الفصل السابع عشر

مَن كَتب مسرحيات شكسبير؟

كتب مارك توين في عام ١٩٠٩ أن السير الذاتية لشكسبير كانت أشبه بالبرونتوصور الذي يقف في متحف التاريخ الطبيعي: «كان لدينا تسعة عظام منه، وشيَّدنا بقيته من جبس باريس.»

كانت تلك مبالغة من توين كدأبه دائمًا، ولكن كان لديه منطق وراء ذلك؛ فرغم كل ملايين الكلمات التي كُتبَت عن شكسبير، فإن المعروف عنه ليس كثيرًا. الأمور الوحيدة التي أمكن لكاتبي سيرته الجزم بها يقينًا أنه عاش في بلدة ستراتفورد أون إيفون، وأنه كان ابنًا لصانع قفازات، وأنه صار ممثلًا للأدوار الصغيرة، وأنه قد استثمر، بنجاح كبير، في شركة للتمثيل المسرحي عُرفَت باسم كينجز مِن. وهناك سجلات تُوثِّق تعميده، وزواجه، وقضاياه، وضرائبه، ووفاته. وهذا كلُّ ما نعرفه؛ أما البقية، كما وصفه توين، فكانت من جبس باريس.

لا شيء في السجل الوثائقي لستراتفورد يعطي أية إشارة إلى أن شكسبير كان كاتبًا، فضلًا عن كونه أعظم كتَّاب العالم. ولا يوجد مخطوطات بخطِّ يده، أو حتى خطابات. لا يوجد توقيعات، فيما عدا ستة بخطٍّ مهتزٍّ غير واضح. ولم يرِد ذكرٌ في وصيته لكتب، أو مخطوطات، أو أي شيء أدبي على الإطلاق. ولا يوجد أي سجل يذكر التحاقه بمدرسة في ستراتفورد تعلَّم فيها اللاتينية واليونانية، أو أنه قد سافر للخارج، أو كان له أي علاقات وثيقة بأي شخص في بلاط الملكة. غير أن شكسبير اكتسب بطريقة أو بأخرى معرفة واسعة بإيطاليا، والعائلة المالكة، والفلسفة، والأدب، والتاريخ، والقانون، والطب، كما يتبين من مسرحياته وقصائده.

figure
شكسبير كما يظهر في طبعة فوليو ١٦٢٣. ولا تحوي فوليو أية معلومات عن حياته. (بتصريح من مكتبة فولجر شكسبير.)

كانت الصلة الوحيدة الواضحة بين الرجل القادم من ستراتفورد وبين الكاتب المسرحي هي الاسم: شكسبير. ولكن حتى ذلك أثار الشكوك. ففي وثائق ستراتفورد، يُرسَم الاسم إملائيًّا بطرق شتَّى؛ شاكسبير، وشاجسبير، وشاكسبر. أما في النسخ المنشورة من أعماله وفي الإشارات المرجعية المعاصرة لها، فدائمًا ما تُرسَم شكسبير.

يرى توين أن التفسير واضح: فالكاتب المسرحي والشاعر لم يكن هو نفسه ابن صانع القفازات. ولم يستطع توين أن يجزم يقينًا بهوية من قام بكتابة المسرحيات تحديدًا. ولكن ثمة آخرون استطاعوا ذلك. فعلى مدار السنين، اقترحوا أعدادًا كبيرة من المرشحين، من بينهم الملكة إليزابيث، والملك جيمس، ووالتر رالي، وكريستوفر مارلو، وشيخ عربي يُعرَف بالشيخ صبار (وفيما يبدو تُوُصِّلَ لذلك بناءً على افتراض أن كلمة شيخ تُنطَق كالمقطع الأول من الاسم شكسبير).

•••

ربما كانت هناك شائعات عن شكسبير في القرنين الأولين بعد وفاته، ولكنها لم تخلق جلبة حقيقية حتى بدايات القرن التاسع عشر. فقد شهدت هذه الفترة قمة ازدهار الرومانسيين، الذين كانوا يعتبرون شكسبير تجسيدًا للشعر، وكلما زاد إجلالهم لأعمالهم، واجهوا صعوبة أكبر في المواءمة بين مسرحياته وقصائده وبين حياة مؤلفها البسيطة العادية في ستراتفورد. حتى الشكسبيريون المتحمسون من أمثال كولريدج أصابتهم الدهشة من ذلك؛ إذ قال: «إن أعمالًا من هذه النوعية لا بد أن تكون قد جاءت من رجل كانت حياته على نفس الشاكلة.»

ومع مُضِيِّ القرن، التفَّ أنصارُ أن من كتب المسرحيات والقصائد ليس شكسبير القادم من ستراتفورد، حول مرشح واحد هو فرانسيس بيكون. كان بيكون يملك كلَّ المؤهلات التي افتقدها شكسبير؛ فقد كان بيكون فيلسوفًا، وعالمًا، ومحاميًا، وسياسيًّا كثير التردد على بلاط كلٍّ من إليزابيث وجيمس. وقد وجد أكثر مؤيديه حماسًا في سيدة أمريكية تُدعَى ديليا بيكون (لا توجد صلة بينهما)، والتي كانت مقتنعة بأن الأوراق التي تُثبِت حقوق رفيقها — الذي يحمل نفس لقبها — في تأليف الأعمال مدفونة في حفرة عميقة أسفل شاهدِ قبْر شكسبير في ستراتفورد. وفي سبتمبر عام ١٨٥٦، شُوهدت هناك وبيدها مجرفة. وفي اللحظة الأخيرة خانتها شجاعتها، وتركت رفات شكسبير يرقد في سلام دون إزعاج. ولكنها استمرت في نشر معتقدها هذا لجمهورٍ متزايد من مصدقيها.

وفيما بعد ترك أنصار بيكون البحث عن المخطوطات المدفونة وصبُّوا تركيزهم بدلًا من ذلك على المخطوطات الموجودة. غير أنه كان تركيزًا ضيِّق الأفق بشكل غريب. فقد وضع أنصار بيكون جلَّ تركيزهم تقريبًا على اكتشاف الشفرات، والرموز السرية، والأكواد — ومن المفترض أن جميعها يكشف أن بيكون هو شكسبير — التي كان يُفترَض أنها مطمورة وسط النصوص. وكان المحلل الرئيسي للرموز في هذا الصدد هو إجناتيوس دونيلي، وهو عضو بالكونجرس من مينيسوتا كان يتبنَّى شتَّى أنواع القضايا الغريبة، من بينها قضية بيكون.

يتسم قدر كبير من كتاب دونيلي الصادر عام ١٨٨٨ عن هذا الموضوع بالتعقيد الشديد؛ ما يتعذر معه متابعته؛ إذ يتضمن شتى أنواع العمليات الحسابية القائمة على جمع وطرح وقسمة وضرب أرقام الصفحات والسطور وعدد ورود العديد من الكلمات في النص، مثل «فرانسيس»، و«ويليام»، و«شِك»، و«سبير». غير أن القليل فقط من نتائجه كان واضحًا ومباشرًا؛ على سبيل المثال، لاحظ دونيلي أنه في الفوليو الأول — وهو مجموعة من مسرحيات شكسبير صدرت عام ١٦٢٣ — ظهرت كلمة «بيكون» في صفحة ٥٣ في الأعمال التاريخية وأيضًا في صفحة ٥٣ في الأعمال الكوميدية. ورأى دونيلي أن هذا لا يمكن أن يكون محض مصادفة؛ فلا بد أن تلك كانت وسيلة المؤلف للإفصاح عن هويته الحقيقية.

حذا آخرون حَذْوَ دونيلي، من منطلق قناعتهم — فيما يبدو — بأن الشخص الذي كتب مسرحيات وقصائد شكسبير — أيًّا كان — كان مهتمًّا في الأساس بخلق ألغاز صعبة للأجيال القادمة كي يقوموا بحلِّها. فقام والتر بيجلي، على سبيل المثال، بدراسة البيتين الأخيرين من إحدى قصائد شكسبير، وأشار إلى أننا إذا دمجنا أول حرفين من الكلمة الأخيرة في البيت الأخير وأول ثلاثة حروف من الكلمة الأخيرة في السطر قبل الأخير، نكتشف المؤلف الحقيقي للقصيدة (إذ جاءت الحروف باسم بيكون). ومثلما فعل دونيلي، تجاهل بيجلي دور المصادفة؛ ففيما يبدو أنه لم يخطر بباله أن الحروف في اسم بيكون كلها مشتركة إلى حدٍّ ما في كلمات كثيرة ويمكن أن تتواجد معًا في الكثير من النصوص الأخرى، الشكسبيرية وغير الشكسبيرية.

وحتمًا انجذب محللو الشفرات بشكل خاص إلى كلمة لا معنى لها استخدمها مهرجٌ في مسرحية شكسبير «الحب مجهود ضائع». كانت الكلمة — وهي honorificabilitudinatibus — تتألف من عدد كافٍ من الحروف التي تجعلها تحوي توليفة هائلة من الرسائل السرية. وجاء واحد من أفضل «الحلول» في عام ١٩١٠، حين أعاد إدوين ديرنينج لورانس ترتيب الحروف لكي تُنطَق Hi ludi F. Baconis nati tuiti orbi، والتي إذا تُرجمَت من اللاتينية تعني «هذه المسرحيات، لأبناء فرانسيس بيكون، محفوظة من أجل العالم.» وما تجاهله ديرنينج لورانس بمنتهى السلاسة هو أن الكلمة الأصلية كانت متداولة لفترةٍ قبل ظهورها في مسرحية «الحب مجهود ضائع»؛ ما جعل بيكون لا يمكن أن يكون قد صاغها بحيث يخفي رسالته المشفرة.

وبحلول عام ١٩٢٠، كان حماس أنصار النظرية البيكونية للرسائل السرية قد كلَّفهم الكثير من مصداقيتهم، حتى بين أولئك المشككين في أصالة تأليف شكسبير للأعمال. وقد رفض معظم باحثي شكسبير أنصارَ النظرية البيكونية باعتبارهم أشخاصًا غريبي الأطوار ومعتوهين ولم يكلفوا أنفسهم حتى عناء التعليق على أعمالهم. ولكن مع انحسار الحقبة البيكونية، ظهر مرشح جديد وأكثر مصداقية — هو إدوارد دي فير، إيرل أكسفورد السابع عشر — في الصدارة.

•••

بدت الحجة المؤيدة لدي فير، والتي قُدِّمت في عام ١٩٢٠ على يد معلم إنجليزي يحمل الاسم البائس جيه توماس لوني (فكلمة لوني Looney تعني مجنونًا)، حجة قوية، فإلى جانب كَوْنه إيرل أكسفورد، كان دي فير ابن عمٍّ للملكة إليزابيث، وتحت وصاية ويليام بيرلي، مسئول الخزانة، وزوج ابنته فيما بعد. كلُّ هذا منحه أكثر من مجرد إلمام عابر بحياة رجال الحاشية الملكية. وفوق كل ذلك، كان دي فير شاعرًا وكاتبًا مسرحيًّا ذا باع؛ ففي عام ١٥٩٨، قام أحد النقاد المعاصرين، ويُدعَى فرانسيس ميرس، بتصنيف دي فير باعتباره «الأفضل على مستوى الكوميديا بيننا جميعًا.»

على عكس بيكون، كان دي فير يملك أسبابًا وجيهة لإخفاء حقيقة كَوْنه المؤلف الحقيقي سرًّا، لما كان المسرح يُعتبَر مكانًا سيئ السمعة في الدوائر التي كان يظهر فيها أثناء ترحاله. إلى جانب أن بعضًا ممن كانوا في بلاط إليزابيث ربما لم يرُق لهم الأسلوب الذي صُوِّرُوا به هم أو أجدادهم؛ لذا استخدم دي فير اسمًا مستعارًا، مثلما ذهب لوني. ولكن الإيرل لم يستطع مقاومة التلميح ببعض الإلماعات عن هويته السرية؛ لذا اختار اسمًا مشتقًّا من إحدى شاراته، التي كانت تصور أسدًا يحرك رمحًا (وهي الترجمة الحرفية لمقاطع اسم شكسبير بالإنجليزية).

ولما كان الإيرل من النبلاء، فقد كانت حياته موثقة أكثر من حياة شكسبير؛ ومن ثَمَّ وجد لوني الكثير لربطه بدي فير وأعماله المزعومة. فكان معلومًا، على سبيل المثال، أن دي فير قد سافر إيطاليا في عام ١٥٧٥، وتوقف في بادوا، وجنوة، وفينيسيا، وفلورنسا. ومن الممكن أن يكون هذا تفسيرًا للمعرفة التفصيلية بهذه المناطق التي تجلَّت في مسرحيات شكسبير.

وكان لوني يعتقد أن الدليل الأقوى قد يكمن في أشهر مسرحيات شكسبير، أو بالأحرى مسرحيات دي فير. فمثل والد هاملت، تُوفَّي والد دي فير صغيرًا؛ ومثل والدة هاملت، سارعت والدة دي فير بالزواج ثانية. وحدث ذات مرة أن قام دي فير بطعن أحد خدم بيرلي، وهي الطريقة التي قتل بها هاملت بولونيوس. وتعرض دي فير، مرة أخرى مثل هاملت، للأسر على يد القراصنة، الذين أبقوا عليه حيًّا بعد ذلك. ومع انتهاء لوني من تحليله، بدت تراجيديا شكسبير سيرة ذاتية لدي فير كتبها بنفسه.

وجد لوني انعكاساتٍ لحياة دي فير في شخصياتٍ شكسبيرية أُخَر أيضًا. فمثل الملك لير، كان دي فير أرملًا له ثلاث بنات، كانت كبيرتاهن متزوجتين. ومثل فولستاف، كان معروفًا بذكائه الحاد. ومثل بروسبيرو في «العاصفة»، واجه دي فير أجواءً عاصفة — وإن كان بشكل مجازي — في حياته.

أما فيما يتعلق بقصائد شكسبير، فقد خلص لوني إلى أن هنري ريوثيسلي، إيرل ساوثمبتون، يصلح لدور «الشاب الوسيم» في القصائد. وفيما بعد، تقدم الأكسفورديون بهذه خطوة للأمام، بتخمينهم أن ريوثيسلي كان ابن دي فير وأن «الشاب الوسيم» كان إشارة تُورِّي عن «الشاب فير».

•••

بحلول منتصف القرن العشرين، سحق الأكسفورديون البيكونيين ليبسطوا سيطرتهم على الموقف الذي لا يَعزي الأعمال إلى شكسبير. ولكن المدَّعين الجدد — من منظور المؤسسة الأكاديمية — لم يكونوا أقل غرابة من البيكونيين.

والواقع أن جهود الأكسفورديين لإيجاد أوجه تشابه بين حياة دي فير وأعمال شكسبير قد شابها نفس النزعات الاستحواذية وغياب القدرة على التمييز مثل نظرية فك الشفرات التي تبناها البيكونيون. فقد كان الأكسفورديون عازمين على تحويل الشخصيات الخيالية إلى شخصيات تاريخية بالقوة، ولكنهم فعلوا ذلك بشكل انتقائي للغاية. على سبيل المثال، وكما أشار الكثير من الباحثين التقليديين، تجاهَل الأكسفورديون تمامًا الحقيقة الواضحة وضوح الشمس أن شكسبير، لا دي فير، هو من سمَّى ابنه هامنت.

ثمة مشكلة أخرى كبيرة تكتنف النظرية التي تقول إن إيرل أكسفورد هو كاتب مسرحيات شكسبير، وهي تتعلق بتواريخ مسرحيات شكسبير. فبحسب معظم الباحثين، استمرت شركة كينجز مِن في إنتاج مسرحيات جديدة لشكسبير حتى عام ١٦١٤. ولكن دي فير تُوفِّي في عام ١٦٠٤. وفي تلك المرحلة، لم تظهر سوى ثلاث وعشرين من أصل ثمانٍ وثلاثين مسرحية من مسرحيات شكسبير في طبعات منشورة أو أُشير إليها في مصادر مطبوعة. ومن ثم، فإن هناك خمس عشرة مسرحية — من ضمنها الملك لير، وماكبث، وأنطونيو وكليوباترا، وحكاية شتاء، والعاصفة (وهي بالتأكيد بعض من أنجح أعمال الكاتب المسرحي) — لم تُمثَّل على المسرح إلى بعد وفاة دي فير.

ردَّ بعض الأكسفورديين على مشكلة التأريخ بالإشارة إلى أنه لا بد أن يكون دي فير قد بدأ تأليف المسرحيات قبل وفاته، ثم أنهاها شخص آخر. وذهب آخرون لأبعد من ذلك بادعاء أن التواريخ المنسوبة للمسرحيات كانت خاطئة وأن جميعها تقريبًا قد كُتِب قبل عام ١٦٠٤. فقد استفاد الأكسفورديون، مثل جميع المناهضين الآخرين لنظرية نسبِ الأعمال إلى شكسبير، من ندرة التوثيق العامة التي ابتُلي بها كلُّ كاتبي السير الذاتية التقليديين. لقد كانوا على صواب في تأكيدهم أن بعضًا من تواريخ المسرحيات كانت قائمة على بعض التخمين والتقدير الاستقرائي، ولكنهم كانوا مخطئين في زعمهم بأنها لذلك كانت اعتباطية.

إن التواريخ التقليدية، على العكس من ذلك، قائمة على مجموعة متنوعة من الإشارات المرجعية المعاصرة لشكسبير وأعماله. على سبيل المثال، يذكر كتاب فرانسيس ميرس الصادر عام ١٥٩٨ اثنتي عشرة مسرحية ويشيد بأعمال شكسبير باعتبارها «الأكثر امتيازًا» على مستوى الكوميديا والتراجيديا. وهذا هو ميرس نفسه، الذي التف حوله الأكسفورديون، كما تتذكر، لإشادته بدي فير ككاتب. ولكنهم يحطون من قدر شهادته بمنتهى السلاسة حين تُستخدم لدعم التأريخ التقليدي. علاوة على ذلك، يثير عمل ميرس سؤالًا محرجًا آخر بالنسبة إلى الأكسفورديين: إذا كان رجلهم هو مَن كتب مسرحيات شكسبير، فلماذا يُنَاقَش دي فير وشكسبير كلٌّ على حدة في نفس العمل؟

ثمة إشارات مرجعية معاصرة أخرى إلى شكسبير من شأنها تعزيز حجة التقليديين. فيذكر روبرت جريني شكسبير في كُتيِّب صدر عام ١٥٩٢، وكذلك يذكره بِن جونسون في عدد من الأعمال. وقد ذهب الأكسفورديون إلى أن ميرس وجرين وجونسون ربما كانوا جميعًا يستخدمون الاسم المستعار لدي فير، مثلما قد نشير نحن إلى صامويل كليمنز باسم مارك توين، ولكنَّ هذا يبدو غير وارد. فرثاء جونسون لشكسبير الذي كتبه عام ١٦٢٣ يشير إليه ﺑ «بجعة إيفون العذبة»، ومن الصعب تخيل أنه كان يفكر في أيِّ شخص آخر سوى الرجل القادم من ستراتفورد أون إيفون. ويرى معظم الباحثين أن كلمات جونسون تدعم الحجة المؤيدة لكون شكسبير هو شكسبير.

ولكن يظل الأكسفورديون والبيكونيون — على الأقل أولئك الذين لم تجرفهم انفعالاتهم — جديرين بالإشادة لتنويههم عن الثغرات الموجودة في السجل التاريخي وإثارتهم لأسئلةٍ كانت المؤسسة الشكسبيرية تفضِّل تجاهلها. وفي العقد الماضي، حظيت أعمال أكسفورديي العصر الحديث، أمثال تشارلتون أوجبيرن وجوزيف سوبران، ببعض الاحترام المشوب بالاستياء من الباحثين التقليديين، وقد صار الأكاديميون بشكل متزايد يأخذون على عاتقهم مهمة الردِّ على الرافضين لنسب أعمال شكسبير إليه، وكانت هذه الردود في حدِّ ذاتها مفيدة ومثيرة للفكر.

غير أن ذلك لا يعني أن الأكسفورديين قد اجتذبوا العديد من الشكسبيريين إلى صفِّهم. فالغالبية العظمى من الباحثين يرون أن السجل التوثيقي، برغم محدوديته، واضح وكافٍ. وكما يمزح الشكسبيريون في الغالب، كان الرجل الذي كتب مسرحيات شكسبير هو شكسبير.

وقد اتهم الأكسفورديون الأكاديميين بازدرائهم والتغطرس عليهم لأنهم هواة، ولكن التغطرس الأقبح يكمن في افتراض أن الأرستقراطي الجامعي هو فقط من يمكن أن يصبح عبقرية أدبية. ولا ينبغي أن ننكر على شكسبير إنجازه لمجرد أنه كان ابنًا لصانع قفازات في بلدة صغيرة.

لمزيد من البحث

  • Delia Bacon, The Philosophy of Shakspere’s Plays Unfolded (London: Groombridge & Sons, 1857). Nathaniel Hawthorne, who wrote the preface to Bacon’s book, was apparently moved by her sincerity but disheartened by her increasingly obsessive need to haunt the graveyards where she was convinced proof of Bacon’s authorship would be found. His preface concludes that “it is for the public to say whether my countrywoman has proved her theory.” Later Hawthorne came to regret even that tepid support, stating that “this shall be the last of my benevolent follies, and I never will be kind to anybody again.”
  • Ignatius Donnelly, The Great Cryptogram: Francis Bacon’s Cipher in the So-Called Shakespeare Plays (Chicago: R. S. Peale, 1888). According to Donnelly, Bacon wrote not just Shakespeare’s plays but also (in his spare time) Spenser’s The Faerie Queene and Sidney’s Arcadia.
  • Mark Twain, Is Shakespeare Dead? (New York: Harper & Brothers, 1909). Twain was actually as concerned with the general question of literary immortality (including his own) as he was with Shakespeare’s. But he’s always delighted to insult the experts, whom he calls “these Stratfordolators, these Shakesperiods, these tugs, these bangalores, these troglodytes, these herumfordites, these blatherskites, these buccaneers, these bandoleers …”
  • Edwin Durning-Lawrence, Bacon Is Shakespeare (New York: John McBride Company, 1910). Say what you will about Durning-Lawrence, he was a good loser. So confident was he that he’d solved the honorificabilitudinatibus problem that he offered a hundred guineas to anyone who came up with another anagram with the same qualities. A Mr. Beevor proposed Abi Inivit F. Bacon Histrio Ludit, which translated as “Be off, F. Bacon, The actor has entered and is playing.” Durning-Lawrence paid him the money.
  • J. Thomas Looney, “Shakespeare” Identified (New York: Frederick A. Stokes Company, 1920). The Oxfordian Looney should not be confused with George Battey the Baconian.
  • Calvin Hoffman, The Murder of the Man Who Was Shakespeare (New York: Julian Messner, 1955). The case for Marlowe, which starts off with the great advantage that he was a much more important writer than de Vere. But, like the Oxfordians, the Marlovians have to get around the basic problem of their hero’s death, in this instance a much-publicized murder in 1593. Hoffman’s answer is that Marlowe faked his own death to avoid being prosecuted for heresy.
  • Frank Wadsworth, The Poacher from Stratford (Berkeley: University of California Press, 1958). A fair and succinct summary of the rival claims up to that time.
  • James McManaway, The Authorship of Shakespeare (Amherst, Mass.: Folger Shakespeare Library, 1962). The establishment position, as issued by the establishment.
  • S. Schoenbaum, Shakespeare’s Lives (Oxford: Clarendon Press, 1991). A scholarly yet highly readable survey of Shakespeare’s biographers.
  • Charlton Ogburn, The Mysterious William Shakespeare (McLean, Va.: EPM Publications, 1992). Ogburn, the leading Oxfordian, inherited the mantle from his parents, both of whom also wrote books on the subject. Ogburn has been more successful than any of his predecessors in forcing the academic establishment to pay attention, and his book even earned a respectful response in the mainstream journal Shakespeare Quarterly.
  • Irvin Leigh Matus, Shakespeare, in Fact (New York: Continuum, 1994). A systematic rebuttal of the anti-Stratfordian arguments.
  • John Michell, Who Wrote Shakespeare? (London: Thames & Hudson, 1996). The most recent and most compelling case that Shakespeare’s works were a group effort involving Bacon, de Vere, Marlowe, and Shakespeare himself.
  • Joseph Sobran, Alias Shakespeare (New York: The Free Press, 1997). The latest and one of the best of the pro-Oxford books.
  • Mark Anderson, “The Countenance Shakes Spears,” Harper’s, April 1999. A description of the work in progress of Roger Stritmatter, an Oxfordian who has found that passages underlined in a Bible that once belonged to de Vere show up in various forms in Shakespeare’s plays. Traditionalists have responded that the Oxfordians are, once again, being misleadingly selective.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤