السلطان الخامس والثلاثون

سيدنا ومولانا الخليفة الأعظم أمير المؤمنين وسلطان العثمانيين السلطان محمد خان الخامس رشاد الدين ابن السلطان عبد المجيد خان

هو السلطان الدستوري الطيب الأخلاق، الحميد المآثر، المحبوب من رعاياه، وفَّقه الله إلى ما يحبه ويرضاه، أشرقت شمس أنوار جلالته في عالم الوجود عام ١٨٤٤م، فكانت تلك السنة سنة خير وبركات على الممالك المحروسة العثمانية، وشبَّ جلالته مع أخويه السلطانين مراد وعبد الحميد على ما يشب عليه أصحاب النجابة آل البيت السلطاني، وعرف عن جلالته — أعز الله به العثمانيين — حسن خلقه، ولين عريكته، وميله إلى رعيته، وعنايته بفقرائهم، حتى كان يسميه الناس بأبي الفقراء وسيد الرحماء، وانخرط في سلك الجندية على عهد ساكن الجنان عمه عبد العزيز خان إلى أن نال رتبة فريق، وكل رسومه القديمة هي برتبته العسكرية.

وما زال حرًّا في غدوِّه وإيابه يعمل لخير العثمانيين، ويهتم بشئون الدولة إلى أن خُلِعَ السلطان عبد العزيز، ثم وَلِيَهُ خلع أخيه ساكن الجنان السلطان مراد خان، وتولى الأمر السلطان عبد الحميد، فحجر عليه كما حجر على عموم أهل البيت المالك. وذلك الحجر هو التزامه سرايه، فلا يخرج منه إلا وطائفة الجواسيس محدقة به، ملتفة حوله، وإذا عاد إليها لازمه الجواسيس كظلِّه، فلا يجرؤ أن يتصل به أحد من العثمانيين، وظل على تلك الحالة السيئة مدة حكم عبد الحميد الطويلة إلى أن أُعْلِنَ الدستور المبارك، فخرج للناس، وأنسوا بجلالته غاية الاستئناس، ووجدوا فيه الخلق الرضي، والنفس الشريفة، والمبادئ الدستورية، حتى حسبوه مثالًا حيًّا لمدحت باشا كما قال أدباء الأتراك.

ولما حدثت حوادث ١٣ أبريل سنة ١٩٠٩، وانجلت عن خلع السلطان عبد الحميد في ٢٧ منه، نُودي بجلالته خليفة للمسلمين، وسلطانًا للعثمانيين، فاستبشر العالم الإسلامي بجلالته، واغتبط العثمانيون بتوليته العرش متفائلين خيرًا.

وقد حقَّق جلالته الظنون بما أظهره من حسن الاستعداد، والسعي المتواصل لخير الأمة، فضلًا عمَّا أظهره من حسن السياسة، وحبه لرعيته، وسعيه المتواصل لتقدمها ونجاحها، وفي كل يوم لنا من جلالته آلاء محمودة، وآثار بارة مشهودة، فالله المسئول أن يمدنا بطول بقائه فخرًا وذخرًا؛ ليتجدد به مجد المسلمين، وفخار العثمانيين. آمين.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤