السلطان السادس عشر

السلطان مصطفى ابن السلطان محمد الثالث

ولد عام ١٠٠٠ﻫ، وجلس سنة ١٠٣١ على الكيفية التي ذكرت، وهذه كانت المرة الثانية لجلوسه؛ فإنه كما تقدَّم جلس قبل الطيب الذكر السلطان عثمان، وبالنظر لضعف عقله خُلِعَ بعد ثلاثة أشهر، وفي مدة تنصيبه المرة الأخيرة كثر الفساد، وعم البلاء في البلاد، فندم الأهالي، وتأسَّف الجنود على ابن السلطان عثمان. وبعد جلوسه بيومين، تَجَمْهَرَتِ الجنود السباهية أمام سراي داود باشا الصدر الأعظم حين كان السلطان مع والدته عنده في ذلك اليوم، وصرخوا قائلين: لماذا قتلت لنا السلطان عثمان الذي أوصيناك بحفظ حياته؟ فأجابهم: إني قتلته بأمر السلطان مصطفى سلطان العالم. وبعد حين من الزمن تجمهروا في الجامع الذي أُخِذَ منه السلطان عثمان للقتل، وكتبوا إلى السلطان مصطفى يسألونه عما إذا كان هو الآمر بقتل ابن أخيه، ويطلبون منه أن يبرئهم من هذا الذنب أمام الشعب، فأجابهم: إنه لم يأمر بذلك أصلًا، وإن داود باشا كاذب فيما ادَّعاه، وإن الذين قتلوه موجودون في قيد الحياة؛ فليُقتلوا. فلما سمعوا ذلك أسرعوا إلى داود باشا، وحكموا عليه بالإعدام، ثم قادوه إلى مكان الإعدام، وحينئذٍ أخذ يعترضهم بقوله: إن السلطان مصطفى أمره بقتل السلطان عثمان، وأبرز خطًّا شريفًا بذلك، وبعد ذلك عقد الديوان جلسة قرر فيها قتل داود باشا وجميع الذين اشتركوا معه في قتل السلطان عثمان، فأخذوا أولًا داود باشا إلى السبعة أبراج، وأدخلوه الغرفة التي قُتِلَ فيها السلطان عثمان، وهناك جرعوه كأس المنية، وبعد ذلك بحثوا على مشاركيه وقتلوهم. وفي سنة ١٠٣٢، خُلِعَ السلطان مصطفى مرة أخرى وأُجْلِسَ مكانه السلطان مراد. وتوفي السلطان مصطفى عام ١٠٤٨ للهجرة، ودفن في جوار أجيا صوفيا في تربة مخصوصة. وفي مدته قلَّت واردات الدولة مقدار مائة ألف كيس سنويًّا، وتقهقرت، واستولى الأعداء على أكثر مقاطعاتها.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤