صبا نجد

وما أشوق القلب إلى شميم صَبا نجد! فقد حببه إلينا الشعراء حتى لنجد (صردُر) يرى المرور بنجد شركا من أشراك الهوى، حين يقول:

النجاءَ النجاءَ من أرض نجدِ
قبل أن يعلق الفؤاد بوجدِ
إن ذاك الثرى لينبت شوقًا
في حشا ميت اللبابات صَلد
كم خليٍّ غدا إليه وأمسى
وهو يهذي بعَلوة أو بهندِ
وظباءٍ فيه تُلاقي المُوالي
والمعادي من الجمال بجُند
بشتيت من المباسم يغري
وَسقام من المحاجر يعدي١
وبنان لولا اللطافة ظُنت
لجناياتها براثن أُسد
وحديث إذا سمعناه لم ند
ر بخمرٍ نضحننا أم بشهد
أنِفَتْ من براقع الخزِّ والقز
خدودٌ قد برقعوها بوردِ

ويقول الطغرائي:

يا حبذا نجد وإعراق الثرى
لُدنٌ وأنفاس النسيم رقاقُ
فهواؤه خَصِرُ النسيم وتربهُ
حالي الأديم وماؤه رقراق
وبساكنيه إن استقربنا النوى
تشفي النفوس وتُمسك الأرماق

ويقول ابن الخياط:

خذا من صبا نجدٍ أمانًا لقلبهِ
فقد كان رياها يطير بلبه
وإياكما ذاك النسيم فإنه
إذا هب كان الوجد أيسر خطبه
خليليَّ لو أحببتما لعلمتما
مكان الهوى من مغرم بالقلب صبه
تذكر والذكرى تشوق وذو الهوى
يتوق ومن يعلق به الحب يصبه
غرامٌ على يأس الهوى ورجائه
وشوق على بعد المزار وقربه

وقال ابن التعاويذي:

يا رفيقي هل لذاهب أيَّا
مٍ تقضَّت حميدةً من مَرَدِّ
أنجداني بوقفة في مغاني الـ
ـحي إن جزتما بأعلام نجدِ
وابكياها بمقلتي واسألاها
من سقاها ماء المدامع بعدي
جنِّبا عندها مصارع من ما
ت بداء الغرام فالشوق يعدي
فبأكنافها جَآذِرُ رملٍ
بين أثوابها براثن أُسْد
figure
١  المراد بالمبسم الشتيت الثغر المفلج.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤