الليلة الثانية والثلاثون

ثم حضرتُ فقرأتُ ما بقي من هذا الفن.

قال رجلٌ من فزارة:١
تنبح أحيانًا وأحيانًا تهِرّْ
وتتمطَّى٢ ساعةً وتقدحِرّْ
تعدُو على الضَّيْف٣ بعودٍ منكسر
يسقط عنها ثوبُها وتَأْتزر
لو نُحرتْ في بيتها عشر جُزُر
لأصبحتْ من لحمهنَّ تعتذرْ
بحَلِفٍ سَحٍّ٤ ودمعٍ منهمرْ
يَفِرُّ مَن قاتلَها٥ ولا تفرّْ

المُقْدَحِرُّ: المتهيئ للسِّباب.

وقال أبو دُلامة الأسَدي:٦
قد يُشبع الضيفَ الذي لا يشبعُ
من الهَبِيد والحِرادُ تَسَعُ٧
ثم يقول ارضُوا بهذا أو دَعُوا

وقال آخر:

حتى إذا أضحى تَدَرَّى٨ واكتحلْ
لجارتَيْهِ ثم ولَّى فنَثَلْ
ذرْقَ الأنُوقَيْنِ٩ القَرَنْبَى والجُعَلْ

وقال آخر:

[إذا١٠ أتوْه بطعامٍ وأكَلْ]
بات يُعَشِّي وحدَه أَلْفَيْ جُعَلْ

وقال أبو النجم:

[تُدْني من الجَدْوَلِ١١ مثلَ الجدولِ]
أجوفَ في غَلْصَمَةٍ١٢ كالمِرْجلِ
تسمعُ للماء كصوت المِسْحَلِ١٣
بين وَرِيدَيْها١٤ وبين الجحْفلِ
يُلقيه١٥ من طُرْقٍ أتتْها من علِ
قذفُ لها جوفٍ وشِدقٍ أهْدلِ١٦
كأنَّ صوتَ جَرْعها المُسْتعجِلِ
جَنْدلةٌ دَهْدَهَتْها١٧ في جَنْدلِ

وقال آخر:

يقول للطاهي المُطَرِّي١٨ في العملْ
ضَهِّبْ١٩ لنا إن الشِّواء لا يُمَلّْ
بالشَّحْمِ إما قد أَجَمْناه٢٠ بِخَلّْ
عَجِّلْ لنا مِن ذا وأَلْحِقْ بالبَدَلْ

وأنشد ابن الأعرابي:

أعددتُ للضيفِ وللرفيقِ
والجارِ والصاحب والصديقِ
وللعِيال الدَّرْدَقِ٢١ اللَّصُوقِ
حمراءَ من مَعْز أبي مرزوقِ
تَلْحَسُ خدَّ الحالب الرفيقِ
بليِّن المَسِّ قليل الرِّيقِ
كأنَّ صوتَ شُخْبِها الفَتِيقِ
فحيحُ٢٢ ضبٍّ حَرِبٍ حَنِيقِ
في جُحُرٍ ضاق أشدَّ الضيق

وأنشد أيضًا:

هل لك في مِقْراةِ قَيْلٍ نِيٍّ٢٣
وشَكْوةٍ باردةِ النَّسِيِّ٢٤
تُخْرِج٢٥ لحمَ الرجل الضَّوِيِّ
حتى تراه ناهدَ الثُّدِيِّ؟

وأنشد ابن حبيب:

نِعْم لَقُوحُ٢٦ الصِّبْية الأصاغرِ
شَرُوبُهم من حَلَبٍ وحازِرِ٢٧
حتى يَرُوحوا سُقَّطَ المآزر
وُضْعَ الفِقاح٢٨ نُشَّزِ الخَواصِر

وأنشد الآمِديُّ:

كأن في فِيه حِرَابًا شُرَّعَا
زُرْقًا تَقُضُّ٢٩ البدَنَ المُدَرَّعَا
لو عَضَّ رُكْنًا وَصَفًا تَصدَّعا

وقال محمد بن بشير:

لَقَلَّ عارًا٣٠ إذا ضَيفٌ تَضيَّفني
ما كان عندي إذا أَعطيتُ مجهودي
فضلُ المُقِلِّ إذا أعطاه مصطبِرًا
ومُكْثِرٍ في الغِنَى سيَّان في الجُودِ
لا يَعْدَم السائلون الخيرَ أَفعلُه
إمَّا نَوَالِي وإما حُسْنَ مَرْدودي

قال الأعرابي: نِعْم الغداء السويق! إن أكلتَه على الجوع عَصَم، وإن أكلتَه على الشِّبع هَضَم.

وقال العَوَّامي٣١ — وكان زوَّارًا لإخوانه في منازِلهم: العُبوسُ بُوس، والبِشْر بُشرى، والحاجَة تَفْتُق الحيلة، والحيلة تَشحذُ الطبيعة.
ورأيت الحنبلوني٣٢ ينشد [ابن آدم — وكان موسرًا بخيلًا]:
وما لامرئٍ طولُ الخلود وإنما
يخلِّده حسن الثناء فيَخلُدُ
فلا تدَّخرْ زادًا فتصبحَ مُلْجَأً
إليه وكُلْه اليوم يُخْلِفْه الغَدُ

وحكى لنا ابن أسادة قال: كان عندنا — يعني بأصفهان — رجلٌ أعمى يطوف ويسأل، فأعطاه مرةً إنسانٌ رغيفًا فدعا له وقال: أحسن الله إليك، وبارك عليك، وجزاك خيرًا، وردَّ غربتك! فقال له الرجل: ولمَ ذكرتَ الغربة [في دعائك؟ وما عِلْمك بالغربة؟] فقال: الآن لي ها هنا عشرون سنة ما ناولني أحدٌ رغيفًا صحيحًا.

وقال آخر:

يُرَى جارُهم فيهم نحيفًا وضيفُهم
يجوع وقد باتوا مِلاءَ المَذَاخِر٣٣

وقال الكَرَوَّسِيُّ:

ولا يستوي الاثنان٣٤ للضيف آنِسٌ
كريمٌ وزاوٍ بين عينيه قاطبُ

وأنشد:

طعامُهمْ فَوْضى فَضَى في رحالهمْ
ولا يُحْسِنون السر إلا تنادِيا٣٥

وأنشد آخر:

يُمانُ ولا يَمونُ وكان شيخًا
شديدَ اللَّقْم هِلْقامًا بطينا٣٦
العرب تقول: إذا شَبِعَتِ الدَّقيقة٣٧ لَحَسَتِ الجَلِيلة.
قال ابن سلَّام: كان يُخبَز في مطبخ سليمان — عليه السلام — في كل يومٍ ستُّمائة كُرٍّ٣٨ حنطة، ويُذبح له في كل غداةٍ ستة آلاف ثور وعشرون شاةً، وكان يُطعِم الناس ويُجلِس على مائدته بجانبه٣٩ اليتامى والمساكين وأبناءَ السبيل، ويقول لنفسه: مسكينٌ بين مساكين.

ولما ورد تِهامة وافى الحرمَ وذبح للبيت طول مُقامه بمكة كلَّ يومٍ خمسة آلاف ناقة وخمسة آلاف ثور وعشرين ألف شاة. وقال لمن حضر: إن هذا المكان سيخرج منه نبيٌّ صفته كذا وكذا.

وقال أعرابي:

وإذا خَشِيتَ من الفؤاد لَجَاجَةً
فاضربْ عليه بجُرْعةٍ من رائبِ

وروى هشيم أن النبي قال: مِن كرم المرء أن يطيِّب زاده في السفر.

وقال ابن الأعرابي: يقال: جاء فلانٌ ولقد لَغَط٤٠ رباطُه من الجوع والعطش.

وأنشد:

رَبَا الجوعُ في أَوْنَيْه٤١ حتى كأنه
جَنِيبٌ به إن الجنيب جنيبُ
أي جاع حتى كأنه يمشي في جانب متعقِّفًا.٤٢

وقال أيضًا: إن من شؤم الضيف أن يغيب عن عَشاء الحي، أي لا يدركه، فيريد إذا جاءهم أن يتكلفوا له عَشاءً على حدة.

وأنشد:

حيَّاك ربُّك واصطبحتَ ثريدةً
وإدامُها رُزٌّ وأنت تُدَبِّلُ

واللُّقْمة واللقمة إذا جُمِعَتا من الثريد والعصائد يقال لهما دُبْلَة، ومنه سُمِّيت الدُّبَيْلة وهي الورم الذي يخرج بالناس. وأنشد:

أقول لمَّا ابتَرَكوا جُنوحَا
بقصعةٍ قد طُفِّحَتْ تَطْفِيحا
دَبِّلْ أبا الجَوْزاء أو تَطِيحَا٤٣

وقال الفرزدق:

فدبَّلْتُ أمثالَ الأثافِي كأنها
رءوسُ أعادٍ قُطِّعتْ يومَ مَجْمَعِ

وقال سعيد بن المسيِّب: قال رسول الله : «أطيبوا الطعام فإنه أنفى للسُّخط، وأَجْلَب للشكر، وأَرْضَى للصاحب.»

قال بشار:

يَغَصُّ إذا نال الطعامَ بذكركمْ
ويَشْرَقُ مِن وَجْدٍ بكم حين يشربُ

المسعور: الجائع. قال هميان بن قُحافة:

لاقَى صِحافًا بَطِنًا مَسْعورا

وقال شاعر:

يمشي من البِطْنة مشيَ الأَبْزَخِ٤٤

البَزَخ: دخول البطن وخروج الثنَّة أسفل السُّرَّة.

وقال آخر:

أَغَرُّ كمصباحِ الدُّجنَّة يَتَّقي
شَذَى٤٥ الزاد حتى تُستفاد أَطايِبُهْ
شداه:٤٥ طيبه.
وقال أعرابي: بنو فلان لا يَبْزرون٤٦ ولا يَقْدُرون.

وقال الثوري: بَطِّنوا غَداءكم بشَرْبة.

[وقال الشاعر:]٤٧
لا يستوي الصَّوْتانِ حين تجاوَبَا
صوتُ الكَرِيب٤٨ وصَوْت ذِئْبٍ مُقْفِرِ
الكريب: الشوبَق٤٩ وهو المِحْوَر والمِسْطَح.

وقال الشاعر:

إذا جاء باغي الخير قلْنا بَشاشةً
له بوجوهٍ كالدنانير: مرحبَا
وأَهْلًا فلا ممنوعَ خير تريده
ولا أنت تَخْشَى عندنا أن نُؤَوَّبا

قال الشعبي: استسقيتُ على خِوان قتيبة، فقال: ما أَسقيك؟ فقلت: الهيِّن الوُجْد، العزيز الفَقْد. فقال: يا غلام، اسْقِه الماء.

مرَّ مِسكينٌ بأبي الأسود ليلًا وهو ينادي: أنا جائع! فأدخله وأطعمه حتى شبع، ثم قال له: انصرف إلى أهلك. وأَتْبعه غلامًا وقال له: إن سمعتَه يسأل فارْدُده إليَّ. فلما جاوزه المسكينُ سأل كعادته، فتشبث به الغلام وردَّه إلى أبي الأسود. فقال: ألم تشبع؟ فقال: بلى. قال: فما سؤالك؟ ثم أمر به فحُبِس في بيتٍ وأُغْلق عليه الباب، وقال: لا تُرَوِّع مسلمًا سائر الليلة ولا تكذب. فلما أصبح خلَّى سبيله، وقال: لو أطعنا السؤَّال صرنا مثلَهم.

وسمع دابةً له تَعْتَلِف في جوف الليل، فقال: إني لأراك تَسْهَرين في مالي والناس نيام، والله لا تصبحين عندي! وباعها.

وأبو الأسود يُعَدُّ في الشعراء والتابعين والمحدِّثين والبخلاء والمَفَاليج والنحويين والقضاة والعُرْج والمعلمين.

وقال الشاعر:

أَنفق أبا عمرٍو ولا تَعَذَّرَا
وكُلْ من المال وأَطعم من عَرَا
لا ينفع الدرهمُ إلا مُدْبِرا

كان مسلم بن قتيبة لا يجلس لحوائج الناس حتى يشبع من الطعام الطيب ويَرْوَى من الماء البارد، ويقول: إن الجائع ضيِّق الصدر، فقير النفس، والشبعان واسع الصدر، غني النفس.

وقال أعرابي:

هلكتُ هَرِيئةً٥٠ وهلكتُ جوعًا
وخَرَّق مِعْدَتي شوك القَتادِ
وحبَّةُ حَنْظَل ولُبابُ قطنٍ
وتَنُّومٌ ينظِّمُ بطن وادي٥١

وقال الفرزدق:

وإن أبا الكِرْشاء٥٢ ليس بسارقٍ
ولكنه ما يسرق القومُ يأكل

ولديك الجِن:

إذا لم يكن في البيت ملحٌ مطيِّبٌ
وخلٌّ وزيتٌ حول حُبِّ٥٣ دقيقِ
فرأْسُ ابن أُمِّي في حِرِ امِّ [ابن] خالتي
ورأسُ عدوِّي في حِرِ امِّ صديقي

وقال آخر:

وما جِيرةٌ إلا كليبُ بن وائلٍ
لياليَ تَحْمَى عِزَّةً مَنْبِتَ البَقْلِ

وقال مِسْعَر بن مكدَّم لرَقَبَة بن مَصْلة: أراك طُفَيْلِيًّا. قال: يا أبا محمد، كلُّ من ترى طفيليٌّ إلا أنهم يتكاتمون.

وقال شاعر:

قومٌ إذا آنَسوا ضَيْفًا فلم يجدوا
إلا دَمَ الرأْس صَبُّوهُ على الباب

قال المفجَّع: الرأس الرئيس.

اشتد بأبي فرعون الشاشيِّ الحالُ فكتب إلى بعض القضاة بالبصرة:

يا قاضي البصرة ذا الوجه الأغرْ
إليك أشكو ما مضى وما غبر
عفا زمانٌ وشتاءٌ قد حضرْ
إن أبا عَمْرَة٥٤ في بيتي انْجَحَرْ
يضرب بالدُّفِّ وإن شاء زَمَرْ
فاطْرُدْه عني بدقيق يُنْتظَرْ

فأجابه إلى ما سأل.

ويقال: وقف أعرابي على حلقة الحسن البصري رحمة الله عليه، فقال: رحم الله من أعطى من سَعَة، ووَاسَى من كَفَاف، وآثر من قِلَّة! فقال الحسن: ما أبقى أحدًا إلا سأله.

وقال ابن حبيب: يقال: أحمق من الضَّبُع، وذلك أنها وجدتْ تَوْدِيةً٥٥ في غدير، فجعلت تشرب الماء وتقول: «يا حبذا طعمُ اللبن!» حتى انشق بطنُها فماتت. والتودية: العود يُشَدُّ على رأس الخِلْف٥٦ لئلا يَرْضَع الفصيلُ أمَّه.
دعا رجلٌ آخرَ، فقال له: هذه٥٧ تُكْسِب الزيارة وإن لم تُسْعِد، ولعل تقصيرًا أنفعُ فيما أحبُّ بلوغَه من برِّك.٥٨ فقال صاحبه: حرصك على كرامتي يكفيك مئونة التكلف لي.
قيل لأعرابي: لو كنتَ خليفةً كيف كنتَ تصنع؟ قال: كنتُ أستكْفي٥٩ شريفَ كل قومٍ ناحيتَه، ثم أخلو بالمطبخ فآمر الطهاة فيُعْظِمون٦٠ الثريدة ويُكْثِرون العُرَاق،٦١ فأبدأُ فآكلُ لُقَمًا، ثم آذَن للناس، فأيُّ ضياعٍ٦٢ يكون بعد هذا؟!
وقال أعرابي لابن عم له: والله ما جِفانُكم بعِظام، ولا أجسامكم٦٣ بوِسام، ولا بَدَت٦٤ لكم نار، ولا طُولِبْتُم بثار.

وقيل لأعرابي: لمَ قالت الحاضرة للعبد: باعك الله في الأعراب؟ قال: لأنَّا نُعْرِي جلْدَه، ونطيل كدَّه، ونُجِيعُ كِبْدَه.

وقال طفيلي: إذا حُدِّثتَ على المائدة فلا تزدْ في الجواب على نعم، فإنك تكون بها مؤانسًا لصاحبك، ومُسِيغًا للُقمتِك، ومُقبلًا على شأنك.

وقيل لأعرابي: أيُّ شيءٍ أحدُّ؟ قال: كبدٌ جائعة، تُلقِي إلى أمعاء ضالعة.٦٥
وقيل لآخَر: أيُّ شيء أحدُّ؟ قال: ضِرسُ جائع، يُلقِي [إلى] مِعًى ضالع.٦٥

وقال آخر:

أحبُّ أن أصطاد ضبًّا سَحْبَلا٦٦
ووَرَلًا يرتادُ رَمْلًا أَرْمَلا
قالت سُلَيْمَى لا أحبُّ الجَوْزَلَا
ولا أحبُّ السَّمَكاتِ مَأْكلا
الجَوْزَل: فرْخ الحمام. والورل: دابة.٦٧ أرمل: صفةٌ للوَرَل. وإذا كان كذلك٦٨ كان أسمن له، وهو٦٩ يَسْفِدُ فيَهْزُل.
ويقال: أقبحُ هزيلَيْن: المرأةُ والفرَس، وأطيب غثٍّ أُكِل غثُّ الإبل، وأطيب الإبل لحمًا ما أكل السَّعْدان،٧٠ وأطيب الغنم لبنًا ما أكل الحُرْبُث.٧١

ويقال: أَهْوَنُ مظلومٍ سِقاءٌ مُرَوَّب، وهو الذي يُسْقَى منه قبل أن يُمْخَض وتُخْرَج زُبْدَتُه.

ويقال: سقانا ظليمةَ وَطْبِه،٧٢ وقد ظُلِمَتْ أَوْطُبُ٧٣ القَوْم.

وقال الشاعر:

وصاحب٧٤ صدْقٍ لم تَنلْني شَكاتُه
ظلمْتُ وفي ظلمي له عامِدًا أجْرُ

يعني وَطْبَ لبن.

وكان٧٥ الحسن البصري إذا طَبخ اللحم قال: هلُمُّوا إلى طعام الأحرار.

قال سفيان الثوري: إني لألْقى الرجلَ فيقول لي «مرحبًا» فيلين له قلبي، فكيف بمن أطأُ بِساطه، وآكلُ ثَريدَه، وأَزْدَرِد عَصيدَه؟

حكى أبو زيد: قد٧٦ هَجَأَ غَرْثِي:٧٧ إذا ذهب، وقد أَهْجَأَ طعامُكم غَرْثِي: إذا قَطَعَه. قال الشاعر:
فأخزاهُمُ٧٨ ربي ودلَّ عليهمُ
وأَطْعَمهُمْ مِن مَطْعَمٍ غير مُهْجِئِ٧٩
قال: ويقال: بَأَرْتُ٨٠ بؤرةً فأنا أَبْأَرُها، إذا حَفَرْتَ حَفيرةً يُطبَخ فيها وهي الإرَة، ويقال: أُرْتُ إرَةً فأنا أَئِرُها وَأْرًا.

وقال حسان:

تخال قدورَ الصَّادِ٨١ حول بيوتنا
قَنَابِل دُهْمًا في المَباءَةِ صُيَّما

قال أبو عُبيدة: كان الأصمعي بخيلًا، وكان يجمع أحاديث البخلاء ويوصي بها ولدَه ويتحدث بها.

وكان أبو عبيدة إذا ذُكر الأصمعيُّ أنشد:

عَظُم الطعام بعينه فكأنه
هو نفسه للآكلين طعام
ويقال: أَسْأَرْتُ، إذا أبقيتَ من الطعام والشراب أو غيرهما، والاسم السُّؤْر وجماعته الأسْآر. ويقال: فأَدْتُ٨٢ الخُبْزَة في المَلَّة٨٣ أَفْأَدُها٨٢ إذا خبزتَها فيها. والمِفْأَد:٨٢ الحديدة التي يُخبَز بها ويُشوَى. ويقال: تملَّأْتُ من الأكل والشراب تملُّؤًا، إذا شَبِعْتَ منهما وامتلأتَ. ويقال: لَفَأْت٨٤ اللحمَ عن العظم لَفْأ٨٤ً إذا جَلَفْتَ٨٤ اللحم عن العظم. واللَّفِيئة٨٥ هي البَضْعَة التي لا عَظْم فيها، نحو النَّحْضَة٨٥ والهَبْرة والوَذْرَة.٨٥

وأنشد يعقوب:

سقى٨٦ اللهُ الغَضا وخُبُوتَ قومٍ
متى كانت تكون لهم دِيارا
أناسٌ لا يُنادي٨٧ الضيفُ فيهم
ولا يَقْرُون آنيةً صغارا

قال الأصمعي: قال ابن هُبَيْرة: تعجيل الغَداء يَزيد في المروءة، ويطيِّب النكهة، ويُعين على قضاء الحاجة.

قال بعض العرب: أطيب مضغة أكلها الناس صَيْحَانِيَّةٌ مُصَلَّبة.٨٨
ويقال: آكَلُ الدواب بِرْذَوْنةٌ رَغُوث، وهي التي يَرْضَعها ولدُها.٨٩

قال أبو الحارث حميد: ما رأيتُ شيئًا أشبَهَ بالقمر ليلة البدر من قِدْرٍ سُقِيَت اللبن كثيرةِ السُّكَّر.

وقال الشاعر:

وإني لأستحيي رفيقيَ أن يرى
مكانَ يدي من جانب الزاد أَقْرَعا
ضم٩٠ عثمانَ بن رَواح٩١ السفرُ ورفيقًا له، فقال له الرفيق: امضِ إلى السوق فاشتَرِ لنا لحمًا. قال: والله ما أقدر. قال: فمضى الرفيقُ واشترى اللحم، ثم قال لعثمان: قم الآن فاطبُخ القِدر. قال: والله ما أقدر. فطبَخها الرفيق، ثم قال: قم الآن فاثْرُد. قال: والله إني لأعْجِز عن ذلك. فثَرَد الرفيق، ثم قال: [قم] الآن فكُلْ. فقال: والله لقد استَحْييتُ من كثرة خلافي عليك ولولا ذلك ما فعلتُ.
قال يونس: أتيت ابن سيرين فدعوتُ الجارية، فسمعته يقول: قولي إنه نائم. فقلتُ: معي خَبِيص. فقال: مكانَك٩٢ حتى أخرج إليك.

قال أردشير: احذروا صولة الكريم إذا جاع، واللئيم إذا شَبع.

قال النبي فيما رواه جابر بن عبد الله: هلاك الرجل أن يحتقر ما في بيته أن يقدِّمه إلى ضيفه، وهلاكُ الضيف أن يحتقر ما قُدِّم٩٣ إليه.

وقال الشاعر:

يا ذاهبًا في داره جاثيًا٩٤
بغير معنًى وبلا فائدةْ
قد جُنَّ أضيافُك من جوعهم
فاقرأْ عليهم سورة المائدةْ

وقال ابن بدر:

ونحن نبذل عند القحط ما أكلوا
من السَّدِيف إذا لم يُؤْنَسِ القَزَعُ٩٥
وننحر الكُوم٩٦ عَبْطًا٩٧ في أرُومَتِنا
للنازلين إذا ما استُنْزِلوا شبعوا

وقال آخر:

أطعَمني بيضةً وناوَلني
من بعد ما ذُقْتُ فقدَه قدَحا
وقال أيَّ الأصوات تَسْألُني؟٩٨
يَزيد: إني أراك مُقْتَرحا
فقلتُ صوتَ المِقْلَى وجَرْدَقَةً٩٩
إن خاب ذا الاقتراحُ أو صَلَحا
فقطَّب الوجه وانثنى غَضِبًا١٠٠
وكان سكران طافحًا فَصَحَا
فقلتُ إني مَزَحْتُ قال كذا
رأيتَ حرًّا بمثل ذا مَزَحا؟

قال ابن حبيب: كان الرجل إذا اشتد عليه الشتاء تنحى ونزل وحده لئلا ينزل به ضيفٌ فيكون صُقْعًا مستحبًّا.

وهذا ضد قول زهير:

بسَطَ البيوت لكي تكون مطيةً
من حيث تُوضع جَفْنةٌ اسْتَرْفِدِ

فإذا كان الشتاء انحاز الناس من الجدب والجهد، وإذا أخصبوا أغاروا للثأر لا للسؤال.

وقال الشاعر في عُبيد الله بن عباس:

ففي السنة الجدباء أَطعمتَ حامضًا
وحُلوًا وشَحمًا تامِكًا١٠١ وسَنامَا

وقال مجاهد في قول الله عز وجل: وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً: أي طعامًا، يقال: اتَّكأنا عند فلانٍ، أي طَعِمنا.

ذكر الأصمعي أن أعرابيًّا خرج في سفر ومعه جماعة، فأرمل١٠٢ بعضُهم من الزاد، وحضر وقت الغدَاء وجعل بعضُهم ينتظر بعضًا بالغداء، فلما أبطأ ذلك عليهم عَمَد بعضهم إلى زادِه فألقاه بين يدي القوم فأقبلوا يأكلون، وجلس صاحب الزاد بعيدًا للتوفير١٠٣ عليهم، فصاح به أعرابي: يا سُؤْدَدَاه! وهل شرفٌ أفضلُ من إطعام الطعام والإيثار به في وقت الحاجة إليه؟ لقد آثرتَ في مَخْمَصةٍ ويوم مَسْغَبة، وتفرَّدتَ بمكرُمة قعد١٠٤ عنها مَن أَرَى من نُظَرائك، فلا زالت نِعم الله عليك غاديةً ورائحة!

وفي مِثله يقول حاتمٌ الطائيُّ:

أكفُّ يدي من أن تنال أكفَّهمْ
إذا ما مددْناها وحاجاتُنا معَا
وإني لأَسْتَحْيِي رفيقيَ أن يرى
مكانَ يدي من جانب الزاد أقْرَعا

قال: المخمصة: المجاعة. والخَمْص: الجوع.

قال شاعرٌ يذم رجلًا:

يرى الخمص تعذيبًا وإن يلقَ شَبْعةً
يَبِتْ قلبُه من قلة١٠٥ الهم مُبْهَما

وقال المرقَّش الأكبر:

إن يُخْصِبوا يَغْنَوْا بخصْبهم
أو يُجْدِبوا فجُدوبهمْ أَلَمُ
[وكتب بعضُهم١٠٦ إلى أخٍ له:] إن رأيتَ أن تُرْوي ظمأ أخيك بقربك، وتبرِّد غليله بطلعتك، وتؤنس وحشته بأنسك، وتجلو غشاء ناظره بوجهك، وتزيِّن مجلسه بجمال حضورك، وتجعل غداءك عنده في منزلك الذي هو فيه ساكن، وتمَّمْت له السرور بك باقيَ يومك، مؤثِرًا له على شغلك؛ فعلتَ إن شاء الله.

وقال الشاعر:

وكأنَّ هدْر دمائهم في دُورهم
لَغَط القَبِيل١٠٧ على خِوان زيادِ
قال بعض الخطباء:١٠٨ العجبُ من ذي جِدَةٍ مُنْعَمٍ عليه يطوي جارُه جوعًا وقرًّا، وأفرُخُه شُعْثٌ جُرْدٌ من الريش، وهو مِبْطانٌ مُحْتَشٍ من حُلْوه وحامضه، مُكْتَنٌّ في كِنِّه ودِفْئه، مزيَّنٌ له شهوةٌ عن أداء الذي عليه لجاره وقريبه وذي حُلَّةٍ بَطِرٍ١٠٩ رَفِهٍ؛ كيف يأمَنُ سلبًا مفاجِئًا؟ أما لو وجَّه بعض فضله إلى ذي حاجةٍ إليه كان مستديمًا لِما أُولِي، مستزيدًا مما أُوتِي.
قال الشاعر:١١٠
وإذا تأمَّل شخصَ ضيفٍ مقبلٍ
متسَرْبِلٍ سربال مَحْلٍ أغبَرِ
أَوْمَا إلى الكَوْمَاءِ هذا طارقٌ
نحرتْنيَ الأعداءُ إن لم تُنْحرِي
[وفي هذه الأبيات ما يُستَحسَن:١١١
كم قد ولدتُم من كريمٍ ماجدٍ
دامِي الأظافر أو غمَامٍ مُمْطِرِ
سدِكَتْ١١٢ أناملُه بقائم مرهفٍ
وبنشر عائدةٍ وذِروة منبر
يَلْقَى السيوف بوجهه وبنحره
ويقيم هامته مقام المِغْفَر
ويقول للطِّرْف اصطبر لشَبَا القَنَا
فعَقَرْت رُكْن المجد إن لم تُعْقَر]

وقال آخَر:

وقال وقدَّم١١٣ كشكيَّة
فكُلْ شِبَعًا إنها في النهايةْ
تُطَفِّي المُرار وتنفي الخُمار
وما بعدها في النهايات غايةْ
ولا تتوقَّعْ أخيرًا بَجِيك
ففي أول المُستطاب الكفايةْ

وقال آخر:

كأنما فُوه إذا تمدَّدا
لِلَّقْم أخلاقُ جِرابٍ أسودا
كأنه مُخْترِصٌ١١٤ قد جوَّدا
جانِي جرادٍ في وِعاءٍ مِقْلَدا١١٥
وصاحبٍ صاحبتُ غير أبْعَدا
تراه بين الحُرْبتَين مُسْنَدا١١٦

الحُرْبة: الغِرارة.

وقال جابر بن قَبيصة: ما رأيتُ أحلم جليسًا، ولا أفضل١١٧ رفيقًا، ولا أشبه سريرةً بعلانية؛ من زياد.
وقال جابر أيضًا: شهدتُ قومًا ورأيتهم بعيني، فما رأيت أقرأ لكتاب الله، ولا أفقه في دين الله من عمر بن الخطاب رضي الله عنه. وما رأيتُ رجلًا أعطى من صُلب ماله في غير ولائه من طلحة بن عبيد الله. وما رأيت رجلًا أسود من معاوية. وما رأيت رجلًا أنْصَع١١٨ ظَرْفًا، ولا أحضر جوابًا، ولا أكثر صوابًا؛ من عمرو بن العاص. وما رأيت رجلًا المعرفة عنده أنفع منها عند غيره من المغيرة بن شعبة.

ويقال: ما كان الطعامُ مَرِيئًا ولقد مَرَأَ، وما كان الرجل مَرِيئًا وقد مَرُؤ.

وقال لنا القطَّان أبو منصور رئيس أهل قزوين: الرجل من أرض أَردبيل إذا دخل بلدًا يَسأل فيقول: كيف الخُبز والمُبرِّز؟١١٩ ولا يسأل عن غيرهما. فقيل له: لِمَ ذلك؟ فقال: يأخذ الخبز والمُبرِّز ويأكل ويَسْلَح١٢٠ إلى الصباح.

قال الشاعر:

وما تُنْسِنا الأيام لا ننسَ جوعنا
بدار بني بدر وطول التَّلَدُّدِ
ظلِلنا كأنا بينهم أهل مَأتمٍ
على ميِّتٍ مُسْتودَعٍ بطنَ مَلْحَدِ
يحدِّث بعضٌ بعضنا عن مُصابه
ويأمر بعضٌ بعضنا بالتجلد

وقال آخر:

دعُوني فإني قد تغدَّيتُ آنفًا
فإنْ مسَّ كفي خبزَكم فاقطعوا يدي

وقال آخر يصف دار قوم:

الجوع داخِلَها واللَّوْحُ١٢١ خارجَها
وليس يقرُبها خبزٌ ولا ماء

قال الهلالي: أتى رجلٌ أبا هريرة فقال: إني كنت صائمًا فدخلت بيت أبي فوجدت طعامًا فنسيت فأكلت؟ قال: الله أطعمك. قال: ثم دخلت بيتًا آخر فوجدت أهله قد حلبوا لَقْحَتهم فسقوني فنسيت فشربت؟ فقال: يا بني، هوِّن عليك فإنك قلما اعتدت الصيام.

وقال الشاعر:

وجدتُ وعدك زُورًا في مُزَوَّرَةٍ١٢٢
ذكرتَ مبتدِئًا إحكامَ طاهيها١٢٣
فلا شفى الله من يرجو الشفاء بها
ولا علتْ كفُّ مُلْق كفَّه فيها!
فاحْبِس رسولك عني أن يجيء بها
فقد حبستُ رسولي عن تقاضيها

قال مُطرِّف بن عبد الله بن الشِّخِّير عن أبيه: قدمنا على رسول الله فقلنا: يا رسول الله، أنت سيدنا، وأنت أطولنا علينا طَوْلًا، وأنت الجَفْنة الغرَّاء. فقال النبي : «قولوا بقولكم ولا يستفزنَّكم الشيطان، فإنما أنا عبد الله ورسوله.»

وقال آخر:

وأحمرُ مُبْيَضُّ الزجاج كأنه
رداء عرُوسٍ مُشْرَبٌ بخَلوقِ
له في الحَشَا بَرد الوِصال وطعمُه١٢٤
وإن كان يَلقاه بلون حريق
كأن بياض اللوز١٢٥ في جَنَباته
كواكبُ دُرٍّ في سماء عقيق

قال يونس: أشد طعامٍ ضرًّا ما كان من عامٍ إلى عام، وهو اللِّبَأ الذي لا يوجد إلا في الولادة كلَّ عامٍ وإن كان مُزْبِدًا.

حكى يونس: التَّنافِيط١٢٦ أن يُنزع شعرُ الجلد١٢٧ ثم يُلقى في النار ثم يُؤكل، وذلك في الجدب.

وقال الشاعر:

جاورتُ شيبانَ فاحْلَوْلَى جِوارُهمُ
إن الكرام خِيارُ الناس للجارِ

وكتب ابن دينار إلى صديق له: وكتبتَ تفضُّلًا منك تعتذر من تأخرك عن قضاء حق زيارتي بقصور يديك عن برٍّ يُشْبِهني ويُشبهك، فأما ما يشبهني في هذا الوقت فرغيفٌ وسكُرَّجَةُ كامَخٍ حِرِّيف يَثْقُب اللسان بحرافته.

وكان ابن أبي البغل إذا أُنشد:

أروني من يقوم لكم مقامي

يقول: لو شهدتُ قائله لقلت: كلب الحارس يقوم مقامك. هذه قصةٌ في حضور ما يشبهني، فأما ما يشبهك فمتعذِّر كما قيل:

ومطلب مثلي إن أردتَ عسير١٢٨
وقال رجل لعُبيد الله بن زياد بن ظَبْيان: ما أعددتُ في كنانتي سهمًا غيرك. فقال: لا تُعِدَّني في كنانتك، فوالله لو قمتُ فيها لطُلْتُها ولو جلستُ فيها لخرقتُها، ولئن انتظرتَ بي ما يشبهك طال الانتظار، والعامَّة تتمثل١٢٩ — على خساسةِ لفظها: «إذا أردتَ ألا تزوِّج ابنتَك فغالِ بمهرها!» وأملي فيك على الأحوال بعيد، وظني فيك جميل، ولست أخشى فيما لي عندك الفوتَ فأُعْجِلَه.
وهل يُلْقَم الكلبُ إلا الحَجَر؟
العرب تقول: لئيمٌ جبان.١٣٠

وقال أعرابي: لا يكنْ بطن أحدكم عليه مَغْرمًا، ليَكْسِرْه بالتُّمَيْرَة والكُسَيْرة والبُقَيْلة والعُلَيْكة.

قال ابن الأعرابي: الفَرَزْدَقُ: الرغيفُ الواسع.

قيل لابن القِرِّيَّة:١٣١ تكلَّم. فقال: «لا أحب الخبز إلا يابسًا!» أراد لا أحب أن أتكلم إلا بعد الارتِئاء.

وروى أبو عبيدة في تفسير بيت الأعشى في ديوانه:

[إذا ما همُ جلسوا بالعَشِيِّ]١٣٢
فأحلامُ عادٍ وأيدي هُضُمْ
قال: شبَّهَهم بأنسال عاد، وهم ثمانية ذوو أحلامٍ وسؤدد: مالك — وهو سيد الثمانية — وعمَّار وطُفَيل،١٣٣ وشَمِر، وقرزعة،١٣٤ وحُمَمة، ونَئِض،١٣٥ ودُفَيْف، وهم الذين بعث لقمان بن عادٍ جاريةً بِعُسٍّ من لبن فقال لها: ايتِي الحيَّ فادفعيه إلى سيدهم لا تسألي عنه. فأتت الجاريةُ الحي، فرأتهم مختلفين بين عاملٍ ولاعب، وثمانيةً على رءوسهم الطير وقارًا، ورأتْ جاريةً من الحي فأخبرتها بما قال لقمان، قالت: هؤلاء سادة الحي، وسأصف لك كل واحدٍ منهم فادفعي العُسَّ إلى من شئتِ؛ أما هذا فعمَّار: أخَّاذٌ ودَّار،١٣٦ لا تَخمُد له نار، للمُعْشِبات عقَّار (المُعْشِبة: التي تَسْمَن على شحْمٍ قديم). وأما هذا فحُمَمَة: غداؤه كلَّ يوم ناقةٌ سَنِمة،١٣٧ وبقرةٌ شَحِمة، وشاةٌ١٣٨ كَدِمَة. وأما هذا فقَرْزَعَة:١٣٤ إذا لقي جائعًا أشبعه، وإذا لقي قِرنًا جَعْجَعه،١٣٩ وقد خاب جيشٌ لا يغزو معه. وأما هذا فطُفَيل: غضبه حين يغضب وَيْل، ورضاه حين يرضى سَيْل، ولم تحمل مثلَه على ظهرها إبلٌ ولا خيل. وأما هذا فشَمِر: ليس في أهله بالشَّحيح القَتِر، ولا المُسْرِف البَطِر، ولا يَخْدَع الحيَّ إذا اؤتُمِر.١٤٠ وأما هذا فدُفَيْف: قاري الضيف، ومُغْمِد السيف، ومُعِيل١٤١ الشتاء والصيف. وأما هذا فنَئِضٌ: أَسْنَتَ الحيُّ فمرض، فعَدَل مرضُه عندهم إسناتَهُم (أي قحطَهم)، فقاموا١٤٢ عليه فأوسعَهم دقيقًا ولحمًا غَرِيضًا، ومِسْكًا رَميضًا،١٤٣ وكساهم ثيابًا بيضًا. وأما هذا فمالك: حاميتنا١٤٤ إذا غزَوْنا، ومُطْعِمُ وِلْداننا إذا شَتَوْنا،١٤٥ ودافع كلِّ كريهةٍ إذا عَدَتْ علينا. فدفعتِ العُسَّ إلى مالكٍ، فكان سيدَهم.
بشَّرت امرأةٌ زوجها بأن ابنها منه قد اتَّغَر،١٤٦ فقال: أَتُبشِّرينني بعدوِّ الخبز؟ اذهبي إلى أهلك!

قال الشاعر:

من يشتري مني أبا زَيْنِ
بكرَ بنَ نطَّاحٍ بفَلْسَيْنِ؟
كأنما الآكِل من خبزه
يقلع منه شحمة العينِ
وأنشد غُلَيِّم من بني دُبَيْر:١٤٧
يا بنَ الكِرام حَسَبًا ونائلَا
حقًّا أقول لا أقول باطلا
إليك أشْكو الدَّهْرَ والزَّلازِلا
وكلَّ عامٍ نقَّح الحَمَائلا١٤٨

التَّنْقِيح: القَشْر، أي قشَروا حمائل سيوفهم فباعوها لشدة زمانهم.

وأنشد:

سلا أمَّ عَبَّادٍ إذا الريح أَعْصَفَتْ
وجلَّل أطرافَ الرِّعان قَتامُها١٤٩
وجفَّتْ بقايا الطِّرْق إلا نَضِيَّةً١٥٠
يَصُدُّ الأشافي١٥١ والمَواسِي سَنامُها
وضمَّ إليَّ الليلُ منزلَ رُفْقَةٍ
تَرَامَتْ بهم طَخْياءُ١٥٢ داجٍ ظلامُها
تكاد الصَّبا تَهْتزُّهُمْ من ثيابهمْ
شديدًا بأَرْياط الرجال اعتِصامُها
لقد عَلِمَتْ أنِّي مُفِيدٌ ومُتْلِفٌ
ومُطْعِمُ أيامٍ يُحَبُّ طَعامُها

وقال آخر:

إن بني غاضِرَةَ الكراما
إن يُقِمِ الضيفُ بهم أعواما
يكنْ قِراه اللحمَ والسَّناما
أو يصبحِ الدهرُ لهم غلاما
يكنْ ظَريفًا وجهُه كُراما

وقال سَماعةُ بن أَشْوَل:

رأتْ إبلًا لابنَيْ عُبَيْدٍ تمنَّعتْ
من الحقِّ لم تُورَكْ بحقٍّ إيالُها١٥٣
فقالت ألا تغدو لِقاحُك هكذا؟
فقلتُ أبتْ ضِيفانُها وعِيالُها
فما حَلبَتْ إلا الثُّلاثةَ١٥٤ والثُّنى
ولا قُيِّلت إلا قريبًا مقالُها

وأنشد أبو الجرَّاح:

أرى الخُلان قد صَرموا وصالي
وأضحوا لا سلام ولا كلامْ
وما أذنبتُ من ذنبٍ إليهم
سوى خَفِّ١٥٥ المنائح والسَّوامْ

وقال آخر:

خِرقٌ إذا وَقِع١٥٦ المطيُّ من الوَجَا
لم يطْوِ دون دقيقِه ذو المِزْوَدِ
حتى تئوب به قليلًا …١٥٧
حَمِدَ الرفيقُ نداك أو لم يَحمَدِ

وقال آخر:

تزودتُ إذ أقبلتُ نحوك١٥٨ غاديًا
إليك ونحوَ١٥٨ الناسِ لا أتزودُ
أراني إذا ما جئتُ أطلبُ نائلًا
نظرتَ إلى وجهي كأنك أرمدُ
ويقال: أزواد١٥٩ الركْب من قريشٍ أبو أمية بن المغيرة، والأسود١٦٠ بن المطَّلب بن أسد بن عبد العزَّى، ومسافر بن أبي عمرو بن أمية عمُّ عقبة؛ كانوا إذا سافروا خرج معهم الناس فلم يتخذوا زادًا ولم يوقدوا نارًا، كانوا يَكفونهم.

وقال الشاعر:

وبالبدو جودٌ١٦١ لا يزال كأنه
رُكامٌ بأطراف الإكامِ يَمُورُ

وقال آخر:

والناسُ إن شَبِعتْ بطونُهمُ
فغيرُهمْ١٦٢ من ذاك لا يَشْبعُ

وقال آخر:

دُورٌ تحاكي الجِنانَ حُسنًا
لكنَّ سُكانها خِساسُ
متى أرَى الجند ساكنيها
وفي دهاليزها يُدَاسُ

وقال آخر:

لولا مخافة ضعفي عن ذوي رَحمِي
وحالُ معتصمٍ بي من ذوي عَدَمِ
وحاجةُ الأخ١٦٣ تبدو لي فأُنْجِحها
لم أَثْنِ في عملٍ كفي على قلمي

وقال آخر:

وأُوثِر ضيفي حين لا يوجد القِرى
بقُوتيَ أَحْبُوه وأرقد طاويا
وما استَكْثرتْ نفسي لباذل وجهه
نَوالًا وإن كان النوال حياتيا

وقال المبرد: البَطِنُ: الذي لا يَهُمُّه إلا بطنه. والرغيب: الشديد الأكل. والمنهوم: الذي تمتلئ بطنُه ولا تنتهي نفسُه.

وأنشد ابن الأعرابي:

وإن قِرَى أهل النِّباج أرانبٌ
وإن جاء بعد الرَّيْث فهو قليلُ
إذا صد مَثْغُورٌ١٦٤ وأعرض مُعْرضٌ
فيومٌ على أهل النباج طويلُ

وقال آخر:

يمينُك١٦٥ فيها الخصب والناس جُوَّعٌ
وقد شَمِلَتْهم حَرْجَفٌ١٦٦ ودَبُورُ

وقال آخر:

ألقتْ قوائمَها خَسًا١٦٧ وترنَّمتْ
طربًا كما يترنَّم السَّكْرانُ

يعني قِدْرًا. وقوائمها يعني الأثافي. وخسا: فرد.

وأنشد:

بئس غذاءُ العَزَب المَرْمُوعِ١٦٨
حَوْأَبةٌ تُنْقِضُ بالضلوعِ
الرُّماع:١٦٩ داء. وحوأبة: دلوٌ كبيرة. والحَوْب والحُوب: الإثم. والحِيبَة: الحال. والحَوْباء: النفْس.١٧٠
العرب تقول: ماءٌ لا تبن١٧١ معه ولا غيره. خبْزٌ قَفار: لا أُدْم معه. وسويقٌ جافٌّ هو الذي لم يُلَتَّ بسمنٍ ولا زيتٍ. وحنظلٌ مُبَسَّل وهو أن يؤكل وحده.

قال الراجز:

بئس الطعامُ الحنظلُ المُبسَّلُ
ياجَعُ منه كبدي وأَكْسَلُ١٧٢

ويَبْجَع أيضًا.

وقال أبو الجرَّاح: المبسَّل يُحرق الكبد. والمُبَكَّل:١٧٣ أن يؤكل بتمرٍ١٧٤ أو غيره، يقال: بكِّلوه١٧٣ لنا، أي اخلطوه. قال: وعندنا طعامٌ يقال له الخَوْلَع، وهو أن يؤخذ الحنظل فيُنقع مراتٍ حتى تخرج مرارته، ثم يُخْلَط معه تمرٌ ودقيق فيكون طعامًا طيبًا.

وقال: الخَلِيطة والنَّخِيسة والقَطِيبة: أن يُحلب لبن الضأن على لبن المِعْزَى، والمعزى على لبن الضأن، أو حَلَب النُّوق على لبن الغنم.

قال: اسقني١٧٥ وابْردْ غليلي

مَلِئَ الرجلُ: سَمِن بعد هزال.

قيل لطفَيْل العرائس: كم اثنين في اثنين؟ قال: أربعة أرغفة.

وقيل له: حُكِي أن العرب تقول: نحن العربَ أقرى الناس للضيف. فقال: إن هذا النصب على المدح.

وقال العُمانيُّ:

من كل جِلْفٍ١٧٦ لم يكن مُصَرَّما
جَعْدٍ يُرَى منه التصنُّع رَيْثَما١٧٧
لم يَتَجَشَّأْ من طعامٍ بَشَما
… … … … … …١٧٨
ولم يَبِت من فَتْرةٍ مُوَصَّمًا١٧٩
يَغْمِز صُدْغَيه ويشكو الأعظُما
إذا أجاع بطنَه تَحزَّما١٨٠
لم يَشرب الماءَ ولم يخشَ الظَّما
يكفيه مِن قارِصَةٍ١٨١ ما يمَّما
وخَلَّةٍ١٨٢ منه إذا ما أَعْيَما
أصاب منه مَشْربًا ومَطعما
لا يَعْقِر الشارفَ إلا مُحْرِما١٨٣
ولا يَعَاف١٨٤ بَصَلًا وسَلْجَما
يومًا ولم يَفْغَرْ لبطِّيخٍ فَمَا
فهو صحيحٌ لا يخاف سَقَما
أسْود كالمحراث١٨٥ يُدْعى شَجْعَما١٨٦
صَمَحْمَحٌ١٨٧ من طُول ما تأثَّما
لم يَبلُ١٨٨ يومًا سَوْرةً مِن العَمَى
ولم يَحُجَّ المسجد المُكرَّما
ولم يَزُرْ حَطِيمه وزمزما
ولا تراه يطلب التفهُّما
لو لم يُرَبَّ١٨٩ مُسْلمًا ما أسلما
ما عبَد اثنان جميعًا صَنَما
عاتٍ يرى ضرب الرجال مغْنما
إذا رأى مُصدِّقًا تَجَهَّما
وهزَّ في الكف وأبدى المِعصما
هِرَاوَتَيْن١٩٠ نَبْعَةً وسَلَما
يَترُك١٩١ ما رام رُفاتًا رِمما
وإن رأى إمَّرَةً١٩٢ تزعَّما
لم يُعْطه شيئًا وإن ترغَّما
وإن قَرَا عَهْدًا له مُنَمْنَما
هان عليه شقُّ ما قد رَقَّما
وأن يَدُقَّ طِينَه المُختَّما
صَمْصامه ماضٍ إذا ما صمَّما
إذا اعتَرَتْه عِزَّةٌ١٩٣ ثم انتَمَى
في ثروة الحي إذا ما يمَّما
ظل يرى حُكمًا عليه مُبْرَما١٩٤
أن يَظْلم الناسَ وألا يُظْلما

وقال آخر:

ما كان يُنْكَر في نَدِيِّ مُجَاشِعٍ
أكلُ الخَزير ولا ارتضاعُ الفَيْشَلِ١٩٥

وقال آخر:

بلادٌ كأن الجوع يطلب أهلَها
بذَحْلٍ١٩٦ إذا ما الضَّيْفُ صَرَّتْ جَنَادبُهْ١٩٧

وقال آخر:

كَرِيُّه لا يُطْعِمُ الكَرِيَّا١٩٨
بالليل إلا جِرْجرًا مَقْليَّا
مُحْترقًا نصفًا ونصفًا نِيَّا

وقال الأصمعي: قال الهيثم بن جَراد — وذمَّ قومًا: والله ما أنتم آلُ فلاةٍ فتعصمَكم، ولا أنتم آل ريفٍ فتأكلون. فقيل: لو زِدتَ؟ فقال: ما بعد هذا شيء.

قال: وما أشبه هذا الجواب بقول عقيل بن عُلَّفة١٩٩ حين قيل له: لم لا تطيل الهجاء؟ قال: يَكفيك من القِلادة ما أحاط بالعنق.
وقيل لابن٢٠٠ عمر: لو دعوتَ الله بدعوات؟ فقال: اللهم عافنا وارحمنا وارزقنا. فقيل له: لو زدتنا؟ فقال: نعوذ بالله من الإسهاب.

قال شاعر:

إذا أَغلق البابَ الكريمُ من القِرى
فليس على باب الفرزدق حاجبُ
فتًى يشتري حُسن الثناء بماله
إذا اغبرَّ من برد الشتاء الكواكب
قال: وكلُّ لحمٍ وخبزٍ أُنضج دَفينًا فهو مَلِيل، وما كان في تَنُّور فهو شِواء، وما كان في قِدْرٍ فهو حميل.٢٠١
قال الأحنف لعمر بن الخطاب: إن إخواننا من أهل الكوفة والشام نزلوا في مُقْلَة٢٠٢ الجمل وحِوَلاء الناقة؛ من أنهارٍ متفجرة، وثمارٍ متدلِّية. ونزلنا بسَبِخةٍ نَشَّاشة؛٢٠٣ يأتينا ماؤنا في مثْل حلقوم٢٠٤ النعامة أو مريء الحَمَل، فإما أن تشُقَّ لنا نهرًا، وإما أن ترفعنا إليك.

قال جابر: كان النبي يأمر الأغنياء باتخاذ الغنم، والفقراءَ باتخاذ الدَّجاج.

والعرب تقول: أكْرِموا الإبل إلا في بيتٍ يُبنَى، أو دمٍ يُفدَى، أو عَزَبٍ يتزوج، أو حَمْل حَمالة.

وقال معاوية لأعرابي: ما تجارتك؟ قال: أبيع الإبل. قال: أما علمتَ أن أفواهها حَرَب،٢٠٥ وجلودها جَرَب، وبعرها حطب، وتأكل الذهب؟

وقال خالد بن صفوان: الإبلُ للبُعد، والبغال للثقل، والبَراذين للجَمال والدَّعَة، والحمير للحوائج، والخيل للكَرِّ والفَرِّ.

وقال آخر:

يَقْذفنَ في الأعناق والغَلاصِمِ٢٠٦
قذف الجلاميد بكفِّ الراجمِ

يريد بالأعناق الحُلُوق.

وقال آخر:

نَغَار إذا ما الرَّوْع أبْدى عن البُرَى
ونَقْرِي عَبيط اللحم والماءُ جامِسُ٢٠٧

وقال آخر:

تلك المكارمُ لا ناقٌ٢٠٨ مُصرَّمةٌ
ترعَى الفلاةَ ولا قَعْبٌ من اللَّبنِ

وقال أبو الصَّلت:

تلك المكارم لا قَعْبَانِ٢٠٩ مِن لبنٍ
شِيبَا بماءٍ فعادا بعدُ أَبْوالا
ووصف بعض البلغاء التجارَ فقال: لا يوجد الأدب إلا عند الخاصة والسلطان ومُدبِّريه، وأما أصحاب الأسواق فإنا لا نَعْدَم من أحدهم خُلُقًا دقيقًا، ودينًا رقيقًا، وحرصًا مسرفًا، وأدبًا مختلفًا، ودناءة معلومة، ومروءة معدومة، وإلغاءَ اللَّفيف،٢١٠ ومُجاذَبةً على الطَّفيف، يبلغ أحدُهم غاية المدح والذم في عِلْقٍ٢١١ واحد في يوم واحد مع رجل واحد إذا اشتراه منه أو باعه إياه، إن بايعك مرابحةً٢١٢ وخبَّر بالأثمان قوَّى الأَيْمان على البهتان، وإن قلَّدْتَه الوزنَ أعنتَ لسان الميزان، ليأخذ برُجْحانٍ أو يعطي بنقصان. وإن كان لك قِبله حقٌّ لَواه مُحتجًّا في ذلك بسُنَّة السُّوقيين، يَرْضى لك ما لا يَرْضى لنفسه، ويأخذ منك بنَقْدٍ ويعطيك بغيره، ولا يرى أن عليه من الحق في المبايعة مثلَ ما له. إن استَنْصحتَه غشَّك، وإن سألتَه كَذَبَك، وإن صَدَقْتَه حَرَبَك. مُتمرِّدُهم صاعقةٌ على المُعامِلين، وصاحب سَمْتِهم نِقمةٌ على المسْتَرْسِلين.٢١٣ قد تعاطَوُا المنكر حتى عُرِف، وتناكروا المعروف حتى نُسِي، يتمسَّكون من المِلَّة بما أصلح البضائع، وينهَوْن عنها كلما عادتْ بالوضائع.٢١٤ يُسَرُّ أحدهم بحيلةٍ يُرْزَقُها٢١٥ لسلعةٍ ينفِّقها، وغِيلةٍ لمسلمٍ يحميه الإسلام، فإذا أحكم حيلته وغيلته غدا قادرًا على حَرْدِه، فغَرَّ وَضَرَّ، وآب إلى منزله [بحطام قد جمعه مغتبطًا بما أباح من دينه]، وانتهك من حرمة أخيه، يَعُدُّ الذي كان منه حِذْقًا بالتكسب، ورِفْقًا بالمطَّلَب، وعِلْمًا بالتجارة، وتقدُّمًا في الصناعة.
فلما بلغت قراءتي هذا الموضع قال الوزير: إن كان هذا الواصف عَنَى العامة بهذا القول فقد دخل في وصفه الخاصة أيضًا، فوالله ما أسمع ولا أرى هذه الأخلاقَ إلا شائعة في أصناف الناس من الجند والكتَّاب والتُّنَّاء٢١٦ والصالحين وأهل العلم. لقد حال الزمانُ إلى أمرٍ لا يأتي عليه النعت، ولا تسْتوعبه الأخبار، وما عَجَبي إلا من الزيادة على مر الساعات، ولو وقف لعله كان يُرْجَى بعض ما قد وقع اليأسُ منه، واعترض القنوط دونَه.
فقال ابن زُرْعة وكان حاضرًا: هذا لأن الزمان من قبل كان ذا لَبُوس من الدين رائع، وذا يدٍ من السياسة بسيطة، فأَخْلَق اللَّبوسُ [وبَليَ، بل تمزَّق] وفَنِي، وضعفت اليدُ بل شلَّتْ وقُطعت، ولا سبيل إلى سياسة دينية لأسبابٍ لا تتفق إلا بعلل فلكية، وأمور سماوية. فحينئذٍ يكون انقياد الأمور الجانحة٢١٧ لها في مقابلة حِران الأمور الجامحة٢١٧ عنها، وذلك مُنتظَر في وقته، وتَمنِّي ذلك قبل إبَّانه وسواس النفْس وخَوَر الطِّباع. والناس أهدافٌ لأغراض الزمان ومُقلَّبون بحوادث الدهور،٢١٨ ولا فَكاك لهم من المكاره، ولا اعتلاقَ لهم بالمحابِّ [إلا] بالدواعي والصوارف التي لا سبيل لهم إلى تحويل هذه إلى هذه، ولا إلى تبديل هذه بهذه، واختيارُهم للتوجُّه إلى محبوبهم أو الإعْراض عن مكروههم ضعيفٌ طفيف، ولولا ذلك لكانت الحَسَرات تزول في وقت ما يُراد،٢١٩ والغِبْطة تُملَك٢٢٠ بإدراك ما يُتمنَّى. وهذا شأوٌ محكومٌ به بقوة النفس، غيرُ مُستيقَظٍ إليه٢٢١ بقوة الحس.
فقال الوزير: أحسنتَ يا أبا عليٍ في هذا الوصف، «وإن نَفْثك٢٢٢ لَيَدلُّ على أكثر من ذلك.» ولو كان البال ظافرًا بنِعمة، والصدرُ فارغًا من كُربة، لكنَّا نبلغ من هذا الحديث مبلغًا نَشْفِي به غَلِيلنا [قائلين] ونُشْفَى به مُسْتمِعين، ولكني قاعدٌ معكم وكأني غائب، بل أنا غائبٌ من غير كاف التشبيه، والله ما أملك تصرُّفي ولا فكري في أمري؛ أرى واحدًا في فَتْلِ حَبْل،٢٢٣ وآخرَ في حفر بئر، وآخر في نصب فخٍّ، وآخرَ في دسِّ حِيلة، وآخرَ في تقْبيح حَسَن، وآخر في شَحْذ حديد، وآخر في تمزيق عِرْض، وآخر في اختلاق كَذِب، وآخر في صَدْع مُلْتَئم، وآخر في حَلِّ عَقْد، وآخر في نَفْث سِحر، وناري مع صاحبي رماد، وريحُه عليَّ عاصفة، ونَسيمي بيني وبينه سَموم، ونصيبي منه هُموم [وغُموم]. وإني أحدثكم بشيء تعلمون [به] صدقي في شَكْواي، وتقفون منه على تَفَسُّخي٢٢٤ تحت بلواي، ولولا أني أطفئ بالحديث لهبًا قد تَضَرَّم صدري به نارًا، واحتشى فؤادي منه أُوَارًا؛ لمَا تحدَّثتُ به، ولو استطعتُ طيَّه لمَا نبسْتُ بحرفٍ منه، ولكنَّ كتماني للحديث أنْقَبُ لحجاب القلب من العَتَلة لسُور القَصْر:
دخلتُ منذ أيام فوصلت٢٢٥ إلى المجلس، فقال لي: قد أعدتُ الخِلْعة فالْبَسها على الطائر الأسعد. فقلت: أَفْعَل. وفي تذكرتي٢٢٦ أشياء لا بدَّ من ذكرها وعرضها.
فقال: هات. فقلت: يُتقدَّم٢٢٧ بكذا وكذا، ويُفْعَل كذا وكذا. فقال: عندي جميع ذلك، أَمْضِ هذا كلَّه، واصنع فيه ما ترى، وما فوق يدك يد، ولا عليك لأحدٍ اعتراض. فانقلبتُ عن المجلس إلى زاويةٍ في الحجرة، وفيها تحدَّرت دموعي، وعلا شهيقي، وتوالى نشيجي، حتى كدتُ أَفْتضِح، فدنا مني بعض خدمي من ثقاتي فقال: ما هذا، الناس وقوفٌ ينتظرون بروزَك بالخِلْعة المباركة والتشريف الميمون وأنت في نَوْحٍ وندم؟! فقلت: تنحَّ عني ساعةً حتى أطفئ نار صدري، وإنما كان ذلك العارض لأني كنت عرضت على صاحبي تذكرةً مشتملةً على أشياء مختلفة فأمضاها كلَّها ولم يناظرني في شيء منها، ولا زادني شيئًا فيها، ولا ناظرني عليها، ولعلِّي قد بلوتُه بها، وأخفيت مَغْزاي في ضمنها، فخُيِّل إليَّ بهذه الحال أن غيري يقف موقفي فيقول فيَّ قولًا مُزخرَفًا، وينسب إليَّ أمرًا مؤلَّفًا، فيُمضي ذلك أيضًا له كما أمضاه لي، فوجدتُني٢٢٨ بهذا الفكر الذي قد فَتَق لي٢٢٩ هذا النوع من الأمر كراقمٍ على صفحة ماء، أو كقابضٍ في جوٍّ على قطعةٍ من هواء، أو كمن ينفخ في غير فَحَم، أو يلعب في قيْد،٢٣٠ ولقد صدق الأول حيث قال:
وإنَّ امرأً دنياه أكبر همِّه
لمُستمسكٌ منها بحبلِ غُرُورِ
غير أني أذكر لكم ما عنَّ لي٢٣١ من هذا الأمر:
اعلموا أني ظننتُ أن ما نظَّمَه٢٣٢ الماضي — رحمه الله — وأصلحه، وبناه وقوَّمه، ونسَجَه ونَوَّقَه،٢٣٣ لا يستحيل في ثلاثين سنةً ولا خمسين سنة، وأن الحال تدوم على ذلك المنهاج، وتستمر على ذلك السِّياج، ونكون قد أخذنا بطريق من السعادة، وبلَغْنا لأنفسنا بعضَ ما كنا نسلِّط عليه التمني من الإرادة، فنجمعُ بين علو المرتبة، وشرف الرياسة، ونيل اللذة، وإدراك السرور، واصطناع العُرْف، وكسب الثناء، ونشر الذِّكر، وبُعْد الصِّيت؛ فعاد ذلك كلُّه بالضد، وحال إلى الخلاف، ووقف على الفكر المُضْني، والخوف المُقْلق، واليأس الحيِّ، والرجاء الميِّت، وما أحسن ما قال القائل:
أَظْمَتْنِيَ٢٣٤ الدنيا فلمَّا جئتُها
مُسْتسقيًا مَطَرتْ عليَّ مصائبا

فقال له ابن زُرْعة: إن الأمور كلَّها بيد الله، ولا يُسْتنجَز الخيرُ إلا منه، ولا يُسْتدفع الشرُّ إلا به؛ فسلْه جميل الصُّنع، [وحُسن النية]، وانْوِ الخير، وبُثَّ الإحسان، وكِلْ أعداءَك إلى ربك الذي إذا عرَف صدقَك وتوكُّلَك عليه فلَّل حَدَّهم، وعفَّر خدهم، وسيَّح الفرات إلى جمرتهم حتى يطفئها، وسلَّط الأَرَضةَ على أبدانهم حتى تَقْرضها، وشغلهم بأنفسهم، وخالف بين كلمتهم، وصدَّع شمل جميعهم، وردهم إليك صاغرين ضارعين، وعَرَضهم عليك خاضعين، وما ذلك على الله بعزيز، وإن الله مع المحسنين على المسيئين.

قال: والله لقد وجدتُ رَوْحًا٢٣٥ كثيرًا بما قلتُ لكم وما سمعتُ منكم، وأرجو أن الله يُعين المظلوم ويهين الظالم. قد تمطَّى الليل، وتغوَّرَتِ النجوم، وحنَّ البدن إلى التَّرَفُّه، فإذا شئتم.٢٣٦ فانصرفنا متعجِّبين.
١  ورد بعض هذا الرجز في المحاسن والأضداد ومجموعة المعاني ولسان العرب، وبعض ما ورد في هذه الكتب لم يرد هنا، كما أن بعض ما ورد هنا لم يرد هناك. وهذا ما ورد في اللسان، وهو ما لم يُذكر هنا:
أم حوار ضنؤها غير أمر
صهصلق الصوت بعينيها الصبر
سائلة أصداغها لا تختمر … إلخ.
٢  في كلتا النسختين: «وتمطر»، وهو تحريف، والسياق يقتضي ما أثبتنا.
٣  في اللسان: «على الذئب».
٤  سح: أي كثير متتابع، كما في كتاب إصلاح المنطق لابن السكيت المحفوظة منه نسخة مخطوطة بدار الكتب المصرية تحت رقم ٣٤١ لغة. وفي مجموعة المعاني وكتاب المحاسن والأضداد: «سبيح»، وهو يستقيم على الإضافة لا على الوصف. والذي في الأصل: «سيح»، وهو تحريف.
٥  في الأصل: «تفر» بالتاء … «ولا تقر»، وهو تصحيف في كلتا الكلمتين.
٦  في «أ» الوارد فيها هذا الكلام وحدها: «الأسامي»، ولم نجد هذه النسبة لأبي دلامة فيما راجعناه من الكتب، والذي وجدناه أن أبا دلامة كان مولًى لبني أسد، فلعل الصواب ما أثبتنا.
٧  الهبيد: حب الحنظل. والحراد: ذكور الضباب، الواحد حردون بالدال المهملة أو الذال المعجمة. وتسع: أي تتسع لأكله مهما كثر.
٨  كذا ورد هذا الشعر في كتاب الحيوان للجاحظ. وتدري: أي تمشط، والمدرى والمدراة: المشط. والذي في «أ» الوارد فيها هذا الشعر وحدها: «لجاذبته» مكان قوله «لجارتيْه»، وهو تحريف. ونثل: أي راث.
٩  الأنوق: لفظ يطلَق على كل ما يأكل العذرة من الرخم وغيرها، قاله الجاحظ في كتاب الحيوان وذكر هذا الشعر شاهدًا على ذلك. والقرنبى: دويبة كالخنفساء وأعظم منها بيسير طويلة القوائم. وقد فسر اللغويون الأنوق أيضًا بأنه الطير الذي يبيض في الهواء، ولا يستقيم معناه هنا.
١٠  هذا الشطر ساقط من الأصل، وقد أثبتناه عن الحيوان للجاحظ لتمام المعنى به. ويشير بقوله: «بات يعشي … إلخ» إلى أنه كثير البراز، فيقول إنه إذا أكل تعشى مما يخرج منه ألفا جعل، لأن الجعل تقتات بالبراز. قاله الجاحظ.
١١  هذا الشطر ساقط من الأصل، ولا يتم المعنى بدونه. ويشير إلى سعة فمها فيشبهه بالجدول الذي يُشرب منه.
١٢  الغلصمة: متصل الحلقوم بالحلق، وقيل: هي اللحم الذي بين الرأس والعنق.
١٣  الضمير في «تسمع» للمخاطب. والمسحل: المبرد.
١٤  كذا في أرجوزة أبي النجم المنشورة في مجلة المجمع العلمي العربي. والذي في الأصل: «مديديها»، وهو تحريف. ويريد بالجحفل: شفتها.
١٥  في الأصل: «يكفيه»، وهو تحريف صوابه ما أثبتنا نقلًا عن أرجوزة أبي النجم المنشورة في مجلة المجمع العلمي العربي سنة ١٩٢٨م. ويلقيه: أي يلقي الماء، وفاعله قوله بعد: «قذف».
١٦  الأهدل: المسترخي.
١٧  دهدهتها: أي دحرجتها.
١٨  المطري: الطاهي الذي يخلط الطعام بالأفاويه. وطرَّى الطعام: إذا خلطه بالتوابل.
١٩  ضهب: أي اشو شيئًا غير كامل النضج، يريد الاستعجال. والتضهيب أيضًا: شيُّ اللحم على الحجارة المحماة.
٢٠  أجمناه: أي مللناه.
٢١  الدردق: الصبيان الصغار. والذي في الأصل: «الزردق»، وهو تحريف.
٢٢  في «أ» التي ورد فيها هذا الشعر وحدها: «يحنح»، وهو تحريف صوابه ما أثبتنا نقلًا عن كتب اللغة. والفحيح: صوت الضب.
٢٣  المقراة: الإناء الذي يُقرَى فيه. والقيل: اللبن الذي يُشرب نصف النهار وقت القائلة. وقد ورد هذا الشطر في الأصل هكذا: «هل لك في المعرى بقيل بي؟» ولا يخفى ما فيه من تصحيف.
٢٤  الشكوة: وعاء من أدم يُتَّخذ للبن والماء. والنسي: اللبن الحليب يُصب عليه الماء.
٢٥  «تخرج لحم الرجل الضوي»: أي تُسمن المهزول الضامر.
٢٦  اللقوح: الناقة الحلوب.
٢٧  الحازر: اللبن الحامض.
٢٨  الوضع: جمع أوضع، وهو قليل لحم الوركين والإليتين، والأوضع والأرسح واحد.
٢٩  تقض: تكسر.
٣٠  كذا في ديوان الحماسة. والذي في «أ» الوارد فيها هذا الشعر وحدها: «لقد غلوا»، وهو تحريف لا يستقيم به المعنى ولا الوزن.
٣١  في «أ»: العراقي، ولم نقف على العراقي هذا الموصوف بما ذُكر. والذي أثبتناه عن «ب»، وإن كنا لم نجد هذه النسبة فيما راجعناه من كتب الأنساب ومعجمات الأعلام، إلا أنه ورد ذكره كثيرًا فيما سيأتي.
٣٢  كذا في «ب»، والذي في «أ»: «الحيلوهي»، ولم نجد هاتين النسبتين فيما راجعناه من كتب الأنساب ومعجمات الأعلام التي بين أيدينا.
٣٣  المذاخر: الأجواف.
٣٤  في الأصل: «الإناء»، مكان قوله «الاثنان»، وهو تحريف.
٣٥  فوضى فضى: أي إنهم مشتركون في طعامهم لا يختص به واحد دون رفاقه. ويريد بالشطر الثاني أنهم ليس لأحدهم سر دون أصحابه. وفي الأصل: موص قضى، مكان «فوضى فضى»، وهو تحريف. والتصويب عن اللسان.
٣٦  الهلقام: عظيم اللقم. والبطين: عظيم البطن.
٣٧  يريدون بالدقيقة: الغنم. وبالجليلة: الإبل. وهذا مثَل يقال إذا قل العشب، وذلك لأن الشاة إذا قدرت على أكل العشب القصير القليل وشبعت منه، فإن الناقة لا تقدر على أكله لقصره وقلته فتلحسه. يُضرب للفقير يخدم الغني. وعبارة الأصل: «إذا شعت لحست الحليلة»، وفيه نقص وتحريف ظاهران، والتصويب عن البيان والتبيين وغيره.
٣٨  الكر: ستون قفيزًا، وهو ستة أوقار حمار، وقيل: أربعون أردبًّا.
٣٩  في الأصل: «بحاجته»، وهو تحريف.
٤٠  يريد أن بطنه قد ضمرت فاسترخى رباطه حتى صار له صوت، فشبَّه ذلك الصوت باللغط.
٤١  الأونان: الخاصرتان. وقد ورد هذا البيت في الأصل هكذا:
وبال الجوع في أرنبه حتى
كأنه حبيب يدان إلى حبيب
وفيه تحريف ظاهر. والتصويب عن إصلاح المنطق لابن السكيت ولسان العرب.
٤٢  متعقفًا: أي معوجًّا.
٤٣  في الأصل: «دبل أما الجوز أو بطيخا»، وفيه تصحيف ظاهر، والتصحيح عن المخصص.
٤٤  في «أ» التي ورد فيها هذا الكلام وحدها دون «ب»: «الأنزح» … «النزح» بالنون والحاء، وهو تصحيف في كلتا الكلمتين، والصواب ما أثبتنا نقلًا عن كتب اللغة.
٤٥  وردت هاتان الكلمتان اللتان تحت هذا الرقم في الأصل بالقاف، وهو تحريف.
٤٦  لا يبزرون: من بزرت القدر إذا رميت فيها البزر وهو التابل. ولا يقدرون: من القدر بفتح القاف وهو الطبخ في القدر.
٤٧  لم ترد هذه العبارة في الأصل.
٤٨  في الأصل: «الكريث» بالثاء، وهو تصحيف، والتصحيح عن إصلاح المنطق. وفي الأصل: «معقر»، وهو تصحيف أيضًا، والتصحيح عن إصلاح المنطق كذلك.
٤٩  في الأصل: «السويق»، وهو تحريف، والتصويب عن إصلاح المنطق. والشوبق: هو الخشبة التي يبسط عليها الخباز الخبز.
٥٠  هريئة: أي بردًا، يقال: قرة (بكسر القاف) فيها هريئة، أي يصيب الناس منها ضر وموت كثير. والهريئة: وقت اشتداد البرد، كما في اللسان.
٥١  التنوم: شجر له حب كحب الخروع. وينظم بطن وادي: أي يملؤه ويعمه.
٥٢  كذا في «أ» وديوان الفرزدق، والذي في «ب»: «أبا العرجاء»، وهو خطأ من الناسخ.
٥٣  الحب بضم الحاء: الجرة، ولعلهم كانوا يضعون الدقيق في الجرار.
٥٤  أبو عمرة: كنية الجوع.
٥٥  في الأصل: «بودقة» بالباء والقاف، وهو تحريف صوابه ما أثبتنا نقلًا عن كتب اللغة. وعبارة مجمع الأمثال: تزعم الأعراب أن أبا الضباع وجد تودية في غدير … إلخ ما هنا.
٥٦  الخِلف: الضرع. وفي الأصل: «الحلف» بالمهملة، وهو تصحيف.
٥٧  هذه: إشارة إلى دعوته إياه، أي إن هذه الدعوة تكسبني زيارتك لي وإن لم تسعد، أي تُعنِّي على قضاء الحق كله. وفي الأصل: «تكثر» مكان «تكسب»، وهو تحريف، ولعل صوابه ما أثبتنا.
٥٨  في «أ» التي ورد فيها وحدها هذا الكلام: «ترك»، وهو تحريف.
٥٩  في «أ»: «استلقى»، وهو تحريف.
٦٠  في «أ»: «فيطعمون»، وهو تحريف.
٦١  العراق (بالضم): جمع عرق (بفتح فسكون)، وهو العظم الذي أُخذ أكثر ما عليه من اللحم وبقي عليه شيء يسير.
٦٢  في كلتا النسختين: «صناع»، وهو تصحيف.
٦٣  في «أ»: «ولا آجامكم»، وهو تحريف.
٦٤  كذا في «ب»، والذي في «أ»: «نيرت»، والمعنى يستقيم عليه أيضًا.
٦٥  يريد بالضالعة هنا القوية على احتمال ما يُلْقَى إليها، وكذلك الضالع الآتي بعد. والذي وجدناه في كتب اللغة أنه الضليع، من الضلاعة وهي القوة. ولم نجد الضالع بهذا المعنى. والذي في كتاب التنبيه على أغلاط أبي علي القالي، ص٢٢، أن المحفوظ: ضرس قاطع يقذف في مِعى جائع. وهذا هو الصحيح.
٦٦  السحبل: العظيم المسن من الضباب. والورل دابة تشبه الضب وأعظم منه بيسير. والأرمل: الذي لا زوج له، ويقال ذلك في المذكر على التشبيه، قاله في اللسان مستشهدًا بهذا البيت، وروايته فيه: «رعى الربيع والشتاء أرملا» مكان قوله: «وورلًا يرتاد.»
٦٧  في «أ»: «بيت»، وهو تحريف. وقد سبق التعريف بهذه الدابة في الحاشية التي قبل هذه.
٦٨  كذلك: أي إنه أرمل لا زوج له.
٦٩  في الأصل: «مرى»، وهو تحريف، والسياق يقتضي ما أثبتنا.
٧٠  السعدان: نبت تشبه شوكته حلمة الثدي، وهو من أفضل مراعي الإبل، ويقال في المثل: «مرعى ولا كالسعدان.»
٧١  الحربث: نبت منبسط له ورق رقاق طيب الرائحة يزيل بخر الفم.
٧٢  في الأصل: «وظبي»، وهو تحريف.
٧٣  في الأصل: «طبية»، وهو تحريف.
٧٤  ورد هذا البيت في الحيوان، ولم ينسبه كما هنا.
٧٥  في «أ»: «وقال»، وهو تبديل من الناسخ.
٧٦  في «أ»: «قال»، وهو تحريف.
٧٧  الغرث: الجوع.
٧٨  في الأصل: «فأجزاهم» بالجيم، وهو تحريف.
٧٩  في الأصل: «مهجتي» وهو تحريف.
٨٠  في الأصل: «ثأرت ثورة فأنا أثأرها»، وهو تصحيف في الكلمات الثلاث.
٨١  الصاد: النحاس، وقيل: نوع منه. وفي الأصل: «الضأن»، وهو تحريف. والقنابل: طوائف الخيل، الواحد قنبل وزان جعفر وقنبلة، وفي الأصل: «قناديل» وهو تحريف. وفي ديوان حسان: «في المحلة»، والمعنى عليه يستقيم. وفي الأصل: «في الماة»، والظاهر أن هذا اللفظ محرف عما أثبتنا نقلًا عن محاضرات الأدباء. وقبل هذا البيت:
إذا اغبر آفاق السماء وأمحلت
كأن عليها ثوب عصب مسهما
وفي ديوان حسان: «حسبت قدور»، مكان قوله: «تخال».
٨٢  في الأصل: «قادت … وأقادها … والمقاد»، وهو تحريف في هذه الكلمات الثلاث.
٨٣  الملة: موضع النار.
٨٤  في الأصل: «لقأت … لقاء إذا جعلت»، وهو تحريف في هذه الكلمات الثلاث.
٨٥  في الأصل: «واللقتة … البحصة … والودنة»، وهو تحريف في هذه الكلمات الثلاث.
٨٦  في «أ» التي ورد فيها وحدها هذا الشعر: «سل الله»، وهو تحريف لا يستقيم به المعنى، ولعل صوابه ما أثبتنا. ولم نجد هذين البيتين فيما راجعناه من الكتب. والخبوت: جمع خبت، وهو المطمئن من الأرض.
٨٧  لا ينادي … إلخ: أي إنهم لا يكلفون الضيف مئونة السؤال.
٨٨  الصيحاني: ضرب من تمر المدينة أسود صلب المضغ. والمصلب: الذي خلط بالصليب، وهو الودك، وهو مثَل يُضرب للمتلاقين المتوافقين. وفي الأصل: «مقلية» بالقاف والياء، وهو تحريف صوابه ما أثبتنا نقلًا عن مجمع الأمثال.
٨٩  يلاحَظ أن تفسير البرذونة الرغوث بهذا المعنى المذكور هنا غير صحيح، إذ البرذونة لا ولد لها، والرغوث من البراذين هي التي لا تكاد ترفع رأسها من العلف، أما التي يرضعها ولدها فهي الرغوث من الشياه، فلعل في الكلام نقصًا، وتكملته: «والشاة الرغوث هي التي … إلخ.»
٩٠  في إحدى النسختين: «صم»، وهو تصحيف.
٩١  في «ب»: «ابن دراج»، وهو تصحيف.
٩٢  في «أ»: «فركابك».
٩٣  في الأصل: «واتدم» مكان قوله «ما قدم»، وهو تحريف.
٩٤  في الأصل: «خائبًا يعين»، وهو تصحيف في كلتا الكلمتين.
٩٥  السديف: لحم السنام. والقزع بالقاف: السحاب. وفي الأصل: «الفزع» بالفاء.
٩٦  الكوم واحده كوماء بفتح الكاف، وهي الناقة العظيمة السنام.
٩٧  في الأصل: «غيظًا»، وهو تصحيف.
٩٨  في الأصل: «فاسلني، يريد» وهو تحريف.
٩٩  الجردقة: الرغيف، فارسية. وفي الأصل: «خودبة»، وهو تحريف.
١٠٠  في الأصل: «حصنًا»، وهو تحريف.
١٠١  التامك: الكثير العظيم.
١٠٢  أرمل من الزاد: فرغ ما عنده منه.
١٠٣  في الأصل: «يعد القوفر»، وهو تحريف في كلتا الكلمتين لا معنى له، ولعل الصواب ما أثبتنا.
١٠٤  في الأصل: «فقد»، وهو تحريف.
١٠٥  في الأصل: «من شدة»، وهو خطأ من الناسخ. والبيت لحاتم الطائي.
١٠٦  في «أ»: «كاتب»، ثم ذكر الكتاب.
١٠٧  في الأصل: «القتيل»، وهو تصحيف.
١٠٨  في «ب»: «الحكماء».
١٠٩  في «ب»: «وذي خلة يطور به»، وهو تحريف.
١١٠  هو العلوي صاحب الزَّنْج، كما في مجموعة المعاني.
١١١  وردت هذه التكملة في «ب» مطموسة الحروف تتعذر قراءتها، مهمل من النقط ما ظهر منها. وقد أثبتناها هكذا أخذًا من السياق، وبعضها عن مجموعة المعاني.
١١٢  سدكت أنامله … إلخ: أي أُولِعتْ بقائم السيف، يقال «سدك بالشيء» إذا أُولِع به، وخفَّت يده في عمله.
١١٣  في الأصل: «وقد قدم للقوم»، وهو تحريف. كما أن قوله «للقوم» زيادة من الناسخ لا يستقيم بها وزن البيت.
١١٤  المخترص: الذي يضع في خرسه (بكسر الخاء)، أي جرابه، ما يريد. وفي «أ» التي ورد فيها هذا الشعر وحدها دون «ب»: محترض، وهو تصحيف. كما أن فيها «هنأه» مكان «كأنه»، ولا معنى له أيضًا.
١١٥  أورد في اللسان هذا الشطر، مادة «قلد»، شاهدًا على أن المقلد (بكسر الميم) الرجل المجمع.
١١٦  أورد في اللسان هذين الشطرين مادة «حرب». والذي في الأصل:
وصاحب صاحب عيرا يعبدا
تراه بين الحرتين … إلخ
ولا يخفى ما في ذلك من تحريف.
١١٧  في الأصل: «أغضب».
١١٨  في «أ»: «أيضيع طرف»، ولعل صوابه ما أثبتنا.
١١٩  المبرِّز: المطلِق للبطن.
١٢٠  في كلتا النسختين: «يسرج» بالسين، وهو تحريف.
١٢١  اللوح: العطش. والذي في «أ» التي ورد فيها وحدها هذا الشعر: «والنوح». وما أثبتناه هو المناسب لقوله بعد: «ولا ماء.»
١٢٢  المزورة: مرقة تُعمل بغير لحم يصفونها للمرضى.
١٢٣  في الأصل: «ظاميها»، وهو تحريف.
١٢٤  في «ب»: «وطيبه».
١٢٥  في «أ»: «اللون» بالنون، وهو تصحيف.
١٢٦  وردت هذه الكلمة في الأصل مهملة الحروف من النقط تتعذر قراءتها، وقد أثبتناها هكذا نقلًا عن كتب اللغة بعد تقليبها على عدة وجوه.
١٢٧  في الأصل: «الخلد»، وهو تصحيف.
١٢٨  في «أ»: «عزيز».
١٢٩  في «أ»: تقول.
١٣٠  كذا وردت هذه العبارة في الأصل، والظاهر أن لها بقية سقطت من الناسخ.
١٣١  في الأصل: «ابن القرم».
١٣٢  لم يرد هذا الشطر الذي بين مربعين في الأصل، وقد أثبتناه عن شعر الأعشين المطبوع في أوروبا. وفي الأصل: «وأنشد» مكان قوله «وأيدى»، وهو تحريف. وهضم بضمتين: جمع هضوم، وهو الجواد المتلاف.
١٣٣  في الأصل: «وثميل»، وهو تحريف.
١٣٤  كذا ورد هذا الاسم في كلا الموضعين اللذين تحت هذا الرقم في «أ» التي ورد فيها وحدها هذا الكلام، ولم نجد من نصَّ على تصحيحه بالعبارة.
١٣٥  كذا ورد هذا الاسم في «أ» التي ورد فيها وحدها هذا الكلام هنا، وبعد عدة أسطر. ولم نجد من نص على تصحيحه فيما راجعناه من المظان.
١٣٦  ودَّره: أهلكه.
١٣٧  في الأصل: «شبمة»، وهو تحريف.
١٣٨  في الأصل: «وسماه»، وهو تحريف. والشاة الكدمة: الغليظة السمينة.
١٣٩  جعجعه: نحره.
١٤٠  اؤتمر: استُشير.
١٤١  يقال: أعال الرجل أهله، إذا كفاهم ومانهم، كعالهم.
١٤٢  قاموا عليه: أي قاموا بخدمته وما يصلحه في مرضه.
١٤٣  الرميض: الحاد، يريد هنا حدة الرائحة. والذي في الأصل: «رفيضًا»، ولعله محرف عما أثبتنا، أو لعله: «فضيضًا» أي متفتتًا متكسرًا.
١٤٤  حاميتنا … إلخ: أي إنه يحمي بيوت الحي من المغيرين إذا خرج الرجال للغزو.
١٤٥  في الأصل: «سنونا»، وهو تحريف.
١٤٦  اتغر الغلام واثغر: نبت ثغره.
١٤٧  في الأصل: «دينار»، وهو تحريف.
١٤٨  في الأصل: «الحلائلا»، وهو تحريف.
١٤٩  في الأصل: «قيامها»، وهو تحريف. وأطراف الرعان: يريد أطراف الجبال.
١٥٠  في الأصل: «قصية» بالقاف والصاد، وهو تصحيف.
١٥١  الأشافي: المثاقب، واحدته إشفى بكسر الهمزة وسكون الشين والفاء المفتوحة. وفي الأصل: «نصد السلافي»، وهو تحريف. يقول: إن سنامها لم يبقَ فيه ما تخرجه الأشافي ولا المواسي، جمع موسى.
١٥٢  الطخياء: الظلمة الشديدة.
١٥٣  كذا ورد هذا الشطر في «أ» التي ورد فيها وحدها هذا الكلام، ولم نجده فيما راجعناه من الكتب.
١٥٤  الثلاثة بضم الثاء: أي الثلاثة بفتحها. يريد أنها لم تحلب إلا الثلاثة من الآنية أو الاثنين. وقيلت بضم القاف وتشديد الياء المكسورة، ذكره ثعلب هكذا، ورواها بعضهم: قيلت، بفتح القاف من القيل بمعنى اللبن الذي يُشرب وقت القائلة. اللسان، مادة «ثلث».
١٥٥  خف المنائح: أي خفَّتها، مصدر خَفَّ. يريد قلة المنائح، جمع منيحة، وهي الناقة الممنوحة للانتفاع بوبرها وولدها ولبنها. وفي الأصل: «جف» بالجيم، وهو تحريف.
١٥٦  في الأصل: «رنغ المطي من الرحا»، وهو تحريف في كلتا الكلمتين. ويريد تواني المطايا وتخاذلها عن المشي من طول السفر وشدة ما أصاب حوافرها من المشي. يصف ممدوحه بالكرم في هذه الحال، وأنه خرق أي كريم متخرق في المعروف، وأن ذا مزوده (أي صاحب زاده القيم عليه) لم يُخْفِ دقيقه ولم يخبئه، بل يبذله للمُرملين من الرفاق.
١٥٧  كذا ورد هذا الشطر في الأصل ناقصًا، ولم نقف عليه فيما راجعناه من الكتب.
١٥٨  في الأصول: «نحول» مكان «نحوك»، و«حق» مكان «نحو»، وهو تحريف في كلتا الكلمتين.
١٥٩  في الأصل: «ازدار الراكب»، وهو تصحيف في كلتا الكلمتين.
١٦٠  في شرح القاموس: «زمعة بن الأسود».
١٦١  في الأصل: «جوع»، وهو تحريف، إذ ليس من المعروف تشبيه الجوع بالسحاب المتراكم، وإنما يشبَّه بذلك الجود.
١٦٢  في الأصل: «فعثرتهم في»، وهو تحريف.
١٦٣  في الأصل: «لاح»، وهو تصحيف.
١٦٤  المثغور: الذي سقطت أسنانه لا يقدر على الأكل.
١٦٥  في الأصل: «عينك»، وهو تحريف.
١٦٦  الحرجف: الريح الشديدة، وكنى بالحرجف والدبور عن الجدب. وفي الأصل: «وقد شعلهم جرجف ودثور»، وهو تحريف.
١٦٧  في الأصل: «قرانمها حسا»، وهو تحريف في كلتا الكلمتين. والتصحيح عن كتب اللغة.
١٦٨  في الأصل: «العرب المرفوع خوانه …» إلخ البيت، وهو تحريف كما ترى.
١٦٩  عبارة الأصل: «الرفاع وخوانه داء كثيرة»، وهو تحريف في جميع هذه الألفاظ، وقد ذكر اللغويون أن الرماع داء في البطن يصفرُّ منه الوجه. وتُنقِض الضلوع: أي تسمع للأضلاع نقيضًا، أي صوتًا من ثقل تلك الدلو.
١٧٠  يلاحَظ أن استطراد المؤلف هنا بذكر الحوب لا مناسبة له، فإن الحوأبة في البيت إنما هي من مادة «حأب»، والحوب الذي ذكره من مادة «حوب».
١٧١  يريد بالتبن ما يعم أنواع العلف.
١٧٢  في الأصل: «وأبسل»، وهو تحريف.
١٧٣  وردت هاتان الكلمتان اللتان تحت هذا الرقم في الأصل بالدال مكان الباء، وهو تحريف صوابه ما أثبتنا نقلًا عن كتب اللغة، يقال: بكله، إذا خلطه.
١٧٤  في الأصل: «ممرا وغيره»، وهو تحريف.
١٧٥  لم ترد في الأصل بقية هذا البيت، ولم نجده فيما راجعناه من الكتب.
١٧٦  في الأصل: «حلف» بالحاء المهملة، وهو تصحيف. وقوله «لم يكن مصرمًا»: إما أن يُفسَّر بأنه لم يكن منتعلًا، مأخوذ من الصرم بكسر الصاد وهو الخف الذي له نعل، وإما أن يراد أنه لم يكن ذا مال، مأخوذ من الصرمة بكسر الصاد وهي القطعة من الإبل من الأربعين إلى الخمسين، وقيل غير ذلك في عددها.
١٧٧  ريثما: أي يتصنع ريثما ينال بغيته. وفي الأصل: ريَّما، وهو تحريف.
١٧٨  ورد في هذا الموضع الذي وضعنا فيه هذه النقط شطر من هذه الأرجوزة مهمل أكثر حروفه من النقط ومطموس بعضها، ولم نهتدِ إلى وجه الصواب فيه، كما أننا لم نعثر على الأرجوزة في المصادر التي بين أيدينا. وها هو هذا الشطر كما في الأصل:
ولم يرحنا غراثًا أدما
١٧٩  يقال: وصمته الحمى (بتشديد الصاد)، إذا جعلت في جسده فترة، ويقال: وصَّمه التعب، إذا فتَّر جسمه وأكسله. وفي الأصل: «قترة» بالقاف، وهو تصحيف.
١٨٠  في «أ» التي ورد فيها وحدها هذا الشعر: إذا أجاح قبطة تخدما، وهو تحريف في جميع هذه الألفاظ. وسياق الشعر يقتضي ما أثبتنا.
١٨١  القارصة: الطائفة من اللبن الحامض الذي يُحذي اللسان بحرافته.
١٨٢  وخلة منه: أي من اللبن، واحدة الخل، معروف، أي الطائفة منه. والخل قد يكون من اللبن كما في كتب اللغة.
١٨٣  في الأصل: لا يعرف الشادف المحترما، وفيه تحريف كما ترى، وسياق الشعر يقتضي ما أثبتنا. والشارف: المسنة من الإبل. أي لا يعقر الناقة إلا في الحج حين يجب عليه عقرها.
١٨٤  في الأصل: «ولا يأنف»، وهو تحريف.
١٨٥  المحراث: حديدة تحرك بها النار.
١٨٦  الشجعم من الحيات: الشديد الغليظ. وفي الأصل: سجعما، بالسين المهملة، وهو تصحيف.
١٨٧  الصمحمح: الشديد المجتمع الألواح.
١٨٨  في الأصل: «يبك» بالكاف، وهو تحريف.
١٨٩  في الأصل: «يرث» بالثاء المثلثة، وهو تصحيف.
١٩٠  في الأصل: «إهاؤه ببعثة»، وهو تصحيف في كلتا الكلمتين.
١٩١  في الأصل: «ينزل»، وهو تحريف.
١٩٢  الإمرة: الضعيف الرأي الذي يوافق كلًّا على ما يريد ولا رأي له.
١٩٣  في الأصل: «غرة»، وهو تحريف.
١٩٤  في الأصل: «منهما»، وهو تحريف.
١٩٥  في «أ» الوارد فيها وحدها هذا الشعر: «عزي» مكان «ندي»، و«حريز» مكان «خزير»، وهو تحريف كما ترى، والتصحيح عن النقائض. والبيت لجرير. والخزير: لحم يُقطع صغارًا ويُلقى في الماء فإذا أُمِيت طبخًا ذرَّ عليه الدقيق.
١٩٦  في الأصل: «بدخل»، وهو تصحيف.
١٩٧  صرير الجندب: مثَل يُضرب للأمر يشتد حتى يقلق صاحبه. والأصل فيه أن الجندب إذا رمض في شدة الحر لم يقر في الأرض، وطار فتسمع لرجليه صريرًا. والجندب طائر أصغر من الصدى يكون في البراريِّ.
١٩٨  إذا أكريتَ إنسانًا بعيرك أو أكراك بعيره فكلٌّ منكما كريُّ صاحبه، قاله في اللسان وأنشد هذا الرجز. والجرجر: الفول بلغة أهل العراق، أو هو نبت. والذي في الأصل: «كدنة» مكان قوله «كريه»، وهو تحريف صوابه ما أثبتنا بعد تقليب هذه الكلمة على عدة وجوه.
١٩٩  كذا في «ب»، والذي في «أ»: «ابن علقمة».
٢٠٠  في «ب»: «لأبي عمرو».
٢٠١  كذا في الأصل، ولم نجد هذا اللفظ بهذا المعنى فيما راجعناه من كتب اللغة، والذي وجدناه بالمعنى المذكور: «قدير»، أي مطبوخ في القدر. ولعل قوله «حميل» بالحاء المهملة مصحَّف عن «جميل» بالجيم، وهو الشحم المذاب، فيكون هنا كلام سقط من الناسخ قبل هذه الكلمة المصحَّفة التي نحن بصددها.
٢٠٢  «مقلة الجمل» و«حولاء الناقة» يُتمثل بهما في الخصب والنعمة، فيقال: هم في مثل حدقة البعير، وذلك أن حدقة البعير أخصب ما فيه، لأن بها يعرفون مقدار سمنه، وفيها يبقى آخر النِّقْي، وهو مخ العظم. ويقال: صاروا في حولاء الناقة، إذا صاروا في خصب، وإذا وُصفت الأرض قيل كأنها حولاء الناقة، لأن ماء الحولاء أشد ماء خضرةً. والحولاء: الماء الذي يخرج على رأس الولد إذا وُلد، وليس في الكلام فعلاء بالكسر ممدودًا إلا حولاء وعنباء وسيراء. وقيل: الحولاء: غلاف أخضر كأنه دلو عظيمة مملوءة ماء وتتفقأ حين تقع على الأرض، وهو قائد السَّلَى، أي يخرج قبله، ويقال أيضًا: هم في مثل حولاء السلى. انظر ما يعوَّل عليه للمحبي ولسان العرب.
٢٠٣  نشَّاشة: أي نزَّازة بالماء لا يجف ثراها، ولا ينبت مرعاها.
٢٠٤  حلقوم النعامة ومريء الحمل: مثَلان في قلة ما يأتيهم من الماء وضيق مسايله إليهم.
٢٠٥  حَرَب: أي ذات حرب، وهو والكلب واحد وزنًا ومعنًى. وجلودها جرب: أي ذات جرب.
٢٠٦  الغلاصم: جمع غلصمة، وهي رأس الحلقوم. يريد أن هذه الإبل تقذف الطعام في حلوقها وأعناقها قذف الحجارة، يصفها بقوة القذف قذف الطعام. والذي في الأصل: «يقدمن» مكان «يقذفن»، وهو تحريف.
٢٠٧  البيت لذي الرمة. والبرى: الخلاخيل. والماء الجامس: الجامد. يقول إنهم يغارون على النساء إذا اشتد الفزع، وكشف الرعب عن سيقانهن فأبدين من خلاخيلهن، فهم إذ ذاك يحمونهن ويكفينهن ما يفزعهن. ثم يقول في الشطر الثاني: إنهم كرام، إذا اشتد البرد وجمد الماء يقرون أضيافهم عبيط اللحم، وفي رواية: سديف. وقد ورد هذا البيت في الأصل هكذا:
يغار إذا ما الزرع أبدى عن الثرى
ويقرى … … … … إلخ
وفيه تصحيف في بعض كلماته كما ترى، والتصويب عن ديوان ذي الرمة وغيره.
٢٠٨  الناق: جمع ناقة. وفي «أ» التي ورد فيها وحدها هذا البيت: «لا ناب» بالباء، وهو تحريف، إذ الناب الواحدة — وهي المسنة من الإبل — لا تكون مصرَّمة، أي بالغة صرمة، وهي عدة من الإبل تبلغ الأربعين.
٢٠٩  القعب: القدح الضخم.
٢١٠  اللفيف: الصديق.
٢١١  العلق: النفيس من المتاع.
٢١٢  يريد بالمرابحة هنا أن يقول المشتري للبائع: أربحك في هذه السلعة كذا فوق ما اشتريتها به من الثمن، أو أن يقول البائع للمشتري ذلك.
٢١٣  السمت: هيئة أهل الخير وطريقتهم. والمسترسلون: من استرسل إليه، إذا انبسط إليه واستأنس ثقة به واتكالًا على ما بينهما من ود وصلة. وفي الأصل: المترسلين، وهو تحريف.
٢١٤  الوضائع: الخسائر.
٢١٥  في «أ»: «يزورها» بتشديد الواو، وهو وإن صح به المعنى إلا أنه لا يستقيم به السجع.
٢١٦  التنَّاء: الدهاقين ورؤساء القرى، الواحد تانئ.
٢١٧  ورد هذان اللفظان في كلتا النسختين كلٌّ منهما مكان الآخر، والسياق يقتضي ما أثبتنا كما ترى.
٢١٨  في «ب»: «الأمور».
٢١٩  كذا في «ب»، والذي في «أ»: «في فوت الإيراد»، وهو تحريف.
٢٢٠  في «ب»: «تدرك»، والمعنى يستقيم عليه أيضًا.
٢٢١  في كلتا النسختين: «عليه»، وسياق الكلام يقتضي ما أثبتنا.
٢٢٢  كذا ورد هذا الكلام الذي بين هاتين العلامتين في «ب»، والذي في «أ»: «وأن تقبله كيدك على أعزز من ذلك»، وفي هذا الكلام تحريف كما ترى لا يُفهم له معنى.
٢٢٣  وردت هذه العبارة في كلتا النسختين مهمل بعض حروفها من النقط تتعذر قراءتها.
٢٢٤  في كلتا النسختين: «تفسحي»، وهو تحريف.
٢٢٥  في «ب»: «فدخلت».
٢٢٦  في «أ»: «وفي فكري».
٢٢٧  يتقدم بكذا: أي يؤمر به.
٢٢٨  في «ب»: «فوجدته»، وسياق الكلام يقتضي ما أثبتنا كما في «أ».
٢٢٩  في «أ»: «فيَّ».
٢٣٠  في كلتا النسختين: «في مد»، وظاهر أن معناه لا يناسب ما هنا، ولعله محرف عما أثبتنا.
٢٣١  في «ب»: «ما غرفي»، وهو تحريف.
٢٣٢  في «أ»: «ما يظهر»، وهو تحريف.
٢٣٣  في «أ»: وقوفه، وهو تحريف. ويلاحَظ أن «أ» وحدها هي التي وردت فيها هذه الكلمة والتي قبلها.
٢٣٤  في «أ»: «أطعمتني»، وفي «ب»: «أطمعتني»، وهو تحريف في كلتا النسختين. والبيت للمتنبي.
٢٣٥  الروْح بفتح الراء والراحة كلاهما بمعنى واحد.
٢٣٦  هذه الجملة أُريد بها الإيذان بالانصراف.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤