الفصل الثالث

اتفاق الشيعة والمعتزلة

وكثير من الشيعة يتفقون في العقيدة مع المعتزلة؛ إذ كان كثير منهم شيعة ومعتزلة في وقت واحد؛ وذلك في مثل تأويل بعض الآيات في القرآن، ومثل عدم رؤية الله في الدنيا والآخرة اعتمادًا على قوله تعالى: لَّا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ (الأنعام: ١٠٣)، ولكنهم قد يخالفون المعتزلة في بعض الأشياء مثل: قول الشيعة بشفاعة الأنبياء والأئمة، وقد كان المعتزلة يستندون في عدم الشفاعة إلى قوله تعالى: وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا، وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ (الأنعام: ١٦٤)، وحمل المعتزلة على ذلك إيمانهم التام بالمسئولية الشخصية، وأن كل شخص مسئول عن عمله، وخالفهم أهل السنة في ذلك، وزاد الشيعة في شفاعة الأئمة، ورووا عن الإمام الباقر أن رسول الله قال: «يا علي، إذا جاء يوم القيامة جلسنا أنا وأنت وجبريل على الصراط، فلا يمر أحد عليه إلا وبيده براءة من نار جهنم بولايتك»، وكان من مستلزمات ذلك الزيارات الكثيرة للأولياء، والاستشفاع بهم، والدعاء عندهم، من ذلك مثلًا: «السلام على الذين من والاهم فقد والى الله، ومن عاداهم فقد عادى الله، ومن عرفهم فقد عرف الله، ومن جهلهم فقد جهل الله، ومن اعتصم بهم فقد اعتصم بالله، ومن تخلى عنهم فقد تخلى عن الله. أشهد الله أني سلم لمن سالمهم، وحرب لمن حاربهم، ومؤمن بسركم وعلانيتكم، مفوّض في ذلك كله إليكم، لعن الله عدو آل محمد من الجن والإنس، من الأولين والآخرين، وأبرأ إلى الله منه، وصلى الله على سيدنا محمد، وآله الطاهرين.»١ وفيما عدا ذلك هناك اختلافات بين الشيعة وأهل السنة في الفروع.٢

هوامش

(١) وقفة الزائرين للمجلسي.
(٢) انظرها في الجزء الثالث من ضحى الإسلام.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤