الليلة السادسة والعشرون

ثم قال: وما أمثلة الكلمات القصار التي أومأ إليها ذلك الشيخ؟

فكان [من] الجواب: إن هذا الباب واسع، نحو قول القائل: ما خاب من استخار، ولا ندم من استشار. كل عزيزٍ دخل تحت القُدرة فهو ذليل. غنم من أدَّبته الحكمة، وأحكمته التجربة. التضاغن رائد التباين. المرء ما عاش في تجريب.

الدهر [يومٌ ويومُ]
والعيش عذلٌ ولومُ
وأكثر أسباب النجاح مع الياسِ
من لم يقدمه حزم أخَّره عجز. كم مستدرَجٍ بالإحسان إليه، ومغترٍّ باليسر١ عليه. الحرب٢ مَتْلَفة العباد،٣ مُذهبةٌ للطارف والتِّلاد.
ليس المُقلُّ عن الزمان براضي

من ضاق صدره اتسع لسانه.

وحسبك داءً أن تصح وتسلما

العيال سُوس المال. الموت الفادح خيرٌ من الزي الفاضح. احذروا نفاد النعم فما كل شاردٍ مردود. خير الأمور أوساطها. يكفيك من شرٍّ سماعُه. الكريم لا يلين على قسر ولا يُقتسر على يُسر. ما أدرك النمَّام ثارًا ولا محا عارًا.

ومَن يَبكِ حولًا كاملًا فقد اعتَذَر
إن المطامعَ فقرٌ والغِنى الياسُ
والأمرُ تَحْقِره وقد يَنمِي
[رُبَّ كبيرٍ هاجَه صغيرُ
ذَهبَ القضاءُ بحيلة الأقوامِ]
وقد يُسْتجهَلُ الرجلُ الحليمُ
وإذا مضى شيءٌ كأنْ لم يُفعَل
من عُرف بالحكمة لاحظته العيون بالهيبة. البِطنة تُذهب الفطنة. إن المقدرة٤ تُذهب الحفيظة. من ثقُل على صديقه خفَّ على عدوه. زيادة لسان على عقلٍ خدعة، وزيادة عقلٍ على منطق هُجنة.
وحاجة من عاش لا تنقضي

من أطاع هواه، أعطى عدوَّه مناه.

عند الشدائد تذهب الأحقاد

احذر صرَعات البغي وفلتات المزاح.

ومن يسأل الصُّعلوكَ أين مذاهبه؟
المرء يعجز لا المحالة
ذل الطالب بقدر حاجته. إذا ازدحم الجواب خفي الصواب. الكريم للكريم مُجِلٌّ. موتٌ في قوةٍ وعزٍّ خيرٌ من حياةٍ في ذلٍّ وعجز. عدل السلطان خيرٌ من خصب الزمان. من توقَّى سلِم ومن تهور ندم. من أسرع إلى الناس بما يكرهون، قالوا فيه ما لا يعلمون. الضُّر٥ خيرٌ من الفاقة. عَيٌّ صامت خيرٌ من عيٍّ ناطق. ربما سوَّد المالُ غير السيد، وقوَّى غير الأيِّد. وهل يدفع ريبَ المنية الحيَل؟
الموت حتمٌ في رقاب العباد
كفى بالإقرار بالذنب عذرًا، وبرجاء العفو شافعًا. قليلٌ يُوعَى، خيرٌ من كثير يُنسى. ليس على طول الخِدَم٦ ندم، ومن وراء المرء ما لم يعلم. مروءتان ظاهرتان: الرئاسة٧ والفصاحة. من أطال الأمل أساء العمل. لا تَكلَّفْ ما كُفِيت، ولا تضيع ما وَليت. احتمل من أدلَّ عليك، واقبل ممن اعتذر إليك.
إن الشجاعة مقرونٌ بها العطب
إن الكرام على ما نابهم صُبُرُ

لو سكت من لا يعلم سقط الاختلاف. لا عُذر في غَدر. ليس من العدل سرعة العَذْل. أقبح عمل المقتدرين الانتقام. شرٌّ من الموت ما يُتمنَّى له الموت. من جاع جشِع. المكيدة في الحرب أبلغ من النجدة. لك من دنياك ما أصلح مثواك. من أحبَّ أن يطاع لا يسألُ ما لا يستطاع. إذا غلبتْك نفسُك بما تظن فاغلبْها بما تستيقن. الرد الجميل أحسن من المطْل الطويل. القبر خيرٌ من الفقر. شفيع المذنب إقراره، وتوبته اعتذاره. صحبة الأشرار تورث سوء الظن بالأخيار. لا كثير مع تبذير، ولا قليل مع تقدير. من صان لسانَه نجا من الشر كله.

ولربما نفع الفتى كذبه
فمن يُعْدي إذا ظلم الأمير؟
إذا فزع الفؤاد فلا رقاد
ما العلم إلا ما وعاه الصدر
إن الكريم على الإخوان ذو المال
إن الفرار لا يزيد في الأجل
إن الشفيق بسوء ظنٍّ مُولَع

لا تَبُلْ على أكمة، ولا تُفْش سرَّك إلى أمة. إذا أقبلت الدنيا على المرء أعارته محاسن غيره، وإذا أدبرت عنه سلبته محاسن نفسه. في التجارب علمٌ مستأنفٌ. قد خاطر من استغنى برأيه. عليك لأخيك مثل الذي عليه لك. الحق ظلٌّ ظليل. المودة قرابةٌ مستفادة. معدِمٌ وَصُول خيرٌ من مكثرٍ جافٍ. من الفراغ تكون الصَّبْوة. من نال استطال. في تقلب الأحوال علم جواهر الرجال. الشكر عصمةٌ من النقمة. اللُّب مصباح العلم. من ركب العجلة لم يأمن الكبوة. إزالة الرواسي أيسر من تأليف القلوب. قارب الناسَ في عقولهم تسلم من غوائلهم وترتع في حدائقهم. عاشر أخاك بالحسنى. الحسد أهلك الجسد. خذ على خلائقك ميثاق الصبر. خير ما رُمت ما ينال.

كل امرئ في شأنه ساعي
[قد يدرك المتأني بعضَ حاجته
وقد يكون مع المستعجِل الزللُ]
غم الفقير لا يكشفه إلا الموت. خفة الظَّهر أحد اليسارين. أصول الأسقام من فضول الطعام. طلاق الدنيا مهر الجنة. من عِزِّ النفس إيثار القناعة. التواضع بالغنيِّ أجمل، والكبر بالفقير أسمج. من استعان بغير الله لم يزل مخذولًا. من لم يقبل من الدهر ما آتاه طال عَتْبه على الدهر. عُجب المرء بنفسه أحد حُسَّاد عقله. العجز والتواني يُنتجان الفاقة. إن صبرتَ صبر الأحرار، وإلا سلوت سُلُوَّ الأغمار. العلم بالعمل ينمو. معاشرة الإخوان تجلو البصر، وتطرد الفِكَر. لا توحشْك الغربة ما أنسْت بالكفاية، فإن الفقر أوحش من الغربة. الغِنى أنسٌ في [غير]٨ الوطن. الغنيُّ في الغربة موصول، والفقير في الأهل مصروم. أوحِش قرينك إذا كان في إيحاشه أنسك. إذا أيسرتَ فكل أهلٍ أهلك، وإن أعسرت فأنت غريبٌ في قومك. من أخلاق الصبيان إلْف الأوطان، والحنين إلى الإخوان. من لم يأنف لم يشرُف. خير المودة ما لم تكن حِذارَ عادية ولا رجاء فائدة. من حمل الأمور على القضاء استراح في الإقبال والإدبار حتى ينتهيا. لو استحسن الناسُ ما أمر به العقل استقبَحوا ما نهى عنه العقل. أقدر الناس على الجواب من لا يغضب. الكلام في وقت السكوت عِي، والسكوت في وقت الكلام خرَس. الهمُّ يهدم البدن، وينغِّص العيش، ويقرِّب الأجل. الموت رقيبٌ غير غافل. المرء نهب الحوادث. إذا تم العقل نقص الكلام. هب ما أنكرت لما عرفت، واغفر ما أغضبك لما أرضاك. اليأس إحدى الراحتين. المطْل أحد العذابين. الكظم مر ولا يتجرعه إلا حر. الرأي لا يصلح إلا بالشَّرِكة، والمُلك لا يصلح إلا بالتفرد. من كبُر عنصره حسُن محضره.
ولربَّ مُطْمِعةٍ٩ تعود رياحا
والحمد لا يُشترَى إلا بأثمان
ولكنَّ نكْء القَرْح بالقَرح أوجع
من أزهر بقول حَقيقٌ أن يثمر بفعل. السلام أرخى للبال، وأبقى لنفوس الرجال. حسبك من عقلك ما أوضح غيَّك من رشدك. التسويف بطاعة الله اغترار، وحياة المرء كالشيء المعار.١٠ من بذل بعض عنايته لك، فاجعل جميع شكرك له.
وللحر من مال الكريم نصيب

اليوم فعل، وغدًا ثواب.

الخير مختارٌ شهيُّ المطلبِ
والشرُّ محذور كريهٌ مجتنَبْ
رُبَّ سكوتٍ من كلامٍ أبلغُ
ورُبَّ قولٍ من عمودٍ١١ أدمغُ
مَن سلِم الناسُ على١٢ لسانه
أصبح منصورًا على سلطانه
من القليل يُجمَع الكثيرُ
رُبَّ صغير قَدرُه كبيرُ
من باع ما يَفْنى بما يبقى غَنِم
وآثر الدنيا على الأخرى نَدِم
قد يُحرَم الراجي ويُعطى القانطُ
ويُبعَد الأدنى ويُدْنى الشاحطُ
من لم يُنلْكَ البِرَّ١٣ في حياتِه
لم تبْكِ عيناك على وفاتِه
المالُ ما تُنفِق لا ما تجمعُه
والزرعُ ما تَحصُد لا ما تزرعُه
يا رُبَّ هزلٍ كان منه الجِدُّ
ورُبَّ مزحٍ كان منه الحِقدُ
البحر مستغنٍ عن الفرات

فقال — أدام الله أيامه: هذا فنٌّ مُوفٍ على الغاية.

١  في كلتا النسختين: «بالبشر»، وهو تصحيف.
٢  في «أ»: «الحزن»، وهو تصحيف.
٣  في «أ»: العيال، وهو تحريف.
٤  كذا في مجمع الأمثال للميداني. والذي في الأصول: «الظنة تذهب … إلخ»، وهو تبديل من الناسخ.
٥  في كلتا النسختين: «الصبر»، وهو تحريف.
٦  في «أ»: «الحياة»، وهو تحريف.
٧  في «أ»: «الرياش».
٨  لم ترد هذه الكلمة في كلتا النسختين، والسياق يقتضيها، ويقوي ذلك الكلمتان السابقة واللاحقة.
٩  في «أ»: «مطعمة»، وهو تحريف.
١٠  في كلتا النسختين: «المعتاد»، وهو تحريف.
١١  يريد بالعمود: الذي يُضرب به في الحرب.
١٢  «على» هنا بمعنى «من».
١٣  في «أ»: «من لم يبكيك لكثر»، وهو تحريف.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤