الآثار التي خلفها بطليموس السادس أو عُملت في عهده

(١) الأوراق الديموطيقية

(١-١) عقد بيع أرض من عهد «بطليموس السادس فيلومتور» ومعه عقد تنازل١

عُثِرَ على هذه الوثيقة في منطقة «الجبلين» أو ما جاورها في مصر العليا. والوثيقة تحتوي على عقدين منفصلين؛ أحدهما عقد بيع أرض، والآخر عقد تنازل عن نفس الأرض التي تبلغ مساحتها أربعة أرورات من الأرض العالية. وقد باعت هذه الأرض أختان لراعي الإله «منتو» إله الحرب. هذا، وقد وُجد على وجه البردية تأشيرة بالديموطيقية كُتبت تحت عقد البيع، وَوُجدت على ظهرها قائمتان بأسماء الشهود كل منهما تحتوي على ستة عشر شاهدًا.

(أ) وهاك الترجمة

عقد البيع

  • التاريخ: السنة الخامسة الرابع عشر من برمودة من عهد الملك «بطليموس بن بطليموس» و«كليوباترا» الإلهين الظاهرين (= بطليموس السادس فيلومتور = ١٧ مايو سنة ١٧٦ق.م)، عندما كان كاهن الإسكندر والإلهين الأخوين والإلهين المحسنين والإلهين المحبين لوالدهما والإلهين الظاهرين، والفرعون «بطليموس» الذي يحب أمه، والكاهنة حاملة هدية النصر أمام «برنيكي» المحسنة، والكاهنة حاملة السلة الذهبية أمام «أرسنوي» محبة أخيها، وكاهنة «أرسنوي» محبة والدها على حسب ما قُرر في «رقودة» (= الإسكندرية — الإشارة هنا للكهنة المعاصرين للبطالمة)، وعندما كان «هيبالوس» Hippalos بن «ساس» Sas كاهن مقاطعة «طيبة» للملك «بطليموس» المخلص، و«بطليموس» الإله «إبيفانس يوكاريستوس»، وعندما كان «كيناس» Kineas بن «دوسيتوس» Dositheos كاهن الفرعون «بطليموس» و«كليوباترا» أمه، والكاهنة حاملة السلة الذهبية أمام «أرسنوي» محبة أخيها.
  • الطرفان المتعاقدان: الطرف الأول: قالت المرأة «تاجمي» Tadjeme ابنة «باوهر»، والمرأة «تابور» ابنة «باوهر»، وهما امرأتان، وأمهما هي «أوي» Awe بفم واحد.
    الطرف الثاني: للراعي وخادم «منتو» سيد «أرمنت» «باوهر» بن «بامي» Pane وأمه هي «كلهيب».
  • نص العقد: لقد جعلت قلبي يوافق على قطع الفضة الخاصة بأربعة الأرورات ملكنا من الأرض العالية، وهي التي في أرض وقف «منتو»، أرض النجارين الواقعة في الشمال الغربي من مقاطعة «بتيريس» Pathyris (الجبلين) بالإضافة إلى الزيادة في مساحتها، وحدودها هي:
    • الجنوب: حقل «تشنمونت» Tshenmont ابنة «جلب» Geleb وأخيها.
    • الشمال: حقل «باوهر» بن توت Tuot وهو في ملك أولاده.
    • الشرق: شارع الملك.
    • الغرب: حقل «بتوسر بوخ» Pateuserbukh بن «بامي» وهو في ملك أولاده.

    هذه هي جميع الحدود الخاصة بالأرض العالية المذكورة أعلاه. لقد أعطيناها إياك وهي ملكك، أرضك العالية التي مساحتها أربعة أرورات من الأرض مع الزيادة في مساحتها المذكورة أعلاه. وقد تسلمنا ثمنها نقدًا من يدك كاملًا غير منقوص، وقلبانا مرتاحان لذلك، وليس لنا أي ادعاء مهما كان عليك باسمها، ولن يكون في استطاعة أي رجل مهما كان ولا نحن أن يستعمل سلطانه عليها إلا أنت من اليوم فصاعدًا، وأن الذي سيأتي بسببها باسمينا أو باسم أي شخص مهما كان فإنا سنجعله يتنحى عنك، وإنا سنطهرها لك من كل كتابة ومن كل حجة، ومن أي أمر مهما كان في أي وقت. ومستنداتها ملكك وحججها في كل مكان تكون فيه، وكل كتابة تكون قد حُررت بخصوصها، وكل كتابة تكون قد حُررت لنا بخصوصها، وكل كتابة يكون باسمها لنا حق؛ فهي مكلك، هذا بالإضافة إلى حقها، وما لنا من حق باسمها فهو ملكك، واليمين أو الإثبات الذي سيُفرض عليك في محكمة العدل باسم حق المستند أعلاه، وهو الذي حررناه لك ليجعلنا نؤديه؛ فإنا سنؤديه دون ادعاء أية حجة أو أي أمر مهما كان عليك.

    كتبه «أمنحوتب» بن «توت» Tuot الذي يحرر باسم وكلاء كاهن «جمي».

ترجمة التأشيرة

إن راعي الإله «منتو» وخادمه المُسمى «باوهر» بن «بامي» وأمه هي «كلهيب» قد دفع ضريبة ١ / ٢٠ من هذا المستند المذكور أعلاه.

في السنة الخامسة ١٤ برمودة (= ١٧ مايو سنة ١٧٦ق.م) كتبه «حرباسئيسي» ابن «خنستفناخت» بمثابة ضريبة «جمي» (مدينة هابو) عن عام ٥ (من حكم الملك).

ترجمة عقد التنازل

  • التاريخ: السنة الخامسة ١٤ برمودة من عهد الملك «بطليموس» و«كليوباترا» الإلهين الظاهرين (أي بطليموس السادس = ١٧ مايو سنة ١٧٦ق.م) وكاهن «الإسكندر»، والإلهين الأخوين، والإلهين المخلصين، والإلهين المحبين لوالدهما، والإلهين الظاهرين، والفرعون «بطليموس» الذي يحب أمه، والكاهنة حاملة هدية النصر أمام «برنيكي» والكاهنة حاملة السلة الذهبية أمام «أرسنوي» على حسب ما قد قرره في «رقودة»، وعندما كان «هيبالوس» بن «ساس» كاهن مقاطعة «طيبة» «لبطليموس» المخلص و«بطليموس» الإله «إبيفانس-يوكاريستوس» وعندما كان «كيناس» بن «دوسبتوس» كاهن الفرعون.
  • الطرفان المتعاقدان: الطرف الأول: قالت المرأة «تاجمي» ابنة «باوهر» والمرأة «تابور» ابنة «باوهر» وهما امرأتان، وأمهما هي «أوي» بفم واحد.
    الطرف الثاني: لراعي الإله «منتو» وخادمة سيد «أرمنت»، «باوهر» بن «بامي» وأمه هي «كلهيب»: لقد نزلنا لك عن الأرض العالية التي مساحتها أربعة أرورات من الأرض مع الزيادة في المساحة، وهي التي في أرض أوقاف الإله «منتو» أرض النجارين الواقعة في الشمال الغربي من مقاطعة «الجبلين» والتي حدودها هي:
    • الجنوب: حقل «تشنمونت» ابنة «جلب» وأخيها.
    • الشمال: حقل «باوهر» بن «توت»، وهو الذي في ملك أولاده.
    • الشرق: شارع الملك.
    • الغرب: حقل «بتوسر بوخ» بن «بامي» وهو الذي في ملك أولاده.

    وهذه هي حدود الأرض العالية المذكورة أعلاه، والتي من أجلها حررنا لك مستندًا مقابل نقد في السنة الخامسة ١٤ برمودة من عهد الملك العائش أبديًّا، وهي ملكك وأرضك العالية، والتي مساحتها أربعة أرورات من الأرض بما فيها من زيادة كما ذُكر أعلاه.

    وليس لنا أي ادعاء مهما كان عليك باسمها، وليس في استطاعة أي رجل مهما كان ونحن كذلك بأن يستعمل سلطانه عليها إلا أنت من اليوم فصاعدًا، وأن الذي سيأتي إليك بسببها باسمينا أو باسم أي شخص مهما كان فإنا سنجعله يتنحى عنك، ولك الحق علينا باسم حق المستند بالنقد، وهو الذي حررناه لك بخصوصها في العام الخامس الرابع والعشرين من برمودة (= ١٧ مايو سنة ١٧٦ق.م) من عهد الملك العائش أبديًّا ليؤدي لك حقها في أي وقت، هذا بخلاف النزول المذكور أعلاه، وبذلك يكون هناك مستندات، وإنا سنؤدي لك حقوقها في أي وقت دون أية ضربة.

    كتبه «أمنحوتب» بن «توت» الذي يكتب باسم عملاء الكاهن خادم الإله في «جمي».

(١-٢) عقود زواج عُثِرَ عليها في منطقة «الجبلين»

تدل أعمال الحفر التي قامت في منطقة «الجبلين» في أوائل القرن العشرين على أنه قد عُثِرَ على عدد عظيم من أوراق البردي التي ترجع إلى عهد البطالمة، وقد كُتِبَتْ بعضها بالديموطيقية وبعضها الآخر بالإغريقية، وقد نُشِرَتْ معظم الأوراق الإغريقية، أما الأوراق الديموطيقية فلم يُنشر منها سوى ما نشره الأستاذ «سبيجلبرج» من الأوراق الموجودة في مكتبة «ستراسبورج» التي تحتوي على معظم الأوراق البردية البطلمية من هذه المجموعة، يضاف إلى ذلك الأوراق التي حصل عليها لورد «كروفورد»، وكذلك الأوراق التي في مجموعة «ريلندز» وهما من مجموعة واحدة.٢

وقبل أن نتحدث عن هذه الأوراق التي وُجدت في «الجبلين» يجدر بنا أولًا أن نذكر كلمة عن هذه البلدة، وأهمية موقعها الجغرافي والتاريخي.

تقع مدينة «الجبلين» (بتيريس) على الشاطئ الغربي للنيل على مسافة ٣٥ كيلومترًا من الجنوب الشرقي لمدينة «طيبة» وعلى بعد ٢٠ كيلومترًا في خط مستقيم من بلدة «أرمنت» الحالية. والواقع أن الطريق الموصلة إلى هذه البلدة طويلة جدًّا أكثر من ذلك، وهي تقع على هضبة من الأرض ترتفع منها قمتان تقترب الواحدة من الأخرى كثيرًا نحو النهر. ويقول الأثري «مسبيرو»:٣ إن هذه الهضبة كانت في العصور القديمة جزيرة بين فرعين للنيل، غير أن المجرى الغربي سُد منذ زمن طويل بتراكم غرين النيل سنويًّا، وفي هذا المكان كانت تقع كل من مدينة «كروكوديلوبوليس» (جزيرة في النهر قديمًا) وهي بالديموطيقية تُدعى «أمور»، وهنا كان يُعبد التمساح الذي سماه الإغريق «سوخوس» وهو بالمصرية «سبك»، ثم مدينة بيت حتحور (برحور) وبالإغريقية «بتيريس» وهنا كانت تعبد الإلهة «حتحور» سيدة الصخرتين.

وقد أُطلق على اسم هذه المدينة اسم المقاطعة التي هي فيها لفترة في عهد البطالمة (راجع جغرافية مصر القديمة)، وفي قسمها الأسفل تقع مدينة «أرمنت»، وفي قسمها العلوي تقع مدينة «كروكوديلوبوليس» و«بتيريس» نفسها، ومن المحتمل أن الجغرافي «سترابون» هو الكاتب الكلاسيكي الذي ذكر هاتين البلدتين، وقد سمى الأخيرة «أفروديتوبوليس»، وهي الترجمة الحرفية للاسم المصري القديم «بر-حتحر» (= بيت حتحور، وكانت «حتحور» تُعتبر عند المصريين ربة الجمال).

(١-٣) أوراق «جون ريلندز» الديموطيقية التي عُثِرَ عليها في الجبلين

دل الفحص على أن أوراق «الجبلين» الموجودة في مجموعة «جون ريلندز» ترجع إلى القرن الثاني وبداية القرن الأول قبل الميلاد. وأقدم هذه البرديات ترجع إلى عام ١٦٣ق.م؛ أي من عهد الملك «بطليموس السادس»، وأحدثها ترجع إلى عام ٨٩ق.م؛ أي من عهد الملك «بطليموس الحادي عشر» و«كليوباترا برنيكي».

وتنحصر الأوراق التي من عهد «بطليموس السادس» في هذه المجموعة فيما يلي:٤

(أ) الورقة رقم ١٥ على حسب ما جاء في طبعة «جرفث»

عقد بيع أرض، وهو عبارة عن وثيقة بيع أو كما تسمى بالمصرية مستند بنقد، وعقد تنازل. والعقدان كُتِبَا على ورقة واحدة كما جرت العادة في مثل هذه العقود.

أولًا: عقد البيع

  • التاريخ: السنة التاسعة عشرة ١٦ توت من عهد الملك «بطليموس» بن «بطليموس» و«كليوباترا» الإلهين الظاهرين الذين عملا أشياء طيبة، وأولئك الذين قرروا في «رقودة» (هذه الجملة تشير إلى الكاهن المعاصر الخاص بالملوك والملكات المتوفين من أول عهد «الإسكندر الأكبر» حتى عهد «بطليموس الأول»).
  • الطرفان المتعاقدان: الطرف الأول: إن مذيع؟ مائدة قربان «إزيس» في متن (= طريق) «باحاركوش» Paharekosh المُسَمَّى «سيبمو» Siepmu بن «حارنعو» وأمه هي «تاتحوت» يقول.
    الطرف الثاني: للمرأة «كالهيب» الكبرى ابنة «حارابختي» Harapahti، وأمها هي «تبللي» Tebelle.
  • نص العقد: لقد جعلت قلبي يرضى بالنقد ثمن نصف نصيب الأرض المنتجة غلالًا. وتبلع مساحتها أرورات أي أرورات ثانية على حسب مساحته تحت الزيادة والنقصان، هذا بالإضافة إلى بستانه (؟) ومورد الحياة، ونصف النصيب من البيت المُقام فيه، وهو الذي في «تيابوني» Tiaboni التي في أوقاف أرض «حتحور» سيدة «الجبلين».
    وحدوده هي:
    • الجنوب: أرض «حاراباختي» بن «خنحب».
    • الشمال: أرض «بأمون» بن «باخنوم»(؟).
    • الشرق: الحد الشمالي لجزيرة «حتحور» ومجرى الماء بينهما.
    • الغرب: شارع الملك.

    هذه هي حدود جميع الأرض المذكورة أعلاه التي اشتريتها نقدًا في السنة السادسة ٢١ توت، من عهد الملك «بطليموس» بن «بطليموس» العائش أبديًّا.

    من اليوناني الذي يتسلم جرايات بين رجال «يومنيس» Eumenes، وهو المقيد في اﻟ … «أمونيوس» Ammonios بن «باترون» Patron الذي يُدعى «حاربئيسي» (ابن «بهيب»، وأمه هي «تشنئيسي» Tshenisi.)
    وإني سلمتك مستند النقد ومستند نزع الملكية الذي علمهما لي مقابل نصف النصيب من الأرض المذكورة أعلاه، وهي التي لم تُقسم بعد. وإن كاهن «أورم» (= الخاص بعبادة «حتحور» في «الجبلين») وكاهن سم (= الخاص بعبادة الإله «سبك» في «كروكوديلوبوليس»، وهو خادم الكا (الروح) للإلهين المحسنين والإلهين المحبين لوالدهما والإلهين الظاهرين «إسمن» بن «تترايس»، وأمه هي «تاونبس» Tauenbes)؛ هو الذي يملك النصف الآخر، ومساحته أرورات أي أرورات ثانية تحت الزيادة والعجز. ومجموع الكل هو ١٩ آرورا ثانية (وهي التي لم تُقسم بعد).

    لقد أعطيتك إياها، وهي ملكك، ونصفها نصيبك من الأرض الخصبة (؟) مع نصف البيت المبني فيها (المذكور أعلاه)، وليس لي أي حق على الأرض عليك باسمها، ولن يكون لأي رجل في الدنيا ولا أنا نفسي كذلك القدرة في أن يتسلط عليها إلا أنت من اليوم فصاعدًا.

    وإن من سيأتي إليك بسببها باسمي أو باسم أي رجل في الدنيا فإني سأجعله يتنحى عنك، وإني سأطهرها لك من كل مستند، ومن أية براءة (؟)، ومن كل كلمة في الدنيا في أي وقت.

    وإن مستنداتها ملكك وبراءتها في كل مكان تكون موجودة فيه، وكل كتابة قد حُررت بخصوصها، وجميع الكتابات التي باسمها وأنا مستحق لها (أي هذه الملكية)؛ فهي ملكك، والحقوق المخولة لها، وأن ما أستحقه باسمها (أي المستندات)، واليمين أو البينة التي ستُطلب منك في محكمة العدل باسم الحق الممنوح بالكتابة المذكورة أعلاه، وهي التي حررتها لك لتجعلني أؤديه؛ فإني سأؤديه (أي اليمين أو البينة) دون الرجوع إلى براءة أو أية كلمة في الأرض عليك.

    كتبه «تترتاوس» بن «نحتمين» (؟) الذي يكتب باسم كهنة «حتحور» سيدة «الجبلين» والإلهين الأخوين والإلهين المحسنين والإلهين اللذين يحبان والدهما والإلهين الظاهرين، الذين من طوائف الكهنة الخمس.٥
وقد حُررت الملحوظة التالية من هذا العقد بالإغريقية، وهاك ترجمتها:
السنة التاسعة عشرة الخامس من شهر بشنس: دفع لمصر «أرمنت» الذي يديره «كاللياس» Kallias فيما يخص ضريبة ١ / ٢٠ من ثمن البيع، وذلك على حسب تقرير «أسكلبيادس» Asklepiades جابي الضرائب، ومُوقع عليه من «زمينيس» Zmenis وكيل «باكويبيس» Pakoibis، (والأخير) موفد من قبل «ديونيسوس» Dionysius الكاتب الملكي بوساطة «كاليبيس» Kalibis الأكبر ابنه «أراباتيس» Arapathes من أجل أرورات من الأرض المنزرعة قمحًا، والأرض البور التابعة لها، والبيت المقام عليها على حسب نصيب النصف في الدخل المقدس لأرض «أفروديت»، والمساحات المجاورة لها قد ذُكرت أعلاه في العقد السابق. وهي التي اشتريتها من «سيبمو» بن «أرومجوس» Aromgous مقابل أربعة تالنتات (= ٢٠٠٠ درخمة من النحاس)، وهي التي فُرض عليها فرق قدره ١٣٠٠ درخمة فيكون المجموع ١٣٠٠ درخمة.

الإمضاء: «كاللياس».

ويُلحظ هنا أن هذه الإيصالات لا يعطيها محصل الضرائب؛ بل يعطيها رجل المصرف المختص بذلك.

ثانيًا: عقد التنازل

عقد التنازل كُتب بنفس الكلمات التي جاءت في عقد البيع. ويُلحظ أن كل وثيقة منهما ولو أن العقدين قد ضُما في بردية واحدة؛ قد كُتبت بطريقة أنيقة مميزة وشهودهما منفصلة على ظهرها، وكل من نفس الستة عشر شاهدًا قد وقع على كل من العقدين بنفس الترتيب إلا في حالة الشاهدين الثالث عشر والرابع عشر فقد تبادل الواحد منهما مكان الآخر.

(ب) عقد زواج من عهد بطليموس السادس من أوراق «ريلندز» يحمل رقم ١٧

يوجد في مجموعة «ريلندز» ما لا يقل عن ثمانية عقود زواج، منها اثنان كاملان يحملان رقم ١٦ و٢٠ على التوالي، والعقد رقم ٢٢ كامل على وجه التقريب، والعقد رقم ٢٧ ممزَّق، والعقد ٢٨ كامل، أما العقد رقم ٣٧ فلم يَبْقَ منه إلا جزء، والعقد ٣٨ كامل على وجه التقريب، وتاريخ العقدين ٣٧ و٣٨ على التوالي مفقود في كل منهما. وعلى أية حال فإن صيغة العقد الأصلية لم تتغير كثيرًا عما كانت عليه في العصور السالفة.

والصيغة التي يمكن استخلاصها من هذه العقود تتلخص فيما يأتي:
  • (١)

    السنة.

  • (٢)

    الطرفان المتعاقدان: يقول فلان لفلانه.

  • (٣)

    لقد اتخذتك زوجة.

  • (٤)

    لقد أعطيتك كذا قطعًا من النقود؛ أي كذا ستاتر؛ أي كذا قطعًا من الفضة ثانية، وكذا مكاييل من القمح ونصفها كذا مكاييل من القمح (؟) أي كذا مكاييل من القمح (؟) ثانية بمثابة مهرك.

  • (٥)

    وإذا هجرتك بوصفك زوجة وكرهتك، واقتربت من امرأة غيرك، أو أحببت امرأة أخرى أكثر منك؛ فإني أعطيك الشعرة (حتى وزن الشعرة) من هذه القطع التي تبلغ كذا من الفضة، وكذا من مكاييل القمح المذكورة أعلاه، وهي التي أعطيتها إياك بمثابة صداقك.

  • (٦)

    وابنك البكر هو ابني البكر من بين الأطفال الذين ستضعينهم لي، وسيكون مالكًا لجميع كل شيء أملكه وما سأملكه.

  • (٧)

    تأملي قائمة أثاث جهازك الذي أحضرتِه إلى بيتي في يديك: شعر مستعار قيمته ٢٠٠ قطعة من النقود … إلخ.

  • (٨)

    ورصيد مهرك الذي يتألف من كذا قطعة من الفضة، وكذا مكاييل من القمح.

  • (٩)

    مما يجعل ثمن ممتلكات جهازك الذي أحضرتِه إلى بيتي في يديك كذا قطعًا من الفضة (= النقد) أي خمسة كذا ستاتر؛ أي كذا قطعًا من النقد ثانية، وبالعملة النحاسية بنسبة ٢٤ قطعة لكل قدتين من الفضة.

  • (١٠)

    وفضلًا عن هذه كذا قطعًا من الفضة، وكذا مكاييل من القمح المذكورة أعلاه، وهي التي أعطيتها إياك بمثابة صداقك.

  • (١١)

    كل ذلك يكون ممتلكات عرسك، وهي المذكورة أعلاه: كذا + كذا قطعًا من الفضة؛ أي ٥ قطع (كذا + كذا) ستاتر؛ أي كذا + كذا قطعًا من الفضة ثانية، وبالعملة النحاسية بنسبة ٢٤ قطعة من النحاس لكل قدتين من الفضة، وكذا مكاييل من القمح (؟).

  • (١٢)

    لقد تسلمتها من يدك تامة غير منقوصة.

  • (١٣)

    وقلبي راضٍ بها.

  • (١٤)

    وعندما تكوني في داخل (البيت) فإنك تكونين في داخل البيت معها (أي: ممتلكاتك)، وعندما تكونين خارج البيت فإنك تكونين خارج البيت معها.

  • (١٥)

    وأنت المستعملة (؟) لها، وإني المحافظ عليها (؟).

  • (١٦)

    وفي أي وقت سأهجرك فيه بوصفك زوجة، أو تريدين أنت أن تفارقيني من تلقاء نفسك وبذلك لن تكوني ملك يميني كزوجة؛ فإني سأعطيك نسخة من ممتلكات عرسك المذكورة أعلاه، أو ثمنها نقدًا على حسب ما هو مدون أعلاه.

  • (١٧)

    ولن يكون في استطاعتي الحصول على يمين منك في بيت القضاء بسبب الغرامة الخاصة بمتاع عرسك المذكور أعلاه، وذلك بأن أقول: إنك لم تحضريه معك في بيتي في يدك (أي معك).

  • (١٨)

    بل إنك أنت التي لك الحق في التنفيذ عليَّ فيما يتعلق به (أي جهاز عرسك).

  • (١٩)

    دون الحاجة إلى أية براءة أو أية كلمة على الأرض تكون شاهدًا عليك.

كتبه: فلان.

تعليق

أورد الأستاذ «جرفث» قوائم بجهاز العروس في عقود الزواج المختلفة التي ذكرناها فيما سبق، وهذه القوائم تختلف من حيث عدد المواد، ومن حيث الثمن باختلاف مركز العروس في المجتمع المصري، ولكن يُلحظ في الوقت نفسه أن معظم محتويات كل قائمة تشمل مواد زينة العروس، وبخاصة الشعر المستعار؛ فقد كان يُبتدأ بذكره في كل قائمة جهاز، وفي معظم الحالات يكون هذا الشعر المستعار أغلى شيء في القائمة؛ ففي عقد الزواج رقم (٨) نجد أن ثمن الشعر المستعار ٨٠٠ قطعة من الفضة، وفي العقد (٣٨) بلغت قيمته ٦٠٠ قطعة من الفضة.٦ ومن ثم كانت أهم ما تحرص عليه المرأة قبل كل شيء زينتها.
ومما تجدر ملاحظته هنا كذلك أن صيغة البيوع الإغريقية تختلف جدًّا عن تلك التي نجدها في الديموطيقية مما يؤدي إلى تفاسير مختلفة، هذا إذا لم يكن هناك تشريع قانوني، ولكن يُوجد فاصل أوسع بين عقد الزواج الإغريقي وبين العقد الذي أوردنا مواده في المختصر الذي ذُكر أعلاه، والاعتبارات الأساسية للمهر ونظام الحياة الزوجية قد عُولجت بصورة مختلفة تمامًا على حسب ما إذا كانت المرأة متزوجة بعقد إغريقي أو بعقد ديموطيقي. وعلى أية حال فإن العقد الإغريقي لم يكن يُستعمل في العهد البطلمي إلا نادرًا؛ إذ في الواقع لم نعثر حتى الآن إلا على عقدين يرجع تاريخ أحدهما إلى القرن الثاني ق.م، والآخر يرجع إلى القرن الأول ق.م.٧ هذا، وفي عقود الزواج الإغريقية التي من العهد الروماني نجد أن أمتعة العروس يُقدَّر ثمنها على حسب ما هو متبَع في العقود الديموطيقية، وخلافًا لذلك فإن وجه الشبه قليل، وعلى ذلك فليس لدينا فيها ما يساعدنا على تفسير الصيغ الديموطيقية، ومما هو جدير بالذكر هنا أن أنموذج عقد الزواج الديموطيقي في العهد البطلمي المبكر قد كفل — بصورة لا شك فيها ولا غموض — المحافظة على حقوق المرأة وحمايتها، وبذلك كان بينه وبين صيغة الزواج الإغريقية بعض أوجه الشبه.

وقد كان المنتظر أن يحدث اندماج بين صيغ الزواج الإغريقية والديموطيقية، غير أننا بدلًا من ذلك نجد أن الاختلاف يتسع في هذه الحالة، وإذا قَرَنَّا عقود الزواج التي من العهد البطلمي المبكر بالصيغة المتأخرة فإنا نتعرف فيها الفقرات ١، ٢، ١٩ بطبيعة الحال، ولكن لا يظهر في سائرها إلا الفقرات ٤، ٥، ١٦، ١٧، ١٨، وهذه مع ذلك لا تظهر إلا في صورة حدث فيها تغير بصورة ملحوظة.

وكذلك نلحظ في عقود الزواج السابقة أهمية العملة النحاسية في العهد البطلمي المتأخر الذي نحن بصدده؛ فقد تعدد ذكر صيغة تحويل العملة الفضية إلى عملة نحاسية فيما يتعلق بالأثمان التي تُقدر بها ممتلكات العروس بالعملة الفضية، والصيغة هي: بالعملة النحاسية ٢٤ (قطعة) عن كل قدتين من الفضة. وقد أشار «جرنفل»٨ إلى وجود نفس التعبير في الإغريقية في الجملة الآتية: «وسنتسلم ٢٤ أبولات عن كل ستاتر»، وقد وُجد هذا في قوانين الدخل التي وُضعت في عهد «بطليموس الثاني»، وهذه الجملة تعني أن العملة النحاسية كانت تقبل بما يعادلها من الفضة دون حطيطة أو فرق عملة، ولا نزاع في أن ذلك يقرر الحقيقة الهامة التالية: وهي أن الأبول كان في هذا الوقت هو وزن العملة النحاسية، وعلى ذلك لم تكن هناك حاجة إلى الإيضاح أكثر من ذكر «قطعة نحاس» كما يُعبَّر عن العملة الفضية بذكر «قطعة من الفضة». والمعنى المقصود من ذلك أن دبنًا من الفضة يحتوي على عشرة قدات. هذا، ونعلم أنه في عصر الرعامسة (١٣٠٠–١١٠٠ق.م) كان الدبن النحاس هو العملة العادية المتفق عليها. والمعتقد أن الدبن الرسمي كان يزن ما بين ١٤٠٠ و١٥٠٠ حبة (= ٩٠٫٧–٩٧٫٢ جرامًا)، على أنه كانت توجد دبنات أخرى، وكان نفس المعيار ١٤٠٠ إلى ١٥٠٠ حبة كان يستعمل على ما يُظن لكل دبن من الفضة، وكان يقابل ما قيمته خمسة ستاتر من المعيار الأثيني والمقدوني (٢٧٠ حبة = ١٧٫٥ جرامًا)، وهذه المعادلة التي تجعل كل خمسة ستاتر مقابل كل دبن، أو قدتين لكل ستاتر كانت قد حُددت تمامًا؛ حتى إنه عندما استعمل البطالمة المعيار الفنيقي الذي يبلغ حوالي ٢٢٥ حبة (= ١٤٫٥ جرامًا) لكل ستاتر كانت لا تزال مُتَّبَعَة. هذا، وكان الأستاذ «ريفييو» — الذي يُعد أول من كشف عن صيغة تحويل العملة: ٢٤ قطعة من النحاس = قدتين من الفضة — قد اعتقد أن قطع النحاس كانت دبنات وبنفس الوزن مثل دبنات الفضة، وكانت النتيجة المعادلة التالية ١ = ١٢٠، وذلك للقيمة النسبية للنحاس بالنسبة للفضة.

وفي عام ١٨٩٦م على أية حال قد شك «جرنفل» في طبعة «قوانين الدخل» للبلاد المصرية في عهد «بطليموس الثاني»، واعتقد بأنه وقعت غلطة خطيرة في موضوع هذه المعادلة، غير أنه لم يجسر أحد على عدم الأخذ بالبرهان الديموطيقي وتفسيره الذي قوبل بالموافقة العامة. ومنذ ذلك الوقت نجد «جرنفل» بالاشتراك مع الأستاذين «هنت» و«سميلي»، أخذ يفحص بوجه خاص معدل سعر تغيير العملة من النحاس والفضة في العهد البطلمي المتأخر، وقد أسفرت جهود هؤلاء العلماء عن الإماطة عن حقائق جديدة في هذه المسألة؛ فقد برهن على أن الدرخمة تمثل أوزانًا مختلفة في الفضة وفي النحاس؛ فكانت التبادلات في المعدنين تختلف من ٥٠٠ (وفي بعض الأحيان من ٦٠٠) إلى أقل من ٤٠٠ درخمة من النحاس لكل درخمة واحدة من الفضة. ومما يؤسف له أنه لم يكن تقدير «الأبول» بما لدينا من بيانات في الأوراق الإغريقية، ولكنه بدهي أنه كان عملة. وإذ حكمنا بأن المبالغ المذكورة لدينا هي حاصل ضرب خمسة درخمات دائمًا؛ فإن أصغر عملة كانت على ما يُظن تساوي خمسة درخمات، ومن ثم فإن الأبول كان إما يساوي هذه القيمة أو يساوي حاصل ضربه في خمسة. يُضاف إلى ذلك أن موازين النقد النحاسي الحقيقية لا تساعدنا كثيرًا على تقرير حقيقة هذه المسألة؛ وذلك لأنها كانت كثيرة التقلبات، ولكن نجد في الوقت نفسه بعض نقود عليها علامات تدل على قيمتها، وأعني بذلك نقودًا تختلف في وزنها من ١٥٫٨ إلى ٢٠ جرامًا و٧٫٨ إلى ١٠ جرامات، والظاهر أن كلًّا منها تساوي ٤٠،٨٠ قطع درخمات على التوالي.

هذا، ويمكن تكوين سلسلة حاصل ضربيات وتقسيمات من هذه دون صعوبة كبيرة من الموازين التي تبلغ حتى ٤٠٠ درخمة (؟) صعودًا من جهة، ونزولًا من جهة أخرى حتى خمسة درخمات.٩

وكذلك هناك تسليم عام في جانب نسبة الفضة والنحاس على وجه التقريب ٣٠ : ١، وقد نتج ذلك من مقارنة بيان الأوراق البردية والعملة النحاسية.

وإذا كان هذا الرأي — الذي لا يخرج عن كونه تخمينيًّا — صحيحًا، فإنه من البدهي أن الدرخمة من النحاس لا يزن مثل وزن الدرخمة من الفضة نصف قدت من معيار الدبن الفضة؛ بل أكثر بما يقرب من ١ / ١٥ أو ١ / ٢٠ منه.

ولكن نجد في بعض العقود أن اسم «قطعة» النحاس قد عُلمت برمز يظهر أن الأستاذ «بركش» قد برهن على أنه كان يُستعمَل أحيانًا للدلالة على القدت (من الفضة)، ومن الممكن أن هذا الرمز هو الشكل التام لكتابة كلمة قدت في حين أنه في العادة يُستعمَل اختصارًا.

وعلى حسب هذا فإن الأبول όβολοѕ أو قطعة النحاس تكون قدت من النحاس، وإذا كانت تزن الوزن العادي للقدت المصري أي ١٤٠–١٥٠ حبة (= من ٩ إلى ٩٫٧ جرامات) فإنها تتفق تمامًا مع كل العملة التي تساوي ٤٠ درخمة، والتي اقترحناها فيما سبق = ٧٫٨–١٠ جرامات. ولكن إذا عادلنا وزنه بوزن القدت الفضي فإن ذلك يعطينا قيمة تبادل، أي وزن مقابل وزن ما يعادل فقط ١٢ : ٫٠١ والأحسن جدًّا جعله ضعفي وزن الفضة، وبذلك يساوي وزن قطعة قيمتها ٢ قدت أو ستاتر الذي نستعمله في صيغة المعادلة، وعلى ذلك فإن ٢٤ قطعة من النحاس تقابل قدتين (من الفضة) توضح نسبة النحاس للفضة بما يعادل ٢٤ : ١ وهي بمثابة نسبة رسمية يظهر أنها تقرب من النسبة التقريبية ٣٠ : ١ للتبادلات الحرة وغيرها، وعلى ذلك فإن الأبول يمكن أن يكون قطعة النقد التي تساوي ٨٠ درخمة المقترحة، وهي التي تساوي من ١٥٫٨ إلى ٢٠ جرامًا، وهذا هو التفسير الذي يميل إليه «جرنفل» ومساعدوه. وعلى ذلك فإن ٢٤ من هذه القطع تساوي ما قيمته ستاتر واحدًا، أي إن كل درخمة من الفضة يساوي ٤٨٠ درخمة من النحاس على حسب الصيغة المُسْتَعْمَلَة.

(ﺟ) عقد زواج من عهد بطليموس السادس١٠

  • التاريخ: السنة التاسعة والعشرون السابع من برمهات (= ٣٠ أبريل عام ١٥٢ق.م) من عهد الملك «بطليموس» و«كليوباترا» أخته وابني «بطليموس» و«كليوباترا» الإلهين الظاهرين، والملك «بطليموس» ابنهما الأكبر١١ الإله «يوباتور»،١٢ وكاهن الإسكندر والإلهين المخلصين، والإلهين الأخوين، والإلهين المحسنين، والإلهين اللذين يحبان والدهما، والإلهين الظاهرين، والإلهين اللذين يحبان والدتهما، والإله «يوباتور»،١٣ والكاهنة حاملة هدية النصر للملكة «برنيكي» المحسنة، والكاهنة حاملة السلة الذهبية أمام «أرسنوي» محبة أخيها، وكاهنة «أرسنوي» محبة والدها على حسب أولئك الذين وطدوا في «رقودة» و«بوزى» التي في إقليم «ني» (= طيبة) وذلك عندما كان «هرمياس» Hermias بن «كريتون» Kriton كاهن «بطليموس سوتر»، و«بطليموس» بن «بطليموس»١٤ كاهن «بطليموس» المحب لوالدته، وعندما كان «ليزانياس» Lysanias بن «هيرونوموس» Hieronomos كاهن الملك «بطليموس» ابنهما الأكبر وهو الإله «يوباتور»، وعندما كان «سقراطيس» Sokrates بن «نيكاندروس» كاهن «بطليموس» محب أخته، وعندما كان «هرماس» Hermas (؟) بن «ديمتريوس» كاهن «بطليموس» المحسن، وعندما كان «أسنوس» بن «ليكوفرون» Lykophron كاهن «بطليموس» محب والده، وعندما كان «ديديموس» Didymos بن «أبوللونيوس» Apollonius كاهن الملك «بطليموس» الإله الظاهر الذي عمل أشياء طيبة، وعندما كانت «كليو» Kleio ابنة «كتيسيون» Ktesion كاهنة الملكة «كليوباترا»، وعندما كانت «دمتريا» Demetria ابنة «ليزيماكوس» Lysimachus كاهنة «كليوباترا» الأم الإلهة الظاهرة، وعندما كانت «تروفينياس» Trophinias ابنة «نيكانور» Nikenor بن «تريفون» Tryphon حاملة السلة الذهبية أمام «أرسنوي» محبة أخيها.
  • الطرفان المتعاقدان: الطرف الأول: إن البلمي المولود في مصر (المسمى) «خنستوت» بن «حاربئيسي»، وأمه هي «تسحنبوور» قد اعترفت للمرأة.
    الطرف الثاني: «شبتيت» Shebtit ابنة «حارسئيسي» وأمها هي «تائيسي».
  • نص العقد: لقد جعلتك زوجة، ومهرك هو ٤٠٠ قطعة من الفضة = ٢٠٠٠ ستاتر وعشرة مكاييل من القمح (؟) وإذا طلقها وتزوج من أخرى فإنه سيعطي ٣٠ قطعة من الفضة إضافية = ١٥٠ ستاتر وثلث ممتلكاته التي يملكها أو سيكسبها، وابنك البكر هو ابني البكر من بين الأطفال الذين ولدتيهم لي، وأنه (؟) ومعه الأطفال الذين ستلدينهم لي هم ملاك جميع كل شيء أملكه وما سأملكه.١٥ وممتلكات العروس هي:
    شعر مستعار (؟) ٢٠٠ قطعة من الفضة
    شعر مستعار آخر (؟) ١٠٠ قطعة من الفضة
    ملبس ١٢٠ قطعة من الفضة
    أسورة معصم ٩٠ قطعة من الفضة
    زاوية (؟) ٥٠ قطعة من الفضة
    ٣٠ قطعة من الفضة
    صناجة كبيرة ١٠٠ قطعة من الفضة
    صناجة صغيرة ٦٠ قطعة من الفضة
    هاون ٤٥ قطعة من الفضة
    وطاب (؟) ٥ قطع من الفضة
    طوق (؟) قطعة واحدة من الفضة النقية.*
    كيس نقود (؟) من عملة الذهب الصغيرة
    قمح (؟) عشرون إردبًّا
    إبريق (؟) (وزنه) دبنًا من الفضة النقية
    من المحتمل أن التقديرات السابقة لمتاع هذه المرأة كانت بعملة عيار قطها للنقد الفضي منخفض؛ أي بنسبة كل ٥ ستاتر تحتوي على حوالي ٢١٨ حبة لكل قطعة نقد من الفضة، ولكن الدبن المصري الحقيقي يزن من ١٤٠٠–١٥٠٠ حبة، ومن الجائز أن هذا الدبن كان قد استُعْمِلَ في وزن الفضة النقية، وهذه الفضة النقية قد حُسِبَتْ على انفراد في ممتلكات العروس (راجع Ibid p. 135).

    فيكون المجموع ٨١٠ قطعة من الفضة؛ أي ٤١٠٠ ستاتر، وبالعملة النحاسية بنسبة كل ٢٤ قطعة مقابل قدتين … إلخ.

    وذلك بالإضافة إلى المهر وهو ١٢١٠ قطعة من الفضة؛ أي ٦٠٥٠ ستاتر، وبالعملة النحاسية بنسبة ٢٤ قطعة من النحاس مقابل كل قدتين من الفضة، وذلك بالإضافة إلى قطعة صغيرة من الذهب، ودبنًا واحدًا من الفضة الخالصة، و٣٠ مكيالًا من القمح (؟).

    فيكون مجموع ممتلكات العروس المذكورة أعلاه …

    وقد تسلمتها في يدي كاملة غير منقوصة.

    وقلبي راضٍ عنها.

    وعندما تكونين في الداخل (أي في بيتي) فإنك تكونين معها (أي الممتلكات)، وعندما تكونين في الخارج (أي خارج بيتي) فإنك تكونين في الخارج معها.

    وأنك أنت التي ستستعملينها، وأنا الذي أحافظ عليها (؟).

    وفي أي وقت سأهجرك فيه بوصفك زوجة أو سترغبين فيه أن تتركيني من تلقاء نفسك وعندئذ لن تكوني ملك يميني؛ فإني سأعطيك نسخة من ممتلكات زواجك المذكورة أعلاه، أو ثمنها فضة على حسب ما هو مُدَوَّنٌ أعلاه، ولن يكون في استطاعتي أن أطلب منك يمينًا في بيت القضاء فيما يخص غرامة ممتلكات العرس المذكورة أعلاه بأن أقول: إنك لم تحضريها إلى بيتي في يدك.

    وأنك أنت التي لك حق التنفيذ عليَّ فيما يخصها.

    دون أية براءة أو أية كلمة على الأرض جيء بها ضدي.

    كتبه «تترتايس» بن «نختمين» (؟) الذي يكتب باسم كهنة «حتحور» سيدة الجبلين والإلهين والأخوين والإلهين المحسنين، والإلهين المحبين لوالدهما، والإلهين الظاهرين، والإلهين المحبين لوالدتهما، والإله «يوباتور»، الخاصين بطوائف الكهنة الخمس.

وعلى ظهر الورقة إمضاءات ستة عشر شاهدًا.

تعليق

تنحصر أهمية عقد الزواج هذا في نقطتين هامتين؛ الأولى — وليست الأهم: أنه يقدم لنا صورة عن جهاز العروس عند الطبقة الغنية، كما يمكن أن يُلاحَظ ذلك فيما جاءت به العروس من جهاز يمتاز عما صادفناه في العقود التي مرت بنا حتى الآن.

أما النقطة الثانية — وهي الأهم: فهي ذكر «يوباتور» في المقدمة الطويلة التي جاءت في هذا العقد. والأمر المدهش أنه ذُكِرَ لنا هنا بوصفه ملكًا حيًّا يرزق.

والواقع أن «يوباتور» هذا لم يُذْكَرْ فيما كتبه أي مؤرخ من المؤرخين القدامى. وقد كُشِف عن اسمه للمرة الأولى في قائمة البطالمة المؤلَّهين في بردية كُتِبَت بالإغريقية محفوظة في متحف «ليدن» وقد عُثر عليها في عام ١٨٢١م، وقد كانت موضع جدال منذ ذلك الوقت. وموضع هذا الملك في قائمة الملوك البطالمة على حسب الترتيب التاريخي كان من الأمور التي يصعب الوصول إليها؛ ويرجع السبب في ذلك إلى أن كشوفًا أخرى قد أظهرت أن القوائم الملكية قد وضعته قبل الملك «بطليموس السادس»، غير أن هذه القوائم الخاصة بالكهنة الملكيين لبلدة «بطليمايس» لم تكن الكهنة مرتبة ترتيبًا تاريخيًّا فيها؛ ومن ثم فإن ذلك لم يكن ذا أهمية كما أشار إلى ذلك منذ زمن بعيد الأثري «لبسيوس»، ولكن بوجه عام وضع هذا الملك إما قبل «بطليموس السادس» مباشرة أو بعده مباشرة، وأقدم ذكر له جاء في السنة الواحدة والثلاثين من حكم هذا الملك الأخير. هذا، ولدينا نقش من «قبرص»، وهو عبارة عن إهداء تمثال الملك الذي دلت البراهين على أنه كان ابن «بطليموس فيلومتور» والملكة «كليوباترا».١٦
والأدلة التي استُنْبِطَت من هذه الوثيقة كان قد استخلصها «جرنفل» بحق هو ومساعدوه عام ١٩٠٢،١٧ غير أن بيانهم قد أغفله المؤرخون الذين أتوا من بعدهم؛ وذلك لأنهم عدوا «يوباتور» خليفة الملك «بطليموس السادس»،١٨ والمعروف أن «فيلومتور» وُلد عام ١٨٦ق.م، وتولى عرش الملك عام ١٨١ق.م، وكانت أمه وصية عليه حتى ماتت عام ١٧٣ق.م. وحوالي عام ١٧٢ق.م عندما كان «بطليموس فيلومتور» في الرابعة عشرة من عمره، تزوج من أخته «كليوباترا» التي كانت أصغر منه سنًّا. والآن نجد أنه في الأول من شهر برمهات من العام التاسع والعشرين من حكمه؛ أي: في ٢٨ مارس عام ١٥٢ق.م قد اشترك معه هو وزوجه ابنهما «يوباتور» في حكم البلاد. وعلى أية حال لم نجده مشتركًا مع والديه في العام التاسع عشر من حكمهما؛ كما تبرهن على ذلك الورقة ١٥ من مجموعة «ريلندز» ولا في العام الواحد والعشرين من حكمهما،١٩ كما يثبت ذلك من المقدمات التاريخية التامة جدًّا في البرديتين المحفوظتين بمتحف باريس رقمي ٢٤١٦ و٢٤١٧، وكل منهما مؤرخة ١٨ بشنس عام ٢٨؛ أي ١٥ يونيو عام ١٥٣ق.م (؟)٢٠ من حكمهما، وعلى ذلك يظهر أن اشتراك «يوباتور» مع والده يقع حتى حوالي العام العشرين بعد الزواج.
هذا، ولم نجده في ٤ طوبة من السنة الواحدة والثلاثين بعد في الحكم؛ بل كان يُعد بين البطالمة المؤلَّهين؛٢١ ومن ثم فإن مدة حكمه كانت لا تزيد على عامين ونصف العام.

والواقع أن المصادر التي في متناولنا تشير إلى أن مدة حكم «يوباتور» القصيرة قد انتهت بموته المبكر، ويدل على ذلك فحص الاختلافات في مكانه في قوائم البطالمة، وهي التي كانت تظهر حتى الآن محيرة، وقد اكتفى المؤرخون بتفسير أن السبب في ذلك يرجع إلى جهل الكتاب التام بمعرفة مكانه الصحيح في التأريخ — ولكن الحقيقة قد كُشف عنها الآن.

ففي الورقة التي نحن بصددها نجد أن «يوباتور» بوصفه أحدث ملك يأخذ مكانه في نهاية سلسلة الملوك في كهنة «الإسكندرية» وكهنة «حتحور» المحلية.

هذا، ونجد في برديات متأخرة من نفس عصر الملك «بطليموس السادس» من العام الواحد والثلاثين والعام السادس والثلاثين (من برلين وستراسبرج)٢٢ أنه وُضِعَ قبل «فيلومتور»، وذلك على زعم أنه قد سبقه إلى عالم الآخرة؛ غير أنه بعد موت «فيلومتور» نجد أنه بوصفه والدًا قد أُعيد إلى مكانه القديم هكذا «فيلومتور-يوباتور» في معظم الأوراق الديموطيقية التي من عهد «بطليموس الثامن» (راجع: Berlin, John Ryl. XVII etc) في حين نجد في أوراق أخرى (راجع: Ibid XVIII, XIX) أن الترتيب قد بقي كما كان: «يوباتور-فيلومتور». وبعد موت «إيرجيتيس الثاني» نلحظ أن الأغلبية العظمى تضع «يوباتور» في المكان الأول، غير أنه توجد بطبيعة الحال اختلافات كثيرة.
هذا، ونجد في مجموعة نقوش «دتنبرجر» سلسلة إهداءات من هذا العصر للملك «بطليموس السادس» وأخته وابنهما «بطليموس»، كما يُوجد إهداء خاص بالملك «فيلومتور»، وكلاهما عُثِرَ عليه بالقرب من الشلال الأول. وفي جزيرة «قبرص» عُثر على ثلاثة إهداءات باسم «يوباتور» وحده.٢٣
ومن الجائز على ما يظهر أن «قبرص» قد عُنيت بوصفها الدائرة التي كان يحكم فيها «يوباتور»، وعلى أية حال لا تزال تُوجد مشكلة هامة لا بد من فحصها، وذلك أنه توجد نقود نُسِبَت لحكم «فيلومتور» و«يوباتور» المشترك، وذلك في السنة السادسة والثلاثين من حكم الأول، وهي التي تقابل السنة الأولى من حكم الآخر. وفي عام ١٩٠٤ أظهر «سفورونوس» Svoronos في كتابه العظيم الذي وضعه عن نقود البطالمة أنه يمكن تفسير ذلك بطريقة أخرى، فقد نسب النقود التي أُرخت بعام ٣٦ إلى عهد «إيرجيتيس» الثاني، وقد ضُربت لتتداول في «بافوس» Paphos وفي «الإسكندرية» أو مصر.٢٤
غير أن الكشوف كانت تسير بخطى واسعة، فقد نُشر نقش جنازي عُثر عليه في الفيوم في نفس الوقت تقريبًا، وفيه تأريخ بطلمي، وهو السنة السادسة والثلاثين = السنة الأولى. وقد نسب المؤرخ «ستراك»٢٥ وتبعه «ريكي» Ricci — دون أي تردد — هذا التأريخ للملكين «فيلومتور» و«يوباتور». ومن المعقول حقًّا أن «يوباتور» بعد أن مُنح نصيبًا في حكم مصر حوالي العام التاسع والعشرين من حكم والده «بطليموس السادس» قد أُخلي سبيله، ثم نُصب ملكًا منفردًا على «قبرص» وقد اقتُرِح أن السبب في تعيينه ملكًا على «قبرص» كان الغرض منه هو تقوية الحكومة من جراء التهديد بالهجوم عليها من قبل «بطليموس البطين» كما حدث فعلًا في عام ١٥٤ق.م، يُضاف إلى ذلك أن فصل «قبرص» عن مصر كان على حسب هوى السياسة الرومانية، وقد كان من صالح «فيلومتور» إرضاء «روما» وبخاصة عند أمسية تدخله في سوريا لمساعدة «الإسكندر بالاس»، ومما يؤسف له جد الأسف أن البراهين الدالة على وجود «يوباتور» في «قبرص» ليست مقنعة تمامًا.٢٦ هذا، وسنتحدث عن «يوباتور» فيما بعد.

(١-٤) أوراق البردي التي من عهد بطليموس السادس الموجودة بالمتحف المصري

(أ) نظم جمعية دينية

من أهم الأوراق البردية التي عُثر عليها في منطقة الفيوم سلسلة أوراق خاصة بنظام جمعيات دينية تعاونية يرجع أقدمها إلى عهد «بطليموس الثالث»، وقد تحدثنا عنها في الجزء الخامس عشر من هذه الموسوعة، وقد عُثر على هذه الأوراق في بلدة «جعران».

هذا، وقد أسفرت أعمال الحفر في بلدة «أم البرجات» من أعمال الفيوم كذلك عن كشف مجموعة أخرى من هذه الأوراق الخاصة بنظم جمعيات دينية تعاونية تحدثنا عما كان في نفوس المصريين من روح التعاون والإخاء في كل مواقف الحياة الحرجة التي يحتاج فيها الإنسان لأخيه الإنسان بوازع الضمير والدين الذي كان يعلب دورًا عظيمًا في تقويم الأخلاق عند المصريين القدامى.

ونخص بالذكر من هذه الوثائق مما يأتي:
  • (١)

    بردية عُثر عليها بجوار مومية تمساح في «أم البرجات» مؤرَّخة بالسنة الخامسة والعشرين من عهد «بطليموس السادس».

    الترجمة٢٧

    • التاريخ: في السنة الخامسة والعشرين، اليوم الثامن والعشرين من شهر مسرى من عهد الملك «بطليموس» و«كليوباترا»، وهما اللذان أنجباهما «بطليموس» و«كليوباترا»، وعندما كان كاهن «الإسكندر» والإلهين المخلصين والإلهين الأخوين والإلهين المحسنين والإلهين اللذين يحبان والدهما والإلهين الظاهرين والإله الذي والده شريف والإلهين اللذين يحبان أمهما؛ «نتيانيانيس» Ntianens بن «أكسانتيكوس» Xantlhicos3، وعندما كانت المرأة «كلانيجا» Klaniga ابنة «أرتياس» Artias حاملة هدية النصر أمام «برنيكي» الإلهة المحسنة، وعندما كانت المرأة «كليوباترا» ابنة «إسوكراتيس» Isokratis حاملة السلة الذهبية أمام «أرسنوي» محبة أخيها، وعندما كانت المرأة «أبوللونيا» Appollonia ابنة «إسوكراتيس» كاهنة «أرسنوي» محبة والدها.
    • نص قانون الجمعية: القانون الذي وافق عليه أعضاء الطائفة السادسة والكاهن قائد عموم الشعب الخاص بالتمساح المقدس، وهم الذين اجتمعوا أمام «سبك» والآلهة «سبك» في حقل في عيد «سبك» وموكبه والآلهة «سبك» في مأوى التمساح المقدس سيد بلدة «تطون» (على مقربة من «أم البرجات» ومن المحتمل أنها موحدة ببلدة تبتنيس القديمة) في قسم «بولمون» Polemon في مقاطعة «أرسنوي»، وذلك عندما قالوا: إنا ننفذه (أي القانون) من الثاني من شهر مسرى من السنة الخامسة والعشرين حتى الثامن من شهر مسرى من السنة السادسة والعشرين؛ أي لمدة ١٢ + ١ / ٦ شهرًا؛ أي سنة ثانية، وقالوا جميعًا: لقد اجتمعنا رسميًّا أمام «سبك» والآلهة «سبك» في عيد «سبك» وموكبه، والآلهة «سبك» وأيام الأعياد التي وافق عليها رجال المؤسسة، وقد اجتمعنا فيها رسميًّا، وندفع نقود العضوية كل شهر، وندفعها إلى يد رئيس المؤسسة كل شهر، هذا فضلًا عن ثمن الماشية الصغيرة الذي يجب علينا أن ندفعه أيضًا، وإن الذي من بيننا لم يدفع اشتراك العضوية في كل شهر بشرط أن يدفعه في يد رئيس المؤسسة كما هو مدون أعلاه؛ فعلى رئيس المؤسسة أن يذهب إلى بيته، ويأخذ ضمانًا بالنقد المذكور، ويجب أن يجبر هذا الرجل على أن يدفع غرامة قيمتها خمسة وعشرون دبنًا من الفضة، وسيطارَد حتى يدفع دينه. وكذلك يجبي كراميون (مكيال) من النبيذ بمثابة ضريبة على كل واحد منا، وأن الذي يأتي بها يجب عليه أن يوردها لرجال المؤسسة، وأحيانًا يورد كرامينين من النبيذ عن كل واحد منا عندما يكون الكراميون يساوي خمسة دبنات من الفضة، ويجب عليه أن يقدم رهنًا من الملح والعطور والأكاليل والأزهار (؟) والزيت والشحم (؟) للنقد (المستحق) للمؤسسة.

      وإن الذي منا يقال له أحضر نقودًا لأجل أيام العيد ولا يحضرها يجب عليه إذن أن يدفع غرامة قدرها خمسة وعشرون دبنًا من الفضة. وإن من سيقترف ذنبًا فإنه سيطارَد ثانية إلا من كان مريضًا أو سجينًا أو من كان يحارب من أجل الملك، وعلينا أن نقرب الشراب والقربان المحروقة للملكين «بطليموس» و«كليوباترا»؛ و«بطليموس» و«كليوباترا» هما الإلهان الظاهران اللذان أوجدا الملك العائش أبديًّا، بالإضافة إلى القربان المحروق والشراب للإله «سبك» والآلهة «سبك» في خلال العيد والموكب المذكور أعلاه، ونحن نربي الآلهة «سبك» (أي التماسيح) ونحن نرافقها حتى مكان دفنها كما كانت الحال في الأزمان السالفة، وأن من لا يخرج منا لأجل تربية الآلهة التماسيح، وأن من لا يرافقها منا إلى مكان دفنها؛ فإن غرامته يجب أن تكون ثلاثين دبنًا من الفضة، وعلى ذلك فإن غرامة الآلهة التماسيح كذلك تُطلب منه باستثناء الناس الذين نوهنا عنهم أعلاه.

      وعند وفاة واحد منا فإنا نحزن عليه، ثم نرافقه جميعًا في الجمعية،٢٨ وأن من لا يحزن عليه ولا يقوده إلى الجمعية فإن غرامته تكون خمسة دبنات من الفضة مع استثناء الناس الذين ذُكروا أعلاه، وعندما يتوفى واحد منا خارج المدينة فعلينا أن نعين عشرة أعضاء من المؤسسة، ونجعلهم يمشون خلفه، ويعملون له كل ما هو مدون أعلاه، وعندما يكون واحد منا من الذين كلفوا بالمشي خلفه من المؤسسة لم يذهب، فإن غرامة كل فرد (لم يفعل ذلك) يجب أن تكون عشرة دبنات من الفضة باستثناء الناس الذين ذكروا أعلاه.

      وعندما يكون والد واحد منا أو أمه أو أخته أو ابنه أو بنته أو أولاد زوجه أو والد زوجه أو زوجه قد مات؛ فعلينا أن نحزن من أجله، ونصحبه في الجمعية جميعًا، وعندما لا نحزن عليه ولا نصحبه في الجمعية فإن الغرامة تُقدَّر بخمسة دبنات من الفضة (على كل فرد) باستثناء الأفراد المُشار إليهم أعلاه، وأن الواحد منا الذي يتوفى ابنه وهو صغير جدًّا … مع شرب الجعة، ويجعل قلبه فرحًا مع سائر الناس الذين عينتهم المؤسسة ليحتسوا معه الجعة (أي يقيمون وليمة). وأن الذي منا يصبح عدو الإله (أي به مس من الشيطان أو كما يُعبَّر عنه العامة: يركبه عفريت = ملبوس) أو أسير معبد الإله؛ فيجب أن يبقى مع رئيس المؤسسة، وعلينا أن نعطيه خمسة كرامين (من النبيذ)، وأن الذي منا سيُتهم في قضية سيئة فإنه علينا أن نقف بجانبه، وتُرد إليه نقود الاشتراك، ويقرر رجال المؤسسة إعادتها له. وإن من يأتي بسوء منا أمام قائد أو صاحب سلطان قبل أن يتهمه أمام المؤسسة فإن غرامته يجب أن تصل إلى خمسين دبنًا من الفضة، ولكن الذي يُتهم منا بعد أن يكون قانون المؤسسة قد نفذ ويكون قد أدانه؛ فإن غرامته تبلغ مائة دبنٍ من الفضة، وأن الذي من بيننا يقول لواحد منا: إنك مجذوم، ولا يكون مجذومًا فإن غرامته تبلغ مائة دبنًا من الفضة، وأن الذي من بيننا يسب واحدًا منا فإن غرامته تبلغ خمسة وعشرين دبنًا من الفضة، وأن من يكرر ذلك يدفع غرامة قدرها ٧٥ دبنًا من الفضة، وإن سب آخر يعادل أربعين دبنًا، وإن من يكرر ذلك يدفع ستين دبنًا من الفضة، وإن سب فرد عادي يساوي ستين قطعة من الفضة، ومن يكرر ذلك يغرم تسعين دبنًا، وأن من يضرب من بيننا واحدًا منا فإن غرامته تبلغ خمسين دبنًا، والإضرار بالكاهن الرئيس الأعلى غرامته خمسة وستين دبنًا، ومن يكرر ذلك يدفع غرامة قدرها خمسة وثمانين دبنًا. والإضرار بالغير يساوي خمسة وثمانين دبنًا، وأن من يكرر ذلك يدفع غرامة قدرها ٧٥ دبنًا، والإضرار برجل عادي يعادل ٨٠ دبنًا، وإذا تكرر ذلك فالغرامة قدرها مائة دبنٍ فضة. وأن الذي منا يجد واحدًا منا في الطريق؟ … أو يقول: ليتني أُعْطَى نقدًا لأني في ضائقة، ولا يعطيه شيئًا يغرم ٢٥ دبنًا باستثناء الناس الذين يحلفون يمينًا أمام «سبك» مؤداه: «أنه لم يكن في استطاعتي إعطاؤه شيئًا»، وأن الذي من بيننا يلحق ضررًا برئيس المؤسسة ويكون في يده ما يرشيه به فإن غرامته تبلغ ٢٥ قطعة من الفضة، وأن الذي منا يوافق عليه رجال المؤسسة ليُعَيَّن في إدارة المؤسسة ولا يقبل فإن غرامته تكون ٣٥ دبنًا فضة باستثناء الناس الذين ذُكروا أعلاه، ويُطالب ثانية الإنسان بأن يدفع دينه.

      والمشرف على المؤسسة يقرر كل كلمة تكلمها معنا باسم كل كلمة أعلاه، وعلينا أن نؤديها على حسب أمره قهرًا وبدون إبطاء.

      كتبه «بتوزريس» بن «سوكونوبيس» Sokonopis (؟).
      يأتي بعد هذا النص أسماء أعضاء المؤسسة، واسم والد كل منهم، والمبلغ الذي يدفعه بصفة اشتراك في هذه المؤسسة، وقد وردت هذه الأسماء في عمودين الأول يحتوي على ثلاثين اسمًا، والعمود الثاني يحتوي على اسمين وهما اسم المشرف على المؤسسة واسم الكاتب. ثم كُتِبَ أسفل هذا بالإغريقية مجموع مبلغ الاشتراكات وقدره دبنًا شهريًّا، ونصفها دبنًا من الفضة.
  • (٢)
    ولدينا وثيقة ثانية عن مؤسسة دينية تعاونية أخرى مؤرَّخة بالسنة الرابعة والعشرين من حكم الملك «بطليموس السادس»، وكل مواد هذه الوثيقة وألفاظها تكاد تكون طبق الأصل كألفاظ المؤسسة السابقة، وليس هناك اختلاف بين الوثيقتين إلا في أسماء الأشخاص المشتركين. وقد عُثِرَ على هذه الوثيقة في «أم البرجات».٢٩
  • (٣)
    وأخيرًا لدينا وثيقة ثالثة تبحث في نفس الموضوع، ويرجع عهدها إلى «بطليموس السادس» أيضًا مؤرخة بالسنة الثالثة من حكمه، وقد أُلفت على غرار الوثيقتين السابقتين، وليس فيها من جديد غير ما ذُكر من أسماء المواد التي جاءت على ظهر الورقة، وهي أسماء المواد التي كانت لازمة للتحنيط.٣٠

تعليق

لا نزاع في أن الغرض الأساسي من مثل هذه الجمعيات كان دينيًّا قبل كل شيء، وهو إقامة الشعائر لإله المنطقة، وهو الإله «سبك» الذي كان يمثل في صورة تمساح، ثم امتدت مواد مبادئ هذه الجمعية إلى التعاون الصادق بين أفرادها، والأخذ بناصر كل من نابه نائبة سواء أكانت في ماله أم في أهله، وقد كان النظام فيها قائمًا على أسس المساواة في المعاملة؛ فقد كان العقاب الذي يُفرض على كل من يخالف قوانين الجمعية يُطبق على جميع أفرادها دون استثناء إلا من كان مريضًا أو كان يؤدي خدمة لبلاده في ميدان القتال أو كان في غياهب السجن، والواقع أن ما جاء في مواد هذه الجمعية يكاد يمثل النموذج المثالي للحديث الشريف: «الدين المعاملة»، فهذه المواد التي نقرؤها في قانون هذه المؤسسة تفرض على كل الأفراد المشتركين في هذه الجمعية أن يعامل كل إنسان بما يجب أن يعامَل به، وألا يتنابذ بالألقاب كذبًا وبهتانًا. هذا، ويلفت النظر بوجه عام أن العقوبات التي كانت تُفرض على كل من خالف القانون بالتعدي على حقوق المؤسسة، وعلى كرامة أعضائها؛ كان رادعًا، وذلك لأن كل مذنب كان عليه أن يدفع الغرامة نقدًا مما كان يؤثر في حياته وحياة أسرته. وأخيرًا نجد أن من كان يتعدى على فرد آخر خارج الجمعية كانت غرامته على ذلك أكبر من الغرامة التي كان يدفعها لو تعدى بنفس الجرم على أحد أفراد المؤسسة، وعلى أية حال فإن مثل هذه الأنظمة الرادعة لا نجدها عند قوم أُخر إلا عند الرومان في أول قيام جمهوريتهم.

(ب) عقد بيع من عهد بطليموس «فيلومتور»٣١

كُتِبَ هذا العقد باللغتين الديموطيقية والإغريقية، والنسخة الإغريقية استولى عليها المستر «جري» وهي محفوظة الآن بالمتحف البريطاني.٣٢ هذا، ويلفت النظر أن الورقة رقم ١٨ بالمتحف الوطني بباريس هي عبارة عن صورة طبق الأصل من هذا العقد، وهي مؤرَّخة بالثامن من شهر هاتور عام ٣٦ من حكم هذا الفرعون.

ترجمة

  • التاريخ: السنة السادسة والثلاثون، الرابع عشر من هاتور من عهد الملكين «بطليموس» وأخته «كليوباترا» ابني «بطليموس» و«كليوباترا» الإلهين الظاهرين، ومن عهد كاهن «الإسكندر» والإلهين المحسنين والإلهين المحبين لوالدهما والإلهين الظاهرين والإله «يوباتور» والإلهين المحبين لأمهما؛ ومن عهد الكاهنة حاملة هدية النصر أمام «برنيكي» المحسنة، ومن عهد الكاهنة حاملة السلة الذهبية أمام «أرسنوي» محبة أخيها، وكاهنة «أرسنوي» محبة والدها، أنه على حسب ما هو معمول به في مدينة «رقودة» (الإسكندرية) وعلى حسب ما أمر به الملك فيما يخص فرد في مقاطعة «طيبة» الكاهن المنتخب للملك «بطليموس سوتر» وكاهن الملك «بطليموس فيلوباتور» وكاهن الملك «بطليموس» محب أخته وكاهن «بطليموس إيرجيتيس»، وكاهن «بطليموس» محب والدته وكاهنة الملكة «كليوباترا» وكاهنة «كليوباترا» زوج الملك، والكاهنة حاملة السلة الذهبية أمام «أرسنوي» محبة أخيها.
  • الطرفان المتعاقدان: الطرف الأول: يقول حارس معبد «أمونؤبي» الواقع على الشاطئ الغربي ﻟ «طيبة» المسمى «أونوفريس» بن «حور»، وأمه هي «سنوبوئزيس» Senopoesis صاحب القوام المعتدل، وعمره أربعون سنة، والضخم ذو اللون الأسود، والأصلع، ومن عيناه جميلتان.

    الطرفان الثاني: لحارس معبد «أمونؤبي» الواقع في الجانب الغربي من «طيبة» المُسَمَّى «منتوس» بن «حور»، وأمه هي «سنوبوئزيس».

  • نص العقد: قد حاسبتني وانشرحت بالنقود مقابل حقي القانوني عن الأموات الذين يثوون في «تينابونون» Thynabunun الواقعة في غربي «طيبة»، وعن نصف الثلث نصيبي من أجل أشغالها … وهي ١ / ٦ وأوصافهم هي: سبوتوس Spotus وأولاده وأهله، و«حربوخراتيس» بن «نختمومونتيس» وأولاده وأهله و«بتمستوس» بن «نختيس»، و«حارسائزيس» بن «سمينيس» Zminis ومعه أولاده وأهله، «وأوزوروئريس» Osoroeris بن «حور» وأولاده وأهله و«سبوتوس» بن «حابوحوسبس» حفار الرموز الهيروغليفية وأولاده وأهله، وهم الذين يمتلك منهم حانوتي الجانب الغربي من «طيبة» المسمى «حور» بن «حور»، وأمه هي «سنبوئزيس» النصف الثاني من الثلث الذي هو حق المتوفين قانونًا، وهو المذكور أعلاه، والسدس الذي بعته في السنة السادسة والثلاثين في شهر هاتور من عهد الملك العائش أبديًّا مقابل بيع بنقد، وهو مع الثلث نصيبي يكمل النصف من الحق القانوني للموتى في مكان «بدينوفرتم» وأهله أولئك الذين يثوون هناك، مع نصف حقي الشرعي من مكان «بوخونسيس» بائع اللبن مكان «فكسو» Phekzo الوالي المذكور أعلاه. وقد تسلمت منك من أجل ذلك الثمن كاملًا غير منقوص، وإني أقول بأني مسرور بذلك، وليس عندي أي اعتراض في العالم بسببها عليك، وكذلك ليس لأي واحد في العالم، وأنا الذي منذ اليوم فصاعدًا سأدافع عنك كما هو متَّفَق عليه أعلاه، وكل فرد سيأتي إليك بسببها باسمي فإني سأقصيه عنك دون أية مقاضاة ولا أية كلمة في العالم يتبادلها معك.

    كتب هذا «حور» بن «فانيس» الكاتب باسم كاهن «آمون» ملك الآلهة والإلهين المتحابين والإلهين المحسنين والإلهين المحبين لوالدهما والإله «يوباتور» والإلهين المحبين لوالدتهما من أجل الطائفة الخامسة من الكهنة.

يُلحظ في هذا العقد أن الملك «يوباتور» بن «بطليموس السادس» قد جاء هنا بوصفه مشتركًا مع والده في الملك، ولكن حقيقة الأمر أنه كان قد توفي بعد أن حكم معه مدة قصيرة على ما يقال، كما شرحنا ذلك من قبل.

(ﺟ) رسائل بالديموطيقية من عهد بطليموس السادس

لدينا قطعة من رسالة مؤرَّخة بالسنة العشرين من عهد الملك «بطليموس السادس» (= ٢٠ يناير عام ١٥٩ق.م).

وهذه القطعة من البردي يقول عنها الأستاذ «ريفييو»٣٣ بحق: إن لها علاقة وطيدة بثلاث رسائل أخرى محفوظة بالمتحف البريطاني،٣٤ وقد كتبت جميعها في شهر واحد وبعنوان واحد، وقد بحث هذه الأوراق الأستاذ «زيته» وسنكتفي هنا بترجمة ما تبقى من الرسالة الأولى.٣٥

وهاك ترجمة الخطاب الأول

إن «حار-ت-دوتف» (= المنتقم لوالده، وهو لقب لحور) بن «حور» الذي يقول: لقد تعودت أن أسأل جميع الناس الذين يأتون نحو الجنوب عن صحة القائد، وقد عرفت منهم أنه ليس هناك أية شائبة عنك، وقد فرح قلبي كثيرًا، ولكن تأمل، لقد أرسلت فعلًا رسالات كثيرة نحو الشمال فيما يخص «بدي خنس» بن «با-سا-عا» الذي من طرفنا دون أن يصل إليَّ ردك، في حين أنه بسبب ذلك رجوتك قائلًا: إذا حدث أن الأمر يحتاج إلى ضمان أو شيء آخر فإنه سيكون في استطاعتي أن أكون معك في الحال.

وعندما يحتاج الأمر لذلك فيمكن أن ترسل خبرًا لي بذلك، ومن ثم حدث بأني لم أسرع منحدرًا في النيل حتى اللحظة، وإني على ذلك أرجو أنه إذا حدث ما يوجب تقديم ضمان أو أي شيء آخر فإني مستعد لذلك، وإن غرضي فيما يخص «بدي خنس» ينحصر في إخراجه من السجن، ويمكن إرسال خبر لي بذلك، وقد بدأت استعداداتي (للسفر) لأجل أن أسرع منحدرًا في النيل، وقد أرسلت «أبوللوفانيس» الفتى ليسأل عن صحة «بدي خنس» وعن مصاريف الإقامة (مدة) شهر. والمهم الآن هو إرسال أخبار عن صحتكم، وعن الأحوال التي تجري هناك. إلى الملتقى القريب جدًّا (= حرفيًّا إلى أن تسمح الآلهة بأن أرحب بك) وأنت في حالة جيدة.

كُتب في عام ٢٢، الشهر الرابع من فصل الفيضان (٢٢ كيهك).

ومضمون هذه الرسالة هو أن «بدي خنس» كان تابعًا ومستخدمًا عند كاتب الرسالة، وقد كان مسجونًا لسبب ما كما يظهر في المكان الذي يسكن فيه المرسل إليه الرسالة، والظاهر أن كاتب الرسالة كان قد أرسل عدة رسائل، وأبدى فيها استعداده لضمان السجين غير أنه لم يصل إليه أي رد على خطاباته. والآن نجد الراسل يلجأ إلى قائد شرطة كبير في خطاب يبدي فيه من جديد استعداده لضمان السجين، ويوضح له أنه مستعد في كل وقت للحضور بنفسه لإجراء اللازم.

الرسالة الثانية: وهي مؤرخة في ٢٠ فبراير عام ١٥٩ق.م في عهد الملك «بطليموس السادس».٣٦ وهي ممزقة لا يمكن استخلاص شيء منها.

(١-٥) أوراق السرابيوم الديموطيقية والإغريقية

تحدثنا في غير هذا المكان عن موقع السرابيوم، وما حوله من المباني الدينية، وأهمية هذه المباني، والواقع أنه كُشف في سرابيوم «منف» هذا عن ملف من الأوراق البردية الإغريقية والديموطيقية يحتوي على أكثر من ستين بردية، منها ما هو مسودات، ومنها ما هو نسخ عن موضوع التوأمين وموضوع «بطليموس» والرهبان الذين كانوا يسكنون في هذه المنطقة المقدسة. وقد كُشف عن هذا الملف منذ عام ١٨٣٠م، وأوراق هذا الملف مبعثرة في متاحف أوروبا، وقد قام بفحص هذه الأوراق وبخاصة الإغريقية منها عدد كبير من العلماء، وقد قام أخيرًا العالم «فلكن» يجمع شتاتها ونشرها في الجزء الأول من كتابه المشهور المسمى: وثائق عصر البطالمة.٣٧ هذا، وقد تناول الأستاذ «ريفييو»٣٨ في بعض مقالات له عن الأوراق الديموطيقية التي يحتويها ملف السرابيوم. وأوراق السرابيوم أو ملف السرابيوم كما يسميه بعض المؤرخين هو عبارة عن أوراق خلفها لنا متعبد أو راهب كان يعيش في معبد السرابيوم يُدعى «بطليموس» وكان أبوه يُدعى «جلوسياس»، وكان الأخير على ما يظهر من الجنود المرتزقين الذين كانوا يملكون قطع أرض لزراعتها مقابل خدماتهم العسكرية، وكانت أرض «جلوسياس» هذا في قرية «بسيشيس» Pisichis من أعمال مقاطعة أهناسيا، وفي حوالي أكتوبر عام ١٧٢ق.م أصبح «بطليموس» هذا ضمن الذين انقطعوا للعبادة في السرابيوم. وقد وصفه بعض المؤرخين بأنه كان موحًى إليه، أو به مس من الجن، وهو ما يُعبَّر عنه في أيامنا هذه بالرجل المسكون (أو كما تقول العامة «عليه عفريت» أو «يركبه عفريت» أو «عليه أخته»)، وكان على كل من كان في حالة «بطليموس» هذا لا يغادر حرم المعبد، ومن الغريب أن بعض المؤرخين قد فسر عدم مغادرة «بطليموس» هذا حرم المعبد بأنه كان مدينًا، ولم يكن في قدرته أن يدفع ما عليه من دين، من أجل ذلك لجأ إلى المعبد ليكون في حماه، كما فسر بعضهم حبسه في المعبد بأنه عقاب وقعه عليه رئيسه في الجيش.
والواقع أن «بطليموس» قد لجأ إلى معبد السرابيوم ليعبد الله، ويخلص نفسه مما كان يدور حوله من شرور وثورات كانت منتشرة في طول البلاد وعرضها في تلك الفترة، وقد أشرنا إلى ذلك فيما سبق، ولم يكن «بطليموس» هذا هو الوحيد الذي كان قد ترهبن؛ بل كان هناك غيره من المصريين والإغريق في سرابيوم «منف»، وتدل الوثائق التي في متناولنا على أن «بطليموس» هذا قد بدأ رهبنته منذ عام ١٦٤ق.م هذا ونجد في آخر الوثائق التي وصلت إلينا من ملفه وقد أُرخت بعام ١٥٢ق.م بأنه كان لا يزال في رهبنته سجين نفسه، وليس هناك من شك في أن «بطليموس» على الرغم مما أنتجه خيال المفكرين من تفاسير متناقضة كان رجلًا تقيًّا ورعًا متعلقًا بعبادة الإله «سرابيس» الذي أملى إرادته عليه بوساطة أحلام أو وحي بأن يبقى في ساحة الإله يتعبد إليه، وقد كان دائمًا يذكر «بطليموس» هذا في شكاياته بالسنين العدة التي قضاها في عزلته، وهي تتراوح ما بين عشر سنوات وخمس عشرة سنة. وتدل الظواهر على أن عزلة «بطليموس بن جلاسياس» في السرابيوم كانت غاية في الشدة، فلم يكن في مقدوره أن يغادر صومعته وحسب، بل إنه أكثر من ذلك عندما كان الملك نفسه أو بعض كبار من عظماء الدولة يطلع لزيارة معبد السرابيوم فإنه كان لا يحادث أحدًا منهم إلا من خروم خليته، وقد حصل — لأجل القيام بمصالحه — أن عمل على أن يقيد أخاه في إحدى فرق الجيش المعسكرة في «منف» وعلى أن يتسلم مرتبه دون أن يكون ملزمًا بالقيام بأي عمل عسكري، وذلك لأجل أن يكون دائمًا تحت تصرفه، وليحميه عند الضرورة، وهذه كانت العادة المتبعة مع أمثال «بطليموس»،٣٩ وذلك لأنه على ما يظهر على الرغم من صبغته الدينية، وما هو عليه من ورع وتقًى كان عرضة لكراهية الكهنة المصريين وحقدهم عليه بوصفه إغريقيًّا، ويعتبر دخيلًا عليهم، وقد شكى فعلًا من ذلك للملك.٤٠
والواقع أن جزءًا عظيمًا من أوراق السرابيوم هو عبارة عن مسودات تحتوي على شكاوى لأولي الأمر وتظلمات ومكاتبات خاصة بأمور تتعلق بمصالح «بطليموس»، وكان معه دائمًا أخوه «أبولونيوس» الذي كان كذلك مقيدًا بالمعبد بأمر من الإله لمدة قصيرة، وكان يعمل أمينًا لأخيه في صيف عام ١٥٨ق.م وقد كان «أبولونيوس» هذا عالمًا فقير الحال ولا يزال في شرخ الشباب. هذا، وتشير أوراق «بطليموس» إلى مسائل عدة مختلفة؛ ففي عام ١٦٤ق.م أرسل شكوى للملكين خاصة بفتاة تدعى «هيراكليس» كانت قد احتمت بمعبد السرابيوم، وكان قد تبناها هو، وقد أُخذت منه عنوة، وأصبحت رقيقة في «منف»، وفي عام ١٦٣ق.م نجده في رسالة يشكو أولًا لحاكم المقاطعة الحربي، ثم إلى الملك «بطليموس السادس فيلومتور» من أنه كان قد حُبس في خلية خاصة في المعبد على يد أصحاب السلطة هناك، ومن بعض رجال الشرطة من نقطة شرطة معبد الأنوبيوم (أي معبد أنوبيس)، من أنهم انقضوا على خليته، واستولوا على أمتعته بحجة أنهم كانوا يبحثون عن أسلحة قد تكون مُخَبَّأَة في خليته، وفي تلك الأثناء كانت الثورات قائمة على قدم وساق في مصر. والواقع أنه في تلك الأيام كانت العداوة بين الإغريق وبين المصريين قد اشتدت لدرجة عظيمة بسبب الثورة التي كان يقوم بها البطل المصري «بتوزيريس» ليحرر البلاد من النير البطلمي، ولا غرابة في أن نرى أن «بطليموس» قد عومل معاملة سيئة في المعبد الذي كان في يد المصريين؛ لأنه كان إغريقي المنبت، وكذلك تدلنا الوثائق على أنه في عام ١٦٣ق.م هوجم في خليته وامْتُهِنَ؛ لأنه إغريقي، وعلى ذلك أرسل شكوى أخرى إلى حاكم المقاطعة العسكري. وكذلك نجده في عام ١٥٨ق.م قد هوجم ثانية، وضربه بعض المصريين ضربًا مبرحًا بوساطة زمرة من سائقي الحمير، وذلك لأنه كان قد تدخل غاضبًا بسبب شجار قام بخصوص شراء بعض البوص لعمل السلات من بائع لهذه السلعة في ساحات المعبد، وعلى ذلك رفع شكوى أخرى إلى حاكم المقاطعة العسكري. وهكذا كانت شكاياته تترى، ولكن دل الفحص بين أوراق «بطليموس» على أن أكبر مجموعة من أوراقه كانت خاصة بفتاتين توأمتين من أصل مصري؛ إحداهما تُسمى «تاويس» Thaures والأخرى تُدعى «تاؤس»، وموضوع هاتين الفتاتين معروف لدى علماء الآثار المختصين بالأوراق البردية في عهد البطالمة، وهاتان الفتاتان التي يحتمل أن والدهما كان مصريًّا، وقد كان مع ذلك صديق «بطليموس» المقدوني الأصل، وقد حدث أن والدتهما فرت مع جندي إغريقي، ومن ثم فرَّ والدهما إلى «إهناسيا المدينة» خوفًا من أن يقتله هذا الجندي الإغريقي الذي فرت معه زوجه، ومات في هذه البلدة.

وقد لجأت الفتاتان إلى «بطليموس» بحكم صداقة والدهما له ليحميهما في معبد السرابيوم، وفعلًا أوجد «بطليموس» للتوأمين عملًا في المعبد بوصفهما كاهنتين في درجة ثانوية، وقد أقام «بطليموس» نفسه مشرفًا على شئونهما ومعيشتهما، وكان قد عين لهما قدرًا محددًا من الزيت والخبز من الخزانة الملكية بوصفهما كاهنتين للملك، وعلى حسب النظام الموضوع كان الزيت يورَّد مباشرة للكهنة والكاهنات من المخازن الملكية، أما الخبز فكان يُورد لأصحاب السلطة في المعبد ليوزعوه مباشرة، غير أنه حدثت ملابسات دعت إلى عدم صرف مرتب التوأمين مما دعا إلى إرسال شكاوى عدة وتظلمات كثيرة أرسلها «بطليموس» باسم التوأمين أو كتبها هو باسمه دفاعًا عن حقوقهما. ولما كانت هذه التظلمات والشكاوى تكشف لنا عن سير الأحوال في مثل هذه الموضوعات فقد أصبح لزامًا علينا أن نشرح تظلمات هاتين الفتاتين بعض الشيء لدى القارئ؛ ليرى كيف كانت الأمور تسير في طريق ملتوية لا يصل السائر عليها إلى الحق إلا بعد جهد ولَأْيٍ لو استمر في مطالبته بحقوقه المشروعة بإرسال الشكاوى والتظلمات دون انقطاع. (ما ضاع حق وراءه مطالب).

والواقع أن معظم الشكاوى وقتئذ مهما كان القصد منها كانت تُرسَل إلى حاكم المقاطعة الحربي، وكانت هناك شكاوى تصل إلى السكرتير المالي أو حتى للملك نفسه، والواقع أن «بطليموس المقدوني» المنعزل في معبد السرابيوم قد أمطر الإدارة الحكومية بوابل من الشكاوى موجهًا اللوم فيها أحيانًا لأمين المؤسسة، وأحيانًا يعود باللائمة على مراقبها أو على المشرف عليها، وكان يوجه شكاياته أحيانا لحاكم «منف» العسكري، وأحيانًا إلى السكرتير المالي بالإسكندرية حيث كان مقر الحكم.

وعندما كان يضيق ذرعًا نجده يوجه ظلامته مباشرة ﻟ «بطليموس السادس» و«كليوباترا الثانية»، وكان يوجه هذه الشكاوى إلى عدة سلطات في آن واحد، وبذلك كان يعدد مساعيه بإرسال تقارير وتسلم أخرى من كل صنف على حسب الأحوال، كل ذلك كان لأجل أن يجبر رجال إدارة السرابيوم على أن يصرفوا للتوأمين المتعبدتين ما يستحقانه من أجر، وكذلك لأجل أن يضطروا زوج والدهما على أن تعيد لهما إرثهما من أبيهما، ومن أجل ذلك نجد أن الإدارة الحكومية كانت في حركة مستمرة بسبب قضية هاتين الفتاتين، فكانت المكاتبات تنتقل من مرحلة إلى أخرى في المراحل الإدارية المتعددة المتشعبة، وكان «بطليموس» يطلب حقوق التوأمين من السلطات العليا، ويتسلم الجواب عن طريق صغار الموظفين، وعلى أية حال فإن شكوى التوأمين لم تبلغ إلى مرتبة اعتبارها قضية بالمعنى الحقيقي للكلمة حتى توضع أمام المحكمة؛ بل كانت في واقع الأمر مجرد شكوى تُحل على يد السلطة الإدارية، يُضاف إلى ذلك أن جهل الشاكيتين بالرسميات كان له دخل دون شك، مما جعلهما تطرقان كل باب على غير هدى للحصول على حقوقهما المضيعة.

وهذه المسألة كانت قد بدأت في عام ١٦٤-١٦٣ق.م بإرسال شكوى موجهة للسكرتير المالي في «منف» من التوأمين «تاويس» و«تاوس» وقد طلبتا إلى وكيل وزير المالية أن يأمر بصرف الزيت المستحق لهما عن هذا العام كما هو المتبع مع التوائم الأخريات في هذه المنطقة، كما أشارتا بأنهما لم تتسلما أجرًا عن خدماتهما الدينية منذ العام الثامن عشر (= ٣ أكتوبر عام ١٦٤ق.م). ولما رأت التوأمان أن طلبهما لم يسفر عن نتيجة كتبتا — إلى الملك «بطليموس فيلومتور» وإلى الملكة «كليوباترا» — شكوى ملؤها الحزن والأسى معددة فيها ما لقيتا من سوء معاملة من زوج أبيهما التي تدعى «نفوريس» Nephoris والتي استولت عنوة على ميراثهما من أبيهما لدرجة أنها لم تترك لهاتين الفتاتين البائستين أي مأوى تلتجئان إليه إلا المعبد حيث مد لهما «بطليموس» يد المساعدة؛ وذلك لما كان بينه وبين والدهما من ود وصداقة. ومما زاد الطين بلة أن ابن زوج أبيهما ويدعى «بانخارتيس» Panchartes قد نهب كل متاعهما، وحمل لوالدته البطاقة التي كان يتسلم بها التوأمان مكيال الزيت المقرر لهما. على أن اللوم في ذلك يرجع إلى سوء تصرفهما؛ لأنهما كانتا قد اتخذتا من ابن زوج أبيهما خادمًا لهما، وهذا المكيال من الزيت كان جراية عام لهما. هذا، وقد طلب التوأمان أن تُعاد الشكوى إلى حاكم المقاطعة الحربي المسمى «ديونيسيوس»، وقد كتب الأخير في ذلك بدوره للوكيل المسمى «منيدس» Mennides أمين المؤسسة، وإلى المراقب المسمى «دوريون» Dorion، وكانت الشكوى ممهورة بخاتم حامل الخاتم الملكي، ثم سُلمت باليد في ١١ مسرى عام ١٩ (= ٨ سبتمبر عام ١٦٣ق.م) إلى «سرابيون» Sarapion الذي كان قد حضر ليتعبد في معبد السرابيوم.٤١ وقد كلف «سرابيون» هذا «منيدس» بتتبع الشكوى، ولكن «منيدس» بناء على تقرير موظفيه كان لا بد له من الرجوع من جديد إلى «سرابيون»، وسبب ذلك: أن رئيس الإدارات وجد أن الطلب كان قد ألغاه «بأنحارتيس»، ومن أجل ذلك لا يمكن أن يعمل به في صالح التوأمين. ومن المحتمل أنه كان قد وجد اعتراضًا آخر نجهله. غير أن «بطليموس» الراهب لم يُرِدْ أن يعرف شيئًا عن ذلك، ولهذا نجده يرجو «سرابيون» أن يوحي إلى «منيدس» بالأمر بالتنفيذ، وقد كان عليه أن ينتظر الرد، غير أن إدارة الختم الملكي كانت في شغل شاغل عن الرد بما لديها من أعمال كثيرة، وفي هذه الأثناء كان الملك «بطليموس السادس» قد أعيد لملكه، ومن ثم جاء بنفسه ليقدم فروض الشكر، ويقدم الأعمال الخيرية في معبد السربيوم.٤٢ وقد أفاد «بطليموس» الراهب حامي التوأمين من هذه الزيارة؛ إذ وضع في يد الملك نفسه شكوى جديدة ذكر فيها طلبه الذي حرره في طلبه الأول.
وفي هذه المرة نجد أن الملك قد أمر وزير المالية المسمى «أسكليبيادس» Asclipiades أن يهتم بالموضوع، وعلى أثر ذلك أرسل «أسكليبيادس» الشكوى بالبريد إلى «سرابيون» الذي قام بطلب تقرير من المراقب «دوريون»، وعلى ذلك بُدِئ التحقيق في الأمر من جديد. والواقع أن «دوريون» قدم تقريرًا إلى «أسكليبيادس» مؤرخ ٣ توت عام ١٩ (= ٥ أكتوبر عام ١٦٣ق.م)، وقد أبان فيه أن التوأمين لهما الحق في متأخر العامين السابقين، ومع ذلك نجد أن الإدارات التي كان في أيديها تصريف الأمور قد ماطلت ثانية. غير أن صاحبتي الحق اللتين كانتا تريدان دون شك الإسراع في عمل الرسميات رأتا أن رجال الإدارة في المؤسسة كانوا يصرفونهما بالوعود والكلمات المعسولة، ويذكرون لهما أنهم يقدرون موقفهما، ولكن دون عمل أي شيء إيجابي غير المواعيد العرقوبية، ومن أجل ذلك شَكَتَا مر الشكوى في التماس ثالث للإلهين المحبين لأمهما؛ أي «بطليموس السادس» و«كليوباترا» الثانية، واستحلفتهما بأن يضعا شكايتهما في يد حاكم المقاطعة الحربي المسمى «ديونيسوس»، لأجل أن يكتب هذا الأخير إلى الوكيل «أبوللونيوس» الذي كان زميل «منيدس» ويقوم الآن بأعماله، وتكليفه بأن يعمل أمر الصرف بالمواد المستحقة لهما، ويحدد التواريخ والأشخاص الذين سيقومون بذلك، ويجبرهم على توريد ما هو مستحق للتوأمين.
أما «بطليموس الراهب» فإنه من جهته سلم لأخيه الصغير مذكرة جديدة سلمها الأخير بدوره إلى «سرابيون» مؤرخة بأول بابه (= ٢ نوفمبر عام ١٦٢ق.م)، وقد كتب فيها من جديد يرجوه أن يتتبع تقرير «دوريون» وقد أعيدت الرسالة ثانية للأمين «منيدس» في ٢ هاتور، وإلى الكاتب المختص في ٣ منه (٤ ديسمبر سنة ١٦٣ق.م) بالأمر بالتوريد بعد الفحص.٤٣ وأخيرًا نجد في هذه المرة أن الأمر قد صدر فعلًا بالتوريد؛ وذلك أن «منيدس» عندما رأى تقريرًا مختصرًا حُرر في إدارته بتاريخ ١٣ هاتور (= ١٤ ديسمبر) أمر الصراف «تيون» Theon في ١٧ هاتور بأن يحرر أذونات الصرف كما ينبغي من أجل أنواع الزيت الذي سيورَّد على حساب السنتين الثامنة عشرة والتاسعة عشرة، وأرسل «تيون» أذونات الصرف للخازن «ديمتريوس»، وهو جندي قديم (كان جنديًّا كريتيًّا يعمل في فصيلة الفرسان بقيادة «يومنيس»)، فقام بتوريد الكميات والأنواع المبينة إلى «كراتيروس» Grateros وهو موظف من موظفي «دوريون» مدير البنك في ٢٥ هاتور، وذلك بحضور «أريوس» Areus المنتدب من قبل التوأمين، وقد أعطى «بطليموس» بدون إيصال نيابة عن التوأمين اللتين كانتا في حمايته بالتسلم.
وبذلك أصبح موضوع الزيت وقد صفى حسابه نهائيًّا دون وقوع حادث آخر يطيل في أجل مناقشته. غير أن «بطليموس» لم يَكُنْ راضيًا عن ذلك، فقد كان يريد أن يبدل مكيالي زيت Kiki اللذين تسلمهما التوأمان بمكيالين من زيت السمسم، ولكن عمال «دوريون» رفضوا هذا الطلب، ومن أجل ذلك قدم «بطليموس» شكوى شديدة اللهجة إلى «منيدس» في حق هؤلاء الكتاب الجامحين الذين تجاسروا على عدم طاعة الأمين والملك والملكة نفسهما. وإذا فرضنا أنه قد أفلح فيما ذهب إليه، فإن الأمر لم يقتصر على ذلك؛ لأن المتأخر للتوأمين لم يكن قاصرًا على الزيت وحده؛ إذ كان يجب أن تتسلما كذلك من السرابيوم المصري وكذلك من الأسكليبيون الإغريقي أربعة أقراص من خبز الذرة البيضاء يوميًّا لكل منهما، وهذا يعني ثمانية أرادب من الحبوب شهريًّا، وقد كان هذا الحساب مستحقًّا لهما ولم يُصرَف بعد، وقد أمهل «بطليموس» نفسه ليحصل على معلومات في هذا الصدد.٤٤
وقد وجدناه فيما بعد قد استعرض بصورة ثابتة أنه لأجل الفترة التي تبتدئ من أول شهر توت حتى ٧ أمشير من عام ٢٧ (أي ٣ أكتوبر عام ١٦٤ حتى ٨ مارس عام ١٦٣ق.م) كانت التوأمان تتسلمان جرايتهما من الخبز، ولكنهما لم تتسلما شيئًا منذ ٨ مارس حتى نهاية السنة، ومن ثم كان متأخرًا لهما ما يعادل ٥٦ إردبًّا، وفي عام ١٩ تسلمتا فترة كاملة من أول شهر توت حتى الثلاثين من مسرى (من ٣ أكتوبر سنة ١٦٣ حتى ١٣ مارس سنة ١٦٢ق.م)، وكذلك الفترة التي أتت بعد ذلك من أول برمهات حتى ٣٠ بشنس (أول أبريل حتى ٢٩ يونيو) تسلمتا نصف الجراية فقط، وفي الشهر التالي تسلمتا نصف الجراية، وفي أيام النسيء الخمسة لم تتسلما شيئًا أبدًا، وفي العام العشرين سارت الحال على نفس المنوال مما أدى إلى جوع التوأمين المسكينتين؛ فمن أول شهر توت حتى العاشر من كيهك (٣ أكتوبر عام ١٦٢ حتى ١٠ يناير عام ١٦١ق.م) تسلمتا سويًّا ستة أرغفة بدلًا من ثمانية أرغفة يوميًّا، ومنذ الحادي عشر من كيهك حتى هذا التاريخ لم تتسلما شيئًا.٤٥

وهكذا بدأت المضايقات التي تنطوي على عدم الأمانة والإزعاجات المؤلمة بصورة أشنع مع التوأمين؛ فنرى أن الإدارة قد قطعت عنهما جراياتهما؛ فلم يُورَّد لهما لا خبز ولا زيت، وعلى ذلك نجد أن «بطليموس» قد بدأ من جديد يتخذ إجراءاته، وقد احتاط في شكاويه فلم يخلط بين ما تستحقه التوأمان من جراية الزيت وجراية الخبز؛ فقد كانت الجراية الأولى من الزيت مستحقة من أول عام ١٨ في حين أن جراية الخبز كانت مستحقة من أول العام العشرين من حكم «بطليموس السادس»، وعلى ذلك فإنه بعد مرور أقل من شهرين على المحاسبة فيما يتعلق بالزيت كتب إلى «سرابيون» الذي كان يأمل أن يزوره ليخبره بأن التوأمين لم تتسلما شيئًا أبدًا من الزيت المستحق لهما، ورجاه أن يكتب بنفسه للأمين «منيدس»، ولكن الطلب أعيد في ٢٦ كيهك عام ٢٠ (٢٦ يناير سنة ١٦١ق.م) إلى «دوريون» الذي بدوره ضم إليه — بتاريخ ٢٩ كيهك — تقريرًا ظهر منه أنه لم يُصْرَف شيء للتوأمين عن عام ٢٠، ومن ثَمَّ كان لهما متأخر جراية أربعة أشهر.

وقد اتفق أن تقرير «دوريون» وقع في السادس من شهر طوبة (٥ فبراير) تحت نظر كاتب متشكك لأجل أن يحدد الجراية المطلوبة ومقدارها «خوس» من الزيت شهريًّا؛ أي ما مقداره «متريت» عن كل سنة، وقد اقتضت الضرورة معرفة مقدار ما تسلمتاه التوأمان في العام الماضي، ومن أجل ذلك اقتضى الأمر فحص الموضوع. وقد اتضح من الفحص أن التوأمين لم تتسلما شيئًا عام ١٩، ولكن في هاتور عام ٢٠ قد تسلمتا ما تستحقانه عن السنتين الثامنة عشرة والتاسعة عشرة؛ أي إنهما تسلمتا مكيالين من٤٦ الزيت، وبمقتضى ذلك أرسل «منيدس» تقريرًا إلى «سرابيون» فأعاده بتأشيرة غير مفهومة أو على الأقل لم تفهمها التوأمان، وكل ما فهمتاه هو أن «منيدس» قد طلب إليه أن يحقق التقرير الذي وضعه كتابة، أو بعبارة أخرى تأجيل الموضوع، وعلى أثر ذلك أرسلت التوأمان إلى وكيل وزارة المالية تظلمًا به اعتذار على إلحاحهما، وطلبتا فيه ما تستحقانه، ولكن هذا التظلم لم يأتِ بنتيجة سريعة؛ يدل على ذلك أن التوأمين أرسلتا في نهاية السنة أو في بداية السنة التالية استعجالًا باكيًا إلى عناية الإلهين العظيمين جدًّا المحبين لأمهما (= «بطليموس السادس» والملكة «كليوباترا» الثانية) يقولان فيه: إنهما تسلمتا المكيالين من الزيت عن عام ١٩، غير أنهما لم تتسلما لا زيت كتان ولا زيت سمسم عن عام ٢٠، وعلى ذلك فإنهما تطلبان تحويل شكواهما إلى حاكم المقاطعة الحربي «ديونيسوس» الذي سيأمر الأمين «أبوللونيوس» أن يصرف ما تستحقانه، وكذلك ليأمر باتخاذ الاحتياطات لأجل المستقبل.

والآن يتساءل الإنسان هل انتهى الأمر بأن العناية الملكية قد نفد صبرها بتحويل الموضوع إلى الإدارات المختصة؟ وتدل شواهد الأحوال على أن الاتصال الذي حدث بين «بطليموس» بعد ذلك والجهات المختصة من أجل تسهيل شئونه الخاصة وكذلك شئون أخيه على أنه كان مرتاحًا من الإجراءات التي اتخذها كما كان معتزًّا بما له من شأن، ومما يدل كذلك على عظمته أنه إذا أخفق مرة في أمر فإن ذلك لم يفل من عزيمته أو يضعف من شجاعته عن القيام بحملة جديدة ليصل إلى هدفه كما فعل ذلك عندما قام بالمطالبة بصرف جرايات الخبز التي كانت قد أُوقفت دون مبرر لمدة ثلاث سنوات.

أما زيت الكتان فكان المتأخر منه هائلًا لدرجة أن «بطليموس» على ما يظهر قد تردد في إثارة موضوعه خوفًا من أن يتعارض ذلك مع صالح مالية البلاد، وعلى ذلك نجده قد قرر في نهاية الأمر أن يطالب به عندما وجد الطريقة التي جعل بها خزينة الدولة غير مسئولة.

هذا، ونجد أن «سرابيون» بناء على مطالبة أولى أرسلتها التوأمان، واستعجلتاها بأخرى، قد وافق على طلبهما، وكلف «منيدس» بتنفيذ أمره على يد «بسنتائس» Psenthaes غير أن الأخير كان ماهرًا في فن المماطلة والتأجيل، ومن أجل ذلك أصم أذنيه، وقد كان ذلك داعيًا لتدخل «بطليموس» بنفسه في الأمر، فنراه بعد أن أثبت حساب الصرف الذي حُذف عن عامي ١٩ و٢٠ يكتب إلى «سرابيون» رسالة لم تكن قاصرة على المطالبة بحق التوأمين فحسب؛ بل كانت فضلًا عن ذلك تُعتبَر اتهامًا رسميًّا؛ وذلك أنه لم يَكْتَفِ بالقول — كما هو المتبع — إن التوأمين قد أصبحتا ضحية رجال إدارة المعبد، بل أكد أنهم يسرقون مال الملك؛ لأنهم يبيعون بذر الكتان الذي ينهبونه بسعر الإردب ثلاثمائة درخمة، كما أعلن أن «بسنتائس» هو الرجل الذي يجب أن يُجبَر على إعادة مائة وستين إردبًّا من الغلة، وهي التي تستحقها التوأمان.

وعلى أية حال فإنه مما يُؤسَف له أن المصادر التي بين أيدينا والخاصة بهذه المسألة قد انقطعت، ومن ثم لا نعرف من جهة كيف انتهى موضوع التوأمين الذي كما يظهر للقارئ العادي لا يستحق كل ما ذُكر عنه من تفاصيل، غير أنه من جهة أخرى بالنسبة للمؤرخ يُعتبر موضوعًا غاية في الأهمية نظرًا للمعلومات التي بين أيدينا عن سير الأحوال في مثل هذه العهود القديمة التي تعوزنا فيها التفصيلات التي تكشف الغطاء عن حالة البلاد من الوجهة الإدارية والاجتماعية في تلك الفترة من تاريخ مصر في عهد البطالمة، ولا نزاع في أن هذه المسألة هي مثال محزن عن عدم أمانة الموظفين الذين كانت تساعدهم التعقيدات الإدارية الرسمية، والصعوبة التي كانت تعترض الأشخاص الذين أصابهم الضر إلى درجة تجعلهم يلجئون إلى الفصل في حقوقهم إلى رجال المصالح الحكومية. ومع ذلك يجب ألا يغيب عن ذهننا أنه في فحص هذه المسألة لم نسمع إلا صوت الذين يتهمون وحسب، ولا نزاع في أن هؤلاء بطبيعة الحال كانوا أناسًا قد أثارت سخطهم وحنقهم هذه الرسميات، وكانت كذلك في الوقت نفسه تثير سخط رجال الإدارة، وذلك برجوع أصحاب الحاجات والمظالم إلى السلطات العليا، فنجد أنه منذ بداية هذا الموضوع أن حذف أمر صرف عادي كان هو السبب في تعقيد سير الأمور، وفضلًا عن ذلك نجد أن جراية التوأمين كان من الممكن نسبتها جزئيًّا إلى السربيوم المصري وإلى معبد «أسكلبيون» الإغريقي، وقد أفضى ذلك دون أي شك إلى ارتباك في المكاتبات والإهانات التي لحقت بالمتظلمين بالنسبة لتوجيه المسئوليات لهم. يضاف إلى ذلك أن التوأمين — على ما يظهر — كانتا قد دخلتا في المعبد في اللحظة التي تُقام فيه مراسيم الحزن على العجل «أبيس» المتوفى عام ١٦٥ق.م، وأنهما لم تقوما بخدمتهما بصورة صحيحة، وأن جرايتهما بعد التحكيم قد خُصِّصَت لحارس الثور المتوفى؛ لأنه هو الذي سهر على خدمته، وقام بتقديم القربان له بدلًا من التوأمين. ولكن لما كان حارس الثور قد غاب بدوره فإن التوأمين أجابتا على ذلك بإرسال طلب لإعادة حقوقهما في هذا الصدد، وقالتا: إن كُتَّاب الإسكلبيون سيضعون هذا الطلب أمام الملك إذا حدثت مناقشة تعارض ذلك.

هذا، ويُلحظ أن البردية التي تحتوي على ذلك قد ذُيلت بأرقام خاصة بجرايات العامين الثامن عشر والتاسع عشر من عهد «بطليموس السادس». وتوجد على ظهر الورقة بداية نسخة خاصة بشكاية موجهة من التوأمين لوكيل المالية «سرابيون» تشكيان فيها عدم تنفيذ الأوامر فيما يخص حب «أولين» Olyne، ومع هذا ملحوظة بيد كاتب آخر خاصة بطلب الجرايات عن السنتين المذكورتين أعلاه.

وليس ببعيد أن هذا النزاع الذي ينطوي على سوء النية يمكن أن يكون قد قام في اللحظة الأخيرة بين رجال الإدارة وبين التوأمين، وأنه من الممكن أن نفرض أن حارس العجل «أبيس» كان هو الآلة التي استُعْمِلَتْ بمثابة سلاح في أيدي الإدارات الحكومية لمحاربة التوأمين، غير أن كسب حارس الثور المقدس القضية من التوأمين قد أظهر أن هناك أمورًا كانت تدور في الخفاء مما جعل الشاكيتان تسكتان عن طلباتهما، وفضلًا عن ذلك يُحتمل أن حماية «بطليموس بن جلوسياس» للتوأمين قد لعبت دورًا في الارتباكات التي وقعتا فيها، وذلك عندما كان يساعدهما على الخروج مما حل بهما من ظلم.

وعلى الرغم مما تحلى به «بطليموس بن جلوسياس» هذا من فضائل دينية فإنه لم يكن بالرجل الذي يُشتم منه رائحة القداسة عند رجال الدين الذين كانوا يسيطرون على معبد السرابيوم، وهذا ما نفهمه من شكاياته الخاصة بأحواله الشخصية، وقد ذكرنا منها فيما سبق بعض الوقائع.

ولا نزاع في أن ما تركه لنا «بطليموس بن جلوسياس» من وثائق ديموطيقية يدل صراحة على أنه كان رجلًا صاحب أخلاق فاضلة، وذلك على الرغم مما قيل عنه بما ينافي ذلك على لسان رجال السرابيوم، فقد ترك لنا نصائح تدل على صلاحه وورعه، وما أوتي من حكمة بالغة تدل على طول باعه في معرفة الناس والحياة وما تنطوي عليه من مصاعب ينبغي ملافاتها، وقد ترجم لنا بعضها الأثري «ريفييو» نقتبس منها ما يأتي:٤٧
أَصْغِ إلى كل كلام توبيخ؛ لأنك تعرف ما يُقال حسنًا.
إن السعادة لا تسعى أبدًا لمن في صدره أفكار إجرامية.
لا تجعل ابنك يتزوج من امرأة إلا على حسب قلبه هو.
لا تَبْنِ بيتك بما جنيته من مظالمك.
لا تَقْتُلْ حتى لا تُقْتَل.
لأجل أن تكون بيتًا سعيدًا أبسط ما في يدك (كن كريمًا).
إن الرجل الذي يسيطر على المارق هو الرجل صاحب البأس.
لا تصاحب الأحمق، ولا تقف لتنصت إليه.
ولا تَسُب من لا تعرفه.
لا تُقِمْ بيتك بجوار قبرك.
إن الذي يقول ليس في استطاعتي تقبل ملحوظة فليترك وحده.

(٢) الآثار التي خلفها بطليموس السادس أو عُمِلَتْ في عهده

لم نعثر حتى الآن على لوحات نُقشت بالمصرية القديمة والديموطيقية والإغريقية معًا من عهد الملك «بطليموس السادس»، أما اللوحات التي نُقشت بالهيروغليفية فقط فلدينا من عهده لوحتان للعجل «بوخيس»، عُثِرَ عليهما في الحفائر التي عُملت في منطقة «أرمنت» في مدافن العجل «بوخيس»، كما عُثر على لوحات أخرى في جهات متفرقة من القطر غير أنها ليست عديدة.

(٢-١) لوحة العجل «بوخيس» من عهد الملك بطليموس السادس

هذه اللوحة مصنوعة من الحجر الرملي، ويبلغ ارتفاعها ٧٠ سنتيمترًا،٤٨ وقد وُصف فيها العجل «بوخيس» بأنه: الروح الحية للذي في تابوته مظهر «رع» والإله (؟) الشريف والإله العظيم رب «أرمنت».

وفي هذه اللوحة يُشَاهَد الملك واقفًا أمام العجل «بوخيس» وهو يقدم البخور له بإحدى يديه والقربان السائلة الأخرى.

وتحت المنظر الذي فيه الملك والعجل «بوخيس» جاء المتن التالي الذي يتألف من ثمانية أسطر:

السنة التاسعة عشرة، ٧ طوبة، في عهد جلالة ملك الوجه القبلي والوجه البحري (وريث الإلهين إبيفانيس، صورة «بتاح»، المختار من «رع»، والذي يعمل الحق ﻟ «آمون») ابن «رع» (بطليموس العائش أبديًّا، محبوب بتاح)، محبوب «أوزيربوخيس». في هذا اليوم صعد إلى السماء جلالة هذا الإله السامي روح «رع» الحية ومظهر «رع» والذي ولدته «تي-خنومت»، ومدة حياته كانت سبعة عشر عامًا وتسعة أشهر وستة أيام وإحدى عشرة ساعة. وكان قد وُلد في السنة الخامسة والعشرين من فصل برت (= فصل الزرع) اليوم الثاني (؟) من حكم ملك الوجه القبلي والوجه البحري (أوع نتر-وي خبر بتاح ستب رع، أر-ماعت أمن) ابن «رع» (بطليموس العائش أبديًّا، محبوب بتاح)، العائش أبديًّا في المدينة الجنوبية، وقد وصل إلى «طيبة» في السنة الثانية ١٥ بابه، وقد كان هناك هجوم كثير من الممالك الأجنبية على مصر في السنة الثانية عشرة، وقامت حرب داخلية عارمة في مصر، وجدار «طيبة» العظيم كان قد حاصرته الأجانب، وعندئذ أتى سكان «أرمنت» إلى «طيبة» القوية، وقد فزعت قلوبهم خوفًا من أجل هذا الإله، وقد قاموا بشعائر نقله إلى «أرمنت» في السنة الثانية شهر أبيب في اليوم الثالث من أيام النسيء. ليته يبقى على عرشه أبد الآبدين.

تعليق

هذه اللوحة على الرغم من قصر متنها تحتوي على عدة حقائق هامة في تاريخ هذا الملك؛ إذ الواقع أن تواريخ هذه العجول تساعد كثيرًا على تفهم الحوادث الغامضة في تاريخ البلاد، وهاك أولًا استعراض لتواريخ العجل «بوخيس» الذي نحن بصدده:
  • (أ)

    ولد في العام الخامس والعشرين من عهد «بطليموس الخامس» عام ١٨٠ق.م.

  • (ب)

    وصل العجل إلى «طيبة» في السنة الثانية ١٥ بئونة عام ١٧٩ق.م.

  • (جـ)

    الحرب الأهلية: السنة الثانية عشرة عام ١٦٩ق.م.

  • (د)

    تنصيب العجل: السنة الثانية عشرة، شهر أبيب، اليوم الثالث من أيام النسيء عام ١٦٩ق.م.

  • (هـ)

    موت العجل: السنة التاسعة عشرة، ٧ طوبة، عام ١٦٢ق.م.

  • (و)

    عمر العجل: ١٧ سنة وتسعة أشهر وستة أيام وإحدى عشرة ساعة.

والحرب الداخلية التي حدثت في عام ١٦٩ق.م هي الحرب التي قامت بين الملك «بطليموس السادس فيلومتور» وبين أخيه «بطليموس السابع إيرجيتيس الثاني» وهي التي انتهت بأن حَكَمَا سويًّا على عرش مصر كما أوضحنا ذلك سابقًا، أما «هجوم الأراضي» العدة فيشير لغزو «أنتيوكوس الرابع» للبلاد المصرية في عام ١٦٩ق.م، وقد تحدثنا عن ذلك أيضًا.

(٢-٢) لوحة بطليموس السادس فيلومتور وبطليموس السابع إيرجيتيس الثاني٤٩

هذه اللوحة مصنوعة من الحجر الرملي، ويبلغ ارتفاعها ٨٤ سنتيمترًا، وهي مستديرة في أعلاها، وقد مثل في الجزء الأعلى قرص الشمس المجنح، يتدلى منه صِلَّان، على رأس كل منهما قرص الشمس، وفي الجزء الأسفل عدة نقوش أفقية أهمها: كلام تنطق به «إزيس» و«نفتيس»، وسيدة الجبانة «حتحور» العظيمة سيدة الغرب.

كلام ينطق به «أوزير-بوخيس»، «أتوم» بقرنين على رأسه، الذي يكرر (يعيد) حياة التاسوع، الإله العظيم الحي، رب بيت «أتوم».٥٠

وفي أسفل هذه النقوش منظر يُشَاهَد فيه الملك يقدم للعجل «بوخيس» محتويات آنيتين …

وبعد ذلك يأتي في الجزء الأسفل من اللوحة المتن الرئيسي، ويُلحظ أنه غامض وغير كامل.

(أ) الترجمة

السنة السادسة والثلاثون المقابلة للسنة الخامسة والعشرين، ٢٧ مسرى، الساعة الحادية عشرة ليلًا، عندما انبثق فجر يوم ٢٨، في عهد جلالة ملك الوجه القبلي والوجه البحري (أوع نتر-وي بر-وي، خبر بتاح، ستب رع، أر-ماعت أمن) (= وارث الإلهين إبيفانس، صورة «بتاح»، المختار من «رع»، الذي يعمل الحق ﻟ «آمون») ابن «رع» (بطليموس العائش أبديًّا، محبوب بتاح)، ومحبوب «أوزيربوخيس»، والروح الحية للذي في تابوته (يقصد أوزير)، والذي يجدد حياة جميع الآلهة. في هذا اليوم صعد إلى السماء جلالة هذا الإله الشريف «بوخيس»، روح «رع» الحية ومظهر «رع»، وهو الذي قد وضعته (البقرة) «تي-خنومت»، وطول حياته هو سبعة عشر عامًا وخمسة أشهر وعشرون يومًا، وكان قد وُلد في السنة التاسعة عشرة الثالث من برمودة في الحقل الشمالي من بيت …

وقد اقْتِيد إلى مقاطعة «حت سنفرو» (= أصفون). وبعد ذلك حضر الكهنة والمفتشون الملكيون وجنود البيتين العظيمين إلى (أصفون).٥١ وأحضر إلى «تنن» (الواقعة بالقرب من «أرمنت» وبين الأخيرة و«أصفون»)، وعندئذ أقلع الكهنة خَدَمَة الآلهة وكهنة الساعة في المعبد والمفتشون الملكيون، وكل ناس «أرمنت» إلى «تنن»، وقد قُربت هناك قربات عظيمة؛ فنُصب موقد وطُهي عليه ساق ثور، وقُربت القرابين، وبعد ذلك نقل على النيل هذا الإله الطيب «بوخيس» الجميل «آمون» الذي يمشي على أربع إلى هذه المدينة الطيبة العظيمة مكان تتويجه منذ الأزل. وقد أُخذ إلى «حت نب» (= جزء المعبد الذي كان يُحفظ فيه الصورة المقدسة) في «أبت»؛ لأنه لم يعد بعد هناك أي أجانب من «يه» (إحدى ضواحي منف) في معبد «آمون».٥٢ وقد أُقيم حفل تنصيبه على يد كهنته هو … وقد حُرر مرسوم رسمي في حضرة جلالته،٥٣ وبعد ذلك أقلع الملك والذين كانوا في ركابه إلى «طيبة»، وظهر «أمنؤبت» إله المدينة في موكب، وسار جلالته أمامه، ووقف الإله «أمنؤبت» قبالة هذا الإله، وكذلك الملك ومعه رجال حاشيته، والكهنة خدمة الإله والكهنة وكُتاب بيت رجال الحكمة وكل جنود البلاد. وقد أتوا في ركابه إلى «طيبة»، وقد نُصب هذا الإله الطيب في السنة الرابعة والعشرين من عهد «فيلومتور» في اليوم الأخير من شهر بابه، وبعد ذلك أقلع (هذا الإله الطيب؟) إلى «أرمنت» في شهر بشنس في السنة الأولى (؟) وقد ظهر على عرشه في حياة. ليته يعطي كل الصحة لابن «رع» (بطليموس العائش أبديًّا، محبوب «رع») … الإلهان المحبان لأمهما.

(ب) تعليق

على الرغم مما في متن هذه اللوحة من صعوبات لغوية وجغرافية فإنه يمكن تلخيص ما جاء فيها على الوجه الآتي:
  • (أ)

    وُلد هذا العجل في السنة التاسعة عشرة، ٣ برمودة عام ١٦٢ق.م.

  • (ب)

    ونُصب في السنة الرابعة والعشرين، ٣٠ بابه عام ١٥٧ق.م.

  • (جـ)

    ومات في العام ٣٦ = عام ٢٥، في السابع والعشرين من شهر مسرى = عام ١٤٥ق.م.

  • (د)

    وكان عمره ١٤ + س سنين وخمسة أشهر وعشرين يومًا.

أما سير الحوادث في حياة هذه العجل فيُحتمل أنها كانت كالآتي بعد الدرس:
  • (١)

    وُلد العجل «بوخيس» وأُحضر إلى «أصفون» بعد ذلك.

  • (٢)

    يذهب بعثٌ خاص إلى «أصفون» لفحص العجل «بوخيس»، ولما وجد أنه يحمل كل العلامات الدالة على أنه «بوخيس» أصيل أحضره البعث إلى «تنن».

  • (٣)

    وعلى أثر ذلك نجد أن عددًا أكثر من الكهنة والجنود ومن سكان «أرمنت» يذهب إلى «تنن» ويؤدي ثلاثة احتفالات على شرف الإله الجديد.

  • (٤)

    وقد أُحضر «بوخيس» إلى «واست نخت» (طيبة القوية)، وهناك اقتِيد إلى معبد الأقصر على يد كهنته هو، وهم الذين كان قد عينهم الملك.

  • (٥)

    ثم يقلع الملك ورجال بلاطه مصعدين في النيل إلى «طيبة»، وهناك أقيم الحفل الثاني الخاص بتنصيب العجل «بوخيس» وقد قام فيه الإله «أمنؤبت» بدور بارز.

  • (٦)

    وأخيرًا أُحضر «بوخيس» ثانية إلى «أرمنت» بالنيل.

(٢-٣) لوحة للعجل أبيس عُثِرَ عليها في الجهة الشرقية من السربيوم بمنف

هذه اللوحة مؤرَّخة بالسنة السادسة من حكم «بطليموس السادس»، وذلك عندما كان يحكم بالاشتراك مع «بطليموس السابع» أخيه و«كليوباترا الثانية»، وهذه اللوحة محفوظة الآن بمتحف اللوﭬر.

وهاك ترجمة ما جاء على هذه اللوحة مع حذف الألقاب الطويلة التي جاءت عليها فقد ذكرناها في غير هذا المكان مرارًا وتكرارًا:٥٤

السنة السادسة (…) من عهد جلالة الملك «بطليموس السادس» وأخيه «بطليموس السابع» وأخته الملكة حاكمة الأرضين «كليوباترا» (…). الإلهين الأخوين والإلهين المحسنين والإلهين المحبين لوالدهما والإلهين الظاهرين والإلهين المحبين لأمهما. في هذا اليوم حُنط هذا الإله الفاخر «أوزير أبيس» بيدي «أنوبيس» في «قمت» بالقرب من «روستاو» (جبانة منف) في تابوت مزدوج من الجرانيت الأسود، وبعد ذلك عُملت له كل شعيرة البيت الطاهر (أي مكان التحنيط) خلال السبعين يومًا على يد «أنوبيس» رب الأرض المقدسة (الجبانة)، وبعد أن وُلد جلالة هذا الإله في مدينة «دمنهور» وهي التي تقع في مقاطعة «سايس» على الجانب الغربي من النهر العظيم. وفي العام التاسع عشر في الثالث عشر من كيهك في عهد الملك «بطليموس الخامس» تُوج في مدينة «بتاح» وأُجلس على عرشه في «منف» في السنة الواحدة والعشرين في اليوم الثاني من شهر توت في عهد جلالة الملك «بطليموس الخامس»، وقد صعد نفس هذا الإله إلى السماء في السنة السادسة في السادس من شهر برمهات، وكان عمر هذا الإله اثنين وعشرين عامًا وشهرين وثلاثة وعشرين يومًا.

وقد أقام له (هذا) الملك «بطليموس السادس». وأم نفس الإله كانت البقرة المقدسة (المسماة) «تا-رنن».

(أ) تعليق

ومن متن هذه اللوحة نعلم أن العجل «أبيس» الذي من أجله أُقيم هذا النصب التذكاري وُلد في بلدة «دمنهور» في ١٣ كيهك في السنة التاسعة عشرة من حكم الملك «بطليموس الخامس»، وعلى ذلك يكون العجل سلفه قد مات منذ عام أو عامين قبل ذلك التاريخ؛ أي في العام الثامن عشر أو السابع عشر من عهد «بطليموس الخامس» نفسه. وعلى أية حال نجد أن تواريخ العجول المقدسة كانت تساعد على ضبط تواريخ الملوك، وبخاصة عندما يكون هناك تتابع تاريخي في هذه اللوحات. يُضاف إلى ذلك أن إقامة ملوك البطالمة مثل هذه اللوحات للعجول المقدسة في أنحاء البلاد يقدم لنا برهانًا مُحسًّا على مقدار اهتمام الملوك بعبادة الحيوان في تلك العهود المتأخرة. وسنتحدث عن ذلك فيما بعد في فصل خاص.

(٢-٤) لوحة من عهد «بطليموس السادس» محفوظة بالمتحف المصري

يتعبد فيها لآلهة «تانيس».٥٥ هذه اللوحة محفورة في الحجر الجيري، ويبلغ ارتفاعها ٩٠ سنتيمترًا، عُثِرَ عليها في تل «القلعة» ﺑ «ميت رهينة»، ويُشَاهَد في الجزء الأعلى قرص الشمس المجنح يتدلى منه صلان؛ أحدهما على رأسه تاج الجنوب، والآخر عليه تاج الشمال.
وفي أسفل من هذا نشاهد منظرًا مزدوجًا مُثِّلَ فيه «بطليموس فيلومتور» يتعبد لآلهة، ففي المنظر الذي على اليسار يُشَاهَد الملك لابسًا التاج المزدوج يعلوه قرص الشمس المحلى بِصِلَّيْن، ويقدم آنية تعلوها الريشة التي ترمز للعدالة، ثم يأتي بعد ذلك المتن التالي:

ملك الوجه القبلي والوجه البحري (وارث الإلهين الظاهرين، وصورة «بتاح»، المختار من «رع» والذي يعمل الحق لآمون)، ابن «رع» (بطليموس العائش أبديًّا، محبوب بتاح)، محبوب والدته «موت»، ومن يقدم العدالة لوالده الذي خلقه، معطي الحياة.

والآلهة الذين تُقدم لهم القربات هم:
  • (١)

    الإله «آمون» يلبس على رأسه ريشتين، ومعه المتن التالي: «آمون رع» رب تيجان الأرضين، الإله العظيم رب السماء يجيب الملك قائلًا: إني أعطيك أعيادًا ثلاثينية عديدة جدًّا.

  • (٢)

    الإلهة «موت» وتلبس التاج المزدوج: «موت» العظيمة ربة «أشرو» (معبدها بالكرنك) سيدة كل الآلهة، وعين «رع»، وربة السماء تقول: إني أمنحك السلامة وكل انشراح القلب.

  • (٣)

    الإله «خنسو» في صورة مومياء، ويلبس على رأسه قرص القمر، وفي يده صولجان مؤلف من الرموز التي تدل على الثبات والحياة والسلطان والحكم، وجاء مع المتن التالي: إنه «خنسو» طيبة «نفرحتبت»، و«حور» الذهبي المنشرح الصدر والإله العظيم الذي يعيش من العدالة، يقول: إني أمنحك انشراح صدر والدك «رع».

والمنظر الذي على الجهة اليمنى من المنظر السالف جاء فيه:
يُشَاهَد في الجهة اليمنى الملك لابسًا نفس الملابس، ويحمل نفس الألقاب، ويقدم رمز العدالة إلى:
  • (١)

    «حور» رب «مسنت» («زارو»؛ أي «سيلة» القريبة من القنطرة) وهذا الإله يقول للملك: إني أعطيك القوة والنصر.

  • (٢)

    إلهة ترتدي على رأسها القرنين الطويلين، وقرص الشمس وريشتين وتسمى الإلهة العظيمة الوحيدة (لقب للإلهة «حتحور») سيدة «خنت إيابت» (= عاصمة المقاطعة الرابعة عشرة، وهي التي كانت تقع مكان «تل أبو صيفة» الحالي على بعد أربعة كيلومترات من القنطرة الحالية)، ربة «مسنت»، وتقول للملك: إني أمنحك الملك العظيم مع انشراح الصدر.

  • (٣)
    إلهة تُدعى «نب حتب حمت» التي في إقليم «أري نفرت» التي تظهر في حقل «زعنت» (= صان الحجر)٥٦ تقول: إني أعطيك كل الحياة والثبات والقوة وكل انشراح الصدر.

هذا، وقد وُجد الجزء الأسفل من اللوحة — وهو الذي كان قد جُهز لنقش المتن الأصلي الطويل عليه — لم يُنْقَشْ. ولا يرى الإنسان في هذا الجزء من اللوحة إلا بعض أسطر نُقشت بصورة خشنة بالديموطيقية، ويظهر أنها نُقِشَتْ فيما بعد. على أنه ليس هناك ما يدعو إلى الدهشة في عدم نقش متن هذه اللوحة؛ وذلك لأن عصر هذا الملك وعصر الملك الذي سبقه كذلك كانا مليئين بالثورات والحروب الأهلية في كل من الوجهين القبلي والبحري كما أشرنا إلى ذلك من قبل. هذا، ويلفت النظر هنا بوجه خاص فيما تبقى لنا من نقوش على هذه اللوحة أن «بطليموس السادس» كان يتقرب بالعبادة إلى آلهة «تانيس» (صان الحجر)، وذلك كما سنرى بعد؛ لأن كهنة الوجه البحري كانوا أكثر ولاء له من كهنة الوجه القبلي. هذا، ويُلحظ كذلك أن هذه اللوحة لم يُعثر عليها في شرقي الدلتا كما كان المنتظر، وعلى ذلك فإنه من المحتمل أنها كانت مخصصة لتُوضع في معبد من معابد «تانيس»، ولكن في الوقت نفسه كان قد طُلب إلى أحد المصانع المختصة بالحفر في «منف» لصنعها؛ لأن «منف» كانت تُعتبر موطنًا لصناعة الحفر منذ أقدم العهود، لا سيما أن الحجر الجيري الأبيض — الذي عملت منه هذه اللوحة، وهو الذي كان من السهل حفره — يوجد في هذه المنطقة، وأعني بذلك منطقة «طره» و«المعصرة».

(٣) المعابد التي بناها بطليموس السادس، والمباني والإصلاحات والإضافات التي قام بها في المعابد المصرية

(٣-١) مقدمة

تدل شواهد الأحوال على أن «بطليموس السادس» لم يَقُمْ بمبانٍ كثيرة كالملوك الذين سبقوه، وقد يرجع السبب في ذلك إلى الحروب الداخلية التي قامت في عهده، وكذلك إلى الحروب الخارجية، وغزو البلاد المصرية على يد «أنتيوكوس الرابع». والواقع أن الأوراق البردية والنقوش لم تحدثنا بشيء كثير عما كان يجري في الأيام الأخيرة من عهد «بطليموس فليومتور»، وكل ما وصل إلينا حتى الآن عن نشاطه في هذه الفترة أنه في أكتوبر عام ١٦٣ق.م قام بصحبة الملكة بزيارة لتفقد أحوال البلاد. وتحدثنا الأوراق البردية التي عُثِرَ عليها في «سرابيوم منف» أنهما كذلك زارا في هذا الوقت المحراب القديم الموجود بجوار العاصمة، وأنهما زارا السربيوم كرة أخرى في أكتوبر عام ١٥٨ق.م وأنهما في نفس الرحلة زارا معبد الفيلة.٥٧ وفي «إدفو» نعلم أن «فيلومتور» قد أضاف بابًا عظيمًا في معبد «حور» العظيم في عام ١٧٧-١٧٦ق.م، وقد أعاقته — كما ذكرنا من قبل بطبيعة الحال — الحرب مع «سوريا» من الاستمرار في بناء المعبد وتزيينه، ولكنه أخذ في العمل فيه من جديد، كما تحدثنا بذلك النقوش في عام ١٥٠-١٤٩ق.م. هذا، وقد ترك «فيلومتور» اسمه بوصفه بانيًا أو مصلحًا أو مزينًا لمعابد على مؤسسات عدة، غير أن النقوش لم تحدد لنا تاريخ قيامه بها. ففي مدينة «أنتاوبوليس» Antaeopolis (= «قاو الكبير» الحالية) نعلم أن «بطليموس فيلومتور» و«كليوباترا» أهديا قاعة عمد صغيرة للإله «أنتايس» Antaeus وهو الإله المصري للمعبد غير أن اسمه ليس بمعروف؛ ويُظن أنه كان يُنطق باسمه كالنطق الإغريقي.٥٨ هذا، ويقال إن «بطليموس الخامس» قد بدأ إقامة معبد «كوم أمبو» وأن «بطليموس السادس» استمر في بنائه، غير أنه ليس لدينا ما يدل على أن «بطليموس الخامس» قد بدأه فعلًا كما سنرى بعد. وعلى أية حال لدينا آثار تدل على أن «بطليموس السادس» قد ترك لنا اسمه على معابد أخرى تدل على ما قام به من خدمات نحو الآلهة المصرية. وسنحاول فيما يلي أن نذكر ما أمكن الوقوف عليه من تلك الآثار.

(٣-٢) معبد «كوم أمبو» (أمبوس)

يقع معبد «كوم أمبو» في بقعة جميلة على الشاطئ الشرقي لنهر النيل؛ حيث ينحني النيل انحناءة واسعة من الجنوب إلى الغرب. وتدل الظواهر على أن هذا المعبد يقع على تل مؤلف من بضع مبانٍ يحتمل أنها كانت في الأصل لمعبد وبلد قديمين، ويُلحظ أن الجانب الجنوبي للمعبد مهدد دائمًا بماء النهر الذي ابتلع جزءًا كبيرًا من مدرجه، وقد اتُّخِذَت الإجراءات لإيقاف عبث النهر، وعلى أية حال يقع المعبد في بقعةٍ واسعة من أخصب بقاع القطر المصري في الوجه القبلي.

ومما يؤسف له جدَّ الأسف أننا لا نعرف إلا القليل جدًّا عن تاريخ هذا المعبد، والاسم «أمبوس» مأخوذ من الكلمة القبطية «مبو» وكانت المدينة قبل العصر الروماني يُطلق اسمها على أقصى مقاطعة في مصر العليا؛ فكانت بذلك تحل محل «ألفنتين» بوصفها عاصمة المقاطعة، واسمها بالمصرية «نبيت».٥٩ وقد ترجمت كلمة «نبيت» بمدينة الذهب على زعم أنه كانت تخرج من عندها طريق يخترق الصحراء الغربية؛ لأجل الوصول إلى مناجم الذهب في بلاد النوبة. هذا، وقد ذُكر اسم «نبي» بوصفه أحد البلاد التي كان يحصل منها «رعمسيس الثالث» على الذهب، وذلك في نقوش مدينة «هابو».
هذا، وكان الاسم المقدس لهذه المدينة يُدعى «مدينة العينين المقدستين»، وذلك بالإشارة إلى هاتين العينين اللتين كانتا تُعبدان في معبد هذه المدينة. ولا نزاع في أن هذه البلدة كانت صاحبة ثراء منذ أوائل الأسرة الثامنة عشرة؛ ومن ثم لا بد أنها كانت موجودة منذ الأسرة الثانية عشرة على ما يُظن، ولا جدال في أن هذه المدينة قد اشتقت أهميتها من البقعة الخصبة التي تقع فيها. هذا فضلًا عن أنها كانت ملتقى طرق للواحات وإلى مناجم الذهب؛ ومن ثم أخذ يعظم شأنها بين البلدان المصرية؛ وكذلك ارتفع برفعتها الآلهة المحلية التي كانت تُعبد فيها. يُضاف إلى ذلك أن هذه البلدة منذ الأسرة الثامنة عشرة كانت محاطة بجدار عظيم سميك. وتدل كل الشواهد على أنها كانت مستعملة قلعة. ومنذ عهد الملك «أمنحوتب الأول» كان يوجد فيها معبد عُثر على بعض قطع من الحجر من مبانيه، وهذا المعبد لا بد أن معظمه كان قد ابتلعه النهر. ومن عهد الملك «تحتمس الثالث» والملكة «حتشبسوت» عُثر على مدخل بوابة عليه اسما هذين الملكين في داخل الجدار المحيط بالمدينة.٦٠

ولا نزاع في أن الملك «رعمسيس الثاني» وغيره من الملوك قد أصلحوا أو أضافوا إلى هذا المعبد، غير أنه اختفى الآن، وجُدد كله في عهد البطالمة.

(أ) الآلهة التي كانت تُعْبِدُ في معبد «كوم أمبو»

الواقع أننا قد وجدنا في معظم الأحوال أن المصريين القدامى كانوا يتخذون آلهتهم في بادئ الأمر من طبيعة البيئة التي كانوا يعيشون فيها، مراعين في ذلك ما كان يفيدهم من هذه الآلهة سواء أكان ذلك بكشف الضر عنهم أو جلب الخير لهم؛ ففي بيئة «كوم أمبو» مثلًا — التي نحن بصدد الحديث عنها — نلحظ أنه كانت تُوجد قبالة معبد «كوم أمبو» جزيرة تتألف في معظمها من كثبان مهيلة من الرمال، وهذه الجزيرة كانت في الأزمان القديمة متصلة بشاطئ النيل الشرقي، وكانت حتى الأزمان الحديثة مأوى للتماسيح، ومن ثم نعلم أن سكان بلدة «نبيت» كانوا قد أخذوا يعبدون هذا الحيوان على ما يُظن، وعلى أية حال فإنه يُلحظ في طبيعة هذا الحيوان شيء من الغموض والسرية. ومهما يكن من أمر فإن هذه الحيوانات قد جعلت النهر في هذه البقعة غير مأمون الجانب؛ بل كان خطرًا على كل من يقترب منه؛ إذ كانت التماسيح تنقض هناك على الآدميين وتبتلعهم، ومن أجل ذلك أخذ أهالي مدينة «نبيت» — أولًا — يستعطفون هذا الحيوان بتقديم الطعام له، وبعد ذلك اتخذوه إلهًا لهم، وقد كان يسمى عندهم «سبك» سيد «نبيت»، وقد دلت الآثار على أن هذا الإله كان يُعبد في منطقة جبل السلسلة في خلال الأسرة الثامنة عشرة، وكان معبده يُسمى «بيت سبك»، ولا غرابة في ذلك؛ فإن منطقة السلسلة هذه هي البقعة التي كان يظن قدماء المصريين — وبخاصة في عهد الدولة الحديثة — أنها المكان الذي ينبع منه النيل، ولذلك كانت تكثر فيها التماسيح، وأصبحت تعبد في صورة الإله «سبك». غير أن عبادة الإله «سبك» هذا تطورت بتطور الديانة المصرية؛ فأصبح يُطلق على هذا الإله اسم «سبك رع».

ومنذ ذلك الحين أصبح يتصف بكل الصفات التي كان يتصف بها الإله «رع» ومن شاكله، ولدينا أنشودة تتغنى بصفاته وقدرته فتقول: إنه الروح الإلهية للعظيم.٦١ ثم استمرت الأنشودة تذكر أن صورته العظيمة هي صورة خالق الأرض، وأنه هو الذي خلق المحيط في حينه؛ والإله العظيم الذي خرج من عينيه النجمان الشمس والقمر؛ وعينه اليمنى تضيء نهارًا وعينه اليسرى تضيء ليلًا … والريح يأتي من فمه، وريح الشمال يأتي من أنفه، والنيل يسيل منه بمثابة عرقه، ويجعل الحقول خصبة، وأنه يفزع العدو في صورته باسمه «سبك رع»، وهو الذي في بحيرته. هذا، ونجد أنه على الرغم من ذلك كان يظهر في صورته القديمة بوصفه محاربًا للعدو، والمسيطر على الماء؛ فكان يُقال عنه: «إنه صاحب الفم الثائر على العدو».
وكان من أبرز صفاته أنه كان يظهر بوصفه الإله القديم والخالق، وفي هذه الحالة كان يُدعى مثلما كان يُدعى «آتوم» أو «نون» والد الآلهة وحاكم التاسوع الإلهي، والذي صنع ما هو موجود والذي خلق ما هو كائن.٦٢ وكذلك يُقال عنه: إنه والد الآلهة الذي جاء من المحيط، ومن لا يعرف الإنسان صورته٦٣ (وهو هنا مثل «آمون»)، وإنه رب الحقول، وحاكم النباتات، ومن تنبع الأرزاق من جوفه.
وفي هذه الحالة يتضح لنا أن الإله «سبك» في معبد «كوم أمبو» قد انتقل من إله ماء إلى إله الأرض؛ أي إنه أصبح مثل الأرض «جب»٦٤ أحد آلهة التاسوع الهليوبوليتي (عين شمس).
ولا غرابة في ذلك فقد وجدناه منذ العصر المتوسط الأول في متون التوابيت يُوصَف بأنه «سبك» الذي يخرج من باطن «جب» السري.٦٥ ومن جهة أخرى نجد أن الإله «سبك» قد جاء ذكره في متون الأهرام بوصفه ابن الإلهة «نيت»، وأنه قد أتى من عظم وعرق العظيم الذي في الضوء اللامع.
يُضاف إلى ذلك أن عبادة التمساح كانت منتشرة في كل أنحاء البلاد بوصفه إله الماء، والخالق لكل شيء، حتى أصبح يُعتبر أن كل من أكله التمساح شهيد، وكذلك يكون مثل الإله «أوزير» الذي غرق في الماء وأصبح شهيدًا، ومن ثم أصبح كل غريق شهيدًا (A. Z. 46. p. 132). أما الإلهان اللذان كانا يكملان ثالوث هذا الإله فهما الإلهة «حتحور» والإله «خنسو-حور».

الإله «حور-ور»

كان معبد «كوم أمبو» مُقَسمًا قسمين منفصلين من حيث العبادة على غير العادة. ويدل تصميم المعبد على أنه قد حدث اتفاق بين كهنة كل من الإلهين المحليين، فكان الإله «حور-ور» يحتل القسم الشمالي، والإله «سبك رع» يحتل القسم الجنوبي، ولا شك في أن من يرسل نظرة من باب هذا المعبد المزدوج فإنه يرى في نهاية المعبد قدس الأقداس دون كبير عناء.

ولا ريب في أن هذين الإلهين المشتركين في هذا المعبد يُعتبران في الأساطير القديمة بأنهما إنما يمثلان إله السماء «رع» الذي له عينان. غير أن هذين الإلهين كانا في الأصل يظهران على الأرض بصورتين مختلفتين، ولا نزاع في أن التطور الديني في مصر كان يسير سراعًا، وعلى حسب التقلبات العمرانية والسياسية؛ فكان الكهنة يتحكمون في تكييف آلهتهم المحلية على حسب الأحوال. ولا غرابة في أن نجد هنا أن الإله «سبك» الذي كان يمثل التمساح ويخاف الناس شره قد أصبح إلهًا عالميًّا، ومع ذلك فإن صفاته الأولى كانت دائمًا تبقى عالقة به كما شاهدنا من قبل، والسبب في ذلك يرجع إلى أن المصري كان يحافظ على كل ما هو قديم.

أما الإله «حور-ور» (أي حور الكبير) فهو إله الشمس المرتبط بعبادة الإله «رع» الهليوبوليتي. فقد جاء في الأساطير أنه ابن «رع» وأنه لعب دورًا هامًّا في الأزمان الغابرة، ومن ثم قد أصبح يُعتبر من أعضاء التاسوع الهليوبوليتي. والعلامة المميزة للإله «حور-ور» إله «أمبوس» قدمها لنا الأستاذ «ينكر» في كتابه المسمى أسطورة «أونوريس»، فقد قال: إن أساس أسطورة هذا الإله ترجع إلى عقيدة بلدة «ليتوبوليس» (أوسيم الحالية)، فقد كان إله هذه البلدة يُدعى «حور» ليس له عينان، ومن الجائز أن ذلك قد حدث باتفاق وترتيب مع عباد «حور» بلدة «ليتوبوليس». هذا، وكان يُعبد كذلك في بلدة «قوص» القريبة من «كوم أمبو»، ومن ثم انتقل إليها، وقد كان إله «كوم أمبو» يُدعى بنفس اسم إله «قوص»، ومن أجل ذلك كان يلبس تاج الوجه القبلي. وعلى أية حال فإن المتون المصرية لا تنكر شيئًا من ذلك؛ بل تدل على أن هذا الإله أصله من «ليتوبوليس». فمثلًا نجد أنه كان يُحتفل بعيد في اليوم الثاني من الشهر الثاني من فصل الفيضان (شهر بابه)، وهو عيد «حور» الوحيد في بلده عندما كان في الوجه البحري (أي في «أوسيم»)، وهذا الإله «حور-ور» هو نفس الإله الذي كان يُعبد في «إدفو» في صورة خاصة. وكانت أشكال «حور» هذه ترجع إلى أصلها الهليوبوليتي (عين شمس)، حيث كانت العبادة الأصلية للإله «رع»، ومن هنا انتشرت في جميع نواحي مصر. هذا، ويمكن الإنسان فضلًا عن ذلك أن ينسب أسطورة عبادة «كوم أمبو» مباشرة إلى أنها أنموذج من التطور السحيق في القدم للعقيدة الشمسية، كما جاء في نقوش معبد «كوم أمبو» فاستمع إلى ذلك:٦٦

إن مدينة «أمبوس» كانت مدينة الإله «شو» في الأزل، وقد أتى إليه والده وأخفاه هناك من أمام عدوه، وعندما أتى الشر ليبحث عنه (أي «ست») أخذ الإله «شو» صورة «حور» وهو الذي كان يقبض على حربته بساعده الضارب (مثل «أونوريس»!) وقتله في الحال في هذه المقاطعة، وقد كان قلب «رع» منشرحًا بما عمله له ابنه «شو»، وقد أصبح بذلك عظيمًا على كل الآلهة ومسيطرًا على التاسوع الإلهي، وقد سمي «شو» الصقر بسبب ذلك في هذه المدينة.

وكذلك أتت الإلهة «تفنوت» مع أخيها «شو» عندما كانت عائدة من «يوجم» (بلدة في الجنوب الشرقي)، وقد استقرت في هذه المدينة، وقد كان «رع» معها و«تحوت» خلفها لأجل أن يقفا فيما بينها وبين أخيها «شو»، وهناك تحدث الإله «تحوت» إلى هذه الإلهة قائلًا: لقد أصبحت طيبة في هذه المدينة (ومن هنا) أصبحت تسمى الإلهة «تفنوت» في هذا المكان «تاسنت-نفرت»؛ أي الأخت الطيبة (وهي أحد أفراد ثالوث «حور-ور» في معبد «كوم أمبو»).

هذا، وقد أصبح «حور» «كوم أمبو» بوصفه مثل «شو» فيما يخص لوازم الحياة، كما نظمها في المذهب الهليوبوليتي: «في صورته الحقيقية بوصفه الهواء الذي بين السماء والأرض … وأنه هو الذي يعطي الحياة للآلهة والإلهات … والذي يأتي بالفيضان (النيل) ويجعل الحقول تنمو، ويجعل الخضر تعيش، وذلك عندما يرفع لها بيديه الهواء».

وثالوث «حور-ور» هو: «حور-ور» (حاروئريس) و«تاسنت نفرت» (سنوفيس) و«خنس».

ومما سبق نفهم أن هذين الإلهين «حور-ور» و«سبك رع» كانا في الأصل إلهين محليين، ثم رُفعا إلى مكانة علية بنهوض بلدة «كوم أمبو» واحتلالها مكانة عظيمة بين بلدان القطر. ولأجل أن يصبح لكل منهما قيمته المرموقة في أعين الشعب حاول الكهنة أن ينسب كلًّا منهما إلى الإله «رع» إله الشمس العظيم، وبالغوا في ذلك حتى أصبح كل منهما يفوق الإله الأعظم «رع»، ولكن عندما نعود إلى بحث كنه كل منهما نجد أنه كان إلهًا محليًّا في بيئته، له صفات خاصة وسمات معلومة.

(ب) المناظر التي جاء فيها اسم بطليموس السادس وزوجه كليوباترا في معبد «كوم أمبو»

تدل النقوش التي على جدران معبد «كوم أمبو» على أن أول ملك قام ببنائه هو الملك «بطليموس السادس فيلومتور»، والظاهر أن الجزء الشرقي الخاص بالإله «سبك» قد بُدئ ببنائه أولًا، له ولثالوثه، ثم أقيم الجزء الغربي للإله «حور-ور» وثالوثه، ولدينا نقش إغريقي في المعبد يبين أن الجنود الذين كانوا معسكرين في منطقة «أمبوس» في هذا الوقت قد أقاموا على حسابهم الخاص بعض أجزاء مباني المعبد؛ وذلك على شرف الإله «حور-ور»، ولم يُذكر اسم «سبك» في هذا النقش. والظاهر أن بناء معبد الإله «سبك» كان قد فُرغ منه؛ إذ كان هو الجزء الذي أقيم أولًا، وفي عهد «بطليموس السابع إيرجيتيس الثاني» استمر العمل في المعبد وفي تزيينه، ولم يَبْقَ إلا تزيين قاعة العمد التي تم العمل فيها في عهد «بطليموس نيوس ديونيسوس» Neos Dionysos. وفي عهد الإمبراطور «تبيريوس» أي في بداية العهد المسيحي أقيمت الردهة الأمامية للمعبد وزُينت، وقد تمت اللمسات الأخيرة في عهد الإمبراطور «دوميشيان». وعلى أية حال فإن آخر أسماء وُجدت منقوشة على هذا المعبد كانت للأباطرة «جيتا» و«كاراكلا» ثم «ماكرينوس».

ويُلحظ أن المعبد لم يكن قد تم بصفة نهائية؛ إذ نجد بعض حجره أو بعض تاج عمود لم تكن قد تمت، والظاهر أن فقر الكهنة وعدم قدرتهم على الصرف على إتمام هذا المعبد بصفة نهائية كان السبب في إيقاف العمل. كما يظهر أن الوقت الذي استغرقه بناء هذا المعبد من البداية حتى النهاية يبلغ حوالي أربعمائة سنة تقريبًا.

وسنحاول هنا أن نذكر بقدر المستطاع النقوش التي باسم «بطليموس السادس»، وهي التي تركها لنا على جدران المعبد. وتدل الظواهر على أنه قد بنى الجزء الأعظم من المعبدين مبتدئًا بقدس الأقداس حتى قاعة العمد الداخلية، اللهم إلا إذا كان قد امتدت مبانيه إلى أكثر من ذلك، غير أنه لم يزينها بالمناظر والنقوش.

قاعة العمد الداخلية٦٧

  • المدخل الشمالي: (٦٠) و(٦١): يُشَاهَد على سمكي الباب خمسة صفوف نقش مثل فيها «بطليموس السادس» أمام إلهين، كما يُشَاهَد متن عمودي عند القاعدة.

الدهليز الخارجي «بطليموس فيلومتور»

  • الواجهة: (٧٨) و(٧٩) و(٨٠): يُشَاهَد هنا بقايا ثلاثة صفوف تشمل مناظر قربان.
  • المدخل الشمالي: (٨١) و(٨٢): يُشَاهَد على العتب الخارجي منظر مزدوج يُلاحَظ فيه الملك يجري نحو «حور-ور»، ويقدم صورة «ماعت» لثالوثي «حور-ور» و«سبك»؛ ثم يجري ومعه السكان (حاب) والمجداف نحو الإله «سبك-رع»، ويُشَاهَد على قائمتي الباب خمسة صفوف؛ يُشاهِد فيها الملك أمام إلهين، ومنقوش معه أناشيد للإلهين «حور-ور» و«سبك-رع» على قاعدة الجدار.

    (٨٤) و(٨٥): يُشَاهَد على سمكي الباب خمسة مناظر يُرى في كل منها «بطليموس السادس» يقدم لإلهة (مهشمة).

    (٨٦) و(٨٧): يُشَاهَد هنا على العتب الداخلي منظر مزدوج يُرَى فيه الملك يقرب نبيذًا للآلهة «سبك» و«حتحور» و«حور-ور» و«سنوفيس»، كما يُشَاهَد على قائمتي الباب خمسة صفوف يُرَى الملك في كل أمام آلهة. وهناك متون تذكر المعبد وأناشيد للإله «حور» والإله «سبك» على القاعدة.

  • المدخل الجنوبي: (٨٨) و(٨٩): يُشَاهَد على العتب الخارجي مناظر مزدوجة يُرَى فيها «بطليموس السادس» يجري ومعه آنيتان يقدمهما للإله «حور-ور»، كما تُشاهَد «كليوباترا» الثانية تقدم النبيذ لثالوث «حور-ور» على الجانب الأيمن. وعلى قائمتي الباب تُشاهَد خمسة صفوف يُرَى فيها الملك في كل أمام إلهين.

    (٩٢) و(٩٣): مُثل على العتب الداخلي منظر مزدوج يُشَاهَد فيه الملك يقدم أزهارًا للآلهة «حور-ور» و«سنوفيس» و«سبك» و«حتحور». ويُشَاهَد على قائمتي الباب المهشمتين خمسة صفوف مثل فيها الملك أمام إلهين، كما تُشاهَد متون جاء فيها ذكر المعبد على القاعدة.

  • الداخل: (٩٤): يُشَاهَد هنا الملك يقدم نبيذًا لإله وإلهة. وهناك منظر مهشم يُشَاهَد فيه الملك يطهره كل من «تحوت» و«حور»، وعند القاعدة تقويم.

    (٩٥): يُشَاهَد هنا ثلاثة صفوف يتعبد فيها الملك للإله «سبك»، ويقدم صلين للإله «سبك-رع» وصناجة للإلهة «حتحور»، كما نشاهد أنشودة مؤلفة من عشرة أعمدة عند القاعدة.

    (٩٦): يُشَاهَد هنا صفان من النقوش يُرَى فيهما الملك يقدم الصولجان «حتس» لإله مهشم، ويصب رملًا أمام كل من «حور-ور» و«سنوفيس».

    (٩٧): يُشَاهَد في الصف الأسفل هنا الإله «خنوم» من منظر مهشم يقود الملك، كما يُرَى الملك يعانقه «سبك». وعند القاعدة يُشَاهَد كل من الملك و«كليوباترا» الثانية يتبعهما إله النيل وأفراد يحملون قربات.

الحجرات التي حول الدهليز

  • الحجرة الأولى: (٩٨) و(١٠٠): يُشَاهَد على الجزء الأسفل من الجدار آلهة نيل تربط رمز «سما» (= علامة توحيد الأرضين) على سمك الجدار، كما يُشَاهَد بقايا أفراد يحملون قربات على الجدار الشمالي.
  • الحجرة الثانية: (١٠١): المدخل (a) و(b) و(c) و(d): يُشَاهَد هنا على قائمتي الباب وسمكيه متون نُقشت عمودية.

    (١٠٢): يقدم هنا الملك ساق ثور للإله «سبك»، ويصب قربانًا سائلة أمام إله وإلهة.

    (١٠٣): المدخل الشرقي (e): يُشَاهَد على العتب الخارجي الملك يقدم زهورًا لثلاثة آلهة، وعلى القائمة اليمنى ثلاثة صفوف متون.

    (١٠٤): المدخل الجنوبي: يُوجد هنا متون على سمكي الباب.

    (١٠٥): يشاهد هنا الملك (مهشمًا) أمام الإله «خنسو» (؟) وعلى القاعدة يُرَى الملك والملكة «كليوباترا» يتبعهما آلهة نيل وإلهات حقول.

  • الحجرة الثالثة: (١٠٦): المدخل (j) و(k) و(l): يُشَاهَد على العتب الخارجي الملك أمام «حور» و«سبك-رع» و«سنوفيس»؛ وتُشاهَد على القائمة الجنوبية والجدار الذي بجانب المدخل متون عمودية.
    (m) و(n) و(o): يُرَى على سمكي الباب متون عمودية تشمل متن عطور من شعائر معبد.
    (p) و(q): ويُوجَد فوق المدخل وعلى يمينه في أعلى بقايا منظر، ووصفة للعطور والشعائر وسطر من النقوش في أسفل.

الدهليز الأوسط

  • الواجهة: (١٠٧): يُشَاهَد في الصفين الأعلى والثاني بقايا مناظر، وفي الصف الثالث يُشَاهَد الملك (مهشمًا) ومعه الإلهة «سشات» تقيس المعبد يتبعهما «حور-ور»، وتقويم على القاعدة.

    (١٠٨): يُشَاهَد هنا ثلاثة صفوف يُرَى فيها الملك يقدم صدرية ﻟ «حور-ور» و«سنوفيس» كما يقدم رموزًا ﻟ «أوزير وننفر» و«إزيس» و«نفتيس»، ومع «أمنوتف» وأعلام، ويطهر المعبد أمام «حور-ور»، وعلى القاعدة يُوجَد متن يذكر أسماء المعبد والبرك المقدسة وأشجارًا وأعيادًا، ويشير إلى أسطورة الإلهين «شو» و«تفنوت».

    (١٠٩): يُرَى هنا الملك يقدم قربانًا سائلة أمام «سبك» (؟)، وعلى القاعدة يخاطب «حور-ور» كما يوجد متن ذكر فيه إعادة بناء المعبد على يد «بطليموس السادس» و«كليوباترا الثانية».٦٨

    (١١٠) و(١١١): يُشَاهَد هنا على عتب الباب منظرٌ مزدوج مُثِّلَ فيه الملك يجري ومعه آنيتين نحو إله، وتتبعه «كليوباترا» الثانية، ويقدم أفاويه (حزو) وآنيتين (حنات) للإله «حور-ور» ولثالوث «سبك»؛ ويُشَاهَد على قائمتي الباب خمسة صفوف يُرَى في كل منها الملك أمام إلهين، ومعه نقش يخاطب به كلًّا من «حور-ور» و«سبك» عند القاعدة.

    (١١٢) و(١١٣): تُوجد متون على سمكي الباب جاء فيها ذكر «بطليموس السادس».

    (١١٤) و(١١٥): يشاهد هنا على العتب الداخلي وعلى قائمتي الباب بقايا مناظر قربان.

  • المدخل الجنوبي: (١١٦) و(١١٧): يُشَاهَد على الطرف الشمالي للعتب وعلى قائمتي الباب بقايا مناظر قربان، وعلى القاعدة خطاب موجه لكل من «حور-ور» و«سبك»، وفوق ذلك متن جاء فيه ذكر المعبد.

    (١١٨) و(١١٩): بقايا متون على سمكي الباب لنفس الملك.

    (١٢٠) و(١٢١): يُشَاهَد على العتب الداخلي بقايا نقوش على الطرف الشمالي يُرَى فيها الملك يتعبد لثلاثة أصلال، واحد منها برأس كوبرا، والثاني برأس صقر، والثالث برأس تمساح، ويُشَاهَد على قائمتي الباب بقايا أربعة صفوف في كل منها تُرى ثلاث إلهات كل منها برأس أسد، ويُوجَد على القاعدة متن.

  • الداخل: (١٢٢): يُوجَد هنا ثلاثة صفوف يُرَى فيها الملك في منظر مهشم؛ كما يُشَاهَد الملك يقدم مائدة للإله «حور-ور»، ويقف أمام «حور» (مهشمًا) ومعه قائمة قربان، وكذلك يُوجَد في أسفل متن يعظم الملك.

    (١٢٣): تُشاهد هنا ثلاثة صفوف مثل فيها «بطليموس السادس» يقدم نطرونًا للإله «سبك»، والإلهة «إزيس»، ويسقط كتلًا من الشحم على مائدة القربان للإلهين «سبك» و«نبتاوي»، ويقدم خبزًا للإله «سبك-رع»، وعلى القاعدة أنشودة.

    (١٢٤) و(١٢٥): يُشَاهَد هنا على الصف الأسفل تقويم، وعلى القاعدة يُوجَد متن يصف المعبد، وخطاب للإله «سبك-رع».

    (١٢٦): يُشَاهَد هنا بقايا صفين من النقوش مثل فيهما الثور «كاكاو-تايحموت» وبقرتان مقدستان وإلهة حقل على القاعدة (وهي ضمن موكب).

  • الحجرة السادسة: (١٢٧) (a)–(d): تُشاهَد هنا فوق المدخل الخارجي قائمة نعوت آلهة، ومعها متون تطلب الإله لقربانه على كل من جانبي الباب وعلى قائمتيه. (e) وعلى سمك الباب يُشَاهَد الملك يقدم نبيذًا ﻟ «حور-ور»، كما يُوجَد متن في أسفل يعظم الملك (f) وعلى مدخل الباب من الداخل يُوجد منظر مزدوج مُثِّلَ فيه الملك بوصفه بولهول.

    (١٢٨) و(١٣٢): توجد هنا خمسة مناظر (بعضها مهشم) يُشَاهَد فيها الملك أمام إله، كما يُشَاهَد الملك ومعه صناجة أمام إلهة؛ وكذلك يُرَى الملك يقدم «حح» (ملايين السنين) للإله «حور» وجعة لإلهة، كما يُشَاهَد وهو يهرول ومعه ثلاثة سيقان من البردي نحو إله.

    وعلى القاعدة يُرَى الملك و«كليوباترا الثانية» يتبعها آلهة نيل وإلهات حقول.

    (١٣٣) المدخل الغربي: (a) توجد على عتب الباب صورتان لتمثالي بولهول. (b) يوجد على سمك الباب متن. (c) يُشَاهَد على سمك الباب هنا زينة كما تُشاهَد الإلهتان «نخبيت» و«بوتو» في صورتي صلين مجنحين، ومعهما طغراءات ورمز توحيد الأرضين، وعلى القاعدة صورة إله النيل.
    (١٣٤) المدخل الشرقي (a) و(b): يُشَاهَد على سمكي الباب متون.

الدهليز الداخلي

  • الواجهة: (١٣٥): يُشَاهَد في الصف الأعلى والثاني بقايا مناظر قربان، وفي الصف الثالث الملك (مهشمًا) أمام «حور» (؟) و«سبك»، وعلى القاعدة مثل «بطليموس السادس» و«كليوباترا الثانية» مع قربان.

    (١٣٦): تُشاهَد في الصف الأعلى وفي الصف الثاني مناظر قربان مزدوجة، وفي الصف الثالث «سماور» (= العجل بوخيس) يتبعه الملك، ومعه خبز، ويحضر مائدة أمام «سبك» و«حتحور»، وعلى القاعدة متن مؤلَّف من عشرين عمودًا يشير إلى أسطورة الإلهين «شو» و«تفنوت».

    (١٣٧): يُشَاهَد صفان من النقوش يُرَى فيهما آلهة من منظر مهشم و«إبيس» برأس ثور يتبعه الملك وهو يجهز مائدة قربان أمام «حور-ور» و«سنوفيس»، وعلى القاعدة «بطليموس السادس» و«كليوباترا» وإله النيل الخاص بالوجه القبلي (تابع للمنظر المستمر من ١٢٦).

  • المدخل الشمالي: (١٣٨) و(١٣٩): يُشَاهَد على عتب الباب منظر مزدوج يُرَى في النصف الشمالي منه الملك يقدم زهورًا للإلهين «حور-ور» و«خنسو»، كما يُرَى مع الملكة «كليوباترا» الثانية وهو يقدم صورة «ماعت» للإلهين «سبك» و«حتحور»، وقد مثل على قائمتي الباب ثلاثة صفوف تشمل مناظر قربان، ويُوجَد كذلك متن يصف المعبد عند القاعدة على القائمة الجنوبية.

    (١٤٠) و(١٤١): يُشَاهَد على سمكي الباب بقايا متون نُقِشَتْ عمودية.

    (١٤٢): يُشَاهَد على سمك الباب رمز زينة ومتن أفقي.

    (١٤٣) و(١٤٤): يُشَاهَد على العتب الداخلي منظر مزدوج يُرَى فيه «بطليموس» يجري ومعه آنية نحو «سبك-رع» و«حتحور»، كما يُشَاهَد ومعه السكان (حاب) والمجداف وهو يجري نحو «حور-ور» و«سنوفيس»، ويُشَاهَد على قائمتي الباب أربعة صفوف مثل في كل منهما مناظر قربان، وعلى القاعدة متن يُعظم فيه الملك.

  • المدخل الجنوبي: (١٤٥) و(١٤٦): يُشَاهَد على العتب بقايا نقوش في الطرف الشمالي، ويُرى هناك «بطليموس» يصحبه عجل، ويجري بآنيتين نحو «سبك»، كما تُشاهد أربعة صفوف في كل منها مناظر قربان، وعلى القاعدة يُوجَد متن يصف المعبد.

    (١٤٧) و(١٤٨): يُوجَد على سمكي الجدار متون.

    (١٤٩) و(١٥٠): يُشَاهَد على عتب الباب الداخلي منظر مُثِّلَ فيه «بطليموس» يقدم (حح) رمز الأبدية للإلهين «حور-ور» و«سنوفيس» كما يقدم رموزًا للإلهين «سبك-رع» و«حتحور»، ويُشَاهَد على قائمتي الباب أربعة صفوف عليها مناظر قربان في كل، وعلى القاعدة يُوجَد متن يعظم فيه الملك.

  • الداخل: (١٥١): بقايا ثلاثة صفوف من النقوش عليها مناظر قربان.

    (١٥٢): تُشاهَد هنا ثلاثة صفوف من النقوش مثل فيها «بطليموس السادس» أمام «حور-ور» و«حقات ورت» وأمام «حور» و«حتحور» ثم أمام «حور-ور» و«حتحور».

    (١٥٣): بقايا ثلاثة صفوف من النقوش عليها مناظر قربان.

    وعلى القاعدة آلهة النيل وحاملو قربات.

الحجرات التي حول الدهليز الداخلي

  • المدخل للحجرة رقم ٨: (١٥٤) (a) و(b): يُشَاهَد على قائمة الباب الخارجية والسمك بقايا متون.
  • الحجرة رقم ١٠: (١٥٥) (a) و(b): يُشَاهَد على قائمة الباب الخارجية وعلى السمك بقايا متون.

    (١٥٦): يُشَاهَد هنا الجزء الأسفل من منظر يُرَى فيه الملك أمام الإله «مين» (؟) وإلهتين.

المحاريب

  • الواجهة: (١٥٧): يُشَاهَد هنا الجزء الأسفل من صف من النقوش مُثِّلَ فيه الملك أمام «حور-ور».

    (١٥٨): يُشَاهَد في الصف الأعلى منظر مزدوج مُثِّلَ فيه الملك يقدم نبيذًا للإله «سبك-رع»، كما يقدم صدرية للإله «حور». وفي الصف الثاني منظر مزدوج مُثِّلَ فيه الملك يقدم الزهور للإله «سبك» كما يقدم آنية عطور على شكل بولهول للإله «حور-ور». وفي الصف الثالث يُرى الملك ومعه «كليوباترا الثانية» أمام «خنسو» يكتب على جريدة نخل، وكذلك «حور-ور» و«سبك-رع».

  • المحراب الشمالي: (١٥٩) و(١٦٠): المدخل الخارجي: يُشَاهَد على العتب (معظمه مهشم) منظر مزدوج مُثِّلَ فيه «بطليموس السادس» تتبعه «كليوباترا الثانية»، كما يُشَاهَد الإلهة «سشات ورت» تكتب على عصا «حب سد» (العيد الثلاثيني) أمام ثالوث «حور-ور» وأمام ثالوث «سبك»، ويُشَاهَد على قائمتي الباب أربعة صفوف من النقوش يشمل كل منها مناظر قربات، وعلى القاعدة متون.

    (١٦١) و(١٦٢): يُشَاهَد على سمكي الباب متون.

    (١٦٣) و(١٦٤): يُشَاهَد على العتب الداخلي منظر مزدوج مُثِّلَ فيه الملك يقدم طعامًا للإلهين «سبك-رع» و«نبتاوي»، ويقدم رموزًا للإلهين «حور-ور» و«خنسو» ويُشَاهَد على قائمتي الباب متون.

    (١٦٥) و(١٦٦): بقايا مناظر يُرَى فيها الملك ومعه مائدة، كما يُرَى ومعه البخور والقربات السائلة.

  • المحراب الجنوبي: (١٦٧) و(١٦٨): المدخل الخارجي: يُشَاهَد على العتب بقايا نقوش في الطرف الشمالي حيث تُرى «كليوباترا الثانية» تتبعها الإلهة «بوتو» مع عصا «حب سد». ويُشَاهَد على قائمة الباب الشمالية أربعة صفوف من النقوش، وعلى القائمة الجنوبية أربعة مناظر قربات، كما تُشاهَد متون على القاعدة.

    (١٧٣) يُشَاهَد هنا بقايا منظر يمثل فيه الملك ومائدة قربان.

  • على ظاهر المحاريب: يُشَاهَد على الجدران الشمالية والشرقية والجنوبية آلهة نيل وحاملات قربان وآلهة حقل.

الحجرات التي خلف المحرابين

  • الحجرة ١٣: (١٧٤) و(١٧٥) بقايا مناظر.
  • الحجرة رقم ١٧: (١٧٦) (a) و(b): يُشَاهَد على القائمة الجنوبية الخارجية وعلى سمك الباب بقايا متون. (c) يشاهد على قاعدة جدار القائمة الجنوبية آلهة نيل وإلهات حقل.
  • الحجرة رقم ١٨: (١٧٧) (a)–(e): نشاهد هنا متونًا على قائمتي الباب من الخارج وعلى سمكي الباب، كما نشاهد جزءًا من متن شمالي المدخل.

    (١٧٨) و(١٧٩) و(١٨٠): يُشَاهَد هنا «بطليموس السادس» يتعبد للإلهة «ترموتيس» وإلى إلهة أخرى على هيئة ثعبان على قاعدتين، كما تُشاهَد بقايا منظرين من القرابين.

تعليق

إن أول ما يلفت النظر في مناظر هذا المعبد وما جاء فيها من نقوش ومتون هو أن «بطليموس السادس» لم يَدَّعِ أنه هو الذي أسس هذا المعبد؛ بل يقول صراحة: إن هذا المعبد كان موجودًا من قبل، وأنه هو الذي أعاد بناءه.٦٩ ومن أجل ذلك نجد أن الكهنة قد أوردوا متونًا كثيرة في وصف المعبد وتعظيم الملك «بطليموس السادس» بوصفه بانيه من جديد، والآلهة التي يخاطبهم الملك في هذه المناظر ويقدم لهم القربان هم بطبيعة الحال الإله «حور-ور» وثالوثه والإله «سبك-رع» وثالوثه، وقد كان أهم قربان يُقدم لهم هو «تمثال» الإلهة «ماعت» التي تمثل العدالة وفي آن واحد تمثل الطعام الحقيقي، غير أن الآلهة كانوا يرغبون في أن يعيشوا على الصدق والعدل في حين أن الكهنة كانوا يريدون المادة الحقيقية، ومن أجل ذلك جعلوا تمثال «ماعت» يمثل العدالة والمادة معًا.

ولما كان «سبك-رع» — أحد الإلهين اللذين يُعبدان في المعبد — إله ماء، وبخاصة أن مكان معبد «كوم أمبو» يقع بجوار المكان الذي ينبع منه النيل على زعم المصريين القدامى وهو منطقة جبل السلسلة، فقد كان المفروض أن رخاء البلاد ونعيمها يتوقف على ما يغدقه النيل من خيرات على البلاد، لهذا كان الإله يجعل النيل يفيض عاليًا كل سنة مما يسبغ على الحقول بهجة ونضارة ورزقًا وفيرًا، ومن أجل ذلك نجد أنه جاء ذكر إله النيل «حعبي» كما جاء ذكر إلهات الحقول اللائي كن يقدمن خيراتهن، وكذلك جاء ذكر الإله «خنوم» وهو إله الشلال والصانع للمخلوقات، وأخيرًا جاء ذكر إلهة الحصاد «ترموتت» التي كانت تقدم للبلاد الغذاء الوفير.

وقد جاء في متون هذا المعبد آلهة أخرى كانت لها منزلة كبيرة في تلك الفترة من تاريخ البلاد، وكلها كانت لها علاقة بثروة البلاد وسعادتها؛ نذكر منها الإله «مين» رب الخصب والنماء. هذا، ولما كانت عبادة الحيوان منتشرة نامية في هذا العهد فقد جاء في نقوش هذا المعبد ذكر الإلهين «سماور» و«أبيس»، والأول: هو العجل الذي كان يُعبد في «أرمنت» باسم «بوخيس»، والثاني: هو العجل الذي كان يُعبد في «منف» باسم «أبيس».

(٣-٣) معبد المدمود

يظهر أن «بطليموس السادس» أقام بوابة في معبد «المدمود» الذي أقيم في عهد البطالة، فقد وُجدت قطعة حجر من بوابة باسمه في أساس مبني.٧٠ هذا، ونجد في الردهة الشمالية على سمك باب المعبد رموزًا زخرفية ومتونًا؛٧١ وكذلك نشاهد الملك أمام آلهة. وفي أسفل من ذلك يُشَاهَد الملك يصب القربات السائلة، ونُقش بجانبه أنشودة ﻟ «آتون».٧٢ وكذلك نجد على الجدران التي بين الأعمدة بقايا مناظر.٧٣ ويُلحظ أخيرًا أنه قد وُجدت بقايا طغراءات للملك «بطليموس السادس» لا يُعرف مكانها بالضبط.

(٣-٤) معبد «هو»

يظهر أن «بطليموس السادس» قد أقام معبدًا في هذه البلدة؛ فقد وُجدت قطع من الحجر عليها أجزاء من مناظر تمثل «بطليموس فيلومتور» وهو يقدم قربات للإلهة «إزيس» وقد نُقش عليها طغراء هذا الملك.

(٣-٥) معبد «إسنا»

تدل الآثار التي في متناولنا على أن معبد «إسنا» الذي أقيم على شرف الإله «خنوم» يرجع عهده إلى الدولة الحديثة على أقل تقدير، وقد أعيد بناؤه في عهد البطالمة كما ذكرنا آنفًا، وقد ترك «بطليموس السادس» نقوشًا على جدران هذا المعبد تدل على أنه أسهم في إنجاز هذا المعبد.

وهذه النقوش هي:

واجهة قاعة العمد: (٣٢) و(٣٣): يُشَاهَد هنا ثلاثة صفوف من النقوش يحتوي كل منها على ثلاثة مناظر، يُشَاهَد في المنظر الثاني في كل صف «بطليموس السادس» يتعبد إلى الإلهة «منحيب-نبت-ور» (وهي إلهة تُعبد في إسنا مُثلت في صورة آدمي برأس لبؤة)، كما يتعبد أمام الإلهة «نبت-ور-منحيت».٧٤ هذا، ونشاهد أمام الإلهة «نيت» صناجة. ونقرأ على الجزء الأسفل من هذا الجدار أنشودة للإله «خنوم» ومعها طغراء «بطليموس السادس».٧٥

(٣٤): يُشَاهَد على هذا الجزء من الجدار الخارجي لقاعة العمد «بطليموس السادس» ممثلًا أمام الإلهة «نيت» (ربة سايس) في الصف الأسفل.

(٣٥): وكذلك يُشَاهَد على نفس الجدار ثلاثة صفوف أخرى مُثل عليها «بطليموس السادس» أمام الإلهة «منحيت نبت-ور-منحيت» و«إزيس نبت-ور» والإله «خنوم».٧٦

(٣-٦) معبد «إدفو»

تدل النقوش التي خلفها «بطليموس السادس» على جدران معبد «إدفو» على أنه أسهم بقسط وافر في نقوشها، وفي رفع شأن كهنة هذا المعبد بإغداق الهبات الكثيرة عليهم.

قاعة العمد الخارجية

  • الواجهة: (٥٦): يُشَاهَد هنا الإله «تحوت» يكتب أمام الإلهين «بتاح» و«حور» وقد نُقش بجواره ستة أعمدة من النقوش الهيروغليفية باسم الملك «بطليموس السادس».٧٧
  • المدخل: (١٠٢) و(١٠٣): نُقِشَ على سمكي الباب لمدخل قاعة العمد متن مؤلف من ستة أسطر باسم الملك «بطليموس السادس».

الحجرات التي حول قاعة العمد الداخلية

  • حجرة النيل: (١٢٥) المدخل من قاعة العمد الداخلية: يُشَاهَد على العتب الخارجي لهذه الحجرات طغراءات «بطليموس السادس» والملكة «كليوباترا الثانية»، كما يُشَاهَد على قائمتي الباب نفس الملك يصحبه «حور» و«حتحور»؛ وعلى سمك الباب يُشَاهَد الملك يتقبل رمز الحياة من الإله «حور»، وعلى القاعدة يُشَاهَد «بطليموس» و«كليوباترا» الثانية أمام «حور» و«إزيس».

    (١٢٦) المدخل من الدهليز: يُشَاهَد هنا «بطليموس السادس» يقدم الماء للإله «حور»، وكذلك يُشَاهَد على القاعدة وعلى سمك الباب «بطليموس» و«كليوباترا الثانية» يتبعهما آلهة نيل.

  • المعمل (الحجرة رقم ٢): (١٣٤) المدخل (a) و(b): يُشَاهَد على العتب الخارجي «بطليموس» تتبعه «كليوباترا الثانية» وهو يقدم تماثيل صغيرة … إلخ لثالوث «إدفو».

    (١٣٥): يُشَاهَد هنا في الصف الأعلى «بطليموس السادس» يقدم عطورًا للإله «أوزير» ولإلهتين؛ وفي الصف الثاني نقرأ وصفة طبية، ويُشَاهَد الملك يقدم عطورًا ﻟ «حور».

    (١٣٦): في الصف الأعلى متن نقرأ فيه وصفة طبية، ويُشَاهَد الملك وهو يقدم آنيتين للإله «مين» وللإلهة «إزيس»، وفي الصف الثاني يُرى الملك يتبعه «شزمو» (إله النبيذ) بالعطور، ويقدم قربانًا أمام «حور» و«حتحور»، وفي الصف الثالث متن وصفة طبية، ويُرى الملك تتبعه «نبت نترو» (سيدة الآلهة؟ اسم إلهة) ومعه عطور، ويقدم قربانًا أمام «حتحور».

    (١٣٧): يُرَى «بطليموس السادس» في الصف الأعلى يطلق البخور أمام «حور» و«حتحور»، وفي الصف الثاني متن وصفة طبية، ويُشَاهَد الملك يقدم زيتًا للإله «حور»، وفي الصف الثالث نشاهد منظرين يقدم فيهما الملك للإلهين «حور» و«حتحور».

    (١٣٨): نقرأ في الصف الأعلى وصفة طبية، كما نشاهد «بطليموس» مع الإله «إحي» الصغير يتبعهما الإله «شزمو» (إله النبيذ) ويقدم للإلهة «حتحور» والإله «حورسماتوي» (موحد القطرين)، وفي الصف الثاني متن وصفة طبية، ويُرى الملك يقدم أنواعًا مختلفة من النطرون للآلهة «حور» و«حتحور» و«نخبيت» و«بوتو»، وفي الصف الثالث وصفة طبية طويلة تشمل اثني عشر سطرًا بجانب المدخل، ويُشَاهَد الملك يتبعه الإله «شزمو» ويقدم عطور المر للإله «حور» والإلهة «حتحور». هذا، ويُشَاهَد «بطليموس السادس» مُمَثَّلًا على قاعدة الجدار هو و«كليوباترا الثانية» يتبعهما حاملو القرابين أمام «حور» و«حتحور»، ومع كل منهما سطر من النقوش.

  • دهليز قاعة الخزانة: (١٣٩) (c) و(d): نقرأ هنا على سمكي الباب متونًا باسم «بطليموس السادس». (e) وكذلك نشاهد على سمك الباب «بطليموس السادس» يتقبل رمز الحياة من «حور». (f) و(g) وعلى العتب الداخلي نشاهد «بطليموس السادس» و«كليوباترا الثانية» أمام الآلهة «حور» و«حتحور» و«نبي»٧٨ و«خنمت»٧٩ و«نون رع»٨٠ (؟) و«منقت»٨١ و«نيوبوت»٨٢ و«حتمت».٨٣ وعلى قائمة الباب اليسرى نشاهد صفين من النقوش مُثل فيهما الملك وهو يقدم خبزًا ويقرب فطيرًا للإله «حور»؛ وعلى القائمة اليمنى نشاهد خمسة أعمدة من المتون والملك في أسفل.
    (١٤٠) (c) و(d): على سمكي الباب متون باسم «بطليموس السادس» و«كليوباترا الثانية» وهو يقدم طعامًا للإله «حور» وعلى القاعدة يُشَاهَد ثلاثة من حاملي القربان واسم الباب الذي دخلوا منه فوقهم. (f) و(g) يُشَاهَد على العتب الداخلي الملك يقدم قربانًا أمام «حور» و«حتحور» و«خنوم» و«سخت»٨٤ و«شزمو» و«نب نترو» و«حزتحتب» و«تايبت» (= إلهة النسيج). ويُشَاهَد على قائمة الباب اليسرى متن مؤلف من أربعة أعمدة من الكتابة مُثل تحتها الملك. وعلى القائمة اليمنى يُشَاهَد صفان من النقوش مثل فيهما الملك وهو يقدم أضحيات وقربات للإله «حور».

    ويُشَاهَد على الجدار الشمالي لهذا المدخل ثلاثة صفوف من النقوش، وهي مناظر قربان يُشَاهَد فيها «بطليموس السادس».

    وعلى القاعدة حول الجدران وعلى سمك الجدار (e) (١٣٩) يُشَاهَد «بطليموس السادس» و«كليوباترا» يتبعهما بعض مقاطعات الوجه القبلي والوجه البحري أمام «حور» و«حتحور» على كل من الجانبين مع سطر من الكتابة فوق كل هذا مع ذكر اسم الباب، وعلى إفريز المدخل متن باسم «بطليموس السادس» و«كليوباترا الثانية».
  • حجرة الخزانة (رقم ٤): (١٤١): المدخل (a) يُرَى على العتب الخارجي «بطليموس السادس» و«كليوباترا الثانية» وهو يقرب قربانًا أمام الآلهة «حور» و«حتحور» و«إحي» (ثالوث إدفو)، كما يُشَاهَد كذلك مُمَثَّلًا على قائمة الباب اليسرى وهو يقدم البخور والقربان السائلة أمام «أمحوتب»، وكذلك نقرأ على سمكي الباب متونًا ﻟ «بطليموس السادس» و«كليوباترا الثانية». وعلى سمك الجدار مثل الملك وهو يقدم قربانًا للإله «حور»، كما صُور على قاعدة الجدار وهو يقدم البخور والقربان السائل.

    (١٤٣) و(١٤٥): يُشَاهَد هنا ثلاثة صفوف من النقوش تحتوي على مناظر قربات، هذا بالإضافة إلى متن يتألف من سبعة أسطر عمودية نُقِشَتْ على الجانب الأيمن من المدخل. وعلى قاعدة الجدار يُشَاهَد الملك على كلا الجانبين تتبعه صور تمثل البلاد التي تنتج الذهب والأحجار الكريمة، وعلى رأسها الإله «سيد» من جهة والإله «حا» من جهة أخرى، وهو واقف أمام «حور» و«حتحور». هذا، ويُشَاهَد على إفريز الحجرة متون باسم «بطليموس السادس» و«كليوباترا الثانية».

  • الدهليز الذي حول المحراب: (١٧٨) (c) يُشَاهَد «بطليموس فيلومتور» يقدم قربانًا للإله «حور» ومعه متن على القاعدة.

الحجرات التي حول المحراب

  • الحجرة رقم ١٠: المدخل عند (٢٢٧) (f) يوجد على سمكي الباب متون ﻟ «بطليموس السادس» و«كليوباترا الثانية»، هذا بالإضافة إلى متون أفقية باسم هذا الملك.
  • الحجرة الخارجية للإله «سوكاري» رقم ١٣: المدخل عند (٢٣٢) (c) و(d) و(e) و(f): يُوجد على سمكي الباب متون باسم «بطليموس السادس».
  • الحجرة الداخلية للإله «سوكاري»: المدخل عند (٢٥٧) (e) و(f): يُوجد على سمكي الباب متون باسم «بطليموس السادس» و«كليوباترا الثانية».

    (٢٦٠) و(٢٦٣): يُشَاهَد على الجدار الشرقي على الجزء الأيمن وعلى الجدار الجنوبي متون ساعات الليل في مأساة «أوزير»، كما يُشَاهَد على الجدار الشرقي الجزء الأيسر وعلى الجدار الشمالي متون ساعات النهار في أسرار «أوزير». ويُرى الملك على الجدار الغربي في الصف الأعلى يقدم عصا شعيرة فتح الفم للإله «أوزير» وإلى «شنتايت» في الناووس، ويقدم رموزًا ﻟ «أوزير» و«نفتيس» في الناووس، وفي الصف الثاني مثل الملك وهو يقدم البخور ﻟ «أوزير» و«إزيس» في الناووس، ويقدم قربات سائلة ﻟ «أوزير» و«نفتيس» في الناووس، وفي الصف الثالث يقدم الملك صورة «ماعت» ﻟ «حور» وإلى «حور» و«حتحور».

  • حجرة الساق الخارجية: المدخل (٢٤١) (c) و(d) و(e) و(f): يُوجد على سمكي الباب متون خاصة بكل من «بطليموس السادس» و«كليوباترا الثانية».
    السلم الشرقي: المدخل من الدهليز الخارجي عند (١٥٩) (a) و(b): مثل على العتب الخارجي أربع بقرات مقدسة وثور «كاكاو-تايحوت» ومعه سبع بقرات مقدسة، كما يُشَاهَد على قائمة الباب الشمالية أصلال، ويُشَاهَد الملك على سمك الباب ممثلًا يتقبل رمز الحياة من «حور».
    (٢٨٤) المدخل من قاعة العمد الداخلية (a) و(b): يُشَاهَد على عتب الباب الخارجي طغراءات «بطليموس السادس» و«كليوباترا الثانية».

(أ) النقوش الإهدائية التي على جدران حجرة كنز معبد «إدفو»

خلف لنا «بطليموس السادس» متونًا هامة على جدران حجرة كنز معبد «إدفو» تحدث فيها عما قام به من أعمال جليلة للإله «حور» رب «إدفو» كما أشار إلى أعماله العظيمة في مدة حكمه. وهذه النقوش الإهدائية حُفرت على الجزء الأسفل من جدران حجرة الخزانة، وتحتوي على أربعة نصوص، وهي:

النص الأول

يعيش الإله العظيم والمسيطر الكبير على سكان الأراضي العالية، ملك الوجه القبلي والوجه البحري (وارث الإلهين الظاهرين، صورة «بتاح»، المختار من «رع»، والذي يعمل الحق ﻟ «آمون») الذي يقود «الأونتيو» Iountiou، وضارب اﻟ «كسنتيو»، والذي يجمع قبائل بلاد آسيا، والباسط ذراعيه عندما يحمي مصر مثل إله «إدفو» صاحب الريش المبرقش، ملك مصر، ورئيس سكان الشمال، المحترق (أو الواطئ بقدميه) اﻟ «أبل» Abel بقوته؛ وسكان لبنان تصرع بقوته، وهو الذي جعل بدو «آسيا» يرتعدون، وأهل «أونتيو» بوصفهم رعايا جلالته يحملون محاصيلهم إلى بيته، وجزائر وسط البحر كلها في ابتهاج بسببه، ملك الوجه القبلي والوجه البحري (وارث الإلهين الظاهرين، صورة «بتاح»، المختار من «رع»، والذي يعمل الحق ﻟ «آمون»)، ابن «رع»، (بطليموس العائش أبديًّا، محبوب «بتاح»)، ومعه أخته وزوجه المحبوبة الملكة، سيدة الأرضين «كليوباترا» الإلهان المحبان لوالدتهما ومحبوبا «حور» «إدفو» الإله العظيم رب السماء صاحب الريش الملون الخارج من الخارج من الأفق، والجعران المجنح المبجل الذي على رأس محاريب الجنوب والشمال.

النص الثاني

يعيش الإله، الثور القوي، عظيم البطش، وصاحب الساعدين القويين مثل إله «إدفو» الملوح بالسيف مثل سيد «مسنت» (إدفو) كبير الانتصارات، شديد القوى، المنتصر في الجوار الذي يمكن أن يسكن فيه. ملك الوجه القبلي والوجه البحري، (وارث الإلهين الظاهرين، صورة «بتاح»، والمختار من «رع»، الذي يعمل الحق ﻟ «آمون»)، والذي يهزم «القنبتو»، والذي يدوس بالقدمين العابثين والمظفرين «الفنخو» (الفنيقيين)، عظيم القوة مثل الرجل الفتي الجميل الوجه، عظيم النفوذ، والقوي بالخوف الذي يبعثه، والشجاع في مناجم الصحراء؛ وأولئك الذين في الجبال يهابونه خوفًا منه، ابن «رع» (بطليموس العائش أبديًّا، محبوب «بتاح») مع أخته وزوجه التي يحبها، الملكة على الأرضين «كليوباترا» محبوبة «حور» إدفو الإله العظيم رب السماء و«حتحور» سيدة «دندرة» وعين «رع» القاطن في إدفو.

النص الثالث

إنه «حور» تاتين في جسده، الذي يتحد مع «أبيس» العائش في مهدهما، وقد جعله والده في الواقع يظهر ملكًا للوجه القبلي والوجه البحري، (وارث الإلهين الظاهرين، صورة «بتاح»، المختار من «رع»، والذي يعمل الحق لوالده «آمون»)، ابن «رع»، (بطليموس العائش أبديًّا، محبوب «بتاح»)؛ لقد عمل هذا الأثر الجميل في المكان العظيم (المحراب الرئيسي) لجلالة «رع»، وهو خزانة (حرفيًّا مكان قربات من الغذاء) ثمينة مزودة بمتاعه، والتي تحتوي على جميع محاصيل الأراضي؛ لتجهيز محراب الحقل المقدس، «حور إدفو» سماتوي (= موحد الأرضين) سيد السماء و«حتحور» العظيمة سيدة «دندرة» و«حور سماتوي» الطفل ابن «أونيت» (= حتحور) وإنه ملك الوجه القبلي والوجه البحري، الثابت على عرشه على رأس أرواح العائشين أبديًّا.

النص الرابع

إنه «حور» الذهبي، عظيم البأس، سيد الأعياد الثلاثينية مثل والده «بتاح تاتنن»، والد الآلهة، والملك مثل «رع»، وابن «رع» (بطليموس العائش أبديًّا، محبوب «بتاح»)، ومعه أخته وزوجه الملكة وسيدة الأرضين «كليوباترا»، الإلهين المحبين لأمهما، لقد عمل هذا العمل الجميل لإله «إدفو»، الإله العظيم رب السماء؛ وأنه المكان الجميل (يقصد الخزانة) الممونة بالذهب والفضة أيضًا، وبكل شيء وبالأحجار الكريمة (المستخرجة) من المناجم التي أمامه حقًّا، وهو «حور» إدفو الإله العظيم رب السماء و«حتحور» سيدة «دندرة» في وسط إدفو (أي زائرة إدفو) و«إحي» الابن العظيم لسيدة «دندرة»، وأنه صقر ثابت على عرش أرواح الأحياء أبديًّا.٨٥

تعليق

هذه المتون الأربعة إن دلت على شيء من الوجهة البطليمية فإنها تحدثنا عن أن «بطليموس السادس» كان صاحب سلطان على البلاد الأجنبية، وبخاصة في آسيا؛ أي بلاد الشمال كما عُبر عنها في هذه المتون، هذا مع العلم بأن بعض هذه الأماكن مشكوك فيه؛ وذلك لأن بلاد «كنست» مثلًا قد وُضعت هنا على ساحل البحر الأحمر، وقد ذُكرت في نفس الوقت الذي ذُكرت فيه بلاد «بنت»، ولكن على حسب المتن الذي نحن بصدده لا بد من وضعها في آسيا، غير أن ذلك فيه شك.

وعلى أية حال فإن هذه المتون تظهر ما كان للملك «بطليموس السادس» من قوة وسلطان خارج مصر، وذلك بفضل الآلهة الذين قدم لهم الهدايا والقربات ومَوَّنَ لهم خزانة المعبد في «إدفو» بكل غالٍ وثمين، وأعتقد أن كل ذلك كان من عمل الكهنة الذين كانوا لا يريدون إلا المحافظة على مكانتهم وثرائهم، ولذلك فإن كل ما تحدثوا عنه من عظمة وفخار وامتداد سلطان ونسبوه للملك «بطليموس السادس» لا يطابق الحقائق التاريخية التي ذكرناها فيما سبق. وعلى أية حال فإن «بطليموس السادس» من جانبه كان يريد بعطاءاته هذه استمالة الكهنة؛ لأنه كان يعرف أنهم هم المسيطرون على أرواح عامة الشعب في تلك الفترة من تاريخ البلاد التي كانت الحروب الداخلية ضاربة أطنابها في كل أنحائها. هذا، فضلًا عن تهديد البلاد بالغزو الأجنبي.

(٣-٧) الآثار التي جاء عليها اسم بطليموس السادس في منطقة طيبة

  • (أ)
    معبد الكرنك: المدخل إلى قاعة العمد (انظر رسم المعبد: جزء ٢ Porter & Moss.)
    المدخل الغربي: (١٩): يُوجد هنا أربعة صفوف من النقوش، مثل في الصف الأول «بطليموس الخامس» و«بطليموس السادس» أمام آلهة، وفي الصف الثاني مثل «بطليموس السادس» أمام إلهة الغناء «مرت» ويُرى كذلك نفس الملك يتعبد أمام «بطليموس الخامس» و«كليوباترا».٨٦
  • (ب)
    معبد آمون – المجموعة الوسطى – البوابة: معبد «بتاح» — البوابة الأولى: أقام هذه البوابة «بطليموس السادس» وغيره ممن جاء بعده من ملوك البطالمة.
    ويُشَاهَد على واجهة هذه البوابة من الخارج «بطليموس السادس» في الصف الثاني من المنظر الثالث ومعه لوحة كتابة وهو يقف أمام الإله «بتاح» والإلهة «ماعت».٨٧ وكذلك مثل هذا الملك على الواجهة الخارجية أيضًا واقفًا أمام الإلهين «خنسو» و«موت»،٨٨ وعلى الواجهة الداخلية لهذه البوابة يُرَى «بطليموس» في الصف الثالث وبيديه صناجتين.
  • (جـ)
    دير المدينة: يُوجد بدير المدينة معبد من عهد البطالمة أقامه «بطليموس الرابع» ويوجد في الطرف الشمالي الغربي منه عمود برأس «حتحور» جاء عليه اسم «بطليموس السادس» وألقاب «حتحور». وفي قاعة العمد الصغيرة لهذا المعبد يُشَاهَد تحت النافذة في الصف الأعلى «بطليموس السادس» أمام الإلهة «حتحور»؛ والإلهة «ماعت»، وفي المحراب الأوسط يُشَاهَد على الجدار صفان من النقوش مثل في أحدهما «بطليموس السادس» أمام الآلهة.٨٩

(٣-٨) معبد الفيلة

تدل النقوش التي جاء فيها اسم «بطليموس السادس» في معبد الفيلة على أنه كان مهتمًّا كأسلافه بهذا المعبد، والواقع أن البطالمة في هذه الفترة من تاريخهم كانوا مهتمين بهذا الجزء من ممتلكاتهم؛ لما كان يتأتى فيه من أحداث جسام كما شرحنا ذلك من قبل. هذا فضلًا عن اهتمامهم بعبادة الإلهة «إزيس» وبخاصة «بطليموس السادس» كما سنرى بعد.

وهاك بعض ما تركه لنا هذا الملك من نقوش على جدران هذا المعبد.

(أ) المدخل الغربي لمعبد «إزيس»

(٩٣) و(٩٤) المدخل الخارجي: يُشَاهَد على عتب الباب مناظر مزدوجة؛ فعلى الجانب الأيسر مثل الملك مع «كليوباترا الثانية» وهو يقدم اللبن للإله «حربوخراتيس»؛ كما يُشَاهَد الملك وهو يقدم نبيذًا ﻟ «أوزير» و«إزيس»؛ وعلى الجانب الأيمن مثل الملك ومعه الملكة، وهو يقدم لبنًا ﻟ «حربوخراتيس»، كما يقدم النبيذ للإلهين «خنوم» و«حتحور». هذا، ويُشَاهَد على قائمة الباب الغربية أربعة صفوف من النقوش مثل فيها الملك وهو يقدم صورة العدالة (ماعت) للإله «آمون رع» والإلهة «موت» زوجه؛ كما يقدم لوحة كتابة للإله «شو» والإلهة «سخمت»، ويقف أمام أمير «بوهن» و«نفتيس». كما يقدم طعامًا للإله «أوزير-وننفر» والإلهة «إزيس»، ويُشَاهَد على قائمة الباب الشرقية أربعة صفوف من النقوش مثل فيها الملك وهو يقدم آنية للإله «خنوم» والإلهة «ساتيس» (؟)، كما يقدم جرة على هيئة بولهول فيها عطور للإلهين «شو» و«تفنوت»، كما يقدم العين السليمة لكل من «حور» و«حتحور»، وخبزًا ﻟ «أوزير-وننفر» و«إزيس» هذا. ونشاهد قوارب على القاعدة على كل من قائمتي الباب.

(٩٥) يُوجَد هنا على سمك الباب أربعة صفوف من النقوش مثل فيها الملك وهو يقدم عطورًا للإله «بتاح» في ناووس، كما يقدم نسيجًا للإله «جب» والإلهة «نوت»، ويقدم أوراقًا للإله «مين» والإلهة «وبست» (وهي إلهة تحرق بنارها الأشرار، وهي بوجه خاص إلهة جزيرة «بيجة») ويقدم الحقل ﻟ «أوزير-وننفر» و«حور».

(٩٦) و(٩٧) يُشَاهَد هنا ثلاثة صفوف من النقوش مثل عليها الملك وهو يقدم كنزًا ﻟ «إزيس» وهي ترضع «حور» وإلى الإلهة «بوتو» والإلهة «نخبيت» (؟)، ويُرى الملك مع «كليوباترا الثانية» وهو يقدم صناجة ﻟ «إزيس» ولإلهين، كما يُشَاهَد وهو يقدم نبيذًا ﻟ «أوزير» (على يسار المدخل) ومعه متن على المدخل وعلى يمينه.

(٩٨) و(٩٩): يُشَاهَد هنا عمود من الكتابة على سمكي الباب.

(١٠٠): يُشَاهَد على سمك الباب في الصف الأعلى الملك يقدم طوقًا ﻟ «إزيس» و«حور» الصغير و«حتحور» وثلاث صور ﻟ «إزيس» و«آمون رع» و«نيت»، ومثل في الصف الثاني الملك ومعه نبيذ ومتن طويل، كما مثل مرتين مع أرواح «ب» و«نخن» أمام «حتحور» و«حرسائيسي» الصغير و«أرسنوفيس». وفي الصف الثالث مثل الملك راكعًا على رمز الوحدة تتبعه سبع بقرات «حتحور» وهو يقدم النبيذ ﻟ «أوزير-وننفر» و«إزيس». وفي الصف الرابع نشاهد «كليوباترا الثانية» ومعها صناجة والملك يقدم إكليلًا للإلهة «مرت» الخاصة بالوجه البحري ومعها عود، ولآلهة صغار معهم صناجات؛ وكذلك يقدم الملك قربانًا أمام «إزيس» وإلهين، و«حربوخراتيس»؟ و«حور».

(٩٥) و(٩٦) و(١٠٠): يُشَاهَد هنا على قاعدة الجدار «بطليموس السادس» و«كليوباترا الثانية» يتبعهما صور مقاطعات نوبية.

(١٠١): مثل على سمك الباب هنا أربعة صفوف من النقوش يُشَاهَد فيها الملك يقدم البخور للإله «بتاح» والإلهة «عنقت» كما يقدم النبيذ لكل من «حور» و«حتحور» (؟) ويقف أمام «إزيس» و«حاربوخراتيس».

(١٠٢): على سمك الباب يُشَاهَد الملك في الصف الأعلى وهو يقدم النسيج ﻟ «إزيس» و«حربوخراتيس» و«سفخت-عبو»، و«تفنوت» و«حتحور» و«ماعت» و«خنوم» و«حرت» (آلهة). وفي الصف الثاني مثل الملك يلبس شريطًا على رأسه، يتقدمه ثمانية قردة متعبدة أمام «إزيس» و«حربوخراتيس» و«أمحوتب». وفي الصف الثالث يُشَاهَد الملك يقدم رمز الأبدية (حح) للإلهين «أوزير» و«إزيس»، وكذلك أربع صور للإله «حور» والإلهة «حقات-ورت». وفي الصف الرابع يُرَى الملك تتبعه «كليوباترا الثانية» وهو يقدم القربات أمام «إزيس» (؟) والطفل المقدس و«حتحور» و«حربوخراتيس» و«مرت» الوجه القبلي (إلهة الغناء).

(١٠١) و(١٠٢): يُشَاهَد على القاعدة «بطليموس السادس» و«كليوباترا الثانية» يتبعهما صور مقاطعات نوبية.

(١٠٣) و(١٠٤) الباب الداخلي: يُشَاهَد على عتب الباب مناظر مزدوجة مثل فيها الملك على الجانب الأيسر يقدم صورة (ماعت) ﻟ «حور-إدفو» كما يقدم عطورًا (؟) للإلهة «حتحور». وعلى قائمة الباب الشرقية ثلاثة صفوف من النقوش مثل فيها الملك وهو يقدم طوقًا للإلهة «إزيس» وأزهار بشنين للإله «حور سماتوي» ولازورد للإلهة «إزيس»، كما يُشَاهَد اثنان من محضري القربات على القاعدة. وعلى القائمة الغربية للباب تُوجد ثلاثة صفوف من النقوش مثل فيها الملك وهو يقدم صناجات للإلهة «حتحور» وأحجارًا كريمة للإله «حربوخراتيس» وذهبًا للإلهة «حتحور»، كما يُشَاهَد إله نيل وآلهة حقل على القاعدة.

(ب) مديح في إزيس في معبدي فيلة وكلابشة

يُشَاهَد على خَدَّي الباب الذي في الشمال من الصرح الشرقي للبوابة الكبيرة لمعبد «إزيس» بالفيلة نقش مؤلف من ثلاثة أسطر من عهد «بطليموس السادس». غير أنه مما يُؤسَف له أن هذا النقش في حالة سيئة من الحفظ. وتدل مجريات الأمور على أن هذا المتن — مما تبقى منه — ليس بالمتن العادي الذي يصادفنا كل يوم، ومن أجل ذلك كان لا بد من البحث عن مقابل له، أو بعبارة أخرى رواية ثانية له، وبذلك يمكن بها ملء الفجوات الموجودة فيه. ولحسن الحظ وُجدت رواية لنفس المتن نقلها «بركش» في كتابه المسمى الذخيرة،٩٠ نقلها من معبد «كلابشة»، وبطبيعة الحال كان لا بد من الرجوع للكتاب الذي نقل فيه «جوتيه» معبد كلابشة.٩١

ففي الفيلة نجد هذا النقش على خدي الباب، وعلى كل خد منهما نجد في نهاية المتن خاتمة خاصة تعبر عن التمنيات الطيبة للملك. أما في «كلابشة» فنشاهد أن هذا النقش يحتل كل النصف الجنوبي من الجدار الغربي ثم الجدار الجنوبي، وينتهي في وسط الجدار الشرقي فوق الباب آتٍ من حجرة الاستراحة، وهو من عهد القيصر «أغسطس».

وهذا المتن يحتوي على مديح للإلهة «إزيس» التي تُعد الإلهة الرئيسية للفيلة التي تقع على بعد خمسين كليومترًا جنوبي «كلابشة»، وكانت هذه الإلهة تُعبد في الجهات البعيدة عنها حتى السودان. وهذا المديح لم يوضع في صورة أنشودة موجهة للإلهة العظيمة، ولكنه عبارة عن مجموعة من بيانات تمثل ببساطة صفاتها وصبغتها، كأنها حبات عقد منظوم. وفي النهاية يُتضرع لها أن تحفظ الملك الحاكم وتحميه.

على أن ما يلفت النظر في هذا المديح هو أنه لا يشبه كثيرًا صورة المدائح القديمة المعتادة التي يُذكر فيها أنها أخت «أوزير» وزوجه المخلصة وأم ابنه «حور».

ففي هذا المتن نجد أنه قد جاء ذكرها مرة واحدة بوصفها زوجة وأم. وقد جاء ذلك في بداية المتن، وقد كان ذلك أمرًا ضروريًّا بحسب البيئة؛ وذلك لأن «إزيس» كانت سيدة «أباتون» المجاورة لمعبد الفيلة الذي يأوي فيه «أوزير»، وكذلك كانت حجرة الإله «أوزير» مقامة على سطح معبد الفيلة، كما أن بيت ولادة «حور» يقع خلف الصرح الغربي لبوابة معبد الفيلة. غير أننا لا نسمع هنا في هذا المتن شيئًا أبدًا عن «إزيس» إلهة الموسيقى والنبيذ والرقص والحب، وكلها وظائف هي مدينة بها للإلهة «حتحور» عندما وحدت بها، ومن ثم نجد في هذا المتن أن «إزيس» تحتل المكان الأول بوصفها الإلهة المهيمنة، سيدة السماء والأرض والعالم السفلي، والتي تصدر الأوامر لتاسوع الآلهة، والتي ترشد النجوم في سيرها، والتي تمنح الأرض وسكانها الحياة وتحفظها، والتي ترفع الملك على عرشه، والتي تصير أقدار البلاد. وهذه الوظائف التي تُنسب في هذا المتن للإلهة «إزيس» قد بدأ استعمالها وتطورها بصورة تامة في العصر المتأخر من تاريخ مصر مما جعل لها سلطانًا عالميًّا، فانتشرت عبادتها في أعماق أوروبا، ولعبت دورًا ليس بالضئيل في معتقداتها الدينية.

الترجمة

«إزيس» العظيمة أم الإله «حور» المانحة الحياة، سيدة الفيلة، وأميرة «أباتون» حاكمة «بيجه» النائحة، ومن حافظت على جسم أخيها «أوزير».

والعظيمة والقوية، وأميرة الآلهة، ومن اسمها رفيع أمام الإلهات.

وعظيمة السحر، وصاحبة التصميمات الممتازة، ومن تصد (إله العاصفة) «أبوفيس»، ومن بغير تدخلها لا يمكن لأي فرد أن يطأ القصر (بوصفه ملكًا)، ومن يكون تحت تصرفها تتويج الحاكم، واسم قرينها. سيدة الحياة، في حين أنها تعطي الأرض الحياة، وكل الناس تحيا بإرادة روحها، سيدة المكان المقدس (أباتون) حتى مكان «ببا».

ومن الجميع يختم بخاتمها، ومن بدونها لا ينفذ أي تصميم من أول السماء حتى الأرض والعالم السفلي.

الجبارة في «طيبة»، العظيمة في «دندرة»، والممتازة في «منف».

وأم الإله في «قفط»، والسيدة العالية في «أخميم»، وأميرة كل المقاطعات.

ومَنْ جماعة الآلهة تتلقى الأمر منها، وتحكم على حسب نطقها.

«العظيمة» في السماء، وسيدة النجوم، ومَنْ تقوى النجوم في مسالكها.

«إزيس» مانحة الحياة سيدة «أباتون» أميرة فيلة وسيدتها، وسيدة الأراضي الأجنبية الجنوبية. ليتك تعطي النصر للملك «بطليموس السادس».

تعليق

وخلاصة القول أن هذا المتن يُعد بمثابة مقدمة لانتشار عبادة الإلهة «إزيس» التي أصبحت فيما بعد إلهة عالمية تُعبد في كل العالم المتمدين، وقد تحدثنا عنها فيما سبق في الجزء الرابع عشر من هذه الموسوعة. ويلفت النظر في عبادتها أنها كانت تتفق مع العذراء في كثير من الوجوه حتى ذهب بعضهم فوحدها بها.

(ﺟ) بيت الولادة

الردهة الأمامية

لم يُدون «بطليموس السادس» على بيت الولادة في معبد «إزيس» إلا نقشًا واحدًا.

(١٥٩) و(١٦٠) المدخل الخارجي: يُشَاهَد على قائمتي الباب «بطليموس السادس فيلومتور» ومعه إله النيل في أسفل على كل من القائمتين (والمنظر بعضه مهشم).

(د) معبد حتحور

يقع معبد «حتحور» مباشرة شرقي البوابة الثانية لمعبد «إزيس»، ويحتوي هذا المعبد على قاعة، وقاعة عمد. والحجرات الأخرى التي كان يحتويها المعبد هُشمت. وتشتمل القاعة على ستة عمد، على كل من جانبيها جدار ساتر يربط العمد بعضها ببعض، ولكن العمد لم يتبق منها قائمًا إلا أجزاء. وعندما يدخل الإنسان القاعة يشاهد في الطرف الجنوبي من الجدار الجنوبي منظرًا مهشمًا يرى فيه الملك يتعبد للإلهتين «موت» و«حتحور»، وفي الجهة المقابلة ترى ثانية الإلهة «حتحور»، ويُشَاهَد على الجدار الجنوبي مارًّا في محازاة الصف الأسفل من الغرب إلى الشرق؛ المناظر التالية: إنسان ينفخ في أرغول، كما يُشَاهَد الملك يقدم «توجًا» للإلهة «إزيس»، وكذلك يُشَاهَد إنسان يضرب على عود والملك يقدم أزهارًا للإلهة «نفتيس»، وترى صورة صغيرة للإله «بس» يدق طبلًا، والملك يقدم صناجتين للإلهة «سخمت». هذا، ويُشَاهَد الإله «بس» بكل وجهه يضرب على العود، كما يُشَاهَد الملك يقدم تويجًا للإلهة «حتحور»، ويُرى قرد يلعب على الجيتار، والملك يقدم نبيذًا للإلهة «إزيس»، وعلى الجدار الشمالي مثل إنسان ينفخ في أرغول مزدوج، ويُشَاهَد هناك إنسان يضرب على عود، كما يُشَاهَد إنسان آخر يحمل على كتفيه غزالًا مزينًا بالأزهار، والملك يقدم تعويذة قرد للإلهة «ساتيس» ويقدم تمثال أنموذجيًّا ﻟ «بولهول» إلى الإلهة «تفنوت». كما يُشَاهَد الإله «بس» بوجه كامل يضرب على عود ويرقص، وقرد يضرب على الجيتار، والملك يقدم نبيذًا للإلهة «حتحور». ولا يخفي أن هذه المناظر الدالة على الفرح والبهجة تلفت النظر. ولا غرابة في ذلك فإن «حتحور» كانت تُعد إلهة الجمال والمسرات. وهذه المناظر دون شك كان القصد منها أن تبعث في نفوس عباد هذه الإلهة أحاسيس السرور التي كانت تُدخل البهجة على هذه الآلهة.

وهناك مناظر أخرى في هذه القاعة يُرَى فيها الملك أمام «حور» و«أرسنوفيس» و«حتحور».

هذا، ويوجد مدخل على كلا جانبي القاعة، كما يُوجد في الطرف الشرقي شبه بوابة مزينة برءوس تؤدي إلى قاعة العمد الصغيرة، وسقف هذه القاعة محمول على عمودين، والمناظر التي في قاعة العمد هذه لم تكمل بعد، ولكن يظهر فيها الملك أمام الآلهة المعتادين.

وهاك بعض المناظر التي ظهر فيها «بطليموس السادس».

مدخل القاعة الخارجية

(٢١) و(٢٢): يُشاهد على قائمتي الباب رأس «حتحور» وصورة الملك في أسفل وإله النيل على القاعدة على كل من القائمتين.

(٢٣) و(٢٤): أعمدة من النقوش ﻟ «بطليموس السادس» و«كليوباترا الثانية» في داخل القاعة.

(٢٥) و(٢٦) الخارجة: متون ﻟ «بطليموس السادس» و«كليوباترا الثانية».

(٢٧) و(٢٨): يُشَاهَد في الصف الأعلى الملك يطعن بحربته العدو أمام فرعون مؤله وإلهة، ويقدم قوسًا للإلهة «ساتيس» والإله «چور»، وعلى الصف الأسفل مثل الملك وهو يقدم للإلهين «حور» و«نفتيس»، كما يقدم لوحة كتابة للإله «تحوت» والإلهة «نحم عوات» زوجه.

(٢٩): يُشَاهَد هنا ثلاثة صفوف من النقوش مثل فيها الملك وهو يتعبد للآلهة «أوزير» و«إزيس» و«حربوخراتيس»، ويقدم صورة العدالة ﻟ «آمون رع» والإلهة «موت» ويقدم رمز الحقل ﻟ «إزيس» و«حور».

(٣٠) و(٣١) يُرَى في الصف الأعلى الملك يقدم طوقًا للإلهة «أرسنوفيس» والإلهة «تفنوت»، ويوجد متن خاص بالإلهة «نيت».

(٣٢): يُشَاهَد في الصفين الباقيين على هذا الجدار الملك يتعبد لثالوث الشلال، وهم «خنوم» و«ساتيس» و«عنقت»، كما يقدم نبيذًا للإلهين «حور» و«حتحور».

المدخل للقاعة الداخلية

(٣٣) و(٣٤): يُشَاهَد على العتب الخارجي لهذه القاعدة مناظر مزدوجة، على الجانب الأيسر مثل فيها الملك واقفًا أمام «آمون رع»، كما مثل وهو يجري نحو الإله «أوزير» والإلهة «إزيس»، ومثل على الجانب الأيمن واقفًا أمام «حور» ويجري نحو الإله «خنوم» والإلهة «حتحور». ويُشَاهَد على قائمتي الباب أربعة صفوف من النقوش على كل منهما مثل الملك يقدم نبيذًا، ويقدم نطرونًا وقربانًا سائلًا، ويقدم بخورًا وقربانًا سائلًا. وفي أسفل بقايا منظر.

(٣٥) و(٣٦): يُشَاهَد على سمكي الباب في الصف الأعلى الملك تتبعه الملكة (يلحظ هنا أن طغراء الملكة غير منقوش) وهو يقدم عطورًا للإلهة «إزيس» والإلهة «حتحور» على الجانب الأيسر، كما يقدم صورتي «حتحور» على الجانب الأيمن.

هذا، وقد وُجد في «فيلة» قاعدة من الجرانيت لتماثيل «بطليموس السادس» و«كليوباترا الثانية» وابنهما «بطليموس يوباتور» وعليها نقوش إغريقية وديموطيقية عُثر عليها في «الحصة» وقد وضعها «ويجول» بالقرب من المدخل الغربي للجزء الداخلي لمعبد «إزيس».٩٢ ويُلحَظ هنا أن اسم المهدي قد مُحي ووضع مكانه اسم الإلهين «حور» و«إزيس»، غير أن ذلك لا يؤدي أي معنى، ولا نزاع في أن المهدي كان موظفًا من حزب «فيلومتور» وغضب عليه فيما بعد في عهد «إيرجيتيس الثاني».

(٣-٩) الآثار التي خلفها «بطليموس السادس» في بلاد النوبة

  • معبد «أبو حور» شرق «أعجولا»: عُثر في هذه الجهة على الجزء الأعلى من لوحة مصنوعة من الحجر الرملي ﻟ «بطليموس السادس»، وكانت من بين قطع أخرى.٩٣
  • معبد الدكة: وُجدت بقايا متون على أعمدة مدخل معبد الدكة جاء فيها ذكر «بطليموس السادس» (راجع L.D. IV. 38 g, h).
١  راجع: A Demotic Papyrus from Pathyrus, by Mustafa El Amir (Extrait des Etudes de Papyrologie. Tom VIII.).
٢  راجع: Beccl Archiv. II 520, Egyptologyque I. p. 211.
٣  راجع: Bibliothèque.
٤  راجع: Catalogue of The Demotic Papyri in the John Rylands Library by Griffith, Vol. III, p. 131.
٥  يُلحظ هنا أن أسلوب الإمضاء باسم الكهنة المحليين، بما في ذلك كهنة الملوك المؤلَّهين التابعين لخمس طوائف الكهنة؛ لم تُوجد طبعًا في العقود قبل عهد الملك «بطليموس» السادس، ولا بد أن نذكر هنا أن الطائفة الخامسة من هؤلاء الكهنة لم تظهر قبل عهد «إيرجيتيس الأول»، لأنه هو الذي أسس هذه الطائفة كما جاء ذلك في مرسوم «كانوب» في السنة التاسعة من حكمه، وذلك على شرفه وشرف زوجه «برنيكي».
٦  راجع: Ibid. p. 136.
٧  راجع: Pap. Thet. J, p. 449.
٨  راجع: Revenue Laws of Ptolemy Philadelphus,. Appendix III, pp. 200–10.
٩  راجع: Tebtunis Papyri I, Appendix pp. 580 Sqq.
١٠  راجع: Rylands III, P. 139.
١١  أي: الوارث للعرش.
١٢  هذا الاسم منقول عن الإغريقية كما هو، ومن المحتمل أنه كان قد أُنعم عليه بلفظه من الإغريق لا من قبل جماعة طائفة الكهنة المصريين كما كانت العادة. ويُلحظ أنه في كل الأمثلة التي أتت بعد قد استُعْمِلَتْ لها ترجمة ديموطيقية: الذي والده شريف أو عمل شريفًا.
١٣  كل هذه الألقاب خاصة بكاهن واحد خاص بعبادة الملوك المقدونيين بالإسكندرية.
١٤  من المحتمل أن الملك نفسه كان كاهن ألوهيته.
١٥  معنى هذه الجملة غامض، ويجوز أن هذا الزواج قد عُقِدَ بعد المعاشرة الجنسية وولادة أطفال للزوجين.
١٦  راجع: Detteuberger OGISI, No. 123.
١٧  راجع: Gebt. I, p. 554.
١٨  راجع: B.L. II, p. 56.
١٩  راجع: Pap. Leyden 378.
٢٠  راجع: Revillout Chrest. PP. 343, 351.
٢١  راجع: Dem. Pap. Berlin No. 3097, p. 9.
٢٢  راجع: Laqueur Quaestiones p. 31.
٢٣  راجع: Dettenberger Ibid. 1, 121, 122, 123, 125, 126.
٢٤  راجع: Svoronos I. c.
٢٥  راجع: Strack Archiv. III, 128.
٢٦  راجع: George HiII, A History of Cyprus Vol. II, p. 194 note 3.
٢٧  راجع: Spiegelberg. Cat. Gen. Caire No. 30605, Tafel, X, XI, XII.
٢٨  لا بد أن المقصود هنا أن الأعضاء كانوا يجتمعون في الجمعية حزنًا عليه كما تقام ليلة الجناز في زمننا للتعزية.
٢٩  راجع: Spiegelberg, Cat. Gen. I, p. 26–29.
٣٠  راجع: Ibid., p. 286–90.
٣١  راجع: Brugsch, Thesaurus, 880–885; Spiegelberg, Dem. Pap. Berlin, p. 10 & Pl. XVII-XVIII, Trans, p. VI, Inhalt und Erlauterung.
٣٢  راجع: Revillout, Chrest, Demotique, p. 62 sq.
٣٣  راجع: Rev, Egypt. Tom. V, p. 64.
٣٤  راجع: British Museum, 10405 = Corp. Pap. II, 1; 10231 = Corp,. Pap. II, pl. 3; 10406 = Corp. Pap. II, pl. 4. .
٣٥  راجع: Sethe, Abh. der Gott. Ges. d. Wiss. Phil., hist, Klasse Neue Folge Bd. XIV, No. 51, p. 86 ff.
٣٦  راجع: Sethe demotische Urkunden zum Burgschaft srechte, p. 433 ff.
٣٧  راجع: Wilcken Urkunden der Ptolemaerzeit.
٣٨  راجع: Rev. Egypt. Tom. I, p. 160; Tom. II, p. 166.
٣٩  راجع: Rev. Egypt T. I. p. 161, note 3.
٤٠  راجع: Ibid., p. 161.
٤١  راجع: Pap. Brit. Mus., 1, n. 21, p. 18. L. 1–7.
٤٢  راجع: Pap. Par. N. 29; cf. n. 26, 1, 18.
٤٣  راجع: Pap. Brit, Mus. I, n. 20 p. 9; cf. n. 21, L. 13–18.
٤٤  راجع: Pap, Brit. Mus. Nn 17 a–c (pp. 10-11), 31 (pp. 15-16).
٤٥  راجع: Pap. Brit, Mus., n. 18, pp. 22–24.
٤٦  راجع: Pap. Brit. Mus., n. 34, p. 18, L. 14–28.
٤٧  راجع: Rev. Egyptol. I, p. 162 f.
٤٨  راجع: The Bucheum vol. II, p. 5, pl. XL.
٤٩  راجع: Ibid., p. 6 (pl. XL1).
٥٠  بيت «أتوم» هو اسم البوخيوم؛ أي المكان الذي كان يُدفن فيه الثور بوخيس.
٥١  المقصود من حضور هؤلاء ليروا أن العجل «بوخيس» تُوجد فيه كل العلامات المميزة التي يجب أن تكون فيه.
٥٢  يشير هنا إلى احتلال «أنتيوكوس الرابع» لمصر، وقد أخذت الاضطرابات التي كانت قائمة وقتئذ تَقِل، وسُحبت الحامية الأجنبية من البلاد، ولم يَعُدْ بعد ذلك أي خوف على حياة «بوخيس» أثناء وجوده في «طيبة».
٥٣  يُفهم من ذلك أن الملك قد نصب كهنة خاصين لهذا العجل «بوخيس».
٥٤  راجع: Brugsch, A. Z. XXII, p. 125.
٥٥  راجع: Kamal. Stèles Pharaoniques et Romaines (Cat. Gen. Caire. Pl. LXIV; PP, 187-188; Textes Daressy Notes et Remarques in Rec. Trav. XXIV, p. 166 (CCIII)).
٥٦  راجع: D.G. G. Tom. VI, P. 111.
٥٧  راجع: L.D.IV.23.
٥٨  راجع: O.G.I., No. 109.
٥٩  راجع: Ancient Egyptian Onomostica, II, p. 5.
٦٠  راجع: G. Dec. George. III, p. 85-84.
٦١  راجع: Junker, A.Z. 67, S. 54 f.
٦٢  راجع: Ombos, I. p. 195.
٦٣  راجع: Ombos, I. p. 285.
٦٤  راجع: Ombos. I. p. 855.
٦٥  راجع: Excavations at Saqqara II. Texte Rel. 28; Cf. Kees, Art Suchos in Pauly-Wissowa R. E. sp 553198.
٦٦  راجع: Junker, Auszug der Hathor-Tefnui aus Nubien (Abh. Berl Akad 1911). p. 56 f. Nach Ombos II. p. 67 (nr. 613).
٦٧  انظر الرسم الخاص بمعبد كوم أمبو ٣.
٦٨  راجع Ree.Trav. XV. 187-8; Correction of text id. ib. XVIII 155-6.
٦٩  راجع: Porter & Moss VI. p. 191. No. 109.
٧٠  راجع: Porter & Moss V. P. 139.
٧١  راجع: Rapport sur les Fouilles de Madamoud. Inscriptions 1925. p. 28. (45).
٧٢  راجع: Ibid. PP. 31-2 (58-59) Fig. 5.
٧٣  راجع: Porter & Moss V. P. 107.
٧٤  إلهة في إسنا — راجع: L.D. Text IV. p. 25; Wb. II. 232.
٧٥  راجع: Rac. Trav. XXVII. P. 83–9.
٧٦  راجع: L.D. Text IV. p. 25.
٧٧  راجع: Chassinat, Edfu III P1, Left pp. 6–9, 96.
٧٨  نبي = صفة من صفات إله الشمس = نبي الإلهي.
٧٩  خنمت = الإلهة المنشئة لأطفال الإلهات.
٨٠  نون رع: إله أزلي.
٨١  منقت = إلهة الجعة.
٨٢  نيوبوت (؟).
٨٣  «حتمت» إلهة في صورة حيوان مفترس تُذكر مع الأسود والفهود.
٨٤  إلهة الحقل.
٨٥  راجع: Bulletin de Flnsiltnt Français d’Archéologie Orientale, To: … L. p. 34. ff.
٨٦  راجع: L.D. IV 21 b. Champ. Mon. CCCXI (4); Porter & Moss. II. P. 15.
٨٧  راجع: L.D. VI. 22 b, Porter & Moss. II. p. 66.
٨٨  راجع: L.D. texte III. P. 5.
٨٩  راجع: Ibid.
٩٠  راجع: Brugsch, Thesaurus P. 772.
٩١  راجع: Gauthier, Les temples émergés, Kalabschah. p. 118.
٩٢  راجع: Weigall, A Report on the antiqueities of Lower Nubia, p. 56; Bevan. Hist of Egypt, p. 293.
٩٣  راجع: Blackman, the Temple of Dendur. P1. CIII, p. 61.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤