الفصل الثاني والعشرون

يَوْمٌ سَعِيدٌ لِعَائِلَةِ بوب وايت

يَا مَنْ تُسْعِدُ غَيْرَكَ
لَا شَيْءَ يُوفِيكَ حَقَّكَ!

ذَاتَ يَوْمٍ، وَبِمَحْضِ الْمُصَادَفَةِ، طَارَ بوب وايت إِلَى شَجَرَةٍ تَمَكَّنَ مِنْ خِلَالِهَا مِنْ رُؤْيَةِ حَظِيرَةِ الدَّجَاجِ الْخَاصَّةِ بِالْمُزَارِعِ براون فِي الْأَسْفَلِ، وَهُنَاكَ رَأَى بوب الصَّغِيرَ الضَّائِعَ وَتَحَدَّثَ مَعَهُ، ثُمَّ طَارَ بوب وايت الْأَبُ إِلَى الْمُرُوجِ الْخَضْرَاءِ؛ حَيْثُ كَانَتْ تَنْتَظِرُهُ زَوْجَتُهُ فِي قَلَقٍ، وَقَلْبُهُ تَمْلَؤُهُ السَّعَادَةُ. كَانَتِ الزَّوْجَةُ تَتَرَقَّبُ وُصُولَهُ، وَطَارَتْ لِتُقَابِلَهُ.

صَاحَ بوب وايت: «إِنَّ كُلَّ شَيْءٍ عَلَى مَا يُرَامُ! عَثَرْتُ عَلَيْهِ فِي حَظِيرَةِ الدَّجَاجِ الْخَاصَّةِ بِالْمُزَارِعِ براون.» بِالطَّبْعِ كَانَ يَتَحَدَّثُ عَنْ بوب وايت الصَّغِيرِ الَّذِي ظَنُّوا أَنَّهُ قُتِلَ.

صَاحَتِ الزَّوْجَةُ: «مَاذَا؟! مَاذَا تَقْصِدُ بِحَظِيرَةِ الدَّجَاجِ؟ مَا الَّذِي يَفْعَلُهُ هُنَاكَ؟»

شَرَحَ بوب وايت: «إِنَّ حَظِيرَةَ الدَّجَاجِ مَكَانٌ يَضَعُ فِيهِ الْمُزَارِعُ براون الْكَثِيرَ مِنَ الطُّيُورِ الْكَبِيرَةِ الْحَمْقَاءِ، وَبوب الصَّغِيرُ سَجِينٌ هُنَاكَ.»

صَاحَتِ الزَّوْجَةُ: «يَا لَهُ مِنْ شَيْءٍ مُفْزِعٍ! إِذَا كَانَ سَجِينًا، فَكَيْفَ تَقُولُ إِنَّ كُلَّ شَيْءٍ بِخَيْرٍ؟»

أَجَابَ بوب وايت: «لِأَنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ بِالْفِعْلِ؛ فَهُوَ فِي أَمَانٍ تَامٍّ، وَمَا كَانَ سَيَنْعَمُ بِالْأَمَانِ هَكَذَا إِذَا كَانَ هُنَا مَعَنَا؛ فَهُوَ لَا يَسْتَطِيعُ الطَّيَرَانَ؛ انْكَسَرَ أَحَدُ جَنَاحَيْهِ بِفِعْلِ الطَّلْقِ النَّارِيِّ مِنَ الْبُنْدُقِيَّةِ الْمُخِيفَةِ، وَعَثَرَ عَلَيْهِ ابْنُ الْمُزَارِعِ براون، وَكَانَ فِي غَايَةِ الطِّيبَةِ مَعَهُ. عَالَجَ جَنَاحَهُ؛ وَلِذَلِكَ أَنَا عَلَى يَقِينٍ مِنْ أَنَّهُ سَيُصْبِحُ بِخَيْرٍ مَرَّةً أُخْرَى. أَنَا وَأَنْتِ نَعْلَمُ أَنَّ بوب الصَّغِيرَ مَا كَانَ سَيَنْجُو وَجَنَاحُهُ مَكْسُورٌ إِنْ ظَلَّ هُنَا مَعَنَا؛ كَانَ الثَّعْلَبُ ريدي أَوِ الصَّقْرُ أحمر الذيل أَوْ أَيُّ أَحَدٍ آخَرَ سَيَحْرِصُ كَثِيرًا عَلَى الْإِمْسَاكِ بِهِ عَاجِلًا أَمْ آجِلًا، وَلَكِنَّهُمْ لَا يَسْتَطِيعُونَ ذَلِكَ هُنَاكَ؛ حَيْثُ إِنَّهُ فِي قَفَصٍ مِنَ السِّلْكِ، لَا يَسْتَطِيعُ الْخُرُوجَ مِنْهُ، وَلَكِنْ لَا يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ الدُّخُولَ كَذَلِكَ؛ وَلِذَا فَهُوَ فِي أَمَانٍ. أَصْبَحَ هُوَ وَابْنُ الْمُزَارِعِ براون صَدِيقَيْنِ حَمِيمَيْنِ، لَقَدْ رَأَيْتُهُ بِنَفْسِي يُطْعِمُهُ بِيَدَيْهِ. أَتَدْرِينَ؟ أَنَا أَرَى أَنَّ هَذَا الْوَلَدَ صَدِيقٌ حَقِيقِيٌّ لَنَا بِحَقٍّ، وَنَسْتَطِيعُ أَنْ نَثِقَ بِهِ.»

قَالَتِ الزَّوْجَةُ: «إِنَّ الْأَرْنَبَ بيتر يَقُولُ ذَلِكَ دَائِمًا، وَلَكِنْ بَعْدَ كُلِّ مَا عَانَيْنَاهُ مِنْ تِلْكَ الْمَخْلُوقَاتِ، لَا أَسْتَطِيعُ إِقْنَاعَ نَفْسِي بِأَنَّ أَيًّا مِنْ هَذِهِ الْمَخْلُوقَاتِ ذَاتِ السَّاقَيْنِ جَدِيرٌ بِالثَّقَةِ. يَجِبُ أَنْ أَتَأَكَّدَ بِنَفْسِي.»

أَجَابَهَا بوب: «سَتَتَأَكَّدِينَ. اذْهَبِي إِلَى هُنَاكَ صَبَاحَ غَدٍ وَسَأَمْكُثُ أَنَا مَعَ الصِّغَارِ لِلْعِنَايَةِ بِهِمْ؛ فَأَنَا أَخْشَى إِذَا تَرَكْنَاهُمْ وَحْدَهُمْ أَنْ يَتَهَوَّرَ أَحَدُهُمْ أَوْ يَتَحَامَقَ وَيَذْهَبَ إِلَى حَيْثُ يَتَوَاجَدُ أُولَئِكَ الصَّيَّادُونَ أَصْحَابُ الْبَنَادِقِ الْمُرِيعَةِ.»

لِهَذَا فِي الصَّبَاحِ التَّالِي ذَهَبَتْ زَوْجَةُ بوب وايت لِرُؤْيَةِ بوب الصَّغِيرِ، وَرَأَتْ مَا قَدْ رَآهُ زَوْجُهَا فِي الْيَوْمِ السَّابِقِ، وَعَادَتْ وَهِيَ تَشْعُرُ بِارْتِيَاحٍ شَدِيدٍ؛ فَقَدْ أَدْرَكَتْ أَنَّ زَوْجَهَا عَلَى حَقٍّ، وَأَنَّ ابْنَ الْمُزَارِعِ براون أَثْبَتَ أَنَّهُ صَدِيقٌ مُخْلِصٌ، وَلَيْسَ هُنَاكَ سَبَبٌ يَدْعُو لِلْخَوْفِ مِنْهُ. فِي الْيَوْمِ التَّالِي، اصْطَحَبَ بوب وايت زَوْجَتَهُ وَصِغَارَهُمَا بِالْكَامِلِ إِلَى هُنَاكَ حَيْثُ قَامَ ابْنُ الْمُزَارِعِ براون بِنَثْرِ الطَّعَامِ لَهُمْ خَارِجَ حَظِيرَةِ الدَّجَاجِ؛ حَتَّى لَا تَسْتَطِيعَ الدَّجَاجَاتُ الْحُصُولَ عَلَيْهِ، وَكَانَ بوب ذَكِيًّا بِمَا يَكْفِي لِيُدْرِكَ أَنْ لَا أَحَدَ مِنَ الصَّيَّادِينَ يَجْرُؤُ عَلَى الْبَحْثِ عَنْهُمْ بِالْقُرْبِ مِنْ مَنْزِلِ الْمُزَارِعِ براون. ذَهَبُوا صَبَاحًا تِلْوَ صَبَاحٍ إِلَى هُنَاكَ لِلْحُصُولِ عَلَى فَطُورِهِمْ، وَلَمْ يَطِيرُوا بَعِيدًا عِنْدَمَا كَانَ يَأْتِي ابْنُ الْمُزَارِعِ براون وَالْمُزَارِعُ براون بِنَفْسِهِ لِيُشَاهِدَاهُمْ وَهُمْ يَأْكُلُونَ.

وَذَاتَ صَبَاحٍ حَدَثَ شَيْءٌ رَائِعٌ، أَخْرَجَ ابْنُ الْمُزَارِعِ براون بوب الصَّغِيرَ مِنَ الْقَفَصِ. بَدَا بوب الصَّغِيرُ فِي أَحْسَنِ حَالٍ كَمَا كَانَ فِي السَّابِقِ؛ فَلَقَدْ نَزَعَ الصَّبِيُّ الشَّرَائِطَ الَّتِي لَفَّهَا حَوْلَ جَنَاحِهِ الْمَكْسُورِ، وَأَصْبَحَ جَنَاحُهُ عَلَى مَا يُرَامُ. أَخَذَهُ ابْنُ الْمُزَارِعِ براون خَارِجَ حَظِيرَةِ الدَّجَاجِ وَوَضَعَهُ عَلَى الْأَرْضِ.

قَالَ: «هَا أَنْتَ ذَا! الْآنَ اذْهَبْ وَانْضَمَّ إِلَى أُسْرَتِكَ، وَابْتَعِدْ عَنِ الصَّيَّادِينَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ.» ضَحِكَ الصَّبِيُّ عِنْدَمَا شَاهَدَ بوب الصَّغِيرَ وَهُوَ يُهَرْوِلُ لِيَنْضَمَّ إِلَى أَشِقَّائِهِ.

يَا لَهُ مِنْ هَرْجٍ وَمَرْجٍ سَادَ عِنْدَمَا رَآهُ أَشِقَّاؤُهُ! وَفَجْأَةً طَارَ بوب وايت إِلَى أَعْلَى عَمُودٍ وَهُوَ يُصَفِّرُ وَيُرَدِّدُ بِكُلِّ قُوَّتِهِ: «بوب وايت! بوب وايت! بوب وايت!» لَقَدْ أَرَادَ فَقَطْ أَنْ يُظْهِرَ لِلْعَالَمِ الْكَبِيرِ قَدْرَ السَّعَادَةِ الَّتِي تَمْلَأُ قَلْبَهُ بِالرَّغْمِ مِنْ أَنَّهُ عَادَةً لَا يُصَفِّرُ فِي هَذَا الْوَقْتِ مِنَ الْعَامِ.

وَهَكَذَا اعْتَادَ بوب وايت وَأُسْرَتُهُ الذَّهَابَ إِلَى مَنْزِلِ الْمُزَارِعِ براون لِلْحُصُولِ عَلَى فَطُورِهِمْ، وَلَمْ تَتَسَنَّ لِأَيِّ صَيَّادٍ قَطُّ الْفُرْصَةُ لِبَثِّ الذُّعْرِ وَالْحُزْنِ بَيْنَهُمْ.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤