الفصل الحادي عشر

ماذا كانت «علامة» جان دارك؟

ربما لم تكن حرب المائة عام لتستمر لهذه الفترة الطويلة لو لم تقم فتاة قروية في السابعة عشرة من عمرها بتعريف نفسها على وريث التاج الفرنسي. ففي عام ١٤٢٩، حين قابلت جان دارك الملك المستقبلي شارل السابع، كانت الحروب المتقطعة بين فرنسا وإنجلترا مستمرة منذ تسعين عامًا، وبدت النهاية قريبة. كان الإنجليز قد ألحقوا هزيمة منكرة بالجيش الفرنسي عند أجينكور، ثم كوَّنوا تحالفًا مع دوق برجندي؛ الأمر الذي منحهم سيطرة فعلية على نصف فرنسا. فكانت باريس في أيدي التحالف الأنجلوبرجندي، وكان البرلمان في المنفى في بواتييه، وكانت أورليان — آخر حصن فرنسي شمال نهر لوار — محاصرة من قِبَل القوات البريطانية.

ومما زاد الأمور سوءًا أن شارل كان في غاية التبلد في مناصرته لقضيته. فبعد وفاة أبيه في عام ١٤٢٢، حصل شارل على لقب ملك فرنسا، لكنه لم يُتوَّج رسميًّا على الإطلاق، وظل معروفًا بلقب ولي العهد. وتبرَّأت منه والدته الملكة إيزابو بشكل فعليٍّ حين انضمت للجانب البرجندي. ولافتقاده للحسم، أصبح شارل حينها في حالة من العجز بسبب الشكوك حول شرعيته؛ فقد بدا غير متيقن مما لو كان ابنَ أبيه بحق، ومن إمكانية أن يحكم فرنسا.

ووسط هذا الموقف المحبط، دخلت منقذة فرنسا جان دارك. ظهرت الفتاة الشابة مرتدية درعًا في قلعة الملك في شينون، وسرعان ما اكتسبت ثقته وحشدت قواته. وفي شهر مايو، أجبرت الإنجليز على التراجع في معركة أورليان، وبعد شهرين رافقت شارل إلى ريمس من أجل تتويجه الذي كان بطعم النصر.

كان هذا انتصارًا قصير الأجل بالنسبة إلى جان؛ فقد أسرها البرجنديون، وبِيعت للإنجليز، ومثلت للمحاكمة وأُدينَت بالهرطقة، وفي مايو عام ١٤٣١، حُرقت على الخازوق. ولكنها أنقذت فرنسا؛ فعلى الرغم من أن حرب المائة عام قد امتدت حتى عام ١٤٥٣ (لتستمر ١١٦ عامًا على وجه الدقة)، فلم يعاود البريطانيون التهديد باجتياح البلاد مطلقًا.

ولكن كيف فعلت جان دارك ذلك؟ والأهم، ما الذي أقنع شارل الحذِر بأن يضع مصيره بين يديها؛ وهي مجرد فتاة قروية في السابعة عشرة من عمرها بلا أي خبرة عسكرية، إلى جانب كونها فتاة؟ روى المعاصرون حكايات عن «علامةٍ» أظهرتها جان دارك لولي العهد، وكانت عبارة عن شيء حظي بثقته على الفور. ومنذ ذلك الحين، عزم المؤرخون على التوصل لماهية هذه العلامة.

•••

كانت العلامة موضع اهتمام مباشر في محاكمة جان عام ١٤٣١ بتهمة الهرطقة. ويشير السجل الرسمي للمحكمة — الذي بقي منه ثلاث نسخ — إلى أن المدعين والقضاة قد استجْوَبوها مرارًا بشأنها.

رفضت جان الإجابة في البداية، قائلةً إن العلامة كانت مسألة بين مليكها وبينها. ولكن هذه المحاكمة أُجْريَت تحت رعاية محكمة التفتيش، وكان مستجوبوها يعرفون كيف ينهكونها ويزعزعون عزيمتها. وبحلول الجلسة السابعة من المحاكمة، في ١٠ مارس، استسلمت جان وأجابت على أسئلتهم؛ فأخبرت المحكمة بأن ملاكًا أعطى العلامةَ للملك. ومع مزيدٍ من الضغط، استمرت جان في مراوغة الأسئلة الخاصة بما أحضره الملاك تحديدًا. وبعد يومين، أضافت أن الملاك قد أخبر الملك بأنه يجب أن يجعلها تعمل في جيشه.

في الجلسة العاشرة من المحاكمة، في ١٣ مارس، استُجوِبت جان مرة أخرى عن العلامة. فتساءلت وكأنها تحذِّر المحكمة من أن ما سَيَلِي سيكون كذبًا: «أتريدني أن أجازف بحلف يمين كاذبة؟» ثم انطلقت تصف على نحوٍ أكثر تفصيلًا بكثير كيف أن عددًا من الملائكة — بعضهم لهم أجنحة، والبعض لهم أكاليل — قد أحضروا للملك تاجًا من الذهب الخالص. وناول أحد الملائكة التاج للملك وقال: «ها هي علامتك.» وأضافت جان أن التاج الآن في خزانة الملك.

كان لدى معظم المؤرخين عزوف مُبرَّر عن تصديق شهادة جان. فقد كانت أساليب محكمة التفتيش نادرًا ما تنتزع إجابات صادقة؛ وعلى الرغم من أن جان لم تتعرض للتعذيب قط، فقد هُزمت في مواجهة أكثر من سبعين كاهنًا ومحاميًا. وكان في تساؤل جان عن القسَم بيمين كاذبة علامة على أنها قررت التوقف عن مقاومتهم وستعطيهم ما يريدون؛ وهو تحديدًا الدليل على أنها كانت على اتصال بقوًى خارقة للطبيعة. وبمجرد أن اعترفت جان بذلك، صار الأمر بيد مستجوبيها أن يحددوا أكان من تحدثتْ عنهم ملائكة أم شياطين؛ ولم يكن هناك شك أنهم سيختارون الأخيرة، وبذلك تقرر مصيرها.

بعد خمسة وعشرين عامًا من موت جان، أسقطت محكمة ثانية الحكم الصادر ضدها، وبقيت هذه السجلات هي الأخرى. ومثل الحكم الأول، كان هذا الحكم محددًا سلفًا إلى حدٍّ كبير. فقد أمر شارل — من منطلق رغبته في تطهير سمعته من أي وصمة هرطقة — بالتحقيق في المحاكمة الأولى عام ١٤٤٨. وامتدت جلسات الاستماع حتى عام ١٤٥٦؛ حيث أعلنت المحكمة الثانية أن المحكمة الأولى «شابها التدليس والافتراء والخبث والتناقضات، وتجلَّت فيها أخطاء الواقع والقانون»، و«بُرِّئت ساحة» جان حسب قول المحكمة.

كانت هذه المحاكمة الثانية، التي صارت تُعرَف ﺑ «محاكمة رد الاعتبار»، هي التي شهدت ظهور نسخة من اللقاء الأول لجان مع ولي العهد، والتي صارت شهيرة الآن. فقد تذكَّر اثنان من الشهود أنه عندما دخلت جان قلعة شينون، خبَّأ شارل نفسه وسط حاشيته. غير أن جان، برغم أنها لم يسبق لها رؤية ولي العهد من قبل، سرعان ما تعرفت عليه. بعدها راحت تتحدث على انفراد مع ولي العهد، وهو الحديث الذي بدا بعده «متهللًا» بحسب الشاهدين.

لاقت قصة الملك المتخفي — التي زُيِّفت لاحقًا لتشمل رفض جان مخاطبة أحد رجال الحاشية الذي قدَّم نفسه بوصفه الملك — استساغة لدى المؤرخين؛ إذ كان بالإمكان تفسيرها دون اللجوء إلى أي قوة خارقة من جانب جان. وأشار العديد من المؤرخين إلى أنه حتى لو لم يكن قد سبق لجان رؤية الملك، كانت ستتمكن من تمييزه بناءً على وصف شخص آخر له. كما كانت القصة تحمل مسحة مسرحية جذابة، لدرجة أن كتَّابًا مثل شكسبير وشيلر وتوين وشو، من بين آخرين، وجدوها لا تقاوم.

من الوارد للغاية أن تكون قصة الملك المتخفي حقيقية، ولكنها تركت أسئلة لم نجد إجابات عنها. هل كان شارل سيثق بجان فقط لمجرد أنها ميَّزته من وسط جمع؟ ألم يكن شارل يدرك أنه كان من الممكن أن يصف أحدُهم شكله لجان؟ وما الذي قالته له جان أو أطلعته عليه لجعله «يتهلل» هكذا؟

لم يكن لدى أيٍّ من الشاهدَيْن في محاكمة رد الاعتبار إجاباتٌ لهذه الأسئلة.

•••

ذهبت إحدى النظريات — التي ظهرت في كتاب لأول مرة عام ١٥١٦ — إلى أن جان قد أخبرت ولي العهد عن صلاة كان قد أداها مؤخرًا. ووفقًا ليوميات كتبها بيير سالا، الذي زعم أنه سمع القصة من صديقٍ مقرَّب للملك شارل السابع، فقد طلب شارل من الله أن يهبه مملكته إذا كان الوريث الحقيقي لها، أو ييسر له الفرار من الموت أو السجن إن لم يكن. وحين أخبرت جان شارل أنها عرفت بصلاته — وهي صلاة لم يُسِرَّ بها لأي شخص — اعتبرها «علامة» للوثوق بها.

ومثل قصة الملك المتخفي، كان من الممكن أن تكون قصة الصلاة حقيقية. وكان من الممكن أيضًا أن تُفسَّر دون اللجوء إلى سياق القوة الخارقة. فلم يكن من الضروري أن يكون لدى جان حدس خارق لتعرف أن شارل لم يكن واثقًا في نسبه. فقد كان البلاط الملكي يعج بالقيل والقال عن كونه ابنًا غير شرعي، لا سيما أن والدته قد تبرَّأت منه كجزء من تحالفها مع البرجنديين والإنجليز. ولا بد أن شارل نفسه قد سمع الشائعة التي كانت منتشرة على نطاق واسع عن أن والده الحقيقي هو شقيق شارل السادس، دوق أورليان. ومن ثَمَّ، يمكن أن تكون جان قد خمَّنت بسهولة أنه لجأ إلى الصلوات، وكان شارل سيشعر بالارتياح بالتأكيد لأن أحدًا قد جاء لإجابة دعواته.

ولكن المشكلة في قصة الصلوات السرية هي نفس مشكلة قصة الملك المتخفي. حتى لو كانت حقيقية، هل تكفي لتفسير قرار شارل بوضع مصيره بين يدي مراهقة مجهولة؟ ربما كان شارل ضعيفًا ومترددًا، ولكنه لم يكن غبيًّا أو ساذجًا. فقد كانت لديه القدرة، شأنه شأن المؤرخين اللاحقين، على إدراك أن جان ربما تكون قد عرفت شكله، أو عمَّ كانت تدور صلواته. إنَّ مكمن جاذبية قصتَي الملك المتخفي والصلوات السرية — اللتين يمكن لمؤرخ عقلاني من العصر الحديث إيجاد تفسير لهما — هو مكمنُ ضَعْفهما أيضًا؛ إذ لو كان بالإمكان التقليل من شأن علامة جان بسهولة، فلماذا أثَّرت في شارل كلَّ هذا التأثير؟

كان من الواضح أن المطلوب هو علامة أكثر إثارة؛ علامة يمكنها أن تؤثِّر في ولي العهد ولكنها لا تحوي أفعال ملائكة ولا شياطين أو أية ظواهر أخرى خارقة. وفي عام ١٨٠٥، توصل بيير كيز إلى نظرية توافق المطلوب: فكتب كيز أن جان، وليس شارل، هي من كانت الابنة غير الشرعية للملكة إيزابو ودوق أورليان. وبحسب هذه الرواية، تمَّ تهريب جان الرضيعة من باريس لإنقاذها من أعداء أبيها. وتمَّ تسليمها لجاك دارك الذي تولَّى تربيتها (وكان في هذه الرواية من قصة جان نبيلًا قرويًّا وليس فلاحًا). ومن ثَمَّ كانت العلامة التي أعطتها لشارل في شينون عبارة عن إثبات أنها أخت غير شقيقة له، ربما كان خاتمًا أو وثيقة أو معلومات خاصة عن عائلتهما.

حلت نظرية كيز شتى أنواع المشكلات؛ إذ فسرت لماذا وثق بها ولي العهد، وشرحت كذلك كيف دخلت جان من الأساس لكي تقابل ولي العهد، وكيف ألمَّت بالتكتيكات والاستراتيجيات العسكرية. فلم تكن تلك فتاة ريفية عادية؛ بل كانت أميرة وُلدَت كي تحكم، بما يجري في عروقها من دماء ملكية وما تملكه من علاقات ملكية. وقد لاقت النظرية رواجًا وانتشارًا، خاصة بين مناصري الملكية الذين لم ترُقْ لهم قطُّ فكرة أن فتاة ريفية قد أنقذت المملكة، وراقت كذلك لهؤلاء الذين كانت تستهويهم المؤامرات. وعاودت النظرية الظهور في أشكال متعددة خلال الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي.

المشكلة — التي لم يستطع كيز ولا أي من أتباعه التغلب عليها مطلقًا — تكمن في أن النظرية لم تقُمْ على أي أدلة، بل افترضت أن جزءًا كبيرًا من الأدلة المستمدة من محاكمتَي جان قد زُيِّفت بطريقة أو أخرى. ولم تأتِ الشهادة بشأن مولد جان من والديها فقط، ولكن أيضًا من العديد من الأقارب والجيران الآخرين، الذين قالوا إنهم شهدوا ميلادها أو يعرفونها منذ يوم ميلادها. ولكي تكون جان أخت الملك، لا بد أن يكون كلُّ هؤلاء الشهود — بل الكثير من بني جلدتها — قد ارتكبوا جريمة حلف اليمين الكاذبة كجزء من مؤامرة كبرى لإخفاء أصلها الملكي.

إن نظرية كيز، وإن كانت مبتكرة، ليس لها مصداقية.

•••

طرح آخرون مؤامرات أقل ضخامة وأقل ارتباطًا بالملكية. ففي عام ١٧٥٦، أشار فولتير إلى أن وزراء ولي العهد قد عثروا على فتاة ريفية وقاموا بتدريبها، على أمل أن يكون ظهورها المثير في شينون ملهمًا لشارل الجبان وجنوده واهِنِي العزيمة لردِّ هجوم الإنجليز. وفي عام ١٩٠٨، ورَّط أناتول فرانس قادة الكنيسة في نفس النوع من المؤامرة، وذلك في السيرة الذاتية التي كتبها لجان دارك. وقد كانت نظريات المؤامرة تلك مستساغة للغاية لدى هؤلاء المتشككين في رجال الكنيسة أو الدولة؛ ولكن للأسف لم يكن لدى فولتير أو فرانس أيُّ دليل يدعمهما.

ثمة طريقة أخرى لتفسير تأثير جان، وهي أنه لم يكن تأثيرًا عظيمًا كما بدا، وكان هناك دليل على هذا الرأي. فلعل شارل قد تأثر تأثرًا عميقًا بعلامة جان، ولكنه لم يسلِّم قواته لها في التوِّ واللحظة. وبدلًا من ذلك، وبأسلوب بيروقراطي معتاد، قام بتعيين لجنة لاختبارها بشكل أكثر صرامة. واجتمع أعضاء اللجنة لثلاثة أسابيع في بواتييه. وقد فقد التقرير الذي كتبه أعضاء اللجنة، ولكن كان من الواضح أنهم صدَّقوا قصة جان؛ لأنها انطلقت بعدها إلى أورليان.

قلل العديد من المؤرخين أيضًا من قيمة إسهامات جان العسكرية، حتى في موقعة أورليان. فوصفها أناتول فرانس، على سبيل المثال، بأنها لا تتجاوز كونها مجرد جالبة حظ للجيش الفرنسي: صحيح أنها شجاعة وملهمة، ولكنها لم تلعب دورًا حقيقيًّا في التخطيط للمعركة أو تنفيذها. ولم تُشِرْ أيٌّ من الشهادات التي أُدلِي بها في محاكمتَي جان إلى أنها قد تولت قيادة القوات في أورليان على الإطلاق. وقد ذهب بعض المؤرخين إلى أنه لا جدوى من المجادلة بشأن كيفية قيام جان بما قامت به؛ إذ إنها لم تفعل الكثير على أي حال.

بالطبع كان لزامًا أن يدخل مثل هذا الموقف الازدرائي دائمًا في منافسةٍ مع أسطورةِ منقذة فرنسا؛ تلك الشابة التي كان موتها على الخازوق يبدو في بعض الأحيان مباريًا لموت المسيح على الصليب. وعلى مر القرون، أضحت جان دارك رمز فرنسا الذي تقبَّله الجميع بغض النظر عن معتقداتهم السياسية أو الدينية. فقد وقفت مع الجمهوريين الثوريين والملكيين الكاثوليك وغيرهم على حدٍّ سواء. ومؤخرًا، جعلها القوميون المحافظون المتشددون الموالون لجان ماري لوبان واحدة من جماعتهم.

ولا غرابة في أن هذه الجماعات جميعًا كانوا أسرع في تمجيد قدراتها من تقديم أي تفسير ذي مصداقية لها. غير أن معظم المؤرخين، وإن كانوا أقل تحيزًا، لم يأتوا بما هو أفضل كثيرًا. فمعظمهم يعتقد، على عكس أناتول فرانس، أن جان كانت عاملًا مهمًّا في الحرب، وأنها قد أثَّرت تأثيرًا عظيمًا على الملك، على الأقل لفترة. ولكن جميعهم تقريبًا رفضوا أيَّ شكل من أشكال نظرية المؤامرة، سواء أكانت نتاجًا لدم جان الملكي أم لمخططات وزراء شارل. وكان من شأن ذلك أن تُرِك المؤرخون دون أي تفسير مُتفَّق عليه بشكل عام لإنجازات جان، ابتداء بالعلامة التي قدمتها للملك.

figure
جان دارك بعد الانتصار، من لوحة تعود لعام ١٨٣٣. (مكتبة الكونجرس.)

وهكذا، وبعد أكثر من خمسمائة عام من التأريخ، يطرح المؤرخون نفس الأسئلة التي طرحها مستجوبو جان: هل كان هناك ملائكة في الأمر؟ أم شياطين؟

بالطبع، لا بد أن تكون الإجابات بالنسبة إلى أيِّ مؤرخ هي «لا». ولكن من الملائم للغاية أن نعود إلى هذه الأسئلة، لما كانت الملائكة والشياطين بالنسبة إلى أهل القرن الخامس عشر — والذين يضمون بينهم جان وشارل والجنود الفرنسيين، وكذلك المحامون والكهنة الذين أدانوها — أمورًا واقعية تمامًا. وكذلك الحال بالنسبة إلى «الأصوات» التي ظنَّت جان أنها تسمعها، والتي نسبتها للقديسة كاثرين والقديسة مارجريت. وكان اعتقاد الجنود الفرنسيين بأن لدى جان قديسين وملائكة يقفون بجانبها هو ما جعلهم يتَّبعونها للمعركة. وكان اعتقاد قضاة جان بأن هناك شياطين يقفون بجانبها هو ما دفعهم للحكم عليها بالموت.

وقد كان شارل ابن عصره أيضًا، برغم أنه أحد رجال البلاط الملكي الذين يحظون بقدر عالٍ من التعليم والثقافة الرفيعة، ومن الوارد للغاية أنه صدَّق أن الأصوات التي تسمعها جان أو الملائكة قد جاءت لإنقاذ مملكته. وكان هذا الاعتقاد، أكثر من أيِّ شيء قالته أو فعلته في شينون، هو «العلامة» الحقيقية لقوتها.

لمزيد من البحث

  • Wilfred Jewkes and Jerome Landfield, Joan of Arc (New York: Harcourt, Brace, & World, 1964). Includes the relevant sections of the original trial and the trial of rehabilitation.
  • Jules Michelet, Joan of Arc, trans. Albert Guerard (Ann Arbor: University of Michigan Press, 1957). The French original, published in 1841, transformed Joan into a republican heroine by stressing that her devotion was to the kingdom, not the king.
  • Anatole France, The Life of Joan of Arc, trans. Winifred Stephens (New York: John Lane, 1908). Joan as the dupe (albeit heroic) of priests who heard about her hallucinations and decided to make use of them.
  • Vita Sackville-West, Saint joan of Arc (Garden City, N.Y.: Doubleday, Doran, 1938). Both a biography and a meditation on the nature of religious belief.
  • Regine Pernoud, Joan of Arc, trans. Edward Hyams (New York: Stein & Day, 1966). Joan, as seen through her own words and those of the other witnesses at her trial.
  • Maurice David-Darnac, The True Story of the Maid of Orléans, trans. Peter de Polnay (London: W. H. Allen, 1969). In this latest version of the bastardy theory, Joan proves her royal birth by showing Charles a gold ring engraved with the arms of the House of Orléans. She also manages to escape the stake.
  • Edward Lucie-Smith, Joan of Arc (London: Allen Lane, 1976). A psychological approach to Joan that’s sometimes insightful, often not.
  • Frances Gies, Joan of Arc (New York: Harper & Row, 1981). A straightforward biography, clear and unbiased, though offering no new interpretations.
  • Marina Warner, Joan of Arc (New York: Alfred A. Knopf, 1981). How Joan fitted into traditions of thought about women, in her own time and after.
  • Anne Barstow, Joan of Arc (Lewiston, N.Y.: Edwin Mellen Press, 1986). Compares Joan to other late-medieval mystics and heretics.
  • Regine Pernoud and Marie-Veronique Clin, Joan of Arc, trans. and rev. Jeremy du Quesnay Adams (New York: St. Martin’s Press, 1998). Pernoud is the leading French scholar on Joan, but it’s unclear whether she meant this to be a narrative history or an encyclopedia.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤