المدارس
متى بدأ محمد علي سياستَه الإصلاحية؟ (١) المدارس الطبية: مدرسة الطب البشري، حاجة الجيش إلى أطباء، كلوت بك يُنشئ المدرسة، صعوبة اللغة، كيف تغلَّب عليها، الاستعانة بالمترجمين، عيوب هذه الطريقة، طرُق علاجها، مدرسة الصيدلة، مدرسة الولادة، مدرسة الطب البيطري، جهودها في الترجمة. (٢) المدارس الفنية: المدارس الزراعية، المدارس الهندسية، جهودها في الترجمة، وأثر هذه الجهود. (٣) المدارس الصناعية: مدرسة الكيمياء، مدرسة المعادن، مدرسة العمليات. (٤) المدارس الحربية والبحرية: مدرسة أسوان، مدرسة أركان الحرب، مدرسة البيادة، مدرسة السواري، مدرسة الطوبجية، المدارس البحرية، جهودها في الترجمة.
***
يصح أن نعتبر سنة ١٨١١، وهي السنة التي قضى فيها محمد علي على المماليك، بدْءًا للسياسة الإصلاحية المحمدية العلوية، ففي عقبها أنشأ المدرسة الحربيَّة الأولى لتعليم أولاد المماليك وغلمانهم بالقلعة، وكانت اللغة الإيطالية هي اللغة الغربية التي تُدرَّس في هذه المدرسة، كما كان المدربون الأجانب من الإيطاليين، وقبيل هذه السنة أيضًا بدأ محمد علي التفكيرَ في الناحية الأخرى من الإصلاح، فأرسل في المدة ما بين سنة ١٨٠٩، و١٨١٦ بعثاتٍ مختلفة إلى إيطاليا، فرُكْنَا الإصلاح الجديد، وهما: المدارس الحديثة والبعثات، بُدئ في تشييدهما في حدود هذه السنة وبعدها، وسيستمر هذا التشييد حتى نهاية عهد محمد علي؛ فالمدارس تُنشأ الواحدة بعد الأخرى حسب حاجة البلاد، وتنفيذًا لرغبة محمد علي، والبعثات تُرسَل لبلدان أوروبا المختلفة البعثة بعد البعثة تحقيقًا لسياسة وليِّ النعم التي ترمي إلى إحلال المصريين محلَّ الأجانب.
وسنحاول أن نتتبَّع في الصفحات التالية خطواتِ التشييد لهذين الركنين: المدارس والبعثات: وسوف نُعنَى في هذا الموجز بالنواحي التي تُعيننا على دراسة تاريخ الترجمة في ذلك العصر؛ كتحديد اللغات الأجنبية التي كانت تُدرس في كل مدرسة، والإشارة إلى مَن تولَّى إدارة المدارس والتعليم فيها من الأجانب، وإلى جهود كلِّ مدرسة في الترجمة، أما التاريخ التفصيلي للمدارس في هذا العهد فسنغضي عنه عامدين؛ لأنَّنا لا نؤرخ للتعليم بوجه عام، بل للترجمة بوجه خاص.
(١) المدارس الطبية
(١-١) مدرسة الطب البشري
بدأ محمد علي بإنشاء جيشه الجديد بعد سنة ١٨١٥، وكان من الضروري — اقتداءً بالجيوش الأوروبية التي ينقل عنها — أن يُلحِق عددًا من الأطباء بكل فرقة من فرق الجيش، وأن تُنشأَ لهذه الفِرق المستشفيات الثابتة والمتنقلة.

- (١)
كان المترجمون ينقلون الدروس إلى اللغة العربية في حضرة الأستاذ، وكان الأستاذ يمدُّ المترجم بالشروح والتفسيرات اللازمة ليسهل عليه مهمَّته؛ لأنَّ هؤلاء المترجمين لم يكونوا على علْم بالمواد التي يترجمونها في أوَّل الأمر.
- (٢)
وليتأكد الأستاذ من حُسْن فهْم المترجم لما قال، كان يطلب إليه أن يُعيد ما ترجم باللغة الفرنسية أو الإيطالية.
- (٣)
كانت هذه الدروس المترجمة تُملَى على الطلاب بعد ذلك فيسجلونها في دفاترهم الخاصة.
- (٤)
كان المدرِّس يقوم بعد ذلك بشرح الدرس الذي أُمليَ على الطلاب، ويُجيب على أسئلتهم إذا أشكل عليهم فهْمُ بعض عناصر الدرس، وذلك عن طريق المترجم أيضًا.
- (٥) كان الطلبةُ يُمتحنون آخرَ كلِّ شهر فيما درسوه، وكان الاختيار لرياسة الأقسام على أساس التفوق في الامتحانات.٤
هذا ما اعترفتْ به هيئةُ المدرسة في خطاب خاص لديوان المدارس، ولكن هذه الهيئة نفسها لم تكن لتقبل أيَّ نقْد علني يُوجَّه لطريقتها هذه في التدريس؛ فقد حدث أن كتبتْ جريدة «أزمير» في أحد أعداد سنة ١٨٣٨ نقدًا لاذعًا لمدرسة الطب، وطريقة التدريس بها بوساطة المترجمين، فانبرتْ لها هيئةُ التدريس في المدرسة، وأرسلتْ لها ردًّا مطولًا على هذا النقد جاء فيه خاصًّا بطريقة النقل ما يلي:
- أولًا: بدأ يكلف هيئة المترجمين في المدرسة بترجمة الكتب الطبيَّة إلى اللغة العربية، واشترك المترجمون في هذا العمل، وكان أوَّل كتاب طبي تُرجم في هذه المدرسة هو كتاب «القول الصريح في علم التشريح»، وهو من تأليف «بايل Bayle» وبه زياداتٌ للدكتور «كلوت بك»، وقد ترجمه يوحنا عنحوري، وطُبع في مطبعة المدرسة بأبي زعبل سنة ١٢٤٨ / ١٨٣٢، وإذ كان هؤلاء المترجمون لا يُتقنون اللغة العربية فقد عُيِّنت في مدرسة الطب طائفةٌ من المحررين والمصححين من شيوخ الأزهر، وقد استطاع هؤلاء المشايخُ بما لهم من معرفة بكتب الطب العربية القديمة أن يُمدُّوا المترجمين بالمصطلحات الطبية الصحيحة، كما كان لهم فضلٌ كبير في تقويم أسلوب الترجمة العربي وتصحيحِه والبُعد به — على قدر استطاعتهم وعِلمهم — عما يشوبه من لُكنة وعُجمة وركاكة، أما المصطلحات الطبية الجديدة فقد اجتهدت الهيئتان معًا في ترجمتها أو وضْع مصطلحات جديدة تؤدي معناها، «ومن هؤلاء الرجالِ مجتمعين تكوَّنت «أكاديمية» تكفل أمانةَ الترجمة وصحَّتَها، وأصبح للطب في خمس سنين قاموس Vocabulaire تزيد كلماتُه على ستة آلاف كلمة».٨
- ثانيًا: ألحق المترجمين تلاميذ بالمدرسة؛ ليتلقوا العلوم الطبيَّة فيسهل عليهم بعد ذلك معرفةُ المصطلحات، وتفهُّم المواد التي ينقلونها عن الأساتذة للتلاميذ، والكتب التي يترجمونها، وقد أثنى كلوت بك — في تقاريره — عليهم وعلى نشاطهم ثناءً جمًّا.
- ثالثًا: ورأى «كلوت بك» أيضًا أن يُشجِّع تلاميذ المدرسة على تعلُّم اللغة الفرنسيَّة، فأنشأ لهم مدرسةً لتعليمهم هذه اللغة، وألحقها بمدرسة الطِّب، «وقد عمل الشيخ رفاعة رافع في هذه المدرسة مدرِّسًا للترجمة لعشرين تلميذًا بعد عودته من فرنسا».٩
- رابعًا: ومن الوسائل التي اتُّبِعت للإقلال من عيوب طريقة الترجمة أن عُهد لتلاميذ الفِرَق المتقدمة بتدريس بعض علوم الطب للتلاميذ المبتدئين، وأن يشرحوا لهم ما صعب عليهم فهمُه.
- خامسًا: اختار «كلوك بك»، بعد مُضِيِّ خمس سنوات على إنشاء المدرسة، اثنَي عشر تلميذًا من أوائل الخريجين ونوابغهم، وسعى حتى أرسِلوا في أول بعثة طبية إلى فرنسا (في سنة ١٨٣٢)، وسيكون لأعضاء هذه البعثة بعد عودتهم شأنٌ خطير في التدريس بمدرسة الطب وإدارة شئونها، وفي الترجمة والتأليف؛ فقد أصدر مجلس إدارة المدرسة — بعد عودة هؤلاء المبعوثين — لائحةً تُعيِّن الأعمال التي يُناط بهم القيام بها، كان منها — إلى جانب اشتغالهم كمعيدين ومساعدين للأساتذة الأجانب — أن يقوموا بترجمة الكتب التي يختارها لهم أعضاءُ مجلس المدرسة، وأن تُعرَض هذه الكتب قبل ترجمتها على شورى المدارس، ثم تُدفع إليهم، وبعد الفراغ من ترجمتها، ومنعًا للشك في صحتها «يجب ألا يُطبعَ كتابٌ ما بعد الانتهاء من ترجمته قبل أن يُعرضَ على مترجمي المدرسة ومصححيها أجمعين».١٠

وقد ظلت إدارةُ المدرسة يتولَّاها الأجانبُ منذ أُنشئت حتى سنة ١٢٩١ / ١٨٤٥، أي حتى أواخر عهد محمد علي تقريبًا؛ فقد تولَّى إدارتَها بالتتابع: الدكتور «كلوت بك»، ثم الدكتور «دفينو»، ثم الدكتور «برون»، وأخيرًا عُهِد بإدارتها إلى أحد أعضاء البعثة المصرية وهو الدكتور إبراهيم النبراوي، ثم تولَّاها من بعده عضوٌ آخر هو الدكتور محمد الشافعي.
(١-٢) مدرسة الصيدلة
(١-٣) مدرسة الولادة
أُنشئت سنة ١٢٤٧ / ١٨٣٢، وأُلحقت بمدرسة الطب البشري، وكانت تلميذاتها — في السنوات الأولى من حياتها — من الجواري السودانيات والحبشيات، ثم أصبحْن — بالتدريج — جميعًا من المصريات، كما كان يلحق بالمدرسة في أوَّل عهدها عددٌ من الأغوات.
وكانت التلميذاتُ يُدرِّسْن اللغة العربية إلى جانب المواد الطبية، وكان «كلوت بك» مديرًا للمدرسة بحكم مركزه كمدير لمدرسة الطب، وكذلك كان خلفه الدكتور «برون»، ولكن كان ينوب عنه في الإشراف على المدرسة أحد مدرسي مدرسة الطب، وقد تَولَّى هذا المنصبَ من المصريين علي هيبة أفندي، ثم عيسوي النحراوي أفندي ثم أحمد الرشيدي أفندي، وهم جميعًا من أعضاء البعثة الطبيَّة الأولى إلى فرنسا.
(١-٤) مدرسة الطب البيطري
ولما نُقلت مدرسةُ الطب البشري إلى قصر العيني في أوائل سنة ١٨٣٧، نُقلت مدرسة الطب البشري إلى شبرا، وأُلحقت هناك بإصطبلات الحكومة.
وقد تُرجمت في هذه المدرسة كتبٌ كثيرة في الطب البيطري كانت عُدَّةَ تلاميذ المدرسة ومرجعَهم في دراستهم، وسنتحدث عنها بالتفصيل في الفصل الخاص بالمترجمين.
(٢) المدارس الفنية
(٢-١) المدارس الزراعية
أُنشئت في عصر محمد علي مدارس زراعية مختلفة، كانت أولاها «الدرسخانة الملكية» التي أُنشئت في سنة ١٢٤٥ / ١٨٣٠، وكان ناظرُها محمد أفندي الأدرنة لي ملمًّا باللغات الثلاث العربية والفارسية والتركية، كما كان تلاميذها يَدرُسون — إلى جانب المواد الزراعية — اللغتَين العربية والفارسية، وقد أُلغيت هذه المدرسةُ بعد إنشاء ديوان المدارس.
وكانت ثانيتها مدرسة الزراعة بشبرا الخيمة، وقد أنشئت في سنة ١٢٤٨ / ١٨٣٣، وكان يقوم بالتدريس فيها أعضاءُ البعثة الزراعية الذين عادوا من أوروبا، غير أنَّ هذه المدرسة لم تُعمِّر — كسابقتها — طويلًا.
وقد ذُكر عن هذه المدرسة أنه كان بها مصحِّح هو الشيخ نصر أبو الوفا الهوريني، وهذا يوحي أن يكون بها مترجمون كما كان متبعًا في المدارس الخصوصية الأخرى، غير أنا لم نعثر على أسماء هؤلاء المترجمين، إلا أن يكونوا هم مدرِّسي المدرسة، والذي لا شكَّ فيه أن هناك كتبًا في علمي النبات والزراعة تُرجمت في هذا العهد، وفي المدارس الزراعية كما نُرجِّح.
(٢-٢) المدارس الهندسية
كما تعدَّدت المدارسُ الزراعية في عصر محمد علي، كذلك تعدَّدت المدارسُ الهندسية؛ وذلك أن محمد علي كان وهو في دور «تنظيم البيت» في حاجة إلى تجديد كلِّ شيء واستثمار كلِّ شيء، وكان في حاجة أيضًا — وهو يُجدِّد ويُنظِّم — إلى الأعوان العالمين أو المتعلمين، وخاصة إلى المهندسين الذين يمسحون له الأرض، ويحفرون التُّرَع ويقيمون الجسور والقناطر، وينشئون المصانع، ويُشرفون على إدارتها، ويدرسون طبقات الأرض، ويبحثون عن معادنها، ويتصلون بالجيش، ويبنون له ثكناتِه وطوابيَه واستحكاماته، ويضعون له خُطَطه … إلخ … إلخ؛ ولهذا كلِّه نرى أن محمد علي كان يُرَحِّب بكل عالم بالهندسة ويُسرع فيُلحق به عددًا من الطلاب يتلقَّون عنه، فإذا انتهت الحاجةُ إلى هذه المدرسة التي خلقتْها الحاجةُ والظروف، أُلغيت، ثم لا يلبث أن يُنشئَ غيرها، وهكذا، حتى بلغ عددُ المدارس الهندسية التي أُنشئت في عصر محمد علي خمسَ مدارس.
وكان عددُ تلاميذ هذه المدرسة ٨٠ تلميذًا، وقد رتَّب لهم محمد علي الكسى والمرتبات الشهرية، والحمير «مساعدة لطلوعهم ونزولهم إلى القلعة»، وسُمي هذا المكتب «بالمهندس خانة»، وأُحضر لهم مدرِّس ثانٍ من الآستانة اسمه «روح الدين أفندي» لتعليم من لا يعرف العربية من التلاميذ، وقد تولَّى نظارةَ هذه المدرسة بعد وفاة حسن أفندي.
أما ثالثُ مدرسةٍ للهندسة؛ فقد كانت كما يرى أمين سامي باشا تتكوَّن من بعض طلبة الأزهر الذين كانوا يدرسون الحساب والهندسة باللغتين العربية والإيطالية في قصر العيني على يد مدرِّس أجنبي اسمه «الخواجة رسام التودري»، وقد تخرَّج فيها اثنا عشر طالبًا في جمادى الآخرة سنة ١٢٤٢ / ١٨٢٦، وعُيِّنوا للقيام بالأعمال الهندسية في الوجه القبلي، وأشرَف على تمرينهم بعد تخرُّجِهم الشيخُ عبد الفتاح (؟) والخواجة يوسف بيروني.
أما رابعُ مدرسةٍ للهندسة فقد بدأت في شهر ربيع الثاني سنة ١٢٤٧ / ١٨٣١ عندما استدعى محمد علي مهندسًا من إنجلترا، وألحق به عشرة من تلاميذ قصر العيني ليتلقَّوا عنه هذا الفن، وقد نُقلت هذه المدرسة بعد سنتين إلى القناطر الخيرية ليسهل على التلامذة مشاهدةُ الأعمال الهندسية عن كثَب، وقد أُلحق بهذه المدرسة بيومي أفندي ليكون مدرِّسًا بها، ومساعدًا لباشمهندس القناطر، وذلك بعد عودته من فرنسا ونبوغه في دراسة العلوم الهندسية.
وهنا ظاهرة جديدة وهي أن تلاميذ هذه المدرسة كانوا يتلقَّون علومَهم بالإنجليزية أو مترجمة عنها ثم بالفرنسية عندما عُيِّن بها بيومي أفندي.
وقد نُظمت مدرسة بولاق على مثال مدرسة الهندسة بباريس، وكانت تُدرَّس بها اللغات الثلاث العربية والتركية والفارسية إلى جانب المواد الرياضية المختلفة.
وفي أواخر عهد محمد علي أصبحت هيئةُ المدرسين كلها من المصريين الذين تلقَّوا علومَهم الهندسية في فرنسا أو النمسا أو إنجلترا، ويذكر أسماءَهم تلميذُهم علي مبارك ويُثني عليهم ثناءً جمًّا.
وقد نجحت المدرسةُ نجاحًا كبيرًا فخرَّجت أجيالًا من المدرِّسين بها وبالمدرسة التجهيزية كما قام هؤلاء المدرسون والخريجون بترجمة كثير من الكتب الرياضية.
وفي السنوات الأخيرة من عهد محمد علي أُلغيت اللغتان الفارسية والتركية، وحلَّت محلَّهما اللغةُ الفرنسية، وكانت تُدرَّس لجميع التلاميذ في كل الفِرَق.
وفي سنة ١٨٤٩ / ١٢٦٦، أي في أوائل عهد عباس الأول عُيِّن علي مبارك (بك) ناظرًا للمدرسة، وأُلحقت بها مدرستَا التجهيزية والمبتديان، ثُم أُلغيت المدرسة أخيرًا في سبتمبر سنة ١٨٤٥ بعد عشرين عامًا، وبعد حياةٍ حافلة بالجهاد الدائب المتصل في سبيل النهضة بالحياة العلمية الرياضية في مصر.
(٣) المدارس الصناعية
أُنشئت في عهد محمد علي مصانعُ كثيرة لصُنْع الأسلحة والذخائر، ونسْج الملابس بمختلف أنواعها، وقد فُتحت في هذا العهد أيضًا مدارسُ صناعية عُهد بتعليم الشبان المصريين فيها إلى معلمين من الأجانب، حتى إذا تلقَّى المصريون أصولَ الصناعة حلُّوا محلَّ الأجانب، كما أُرسلت بعثاتٌ صناعية أيضًا إلى بلاد أوروبا الغربية لتحقيق نفس الغرض، وأهمُّ هذه المدارس:
-
(أ)
مدرسة الكيمياء: أُنشئت سنة ١٩٤٧ / ١٨٣١ بمصر القديمة، وكان تلاميذُها القلائل يتعلَّمون فيها الصناعاتِ الكيمائية واللغة الفرنسية، وكان مدرِّسُهم يُسمَّى «إيمو Ayme»، وخلفه مسيو «روشيه».
-
(ب)
مدرسة المعادن: أُنشئت سنة ١٢٥٠ / ١٨٣٤، وكان ناظرُها الأول مصريًّا اسمه «يوسف كاشف»٢٤ وتولَّى إدارتَها وقتًا ما مسيو لامبير.
-
(جـ)
مدرسة العمليات أو الفنون والصنائع: وقد أُنشئت سنة ١٢٥٢ / ١٨٣٧، وكانت تُعنَى في دراستها بالناحية العملية، وقد حُولت في سنة ١٨٤٤ إلى «ورشة» صناعية، وتولَّى إدارتَها المهندس الإنجليزي «تيلر» ثم خلفه إنجليزي آخر اسمه «مستر جون ماكنتون».
وقد تُرجمت في هذه المدارس كتبٌ صناعية ولا شك، غير أن النقل فيها عن الغرب كان نقلًا عمليًّا في معظمه لا يعتمد على الكتب كثيرًا.
(٤) المدارس الحربية والبحرية
(٤-١) مدرسة أسوان
بدأ محمد علي — عندما فكر في تكوين جيشه الجديد — بتعليم طائفةٍ من الضباط وكان من حسن حظِّه أن استعان بمجهود ضابطٍ من ضباط نابليون القدامى، وهو «الكولونيل سيف»، وأُنشئت المدرسةُ الأولى في أسوان، وأُلحق بها ألفٌ من مماليك محمد علي وكبار الموظفين والضباط، وكان يساعد سيف في تعليمهم نفرٌ من الضباط الإيطاليين، كما عاونه — وقتًا ما — عثمان نور الدين.
وقد نُقلت هذه المدرسة بعد ذلك شمالًا إلى إخميم ثم إلى النخيلة (بمديرية أسيوط)، وانتهى بها المطافُ أخيرًا إلى الخانقاه بالقرب من القاهرة.
ويبدو أن لجنة تنظيم التعليم التي كُوِّنت سنة ١٨٣٦-١٨٣٧ قرَّرت إلغاءَ هذه المدرسة مكتفيةً بالمدارس الحربية الأخرى: المشاة والفرسان والمدفعية.
(٤-٢) مدرسة أركان الحرب
(٤-٣) مدرسة البيادة
أُنشئت في الخانقاه في سبتمبر سنة ١٨٣٢، ثم نُقلت في مايو سنة ١٨٣٤ إلى دمياط، وفي سنة ١٨٤١ إلى أبي زعبل، وظلَّت قائمة هناك إلى نهاية عصر محمد علي.

وقد أُلغيت هذه المدرسةُ في عهد عباس الأول، وسُرِّح تلاميذُها.
(٤-٤) مدرسة السواري
أُنشئت في الجيزة في ذي القعدة سنة ١٢٤٦ / ١٨٣٠، ونُظمت على مثال مدرسة «سومور» الحربية بفرنسا، وكانت تُدرَّس بها اللغاتُ الثلاث كما كانت تُدرَّس الفرنسيةُ لضباطها ولفريق من تلاميذها.
وقد كان تلاميذُ المدرسة — وقت إنشائها — من المماليك والأتراك، ثم أخذ العنصر المصري يزداد شيئًا فشيئًا حتى أصبحت المدرسة بعد سنوات كغيرها من المدارس وجلُّ تلاميذِها إن لم يكن كلهم من المصريين.
(٤-٥) مدرسة الطوبجية
أُنشئت في طرة في سنة ١٢٤٧ / ١٨٣١، وقام على إدارتها وتنظيمها ضابطٌ إسباني اسمه الدون أنطونيو دي سيجويرا، وكان معظم تلاميذها عند إنشائها من المصريين والأتراك كما كان بها عددٌ من التلاميذ من جزيرة كريت.
وكان في المدرسة مطبعةٌ خاصة بها تقوم بطبْع الكتب المؤلفة أو المترجمة التي يدرسها التلاميذ، وقد عُيِّن رفاعة الطهطاوي مترجمًا بهذه المدرسة بعد عودته من فرنسا، وظلَّ يشغل هذا المنصب نحو السنتين.
(٤-٦) المدارس البحرية

هذه هي المدارس الحربية والبحرية، وقد تُرجمت لها وفيها كتبٌ حربية كثيرة، تُرجم معظمُها عن الفرنسية أو الإنجليزية إلى التركية، والقليلُ منها تُرجم إلى العربية.