الفصل التاسع عشر

الشيعة

كانت البذرة الأولى للشيعة الجماعة الذين رأوا بعد وفاة النبي أن أهل بيته أولى الناس أن يخلفوه، وأولى أهل البيت العباس عم النبي وعلي ابن عمه، وعلي أولى من العباس، لما بيَّنا من قبل، والعباس نفسه لم يُنازع عليًّا في أولويته للخلافة، وإن نازعه في أولويته في الميراث في «فَدَك»١.

وظهرت فكرة الدعوة لعلي بسيطة كما يدل عليه التاريخ، وتتلخص في أن لا نص على الخليفة، فتُرك الأمر لإعمال الرأي، فالأنصار أدَّاهم رأيهم إلى أنهم أولى بها، والمهاجرون كذلك، وأصحاب علي إلى أن الخلافة ميراث أدبي، ولو كان النبي يورث في ماله لكان أولى به قرابته، فكذلك الإرث الأدبي، ولم يرد من طريق صحيح أن عليًّا ذكر نصًّا من آية أو حديث يُفيد أن رسول الله عينه للخلافة، ولو كان لديه نص وذكره لما بقي الأنصار والمهاجرون على رأيهم ولبايعوه؛ بل ما بين أيدينا من تاريخ يدل على أن عليًّا بايع أبا بكر، وإن كان بعد تلكؤ، كما بايع عمرَ وعثمان من بعده، كل ما صح عن علي أنه كان يرى أنه كان أولى بالأمر منهم، ويحتج بأنه وأهل بيته الثمرة وقريش الشجرة، والثمرة خير ما في الشجرة، ويروي البخاري عن ابن عباس أن عليًّا (رضي الله عنه) خرج من عند النبي في وجعه الذي تُوفي فيه، فقال الناس: يا أبا الحسن! كيف أصبح رسول الله؟ فقال: أصبح بحمد الله بارئًا، فأخذ بيده العباس (رضي الله عنه) وقال: أنت والله بعد ثلاثٍ عبدُ العصا، وإني والله لأرى رسول الله سيُتَوَفى من وجعه هذا، إني لأعرف وجوه بني عبد المطلب عند الموت، فاذهب بنا إليه نسأله فيمن هذا الأمر، فإن كان فينا عَلِمْنَاه، وإن كان في غيرنا كلمناه فأوصى بنا، فقال عليٌّ (رضي الله عنه): أما والله لئن سَألناه فمُنِعْنَاها لا يعطيناها الناس بعده، وإني والله لا أسألها.

وكان جمع من الصحابة يرى أن عليًّا أفضل من أبي بكر وعمر وغيرهما، وذكروا أن ممن كان يرى هذا الرأي عَمَّارًا، وأبا ذر، وسلمان الفارسي، وجابر بن عبد الله، والعباس وبنيه، وأُبي بن كعب، وحُذَيفة، إلى كثير غيرهم.

ونرى بعد هذا العصر أن الفكرة تطورت فقال شِيعَة علي٢: «إن الإمامة ليست من المصالح العامة التي تفوض إلى نظر الأمة، ويتعين القائم بتعيينهم، بل هي ركن الدين، وقاعدة الإسلام، ولا يجوز لنبيٍ إغفالها، ولا تفويضها إلى الأمة، بل يجب عليه تعيين الإمام لهم، ويكون معصومًا من الكبائر والصغائر، وإن عليًّا (رضي الله عنه) هو الذي عينه صلوات الله وسلامه عليه بنصوص ينقلونها ويؤولونها على مقتضى مذهبهم، لا يعرفها جهابذة السنة ولا نقلة الشريعة، بل أكثرها موضوع أو مطعون في طريقه، أو بعيد عن تأويلاتهم الفاسدة»٣.

ومن هنا نشأت فكرة الوصية، ولُقبَ عَليٌّ بالوصي، يريدون أن النبي أوصى لعلي بالخلافة من بعده، فكان وصي رسول الله؛ فعليٌّ ليس الإمام بطريق الانتخاب، بل بطريق النص من رسول الله، وعلي أوصى لمن بعده، وهكذا كل إمام وصيُّ مَنْ قبله، وانتشرت كلمة الوصي بين الشيعة واستعملوها؛ يروون أن أبا الهيثم وكان بدريًّا يقول:

كنا شِعَار نبينا ودِثَاره
يَفْدِيه منا الروح والأبصار
إن الوصيَّ إمامُنا وولِيُّنَا
بَرِحَ الخَفَاءُ وباحت الأسرار

ويروون أن غلامًا خرج من جيش عائشة في وقعة الجمل وهو يقول:

نحن بنو ضبَّةَ أعداء علي
ذاك الذي يُعْرف قِدْمًا بالوصي
وفارس الخيل عَلَى عهد النبي
ما أنا عن فضل عليٍّ بالْعَمِي
لكنني أنعي ابن عفَّانَ التَّقِي
إن الوليَّ طالب ثأرَ الولي

وقد سقنا هذا لبيان أن كلمة الوصي شاعت في إطلاقها عَلَى علي، وإن كنا نشك في نسبة هذه الأبيات إلى قائليها.

وقد أدَّاهم هذا النظر إلى أمور: منها القول بعصمة الأئمة علي ومن بعده؛ فلا يجوز الخطأ عليهم، ولا يصدر منهم إلا ما كان صوابًا؛ ومنها رفع مقام علي عن غيره من الصحابة حتى أبي بكر وعمر؛ ولأقص عليك مثلًا مما يقوله ابن أبي الحديد في علي مع أنه يُعَدُّ من معتدلي الشيعة، قال: «يقول أصحابنا — وقد سلكوا طريقة مقتصدة — إن عليًّا أفضل الخلق في الآخرة، وأعلاهم منزلة في الجنة، وأفضل الخلق في الدنيا، وأكثرهم خصائص ومزايا ومناقب، وكل مَنْ عاداه أو حاربه أو أبغضه إنه عدو الله سبحانه وتعالى وخالدًا في النار مع الكفار والمنافقين، إلا أن يكون ممن ثبتت توبته ومات عَلَى تولِّيه وحبه؛ فأما الأفاضل من المهاجرين والأنصار الذين ولوا الإمامة قبله، فلو أنه أنكر إمامتهم وغضب عليهم، فضلًا عن أن يشهر عليهم السيف أو يدعو إلى نفسه، لقلنا إنهم من الهالكين، كما لو غضب عليهم رسول الله وآله؛ لأنه قد ثبت أن رسول الله قال له «لعلي»: حربك حربي وسلمك سلمي؛ وأنه قال: اللهم والِ مَن والاه، وعادِ مَن عاداه؛ وقال له: لا يحبك إلا مؤمن، ولا يبغضك إلا منافق؛ ولكنا رأيناه رضي إمامتهم وبايعهم وصلى خلفهم … فلم يكن لنا أن نتعدى فعله ولا نتجاوز ما اشتهر عنه، ألا ترى أنه لما برئ من معاوية برئنا منه؟ ولما لعنه لعنَّاه؟ ولما حكم بضلال أهل الشام ومن كان فيهم من بقايا الصحابة كعمرو بن العاص وعبد الله ابنه وغيرهما حكمنا أيضًا بضلالهم! والحاصل أنَّا لم نجعل بينه وبين النبي ، إلا رتبة النبوة، وأعطيناه كل ما عدا ذلك من الفضل المشترك بينه وبينه، ولم نطعن في أكابر الصحابة الذين لم يصح عندنا أنه طعن فيهم، وعاملناهم بما عاملهم هو عليه السلام»٤.
ودعاهم القول بأفضلية علي وعصمته إلى استعراض ما حدث من الصحابة في بيعة أبي بكر وعمر وعثمان، وكان من هؤلاء الشيعة الغالي والمقتصد؛ فمنهم من اقتصر على القول بأن أبا بكر وعمر وعثمان ومن شايعهم أخطئوا إذ رضوا أن يكونوا خلفاء مع علمهم بفضل علي وأنه خير منهم، ومنهم من تغالى فكفرهم وكفر من شايعهم؛ لأنهم — وقد أوصى النبي لعلي — جحدوا الوصية، ومنعوا الخلافة مستحقها، وانحدروا من ذلك إلى شرح حوادث التاريخ على وفق مذهبهم، وتأويل الوقائع تأويلًا غريبًا، أسوق لك مثلًا منه: «فتزعم الشيعة أن رسول الله كان يعلم موته، وأنه سيَّر أبا بكر وعمر في بعث أسامة لتخلو دار الهجرة منهما، فيصفو الأمر لعلي عليه السلام، ويبايعه من تخلف من المسلمين بالمدينة على سكون وطمأنينة، فإذا جاءهما الخبر بموت رسول الله وبيعة الناس لعلي بعده كان من المنازعة والخلافة أبعد … فلم يتم ما قَدَّر، وتثاقل أسامة بالجيش أيامًا مع شدة حث رسول الله على نفوذه»٥.
ولم يكتف غلاة الشيعة بهذا القدر في علي، ولم يقنعوا بأنه أفضل الخلق بعد النبي، وأنه معصوم، بل أَلَّهُوه، فمنهم من قال: «حلَّ في عليٍّ جزء إلهي، واتحد بجسده فيه، وبه كان يعلم الغيب، إذ أخبر عن الملاحم وصح الخبر، وبه كان يُحارب الكفار وله النصرة والظفر، وبه قلع باب خيبر، وعن هذا قال: والله ما قلعت باب خيبر بقوة جَسدَانية، ولا بحركة غذائية، ولكن قلعته بقوة ملكوتية … قالوا: يظهر علي في بعض الأزمان … والرعد صوته والبرق تبسمه … إلخ»٦ وهؤلاء الذين أَلَّهُوه ذهبوا في تأليهه جملة مذاهب، وقالوا فيه أقوالًا غريبة لا داعي للإطالة بذكرها — وقد ذكروا أن أول من دعا إلى تأليه علي عبد الله بن سبأ اليهودي٧، وكان ذلك في حياة علي، وقد رأيت قبلُ طرفًا من سيرة ابن سبأ هذا؛ فهو الذي حرك أبا ذر الغفاري للدعوة الاشتراكية، وهو الذي كان من أكبر من ألَّب الأمصار على عثمان، والآن أله عليًّا، والذي يُؤخذ من تاريخه أنه وضع تعاليم لهدم الإسلام، وألف جمعية سرية لبث تعاليمه، واتخذ الإسلام ستارًا يستر به نياته؛ نزل البصرة بعد أن أسلم ونشر فيها دعوته فطرده واليها، ثم أتى الكوفة فأُخرج منها، ثم جاء مصر فالتفَّ حوله ناس من أهلها، وأشهر تعاليمه الوصاية والرجْعَة؛ فأما الوصاية فقد أبنَّاها قبل، وكان قوله فيها أساس تأليب أهل مصر على عثمان، بدعوى أن عثمان أخذ الخلافة من علي بغير حق، وأيد رأيه بما نسب إلى عثمان من مثالب، وأما الرجعة فقد بدأ قوله بأن محمدًا يرجع، وكان مما قاله: «العجب ممن يُصدِّق أن عيسى يرجع، ويُكذب أن محمدًا يرجع» ثم نراه تحوَّل — ولا ندري لأي سبب — إلى القول بأن عليًّا يرجع، وقال ابن حزم: إن ابن سبأ قال لما قتل علي: «لو أتيتمونا بدماغه ألف مرة ما صدقنا موته، ولا يموت حتى يملأ الأرض عدلًا كما مُلئت جورًا» وفكرة الرجعة هذه أخذها ابن سبأ من اليهودية، فعندهم أن النبي «إلياس» صعد إلى السماء، وسيعود فيُعيد الدين والقانون، ووُجدت الفكرة في النصرانية أيضًا في عصورها الأولى، وتطورت هذه الفكرة عند الشيعة إلى العقيدة باختفاء الأئمة، وأن الإمام المختفي سيعود فيملأ الأرض عدلًا، ومنها نبعت فكرة المهدي المنتظر.
والناظر إلى هذا يعجب للسبب الذي دعا إلى الاعتقاد بألوهية علي، مع أن أحدًا لم يقل بألوهية محمد ، والعلة في نظرنا أن شيعة علي رووا له من المعجزات والعلم بالمغيبات الشيء الكثير، وقالوا: إنه كان يعلم كل شيء سيكون، ووضعوا على لسانه ما جاء في نهج البلاغة: «اسألوني قبل أن تفقدوني، فوالذي نفسي بيده لا تسألونني عن شيء فيما بينكم وبين الساعة، ولا عن فئة تَهْدِي مئة وتضل مئة إلا أنبأتكم بناعقها، وقائدها وسائقها ومناخ ركابها ومَحَطَّ رحالها، ومن يُقتل من أهلها قتلًا، ومن يموت منهم موتًا … إلخ»، ورووا له أنه أخبر بقتل الحسين، وأخبر بكربلاء، وأخبر بالحجَّاج، وأخبر بالخوارج ومصيرهم، وبني أمية وملكهم، وأخبر ببني بويه وأيام دولتهم، وأخبر عبد الله بن عباس بانتقال الأمر إلى أولاده «فإنه لما وُلد لعبد الله بن عباس ابنه علي أخرجه أبوه إلى علي بن أبي طالب فأخذه وتَفَل في فيه وحنَكه بتمرة قد لاكها، ودفعه إليه وقال: خذ — إليك — أبا الأملاك»٨ هذه الأخبار وأمثالها انتشرت بين الشيعة حتى ليكادون يذكرون أنه أخبر بما كان وما سيكون إلى يوم الدين، كل هذا إذا أنت ضممته إلى أن أكثر شيعة علي كانوا في العراق، وكانوا من عناصر متنوعة، والعراق من قديم منبع الديانات المختلفة، والمذاهب الغريبة، وقد سادت فيهم من قبل تعاليم ماني ومزدك وابن ديصان، كما رأيت من قبل، ومنهم نصارى ويهود سمعوا المذاهب المختلفة في حلول الله في بعض الناس؛ كل هذه الأمور جعلت منهم من يؤلِّه عليًّا، فأما العرب فكانوا أبعد الناس عن المقالات والمذاهب الدينية، حياتهم البسيطة، وعقليتهم التي على الفطرة تأبى عليهم أن يلصقوا بمحمد ألوهية، وهو الذي يكرر دائمًا ما جاء في القرآن: إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَـٰهُكُمْ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ.

هذه العقيدة في علي تُناقض فكرة الإسلام البسيطة الجميلة في وحدانية الله وتنزُّهه عن المادة، ومن حسن الحظ أن ليست هذه المقالة في علي قول الشيعة جميعهم ولا أكثرهم، بل قول فرقة قليلة منهم هم الغلاة.

أساس نظرية الشيعة — كما رأيت — الخليفة أو كما يسمونه هم «الإمام» فعلي هو الإمام بعد محمد ، ثم يتسلسل الأئمة بترتيب من عند الله، والاعتراف بالإمام والطاعة له جزء من الإيمان، والإمام في نظرهم ليس كما ينظر إليه أهل السنة، فعند أهل السنة الخليفة أو الإمام نائب عن صاحب الشريعة في حفظ الدين، فهو يحمل الناس على العمل بما أمر الله، وهو رئيس السلطة القضائية والإدارية والحربية، ولكن ليس لديه سلطة تشريعية، إلا تفسيرًا لأمر أو اجتهادًا فيما ليس فيه نص؛ أما عند الشيعة فللإمام معنى آخر هو أنه أكبر معلِّم؛ فالإمام الأول قد ورث علوم النبي ، وهو ليس شخصًا عاديًّا بل هو فوق الناس؛ لأنه معصوم من الخطأ.

وهناك نوعان من العلم: علم الظاهر وعلم الباطن، وقد علَّم النبي هذين النوعين لعلي، فكان يعلم باطن القرآن وظاهره، وأطلعه على أسرار الكون وخفايا المغيبات؛ وكل إمام ورَّث هذه الثروة العلمية لمن بعده، وكل إمام يُعلِّم الناس في وقته ما يستطيعون فهمه من الأسرار، ولذلك كان الإمام أكبر معلِّم، ولا يؤمنون بالعلم ولا بالحديث إلا إذا رُوي عن هؤلاء الأئمة.

وهم مختلفون اختلافًا كبيرًا في الأئمة وتسلسلها، لا نطيل بذكرها٩، وأهم فرق الشيعة الزيدية، والإمامية. فالزيدية أتباع زيد بن حسن بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، ومذهبهم أعدل مذاهب الشيعة وأقربها إلى أهل السنة، ولعل هذا راجع إلى أن زيدًا — إمام الزيدية — تتلمذ لواصل بن عطاء رأس المعتزلة، وأخذ عنه كثيرًا من تعاليمه؛ فزيد يرى جواز إمامة المفضول مع وجود الأفضل، فقال: كان علي بن أبي طالب أفضل من أبي بكر وعمر، ولكن — مع هذا — إمامة أبي بكر وعمر صحيحة، ونظرهم إلى الإمام كذلك نظر معتدل، فليست هناك إمامة بالنص، ولم ينزل وحي يُعين الأئمة، بل كل فاطمي عالم زاهد شجاع سخي قادر على القتال في سبيل الحق يخرج للمطالبة يصح أن يكون إمامًا؛ فهو يشترط في الإمام الخروج على الأمراء والسلاطين يُطالب بالخلافة، ولهذا كانت الإمامة في نظرهم عملية لا سلبية، كما هي عند الإمامية تنتهي بالإمام المختفي، وهم لا يُؤمنون بالخرافات التي أُلصقت بالإمام فجعلت له جزءًا إلهيًّا، وقد خرج زيد على هشام بن عبد الملك الخليفة الأموي فقُتل وصلب سنة ١٢١هـ، وخرج بعده ابنه يحيى فقُتل كذلك سنة ١٢٥هـ، ولا يزال الزيدية في اليمن إلى الآن.

والإمامية سُموا كذلك؛ لأن أهم عقائدهم أسست حول الإمام، وقد قالوا بأن محمدًا نص على خلافة علي، وقد اغتصبها أبو بكر وعمر، وتبرءوا منهما، وقدحوا في إمامتهما، وجعلوا الاعتراف بالإمام جزءًا من الإيمان، والإمامية فرَق متعددة لا تتفق على أشخاص الأئمة.

فمن أشهر فرقهم١٠ الاثنا عشرية، سموا كذلك؛ لأنهم يسلسلون أئمتهم إلى اثني عشر إمامًا، عقيدتهم هي العقيدة الرسمية لدولة إيران إلى اليوم، و«الإسماعيلية» سُميت كذلك؛ لأنهم يقفون بأئمتهم عند إسماعيل بن جعفر الصادق، وهؤلاء لعبوا دورًا طويلًا في تاريخ الإسلام، وأخذوا مذهب الأفلاطونية الحديثة الذي شرحناه قبلُ وطبقوه على مذهبهم الشيعي تطبيقًا غريبًا، واستخدموا ما نقله إخوان الصفا في رسائلهم من هذا المذهب الأفلاطوني، ويقول بعض المؤرخين: إنهم وضعوا لهم تعاليم درَّجوها تسع درجات تبتدئ بإثارة الشكوك في الإسلام، كسؤالهم: ما معنى رمي الجمار؟ وما العَدْو بين الصفا والمرة؛ وتنتهي بهدم الإسلام والتحلل من قيوده؛ وأوَّلوا كل ما فيه فقالوا: إن الوحي ليس إلا صفاء النفس، وإن الشعائر الدينية ليست إلا للعامة، أما الخاصة فلا يلزمهم العمل بها، وإن الأنبياء سُوَّاس العامة، أما الخاصة فأنبياؤهم الفلاسفة؛ وليس هناك معنى للتمسك بحرفية القرآن، فهو رموز لأشياء يعرفها العارفون، إنما يجب أن يُفهم القرآن على طريقة التأويل والمجاز، وللقرآن ظاهر وباطن، ويجب أن تخترق الحجب المادية حتى نصل إلى أطهر ما يمكن من الروحانية؛ ومن ثم أيضًا سُموا «الباطنية»، ولا يسعنا هنا أن ذكر أهم تعاليمهم وكيف أخذت من الأفلاطونية الحديثة، فإن هذه الفرقة لم تظهر في عصرنا الذي نؤرخه إنما ظهرت في الدولة العباسية، وكان من آثار دعايتهم الدولة الفاطمية في المغرب ومصر، ولا يزال لهم بقايا إلى اليوم في الشام والعجم والهند، ورئيسهم الآن «أغا خان» الزعيم المشهور.

والإمامية — على العموم — تقول بعودة إمام منتظر وإن اختلفوا — باختلاف طوائفهم — فيمن هو الإمام المنتظر، ففرقة ينتظرون جعفرًا الصادق، وأخرى تنتظر محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسين بن علي بن أبي طالب، وثالثة تنتظر محمد بن الحنفية وتزعم أنه حي لم يمت، وأنه بجبل رضوى إلى أن يأذن الله له بالخروج، ومنه كثَيِّر عزَّة وفي ذلك يقول:

ألا إن الأئمة من قريش
ولاةَ الحق أَرْبَعَةٌ سَوَاء
عليٌّ والثلاثة من بَنيه
هم الأسباط ليس بهم خفاء
فسبْطٌ سبطُ إيمانٍ وبر
وسبطٌ غَيَّبتْه كَرْبِلَاء
وسبط لا يذوق الموت حتى
يقودَ الخيلَ يقدمُها اللواء
تَغَيَّبَ لا يرى فيهم زمانًا
بِرَضْوَى عنده عسل وماء

وكان السيِّد الحمْيري الشاعر الأموي المشهور يعتقد كذلك أن محمد بن الحنفية لم يمت وأنه في جبل رضوى، بين أسد ونمر يحفظانه، وعنده عينان نَضَّاخَتَان تجريان بماء وعسل، ويعود بعد الغيبة فيملأ العالم عدلًا كما مُلئ جورًا؛ ولهم في ذلك سخافات يطول شرحها، وأساس هذه العقيدة ما رأينا قبل من قول ابن سبأ بالرجعة ونقلها عن اليهودية، وأن الشيعيين فشلوا في أول أمرهم في تكوين مملكة ظاهرية على وجه الأرض، وعُذبوا وشردوا كل مشرَّد، فخلقوا لهم أملًا من الإمام المنتظر، والمهدي، ونحو ذلك.

•••

وقد اتفقت تعاليم الخوارج والشيعة على أن خلفاء بني أمية مغتصبون ظالمون، فاشتركوا في مناهضتهم، ولكن الخوارج كانوا ظاهرين في حروبهم، غلبت عليهم الطبيعة البدوية في الصراحة، فأكثرهم لا يقول بالتقية؛ أما الشيعة فكانوا يُحاربون جهرًا إذا أمكن الجهر، فإذا لم يستطيعوا فسرًّا، وقال أكثرهم بالتقية١١ فكانوا بهذا أشد على بني أمية، وهم أدعى إلى الحذر منهم، فبثوا العيون والأرصاد على الشيعة، واضطهدوهم اضطهادًا شنيعًا، فدسوا للحسن حتى طُعن بخنجر في جنبه ولكن لم يمته، وأوقعوا الفشل في جيشه حتى وادعهم، ثم قتلوا الحسين في واقعة كربلاء، ثم تتبعوا أهل البيت يستذلونهم ويمتهنونهم ويقتلونهم، ويقطعون أيديهم وأرجلهم على الظنة، وكل من عُرف بالتشيع لهم سجنوه أو نهبوا ماله أو هدموا داره؛ واشتد بهم الأمر في أيام عبيد الله بن زياد قاتل الحسين، «وأتى بعده الحجاج فقتلهم كل قتلة، وأخذهم بكل ظنة وتهمة، حتى إن الرجل ليقال له زنديق أو كافر أحب إليه من أن يقال له شيعة علي»، حتى يُروى أن رجلًا — يقال إنه جَدُّ الأصمعي — وقف للحجاج فقال له: أيها الأمير، إن أهلي عَقُّوني فسموني عليًّا، وإني فقير بائس، وأنا إلى صلة الأمير محتاج، فتضاحك له الحجاج وولاه عملًا، ويقول المدائني: «إن زياد بن سمية كان يتتبع الشيعة في الكوفة وهو بهم عارف؛ لأنه كان منهم أيام علي، فقتلهم تحت كل حَجَر ومدر، وأخافهم وقطع الأيدي والأرجل، وسَمَل العيون، وصلبهم على جذوع النخل، وطردهم وشردهم عن العراق فلم يبق به معروف منهم، وكتب معاوية إلى عماله في جميع الآفاق ألا يُجيزوا لأحد من شيعة علي وأهل بيته شهادة، وكتب إليهم أن انظروا مَن قِبَلكم من شيعة عثمان ومحبيه وأهل ولايته، والذين يروون فضائله ومناقبه فأدنوا مجالسهم، وقربوهم وأكرموهم، واكتبوا لي بكل ما يَرْوي كل رجل منهم واسمه واسم أبيه وعشيرته، ففعلوا ذلك حتى أكثروا من فضائل عثمان ومناقبه، لِمَا كان يبعثه إليهم معاوية من الصلات … وقال إنه كتب إلى عماله أن «انظروا إلى من قامت عليه البينة أنه يحب عليًّا وأهل بيته فامحوه من الديوان، واسقطوا عطاءه ورزقه»، والعباسيون كانوا أبلغ في التنكيل بهم؛ لأنهم أعرف بخفاياهم، لما كانوا يعملون معهم في عهد بني أمية.

هذه الاضطهادات كان من نتائجها إحكام الشيعة للسرية ونظامها، فهم أقدر الفِرق الإسلامية على العمل في الخفاء، وكتمان عملهم حتى يتمكنوا من عدوهم، وهذه السرية استلزمت الخداع والالتجاء إلى الرموز والتأويل ونحو ذلك؛ وكان من أثر هذا الاضطهاد أيضًا اصطباغ أدبهم بالحزن العميق، والنوح والبكاء، وذكرى المصائب والآلام.

وقد حاربوا الأمويين بمثل ما حُوربوا به، فكما وضع الأمويون الحديث في فضائل الصحابة — عدا عليًّا والهاشميين — وخاصة عثمان، وضع الشيعة أحاديث كثيرة في فضائل علي وفي المهدي المنتظر، وعلى الجملة فيما يُؤيد مذهبهم، وربما فاقوا في ذلك الأمويين؛ فاشتغل بعض علمائهم بعلم الحديث وسمعوا الثقات وحفظوا الأسانيد الصحيحة، ثم وضعوا بهذه الأسانيد أحاديث تتفق ومذهبهم، وأضلوا بهذه الأحاديث كثيرًا من العلماء لأنخداعهم بالإسناد، بل كان منهم من سُمِّيَ بالسُّدي، ومنهم من سُمِّيَ بابن قتيبة، فكانوا يروون عن السدي وابن قتيبة، فيظن أهل السنة أنهما المحدثان الشهيران، مع أن كلا من السدي وابن قتيبة الذي ينقل عنه الشيعة إنما هو رافضي غالٍ، وقد ميزوا بينهما بالسدي الكبير والسدي الصغير، والأول ثقة والثاني شيعي وضَّاع، وكذلك ابن قتيبة الشيعي غير عبد الله بن مسلم بن قتيبة، بل وضعوا الكتب وحشوها بتعاليمهم ونسبوها لأئمة أهل السنة، ككتاب «سر العارفين» الذي نسبوه للغزالي؛ ومن هذا القبيل ما نراه مبثوثًا في الكتب من إسناد كل فضل وكل علم إلى علي بن أبي طالب إما مباشرة وإما بواسطة ذريته: فعلم المعتزلة جاء من أن واصل بن عطاء — رأس المعتزلة — تلقى العلم عن أبي هاشم عبد الله بن محمد بن الحنفية، وأبو هاشم تلميذ أبيه، وأبوه تلميذ علي، وأبو حنيفة أخذ العلم عن جعفر الصادق، ومالك بن أنس قرأ على ربيعة الرأي، وقرأ ربيعة على عِكْرِمة، وعكرمة على عبد الله بن عباس، وعبد الله قرأ على علي، وبهذه الطريقة ينسب فقه الشافعي إلى الإمام علي؛ لأنه تلميذ مالك، بل فقه عمر بن الخطاب يرجع إلى علي؛ لأنه كان يرجع إليه فيما أُشكل من المسائل وكان يقول: لولا علي لهلك عمر! وتفسير القرآن أُخذ أكثره عن عبد الله بن عباس وهو أخذه عن علي؛ فقد قيل لابن عباس: أين علمك من علم ابن عمك؟ فقال: كنسبة قطرة من المطر إلى البحر المحيط؛ والتصوف منسوب إليه، وقد نسبه إليه الشبلي والجنيد وسَرِيُّ وأبو يزيد البسطامي، وينسبون الخرقة التي هي شعارهم إليه؛ وأبو الأسود الدؤلي واضع علم النحو أخذه عن علي بن أبي طالب، فقد أملى عليه: الكلام كله ثلاثة أشياء: اسم وفعل وحرف، وعلَّمه تقسيم الاسم إلى معرفة ونكرة، وتقسيم الإعراب إلى الرفع والنصب والجر والجزم؛ وعلى الجملة فليس هناك من علم إلا وأصله علي بن أبي طالب، كأن العقول كلها أجدبت وأصيبت بالعقم إلا علي بن أبي طالب وذريته، وعلي (رضي الله عنه) من ذلك براء.

والحق أن التشيع كان مأوى يلجأ إليه كل من أراد هدم الإسلام لعداوة أو حقد، ومن كان يريد إدخال تعاليم آبائه من يهودية ونصرانية وزردشتية وهندية، ومن كان يُريد استقلال بلاده والخروج على مملكته، كل هؤلاء كانوا يتخذون حب أهل البيت ستارًا يضعون وراءه كل ما شاءت أهواؤهم؛ فاليهودية ظهرت في التشيع بالقول بالرجعة، وقال الشيعة: إن النار محرمة على الشيعي إلا قليلًا، كما قال اليهود: لَن تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ؛ والنصرانية ظهرت في التشيع في قول بعضهم: إن نسبة الإمام علي إلى الله كنسبة المسيح إليه، وقالوا: إن اللاهوت اتحد بالناسوت في الإمام وإن النبوة والرسالة لا تنقطع أبدًا، فمن اتحد به اللاهوت فهو نبي، وتحت التشيع ظهر القول بتناسخ الأرواح وتجسيم الله والحلول، ونحو ذلك من الأقوال التي كانت معروفة عند البراهمة والفلاسفة والمجوس من قبل الإسلام؛ وتستَّر بعض الفرس بالتشيع وحاربوا الدولة الأموية، وما في نفوسهم إلا الكره للعرب ودولتهم، والسعي لاستقلالهم، قال المقريزي: «واعلم أن السبب في خروج أكثر الطوائف عن ديانة الإسلام، أن الفرس كانت سعة الملك وعلو اليد على جميع الأمم وجلالة الخطر في أنفسها بحيث إنهم كانوا يسمون أنفسهم الأحرار والأسياد، وكانوا يعدون سائر الناس عبيدًا لهم، فلما امتحنوا بزوال الدولة عنهم على أيدي العرب، وكان العرب عند الفرس أقل الأمم خطرًا، تعاظمهم الأمر، وتضاعفت لديهم المصيبة، وراموا كيد الإسلام بالمحاربة في أوقات شتى، وفي كل ذلك يظهر الله الحق … فرأوا أن كيده على الحيلة أنجح، فأظهر قوم منهم الإسلام واستمالوا أهل التشيع بإظهار محبة أهل البيت واستبشاع ظلم علي، ثم سلكوا بهم مسالك شتى حتى أخرجوهم عن طريق الهدى»١٢.
وقد ذهب الأستاذ «ولهوسن (Wellhausin) إلى أن العقيدة الشيعية نبعت من اليهودية أكثر مما نبعت من الفارسية، مستدلًّا بأن مؤسسها عبد الله بن سبأ وهو يهودي، ويميل الأستاذ «دوزي Dozy» إلى «أن أساسها فارسي، فالعرب تدين بالحرية، والفرس يدينون بالمَلِك، وبالوراثة في البيت المالك، ولا يعرفون معنى لانتخاب الخليفة، وقد مات محمد ولم يترك ولدًا فأولى الناس بعده ابن عمه علِي بن أبي طالب، فمن أخذ الخلافة منه كأبي بكر وعمر وعثمان والأمويين، فقد اغتصبها من مستحقها، وقد اعتاد الفرس أن ينظروا إلى الملك نظرة فيها معنى إلهي، فنظروا هذا النظر نفسه إلى علي وذريته وقالوا: إن طاعة الإمام أول واجب وإن إطاعته إطاعة لله».

والذي أرى — كما يدلنا التاريخ — أن التشيع لعلي بدأ قبل دخول الفرس في الإسلام، ولكن بمعنى ساذج، وهو أن عليًّا أولى من غيره من وجهتين، كفايته الشخصية، وقرابته للنبي، والعرب من قديم تفخر بالرياسة وبيت الرياسة، وهذا الحزب — كما رأينا — وُجد من بعد وفاة النبي ونما بمرور الزمان وبالمطاعن في عثمان، ولكن هذا التشيع أخذ صبغة جديدة بدخول العناصر الأخرى في الإسلام من يهودية ونصرانية ومجوسية، وأن كل قوم من هؤلاء كانوا يصبغون التشيع بصبغة دينهم، فاليهود تصبغ الشيعة يهودية، والنصارى نصرانية؛ وهكذا، وإذ كان أكبر عنصر دخل في الإسلام هو العنصر الفارسي كان أكبر الأثر في التشيع إنما هو للفرس.

•••

ومن أشهر الأدباء والشعراء المتشيعين في هذا العصر أبو الأسود الدؤلي، وفي علي وبنيه يقول:

يقول الأرْذَلون بنو قشير
طِوَالَ الدَّهر لا تَنسى عليًّا
بنو عمّ النبيِّ وَأقرَبُوهُ
أحَبُّ الناس كُلِّهُمُوا إلَيَّا
أحبهموا كَحُبِّ الله حتَّى
أَجِيءَ إذا بُعِثْتُ عَلَى هَوَيَّا
فإنْ يَكُ حُبُّهُمْ رُشْدًا أُصِبْهُ
ولسْتُ بمخطِئ إنْ كان غَيَّا

وكذلك كان كثَيِّر عزة، وقد قرأت قبلُ شعره في الرَّجعة، والكمَيْت وكان شيعيًّا غاليًا، ومن شعره في الخلافة:

يقولون لم يُورَثْ، ولولا تُراثُهُ
لقد شَرَكَتْ فيه بَجيل وأرْحَبُ١٣
ولَانْتَشَلَتْ عضوين منها يُجَابِر
وكان لعبد القيس عضو مُؤَربُ
فإنْ هي لم تَصْلُحْ لحيٍّ سِوَاهُمُو
إذًا فَذَوُو القُربى أَحقُّ وأَقرَبُ
فَيَا لَكَ أمْرًا قد أُشِتَّتْ جُمُوعُه
ودارًا ترى أسبابها تَتَقَضَّبُ
تَبَدَّلَتِ الأشرار بعد خِيَارها
وجُدَّ بها من أُمَّة وهي تلعب
١  نعم، إن الراوندية نصوا على أن الخلافة من حق العباس وأولاده، ولكن هذا القول لم يظهر في أيام العباس، وإنما ظهر في أيام المنصور والمهدي.
٢  شيعة الرجل: أصحابه وأتباعه.
٣  مقدمة ابن خلدون.
٤  شرح نهج البلاغة ٤: ٥٢٠.
٥  شرح نهج البلاغة ١: ٥٤.
٦  الشهرستاني ١: ٢٠٤.
٧  يذهب بعض الباحثين إلى أن عبد الله بن سبأ رجل خرافي ليس له وجود تاريخي محقق، ولكنا لم نر لهم من الأدلة ما يثبت مدعاهم.
٨  الكامل للمبرد.
٩  انظرها في الملل والنحل للشهرستاني ومقدمة ابن خلدون.
١٠  ترى هذه التعاليم وتدرجها ونصوصها في الجزء الأول من خطط المقريزي.
١١  يراد بالتقية المداراة، كأن يُحافظ الشخص على نفسه أو عرضه أو ماله بالتظاهر بعقيدة أو عمل لا يعتقد بصحته، فمن كان على دين أو مذهب ثم لم يستطع أن يُظهر دينه أو مذهبه فيتظاهر بغيره فذلك تقية؛ وعد قوم منها مداراة الكفار والظلمة والتبسم في وجوههم ونحو ذلك. وقد اختلف فيها الشيعة والخوارج وأهل السنة، فأكثر الشيعة يقول بها بل منهم من قال: يجب إظهار الكفر لأدنى مخافة أو طمع، وحملوا بيعة علي لأبي بكر وعمر وعثمان على التقية، وكان كثير من الشيعة يكتمون تشيعهم تقية ويعملون سرًّا؛ وأما أكثر الخوارج فقالوا: إن التقية لا تجوز ولا قيمة للنفس والعرض والمال بجانب الدين، بل منهم من كان يرى أنه لا يصح قطع الصلاة إذا جاء سارق ليسرق متاعه وهو يصلي؛ أما أهل السنة فتوسطوا وقالوا: إن من خاف على نفسه أو ماله لعقيدته وجب أن يُهاجر من بلده، فإن لم يستطع أظهر التقية بقدر الضرورة ووجب عليه أن يسعى في الخروج بدينه … إلخ.
١٢  ١: ٣٦٢ مختصرًا.
١٣  بجيل وأرحب: قبيلتان.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤