الفصل الثالث

الشبكات والألعاب الاجتماعية

الإدراك المكاني يدعم التفاعل الاجتماعي، والتفاعل الاجتماعي يدعم الإدراك المكاني. إن إدراك تواجد الآخرين ومواقعهم الجغرافية في الفضاء المادي يمثِّل أمرًا محوريًّا في طريقةِ تصوُّرنا للفضاءات المكانية وطريقة تفاعلنا مع الآخرين في تلك الفضاءات. قبل وجود الأمكنة الرَّقْمِيَّة، كان الناس يستطيعون أن يستدِلُّوا على خصائص فضاءات مكانية معينة وخصائص الناس في تلك الفضاءات، من خلال حديثهم مع الآخرين الذين امتلكوا الخبرةَ المباشرة، أو عن طريق القراءة عن تلك الفضاءات وهؤلاء الأشخاص في الصحف والمجلات. ولكن إمكانية الاتصال المتزايدة بين الأمكنة — مدعومة بتكنولوجيات الأجهزة المحمولة ذات الإدراك المكاني — في الفضاءات العامة ساهمَتْ في نوعٍ جديدٍ من الاتصال الاجتماعي. ناقشنا في الفصل الثاني طريقةَ منْحِ الأجهزة المحمولة ذات الإدراك المكاني للناس فرصةَ الوصول إلى المشهد المعلوماتي الذي يشكِّل الأمكنة الرَّقْمِيَّة والمشاركة فيه. أما في هذا الفصل فنوجِّه اهتمامنا إلى طريقة مساهمة إدراك المستخدم لمواقع الأشخاص الآخرين الجغرافية في هذه الفضاءات في تشكيل الأمكنة الرَّقْمِيَّة؛ فالقدرة على تصوُّر موقع الأشخاص المتواجدين في الجوار — وليس فقط الموقع الجغرافي للمعلومات والأشياء — تغيِّر الطريقة التي تتطور بها الروابط الاجتماعية التقليدية في الفضاءات العامة والخاصة على حد سواء. وهي تؤثر على الفضاءات المكانية التي يُحتمل أن نزورها، والأشخاص الذين يُحتمل أن نتواصل معهم. وتزداد شعبية هذه الأنواع من تطبيقات الإدراك المكاني، ولكنها، على غرار معظم التكنولوجيات التي ناقشناها في هذا الكتاب، تمتلك تاريخًا طويلًا من التجارب والتطوير.

تندرج هذه التكنولوجيات تحت فئتين: شبكات التواصل الاجتماعي المعتمدة على الموقع،١ وألعاب الأجهزة المحمولة المعتمدة على الموقع. شبكات التواصُل الاجتماعي المعتمِدة على الموقع الجغرافي تشبه منصات شهيرة مثل فيسبوك أو تويتر،٢ إلا أن الموقع الجغرافي وحده هو القاعدة الأساسية للتفاعل. وتشمل تحديثات الحالة الموقعَ الجغرافي للمستخدم، وتُنظَّم الشبكات الاجتماعية بناء على القرب المادي بين المستخدمين. وألعاب الأجهزة المحمولة المعتمدة على الموقع هي أيضًا شبكات اجتماعية، ولكنها تمتلك البنية الإضافية لمنطق اللعبة؛ منها على سبيل المثال تسلسل أحداث يوجه التفاعل، ومهمة مطلوب تنفيذها، وبعض وسائل التحفيز مثل النقاط والأوسمة. وعندما يستخدم الناس الهواتف المحمولة للاتصال بشبكات اجتماعية عن طريق ألعاب الأجهزة المحمولة المعتمدة على الموقع، يكون بإمكانهم التواصل واللعب مع أشخاص آخرين بحسب موقعهم. ويفتقر معظم ألعاب الأجهزة المحمولة المعتمدة على الموقع إلى بنية اللعبة المحددة مسبقًا؛ أي إنه لا يوجد لهذه الألعاب نهاية واضحة، وهي دائمًا لعبة مستمرة ما دام ثمة مستخدمون متصلون بها. والأهم هو أن أسلوب اللعب عادةً ما يتلاقى مع الحياة «الحقيقية». ثمة وصف شهير لعالِم الأنثروبولوجيا يوهان هازينجا (١٩٥٥) لفضاء ممارسة اللعبة بأنه «الدائرة السحرية»؛ فضاء اقتُطِع من الحياة اليومية. ولكن هذه «الدائرة السحرية» ليست دائمًا واضحة، فنجد أن العلاقات واللقاءات الاجتماعية تتخلَّل بكل وضوح الحياةَ العادية وفضاء اللعب على حدٍّ سواء. وبدلًا من أن «يلتقي» اللاعبون في فضاء رقمي من خلال شخصيات رقمية، يمكن لممارسِ الألعاب المعتمدة على الموقع أو لمستخدم شبكة التواصل الاجتماعي أنْ يشاهد الموقعَ الجغرافي للآخرين على شاشةِ هاتفه المحمول، وأن يختار مقابلة اللاعبين الآخرين إذا رغب في ذلك.

تُعَدُّ شبكات التواصل الاجتماعي المعتمدة على الموقع وألعاب الأجهزة المحمولة المعتمدة على الموقع بيئاتٍ اجتماعيةً شبكيةً؛ ولهذا فإنها تمتلك أصولًا ضمن البيئات المتعددة المستخدمين على الإنترنت. تُعتبَر «الزنازين» أو النطاقات المتعددة المستخدمين التي ابتكرها روي ترابشو وريتشارد بارتل عام ١٩٧٨ أولَ أنواع بيئات التواصل التزامني على الإنترنت. أتاحت هذه الأنظمة لمستخدميها أن يتحدث أحدهم إلى الآخر على الإنترنت آنيًّا. وبهذا المفهوم، كانت تُعتبَر شبكاتٍ اجتماعيةً، ولكنها كانت أيضًا ألعابًا (بارتل، ١٩٩٦)؛ حيث كانت تشتمل على سمات مثل مهام وقواعد وأهداف حفَّزَتِ الناس على اللعب والمشاركة في مجتمع اللعبة. أصبحت النطاقات المتعددة المستخدمين شهيرةً جدًّا في بداية ثمانينيات القرن العشرين، وتولَّدَ عنها العديدُ من الأنظمة المماثلة، من غرف الدردشة إلى ألعابٍ متعددة المستخدمين أكثر اعتمادًا على الرسوم وموجَّهة نحو هدفٍ محدد، كان يُطلَق عليها اختصارًا «إم أو أو».

وكما يبين توريل مورتينسون (٢٠٠٦)، تحوَّرَتْ ألعاب النطاقات المتعددة المستخدمين إلى ما يُسمَّى «ألعاب الإنترنت الكثيفة اللاعبين» في وقتنا الحاضر، مثل لعبة «إفَركويست» ولعبة «ورلد أوف ووركرافت». وكانت ألعاب النطاقات المتعددة المستخدمين أيضًا مصدرَ إلهامٍ لتطوير عوالم الإنترنت الافتراضية، مثل «أكتيف ورلدز» (١٩٩٧) و«سَكَنْد لايف» (٢٠٠٣). يوضح ديبل (١٩٩٩) أن الرابط بين هذين النوعين من الفضاءات الاجتماعية على الإنترنت كان كودَ خادم النطاقات المتعددة المستخدمين المصغَّر، الذي ابتكره جيمس أسبِنز عام ١٩٨٩. أخذ أسبِنز — الذي كان لاعبًا شغوفًا بلعبة «الزنازين المتعددة المستخدمين» — البنيةَ الترميزية المشابهة لِلُعبة «الزنازين المتعددة المستخدمين»، ولكنه أزال كلَّ عناصر اللعب، مثل المهام و«القتل»، تاركًا فقط إمكانية التفاعل الاجتماعي. ومن هذا المنظور، بدأَتِ العوالمُ الافتراضية على الإنترنت بوصفها عوالم ألعاب دون بنية اللعبة. ما تبقَّى كان فضاءً (رقميًّا) من أجل التفاعل الاجتماعي.

تُعَدُّ الألعاب وشبكات التواصل الاجتماعي المعتمدة على الموقع من سلالةِ هذه العوالم الافتراضية الأولى؛ فالعلاقة التاريخية بين ألعاب الأجهزة المحمولة المعتمدة على الموقع وبين شبكات التواصل الاجتماعي المعتمدة على الموقع مشابهةٌ أيضًا لتلك التي بين النطاقات المتعددة المستخدمين وخوادم النطاقات المتعددة المستخدمين المصغرة. كانت الأشكال الأولى من شبكات التواصل الاجتماعي المعتمدة على الموقع ألعابًا مثل: «بوتفايترز» و«موجي»، ثم ظهرت ألعابٌ للأجهزة المحمولة معتمدة على الموقع مثل: «لوبت» و«برايتكايت». وأبقَتْ على بنية الألعاب المعتمدة على الموقع نفسها؛ وهي التفاعل مع الآخرين اعتمادًا على المسافة المادية بينهم، ولكنها أزالت عناصر الألعاب من التطبيق. ومن المثير للاهتمام أن الكثير من هذه التطبيقات — كما سنرى لاحقًا — كانت منذ ذلك الوقت تضيف عناصرَ من عناصر الألعاب كي تزيد المشاركة.

بغضِّ النظر عن دافع المرء للمشاركة، أصبح تأثير مواقع المستخدمين على التفاعلات الاجتماعية على الإنترنت أمرًا شديدَ الوضوح. ومع أن الألعاب والعوالم الافتراضية كانت تُتَّهم بأنها تعزل الناس بعضهم عن بعض وعن العالم «الواقعي»، فإن الأمكنة الرَّقْمِيَّة تتحدَّى ذلك الافتراض؛ فالشبكات الرَّقْمِيَّة تربطنا بالعالم المادي وتقدِّم إطارًا للتفاعلات الاجتماعية مُحدَّدة الموقع جغرافيًّا.

لطالما أكَّدَ الباحثون والفنانون قدرة تكنولوجيا الأجهزة المحمولة ذات الإدراك المكاني على خلق بيئات اجتماعية وربط الناس في الفضاءات المحلية.٣ إدراك أهمية التفاعل الاجتماعي لطريقة فهم بيئتنا المادية هو إدراك عميق، ولكنه ليس جديدًا. يتناول هذا الفصل الفنانين والباحثين والشركات الذين ساهموا في تطوير الفضاءات الرَّقْمِيَّة، من خلال الإدراك المبكر لإمكانيات الويب والهواتف المحمولة والألعاب على ربط الناس بعضهم بعضًا في الفضاءات المادية، وطمس الحدود بين الفضاءات المادية والرَّقْمِيَّة.

(١) الاتصال الرقمي في الفضاءات المادية

كانت أولى محاولات خلق شبكات اجتماعية معتمدة على الموقع هي ما سُمِّي «أجهزة إدراك الترابط بين الأشخاص». هذه الأجهزة استخدمَتْ خاصيةَ البلوتوث (موجات راديوية قصيرة المدى) للربط. وهكذا، بدلًا من الربط بين عدد ضخم من المستخدمين في مواقع مختلفة عديدة، تتصل الأجهزة المجهزة بخاصية البلوتوث مع أجهزة أخرى موجودة في مسافة قصيرة (١–١٠٠ قدم). وتبعًا لذلك، كانت هذه الأشكال الأولى من الشبكات الاجتماعية محدودةً بسبب القُرْب المكاني، وأول جهازِ إدراكٍ للترابُط بين الأشخاص كان يُسمَّى «لافجيتي» وصُنِع في اليابان عام ١٩٩٨. كان «لافجيتي» جهازًا لاسلكيًّا صغيرًا بما يكفي لأن يُحْمَل في جيب الشخص أو حقيبته، وإذا اكتُشِف جهاز «لافجيتي» آخَر في الجوار، كان الجهاز يُصدِر صفيرًا، وإذا وَضَعَ المستخدِمَان المتفاعلان سمة المواعَدة قيدَ العمل، كان الجهاز يُطلِعهما على جنس الآخَر وإنْ كان متاحًا أم لا. كان «لافجيتي» محاولةً مبكرةً لوضع المواعَدة الإلكترونية والتواصُل الاجتماعي في الفضاءات المادية.

fig15
شكل ٣-١: واجهة تطبيق «جابيروُكي» للأجهزة المحمولة (مشروع «ذي فاميليار سترينجر»)، تصميم إريك باولوس وإليزابيث جودمان (٢٠٠٢). منشور بتصريح من إريك باولوس وإليزابيث جودمان.

استند فنَّانو الوسائط المرتبطة بالمكان على هذا المفهوم ليخلقوا شبكاتٍ قصيرةَ المدى بين الأشخاص في الفضاءات المادية. وبالرغم من أن الكثير من تطبيقات التعليقات التوضيحية للأجهزة المحمولة، التي ذُكِرت في الفصل الثاني، سمح بتبادُل المعلومات بين النظراء، فإنها افتقدت إلى القدرة الوظيفية التي تسمح للمشاركين أنْ يكون أحدهم على علمٍ بتواجُد الآخرين أثناء تواجُدهم بالفعل. كان في إمكان المستخدمين الوصول إلى موقع معلومة رقمية محددة وأشياء مادية مرتبطة بالموقع بواسطة مستخدمين آخرين، ولكن لم يكن في إمكانهم الوصول إلى المستخدمين أنفسهم. سعَتْ أعمالٌ مثل «ذي فاميليار سترينجر» لإريك باولوس وإليزابيث جودمان (٢٠٠٢)، و«أمبريللا.نت» لكاثرين موريواكي وجوناه بروكر-كوهين (٢٠٠٢) إلى تغيير ذلك.

طوَّرَ باولوس وجودمان تطبيقَ هاتف محمول معتمد على البلوتوث يُسمَّى «جابيروُكي» أتاح للمستخدمين أن يضعوا تصوُّرًا لموقع الغرباء الموجودين في الجوار. كان التطبيق يعمل مع إخفاء الهُوِيَّة، أو بعبارةٍ أوضح، لم يكن التطبيق يفصح عن معلومات المستخدمين الشخصية، بل سعى إلى جعل الفضاءات العامة أكثر «ألفةً» عن طريق مساعدة المستخدمين على تمييز الغرباء الذين رأوهم أكثر من مرة. وعلى ذلك، إذا كان ثمة شخصٌ يحمل هاتفًا محمولًا به برنامج «جابيروكي»، وكان قريبًا من مستخدِم «جابيروكي» آخَر، فسيسجل الهاتف ذلك. وفي المرة التالية التي يكون فيها هذان الشخصان في نطاق قريب، سينبِّه الهاتف كلا المستخدمَيْن. كما ذُكِر في تصريح الفنانَيْن، كان هدف المشروع هو «تحسين الترابط المجتمعي وحس الانتماء في الفضاءات الحضرية».٤ كان هدفهم هو إيضاح أن الغرباء الذين يمر بهم المرء باستمرارٍ يمكن أن يكونوا جزءًا مألوفًا ومطمئنًا من المشهد الحضري الشخصي للمرء.
fig16
شكل ٣-٢: عمل جوناه بروكر-كوهين وكاثرين موريواكي «أمبريللا.نت» (٢٠٠٤). منشور بتصريح من جوناه بروكر-كوهين وكاثرين موريواكي.
وعلى نحوٍ مشابه، تطرَّقَ العمل الفني لموريواكي وكوهين «أمبريللا.نت» إلى عملية تكوين شبكات مؤقتة، وإلى قدرتها على إنتاج روابط مفاجئة وغير متوقعة في الفضاءات الحضرية. أضاف الفنانان — المقيمان في دبلن — أجهزة «آيباك» (أجهزة مساعد شخصي رقمي)، تحتوي على خاصية الاتصال عن طريق البلوتوث بمجموعة من المظلات العادية. عندما سقطت الأمطار وفُتِحَت المظلات، صنع البرنامج شبكة مؤقتة بين المظلات سمحت بإجراء اتصال دردشة بين مستخدمي المظلات. ووفقًا لمبتكري هذا البرنامج، «تُوَضِّح المظلات حالاتها عن طريق مصابيح صمام ثنائي باعث للضوء (إل إي دي) برَّاقة. ثمة ثلاث حالات: (١) نبضات حمراء إذا كانت تبحث عن نقاط الاتصال بالشبكة، (٢) نبضات زرقاء إذا كانت متصلة بمظلات أخرى، (٣) وميض أزرق إذا كانت ترسل بيانات بين المظلات.»٥ تشارَكَ الغرباء في عمل باولوس وجودمان الفني في تطبيق «جابيروُكي»، وتشارَكَ الغرباء في عمل موريواكي وكوهين في النوع نفسه من المظلات المجهزة بأجهزة الاتصال عبر البلوتوث. في كل حالةٍ من الحالتين، وُظِّفَت التكنولوجيا للربط بين الأشخاص الذين ما كونوا سيدركون وجود الآخرين بطريقة أخرى. وفي هاتين الحالتين، قُدِّمَت الأجهزة المحمولة كأدوات اجتماعية، ولم تكن مجرد أدواتٍ لإدارة معلومات المرء الشخصية والشبكات.

كلا هذين العملين كان مؤثرًا في ترسيخ الإمكانيات الاجتماعية للاتصال القصير المدى في الفضاءات العامة. كانت مساهمتهما بسيطة: الرغبة في تحديد الموقع تضمَّنَتِ الرغبة في التواصل مع آخرين في الموقع. ويمكن أن يكون جهازٌ محمول كجهاز «لافجيتي» أو هاتفٌ محمول أو مظلةٌ واجِهةً للتفاعل المادي. ولكن هذه الأنظمة كانت محدودة؛ إذ لم تستطع أن تربط تعقيدات الموقع الحالي للمرء بالمواقع البعيدة الأخرى.

(١-١) الشبكات الاجتماعية للأجهزة المحمولة

بعد عامين من إطلاق جهاز «لافجيتي»، ابتُكِرت خدمة «إيماهيما» في اليابان. «إيماهيما» — التي تعني في اليابانية «هل أنت غير مشغول الآن؟» — كانت تطبيقًا مخصَّصًا للهواتف المحمولة التي تدعم خدمة «آي-مود» القياسية. زعم مبتكره نيراج جهانجي أنه تخيَّلَ هذا التطبيق في أحد الأيام بينما كان جالسًا بالخارج لتناول طعام الغداء بمفرده، وتساءل عمَّا إذا كان أي من أصدقائه بالجوار أم لا (رينجولد، ٢٠٠٢). طوَّرَ جهانجي خدمةً تتيح لمستخدمي الهاتف المحمول أن يبثوا موقعهم، ويستقبلوا رسائل نصية بها تحديثات مواقع الأصدقاء. وفي الوقت نفسه تقريبًا، طُوِّرت في الولايات المتحدة خدمة مماثلة تُسمَّى «دودج بول»، ومع ذلك، لم يتم إطلاق «دودج بول» تجاريًّا قبل عام ٢٠٠٥ حينما استحوذت عليها «جوجل». كان تطبيقَا «إيماهيما» و«دودج بول» يمتلكان السمةَ المشتركة بتمكين المستخدمين من «بثِّ» موقعهم الحالي للأصدقاء الموجودين في «قائمة الرِّفاق المفضَّلين»، عن طريق إرسال رسالة نصية قصيرة إلى خادم التطبيق، وبعد ذلك كان الخادم يوزِّع الرسالة على أصدقاء المستخدم. غير أنه لم تعتمد أي من هذه الخدمات على قدرة الهاتف المحمول على إدراك الموقع أو تستخدم إمكانيات رسم الخرائط؛ لهذا، وبالرغم من أن جهاز «لافجيتي» وتطبيقَيْ «إيماهيما» و«دودج بول» استهدفَتِ الربط بين مستخدمي الأجهزة المحمولة في الفضاءات المادية، فلم يكن أيٌّ منها «ذا إدراك مكاني» بذاته.

في عام ٢٠٠١ فاز تطبيق «إيماهيما» بجائزة «آرس إلكترونيكا» للخيال الشبكي/التميُّز الشبكي الرفيعة الشأن. وبالرغم من تمتعه بقدر كبير من النجاح داخل عالم الفن الراقي نوعًا ما، فإنه لم «يصل» إلى الانتشار العام. أدَّى «إيماهيما» والمشروعات المماثلة دورًا عظيمًا في تيسير الاتصال الرقمي بين الناس في الفضاءات المادية، إلا أن هذه المشروعات لم تراعِ الاهتمامَ بإيجاد سببٍ وجيهٍ يدفع الناس لاستخدامها؛ إذ لم يوجد سبب منطقي يدعو إلى تفاعل المستخدم مع تلك الأنظمة. وكان يوجد قدرٌ قليل من التحفيز على المشاركة في هذه الأنظمة باستثناء الحافز الناتج عن كونها ابتكارًا جديدًا؛ لذا، لم يجد السؤال «لماذا يشارك المرء في أنظمة كهذه؟» إجابةً إلا عندما أُضِيفت عناصر الألعاب إلى المعادلة.

(٢) الألعاب والتفاعل

تُقدِّم الألعاب سببًا منطقيًّا لتفاعل المستخدم. بينما توجد وسائل عديدة لتعريف اللعبة، فإن ألعاب الأجهزة المحمولة المعتمدة على الموقع تمتلك سمات ثابتة، ومن تلك السمات: النقاط أو الأوسمة التي تُعطَى مكافأةً على أنواع مختلفة من المشاركة، أو التنافس والتعاون المصمَّمَيْن ليؤدِّيَا إلى تفاعُل المستخدم مع اللعبة، أو استخدام قصةٍ ما لتستحثَّ الرغبة في اللعب. هذه السمات مجتمعةً تُشجِّع على ما يدعوه إيان بوجوست (٢٠٠٧) «بلاغة إجرائية»؛ حيث يكون الدافع للمشاركة هو عملية المشاركة في حد ذاتها أكثر من كونه ناتجًا عن محتوى أي فعل محدَّد من أفعال المشاركة، مثلًا: المشاركة في لعبة لجمع الأدلة تحفِّز اللاعب على التحرك خلال فضاء ما للعثور على الغرض التالي في القائمة. وعملية البحث ذاتها أكثر أهميةً من خصائص فضاء البحث. أو تأمَّل لعبة «مونوبولي». تقوم اللعبة على الرأسمالية والتداوُل في العقارات، ولكن إلقاء النرد وجمع المال يشكِّلان أسلوبَ اللَّعِب. ليس ما يحفِّز اهتمام اللاعب هو قصة اللعبة في حد ذاتها، بل قواعد اللعبة؛ نظام المكافآت والتنافسية اللذان يحيطان بمحتوى القصة.

إضافة سمات الألعاب أو سمات شبيهة بها إلى أي نظام للتفاعل يمكن فعليًّا أن يخلق دافعًا للمشاركة لدى المستخدم. هذه الحقيقة البسيطة شديدة الأهمية في تاريخ طريقة إدخال التفاعل إلى الأجهزة ذات الإدراك المكاني. أول تجربة لبناء منصة اجتماعية باستخدام تكنولوجيا جي بي إس كانت لعبةً بسيطة جدًّا تكاد تكون قد ابتُكِرت بالصدفة. في الثالث من مايو عام ٢٠٠٠، أراد استشاري كمبيوتر يُسمَّى ديف أولمر أن يختبر دقةَ جهازه الجي بي إس الجديد؛ فقرَّرَ أن يواري خبيئة من الفيديوهات والكتب والبرامج الحاسوبية ونَبْلَة في الغابة بالقرب من منطقة بيفركريك بولاية أوريجون، وسجَّلَ إحداثياتها ونشرها على الإنترنت، وسمَّاها «البحث الأمريكي العظيم عن الخبيئة باستخدام الجي بي إس»، وأرسل رسالة مختصرة إلى منتدًى للجي بي إس يحتوي على عبارة إرشادية واحدة بسيطة: «خذ بعض الأغراض، وضَعْ بعض الأغراض.» وفي خلال ثلاثة أيام، وجد شخصان خبيئة أولمر ونشرَا تجربتهما على الإنترنت. في نهاية الشهر، كان المئات من الناس في كل أنحاء العالم يخبئون أشياء ويعثرون على أشياء. ومع تنامي المحادثات، تغيَّرَ الاسم. أصبح «البحث العظيم عن الخبيئة باستخدام جي بي إس» معروفًا باسم «تتبع المخابئ جغرافيًّا».

ظلت الفرضية التي انطلقت منها هواية تتبُّع المخابئ جغرافيًّا ثابتة منذ وقت البدء فيها، ولكن البنية التحتية المحيطة بالممارسة كانت تنمو نموًّا كبيرًا جدًّا. في وجود ما يقارب ٨٠٠ ألف غرض مخبَّأ فيما يزيد على ١٠٠ دولة، بُنِيت ثقافة فرعية كاملة حول ما قد يبدو أنه ممارسة بسيطة. لقد حافَظَ مصمم المواقع جيريمي أيريش — الذي يعيش في سياتل والذي أنشأ الموقع الإلكتروني Geocaching.com — على الكثير من هذا بإنشائه هذا الموقع الإلكتروني. أراد أيريش أن يُيَسِّر الأمر على ممارسي هذه الهواية، فصمَّمَ منتدياتِ حوارٍ مركزة عليها، ونظام تقويم للصعوبة، وقاعدة بيانات للمخابئ يمكن البحث فيها باستخدام الاسم والموقع، وإرشادات مفصلة لكيفية البدء في ممارسة هذه الهواية. بالإضافة إلى ذلك، بدأ أيريش في بيع التجهيزات الضرورية التي تُستخدَم للتأكُّد من أن هذه المخابئ موضوعة ومحفوظة كما ينبغي، ومن ذلك صناديق وسجلات مقاوِمة للماء. كان أكثر الأغراض التي من المعتاد العثور عليها في هذه الصناديق شيئين يُباعان على الموقع الإلكتروني: العُملات التذكارية والشارات القابلة للتتبُّع. العملات التذكارية هي أغراض قابلة للجمع يمكن وضعها في مخبأ أو رفعها منه، والشارات القابلة للتتبُّع هي شارات تُضاف إلى الأشياء ليسهل تتبُّعها. والعديد من الشارات القابلة للتتبُّع موكلٌ بمهام محددة، على سبيل المثال: السفر إلى ١٠ دول، أو العثور على مساحةٍ لتجمع المياه. أما ممارسُ هواية تتبُّع مواقع المخابئ جغرافيًّا الذي يعثر على الشارة، فسيحملها معه إن كان في استطاعته أن يساعد على إكمال مهمتها. وكل تحركات الشارات والعملات تُسجَّل على الموقع الإلكتروني Geocaching.com. والمخابئ مصنفة تبعًا لدرجة إجادة إخفائها ومدى صعوبة تضاريس الأماكن التي يمكن العثور فيها على تلك المخابئ. يتكوَّن المخبأ التقليدي من صندوقٍ وعلى الأقل سِجِل بداخله، وبعد العثور على المخبأ، يوقِّع اللاعب في السِّجِل ويسجِّل على الموقع الإلكتروني ما عثر عليه في المخبأ.
fig17
شكل ٣-٣: واجهة تطبيق «جوجل إيرث» لتتبُّع المخابئ جغرافيًّا، مع أنواع مختلفة من المخابئ. حقوق الطبع ٢٠٠٧ «جوجل». حقوق الطبع ٢٠٠٧ يوربا تكنولوجيز.
منطق تلك اللعبة بسيط؛ فأنت تُخَبِّئ شيئًا وتعثر على شيء آخَر. ولكن مع بساطتها، فإنها توضح نقطةً هامة؛ إنها تضخم العالم المادي بقِطَع لعبٍ مُخفاةٍ، وتُقدِّم فكرةً يسافر من أجلها المرءُ إلى فضاءات مكانية مألوفة وغير مألوفة؛ فكثيرًا ما يكون العثور على المخابئ هدفًا يخطِّط اللاعبون من أجله عطلةً بأكملها، تكون فيها مواقعُ المخابئ — وليس المواقع السياحية — هي الدافع للسفر. تنشئ ممارسة هذه الهواية سياحةً وتتيح منطقًا شاملًا يمكن من خلاله للسائحين أن يشاركوا في البيئة المادية. ولكن بينما كانت هواية تتبُّع المخابئ جغرافيًّا مؤثرةً بوضوحٍ في ربط الناس بالمواقع الجغرافية، فإنها أقل فعاليةً في ربط الناس بعضهم ببعض.٦ بدأ ذلك في التغيُّر منذ أن بدأ استخدام الهواتف المحمولة واجهاتٍ لألعاب الأجهزة المحمولة المعتمدة على الموقع.
في عام ٢٠٠١، أطلقت الشركة السويدية «إتس ألايف» لعبة «بوتفايترز»، أول إصدار تجاري للعبة أجهزة محمولة قائمة على الموقع.٧ كانت لعبة «بوتفايترز» متاحة للجميع؛ لذلك كان في إمكان أي شخصٍ مستعِدٍّ لأنْ يدفع مقابل خدمة الهاتف المحمول أن يشترك في اللعبة، ما دام أنه يعيش في المدن التي كانت تجري فيها أحداث اللعبة. كانت قصة لعبة «بوتفايترز» تتبع النموذج الأساسي لألعاب التصويب من منظور الشخص الأول؛ حيث كان الهدف هو التصويب وقتل لاعبين آخَرين للظفر بنقاطٍ والارتقاء في المستوى. الفارق بين «بوتفايترز» ولعبة التصويب من منظور الشخص الأول التقليدية هو أن تفاعُل اللاعب كان قائمًا على الموقع المادي؛ فلا يستطيع اللاعبون التفاعلَ في اللعبة إلا عندما يتشاركون الفضاء المادي نفسه.

بعد التسجيل في اللعبة، يُنبَّه اللاعبون بواسطة رسالة نصية عندما يتواجد لاعب آخَر بالجوار. وبإمكان اللاعبين أن يردُّوا بإرسال ردٍّ يحتوي شيئًا مثل «أطلِقِ النارَ على اللاعب سين.» كانت دقة طلقتهم تعتمد على نوع البندقية التي بحوزتهم وبُعْدهم المادي عن الأهداف.

جرت أحداث «بوتفايترز» على مدار أربع سنوات في بلدان مثل فنلندا والسويد والمملكة المتحدة وأيرلندا وروسيا، وأشار بعض لاعبي «بوتفايترز» أنهم اختبروا مدنهم بطرق غير اعتيادية أثناء اللعب، مثلًا: قال اللاعب السويدي بيورن إدرين: «ينتهي بك الأمر بقيامك بجولات في أماكن لم تكن ستذهب إليها لولا تلك اللعبة. وجدتُ نفسي جالسًا أتصفَّح الويب محاوِلًا العثور على مقهًى جيد في جزء مجهول من ستوكهولم كي أتمكَّن أنا وصديقتي من القيام بنزهة خلوية، وأيضًا تدمير آليٍّ معين» (موبايل كيلرز، ٢٠٠١).

fig18
شكل ٣-٤: واجِهَتَا لعبة «بوتفايترز» بلغة «جافا بلاتفورم ميكرو إديشين» للأجهزة المحمولة، وموقعها الإلكتروني من شركة «إتس ألايف!» منشور بتصريح من شركة «ديجيمينت جيمز المحدودة».

كان المقصود من اللعبة أن تؤثِّر على أنماط الحركة في المدينة، وأيضًا أن تحفِّز اللاعبين على تشكيل روابط جديدة، وذلك بوسيلتين؛ الأولى: هي أن يتخيَّل اللاعبون مدنهم المعتادة من منظور حكاية خيالية، والثانية: هي دفع اللاعبين للذهاب إلى أجزاء من المدينة لم يذهبوا إليها من قبلُ. نشد القائمون على اللعبة تهيئةَ مقارَبةٍ حميمية وسياحية في آنٍ واحدٍ، بإنشاء روابط بين الأحداث المحلية والمعلومات وشبكة ضخمة من الأنشطة تجري حولها. كما نشدوا تكوينَ مجتمعٍ من اللاعبين على الإنترنت وخارجها. أتاحت البلاغة الإجرائية لِلُّعبةِ الدافعَ للتجوُّل في المدينة، وإضافةً إلى ذلك، أتاحَتْ أيضًا الدافعَ للتفاعل الاجتماعي في المواقع غير المرتبطة بممارسة اللعبة. حملت قواعد اللعبة اللاعبين على استكشاف المواقع، ولكن كانت اللقاءات الاجتماعية الناتجة عن ذلك هي ما عزَّزَ إدراك الموقع.

منذ ظهرت لعبة «بوتفايترز» للمرة الأولى، صُنِعت ألعاب أشد تعقيدًا لتعزيز الإدراك المكاني. أول مشروع مزَجَ بين رسم الخرائط والاتصال في الوقت الحقيقي بين المشاركين المحليين والبعيدين، وأيضًا تتبع مواقع اللاعبين؛ كان عرضًا لفن الوسائط معزَّزًا بعناصر اللعبة يُسمَّى «كان يو سي مي ناو؟» طورته في عام ٢٠٠١ المجموعة الفنية البريطانية «بلاست ثيري» ومعمل «ميكسد ريالتي» بجامعة نوتينجهام. وكان على طراز لعبة «باك-مان»، التي يطارد فيها اللاعبون أحدهم الآخَر في أنحاء المدينة. أما الابتكار الحقيقي لهذا العمل فكان فَصْلَ فضاء اللعبة إلى بيئتين مختلفتين: هما المادية والرَّقْمِيَّة؛ منتجًا عنه ما أطلق عليه بعض الباحثين «ألعاب الواقع الهجين» (دي سوزا إي سيلفا، عام ٢٠٠٩). أُطلِقت النسخة الأولى من اللعبة على هيئة عرض ليوم واحد في مدينة شيفيلد بالمملكة المتحدة. لم تُستخدَم الهواتف المزوَّدة بأنظمة «جي بي إس» في لعبة «كانْ يو سي مي ناو؟» لأن اللعبة طُوِّرت عام ٢٠٠١. عوضًا عن ذلك، مزجت بين أجهزة «جي بي إس» لتحديد الموقع، وبين أجهزة لاسلكية محمولة (ووكي توكي) للاتصال. وفي الوقت الذي كان فيه لاعبو «بلاست ثيري» يَجرُون عبر شوارع شيفيلد — حامِلِين أجهزة «جي بي إس»، وأجهزة المساعد الرقمي الشخصي، وأجهزة لاسلكية محمولة (ووكي توكي) — استطاع اللاعبون عبر الإنترنت من أي مكان في العالم الولوجَ إلى خريطةٍ ثنائية الأبعاد للمدينة، ومن هناك كان بمقدورهم أن يتفاعلوا مع لاعبي الشارع الذين كانوا ممثَّلين بنقاطٍ على الخريطة. في تلك الأثناء، كان باستطاعة لاعبي الشارع أن يروا الموضعَ النسبي لِلَّاعبين عبر الإنترنت ممثَّلًا في نقاط بيضاء على خريطةٍ لنفس المنطقة على شاشات أجهزة المساعد الرقمي الشخصي الخاصة بهم. وكان هدف اللاعبين عبر الإنترنت هو الهروب من لاعبي الشارع، ولكن أينما كان يقف أيٌّ من لاعبي الشارع في نطاق خمسة أمتار من أحد اللاعبين عبر الإنترنت، يمكن أن «يأسر» لاعبُ الشارع ذلك اللاعبَ من لاعبي الإنترنت ويُجبِره على مغادرة اللعبة.

كانت كل التفاعلات بين اللاعبين معزَّزةً بنوعٍ من الاتصال. سمحَتِ الدردشةُ الحية لِلَّاعبين عبر الإنترنت بأن يرسلوا رسائلَ نصية إلى اللاعبين الآخرين عبر الإنترنت، وإلى عدَّائي «بلاست ثيري» في الشوارع. وكان بإمكان عدَّائي «بلاست ثيري» أن يتصل أحدهم بالآخر وباللاعبين عبر الإنترنت عن طريق أجهزة «ووكي توكي» اللاسلكية. كان الاتصال استراتيجيًّا (كان لدى أعضاء «بلاست ثيري» قناة خلفية خاصة لتطوير استراتيجيات اللعب)، وتكامليًّا لصياغة إدراك الموقع (إذ تحدَّثوا عن ظروف الطقس المحلي والمَشاهد المادية للمدينة لإشراك اللاعبين عبر الإنترنت ذهنيًّا في الفضاء المحلي). كان كلُّ نوعٍ من نوعَي اللاعبين يَشغَل فضاءات مادية وأخرى على الإنترنت، وهو نوع من الفضاء الهجين الذي يتشكَّل عن طريق إعدادات الصلات الاجتماعية المحلية والبعيدة.

أصبحت لعبة «كان يو سي مي ناو؟» عملًا إبداعيًّا مؤثرًا لكل هؤلاء الذين يدرسون تطور الألعاب والتطبيقات المعتمدة على الموقع.٨ ونُفِّذَت هذه اللعبة — التي فازت بجائزة «جولدن نيكا» في مجال الفن التفاعلي في مهرجان جائزة «آرس إلكترونيكا» في النمسا عام ٢٠٠٣ — في كل أنحاء العالم في مدنٍ مثل طوكيو (٢٠٠٥)، وروتردام (٢٠٠٣)، وشيكاغو (٢٠٠٦)، وبرشلونة (٢٠٠٤)، وأولدينبرج (٢٠٠٣).

في النُّسَخ الأحدث من اللعبة صارت لوحة اللعبة على الإنترنت نموذجًا ثلاثيَّ الأبعاد لفضاء المدينة، ويُزَوَّد العدَّاءون بهواتف محمولة تعمل بشبكات الجيل الثالث المدعَّمة بخاصية «جي بي إس». واستمرت مجموعة فنَّاني «بلاست ثيري» ومعمل «ميكسد ريالتي» في إسهامهم في تطوُّر الأعمال المماثلة، مثل «آنكل روي أول أروند يو» (٢٠٠٣)، و«آي لايك فرانك» (٢٠٠٤)، و«ذي داي أوف فيجارينس» (٢٠٠٦)، و«رايدر سبوك» (٢٠٠٧). كانت هذه المشروعات تنشد إشراكَ اللاعبين في الفضاءات الحضرية، سواء أكانت تلك المشاركة محليًّا أم عن بُعْد، وابتكارَ وسائل جديدة للوصول إلى المعلومات المعتمدة على الموقع وللتفاعل مع الغرباء في الفضاءات الحضرية.

fig19
شكل ٣-٥: واجهة لعبة «بلاست ثيري» «كان يو سي مي ناو؟» (٢٠٠١) للأجهزة المحمولة. منشورة بتصريح من «بلاست ثيري».

وَضَعت ألعاب مثل «بوتفايترز» و«كان يو سي مي ناو؟» المعاييرَ لمشاريع لاحقة مثل «موجي» في اليابان. كانت لعبة «موجي» لعبةَ بحثٍ عن كنزٍ، كان لزامًا على اللاعبين فيها أن يحدِّدوا مواقع أغراض افتراضية ويجمعوها، مثل حيوانات وفواكه منتشرة عبر مدينة طوكيو، وعندما يكون أحد اللاعبين في نطاق ٤٠٠ متر من واحد من هذه الأغراض، كان يجري تنبيهه. كان الهدف من هذه اللعبة هو جمع مجموعة من الأغراض المتشابهة. ولأن لعبة موجي صدرت عام ٢٠٠٣، كانت تمثِّل ما سمَّاه جَاستِن هول (٢٠٠٢) «الجيل الثاني من ألعاب الأجهزة المحمولة المعتمدة على الموقع»؛ إذ كانت تعمل على الهواتف المحمولة المدعَّمة بخاصية الجي بي إس، وهو ما سمح بتتبُّع مواقع اللاعبين تتبُّعًا أوتوماتيكيًّا أكثر دقةً، هذا إلى جانب أنها أظهرت — على غرار لعبة «كان يو سي مي ناو؟» — مواقعَ اللاعبين على خريطةٍ ثنائيةِ الأبعاد للأجهزة المحمولة لمدينة طوكيو، كي يصبح فعليًّا في إمكان المستخدمين أن «يَرَوْا» المسافةَ المادية التي تفصلهم عن اللاعبين الآخرين في صورةِ تمثيلٍ بيانيٍّ على شاشة أجهزتهم المحمولة. كان هذا الابتكار مُتَضمَّنًا في لعبة بوتفايترز في أوروبا، ولعبة «إيليان ريفولت» في البرازيل (دي سوزا إي سيلفا، ٢٠٠٨)، ولاحقًا في لعبة «ذي شراود» في الولايات المتحدة. جديرٌ بالملاحظة أن كل هذه الألعاب طُوِّرَت على يد شركات ناشئة صغيرة. وبالرغم من أن هذه الألعاب كانت تجارية حقًّا ومتاحةً للجمهور العام، فإنها كانت ذات طبيعة تجريبية.

fig20
شكل ٣-٦: واجهة لعبة «موجي» للأجهزة المحمولة والإنترنت. منشورة بتصريح من «نيوت جيمز».

درس كريستيان ليكوب ويوريكو إنادا (٢٠٠٦) سلوكَ مستخدمي لعبة «موجي» في اليابان. ومثلما هي الحال مع لعبة «بوتفايترز»، وجدَا أن اللاعبين يغيِّرون كثيرًا من أنماط تنقُّلاتهم المعتادة خلال المدينة من أجل ممارسة اللعبة، فمثلًا: يمكن أن يركب بعض اللاعبين الحافلةَ العامة بدلًا من قطار الأنفاق أثناء رحلتهم اليومية من العمل وإليه في سبيل الحصول على إشارةِ هاتفٍ محمول خلال الرحلة. ويمكن أن يغيِّر آخَرون خطَّ سَيْرِهم إلى العمل من أجل اتباع دربٍ يشتمل على عددٍ أكبر من الأغراض الافتراضية. وأيضًا، قد يقوم آخرون برحلات خاصة أثناء ساعات المساء إلى بعض مناطق المدينة — التي ما كانوا ليذهبوا إليها لغرضٍ آخَر — من أجل العثور على أغراض افتراضية. بالإضافة إلى تغيير اللعبةِ طريقةَ تفاعُلِ اللاعبين مع المواقع، فإنها أثَّرَتْ أيضًا على طريقة إدراك اللاعبين حسيًّا للتواجُد المشترك للآخرين. إلا أن ذلك لم يكن تجربة جيدة لكل اللاعبين؛ إذ فسَّرَ البعض ذلك الدنوَّ اللحوح المستمر على الشاشة للاعبين الآخرين بأنه نوعٌ من الملاحقة (ليكوب وإنادا، ٢٠٠٩). عندما شعر اللاعبون أنهم لا يمكن أن يُترَكوا وشأنهم، فإن الشعور المريح بالتواجُد المشترك غطَّى عليه شعورُ قلقٍ بفقدان الخصوصية. توضِّح هذه الدراسة أنه في الأمكنة الرَّقْمِيَّة، الموازنةُ بين وجودِ الناس والمعلومات وغيابِهما هي السمة المميِّزة للتصميم الجيد.

fig21
شكل ٣-٧: لاعب يركض خلال حي مانهاتن أثناء ممارسة لعبة «باك مانهاتن» (أبريل ٢٠٠٤)، صورة مقدَّمة من فرانك لانتز وفريق «باك مانهاتن». حقوق طبع الصورة دينيس كرولي، ٢٠٠٤. كل الحقوق محفوظة. منشورة بتصريح من فرانك لانتز ودينيس كرولي.
كانت لعبة «باك مانهاتن» (لانتز، ٢٠٠٤) — المستوحاة من ألعاب مثل «كان يو سي مي ناو؟» و«موجي» — لعبة طوَّرها فرانك لانتز في برنامج الاتصالات التفاعلية بجامعة نيويورك. كانت فكرة اللعبة مطابقةً لفكرة ألعاب «الآركيد» الشهيرة في ثمانينيات القرن العشرين،٩ الفارق هو أنه بدلًا من استخدام عصا الألعاب للتحكُّم في شخصيةٍ على الشاشة، استخدمت لعبة «باك مانهاتن» أناسًا حقيقيين لأداء الشخصيات، واستخدمَتْ حيَّ مانهاتن ليكون لوحة اللعب. تطلَّبَتْ كلُّ مباراة عشرة لاعبين؛ خمسة منهم يتنقلون في الشوارع ممثِّلين شخصيات «باكمان» وأعدائه الأربعة («إينكي» و«بلينكي» و«بينكي» و«كلايد»)، والخمسة الآخرون تواجدوا في غرفة تحكُّم ليزوِّدوا اللاعبين بالمعلومات. حمل الأشخاص الخمسة المتواجدون في الشارع هواتفهم المحمولة، وكانوا يُتَتبعون من خلال نقاط اتصال «واي فاي»، وكانوا يستخدمون الهواتف ليظلوا متصلين بنظرائهم في غرفة التحكم، الذين كانوا يستقبلون منهم تحديثات عن عدد النقاط المتبقية على لوحة اللعب وأماكن تواجُد اللاعبين الآخَرين. مع أن التكنولوجيا التي كانوا يستخدمونها قد تبدو بدائيةً بمعايير الوقت الحاضر، قدَّمَتْ لعبةُ «باك مانهاتن» بعضَ الرؤى المثيرة للاهتمام حيال العلاقة بين الفضاءات الحضرية وممارسة الألعاب. اندهَشَ الكثيرون من قدرة اللاعبين الهائلة على الانغماس انغماسًا تامًّا في ممارسة اللعبة، حتى عندما تواجَدَتِ المكونات الرئيسية لِلُّعبة تواجدًا افتراضيًّا فقط؛ على شاشات صغيرة، أو من خلال اتصالٍ صوتي. ولكن ينبغي ألَّا يثير هذا الدهشةَ؛ فالْمَكَانِيَّة الرَّقْمِيَّة حوَّلَتْ فعْلَ الانغماس من وظيفةٍ تؤدِّيها الشاشات الكبيرة والحقيقة الافتراضية إلى وظيفةٍ تؤديها الشاشات الصغيرة وتمثيلات المعلومات والشبكات المحددة الموقع. بالرغم من أن هذا التصور قد يبدو متناقضًا أو حتى عبثيًّا — في حقيقة الأمر، لطالما كنا منغمسين في الفضاءات المادية — فإن القدرة على إحاطة الفضاءات المادية بسردٍ تخيُّليٍّ، وعلى صياغة روابط محلية/بعيدة في الفضاءات المادية؛ تسهم في تكوين إدراك حسي مختلف للفضاءات التي نَحِلُّ فيها؛ فالنظر إلى الفضاءات المألوفة بعينَيْ سائحٍ، وكذلك العثور على معلوماتٍ جديدة وأناسٍ جدد في تلك الفضاءات، يمكن أن يجعل الناس أكثر وعيًا بالمواقع التي يَحِلُّون فيها.

(٢-١) التعلُّم الموقفي

في عام ٢٠٠٣، بدأ باحثون في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في تشكيلِ ألعابِ واقعٍ مُعزَّز من أجل دمج إمكانات استخدام الأمكنة الرَّقْمِيَّة مع بيئات التعلم. تُحَوِّل ألعابُ الواقع المُعزَّز الأجهزةَ المحمولة إلى شاشة تُستَعرَض من خلالها البيئاتُ المادية والواقعُ المعزَّز بالمعلومات. سعَتْ مجموعةُ البحث في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا إلى استخدام المشهد المادي لتعزيز نوع التعليم الذي يجري في حجرات الدراسة.

ثمة تاريخ طويل لاستخدام الألعاب لأغراض تعليمية ضمن مجموعة من المناهج الدراسية.١٠ تمتلك الألعاب تلك المقدرةَ الفريدةَ على دمج المشاركين في بيئات تعلُّم نَشِط؛ حيث يصبح المتعلم مشاركًا، لا مجرد متلقٍّ للمعرفة (جِي، ٢٠٠٧). علاوة على ذلك، تعتبر الألعاب أنشطة تعليمية جيدة لكونها تُشرِك الطلاب في تعلم اجتماعي وتجريبي (لاف وفينجر، ١٩٩١؛ كولب، ١٩٨٤). تقدِّم الألعاب المعتمدة على الموقع عنصرًا إضافيًّا: التعلم الموقفي؛ فعن طريق استغلال قدرة المستخدمين على التنقل والاستفادة من البرمجيات ذات الإدراك المكاني، يمكن وضع أنشطةِ التعلُّم في سياقات واقعية مناسبة (دي سوزا إي سيلفا وديلاكروز، ٢٠٠٦؛ كلوبفر، ٢٠٠٨).

وهكذا، كانت ألعاب الواقع المُعزَّز قادرةً على إشراك الطلاب في عمليات محاكاة مُحدَّدة المكان، وترتبط بنطاق موضوع معين. كانت لعبة «إنفايرونمنتال ديتيكتيفز» (كلوبفر وسكواير وجنكنز، ٢٠٠٤) — التي طوَّرَها كيرت سكواير وإريك كلوبفر — واحدةً من أوائل ألعاب الواقع المُعزَّز التعليمية. سعى اللاعبون في هذه اللعبة إلى تحديد مكانِ مصدرِ تسرُّب كيميائي سامٍّ في مصدر مائي قريب؛ فاستخدموا أجهزتهم المحمولة من أجل فحص انتشار المواد السامة، وأخذ عينات من الماء، واستجواب شخصيات تخيُّلية للوصول لاستنتاجاتٍ عن ذلك التسرب الكيميائي. وبعد ظهور هذه اللعبة، طُوِّرَت ألعاب مماثلة، مثل لعبة «تشارلز ريفر سيتي» (برنامج تعليم المدرس بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وإديوكاشين أركاد، ٢٠٠٤)، ولعبة «ميستري آت ذي ميوزيام» (برنامج تعليم المدرِّس بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وذي إديوكاشين أركاد، ٢٠٠٣).

وبالتزامن مع تطوير ألعاب الواقع المُعزَّز بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، ابتكر المعلمون في «فيوتشرلاب» بالمملكة المتحدة لعبة «سافانا» (فيوتشرلاب، ٢٠٠٣).١١ كان هدف هذه اللعبة أن يتعرف طلاب المدارس الإعدادية على حياة الحيوانات في منطقة «السافانا» الأفريقية. بعد تجهيزهم بأجهزة مدعومة بخاصية «جي بي إس»، لعب الطلاب أدوارَ حيوانات «السافانا» مثل الأسود والفِيَلة والحمير الوحشية، وخرجوا إلى الملعب، وكان يوجد مُحَاكٍ في جهاز المساعد الرقمي الشخصي لكلٍّ منهم يُخبِرهم إنْ كان يوجد حيوانات (طلاب) أخرى في الجوار، وما إذا كانوا بحاجةٍ إلى الدفاع عن أنفسهم بالاتصال بلاعبين آخَرين أم لا. وكان الفريق الفني يتتبَّع عن بُعْدٍ حركات الطلاب وتواصُلهم، وعندما يهاجم أحد الطلاب «حيوانًا» آخَر بالضغط على زر «الرش» على شاشةِ مساعده الرقمي الشخصي، يستطيع أعضاءُ الفريق الفني المتواجدون بعيدًا أن يروا الهجومَ على الكمبيوتر المكتبي لديهم، ويمكنهم بعد ذلك استخدام هذه البيانات للحديث مع الطلاب عمَّا حدث خلال اللعبة. أثَّرَتْ لعبة «سافانا» تأثيرات كثيرة مهمة على الأمكنة الرَّقْمِيَّة؛ فمثلما حدث في لعبة «كان يو سي مي ناو؟»، تفاعَلَ اللاعبون بعضهم مع بعض خلال اللعب بطريقةٍ حدَّدَها تقارُبهم المكاني. إضافةً إلى ذلك، كان في مقدور الفِرَق البعيدة تتبُّعُ سَيْر اللعبة والتواصُل بين الطلاب في الملعب، بَيْدَ أنه يجدر ملاحظة أن اللعبة كانت متحرِّرة من المكان؛ أي إنها يمكن أن تُلعَب في أي مكان؛ ومن ثَمَّ فإنها لم تستغل خصوصيةَ البيئة المحيطة استغلالًا كاملًا.
fig22
شكل ٣-٨: مدرسون في ورشة عمل محقِّقي المجتمع العلميين يلعبون لعبة «إنفايرونمنتال ديتيكتيفز» على ضفة تشارلز ريفر في ووترتاون بولاية ماساتشوستس. منشورة بتصريح من إريك كلوبفر.
تقدَّمَتْ لعبة «فريكونسي ١٥٥٠» — التي طوَّرَتْها مجموعةُ «فاج سوسايتي» ومعلمون بجامعة أمستردام (٢٠٠٥) — بفكرة لعبة «سافانا» خطوةً للأمام. كان هدف اللعبة هو تعريف طلبة المرحلة الإعدادية بتاريخ أمستردام. صُمِّمَت اللعبة بحيث تدفع اللاعبين لاستكشاف الفضاءات المادية للمدينة، وللذهاب إلى أماكن وقعت فيها أحداثٌ تاريخية. اختُبِرَتِ اللعبةُ خلال ثلاثة أيام في شهر فبراير عام ٢٠٠٥؛١٢ قُسِّم الطلاب (في المرحلة العمرية من ١١ إلى ١٤ عامًا) إلى فئتين: تجَّار وشحَّاذين، ثم قُسِّمت كلُّ فئة إلى فريقين: فريق توجَّهَ إلى شوارع أمستردام حاملًا هواتفَ محمولة مُدعَّمة بخاصية «جي بي إس»، بينما ظلَّ الفريق الآخَر بموقع حجرة دراسة بعيدة؛ حيث كان باستطاعتهم المساعدة في إرشاد الطلاب الموجودين في الشوارع والتفاعل معهم. وشرعت المجموعتان المكونتان من اللاعبين عبر الإنترنت ولاعبي الشارع في إنهاءِ مهامَّ مع وجود هدفٍ نهائي هو الفوز بحق المُواطَنة في مدينة أمستردام؛ وهكذا، على سبيل المثال، كان مطلوبًا من لاعبي الشارع أن يعثروا على الموقع الذي حدثَتْ فيه معركةٌ مهمة، وأن يلتقطوا صورًا من ذلك المكان. ولكي يفعلوا ذلك، يحتاج لاعبو الشارع إلى مساعدة اللاعبين على الإنترنت، الذين كان في مقدورهم الوصول إلى خرائط للمدينة على الإنترنت، وإرشاد لاعبي الشارع إلى غايتهم. وتتزايد نقاطُ المجموعة بإنهاء كل مهمة إنهاءً صحيحًا، وحينما تحصل مجموعة على ٣٦٥ نقطة، تصبح هي الفائزة باللعبة.
fig23
شكل ٣-٩: مجموعة من الأطفال يلعبون لعبة «سافانا» من إنتاج فيوتشرلاب (٢٠٠٣) في تجربةٍ بمدينة بريستول. أُعِيدَ نشرها بتصريح من فيوتشرلاب.

وهكذا، استخدمت «فريكونسي ١٥٥٠» الفضاءات المادية للمدينة المُعاصِرة لدفع اللاعبين إلى الاندماج في الماضي. كانت المواقع مليئةً بالمعلومات اللازمة لجعل قراءة الماضي ممكنةً للاعبين؛ فكانت تلك المواقع الغنية بالمعلومات هي سياق التعلم ومحتواه. كان أحد أهداف هذه اللعبة هو ربط خبرة التعلم بالفضاءات المادية. ولأن الطلاب يتواصلون مع المواقع المادية وبعضهم مع بعضٍ، من خلال تكنولوجيات الأجهزة المحمولة المُدعَّمة باﻟ «جي بي إس»، فإن الفكرة هي أن عملية التعلُّم ترتبط ارتباطًا وثيقًا بسياقها.

(٣) نشر الإدراك المكاني

مع إصدار هاتف «آي فون» من الجيل الثالث و«درويد» في عام ٢٠٠٨، برز الإدراك المكاني في الواجهة، واشتمل بعض التطبيقات الأوَّلية التي يسَّرَتْ ذلك على خليط من تطبيقات التعليقات التوضيحية للأجهزة المحمولة والشبكات الاجتماعية المعتمدة على الموقع؛ فعلى سبيل المثال: سمح تطبيق «إفويكس» الذي ذكرناه في الفصل الثاني للمستخدمين أن يضيفوا أصدقاء بصفة «جيران». وسمحت هذه الوظيفة للمستخدمين أن يتشاركوا قصصًا مع أُناسٍ في شبكتهم الاجتماعية، وهو ما أضاف عنصرًا اجتماعيًّا للتعليقات التوضيحية. ولم توضِّح خريطةُ البؤر الساخنة على الهاتف معدلَ المقالات الصحفية الشعبية في منطقةٍ ما فحسب، ولكنها أيضًا حدَّدَتْ مواقعَ تحديثات الحالة التي نشرها «الجيران».

في الفترة نفسها تقريبًا، ظهرت تطبيقات أخرى لشبكات اجتماعية معتمدة على الموقع، مثل «لوبت»، و«ورل»، و«برايت كايت». توارثَتْ هذه التطبيقاتُ ذلك النوعَ من التفاعل المعتمد على الموقع من ألعاب الهاتف المحمول المعتمِدة على المواقع التجريبية، التي سبق ذِكْرها في هذا الفصل، مضيفةً إلى ذلك سمات التواصل الاجتماعي العادي: ينشر المستخدمون تحديثاتٍ وصورًا معتمدة على الموقع، ويستطيعون رؤيةَ منشوراتِ الأصدقاء مُدرَجةً تبعًا لدرجة القُرْب المكاني، على النقيض ممَّا يُسمَّى التسلسُل الزمني المعكوس، وهو النمط الشائع للمدونات والمنتديات النقاشية. ونتيجة هذا النشر هي نوع من السرد الذي يتطور حول الموقع المكاني.

على سبيل المثال: يستطيع مستخدمو تطبيق «ورل» أن ينشروا تحديثاتٍ وصورًا معتمدة على الموقع المكاني على واجهة خريطة، ويمكنهم أيضًا أن يَطَّلِعوا على منشورات أصدقائهم على خريطة. كذلك شجَّعَ تطبيق «ورل» مستخدِمِيه على إنشاء رواياتٍ حول مواقع معينة. («ما قصتك؟» كان واحدًا من شعاراتهم.) كانت الفكرة أن المستخدمين يمكنهم مشاركة أكثر من مجرد تحديثات موجزة مثل «أنا هنا»، بل يمكنهم جمع العديد من التحديثات الموجزة في رواية متصلة بالموقع. إن كتابة ملاحظة عن موقع المرء شيء (مثل: «غروبٌ جميلٌ في ماليبو هذا المساء»)، وعندما تكون الملاحظة المرتبطة بموقعٍ ما متاحةً للآخرين في ذاك الموقع ليصلوا إليها فذلك شيء آخَر. مجمل القول، صُمِّم هذا الارتباطُ الفعال بالمعلومات المعتمدة على الموقع المكاني للتأثير على طريقةِ تفكيرِ المستخدم في الفضاء الذي يكون موجودًا فيه حينما يترك تعليقًا، وعلى الطريقة التي يختبر بها المستخدِمُ الموقعَ المكاني عندما تضاف إليه رواية المستخدم الشخصية أو روايات الآخرين، وعلى الطريقة التي قد يستعمل بها المستخدم روايات الآخرين في تشكيل روابط شخصية. على الرغم من أن التأثير الأول يمثِّل صفةً مميِّزةً لكل الوسائط (حتى المطبوعة)، فإن التأثيرَيْن الأخيرَيْن موجودَان فقط في التطبيقات ذات الإدراك المكاني (سوتكو ودي سوزا إي سيلفا، تحت الطبع).

تَجمع الشبكات الاجتماعية المعتمدة على الموقع الإدراك المكاني بمواقع المستخدمين الآخرين مع إمكانية إلحاق معلومات بالأماكن. يستطيع المستخدمون رؤيةَ مواضع الآخرين على هواتفهم المحمولة والتواصل فيما بينهم، مثلما في لعبتَيْ «كان يو سي مي ناو؟» و«مُوجي»، ولكن دون عناصر اللعبة. كان تطبيق «لوبت» (٢٠٠٨) هو أول تطبيق لشبكة اجتماعية معتمدة على الموقع متاح تجاريًّا في الولايات المتحدة، إلا أنه بنهاية عام ٢٠٠٩، أصبح يوجد أكثر من مئتَيْ تطبيق (مورجان، ٢٠٠٩). امتلكت كل هذه التطبيقات صفتين مُميِّزتين: الأولى هي أنها استخدمت الإدراك المكاني للهاتف المحمول لعرض موقع المستخدم أوتوماتيكيًّا، مُستبعِدةً الحاجة إلى إعلان المستخدم ذاتيًّا عن مكانه، أما الثانية فكانت أنها امتلكَتِ القدرة على عرض مواقع المستخدمين آنيًّا على خريطة (دي سوزا إي سيلفا وفريث، ٢٠١٠). فعندما يفتح المستخدم تطبيقَ «لوبت»، كان موقعه يُحَدَّد باستخدام خاصية التتبُّع عبر اﻟ «جي بي إس»، وكان في مقدور المستخدم أن ينظر إلى خريطة ويرى إنْ كان أيٌّ من أصدقائه موجودًا في الجوار أم لا. وإذا سجَّلَ أحد الأصدقاء دخولَه عبر التطبيق لاحقًا، كانت تظهر علامةٌ على الخريطة تحدِّد موقعَه، وكان في استطاعة المستخدِم أن يتابع ما يفعله الأصدقاء عبر تحديثات الحالة متعددة الوسائط. ومكَّنَتْ تحديثاتُ الحالة تلك الناسَ من نشر صورٍ لموقعهم؛ متيحين لأصدقائهم أن «يروا» بيئتهم المادية المحيطة.

fig24
شكل ٣-١٠: واجهة تطبيق «سيتي سينس» الخاص بأجهزة «بلاك بيري» الذي طوَّرته بواسطة «سينس نتوركس». أعيد نشره بتصريح من شركة «سينس نتوركس».

يتيح تطبيق «لوبت» أيضًا للناس أن يؤدوا دورًا نَشِطًا في تحديد مواقع أصدقائهم بإرسال تنبيهات بالتواجُد على مقربةٍ منهم؛ فمثلًا: لو أن صديقًا محددًا أصبح في نطاقِ مسافةٍ مادية معينة، فإن الهاتف يطلق تنبيهًا (تولت، ٢٠٠٨). وكمعظم الشبكات الاجتماعية المعتمدة على الموقع، أتاح «لوبت» لمستخدميه أن يضيفوا تعليقات على الفضاءات المادية على نحوٍ رقميٍّ؛ فعلى سبيل المثال: لو أن عضوًا لشبكة «لوبت» كان يبحث عن مطعم جيد في وسط المدينة، يمكنه أن يسجِّل دخوله في التطبيق ويرى إنْ كان أيٌّ من أصدقائه قد ترَكَ أيَّ تقويمات عن المطاعم في منطقته الحالية، ثم يمكنه أن يقرأ تلك التقويمات ويختار مطعمًا استنادًا إلى المعلومات الرَّقْمِيَّة المُرفَقة بالفضاءات المادية. تتيح الشبكاتُ الاجتماعية المعتمدة على الموقع للناس أن يتعاونوا وأن يستخدموا المعرفة المستندة إلى المجتمع المحلي لإحداث تغييرٍ محتملٍ في إدراك مكانٍ ما.

شجَّعَ كثير من تطبيقات الشبكات الاجتماعية المعتمدة على الموقع أيضًا مستخدِمِيه على مقابلة «أشخاص غرباء» في الفضاءات العامة، أُسوةً بتطبيق «لافجيتي» ومشروع «فاميليار سترينجر». أتاح تطبيق «لوبت ميكس» لمستخدميه أن يحددوا موقع المستخدمين القريبين الذين لا يعرفونهم. ووسَّعَ تطبيق «برايت كايت» هذه الوظيفة، فأتاح للمستخدم أن يرى موقعَ أيِّ مستخدم للتطبيق في نطاق مربع سكني (٢٠٠ متر)، أو في الحي (٢ كيلومتر)، أو في المنطقة (٤ كيلومترات)، أو في المدينة (١٠ كيلومترات)، أو في الإقليم (١٠٠ كيلومتر). أخَذَ تطبيق «سيتي سينس» فكرة «برايت كايت» خطوة أبعد بأنْ عرضَتْ واجهته مواضعَ مجموعات من الناس مُمَثَّلين في شكلِ بؤر ساخنة، ولكنها لم تعرض مواضعَ المستخدمين الفرديين؛ إذ عرضت واجهةُ التطبيق خرائطَ حرارية لتوضِّح التجمعات المكانية للمستخدمين.

fig25
شكل ٣-١١: واجهة تطبيق «فورسكوير» لهاتف «آي فون». حقوق الطبع فورسكوير ٢٠١٠.

على الرغم من أن أقدم الشبكات الاجتماعية المعتمدة على الموقع كانت مستوحاةً من التجارب الأولى للألعاب المعتمدة على الموقع، فإن تلك الشبكات في البداية لم تكن ألعابًا. ولكن بحلول عام ٢٠١٠، أضافت معظم الشبكات الاجتماعية القائمة على الموقع بعضَ عناصر اللعبة إلى استراتيجية التفاعلات داخلها. أُدرِجَت عناصرُ اللعبة في الشبكات الاجتماعية المعتمدة على الموقع لتعزيز الروابط بين المستخدِمين وإرساء إطارٍ للاتصال بالمواقع؛ فمثلًا: طرَحَ تطبيقُ «ورل» «شاراتٍ» و«مجموعات» لتكون أدواتٍ لتحفيز المشتركين، وأطلق تطبيق «لوبت» ما دعاه «نجمةَ لوبت» واصفًا إياها بأنها «لعبة جوائز للأجهزة المحمولة».

بعد أن بِيع تطبيق «دودج بول» إلى شركة «جوجل» عام ٢٠٠٥، قرَّرَ مبتكِروه أن يطوِّروا شبكة اجتماعية أخرى معتمدة على الموقع، تضمَّنت عناصر الألعاب؛ فأُطْلِق تطبيق «فورسكوير» تجاريًّا في ربيع عام ٢٠٠٩. وفي مارس عام ٢٠١٠، أعلنَتِ الشركة عن وجود ما يفوق ٧٢٥ ألفَ مستخدم و٢٢ مليون تسجيل تواجد في مواقع مكانية.١٣ إن ذلك نموٌّ هائلٌ، ويفوق كثيرًا ما وصلَتْ إليه الشبكات الاجتماعية المعتمدة على الموقع السابقة، والسبب أنه جمع بين المحفزات الموجودة في ممارسة الألعاب، وبين سمات الشبكات الاجتماعية. يقدِّم تطبيق «فورسكوير» نقاطًا وشاراتٍ مقابل «تسجيل التواجد» في المواقع. تواجَدَ الدافعُ لدى اللاعبين للمشاركة لأن هذه النقاط والشارات أصبحَت استعراضًا علنيًّا لإنجازات المرء. أما الحافز الأقوى فهو فرصة أن تصبح عمدة لموقع معين؛ فالمستخدم الذي يسجِّل أكبر عدد من مرات التواجُد في موقعٍ ما يصبح عمدةَ ذلك الموقع، وذلك أمر ذو قيمة كبيرة؛ لأن كل شخص يسجِّل تواجَده بعد ذلك يُنبهه التطبيق بهُوِيَّة العمدة؛ فإذا كان التواصُل الاجتماعي يعتمد على جذْبِ الانتباه (لانهام، ٢٠٠٦)، فكَوْنُ المرْءِ عمدةً يحمل قيمة كبيرة للغاية، وتصبح صورة المرء وملفه الشخصي جزءًا من مشهد معلومات الموقع الذي يترأسه. وبالرغم من التفاهة التي قد يبدو عليها الأمر، فإن فرصةَ نيْلِ سلطةٍ سياسية رمزية تمثِّل دافعًا للمشاركة. يضطر المستخدمون لاستعمال تطبيق «فورسكوير» (٢٠١٠) من أجل أن يتمكَّنوا من نيل هذا المنصب المنشود.

(٤) فضاءات جديدة وممارسات جديدة

لم تَعُدْ فضاءاتنا كما كانت عليه؛ فتطوُّر ممارسات رسم الخرائط، والقدرة المتزايدة على إلحاق معلومات الفضاءات المكانية، والاهتمام المتنامي بتحديد مواقع الناس والأشياء في الفضاءات المادية، كلها أمور تصنع الأمكنة الرَّقْمِيَّة. وبالرغم من أننا دائمًا كنا على إدراك بالمواقع، فإن الشعبية المتزايدة لأدوات رسم الخرائط ولتكنولوجيات الأجهزة المحمولة ذات الإدراك المكاني، تغيِّر الطرق التي نختبر بواسطتها المواقع، البعيدة منها والقريبة. ولأن الفضاءات المكانية هي بذاتها اجتماعية (لوفيفر، ٢٠٠١)، فإن إعادة تشكيل الفضاءات تعني بالتبعية إعادةَ هيكلة التفاعلات الاجتماعية التي تجري فيها.

أدرَكَ معظم الفنانين والباحثين والمطورين الأوائل الذين أسهموا في ابتكار المشروعات التي ذكرناها في هذا الفصل أن الموقع كان عاملًا حاسمًا في صياغة التفاعل الاجتماعي. ليس ذلك فحسب، ولكنْ تحدَّتْ هذه التجاربُ المبكرة أيضًا التصوُّرَ التقليدي القائل بأن اللقاءات المباشرة وجهًا لوجه هي الوسيلة الوحيدة لخلق تفاعلٍ اجتماعي «حقيقي». لا شك في أن الموقع المكاني له أهمية كبيرة، لكن مواقعنا المكانية في الوقت الحاضر مدمجة في روابط شبكية، والتفاعلاتُ الاجتماعية التي تحفِّزها تلك الروابط جزء من مواقعنا المكانية.

سعت كل المشروعات التي تناولناها في هذا الفصل إلى جلب أشكال المجتمعات الرَّقْمِيَّة التي طُوِّرَت في العوالم الافتراضية إلى الفضاءات المادية؛ ونتيجةً لذلك، شرعت تلك المشروعات في توعية الناس بأن التقارب المكاني لم يكن وحده الصفةَ المميزة للحضور المشترك؛ فمن خلال هذه الأدوات، يمكن للناس أن يصنعوا روابطَ مع أشخاصٍ آخرين ليسوا موجودين ماديًّا في المكان نفسه، وبالمثل يمكن أن يتعمَّق شعورُ الأُلفة مع هؤلاء الأشخاص ومع الفضاءات المتواجدين فيها. لو أن المرء يعرف شيئًا عن الشخص الذي بجانبه، حتى لو كان كلُّ ما يعرفه هو أنه يشاركه نفسَ الطريق إلى العمل، فإن ذلك يدفعه لأن يكون أكثر ميلًا لتكوين رابطٍ ما مع ذلك الشخص. وهكذا، لو أن في استطاعة المرء أن يصل إلى معلوماتٍ عن الآخرين الذين يتردَّدون كثيرًا على أماكن بعينها، فقد يكون في مقدوره أن يستنتج مميزاتِ أمكنةٍ محددة، وأن يشعر بميلٍ إلى زيارتها.

لا شك في أن الأشكالَ الأولى للشبكات الاجتماعية المعتمدة على الموقع، وألعابَ الأجهزة المحمولة المعتمدة على الموقع؛ كانت ملائمة للمساعدة على إنشاء ونشر التطبيقات المعتمدة على الموقع الحالية. ولكن أيضًا بمجرد أن تصبح الأمكنة الرَّقْمِيَّة حقيقةً بالنسبة إلى غالبية الناس في الفضاءات الحضرية — وليس فقط بالنسبة إلى مجموعةٍ مُختارةٍ من الفنانين والباحثين وخبراء التكنولوجيا — سيكون لهذا انعكاساتٌ بالغةُ الأثر على استيعابنا لمفاهيم الفضاءات الحضرية والخصوصية والمراقبة والمجتمع المحلي والعولمة. وسنتناول هذه المسائل فيما تبقَّى من الكتاب.

هوامش

(١) وصفتها دي سوزا إي سيلفا وفريث (٢٠١٠) بالشبكات الاجتماعية المكانية للأجهزة المحمولة.
(٢) بعد الشعبية المتزايدة للخدمات المعتمدة على الموقع، أضاف «فيسبوك» و«تويتر» في عام ٢٠١٠ سماتٍ تتيح للمستخدِم أن يُضمِّن موقعَه في تحديثات الحالة.
(٣) انظر: هاردي، ٢٠٠٧؛ توترز وفارنيليس، ٢٠٠٦؛ هيمينت، ٢٠٠٤، ٢٠٠٦؛ جالواي ووارد، ٢٠٠٦؛ فولراث، ٢٠٠٧أ، ٢٠٠٧ب؛ ليفاين، ٢٠٠٦؛ شيرفان، ٢٠٠٧؛ هايت، ٢٠٠٦؛ باولوس وجودمان، ٢٠٠٣.
(٤) انظرِ الصفحة الرئيسية لإريك باولوس وإليزابيث جودمان على الموقع الإلكتروني http://www.paulos.net/research/intel/familiarstranger/index.htm، تم استعراضه في الأول من نوفمبر عام ٢٠١٠.
(٥) انظرْ مشروعَ كاثرين موريواكي وجوناه براكر-كوهين على الموقع الإلكتروني http://www.undertheumbrella.net/system.htm، تم استعراضه في الأول من نوفمبر عام ٢٠١٠.
(٦) بالرغم من أن ممارِسِي هواية تتبُّع مواقع المخابئ جغرافيًّا قد شكَّلوا مجتمعاتٍ قويةً خارجَ إطار اللعبة. ينظِّم ممارسو الهواية في معظم الأقاليم لقاءاتٍ منتظمةً حيث يجتمعون وجهًا لوجه، ويوجد أيضًا منتديات نقاشية كثيرة على الإنترنت مُخصَّصة لتلك الهواية. إضافةً إلى ذلك، صُمِّم بعض المخابئ تحديدًا من أجل إنشاء صلات بين الناس، مثل مخبأ كاميرا الويب. يتشكَّل مخبأ كاميرا الويب من إحداثيات «جي بي إس» لكاميرا ويب عامة. ولتوثيق كشف المخبأ، يجب أن يطلب اللاعب من شخصٍ ما أن يراقب شاشةَ كمبيوتره، بينما يقف اللاعب أمام كاميرا الويب، ثم يلتقط مراقِب شاشة الكمبيوتر لقطةً للشاشة يظهر فيها اللاعب الواقف أمام كاميرا الويب، ويُحمِّلها على الموقع الإلكتروني لِلُّعبة.
(٧) انظر: سوتاما، ٢٠٠٢؛ دي سوزا إي سيلفا، ٢٠٠٩.
(٨) انظر: فلينتهام وآخرين، ٢٠٠٣؛ بِنْفورد وآخرين، ٢٠٠٦؛ دي سوزا إي سيلفا وهيورث، ٢٠٠٩؛ دي سوزا إي سيلفا، ٢٠٠٩؛ دي سوزا إي سيلفا وسوتكو، ٢٠٠٨؛ جوجين، ٢٠٠٦.
(٩) لم تكن لعبة «باك مانهاتن» هي لعبة الآركيد الكلاسيكية الوحيدة التي عُدِّلَتْ لتُوائِمَ اللعبَ المعتمد على الموقع. تضع لعبة «ترون» — المستندة إلى نسخة الآركيد من الفيلم الذي يحمل الاسم نفسه — لاعبَيْن اثنين أو أكثر في موقِفٍ، حيث يتحركون خلال المدينة (يُتابَعون باستخدام «جي بي إس»). ويَنْتُج مسارُهم في المدينة عن مسارٍ رقميٍّ يكون مرئيًّا على أجهزة اللاعبين، ولا يستطيع منافِسُوهم اجتيازَه.
(١٠) انظر دي سوزا إي سيلفا، ٢٠٠٦؛ ديلاكروز وتشانج وبِيِكَر، ٢٠٠٩؛ كان وميدو وإيفِنْز، ٢٠٠٨؛ مالابي، ٢٠٠٧؛ كافاي، ٢٠٠٦؛ باراب وآخرين، ٢٠٠٥.
(١١) انظر: فيسير وآخرين، ٢٠٠٤؛ فلينتهام وآخرين، ٢٠٠٣.
(١٢) انظرْ أدميرال وآخرين، ٢٠٠٩؛ دي سوزا إي سيلفا وديلاكروز، ٢٠٠٦.
(١٣) هذه الإحصاءات مُستمَدة من مدونة «فورسكوير» الرسمية على الموقع الإلكتروني http://blog.foursquare.com، تم استعراضها في الأول من نوفمبر عام ٢٠١٠.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤