لبناتهم أو لنسائهم بالقيام بمهام التمثيل السياسي أو بالتردد على المكتبات أو الجامعات وهن مرتديات «البردة»، فإن هناك رجالًا آخرين لا يسمحون لفتياتهم أو لنسائهم بمغادرة المنزل إلا في حالتين اثنتين، هما حالة الفرح وحالة الحزن.

ويبدأ ارتداء البردة في سنٍّ مبكرة، إذ لا تكاد الفتاة تبلغ الثالثة عشرة من عمرها حتى يُلزمها أهلها بارتداء البردة، وإذا ارتدتها فإنها غالبًا لا تخلعها إلا بعد موتها.

كنا نزور قبائل الشمال المعروفة باسم «الباتان»، وهي قبائل لها تقاليدها الخاصة التي تحافظ عليها ولا تتخلى عنها، كما أنها أشد محافظة على التقاليد من أهل الولايات الأخرى، وكان معنا في السيارة أحد أعيان تلك الجهات وهو يُعرف هناك باسم «سيد»، لأنه لا يتبع قبيلة معينة وإنما يعتبر نفسه قاسمًا مشتركًا بين جميع القبائل بحكم نسبه الشريف.

قال لنا إنه لم يشهد السينما الناطقة بعد!

ولما سألناه: لماذا؟ قال: لأن آخر فيلم شهدته كان يمثل ابنة أمير شرقيٍّ تقع في غرام رجل أجنبي، وكان ذلك في عهد السينما الصامتة منذ أكثر من ٣٠ عامًا.

واستطرد الرجل قائلًا: ومنذ رأيت هذا الفيلم صمَّمت على ألا أدخل السينما، وقد بَرَرْت بوعدي.

وسألته: وزوجتك وبناتك هل يتردَّدْن على السينما؟

ونظر إليَّ الرجل مستنكرًا، ثم قال: إن زوجتي وبناتي لا يغادرن المنزل بتاتًا، فكيف تريد منهن أن يشاهدن السينما؟!

قلت: ولكن … ماذا تفعل زوجتك أو ابنتك إذا أرادت أن تشتري شيئًا؟!

قال: إنها تكلفني بما تريد وأنا أقوم بشرائه …

قلت: وهل يعجبها ما تشتريه لها؟

قال: طبعًا، لأنني أعرف ذوقها، وكل ما أشتريه لها يعجبها.

قلت: ولكن زوجتك طبعًا ترتدي البردة إذا اضطرت للخروج.

قال: نعم.

قلت: فكيف حصلت زوجتك إذن على البردة التي ترتديها عند الخروج؟

أجاب الرجل وهو يبتسم لهذا السؤال: «إذا أرادت زوجتي أو إحدى بناتي أن (تفصِّل) لنفسها بردة، فإني أستدعي الترزي إلى المنزل وأجلسه في حجرة منفصلة وأتلقَّى منه التعليمات اللازمة للقياس، ثم أدخل أنا إلى زوجتي أو ابنتي وأقيس لها طولها وعرضها ثم أسلم القياس للترزي!

«وفي يوم آخر يحضر الترزي إلى المنزل ومعه «بروفة» البردة فتقيسها زوجتي أو ابنتي وتبدي ملاحظاتها عليها وأنقل أنا إليه هذه الملاحظات، وبعد ذلك يرسل إليَّ البردة بعد إتمامها …

وسألت الرجل: ولكن كيف يتم الزواج إذا كانت التقاليد لا تسمح بالاختلاط؟

قال: إن النساء هن اللاتي يقمن بهذه المهمة فيخطبن البنات لأولادهن …

وسادت فترة صمت طويلة … قطعها الرجل أخيرًا بقوله: ومع ذلك فنحن نكرم المرأة وإذا تزوجت الفتاة فإن والدها يمنحها عند زواجها نصيبها من ممتلكاته كاملًا … حتى نصيبها في أثاث منزله ومقتنياته يجب أن تحصل عليه عندما تتزوج، هذا عدا نفقات الزواج!

وضحك السيد ثم قال يختتم الحديث: وأنا مثلًا عندي أربع فتيات، ولا شك أنه عندما يتم زواجهن جميعًا سأكون قد أفلست تمامًا … أليس كذلك؟

•••

وإذ كنت قد شهدت البردة في باكستان وسمعت حديث الحجاب وحديث المرأة التي لا تغادر منزلها، فقد رأيت أن أشهد صورة أخرى للمرأة الباكستانية الحديثة، ولذلك طلبت مقابلة البيجوم لياقت علي خان١ (أو قائد الملة) … وتمت المقابلة بمنزلها في ضواحي كراتشي.

وقد كانت أول مقابلة لها مع أعضاء الوفد الصحفي كله، ولا أزال أذكر كيف كانت تحدثنا في هذه المقابلة عن آمالها وآلامها، وكان من بين ما قالته لهم في لحظة من لحظات حماستها إن بعض الرجعيين المتعصبين من الرجال يعارضون تقدم المرأة ولا يشجعونها على خلع البردة، وقالت إنهم بذلك يشيعون الشلل في نصف المجتمع … وقالت: إنه لا يُرجى تقدم إلا إذا تخلصنا من هذه الذقون!

ورفعت بيجوم لياقت نظرها فإذا بها تُفاجأ بوجود شخص له لحية بين المستمعين! وضحكت البيجوم وقد أصابها شيء من الخجل، ثم وجهت الحديث إلى صاحب اللحية قائلة: إنني آسفة! ولكن ذقنك أنت قصيرة على كل حال، ليست من نوع الذقون التي أتحدث عنها! …

وقد أُعجبت منذ المقابلة الأولى بشجاعة بيجوم لياقت علي خان، التي تعتبر اليوم زعيمة الحركة النسائية في باكستان؛ فقد رأيتها متحررة ثائرة تطلب العدالة والمساواة لبنات جنسها، ولهذا التمست مقابلة خاصة فأجيب طلبي على الفور.

وخيِّل إليَّ أنني أتحدث إلى المغفور لها هدى هانم شعراوي، فطلبت منها أن تحدثني عن تاريخ النهضة النسائية في باكستان، فانطلقت تتحدث في حماس تقول:

لقد نجم عن تقسيم شبه جزيرة الهند إلى دولتين مذابح كثيرة، ورأيت من واجبي وواجب نساء الباكستان المساهمة في تمريض الجرحى والمنكوبين، وخاصة بعد أن شهدنا حوادث القتل بأعيننا.

وإن المرأة لتولد وحب التمريض في قلبها، ولذلك رأيت استغلال هذا الشعور فناديت بنات وطني ودعوتُهنَّ للجهاد في سبيل إغاثة المنكوبين …

وبدأ بعد ذلك وفود ملايين اللاجئين من الهند، فكانت مشكلة جديدة تقتضي مساهمة النساء.

ثم ألَّفنا فرقة من المتطوعات الباكستانيات، وكان لا بد من تأليفها إذا عرفت أن هناك ستين ألفًا من النساء المسلمات أخذهن الهنود في عام ١٩٤٧ عند التقسيم.

ولقد رأينا من الضروري أن تتعلم المرأة فن الدفاع عن نفسها حتى يمكنها استخدام هذا السلاح عند الضرورة.

في ذلك الوقت ناديت بضرورة تعليم فن التمريض، فأصبح تعليمه إجباريًّا كتعليم الفنون العسكرية … وتكونت من المتطوعات فرقةٌ نسائية باسم «الحرس الوطني للنساء الباكستانيات»، ما لبثت أن صارت جزءًا من الجيش الوطني، وكان الجيش نفسه هو الذي يقوم بتدريبها.

وتتكون الفرقة كلها من المتطوعات، وكانت مدة التمرين في بادئ الأمر ستة أشهر، ولكنها خفِّضت بعد ذلك إلى ثلاثة.

وقد أصبح لدينا اليوم ثلاث فرق، في كل فرقة ٨٠٠ امرأة … ويتراوح سن المتطوعات من ١٦ إلى ٦٠ سنة، وأهم ما يتعلَّمْنه النظام.

إن المرأة نصف المجتمع، ولقد ظلت المرأة في باكستان نحو ٢٠٠٠ سنة وهي خاملة مهملة، فكان لا بد من القيام بنهضة لإيقاظها.

وقد وصل بنا التفكير إلى ضرورة توحيد الجهود المبذولة لتحرير المرأة الباكستانية، فأنشأنا اتحادًا نسائيًّا اسمه «اتحاد نساء الباكستان»، ومن أهم شروطه أنه لا يتدخل في السياسة، ولا صلة له بالحكومة إطلاقًا، ولأي امرأة في باكستان حق الالتحاق به بغض النظر عن جنسيتها أو دينها أو لغتها.

ويستهدف اتحاد جميع نساء الباكستان المشهور باسم APWA رفع مستوى المرأة الباكستانية، وذلك بإنشاء عيادات للمرضى، والبحث عن صناعات للاجئين، وتوجيه الساقطات إلى حياة أفضل، وافتتاح المدارس للتعليم بالمجان …

ونحن نعتمد على أفراد الشعب في جمع الأموال اللازمة للقيام بهذه المشروعات.

إن المرأة في باكستان تتمتع بالمساواة مع الرجل في الحقوق السياسية، وقد خصص لنا رئيس الوزراء الأسبق بعض مقاعد في الجمعية التشريعية، ولذلك لا تخلو مجالسنا التشريعية بمختلف الولايات من نساء يقمن بأعمالهن في ميدان النيابة خير قيام.

ومن رأيي أنه يجب أن تستمر هذه السياسة، فتحجز لنا في المجالس النيابية مقاعد بين الأعضاء، إلى أن نستعد للقيام بواجبنا الانتخابي، وتصبح المرأة الباكستانية قادرة على استخدام حقوقها في الانتخابات …

وإنني أنتهز هذه الفرصة لأبعث إلى نساء مصر، بالنيابة عن جميع نساء الباكستان، بأصدق التحيات وأطيب الأماني وأكبر الأمل في أن يصلن في مرحلة البعث الوطني إلى كامل حقوقهن الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.

figure
المؤلف في زيارة بيجوم لياقت علي خان.

إننا نرتبط اليوم، إلى جانب صلة الدين المشترك والصداقة القديمة الوطيدة، بروابط جديدة من المصلحة المشتركة في تقدم المرأة في العالم كله وبخاصة في البلدان المتأخرة.

ولا تقتصر هذه الروابط على نيل الحقوق والمطالب، بل إنها تجاوز هذا إلى ما هو أعظم كميدان العواطف المشتركة، والمسئوليات الخطيرة التي تتحملها، سواء في المنزل أو في الأمة أو في الإنسانية … وهي المسئوليات التي تمليها الحقوق والمطالب.

إن نساء الباكستان يشتركن بنصيب ملحوظ في الحياة الوطنية، وهن يكافحن بشجاعة وأمل في حل المشكلات التي نشأت عن تأسيس الوطن الباكستاني المستقل عام ١٩٤٧.

ولهذا فإنهن يبعثن عن حبٍّ وعطف، هو وليد التجارب، بتحيتهن إلى شقيقاتهن في مصر، وهن يتطلعن إلى الأمام في سبيل إحكام الروابط وتعزيز أواصر الصداقة والمصالح المشتركة بينهن جميعًا.

والواقع أن تقدم المرأة الذي شاهدناه في الباكستان ليس حديث العهد، بل إنه يرجع إلى ألف عام مضت عندما كان المسلمون يحكمون القارة الهندية، والتاريخ الإسلامي يزخر بشخصيات نسائية عظيمة تزعمت الحركة الفنية والثقافية والسياسية في هذه المنطقة حتى فُقْنَ الرجال في مختلف هذه الميادين.

ومن بين هذه الشخصيات الكبيرة: السلطانة رضية إمبراطورة عائلة العبيد، فقد حكمت البلاد برقَّة نسائية متسمة بحزم ومقدرة خلال القرن الثالث عشر الزاخر بالأحداث، وثارت جيوشها خلال معارك عديدة، وماتت في ميدان القتال في إحدى الحروب الأهلية.

وكانت البيجوم جولبادان، ابنة الإمبراطور بابر — أول عظماء ملوك المغول — من أعظم الشخصيات التي عُنيت بالفن والثقافة، ونشرت مذكرات رائعة باللغة الفارسية عن أخيها الإمبراطور همايون.

واشتُهرت السلطانة سليمة، ابنة أخت الإمبراطور همايون، بقرض الشعر باللغة الفارسية، وكانت تَنْظِم الشعر تحت اسم مستعار هو «مخفر»، وتزوجت ابن عمها الإمبراطور «أكبر» الكبير، وكانت مربيته تدعى «مهام أنجا» وكانت تتمتع بثقافة عالية وأنشأت كلية في دلهي.

ويمكن مقارنة السلطانة «شاند» ملكة «دكن» بجان دارك الفرنسية، فقد كانت باسلة جريئة هاجمت جيوش الإمبراطور «أكبر» العظيمة التي اجتاحت مملكتها وقاتلتها قتالًا مريرًا.

وأنجب القرن السابع عشر الإمبراطورة «نورجهان» أي نور العالم، وهي من ألمع النساء في التاريخ وأكثرهن فتنة، وقد كان تأثيرها عظيمًا على السفراء الأجانب الذين أتيح لهم الاجتماع بها في بلاط زوجها الإمبراطور جهانكير، فكتب عنها سير هوكنس وسير توماس رو وإدوارد تيري وويليام فنشي يُشيدون بنبوغها العظيم وفتنتها وذوقها … كان لها ذوق في الأزياء (الموضة) ووضعت رسومًا جميلة رائعة للملابس والأبسطة والسجاد، ولا تزال نساء الباكستان حتى يومنا هذا يقلدن ما وضعته من رسوم المجوهرات والأزياء وهندسة البيوت من الداخل وتزيينها وتجميلها.

وقد بدأت العصور المظلمة للمرأة في الباكستان بسقوط الإمبراطورية المغولية في القرن الثامن عشر واستمرت حتى نهاية القرن التاسع عشر … وفي خلال هذه الفترة عُزلت المرأة واختفت وراء «البردة» أو الحجاب الباكستاني.

وبانتهاء القرن التاسع عشر بدأت المرأة تستيقظ من جديد على أثر الحركات الإصلاحية التي قامت في البلاد، وأخذت النساء المتعلِّمات ينشئن الجمعيات والهيئات النسائية، وظهرت في لاهور عام ١٨٨٦ المجلة الأسبوعية النسائية «تهذيب النسوان» وقد أنشأتها البيجوم محمدي، ويرجع إلى هذه المجلة فضل إنهاض المرأة المسلمة في الهند.

وفي عام ١٩١٣ خرج إلى الوجود مؤتمر النساء الهنديات المسلمات في «بهوبال».

وفي عام ١٩١٧ اجتمع هذا المؤتمر في مدينة «بونا» أيضًا، وبدأت النساء يبدين نشاطًا كبيرًا في أعمال المؤتمر، ولهذا المؤتمر الفضل في إنشاء كلية ليدي إروين في دلهي.

ولكن سرعان ما أدركت المرأة أنها لا تستطيع تحقيق أية إصلاحات كبيرة في النواحي الاجتماعية والثقافية إلا إذا أحرزت نفوذًا في الميدان السياسي.

وهكذا بدأت المرأة تشترك في الكفاح في الرابطة الإسلامية في الهند، وقد أدى نشاطها هذا إلى اختيار البيجوم جاهانارا شاه نواز عضوًا في مؤتمر المائدة المستديرة الذي عُقد بلندن في عامي ١٩٣٠ و١٩٣٢، وكان من نتيجة ذلك أن نص الدستور الذي صدر عام ١٩٣٥ على تحرير أكثر من ٦٠ مليون امرأة، وتخصيص مقاعد للمرأة في جميع المجالس التشريعية تقريبًا.

وقد لعبت البيجوم شاه نواز دورًا هامًّا في الحياة السياسية في بلادها، فاشتركت في عدد من المؤتمرات الدولية إلى أن انتُخبت بالإجماع في عام ١٩٣٧ عضوًا في مجلس الرابطة الإسلامية لكل الهند.

وقامت المرأة بنصيب كبير في حركة العصيان المدني التي قامت في البنجاب عام ١٩٤٧، وتعرضت لرصاص المستعمرين ووحشيتهم وبطشهم، واعتُقل عدد كبير من الزعيمات.

وعندما تم تقسيم شبه القارة بين الهند والباكستان أنشأت البيجوم لياقت علي خان جمعية من المتطوعات لمساعدة اللاجئين من الهند إلى الباكستان.

ولقد استوحت دولة الباكستان مبادئها من الروح الديمقراطية فمنحت المرأة المساواة في الحياة السياسية مع الرجل، وهكذا أتاحت لسيدتين أن تبرزا في الجمعية التأسيسية والمجالس التشريعية، وهاتان السيدتان هما: البيجوم شاه نواز والبيجوم إكرام الله، وقد قامتا بجهود رائعة لوضع التشريعات الخاصة بالحقوق الأساسية للمواطن ولطوائف الأقليات، وقد حققتا بذلك مبدأ المساواة بين المرأة والرجل لا في ميدان الحياة السياسية فحسب بل وفي الأجور أيضًا.

وكان طبيعيًّا أن تؤدي نهضة المرأة الباكستانية إلى مواجهة مشكلة جديدة، هي الاختيار بين البقاء في بيتها أو الخروج منه إلى العالم الواسع لشق طريقها في الحياة واختيار عمل مستقلٍّ تعتمد عليه في معيشتها …

واختارت المرأة الباكستانية الطريق الأخير، ولكنها حرصت على عدم قطع صلتها بمطبخها وبمنزلها.

وهكذا أصبحت المرأة تعمل الآن في مختلف نواحي النشاط القومي في الباكستان.

إننا نجدها في الوظائف العامة الكبرى وفي الجيش وفي هيئات التدريس في الجامعات وفي المصارف وفي مهنة الطب وغيرها من المهن الحرة … فقد منح الدستور المرأة الباكستانية حق المساواة التامة في جميع الفرص الممنوحة للرجال.

ولم تكتفِ المرأة بذلك بل اقتحمت أيضًا ميدان الصناعة، فقد أنشأت السيدة رضية غلام علي مصنعًا تديره وتشرف عليه بنفسها، كما تعمل الآنسة سيدة نجفي، وهي إخصائية في صناعة النسيج، مستشارة فنية لمصنع كبير للنسيج.

واقتحمت الدكتورة أمينة رحمان ميدان الطاقة الذرية، فهي تقوم بأبحاث دقيقة في هذا المضمار.

أما الأديبة السيدة حجاب امتياز علي فقد اختارت التحليق في الأجواء العليا وأصبحت أول طيارة مسلمة في الباكستان، وقد شاركتها في هذه الهواية الآنسة روكسانا رضا، بينما اختار عدد آخر من النساء العمل في شركات الطيران كمضيفات وموظفات.

ويعمل عدد كبير منهن في محطة إذاعة الباكستان، وبعضهن يتولى مناصب هامة كمشرفات على مختلف برامج الإذاعة.

واجتذبت الصحافة عددًا كبيرًا من النساء، فأخذن يعملن في مختلف نواحي النشاط الصحفي.

ولم تنسَ المرأة الباكستانية أن جيش بلادها منذ، أيام حكم المغول، كان يضم عددًا كبيرًا من النساء، وأن الأميرات المغوليات كن يتلقَّيْن تدريبًا عسكريًّا كاملًا.

ولذلك أنشئ في أوائل عام ١٩٤٨ الحرس الوطني لنساء الباكستان، وهو يهدف إلى إنشاء جيش من النساء لتقديم الخدمات العامة والطبية في حالة الطوارئ، وبدأ يعمل على تخريج ضابطات من مختلف الرتب، وتستطيع كل امرأة أن تنضم إلى الحرس بصرف النظر عن جنسيتها أو عقيدتها الدينية، على ألا يقل سنها عن ١٦ ولا يزيد عن ٥٠ عامًا. وينقسم الحرس إلى قسمين: قسم (أ) وتتعهد عضواته بالعمل في جميع أنحاء البلاد، وقسم (ب) ولا تعمل عضواته إلا في المناطق التي يُقِمْن فيها.

وشعرت الباكستان في عام ١٩٤٩ بحاجتها إلى متطوعات في البحرية، فأنشأت فرقًا من الاحتياطي النسائي للبحرية الباكستانية، لا بقصد احتلال مكان الرجل بل لمساعدته في شتى الشئون.

وقد انضم إلى فرقة الأطباء في الجيش عدد كبير من الطبيبات يعملن كضباط نظاميين.

وقد أبدت نساء الباكستان اهتمامًا شديدًا بشئون الدفاع المدني وأقبلن على التطوع إقبالًا كبيرًا، وقد أنشئ في مدينة كراتشي عدد كبير من مراكز التدريب الخاصة بهن.

وحكومة البنجاب تُعِدُّ قسمًا خاصًّا للنساء في منظمة الدفاع المدني، وقد اشتركت المرأة أيضًا في جميع الهيئات الخاصة بالدفاع الوطني في مختلف الولايات، وبفضل هذا الشعور الوطني العظيم أصبح القسم الأكبر من شعب الباكستان مدربًا تدريبًا كافيًا للعمل في حالة الطوارئ.

•••

ولم يقتصر نشاط المرأة في الباكستان على حدود بلادها، بل تعداه إلى الميدان الدولي.

ففي عام ١٩٤٧ مثلت البيجوم تصدُّق حسين بلادها في دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة.

وفي عام ١٩٤٨ و١٩٤٩ رافقت البيجوم لياقت علي خان زوجها، وكان رئيسًا للوزراء في ذلك الوقت، في رحلتيه إلى بريطانيا وقامت بدراسة واسعة للمشاكل الاجتماعية والوسائل التي تتبعها الهيئات النسائية في بريطانيا لمواجهتها وحلها.

وعندما عقدت الجمعية العامة للأمم المتحدة دورتها الثالثة في مستهل عام ١٩٤٨، اختيرت البيجوم شايستا إكرام الله مندوبة عن بلادها في الجمعية، واشتركت في أعمال اللجان الاجتماعية والقانونية والإنسانية بوصفها مندوبة عن الباكستان.

figure
وفد نساء باكستان إلى الصين الشيوعية.

ومما يُذكر أن الجمعية العامة أقرت في دورتها هذه ميثاق حقوق الإنسان.

وفي خلال إقامتها في باريس اتصلت البيجوم إكرام الله برئيس الاتحاد الدولي النسائي ووضعت الأسس لضم الاتحاد النسائي الباكستاني إلى الاتحاد الدولي.

وفي عام ١٩٤٩ مثَّلت بلادها في المؤتمر الدولي البرلماني الذي عُقد في دَبْلِن وطالبت بوضع ميثاقٍ دوليٍّ لحماية الطفولة وخاصة من ويلات الحرب.

وكانت قبل ذلك قد مثَّلت بلادها في مؤتمر الأدباء الذي عُقد في أَدِنْبِره، وكانت هذه أول مرة تشترك فيها الباكستان في مؤتمرٍ دوليٍّ أدبيٍّ.

وقامت المرأة الباكستانية بنشاط رائع في الولايات المتحدة خلال عام ١٩٤٩ حتى جذبت إليها جميع الأنظار.

فقد أقيم في نيويورك في ذلك العام المعرض الدولي السنوي السادس والعشرون، ومثَّلت الباكستان فيه البيجوم إقبال حسين مالك والبيجوم نذير أحمد، وانتزعت الباكستان الجوائز الأولى والثانية والثالثة في أشغال الإبرة، وقامت مندوبتا الباكستان بتقديم مسرحيات قومية وإلقاء أحاديث وخطب من محطات الإذاعة والتليفزيون في الأمم المتحدة وجمعيات الشابات المسيحية واتحاد الناخبات الأمريكيات، وعقدتا عدة مؤتمرات صحفية لإطْلاع الرأي العام على أحوال الباكستان وتقدُّم المرأة فيها.

وقامت البيجوم لياقت علي خان بنشاط هائل عام ١٩٥٠ عندما رافقت زوجها في رحلة رسمية إلى الولايت المتحدة، فقد اتصلت بعدد كبير من الشخصيات الأمريكية وتحدثت إليهم عن بلادها وقامت بدعاية لوطنها على نطاق واسع لم يسبق له مثيل، وقد زارت أيضًا في رحلتها هذه دول الشرق الأوسط.

وفي ذلك العام أيضًا مثَّلت البيجوم إكرام الله بلادها في دورة الأمم المتحدة التي عُقدت في ليك سكسس.

وفي مايو ١٩٥١ دعتها وزارة الخارجية الأمريكية لزيارة الولايات المتحدة، فقبلت الدعوة وزارت جميع الولايات الأمريكية وألقت سلسلة من المحاضرات والأحاديث القيِّمة عن الباكستان وتطورها وتقدمها وأهدافها.

وقامت زعيمات الباكستان بتمثيل بلادهن في كثير من المؤتمرات الدولية الهامة، ومنهن البيجوم سعيدة وحيد التي مثَّلت الاتحاد النسائي في اجتماعات لجنة حقوق الإنسان في جنيف، والبيجوم أنور غلام أحمد وقد مثَّلت الاتحاد قي مهرجان بريطانيا، حيث أتيح لها في هذه المناسبة فرصة الاتصال بعدد كبير من الشخصيات وزيارة معاهد رعاية المرأة والأطفال والمستشفيات الخاصة بهم.

figure
الصحفيون المصريون عند زيارتهم للآنسة فاطمة جناح شقيقة القائد الأعظم وهي من زعيمات النهضة النسائية في باكستان.

وعُهد إلى البيجوم حسين مالك بتمثيل بلادها في المؤتمر الدولي الإقليمي للهيئات غير الحكومية الذي عُقد في «بال»، وانتُخبت رئيسة للجنة الثالثة التي عينها المؤتمر للبحث في وسائل نشر المعلومات والأنباء عن نشاط اليونسكو والهيئة الصحية الدولية وهيئة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة.

وقد رافقت البيجوم هارون زوجها عندما عُيِّن مندوبًا ساميًا للباكستان في أستراليا، ومنذ وصولها إليها قامت بنشاط كبير في مختلف الميادين الاجتماعية والنسائية، وقد عملت بمساعدة بعض سيدات أستراليا على إنشاء صندوق إغاثة الباكستان.

وفي العام الماضي اختارت الباكستان البيجوم شاه جهان منهيم لتمثِّلها في مؤتمر الشبيبة العالمية في نيويورك.

وشهر مارس من عام ١٩٥٢ يعتبر حدثًا تاريخيًّا هامًّا بالنسبة للاتحاد النسائي لا في الباكستان فحسب بل بالنسبة للعالم الإسلامي أيضًا.

ففي ذلك الشهر انعقد أول مؤتمر عالميٍّ نسائيٍّ ودُعيت إليه مندوبات عن جميع البلاد الإسلامية، واشتركت فيه نساء مصر وتركيا وإيران والعراق ولبنان وإندونيسيا، وكان عملًا رائعًا يدل على الشعور بالروابط المشتركة والتضامن بين نساء العالم الإسلامي، وقد رأست جلسات المؤتمر البيجوم لياقت علي خان، وهي التي نظمت المؤتمر ودعت إليه.

واشتركت في المؤتمر ثلاث عشرة مندوبة من خارج الباكستان يمثِّلن مختلف الهيئات التي تعتز بالخدمات والمسائل الاجتماعية، مثل: جمعية رعاية الأمهات والأطفال الإيرانية، وجمعية المنزل العربي، وجمعية الهلال الأحمر العراقي، واتحاد النساء العراقي، وجمعية النهضة النسائية المصرية، واتحاد النساء المسلمات في إندونيسيا.

وقد انقسم المؤتمر إلى عدة لجان للبحث في المشاكل المتصلة برفع مستوى الاقتصاد والصحة والتعليم والفن والثقافة، ووضعت هذه اللجان عدة مشروعات تهدف جميعها إلى تحسين أحوال المعيشة وزيادة الإنتاج ووضع نظام للتغذية الكافية لمختلف الطبقات.

الأميرة اللاجئة

ومن أروع الأمثلة التي تدل على مدى ما قامت به المرأة في باكستان من جهود وما ساهمت به في بناء الوطن قصة الأميرة اللاجئة …

فمنذ خمس سنوات اخترقت حدود الباكستان أميرة مسلمة لم تكن تحمل معها من بين كل ما كانت تملك في هذ العالم سوى حقيبتين جاءت بهما من بيتها في الهند، بعد أن صممت على العيش في ظل الوطن الذي اختارته لنفسها: الباكستان.

أما هذه الأميرة فهي عبيدة سلطان، وكانت الوريثة الشرعية لولاية بهوبال في الهند وزوجة نواب سروار علي خان، حاكم ولاية كورداي في الهند الوسطى، وقد تنازلت الأميرة عن حقوقها في الإرث وفي دخلها من ممتلكاتها، كما انفصلت عن أهلها وعائلتها وابتعدت عن أصدقائها لتكون حرة التصرف في خدمة الباكستان.

وبالرغم من الخسارة المادية الفادحة التي حاقت بالأميرة بعد أن أصبحت لا تملك شيئًا، فقد استطاعت أن تقدم لوطنها الجديد خبرتها في شئون الحكم التي حصلت عليها عندما كانت تشترك اشتراكًا فعليًّا في تصريف شئون بهوبال، فقد ظلت تشغل منصب السكرتير العام للحكومة منذ عام ١٩٤٣ إلى عام ١٩٤٧، ولذلك كانت على اتصال وثيق بمختلف دوائر الحكومة ومصالحها، وفي خلال الحرب العالمية الثانية رأست وزارة «بهوبال».

ولما كانت الأميرة كبرى أخواتها فقد أمكنها بهذه الصفة أن ترافق والدها في عدد كبير من زياراته الدبلوماسية إلى الولايات المتحدة، وقد قدمت أول خدمة لدولة الباكستان في الخارج عندما عُيِّنت مندوبة عن الباكستان في الأمم المتحدة.

ومما ساعدها على القيام بمهمتها — على أكمل وجه — إتقانها عددًا من اللغات، منها الأوردية، وهي لغتها الأصلية، والإنجليزية والإيرانية والعربية والفرنسية.

وترتدي الأميرة عبيدة الملابس الوطنية البسيطة (الساري)، ولا تضع أية شارة تدل على أنها سليلة أسرة مالكة، وهي لطيفة المعشر خفيفة الظل.

وقد حدثت الأمريكيين عند وصولها إلى نيويورك عن المرأة في الباكستان وقضية كشمير.

وقالت إنها تستطيع المساهمة في حكم بلادها، لأن مبادئ الدين الإسلامي لا تمنع ذلك.

وقالت: إن المرأة المسلمة تتمتع بحقوق أكثر من تلك التي تجري مناقشتها في لجان الأمم المتحدة، فهي لا تتمتع بحقوق توازي حقوق الرجل فحسب بل إنها تتمتع بحقوق أكثر منه.

وأضافت تقول: وقد تكون الدولة قد عجزت حتى الآن عن أن توفر للمرأة في شئون التعليم نفس التسهيلات التي يتمتع بها الرجل، وذلك لانشغالها بمشكلة أهم وهي توفير الغذاء والمأوى للاجئين القادمين من الهند وضحايا الفيضانات والزلازل.

والأميرة رياضية كبيرة ومن كبار هواة الصيد والقنص، وقد استطاعت أن تقتل ٧٣ نمرًا، وذكرت أن الرياضة منتشرة بين عدد كبير من نساء بهوبال وأن عددًا كبيرًا منهن يهوين الصيد والقنص، وهن يقمن باصطياد الحيوانات المفترسة وخاصة النمور، وأن نساء عائلتها، منذ عدة أجيال، كنَّ من كبار هواة صيد النمور، وغير ذلك من فنون الرياضة. وتهوى الأميرة أيضًا السباحة والبولو والرماية والهوكي والكريكت والإسكواش والتنس والانزلاق على الجليد.

وقبل حضورها إلى نيويورك كانت بطلة الإسكواش في الهند الغربية، واشتركت في مباريات مع الرجال في هذه الرياضة وانتصرت في مباريات كثيرة ولم تُهزم إلا في مباراة واحدة، وكانت تشكو مدة وجودها في نيويورك من كثرة الدعوات التي وُجِّهت إليها للظهور في التليفزيون وإلقاء المحاضرات في الراديو والاشتراك في أعمال لجنة الأمم المتحدة وذلك بوصفها ممثلة الباكستان في اللجنة الثالثة المختصة بالشئون الاجتماعية والإنسانية والثقافية، مما منعها عن ممارسة الألعاب الرياضية التي تحبها.

وكان للأميرة نجل يتلقى علومه في كامبردج، وقد تنازل هو الآخر عن حقوقه في الإرث ليصبح مواطنًا عاديًّا في دولة الباكستان.

هذا هو نموذج للمرأة الباكستانية الناهضة التي تجاهد في سبيل توطيد دعائم الوطن الجديد.

١  تشغل اليوم منصب سفيرة باكستان في هولندا.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤