مقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم

الهادي إلى سواء القصد، وباسم أنبيائه المرسلين والهداة المخلصين وطلاب الاستقلال والحرية المجاهدين في كل عصر ومصر، أتقدَّم إلى قراء العربية في مصرنا المحبوبة وفي الأمصار العربية الأخرى بهذا الكتاب الذي وفقني الله إلى تعريبه، وأنا قبل كل شيء لا أجد مناصًا من الاعتراف بتشجيع المشجعين من أبناء قومي عندما أقدمت على ترجمة رسائل الأميرة قدرية حسين، أمدَّ الله حياتها ومتَّع العالم الشرقي بثمار أفكارها، ولولا ثقتي بتقديرهم لمجهود هذا العاجز الضعيف وعطفهم عليه في جميع ما ترجمه لما أقدمتُ على هذا العمل الذي أظنني دونه.

وما أظنني في حاجة إلى أن أعرِّف قراء هذا الكتاب عن مؤلفته وسابق جهودها وفضلها، فما هي بالسيدة المجهولة عندهم، وتاريخ حياتها الأدبية معلوم مشهور لدى الناس أجمعين.

الأميرة قدرية حسين كاتبة تتمشى في كتابتها مع روح العصر، مع كثير من التربية الدينية الشرقية، وهي تشترك في مجهوداتها مع روح الديمقراطية الإسلامية الحديثة، يتبين ذلك من خواطرها ومن مقالاتها ورسالاتها التي كان لقراء العربية نصيب وافر مما عرَّبتُه لهم، وهي تكتب باللغتين اللتين تحسنهما: التركية والفرنسية، وتكاد لا تعلن عما تكتب إلا إذا تنبَّه له بعض الأدباء.

ويقضي عليَّ واجب الأدب أن أذكر أن المرحوم ولي الدين بك يكن كان في مقدمة الذين تنبَّهوا إلى رسائلها القيمة، فعرَّب لها كتاب خواطرها «نه لرم» وأسماء «ما هو وما هي»، غير أنه لم يُطبع، وكنت إذ ذاك ملازمًا للخزانة الزكية، أمدَّ الله في حياة صاحبها أستاذي البحَّاثة سعادة أحمد زكي باشا، فعثرتُ بين نفائسها على طائفة صالحة من كتب سمو الأميرة، وبادرتُ إلى تعريب خواطرها دون أن أعرف أن المرحوم ولي الدين بك يكن سبقني إلى ذلك.

وقد كان سعادة زكي باشا من أول المشجعين لي على المضي في تعريب كتب الأميرة رغبةً في نشر مآثر الأمراء والأميرات من البيت الملكي الكريم، وإننا لنسجل هنا بِيَد الفخَار والإعجاب خُطبته التي ألقاها على أعضاء المجمع العلمي المصري في شهر رجب عام ١٣٤٠ الموافق مارس ١٩٢٢، فإنها خير كلمة نصدر بها مثل هذا الكتاب وسيراها القارئ بعد كلمة الأميرة، وفقنا الله جميعًا إلى ما فيه خير البلاد.

القاهرة، في ١١ ربيع الأول سنة ١٣٤٣
عبد العزيز أمين الخانجي

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤