تقديم
اتَّسم الاحتفال بمئوية كومونة باريس — في عام ١٩٧١م — بالغرابة. تباكت جريدة الفيجارو عليها بحرقة وتعاطف الأورور (الفجر) معها. مدح السيد سانجينيتي في التلفزيون وطنيةَ الكومونيِّين. والاعتبار الشعبي الذي وُضع تحت تصرُّف الاحتفال بالكومونة ظل أكثر تواضعًا، رغم عدم الدخول في عهد التقشُّف رسميًّا. لم تكن تظاهرة حائط الاتحاديِّين الضخمة أبدًا أكثرَ تأثيرًا أيضًا. صنعت القوى الشعبية وحدَها، كما هو مألوف، نجاحَها. لكن في الختام أنكرَت سلالة تيير أسلافَها في خطابها.
سقط الصمت منذ ستِّ سنوات — وأيضًا بين دُور النشر، النشطة للغاية خلال المئوية — على مَن «اقتحموا السماء». لذا فمن الأفضل أن نتذكَّر اليوم أن الكومونة قد وُجدت ونحكي تاريخ هذه اﻟ ٧٢ يومًا. من الإنصاف أن نذكر، عبرها، حربَ الطبقات الأساسية، ومن الرائع أن نقول كلَّ هذا بالصور. هذا هو هدفُ الكتاب الذي لا يتوجَّه إلى خلفاء فرساي ولا إلى المؤرخِين المتخصصِين، لكن لكلِّ مَن لا نسمعهم يتكلَّمون عن الكومونة في المدرسة أو في الصحف، إلا بتلميحاتٍ مقتضبة وغامضة، لكلِّ مَن تظل بالنسبة له كلمة تشبَّثت بها بضع قصاصات من الجُمل.
الجُمل هنا فقَّاعات والتعليقات تضيء الوجوه. الكتاب مصنوعٌ من رسوماتٍ، أحيانًا أصلية — قد نحبُّها إلى هذا الحد أو ذاك — وغالبًا من طباعة بارزة وصور ولوحات ورسم بالألوان المائية قديم للغاية. بالتأكيد ليست هذه أوَّل حكاية مصوَّرة عن الكومونة. لكن هنا يتحرَّك الفراغ الذي تحتله الصورة وعلاقته بالنص. من صفحةٍ لأخرى تقلُّ الرسوم التوضيحية تدريجيًّا لتصبح الأيقونة على نحوٍ متزايد حاملةً للتاريخ.
للتاريخ، أي للتفسير، الخيارات واضحةٌ بل منظَّمة، عادلة وفي محلِّها. في عام ١٨٧١م، لأول مرة في تاريخ فرنسا الشعبي، لم يَعُد العمال قوَّة إضافية. ٨٣٪ من النساء المطارَدات خلال الكومونة عاملات، و٨٤٪ من الرجال المعتقلين عمالٌ بأجر: للقمع سِمة طبقية، جماعية. إدارة الحركة أيضًا، وإن كان بدرجة أقل: إنها تجمع على نحوٍ وثيق بين الموظفين وأصحاب المتاجر والخمسة والعشرين عاملًا المشاركين مع ٦٥ عضوًا في مجلس الكومونة العام. لنحترسْ رغم هذا: ليس المقصود في باريس عمال الصناعة الكبيرة الرأسمالية. الكومونيون من أصولٍ عمالية هم غالبًا حِرَفيون أو عمال فنيون. عمال النسيج، المناجم والصناعات المعدنية لا نقابلهم في العاصمة، والضواحي الحمراء لم تُوجَد بعدُ. لكن الغرف النقابية التي وُلدت في أحياء باريس القديمة، والمنضمة غالبًا لجمعية العمال الأممية، تحمل أحيانًا برنامجًا ودائمًا الأمل في الأبعاد الاشتراكية.
«نعم أيها السادة، سيقول ماركس، كانت الكومونة تزمع إلغاءَ ملكية الطبقة هذه التي تجعل من عمل العدد الأكبر ثراءَ العدد الأصغر. كانت تهدف إلى مصادرة المصادرين.» هل يبالغ ماركس في التنظير؟ ألم يكن التفويض الممنوح إلى لجنة تحقيق وتنظيم العمل في مايو ٧١ هو ما يلي: «إلغاء استغلال الإنسان للإنسان، آخر أشكال العبودية. تنظيم العمل عبر شراكات تضامنية لرأسمالٍ جماعي لا يجوز التصرُّف فيه»؟