الفصل الرابع

مكانة الخنساء بين شعراء العرب
كان النبي يعجبه شِعرها١ ويستنشدها، ويقول: هيه يا خناس، ويومئ بيده .

ولما قَدِم عدي بن حاتم على رسول الله وحادثه فقال: يا رسول الله، إن فينا أشعر الناس وأسخى الناس وأفرس الناس.

قال: سمِّهم، قال: أما أشعر الناس فامرؤ القيس بن حجر، وأما أسخى الناس فحاتم بن سعد يعني أباه، وأما أفرس الناس فعمرو بن مَعْدِيكَرِبَ.

فقال رسول الله : ليس كما قلت يا عدي، أما أشعر الناس فالخنساء بنت عمرو، وأما أسخى الناس فمحمد؛ يعني نفسه ، وأما أفرس الناس فعلي بن أبي طالب.

قيل لجرير: مَن أشعر الناس؟

قال: أنا لولا الخنساء.

قيل: بِمَ فضلتْك؟

قال: بقولها:

إن الزمان وما يفنى له عجب
أبقى لنا ذنبًا واستؤصل الراس
إن الجديدين في طول اختلافهما
لا يفسدان ولكن يفسد الناس

وكانت في أوائل أمرها تقول البيتين والثلاثة حتى قُتل أخوها معاوية ثم أخوها صخر فأكثرت من الشعر، وتغيرت طريقتها في القول وأسلوبها في التفكير؛ لأن المصيبة شحذت قريحتها وصقلت ذهنها فاشتد لمعان أفكارها رونقًا وبهاء.

واتفق أهل العلم بالشعر أنه لم تكن امرأة قبلها ولا بعدها أشعر منها، ويقول الشريشي في كتابه: «إن النساء ليظهر الضعف في أشعارهن إلا الخنساء، فقد فاقت الرجال في قول الشعر.» وعندما عَدَّ أبو العباس المُبَرِّدُ شعراءَ العرب قال عن الخنساء وليلى إنهما فاقا الرجال في متانة الشعر مع تأخُّر النساء بالنسبة للرجال في أكثر الصناعات، وكان الأصمعي يفضل ليلى على الخنساء ويحاجيه أبو زيد بقوله: «وإن كانت ليلى في أشعارها أمتن لفظًا وأعمق معنًى، إلا أن الخنساء في مراثيها أعلى روحًا.» وكان المُبَرِّد تعجبه مراثي الخنساء ويقول عنها: «أمتن المراثي ما كانت مملوءة بالألفاظ المفجعة التي تُشعر بمدح المتوفَّى، فإذا كان النظم موافقًا والألفاظ صحيحة والأسلوب رائقًا فلا ريب في نفاسة القول إذ ذاك؛ حيث يستفيد المرء ويمتلئ بروح اللذة والإعجاب، وهكذا مراثي الخنساء في مثل هذا الحدِّ من مراتب الكمال.»

كان يُضرب للنابغة الذبياني قُبَّة من أَدَم بسوق عكاظ، فتأتيه الشعراء فتعرض عليه أشعارها، فأنشده الأعشى مرةً ثم حسانُ بن ثابت ثم أنشدتْه الشعراءُ والخنساء تسمع.

فسأله حسان عن مقدار شعره ففضَّل عليه الأعشى فقام حسان غاضبًا يقول: «والله لأنا أشعر منك ومن أبيك.»

فقال له النابغة: «يا ابن أخي، أنت لا تحسن أن تقول.»

ثم التفت إلى الخنساء وطلب منها أن تنشده شيئًا فأنشدتْه:

وإن صخرًا لتأتمُّ الهُداة به
كأنه عَلَمٌ في رأسه نارُ

فتأثر الحاضرون وقام إليها حسان يقول: «لم أر والله امرأة أشعر منك.» فقالت له: ألا تريد أن تقول: إنني أشعر الرجال أيضًا؟

فأجابها بغرور: كلا، أنا أشعر منك ألم تسمعي قولي:

لنا الجَفَنات الغُرُّ يلمعْنَ بالضحى
وأسيافنا يقطرْنَ من نجدة دَمًا
ولدْنا بني العنقاء وابنَيْ محرق
فأكرم بنا خالًا وأكرم بنا ابنمًا»

فنظرتْ إليه الخنساء بازدراء وأجابتْ: إنك لعاجز في هذا الشعر، وقد أخطأتَ في ثمانية مواضع منه.

فسألها عن مواضع الخطأ فأجابتْه برزانة ووقار: قلتَ: «الجفنات» والجفنات جمع قلة وكان الأجدر أن تقول: «الجِفَان»، وقلتَ: «الغر» ولا يقال الغر إلا لبياض الجبهة ولو أنك قلت: «البيض» لكان المعنى أتم، وإنك تقول: «يلمعن» واللمعان يفيد النور الضعيف وكان الأجدر بك أن تقول: «يشرقن»، وقلت: «بالضحى» مع أن وقت الضحوة لا يأتي من الضيوف إلا النزْر اليسير، ولو قلت: مساء لكان المعنى أتم، وقلت: «أسياف» بجمع القلة ولو أنك قلت: سيوف لكان دليلًا على الكثرة، وقلت: «يقطرن» فدللت بذلك على قلة عدد القتلى، ولو قلت: «يجرين» لكان أبلغ، ثم إنك: تقول «دمًا» ولو قلت «دماء» لكان أتم، ثم إنك تفتخر بالأخلاف منكم ولا تفتخر بمن سلف.

فخجل حسان من محاجتها وخرج من المجلس غاضبًا كئيبًا.

كان من عادة العرب أن يجتمع شعراؤها في سوق عكاظ للمباراة في إجادة الأقوال وسبك المعاني، وكان يُنصب للنابغة الذبياني قبة حمراء يجتمع تحتها كل شاعر مجيد وكل بليغ عتيد وخطيب مِنْطِيق، فيطلقون العنان لبنات الأفكار وينثرون على بساط المباراة دُرَر الألفاظ وغوالي الحِكَم، فمن نال قصب السبق وحُكِم له بالتفوق والإجادة تُكتب قصيدته على طروس من الحرير تُعلق على أستار الكعبة؛ ومن أجل ذلك فإن لأصحاب المعلقات مكانة رفيعة ومنزلة سامية بين الشعراء وفحول أصحاب القول والحكمة؛ لأن معلقاتهم من أجود القول وأحكمه.

كانت العرب تعبد البلاغة، فأوصلتهم عبادتها إلى مراتب الكمال في التوسع اللغوي، حتى لقد أصبح قول الشعر سليقة لهم ينطق بها صغيرهم وكبيرهم، وأصبحت الكلمة الطيبة تعمل في النفوس فعل السحر بالألباب.

كانت المعاني الجميلة والألفاظ البديعة والأقوال الحكيمة من مزايا تلك الحياة البدوية الصافية، حتى ليقال: إن أعرابيًّا وصل ذات يوم إلى مكة المكرمة فحثَّ مطيته نحو رهط من الناس مجتمعين في حلقة، مطرقين ينصتون لرجل يقرأ عليهم قولًا بليغًا، فنزل عن ناقته وجلس ينصت معهم، وما كادت بعض الأقوال تتغلغل إلى نفسه حتى قام من فوره فسجد سجدة طويلة، وعندما انتهره القوم متسائلين عن فعلته أجابهم: «إنما سجدت لفصاحة هذا الشيء الذي تقرءونه.» فقالوا له: «ما هذا كلام بشر وإنما هو كلام الله — عز وجل.» فأجاب: «إذن لأُسلِمَنَّ معكم.»

كانت الخنساء تحضر سوق عكاظ وتعرض شعرها النفيس في ميدان المباراة تحت تلك القبة الحمراء، وقد قرأتْ ذات يوم قصيدة بليغة نالت استحسان الجميع وإعجابهم، فأشار النابغة إلى الأعشى الواقف أمامها وقال: «لولا أن أبا بصير أنشدني آنفًا لقلت: إنك أشعر منه.»

فهذه الخنساء عرفناها شاعرة جليلة من شعراء الطبقة الأولى المشهورين بالإجادة والتفوق ولها ديوان جليل.

•••

ها نحن أجملنا لك صحيفة بيضاء من تاريخ العظائم، صحيفة امرأة مستثناة، أحرزت في الحياة موقعًا رفيعًا يختلف كثيرًا عن مواقع مَن عاصرها مِن سيدات ورجال.

الخنساء سيدة جليلة، ووالدة كريمة، وشاعرة عزيزة، نافست في عالم الأدب فنالت قصب السبق، وناضلت في ميادين القتال لإعلاء كلمة الإسلام فحازت القِدْح المُعَلَّى، ولا ندري بأي مزية من هذه المزايا نذكرها ولا بأي مفخرة من هذه المفاخر نشهرها.

عاشت أعوامًا كثيرة بعد وقعة القادسية وماتت أيام خلافة معاوية في العام الخمسين من الهجرة وعمرها سبعون سنة، وقد أجمعتْ كتب التاريخ أنها ماتت في البادية.

كيف قضت أنفاسها الأخيرة وأودعت آخر نسمة من نسمات الحياة، أكانت وقتئذٍ عائدة من أحد منتديات الشعر والأدب تتوكأ على عصاها المعروفة؟ أم أسلمت الحياة في خيمتها وهي مستسلمة إلى أحضان الماضي وذكريات الشباب؟ أم كانت إذ ذاك تحدد النظر في منظر غروب الشمس في يوم قائظ وقد خُيِّل إليها أن تشبع الروح وتملأ العين بتلك النظرة الأخيرة في فضاء الصحراء المترامية الأطراف والبوادي الشاسعة التي لا تقع العين منها إلَّا على سراب بِقِيعَةٍ يحسبه الظمآن ماءً وهي تردد مع أنفاسها الأخيرة قولها في أخيها:

يذكِّرني طلوعُ الشمس صخرًا
وأذكره لكل غروب شمس

ساءلتُ التاريخ كثيرًا عن ذلك، فلم أقع من طياته وأسراره على ما ينقع الغليل، اللهم إلا نتف وأقوال أجملتُها في هذه الصحائف القليلة التي أعرضها اليوم على الأنظار بعد مرور ألف وثلاثمائة وثمانية عشر ربيعًا على ذبول تلك الزهرة المعنوية الجليلة.

وقد خطرتْ لي سانحة أريد أن أثبتها هنا قبل ختم هذه الصحائف، هي ذكرى صغيرة أريد بها المقارنة بين قلب الخنساء الكبير ونفسية امرأة يابانية.

إننا لنعلم الخطوات الواسعة التي خطتْها الأمة اليابانية في سبيل الرقي والمدنية، فإن نعجب بمدنيتهم وفلاحهم فإن عصبيتهم نحو تاريخهم وقوميتهم وتمسكهم بتقاليدهم المِلِّية وعاداتهم الوطنية أحرى بالتقدير وأجدر بالإعظام.

إن تحليل وتعميق الشعور الكامن في النفس اليابانية للوصول إلى حالتها الروحية وللوقوف على أسرار سعادتها والاطلاع على غايتها من الحياة والإحاطة بالعوامل التي رفعتها إلى هذه الرتبة العالية والمكانة السامية، لذة معنوية تُدخل على النفس ظلال الغبطة والسرور.

أسعدتْني الظروف فيما مضى بلذة معنوية من هذا القبيل؛ إذ كنت أطالع كتابًا عن اليابان يبحث عن علو أفكار المرأة اليابانية وظرفها الفطري، وقد ذكر فيها المؤلف بدهشة وإعجاب متانة أخلاقها وقوة جنانها وعلو طبعها، إلى غير ذلك من مزايا تربيتها الروحية، ثم استطرد من ذلك متسائلًا عن أثر الوراثة في ذلك التهذيب وعن الأجيال التي نمت وتمرنت فيها هذه التربية الروحية حتى كملت إلى حد إظهار الرزانة والوقار أمام مرائر الحياة وجبر النفس وستر دموع العين بابتسامات لطيفة في أوقات الضنك والشدة، ثم استطرد من ذلك إلى تصوير الحرب الروسية اليابانية وتحدَّث عن اليابانيات وثبات جأشهن وهن يودعن أزواجهن وأولادهن وآباءهن وإخوانهن الذاهبين إلى ميادين الحروب، وكيف أنهن كُنَّ يملكن العبرات في ذلك الموقف الرهيب وتفترُّ ثناياهن بالابتسامات المشجِّعة والكلمات المعزية والمعاني الحماسية بدل أن يذرفن الدموع التي قد تفُتُّ في السواعد وتثبِّط من العزائم وتقلِّل من النشاط، وقد كانت الواحدة منهن لتعلم وهي تودع أعز إنسان لديها أنه قد لا يرجع إليها سالما، وقد لا تحظى بقبلاته فيما بعد، ولكنها لا تفتأ عن بذل ما تبعث فيه الحمية وما تجدد فيه العزيمة للكفاح وملاقاة الأهوال، وقد أضاف المؤلف أن هؤلاء النسوة ما كانت إحداهن لتتأخر عن سبيل التضحية لحظة واحدة فداء الوطن والإمبراطور، ولو أن التقاليد أو العادات تبيح لهن الاشتراك في المعامع والحروب مع الرجال، إنهن ليخضن غمراتها بشوق وتلهف بلا بطء ولا توانٍ.

وبعد أن ذكر المؤلف الشيء الكثير عن شهامة اليابانية سرد هذه الحادثة التي شاهدها بنفسه رأي العين والتي لا أرى مندوحة من نقلها هنا كما هي، إنها لقصة بالغة ذات مغزًى سامٍ تسوق المرء إلى التفكير العميق، وقد أستطيع هنا أن أسوق القارئ إلى وادي الحس وأفيض عليه بشيء من الشعور الذي غمرني عند تلاوتها، قال المؤلف: «كان ذلك في أوائل الحرب الروسية اليابانية، وكانت الجيوش تساق إلى ميادين المعارك، ففي هذه الآونة كانت يابانية تودع حبيبًا لها، ذاهبًا إلى الحرب فرأيته يقول لها: هيا بنا نتصافح فإنني ذاهب.» فسألتْه متعجبة: إلى أين؟

– إلى الحرب، فأشرق جبينها وارتسمت على وجهها ظلال الغبطة والشوق وسألتْه بنغمة كلها سرور ونشاط: إلى الحرب! أليس كذلك؟ إلى أعدائنا الروس؟

– نعم، إلى أعدائنا الروس.

فقامت اليابانية من فورها وقد كانت جالسة على حصير، تبرق عيناها بنيران الشوق والسرور وما كاد حبيبها يلمح في نظراتها ذلك الهيجان حتى سألها: أكنتِ ترغبين في مرافقتي؟

فأجابتْه وهي تكاد لا تملك خفايا تأثراتها: نعم، كنت أريد ذلك، أريد أن أموت، أن أجود بحياتي في ميدان الحرب، ولو أستطيع أن أموت وأحيا سبع مرات لجدت بحياتي في كل هذه المرات، فداء الوطن والإمبراطور.

لقد تسنمت اليابان غارب المدنية وارتقت ذروة المجد والفلاح؛ لأنها تملك مثل هذه النفوس المهذبة والشخصية الكاملة، وبمثل هذه النار المقدسة المشتعلة في نفس المرأة اليابانية على الدوام غرسوا بذور محبة الوطن والإمبراطور في قلوب الأولاد والأحفاد جيلًا بعد جيل.

الوطنية شعور عام يسود اليوم قلب كل ياباني.

البطولة والتضحية من المعاني الممتزجة بدم الياباني ولحمه، إنهما جزءان لا يتجزءان من كيانه.

هذه هي المرأة اليابانية.

وعلى هذا المنوال نسجت أمهاتنا أمثال الخنساء في تشجيع أولادهن للحروب وتزكية نيران الحماسة في قلوبهم، وبمثل هذه الروح العالية كانت الواحدة منهن تنادي في أولادها وتصيح: «حافظ على لوائك يا بني وحذار من أن يقع في يد عدوك، إنما اللواء شرفك ووطنك ودينك، فإذا أصابتْه نقطة من الغبار قل شأنك وشرفك، وإذا نالتْه خدشة أو خمشة صغيرة في جانب من جوانبه صغر قدْر نفسك، إنه كيانك وكتاب مجدك ورمز أمانيك، لُجْ غمرات الحرب وانظر دومًا إلى الأمام، واعلم أن الجبن عصيان للوطن، فلا ترضَ لنفسك أهون الحالين، بل اسعَ في أن تكون إما غازيًا أو شهيدًا.»

وعندما كانت نساؤنا تدفع أحفادها وفلذات أكبادها إلى غمرات الحروب بأمثال هذه الحماسات، كنا نقفز على الدوام نحو الرقي والفلاح، لقد ارتفعت إذ ذاك رءوسنا وأشهدنا العالم مجدنا وكياننا، وبرهنَّا لهم أننا نستحق الحياة بجدارة واستحقاق.

ولقد جرَّتِ الأيام ذيول العفاء على تلك الأزمان المجيدة والأيام العزيزة، وتطاولت الأحقاب والأجيال على وقت كنا نقدر فيه ذواتنا، ولقد نسينا شخصيتنا وامَّحت القومية من صدورنا، أو منذ ذلك اليوم صرنا مهجورين مدحورين، ثم قمنا نقلد غيرنا ونحاكي سوانا، فما استطعنا إلى ذلك سبيلًا، وعندما عدنا القهقرى أصبحنا نشك في شخصيتنا لأننا فقدناها، ومثَلُنا اليوم في أوقيانوس المدنية وخضم العمران مَثَل سفينة فقدتْ دفتها تشق عباب البحر بلا غاية ولا أمل، فطورًا إلى اليسار وطورًا إلى اليمين، إلى حيث يخيَّل إليها أنه شاطئ السلامة والنجاة.

ولكن لا شيء يستعصي في الحياة أمام العزيمة والثبات، علينا ألَّا نيأس وأن نحيا بالأمل وأن نعتقد بأن حسن الطالع سيكون يومًا معنا، وأن نعمل منذ اليوم بما أوتينا من جهد وجلد وقوة على اكتساب ثقة الأيام وانتهاز فرص الزمان، علينا أن نكرر من حين لآخر كلمات الخنساء الذهبية لأولادها وهم ذاهبون إلى المعركة، ولنخلص في القول حتى نعمل على وقاية اسمنا وشرفنا والمحافظة على لوائنا، لتكن أجسادنا ذرات منفصلة من وطننا، ولتكن قلوبنا قلعة منيعة محصنة بأسوار الإيمان، أما لواؤنا الأخضر ذو الهلال والنجوم الثلاث فليخفق على الدوام فوق برج هذا الحصن المنيع بالنسمات التي تحركها أبواق الظفر.

١  خزانة الأدب.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤