محمد حسن
معلومات تاريخية
-
وُلد في ٢ مايو سنة ١٨٩٢م، بمحافظة الدقهلية.
-
التحق بمدرسة الفنون الجميلة سنة ۱۹۰۸م.
-
عُيِّن مساعدًا لرئيس قسم الزخرفة بمدرسة الفنون والصناعة، سنة ۱۹۱۰م.
-
سافر في بعثة إلى لندن لدراسة الفنون التطبيقية سنة ١٩١٧م، مع متابعة دراسته للفنون الجميلة.
-
شارك في تأسيس مدرسة الصناعات الزخرفية.
-
أُوفِد، مرة أخرى إلى إيطاليا في بعثة لدراسة الفنون الجميلة.
-
وكان أول مصري يتولَّى شئون الإدارة العامة للفنون الجميلة، فضلًا عن إشرافه على الفرقة القومية للمسرح.
-
عُيِّن مديرًا لأكاديمية روما، ثم مديرًا لمتحف الفنون الجميلة بالإسكندرية، رُشِّح لجائزة الدولة التقديرية في الفنون عن عام ١٩٦١م، ولكنها مُنحت له بعد وفاته.
-
له أعمال بمتحف الفن الحديث بالقاهرة، وبالإسكندرية، وبالمجموعات بمصر والخارج.
-
تُوفي في ١٣ ديسمبر ١٩٦١م.
محمد حسن، الفن وأدوات الحياة
محمد حسن هو أحد الخمسة الكبار من طليعة مدرسة الفنون الجميلة، وهو من جيل روَّاد هذه التجربة الجديدة، التي فتحت آفاقها في حياتنا، حين بدأ تعليم الفنون في مصر، حول مطلع هذا القرن.
كانت التجربة سرابًا ووهمًا بالنسبة للكثيرين، الذين تخلَّف بهم الطريق، وكانت نبعًا وحقيقةً بالنسبة للبعض، الذين اتخذوا مكانهم في تاريخنا كروَّاد عصر النهضة.
على غير اتفاق بينهم، اتخذ كلٌّ منهم مكانه في الحركة الفنية. كان مختار مثَّال النهضة وداعية الفنون؛ تحوَّل الفن على يدَيه إلى ضرورة قومية، ارتبطت بمشاعر الجموع طموحها — وتطلُّعها ومشخصات حياتها — وهو قد أشار، بأعماله، إلى طريق الانطلاق من القيود التعليمية، وذلك بالعودة إلى التراث، والتطلُّع إلى روح العصر.
وكان يوسف كامل وأحمد صبري مُعلمَي الجيل؛ أودعا عصارة تجاربهما، وحب الفن في أجيال تتلمذت عليهما، وشقَّا لها الطريق بهدوءٍ، أو بحماسٍ، ولكن بالإخلاص دائمًا.
وشقَّ راغب عيَّاد، بأعماله، طريقًا للتحرر من الأكاديمية، حين أبدع منذ الثلاثينيات أعمالًا، فيها معالم الجرأة والانطلاق وخصائص الواقعية التعبيرية.
أما محمد حسن، فقد أحيا دور «الفنان الصانع»، بمدلوله المصري القديم؛ فاللغة المصرية القديمة لم تعرف التفرقة بين الفنان والصانع، الفنان القديم هو المبدع، وهو المنفِّذ، هو مبتكر الفكرة وصانعها، في يدَيه تتجمَّع براعاتٍ، يضعها في خدمة الحاكم، ويُخرِج من أناملها روائعه.
هذا هو الجيل الأول من طليعة هذه المدرسة، يكمله اثنان جاءا امتدادًا لمجموعات الهُواة، التي كانت تتعلم في مراسم الفنانين الأجانب، بعيدًا عن المدرسة، تؤمِّن حياتها بدراسة تقليدية، وتُشبِع تطلُّعها إلى الفن عن طريق الهواية، ولكن سطوة الفن لا تلبث أن تنزعهما من مناصبهما الرسمية، وهما، على الرغم من هذه المناصب، يُعتبَران قمة التصوير المعاصر، في هذا الجيل، أحدهما «محمود سعيد»، يمثِّل، بأعماله، الرمز والأعماق والإيحاء الداخلي لبلاده، ويقدم فنًّا مصريًّا دون التزام قوالب، أو شعارات بذاتها. والآخر «محمد ناجي»، يمثِّل إشراق الحياة في بلاده، وبهجة ألوانها، ويمثِّل التقاء أشعة طيبة بالفن الأوروبي المعاصر، وتقدِّم لوحاته نموذجًا للمصرية في التعبير الفني التصويري.
ونعود إلى محمد حسن في بيئته، التي نشأ فيها، منذ مولده سنة ۱۸۹۲م، في قرية دنجواي من قُرى الدقهلية؛ فنراه صبيًّا، يتلقَّى تعليم القرية، ويتردد على المدن المحيطة بها، مدينة المنصورة، بسحرها وجمالها الأخَّاذ، ومدينة طنطا، بحياتها الدائبة الحركة، وموالدها وأعيادها. تستهويه، عند تردُّده عليها، الرسومات الشعبية، التي تزيِّن ملاعب الموالد، يحاول أن يقلِّدها، ويضع ألوانه على غرارها.
ولكن هذه الأعمال لم تتجاوز، عند المحيطين به، لَهْو طفل، في حين كانت القاهرة تستقبل في هذه الأيام معارض التصوير، التي يقيمها الفنانون الأجانب الوافدون عليها، وتشهد لوحات تمثِّل المماليك والأهرام، وشرقًا مليئًا بالطنافس مشبَّعًا بالبخور، وكان الهُواة القادرون بالعاصمة يتردَّدون على مراسم الفنانين الأجانب، ويلتقون بأساليب الأكاديمية، عن طريق أعمال لينوار الفرنسي، وفورشيللا الإيطالي وراللي اليوناني وبوجدانوف الروسي، وغيرهم ممن جذبهم روح الشرق وجو مصر.
وعندما قدِم محمد حسن إلى القاهرة كان مقدَّرًا له أن يسلك في التعليم الطريق الذي سلكه إخوته، ويشق سبيله إلى الطب أو الهندسة أو الحقوق … ولكنه ما إن علم بإنشاء مدرسة الفنون الجميلة، حتى كان من أوائل المتقدمين لها، وتتلمذ على المصور فورشيللا وييسي ولابلاني.
نلمح إشارات امتيازه حين كان طالبًا بهذه المدرسة، في تقريرٍ كتبه الأستاذ لابلاني، ناظر المدرسة سنة ۱۹۱۰م، عن مقدرة المصريين الفنية، يشيد فيه بذكائه وإدراكه الواسع، ثم يقول «إنه أبدى، منذ الشهور الأولى، امتيازًا ظاهرًا في الرسم، وهو يتقدم بخُطًى ثابتة؛ لقد أنجز صورًا لزملائه، ورسومات من الطبيعة الحية، لا تقتصر على مجرد النقل. وبعض لوحاته تشير إلى مستقبله كمصوِّر، وتومئ إلى ما يتوافر له من الإحساس باللون، وحاسة التكوين.»
ولكن ما إن يُقام أول معرض لطلبة الفنون الجميلة، هذا المعرض الذي تمثَّل فيه أول لقاء بين جمهور القاهرة من المصريين والأجانب، وبين طليعة الفنانين المصريين، حتى تلفت أعمال محمد حسن الأنظار؛ فيدعوه مستر «جوردون»، رئيس قسم الزخرفة بمدرسة الفنون والصنائع ليساعده في التدريس بهذه المدرسة.
ويوافق «محمد حسن» على هذا العرض، ويترك مدرسة الفنون الجميلة، قبل أن يتم دراسته، على أن يستكمل هذه الدراسة إلى جانب عمله.
وهكذا يجتذبه، منذ البدء، «ظل الوظيفة»، الذي سيلاحقه في مراحل حياته، ويحجب عن الفن كثيرًا من قدراته ومواهبه.
يستكمل محمد حسن المدرس، دراسة الفنون الجميلة، ثم يسافر مبعوثًا إلى لندن سنة ۱۹۱۷م، بناء على توصية من مدير التعليم الفني، وذلك لدراسة الفنون التطبيقية.
ولعل المقادير التي تصنع حياتنا هي التي ساقته إلى هذا الطريق لتشق فيها خطًّا آخر يربط مصيره، ويمضي به ليكون القنطرة التي ربطت بين الفنون الجميلة والفنون التطبيقية، في بدء حياتنا الفنية، وإن انطوى ذلك على التضحية بجانبٍ كبيرٍ من طاقته التصويرية.
يدرس محمد حسن في لندن فن المعادن، ولكن هواه مع الفنون الجميلة يدفعه إلى متابعتها، ثم يعود في سنة ۱۹۱۹م، ليؤسس مدرسة الصناعات الزخرفية بالحمزاوي، ويعمل مع مستر ستيوارت ناظرها، ويلقَى هناك مجموعة من الشباب الفني، الذي طرق هذا المجال، إلى جانب طلاب الفنون الجميلة، وساهم في نشر الذوق الفني في صناعتنا الوطنية.
وما يلبث محمد حسن أن يرتقي سُلم الوظائف؛ فيُعيَّن وكيلًا لهذه المدرسة سنة ۱۹۲۱م، ثم يُوفَد إلى روما، في أول بعثة تنظمها الدولة لدراسة الفنون الجميلة، ويقضي بها قرابة أربع سنوات، يعود بعدها إلى الخط الذي بدأه … خط الوظائف في مجال الفنون الصناعية؛ فيُعيَّن وكيلًا لمدرسة الفنون التطبيقية، وكان لهذا الخط علامة مميزة، تحكَّمت في توجيهه؛ فهو من جيلٍ قُدِّر له أن يرتاد مجالات كانت وقفًا على الأجانب، وأن يفتح فيها الطريق للعناصر القومية، يحفِّزه إلى ذلك طموحه الوظيفي، واعتقاده بمقدرة مجموعة من العناصر المصرية الناشئة على أن تحتل مكان الأجانب في مناصب التعليم الفني.
وقد سبَّب له ذلك بعض المتاعب؛ فأُقصي فترة عن مدرسة الفنون التطبيقية، مفتشًا بالتعليم الفني الصناعي، ولكنه أنشأ بعد ذلك مدرسة الصناعات الزخرفية، وكانت مدرسة نموذجية ساهمت، بقدرٍ كبيرٍ، في تطوير صناعة الأثاث والمعادن، وبعثت روحًا من الذوق في أدوات الحياة اليومية، دون أن تغفل النماذج الرائعة من تراثنا الفني.
وعاد محمد حسن ناظرًا لمدرسة الفنون التطبيقية، سنة ١٩٣٧م، تسانده مجموعة من الشباب، الذين عملوا معه في مراحل التعليم المختلفة التي مَر بها، وذلك من أجل تطوير الفنون النفعية، وبث روح الإتقان ومقدرات التنفيذ، في الفنان التطبيقي.
وهكذا أتاح له ذكاؤه ومقدرته أن يصل إلى الصفوف الأولى، التي كانت وقفًا على الأجانب؛ فكان أول مدير مصري للفنون التطبيقية، كما سيكون أول مدير مصري للإدارة العامة للفنون الجميلة، بعد أن يترك خط التعليم الفني والصناعي؛ ليعود في ختام حياته يتقلَّد مختلف وظائف الفنون الجميلة، ويمد نشاطه إلى المسرح، حين يتولى الإشراف على الفرقة القومية.
ويظل خط «الوظيفة» من السِّمات المميزة لحياة محمد حسن؛ فهو بعد سن التقاعُد يُعيَّن مديرًا للأكاديمية المصرية للفنون في روما، ثم يعود ليتولَّى إدارة متحف الفنون الجميلة بالإسكندرية، ويظل محتفظًا بهذا المنصب، حتى تُختَتم حياته في ديسمبر سنة ١٩٦١م، وقد شارف سن السبعين.
وراء هذا الخط من الكفاح الوظيفي في المناصب الفنية، تلُوح شخصية محمد حسن الفنان، ودوره في حركة النهضة.
غير أن الحُكم على جهوده، كأحد روَّاد نهضتنا، يقتضينا أن نتمثَّله في عصره، وأن نُدخل في اعتبارنا المؤثرات التي تفاعل بها، والعوامل التي قادت اتجاهه.
قد نستطيع تقييم أثرٍ فني منعزلًا عن عصره، نقبله أو نرفضه، على قدر مضمونه الجمالي، لكن حين يكون الأمر متعلقًا بالفنان، وبجهده وأثره ومكانته، فإنه لا بد أن نتمثَّل تجربته في زمنها، حتى نُصدر حكمًا منصفًا على أعماله.
ربما لا تعيش طويلًا بعض الأعمال الأدبية والفنية، إذا ما قيست بمعايير النقد المجردة، ولكن هذه الأعمال تحيا بدورها التاريخي، وبرسالتها التي أدَّتها في زمانها، ومن أجل هذا يبقى لها جلالها.
ولعل أول العناصر التي تُعين على تقدير محمد حسن، هو استظهار أوضاع الفنون في مصر، حين بدأ ينشر آثاره الفنية.
ونعود، بهذه البداية، إلى سنة ۱۹۱۹م، حين أقيم معرض الصور المصري؛ فكان بداية متواضعة للعناصر الفنية الناشئة، أشبه بعصر «العروضيين»، في الشعر.
ولقد عبَّرت الكاتبة «مي» عن قيمة هذا المعرض، ورسمت صورة لبداية النشاط الفني، حيث كتبت:
«لقد أضيف إلى الأحاديث المزعجة، التي ملأت أندية القاهرة في هذه الأيام، موضوع لم تألفه بعدُ اجتماعاتنا، موضوع الفنون الجميلة. لم يكن في هذا المعرض ثمة ما هو منقول عن الطبيعة مباشرة … أو معبِّر عن فكرة شخصية، إلا رسمان اثنان، إلا أن من الرسوم المنسوخة عن رسوم موضوعة وفوتوغرافيات ما كان حسنًا.»
بهذا كانت البداية … التعبير في حدود النقل، أو تصوير المَشاهد بأساليب أكاديمية، وبينما كان الشعر قد اجتاز، منذ وقت عصر العَروض، وارتفعت فيه هامة محمود سامي البارودي، الذي مهَّد لعصر شوقي وحافظ ومطران، وكان الأدب قد تحرر من قيود التكلُّف والمحسِّنات ولغة الدواوين، فإن الفنانين التشكيليين لم يجدوا خلفهم تجربةً قريبةً، كان على جيلهم أن يكون جيل التقليد، وجيل الانطلاق والإبداع معًا، وقطعت طلائعهم في سنواتٍ قِصار، مراحل اجتازها الشعر والأدب في جيلَين.
لمس محمد حسن الفراغ في مجال الفنون التطبيقية، والحاجة إلى إحيائها، باعتبارها من مقومات عصر النهضة، ألم تكن الصناعات الفنية في مصر قوةً شعبيةً، طمسها الطغاة في عصور الظلام؟ ألم تُطلعنا صفحات ابن إياس على جموع مهرة الفنيين، تحشدهم مراكب السلطان سليم الأول من مصر إلى القسطنطينية؛ فكان رحيلهم إيذانًا بأفول الصناعات الفنية؟
ولهذا كان اتجاه محمد حسن نحو هذه الفنون والصناعات الزخرفية صادرًا عن ضرورات تاريخية، إلى جانب الضرورات الواقعية.
ولقد ترك محمد حسن في حقل هذه الفنون أثرًا من براعته، واحتضن جيلًا من الفنانين التطبيقيين، التقت عندهم قدرة الابتكار، مع قدرة التنفيذ، وموهبة الإبداع مع خبرة الأداء.
وكان هو نفسه، على رأسهم، يصمم وينفِّذ ويُخرج نماذج من روائع الفن التطبيقي.
ولكن اضطلاعه بنهضة الفن التطبيقي لم يشغله عن الإنتاج، بقدرٍ أو بآخر، في الفنون الأخرى … ولعل محمد حسن حين ذهب إلى إيطاليا، وجد في فيروكيو مَثَله الأعلى، مثل الفنان الصانع الذي يمارس ضروبًا متعددة من الفنون بحِرفية متمكنة.
ومن أجل هذا، فهو، إلى جانب براعاته في الفنون التطبيقية، يرسل بين حين وآخر روائعه في فن التصوير، كان المنظر الطبيعي في البدء أحد شواغله، نلمح قدرته في تناوله في لوحة «جبل ماريو»، من مجموعة المتحف الفني الحديث، نرى قدرة الفنان على استخدامات اللون لإبراز عنصر النور في اللوحة … تشغله فكرة «الموضوع»، فيُعد دراسات «للمراكبية»، هي من أروع إنتاجه، وهي بداية تشير إلى طريقٍ، كان لهذا الفنان أن يبلغه، لو مضى على نهجه.
وكان الروح القومي في عصر النهضة يزكي فكرة «تحقيق الذات المصرية»، في كافة مجالات الحياة؛ فالتمس محمد حسن تحقيق هذه الفكرة عن طريق «مصرية الموضوع»، لم يخرج عن العمود الأكاديمي، الذي تعلَّمه وأتقنه، ولكنه تناول به صور الحياة الريفية، وملامح الفلاح، وظل، برغم التزامه أسلوب روما، حافظًا للملامح المصرية، لا يخطئ التعبير عنها.
ولم تلبث «الصورة الشخصية»، أن أصبحت العنصر الغالب في إنتاج محمد حسن، يمارسها كلما فرغ من شواغل وظائفه، ويعالجها بأسلوبٍ واقعي، ينفَذ إلى الوجود الموضوعي للأشخاص، كما تراهم وتدركهم العين، في حرصٍ على التطابق والتشابه … ومن أجل هذا جاءت لوحاته صورًا لأشخاصٍ، تضعك أمام فرد بذاته، لا أمام «رمز» أو «نموذج»، ولكنها صور تحمل جماع خبرة، سِنادها الواقع والتعاليم الأكاديمية، وهذه الخبرة توجهه نحو اختيار اللون والوضع وإحكام التكوين، وتحقيق التناسق التشكيلي، الذي يؤدي في النفس وقعًا جماليًّا مباشرًا … ولكن قدرة الفنان على الملاحظة، وما تميز به من ذكاءٍ نافذٍ، يجعل بعض لوحاته تحمل، إلى جانب هذه السِّمات تلك الحساسية البالغة، وذلك النبض النفسي للشخصية، نلمحه فيما انتقاه من وجوهٍ قريبة إليه، وكذلك في صورته الشخصية.
ويتميز محمد حسن بروحٍ ساخرة، انعكست فيما ساهم به من رسومٍ كاريكاتورية، أعد بعضها لمجلة الكشكول؛ فكان في مقدمة رسَّامي الكاريكاتير في ذلك الوقت، وسجَّل البعض الآخر في لوحاتٍ تشير إلى تعبيره الفكاهي عن مناسباتٍ أو أشخاصٍ ارتبط بهم كلوحته «ديكتاتورية الفن»، و«لوحة» سليمان نجيب «في مظهر» الجنتلمان، «وعبد الرحمن صدقي في مشهد روميو»، كما تناول شخصه بهذا الأسلوب الفكاهي في رسومٍ عدة.
ومارس محمد حسن، أيضًا، فن النحت، ويُعَد تمثاله لمسيو «ميدوري»، من التماثيل الشخصية الموفقة، التي تشير إلى مقدرته كنحاتٍ، كما أن تماثيله الكاريكاتيرية تُعَد من آثاره التي اتسمت بالطرافة والبراعة.
لقد أوتي محمد حسن هبات متعددة، غير أن «السلطة الزمنية قبر ذهبي للموهبة»، ومن أجل هذا، كان جورج ديهاميل يحذِّر منها الأديب، وهي في حقيقة الأمر خطرٌ على رجل الفن عامة.
لقد أتاحت هذه السلطة لمحمد حسن أن يطرق الحياة الفنية الرسمية، ويكون المصري الأول في كثير من مناصبها، وهيَّأت له أن يحقِّق إنجازات عدة، ولكن ذلك كله جاء على حساب فنِّه … لم يُتَح له أن ينمي قدراته، وأن يمضي نحو أبعاده، التي كان حقيقًا به أن يبلغها في فن التصوير.
لقد آثر أن يمارس كل براعاته، وأن يخلف في كل مجال من مجالات الفنون أثرًا، وهو بهذه الآثار سيبقى من الطلائع التي عرفت مطالب عصرها، وأدَّت فيه دورها، وحقَّقت وفاقًا بين الفن والحياة.





