الفصل الخامس

أَوَقعتْ حرب طروادة بالفعل؟

على بُعد بضعة أميال فقط من الدردنيل، على الجانب الآسيوي من المضيق الذي يفصل اليونان عن تركيا، يقف تل صغير يُعرَف بحصارليك.

كان هذا — وفقًا لهيرودوت، وزينوفون، وبلوتارخ، والعديد من الكتَّاب الإغريق والرومانيين الكلاسيكيين — هو موقع طروادة، طروادة الإلياذة والأوديسة لهوميروس. لم يكن الإغريق القدماء واثقين من كون هوميروس قد شاهد طروادة فعليًّا، ولكن لم يكن لديهم شك في أن المعارك التي وصفها قد وقعت بالفعل، ولم يكن لديهم شك أيضًا في أنها قد وقعت في حصارليك.

في عالَمٍ كان البشر فيه كالآلهة (وكانت الآلهة أيضًا بشرًا)، تَصادَمَ أعاظم هاتين الفئتين معًا. كانت طروادة هي المدينة التي أحْضَر إليها باريس — ابن بريام ملك طروادة — هيلين، أجمل امرأة في العالم، بعد أن اختطفها من وطنها الإغريقي. وكانت طروادة هي الوجهة التي قاد إليها الملك الإغريقي أجاممنون قواته لاستعادتها. وكانت طروادة هي المكان الذي شهد ذبح أخيل، أعظم المحاربين الإغريق، لِهيكتور شقيق باريس. وفي المشهد الأخير من الإلياذة، التقى بريام بأخيل للتفاوض على عودة جثمان ابنه، وعقد هدنة بين الإغريق والطرواديين.

ولكن، كما يعلم قراء الأوديسة، لم تنتهِ القصة عند هذا الحدِّ. فبضربة مميتة لعقب أخيل، ثأر باريس لمقتل أخيه. وبمساعدة حِصانٍ خشبيٍّ عملاق، تسلل الإغريق إلى داخل الأسوار الطروادية ودمروا المدينة تدميرًا. وهكذا انتهى العصر الذهبي لطروادة، وانتهى من بعده العصر الذهبي لبلاد الإغريق أيضًا بفترة ليست بطويلة.

جذب الاعتقادُ بأن كلَّ هذا حدث بالفعل — في حصارليك — فاتِحينَ لاحقين إلى الموقع. ففي عام ٤٨٠ قبل الميلاد، ضحَّى الملك الفارسي خشايارشا بألف ثور كقربان بالقرب من حصارليك قُبيَل عبور الدردنيل ودخول بلاد الإغريق. وبعد قرن ونصف قرن، حين قاد الإسكندر الأكبر قوات جيشه في الاتجاه المعاكس، قام بتكريم أخيل بقرابين بالقرب من نفس المكان. وعلى مدى العصور الوسطى وعصر النهضة، استمر الرحالة في زيارة حصارليك مقتنعين بأنها طروادة.

غير أنه بدءًا من القرن الثامن عشر، بدأ الباحثون في اتخاذ منهج أكثر تشككًا. فقد تشكك الكثيرون في وقوع حربٍ في طروادة، فضلًا عن النزاع الضخم في ملحمتي هوميروس، بل إن البعض تشكك في وجود هوميروس، أو على الأقل في وجود رجل واحد وليس مجموعة من الشعراء. فقد لاحظوا أن هناك — على أية حال — مئات الأعوام التي تفصل هيرودوت عن هوميروس، ومئات أكثر تقف بين الشاعر والعصر الذهبي المزعوم.

وبحلول النصف الثاني من القرن التاسع عشر، كانت أقلية فقط من الباحثين هي التي تعتقد أن الإلياذة والأوديسة تسترجعان أحداثًا وقعت بالفعل، وعدد أقل يعتقد أن طروادة — إن وجدت من الأساس — كانت تقع في حصارليك. فقد كانت الإلياذة والأوديسة، في نظر الغالبية، أدبًا عظيمًا وليس تاريخًا.

رجل واحد هو مَن ظل مقتنعًا بوجود طروادة هو فرانك كالفرت؛ القنصل الأمريكي في المنطقة، وعالم آثار هاوٍ. ففي منتصف ستينيات القرن التاسع عشر، قام كالفرت ببعض التنقيبات التحضيرية في حصارليك، كاشفًا النقاب عن أطلال معبدٍ من العصور الكلاسيكية وسور من عصر الإسكندر. وكان هذا أمرًا مُشجِّعًا، ولكنه أقنع كالفرت كذلك بوجود العديد من طبقات التاريخ أسفل حصارليك، وأن نمط التنقيب المطلوب سوف يتطلب أموالًا أكثر مما كان يمتلك.

بعد ذلك، وفي عام ١٨٦٨، قام كالفرت بدعوة هاينريش شليمان — وهو مليونير ألماني زائر كان مولعًا بهوميروس — على العشاء. وبات شليمان هو الآخر مقتنعًا بأن حصارليك هي طروادة. وعلى عكس كالفرت، كان شليمان يملك المال للقيام بشيء حيال ذلك.

وفي عام ١٨٧٠، بدأ هو وفريقه عملية الحفر.

•••

كان شليمان يعتقد أن طروادةَ هوميروس بالغةُ القدم، حتى إنه لا يمكن العثور عليها إلَّا بالتنقيب بعمق في حصارليك. وعلى ذلك، قام بفتح مساحة هائلة من التل، ليصل مباشرة إلى الطبقة السفلية الصلبة. وأثناء الحفر، انزعج لعثوره على مقتنيات متعددة من العصر الحجري؛ إذ كان يُفترَض منطقيًّا أن يتمَّ العثور على هذه الأشياء أسفل المدينة التي تعود للعصر البرونزي أو العصر الحديدي التي وصفها هوميروس. وفي مايو ١٨٧٢، اعترف شليمان في يومياته أنه قد «وقع في حيرة»، إلَّا أنه استمر في الحفر.

بعدها، في مايو من عام ١٨٧٣، اصطدم بالذهب بالمعنى الحرفي للكلمة. وبحسب روايته للقصة فيما بعد، كان شليمان يخشى ردَّ فعل عُمَّاله تجاه مشهد الذهب. فأخبرهم أنه قد تذكَّر للتوِّ أن اليوم هو يوم عيد ميلاده، وأن عليهم أن ينالوا جميعًا فترة راحة، ثم اتصل بزوجته صوفيا، التي قامت بدورها بنقل الذهب سرًّا في شالها. ولم يتفحص الزوجان كنزهما إلَّا لاحقًا، وكان يتجاوز كلَّ أحلام شليمان. فكانت هناك مشغولات ذهبية ونحاسية رائعة، من بينها تاجان ذهبيان صُنعا من آلاف القطع الصغيرة من خيوط الذهب، و٦٠ قرطًا و٨٧٥٠ خاتمًا من الذهب.

استنتج شليمان أن هذا الكنز — بما فيه مجوهرات هيلين — كان بالضرورة للملك بريام. وخمَّن لاحقًا أن أحد أفراد العائلة المالكة قد أفرغ خزانة الكنز تزامنًا مع نهب الإغريق للمدينة، ثم دُفن الطروادي تعيس الحظ أسفل الأنقاض واحترقت المدينة. كما خمَّن أن المفتاح النحاسي الذي وُجد بالقرب من الجواهر كان المفتاح الذي فُتحت به الخزانة في وقت ما.

كان شليمان لا يزال قلقًا بشأن سلامة الكنز؛ ما دفعه لتهريبه عبر الحدود إلى اليونان. ولكن لم تتقبل السلطات التركية هذا الأمر، فاقتادته إلى المحكمة. وفي عام ١٨٧٥، وافق شليمان على دفع خمسين ألف فرنك للحكومة التركية، وفي المقابل أقرَّ الأتراك بأنه الآن صاحب كنز فريد وقيِّم بلا جدال.

ولكن هل كان هذا هو «كنز بريام»، كما سارع شليمان بتسميته؟ اعترف شليمان سرًّا بأن لديه بعض الشكوك. فعلى الرغم من ضخامة الكنز، فإن ذلك لم يُفسِّر غياب الأدلة الأخرى على أن حصارليك هي طروادة هوميروس. لقد وجد شليمان أطلال مستعمرة صغيرة تعود لعصر ما قبل التاريخ، ولكنه لم يجد أيًّا من الشوارع الواسعة أو الأبراج أو البوابات التي قادته القصائد لتوقُّع وجودها.

كان شليمان عازمًا على التوسُّع في الحفر، إلَّا أن الأتراك — الذين كانوا لا يزالون مشتاطين غضبًا من تهريبه الكنز خارج بلادهم — رفضوا منحه تصريحًا بذلك. ولأنه لم يكن بالرجل الذي يتنحَّى عن العمل، قرر أن يواصل بحثه عن حرب طروادة في مكان آخر.

figure
صوفيا شليمان مرتدية بعض مجوهرات الكنز الطروادي الذي تمَّ تهريبه — بحسب رواية زوجها — من تركيا في شالها. (مكتبة جيناديوس، المدرسة الأمريكية للدراسات الكلاسيكية.)

قرر شليمان أنه إذا كان لم يستطع الوصول إلى مملكة بريام، فسوف يتجه إلى مملكة أجاممنون بدلًا منها. وهنا أيضًا وجَّهَه الكتَّاب الكلاسيكيون، ولكن إلى مسِّينا هذه المرة، وكانت تقع أسفل مدينة كورنث على شبه جزيرة أرجوليس باليونان. وكان يُعتقَد منذ زمن طويل أن مسِّينا هي مدفن الملوك الإغريق القدماء، وعلى عكس حصارليك، كانت تتباهى بوجود بعض الأطلال الواضحة والمبهرة.

كانت فكرة شليمان الملهمة تتلخص في الحفر خارج أسوار مسِّينا، حيث لم يبحث أحد من قبل. وكانت النتائج أكثر إبهارًا من النتائج في حصارليك. فقد وجد خمس مقابر تحوي رفات تسعة عشر رجلًا وامرأة وطفلين رضيعين، وجميعهم مغطون بالذهب. كذلك احتوت المقابر على سيوف برونزية وخناجر بزخارف من الذهب والفضة، وأكوابًا وصناديق من الذهب والفضة، ومئات القطع الذهبية المزخرفة. وكانت وجوه الرجال مغطاة بأقنعة ذهبية مميزة بدت كلوحات فنية. وأعلن شليمان، بميله التقليدي لكلِّ ما هو مسرحي، أنه قد حملق في وجه أجاممنون نفسه.

كان شليمان آنذاك أكثر اقتناعًا من أيِّ وقت مضى بأن هوميروس قد وصف أشخاصًا حقيقيين ومعارك حقيقية. ولكن المقبرة الفخمة في مسِّينا جعلت البلدة الصغيرة في حصارليك تبدو أقل جلالًا وعظمة، وكانت المقارنة بينهما تلحُّ على ذهن شليمان. وفي النهاية، في عام ١٨٩٠، وفي مقابل مبلغ كبير من المال، منح الأتراك شليمان تصريحًا بمواصلة تنقيبه في حصارليك.

في هذه المرة، حفر شليمان بالقرب من الحدِّ الغربي للتل، على بعد قرابة خمس وعشرين ياردة خارج المدينة حيث عثر على كنز بريام. وهناك اكتشف أطلال مبنًى كبير؛ وكان — في النهاية — بناية تليق بأبطال هوميروس؛ بل وظنَّ شليمان أنه ربما كان قصر بريام. والأفضل من ذلك أن العمال قد عثروا داخل جدران المبنى على بقايا أوانٍ فخارية بأشكال وزخارف مسِّينية واضحة. وقد قدَّم ذلك لشليمان حلقة الوصل التي كان يبحث عنها بين مسِّينا وطروادة. فلو كانا لم يتحاربا معًا، فلا بد على الأقل أنه كان هناك تبادل تجاري بينهما.

وللمفارقة، أكدت اكتشافات عام ١٨٩٠ أيضًا أسوأ مخاوف شليمان؛ إذ كانت الاكتشافات الجديدة قد عُثِر عليها في مكان أقرب كثيرًا للسطح عن البلدة التي نقَّب فيها شليمان في سبعينيات القرن التاسع عشر. وكانت تلك إشارة إلى أن طروادة هوميروس قد بُنِيَت بعد قرون من بناء المستوطنة الصغيرة التي وجد شليمان الكنز فيها، وعليه فلا يمكن أن يكون الكنز خاصًّا ببريام، أو أي شخصية من الإلياذة. والأسوأ أن ذلك كان يعني أن شليمان، في غمرة لهفته للوصول إلى قاع التلِّ سريعًا، قد حفر عَبْر أطلال طروادة هوميروس مباشرةً. وبقيامه بذلك، يكون — بشكل شبه مؤكد — قد دمَّر بعض أطلال المدينة التي رغب باستماتة في العثور عليها.

•••

تُوفِّي شليمان عام ١٨٩٠؛ ومن ثَمَّ تُركَت مهمة مواصلة التنقيبات لمساعده فلهِلم دوبفِلد. افترض دوبفِلد أن المنزل الكبير — المكتشف في وقت سابق من ذلك العام — كان جزءًا من مدينة العصر البرونزي التي كان شليمان يبحث عنها، وواصل الحفر إلى غرب وجنوب البلدة الأصلية. وعلى مدار عامي ١٨٩٣ و١٨٩٤، عثر على مزيد من المنازل الكبيرة، وبرج مراقبة، وثلاثمائة ياردة من سور المدينة، وعثر كذلك على المزيد من الفخاريات المسِّينية.

وخلص دوبفِلد إلى أن «هذه» المدينة هي طروادة هوميروس. والحق أن البرج، والمنازل الكبيرة، والشوارع الفسيحة؛ كانت أكثر تماشيًا بكثير مع توصيفات الشاعر مقارنةً بأيٍّ من المباني التي اكتشفها شليمان. وقاد تحليل دوبفِلد للطبقات في حصارليك إلى استنتاج أن مستعمرة شليمان الصغيرة كانت ثاني ما بُني في حصارليك، وأنَّ تاريخها يعود إلى قرابة عام ٢٥٠٠ قبل الميلاد. أما طروادة دوبفِلد، فكانت سادس مدينة بُنيَت على نفس المكان، وشُيِّدت فيما بين عامي ١٥٠٠ و١٠٠٠ قبل الميلاد. وعلى الرغم من عدم دقة التأريخ، فقد وَضَع اكتشافات دوبفِلد على مسافة قريبة بما يكفي للتاريخ التقليدي لحرب طروادة — قرابة عام ١٢٠٠ قبل الميلاد — ليعمق ذلك من قناعته بأنه عثر على طروادة هوميروس.

سادت آراء دوبفِلد لقرابة أربعين عامًا، حتى وصلت بعثة استكشافية أمريكية تحت قيادة كارل بليجن إلى حصارليك. فقد أشارت عمليات الحفر بقيادة بليجن، التي استمرت من ١٩٣٢ إلى ١٩٣٨، إلى بعض المشكلات الخطيرة بفرضية دوبفِلد. فقد أصر بليجن على أن تدمير طروادة السادسة لا يمكن أن يكون نتيجة غزو يوناني. فعند أحد أجزاء السور، تزحزح الأساس، في حين بدت الأجزاء الأخرى وقد انهارت كليَّة. وكان بليجن يعتقد أن نوع الدمار لا يمكن أن يكون من صنع الإنسان — حتى على يد الرجال ذوي السمات الأشبه بسمات الآلهة — وأرجعها إلى زلزال.

وفقًا لبليجن، كانت المستعمرة التالية في حصارليك — والسابعة بشكل عام — هي طروادة هوميروس. فبعد الزلزال، أعاد الطرواديون بناء مدينتهم، ولكن بطرق مختلفة اختلافًا شاسعًا. فقد قُسِّمت بيوت طروادة السادسة الكبيرة إلى غرف صغيرة، واكتظت الشوارع الفسيحة ببيوت صغيرة للغاية، لكلٍّ منها أوعية تخزين كبيرة في عمق أرضياتها. وكانت دلالة كلِّ هذا لبليجن هو وجود مدينة تحت الحصار؛ فمع وجود الإغريق على أبواب طروادة، كان لزامًا أن تُملَأ كل مساحة متاحة باللاجئين وبضائعهم. وخلَص بليجن إلى أن المدينة السابعة سقطت سريعًا بعد السادسة؛ ومن ثَمَّ تظل متوافقة مع التاريخ التقليدي المتعارف عليه لحرب طروادة.

•••

كان علماء الآثار الثلاثة، بداية من شليمان، ثم دوبفِلد، ومن بعده بليجن، يعتقدون أنهم عثروا على طروادة هوميروس في حصارليك، وإن كان على مستويات مختلفة.

وقد عزز عمل الباحثين وعلماء الآثار اللاحقين رأي الثلاثة، وجاء بعضٌ من أكثر الأدلة إثارةً من أطلال الحضارة الحيثية التي ازدهرت في تركيا حتى وقتِ ما بعد عام ١٢٠٠ قبل الميلاد. فخلال سبعينيات وثمانينيات القرن العشرين، قام الباحثون بفك شفرة الألواح الطينية التي عُثِر عليها هناك، وكان بعضها يُدْرِج أسماء الملوك والدبلوماسيين الأجانب الذين تعامل معهم الحيثيون. وأشار بعض هؤلاء الباحثين إلى وجود الترجمة الحيثية لِاسْمَيْ بريام وباريس ضمن تلك الأسماء.

وبالعودة إلى حصارليك، في منتصف تسعينيات القرن العشرين، استخدم عالم الآثار الألماني مانفريد كورفمان تكنولوجيا جديدة للاستشعار عن بُعْدٍ لتتبُّع أثر أسوار مدينة دوبفِلد-بليجن فيما وراء الحدود القديمة. وكانت طروادة كورفمان، ربما أكثر من طروادة سابقيه، تتمثل في قلعة تليق بأبطال هوميروس. وأشار تحليل كورفمان أيضًا إلى أن الأسوار الطروادية ظلَّت مرئية في القرن الثامن قبل الميلاد، حين كان هوميروس على الأرجح يزور الموقع.

غير أن غالبية الباحثين اليوم يتملكهم الحذر من القفز إلى أي استنتاجات؛ أو على الأقل القفز إلى استنتاجات مثيرة كاستنتاجات شليمان، أو دوبفِلد، أو بليجن. فقد أكدوا على أن الألواح الحيثية تخضع لمجموعة متنوعة من التأويلات، وبالتأكيد لا تُشكِّل دليلًا على وجود ما يُسمَّى ببريام أو باريس يومًا ما، فضلًا عن هيكتور أو هيلين، أو أخيل أو أجاممنون.

ويعترف معظم الباحثين بأنهم لا يستطيعون الجزم بوقوع الحرب الطروادية من الأساس. فقد كانت الإلياذة والأوديسة نِتاج حنين لعصر ذهبي ولَّى منذ زمن بعيد، وكذا خيال شاعر في غاية الخصوبة؛ ومن ثَمَّ لا يمكن اعتبارهما بالتأكيد من الروايات التاريخية التي يُعوَّل عليها. ولكن، مثلما اعتقد شليمان، لم يعد بالإمكان الشك في أن التل في حصارليك كان مدينة عظيمة يومًا ما، وكذلك الحال بالنسبة إلى قلعة مسِّينا. وعلى الرغم من أن المؤرخين لا يمكنهم التأكد من أسماء أو إنجازات الشعب الذي عاش في كلتيهما، فإنهم يعتبرون احتمالَ معرفةِ كلٍّ من الشعبينِ الكثيرَ عن الآخر احتمالًا مُرجَّحًا.

لقد كان أهل طروادة وأهل مسِّينا يتحدثون معًا، ويمارسون التجارة معًا، ومن الجائز للغاية أن يكون كلٌّ منهما قد حارب الآخر؛ وعلى الأقل إلى هذا الحدِّ، كان شليمان — وهوميروس — على حقٍّ.

لمزيد من البحث

  • Heinrich Schliemann, Troy and Its Remains (London: John Murray, 1875). Schliemann’s own account of his 1871–1873 excavation, including the discovery of Priam’s treasure.
  • Carl Blegen, Troy and the Trojans (New York: Praeger, 1963). Blegen’s version, based on his 1932–1938 excavations.
  • John M. Cook, The Troad (Oxford: The Clarendon Press, 1973). A study of the archaeology in and around Hisarlik, including a comprehensive survey of pre-Schliemann theories. Many of these theories located Troy near the Turkish village of Pinarbasi, and Schliemann himself dug there before turning to Hisarlik.
  • Michael Wood, In Search of the Trojan War (New York: Facts On File, 1985). A companion to a BBC program, this provides a good introduction to Troy historiography, along with an intriguing and provocative look at the Hittite evidence.
  • William Calder III and David Traill, Myth, Scandal, and History (Detroit: Wayne State University Press, 1986). A collection of essays portraying Schliemann as a pathological liar, a thesis more fully developed in Traill’s 1995 biography.
  • David Traill, Schliemann of Troy (New York: St. Martin’s Press, 1995). An extremely controversial, all-out attack on Schliemann, accusing him of—among other things—cheating his business partners; lying to gain American citizenship; failing to give credit to Frank Calvert; and, most devastating of all, making up the story of how and where he found Priam’s treasure. According to Traill, Schliemann lied about hiding the treasure in his wife’s shawl to conceal the fact that he’d actually gathered the objects in the treasure from a variety of places in and around Hisarlik, then bunched them together so he could pretend he’d made a dramatic discovery. Traill’s damning evidence includes the indisputable fact that Schliemann’s wife was in Athens at the time of the discovery. Traill’s critics argue that it would have been impossible for Schliemann to bring together so many objects, all of which were later shown to come from the same period. They also point out that the vast majority of his archaeological notes have turned out to be largely accurate. But Traill’s defenders (and other Schliemann detractors) counter that the evidence of Schliemann’s lying in his other business and personal dealings is overwhelming. Schliemann, they contend, couldn’t be a Dr. Jekyll at Hisarlik while being a Mr. Hyde elsewhere. The book is well worth reading, but don’t lose sight of the fact that the questions raised are largely irrelevant to the larger question of what happened at Troy. After all, even Schliemann eventually conceded that the part of Troy he first excavated dated back to well before the Trojan War and that Priam’s treasure could not, therefore, have belonged to Priam or any of his contemporaries.
  • Caroline Moorehead, Lost and Found (New York: Viking, 1996). As riveting as the history of Troy is the mysterious fate of Priam’s treasure, entertainingly revealed in Moorehead’s book. Schliemann left the treasure to the German government, which displayed it at Berlin’s Museum for Prehistory. In 1945 the treasure disappeared, apparently lost forever. Then, in 1991, a Russian art historian and a curator at the Pushkin Museum in Moscow broke the story that the entire treasure was buried in the museum’s vaults, having been seized by Soviet troops at the end of World War II.
  • Vladimir Tolstikov and Mikhail Treister, The Gold of Troy, trans. from the Russian by Christina Sever and Mila Bonnichsen (New York: Abrams, 1996). In 1994 the Russians admitted they had the treasure and agreed to make it available to scholars and the public. This is the catalog of the first public exhibition in almost fifty years. It includes essays defending Schliemann (and the treasure) against Traill’s accusations.
  • Susan Allen, Finding the Walls of Troy (Berkeley: University of California Press, 1999). Schliemann, who didn’t want to share the spotlight, later minimized Calvert’s contribution; here Allen moves Calvert out of the more famous man’s shadow.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤