حرف الميم

  • مَا تْخُرِّشْ مِنْ إيدُه المَيَّهْ: أي لا يقطر الماء من كفه، وفي معناه: «إيده ناشفه»، كناية عن البخل الشديد، ورأيت في كتاب المعرَّب والدخيل لمصطفى المدني ما نصه: «لا يسقط الخردل من كفه؛ كناية عن البخل الشديد»، ومن لطائف شيخ شيوخنا العلامة الشيخ عبد الله الدنوشري، أنه اجتمع يوما بالشيخ العلامة درويش المحليِّ خطيب الجامع الأزهر وفي يده دينار شريفيٌّ، فسقط من يده فقال بديهًا:
    يا فائقًا في الجود بين الورى
    ومشبهًا للمزن في وكفه
    مذ سقط الدينار من كفكم
    وعاد مثل البرق في خطفه
    كذبت من قد قال في حقكم
    لا يسقط الخردل من كفه
    انتهى. والعرب تقول: «ما تبلُّ إحدى يديه الأخرى.»١
  • ما تْفُوتُوشِ الْوَاحْدَهْ: كناية عن التيقظ والانتباه بحيث لا يفوته شيء يجب عمله.
  • مَاتْ فِي جِلْدُهْ: كناية عن شدَّة الخوف (في مطالع البدور ج١ ص٧٩ بيتان فيهما ذلك، وانظر ج٢ ص١٧٣، وفي إرشاد الأريب لياقوت ج٧ ص١٩٥ س٧ بيت به ماتوا في جلودهم، الكنز المدفون أواخر ص١٤٥ في أمثال العامَّة متَّ منه في جلدي، وانظر الريحانة ص٩٣ والبيت من قصيدة في ص٩٢، وانظر ملحق كراريس العامِّية ص٧٥).

    ولأبي الفتح محمد بن محمد بن عبد السلام المالكي التونسيِّ نزيل الشام المتوفى سنة ٥٩٩ من قصيدة موريًا:

    ولم يكن يترك شيئًا إذا
    فارقه يأس على فقده
    غير بقايا كتب رثة
    أكثرها قد مات في جلده٢

    أنشدهما له الشلي في ترجمته من كتابه: السنا الباهر وقال: «قوله مات في جلده استعمال معروف عاميٌّ على وجه استعماله ركيك، والبليغ قول العرب للمفلوج: «سجن في جلده» وحسن هنا وصف الكتاب به كما قال ابن نباتة المصري:

    لله مجموع له رونق
    كرونق الحبات في عقدها
    كلُّ تصانيف الورى عنده
    تموت للخجلة في جلدها»
  • مَا تِنْبَلِّشْ فِي بُقُّهْ فُولهْ: البُق — بضم الأوَّل وتشديد القاف — الفم، أي لا تبلُّ في فمه فولة، كناية عن عدم كتمان السرِّ والتسرُّع في إفشائه، فالكلمة لا تستقر في فمه كأنها الباقلاءة يسرع في إخراجها قبل أن تبلَّ بريقه، وفي معناه: «لسانه مالوش تقاله» و«عنده السِّر بالمقلاع»، والعرب تقول في أمثالها: «أحمق ما يجأى مرغه» والمرغ: اللعاب، ويجأى: يحبس، أي لا يحبس لعابه بل يدعه يسيل، قال الميدانيُّ: يُضرب لمن لا يكتم سره.
  • ما حَد يِعْرَفْ يِقْلِبْ وَرَاهْ طِحِينْ: كناية عن كثير الكلام الذي لا يترك لأحد مجالًا للقول، وانظر: «زيِّ اللي الداية جراه من لسانه» و«لسانه طويل» و«مسحوب من لسانه» و«متلفع بلسانه.»
  • مَا خَلَّاش عَ الْعَصايهْ قِشْرْ: خلى: ترك، والعصاية: العصا، أي قشر العصا فلم يترك من لحائها شيئًا، كناية عن المبالغة في لوم شخص وتوبيخه أو معاتبته، وقول كل ما ينبغي أن يقال له، وانظر قولهم: «حرق الأخضرين.»
  • ما دَخلْشْ دُنْيَا: كناية عمن لم يتزوَّج بعد، فكأنه لم يدخل الدنيا ولم يعرفها، والدنيا عندهم «بكسر الأوَّل وضمه» والصواب الثاني.
  • ما سَعَّرُوش: كناية عن احتقار شخص لآخر، ويرادفها من الكلام الفصيح: «لم يُقِمْ له وزنًا» وتسعير الشيء تقويم ثمنه، فكأنه لاحتقاره له، يراه من العروض التي لا يُرغب فيها ولا تثمن لحقارتها.
  • مَاشِي عَلى قِشْرْ بِيضْ: كناية عن المتباطئ الحذر في مشيه، أي كأنه في تباطئه ماشٍ على بيض يخشى أن يكسر قشره بوطئه عليه.
  • مَا صَنَعِ الْحَدَّادْ: انظر: «بينه وبينه» إلخ.
  • مَا فِيْشْ صريخ ابْنْ يُومينْ: أي ليس في البيت صوت، يريدون ما في الدار أحد لا كبير ولا صغير يصرخ فيها، والعرب تقول: «ما في الدار صافر» وتقول: «ما بها نافخ ضرمة» والأمثال في هذا المعنى كثيرة.
  • مَالُوشْ تَجزَهْ: كناية عمن لا ثبات له ولا رأي يعرف فيُحكم به عليه، وتظهر منه حقيقته.
  • مَالُوشْ تَنَهْ: كناية عمن لا أصل له يرجع إليه، وقد ذكرنا في الأمثال قولهم: «زيِّ الصباغ تناه على ضهر إيده» ومن يقول فيه: «زيِّ العبد» إلخ، ولا يبعد أن تكون التنة محرَّفة عن الثناء، أي لا أصل له يُثنى عليه به وليحقق.
  • مَالُوشْ طَروَهْ٣.
  • مَالُوشْ وِش: أو ماليش وش، أو مالكش وش … إلخ، أي ليس له وجه، كناية عن الخجل، أي لا يستطيع مواجهة أحد مما وقع لخجله، ويقولون: «ما خليت لوش وش ينقلب عليه» أي أخجلته بالكلام وأفحمته حتى لم يُحِر جوابًا لخجله.
  • مَا يِتْلِبِسْشْ عليهْ تِيَابْ: أي لا تلبس عليه ثياب، كناية عن الشيء المنكر لا يتحمل، أو الشيء المتناهي في الحسن لا يتحمل البعد عنه (انظر في ديوان الفيوميِّ مع رقم ٨١٠ شعر ص٢٠٠ أبياتًا في الفانوس فيها هذه الكناية، وانظر بيتًا في ذلك في ديوان الصبابة رقم ١٤٧ أدب أواخر ص١٧٤).
  • مَا يِسْوَاشْ ملْوْ وِدْنُهْ نخَالَهْ: الودن — بكسر فسكون — الأذن، والنخالة — بضمِّ الأوَّل — ما يتبقى بعد نخل الدقيق، كناية عمن لا قيمة له.
  • مَا يِعْرَفْشْ كُوعُهْ منْ بُوعُهْ: كناية عن استغراق شخص في الجهل والغفلة، وهم يطلقون الكوع على طرف المرفق، والصواب أنه طرف الزند مما يلي الرسغ الذي تسميه العامَّة: «خنقة الإيد»، ويريدون بالبوع: العظم الصغير الذي بجانب طرف المرفق، والبوع في اللغة: الباع، أي مقدار مدِّ اليدين، والعرب تقول في أمثالها: «ما يعرف قطاته من لطاته» ويُروى: «من ثطانه لا يعرف قطاته من لطاته» قال الميداني: «الثطاة: الحمق، ويروى: من رطاته، وهي الحمق أيضًا، وأصله الهمز، يقال: رطئ بين الرطاءة لكنه ترك الهمز، والقطاة: الردف، واللطاة: الجبهة.»٤
  • مَا يِعْرَف الْعَمَى مِنِ السَّما: المراد جاهل أبله لا يفرق بين الأشياء.
  • مَا يْقُمْشْ مِنِ الشَّمسْ لِلضِّل إلا بِعَلْقَهْ: العلقة — بفتح فسكون — الوجبة من الضرب، أي لا ينتقل من الشمس إلى الظلِّ مع قربه إلا بالضرب، كناية عن التناهي في الكسل، وقد تقدَّم في الأمثال: «زيِّ تنابلة السلطان» إلخ.
  • مَا يِنْبِلِعْشْ: أي لا يُبلع، كناية عن الثقيل لا يطاق، ومثله: «ما ينزلش من الزور» و«ما ينهضمش» وانظر: «روحه حمره» و«تقيل الدَّم» و«دمُّه يلطش.»
  • مَا يِنْزِلْشْ مِنِ الزُّورْ: أي لا ينزل من الحلق، كناية عن الثقيل لا يطاق، ومثله: «ما ينبلعش» و«ما ينهضمش» وانظر: «روحه حمره» و«تقيل الدمِّ» و«دمُّه يلطش.»
  • مَا يِنْهِضِمْشْ: كناية عن الثقيل الدم الذي لا يُطاق، كأنه طعام لا يُهضم لثقله، ومثله: «ما ينزلش من الزور» و«ما ينبلعش» وانظر: «روحه حمره» و«تقيل الدمِّ» و«دمُّه يلطش.»
  • مِتلَفَّعْ بِلْسَانُهْ: كناية عن طول اللسان والقدرة على الكلام، كأن لسانه من طوله كالمطرف فهو متلفع به، وانظر: «لسانه طويل» و«مسحوب من لسانه» و«زيِّ اللي الدايه جرَّاه من لسانه» و«ما حَد يعرف يقلب وراه طحين.»
  • مَرْبَطِ الْفَرَسْ: انظر: «موش مربط الفرس» في الأمثال.
  • مَسَحْ لُهْ جُوخْ: كناية عن التملق، أي نظف له ثيابه ونفض ما عليها من الغبار، وقام له مقام الخادم، ومثله قولهم: «هز له قاووق» وسيأتي.
  • مَسْحوبْ مِنْ لسَانُهْ: السحب في اللغة، الجر على وجه الأرض، والعامَّة تريد هنا مطلق الجرِّ، كناية عن طول اللسان والقدرة على كثرة الكلام، كأنَّ لسانه من طوله أصبح كالحبل الذي تُجر به الدابة، وانظر: «لسانه طويل» و«متلفع بلسانه» و«زيِّ اللي الداية جرَّاه من لسانه» و«ما حَد يعرف يقلب وراه طحين.»
  • مِسِكِ الْعَصَايَهْ مِن الْوسْطْ: أي تحرَّز ولم يتهوَّر، وصانع كلا الفريقين ولم يَمِل مع أحد الأمرين حتى إذا رجح أمر على أمر، أو تغلب فريق على فريق لم يلحقه ضرر، ومن أمثالهم في المعنى: «لا يضرب الديب ولا يجوَّع الغنم.»
  • مُسْمارُهْ فِي السِّدْغْ: كناية عمن يلازم شخصًا، أو جماعة ولا يفارقهم، فكأنه ملصق بمسمار في الصدغ.
  • مَصِّ اللَّمُونَهْ: اللمونة — بفتح فضمٌّ — الليمونة، يقولون: «فلان الخدَّام يمصُّ اللمونه» إذا أرادوا الكناية عن خادم كثير السرقة، أي لا يدع شيئًا يصل إلى يده أو يكلف بشرائه حتى يختصَّ بجزء منه، فإذا أعيته الحيل في الليمونة ثقب فيها ثقبًا ومصَّ من مائها شيئًا.
  • مَلَايْكِتُهْ خَفِيفَهْ: كناية عن خفة روح الشخص، كقولهم: «ضله خفيف.»
  • مَلَايْكِتُهْ هَفِّتْ: كناية عن توقع قدوم شخص وقيام ذلك بالنفس وإحساسها به، ومعنى هفَّ مرَّ مرورًا، ثم توسعوا فيه فقالوا: هفَّ الشيء علي أو على نفسي، أي اشتهته النفس وتطلبته، فكأنَّ ملائكة ذلك الشخص الموكلين به مروا منبئين بقدومه.
  • مِنْ إيدْهَا وِرِجْلَهَا: كناية عن عدم إحكام العمل وإتقانه، وهم يعبرون عن ذلك أيضًا بالطصلقة، كأنَّ الصانع أمسك بطرفي الشيء وقذف به بلا تدقيق في أجزائه، وقد أنثوا الضمير لأنهم يعبرون عن الشيء بالحاجة، تقدَّم: «لا من إيده ولا من رجله» وهو معنى آخر.
  • مِنِ الْبَابْ لِطَّاقْ: كناية عن إثارة خصام بلا سبب سابق يُبنى عليه، كأنَّ فاعله فاجأ به كما يفاجئ إنسان أهل دار بدخوله فلا يكاد يلج من الباب حتى يسرع إلى الطاق (انظر نظم هذه الكناية في ص٢١٧ من الكتاب رقم ٦٤٨ شعر، وانظر شفاء الغليل ص٤٨).
  • مِنْ بَابْها وِالْكملْ: كناية عن عدم التدقيق في الأمر وسرعة عمله.
  • مِنْ بِز أمُّهْ: انظر: «جاب الخبر» إلخ و«شارب» إلخ.
  • مِنِ الدَّارْ لِلنَّارْ: كناية عن أخذ الشخص بلا إمهال أخذ عزيز مقتدر.
  • مَنْقُوعْ فِي الْهَم: أي دائم الهموم غارق فيها.
  • مِنْ نُقْرَهْ لِدُحْديرَهْ: انظر: «طلع من نقره لدحديره.»
  • مِنْ هَبِّ وْمِنْ دَبّْ: كناية عن الجماعات الكثيرة المختلفة الأجناس يجتمعون في مكان.
  • مُوشْ جَايِبْهَا الْبَر: ويروى: «موش راح يجيبها البر» والمراد السفينة، أي لا يريد أن يرسو بها وليس في عزمه ذلك، فالتعبير الأوَّل كناية عن المتكبر المتعاظم الذاهب بنفسه مذهبًا بعيدًا، كأنه راكب سفينة متمادٍ في تسييرها لا يريد أن يرسو بها على البرِّ كما ترسو بقية السفن، ويُكنى أيضًا بالتعبيرين عن المتمادي في أمر لا يريد الرجوع عنه.
  • مُوشْ مِنْ تُوبُهْ: كناية عمن لا يكون في مقام من يعاشره ويصاحبه، والتوب هو الثوب، أي ليس من أترابه وبابته، ومثله قولهم: «موش من وقمه» ولعلَّ الوقم محرف عن القيمة، وقد يعبرون في ذلك بالبنك وبالطنج كما مرَّ قولهم في الأمثال: «من عاشر غير بنكه دَقّْ الهَمّْ سدره.»
  • مُوشْ مِنْ وَقْمُهْ: انظر: «موش من توبه.»
  • مَيَّهْ مِنْ تَحْتْ تِبْنْ: كناية عن الداهية المظهر خلاف ما يبطن كما يخفي التبن الماء إذا كان على وجهه، والعرب تقول في أمثالها: «كالسيل تحت الدمن» يضرب لمن يخفي العداوة ولا يظهرها.
١  نهاية الأرب للنويري ج٢ ص١٢٢ س١٧.
٢  السنا الباهر رقم ٢٠٣٣ تاريخ ص٧٦٩-٧٧٠ و٧٧١.
٣  هكذا ورد في الأصل بدون شرح.
٤  وانظر: عقلاء المجانين ص١٩.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤