ديباجة الطبعة الأولى

ما لبث كتاب بخنر في مذهب دارون أن نُشِر حتى بادر بعضهم للاعتراض عليه في مقالة، نُشرت في العدد ۱۱٧٥ من جريدة المحروسة، قال فيها: إنَّ هذا المذهب ناقص في الكليات، وطلب إلينا أنْ نتجاول معه في ميدان الجدال؛ علَّنا نصل وإياه إلى نقطة وفاق يكون فيها التوفيق بين أصحاب هذا المذهب وأهل النظر، فاضطرنا ذلك إلى إجابة سُؤله بمقالة مختصرة، نُشرت في العدد ۱۱٧٧ من الجريدة المذكورة، وألحقناها بالباب الأول من هذه الرسالة تحت عنوان «رد على رد».

ولمَّا كانت هذه المقالة بعيدة جدًّا عن الوفاق الذي ابتغاه، نشَر مقالة ثانية في العدد ۱۱٧۹ من الجريدة المذكورة، شدد فيها النكير على أصول هذا المذهب وعلى كليات الماديين، ثم نشرت بعض الجرائد مقالات نضرب عن ذكرها؛ لأنها لم تنهج فيها منهاج البحث، ولم تتعمد سوى القذف والطعن، ثم نشر بعضهم رسالة سمَّاها مناهج الحكماء في نفي النشوء والارتقاء، وقد زعم فيها أنه مُقوٍّ لأركان هذا المذهب، ناقض لدعائم الفلسفة المادية في أصل العوالم.

وقد كنا شرعنا في الرد على كل ما تقدم في الجريدة المذكورة في مقالات نشرت تباعًا حتى طرأ على صديقنا الأبَرِّ المأسوف عليه، صاحب هذه الجريدة، من صروف الحدثان ونوائب الأيام التي لا يسلم منها إنسان، ما اضطرها إلى الاحتجاب حينًا من الدهر، واضطرنا إلى تأجيل تتمة الرد كذلك:

إنما نحن مثل خامة زرعٍ
فمتى يأنِ يأتِ محتصدوهُ
وما زال هذا الرد تام التأليف غير تام النشر حتى تيسر لنا طبعه أخيرًا في هذه الرسالة التي سميناها «الحقيقة»،١ وضمناها من البراهين القاطعة ما عددناه كافلًا للبيان، وافيًا بالمرام في هذا المقام.
شبلي شميل
مصر ۱۸۸٥
١  طبعت لأول مرة بمطبعة المقتطف سنة ۱۸۸٥.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤