الفصل الرابع عشر

التمركز والانتشار١

[فراغ]، [(اعلم) أن تَمركُز القوات …] أفضل من نشرها، وأن وافر القوة أفضل من هزيل الضعف، وأن المباغتة بالهجوم على العدو، أفضل من الإغارة المعتادة، وأن التحرُّكات السريعة أفضل من التقدُّم البطيء، وأن كثرة الحشود أحسن من الاقتصاد في أعداد الجنود، وأن (استعادة اللياقة بواسطة …) الراحة والاستجمام، أبقى من (تبديد الطاقة ﺑ…) الإعياء والإنهاك.

(وليكُن الظرف هو الحاكم …) فليكُن التمركز هو المفروض إذا بَدَا أنه الأنسب، وإلا فلتنتشر القوات، إذا كان ذلك هو الأجدى، وكذلك فالظرف القائم هو الذي يحدِّد مدى ملاءمة زيادة الحشد، أو تقليص أعداد القوات، ويحدِّد أيضًا سرعة المباغتة أو التمهُّل في الهجوم، مثلما يقرِّر كذلك سرعة التحرُّك أو بطء التقدُّم، وكثرة الحشد أو الاقتصاد في القوة، بالإضافة إلى مدى ملاءمة الراحة والاستجمام مقابل الكد واستفراغ كامل الطاقة والجهد.

على أن الظروف قد تفرض الانتقال إلى النقيض، (ومثلًا)، قد يتحوَّل التركيز إلى انتشار، والقوة إلى ضعف، وخطوط التحرُّك القصيرة إلى عبور طرق وممرات طويلة، والسرعة إلى بطء، وكثرة الحشود إلى ندرة في أعداد الجنود، والراحة إلى إرهاق ومشقة زائدة.

(واعلم أنه لا ينبغي …) العمل على تمركز القوات في مواجهة عدو شديد الكثافة، ولا يجب أبدًا اللجوء إلى نَشْر القوات في مواجهة انتشار آخر بالجهة المقابلة، ولا حشد بجيوش قوية، قبالة جيش بنفس الدرجة من القوة، ولا قوات ضعيفة قبالة مثيلتها، ولا سرعة تحرك مقابل ما يساويها، ولا بطء تقدم مقابل نظيره، ولا كثرة حشود أمام قوات كثيفة العدد، ولا ندرة جنود أمام مثيلتها. كما لا يصحُّ أن تواجه قوات نالت قسطًا من الراحة، ولا أن تجابه أعداء أخذوا نصيبهم من الاستجمام، ولا جيوشًا أضناها القتال بأخرى فتكَ بها الإعياء وفَرْط المشقة.

إن تمركز القوات أو انتشارها مسألة نسبية، وكذلك قوة تسلُّحها أو ضعف مقدرتها وهجومها المباغت أو غاراتها الاعتيادية، وسرعة أو بطء تحركها، وكثرة أو ندرة حشودها وحيويتها أو سقوط همتها، كلها أمور نسبية. ولذلك فمن الممكن تشتيت قوات العدو ذات التشكيل المتمركز، ويمكن كذلك كَسْر قوة العدو وتحويل عنصر قوته إلى أحد عوامل ضعفه، كما يمكن إجباره على العودة إلى الطرق البعيدة، بعد أن اجتاز أشد الطرق اختصارًا [كذا]، وإذ تزداد تحركاته سرعة، فيمكن إجباره على إبطاء اندفاعه، وعندما تكثر حشوده فيمكن تقليص عددها، وإذا كانت قد تمتَّعت بنصيب وافر من الاستجمام والراحة، فسيسهل تكبيدها صنوف المشقة والعناء [فراغ].

١  يتناول هذا الفصل مجموعة من المبادئ والأفكار بالمقابلة مع الجوانب المناظرة لها على طرف النقيض، فيتحدَّث عن التمركز والانتشار، والتحرُّك السريع بالمقابلة مع التحركات البطيئة، ويتطرَّق إلى التفوُّق العددي مقابل نقص أعداد الجنود … وهلمَّ جرًّا.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤