تمهيد

كل مَنْ في الوجود يطلب صيدًا
غير أن الشِّبَاك مختلفاتُ
والهنا غير مستحيلٍ ولكن
دونه في سبيلنا عقباتُ

فكلنا يريد إدراك السعادة، وما أحد يبلغ منها مراده، ولكلٍّ في سير أحواله طريقة، وما أحد يرى حاله من وجه الحقيقة، وقد يلتمس المرء المحال، فتنقضي أيامه بتقليب الآمال، تجيئه فيرتاح إليها، وتنقضي فيبكي عليها، والله — سبحانه وتعالى — قسَّم على الناس الحظوظ وأسباب الهناء، كما يقسِّم الأب العادل ماله على أولاده بالسواء، فمِنَّا من يفتح كفه ويلقي سهمه في البحر، ومِنَّا من ينفق في الساعة ما أُعطِيَ لكل العمر، ومِنَّا أجواد سُذَّج كرام يبذلون سعادتهم في سبيل الحب بلا عوض ثم يرونها مُدَاسة بالأقدام، فالحكيم الجدير بآلاء السماء الخليق بنعماء الهناء مَنْ ستر لذَّته عن أعين الحاسدين والرقباء، فهو في نعيم مقيم، وعلى أمل عظيم، يبتسم لآتيه، ولا يندم على ماضيه؛ فينعم باللذة المستمرة، ويموت على فراش المسرَّة.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤