المجتمع
من أضر الآفات بنظام الاجتماع أن تكون الطبقة الوسطى في الأمة محرومة من وسائلها لإبلاغ صوتها وإثبات حقها، وتقرير مشيئتها.
فهذه الطبقة التي تؤدي للمجتمع معظم أعماله المتوسطة بين اقتناء الثروة والقيام بالصناعات اليدوية، لا تملك المال والجاه كما يملكها العلية، ولا تملك سلاح الإضراب والعمل المشترك كما يملكه أصحاب الأجور، ولو ملكت معها بعض ما ينبغي لها من المشاركة في الرأي والنفوذ لاستحال قيام الحكم المطلق بسند من أصحاب المال والجاه أو بسند من أصحاب الأجور والصناعات اليدوية.
إن المجتمع المثالي هو المجتمع الذي تستطيع كل طبقة فيه أن تأخذ بنصيبها وتذود عن حقها بوسائلها، ومثل هذا المجتمع لم يوجد بعد على تمامه، ولكنه يوجد شيئًا فشيئًا كلما اتسع نطاق الصناعة الكبرى وتعددت مرافق المعاملات الاقتصادية، وحالة الطبقة الوسطى هي أصدق المقاييس التي تقاس بها درجة المجتمع من الارتقاء والانتظام والعدل والحرية، فلا سبيل إلى استبداد فئة بغيرها في مجتمع تتكافأ طبقاته وتتوازن في القدرة والوسيلة، وإنما ينجم الاستبداد حين تتغلب فئة على سائر الفئات، وتعجز الفئات المغلوبة عن مقاومتها، ورد عاديتها بسلاح من أسلحة المصلحة والكفاية.
فأصحاب الثروة قلة تعوض قلة العدد بوفرة الجاه والنفوذ، وأصحاب الأعمال اليدوية كثرة تعوض الثروة بالقدرة على الاتحاد والاشتراك في المطالبة، وكلتاهما تستطيع أن تتحكم في المجتمع الذي تقف فيه طبقته الوسطى مشلولة الحركة محرومة من وسائل جمع الكلمة والإعراب عنها، ولكنهما لا تستطيعان منفردتين أن تتحكما في أمة تتوسطها طبقة غير قليلة العدد، ولا محرومة من وسائل الاتحاد، كالطبقة الوسطى التي تظهر بين الفريقين كلما اتسع مجال الصناعة، وتعددت الأعمال الفنية، وضروب التصرف في التجارة والزراعة، وجملة المرافق الاقتصادية.
ومن بوادر الأمل في المستقبل أن المجتمع الحديث يتمشى إلى هذه الغاية المثالية، وأن «الآلة» تعود فتظهر في التاريخ أداة من أدوات النجاة كلما استحكمت مشكلات الاجتماع، وتفاقمت من جرائها زعازع الفتنة والبغضاء.
فالثروة في المجتمعات الصناعية لا تكفي وحدها للقبض على زمام النفوذ؛ لأنها تحتاج أبدًا إلى خبراء الصناعة والإدارة والاقتصاد، وليس في وسع صاحب الثروة أن يتخذ من المصنع الكبير سلاحًا يملي به مشيئته على قومه؛ لأنه — وهو يملك المال — يضطر إلى معونة المهندس والمدير وخبير الاقتصاد، ومتعهد الترويج والإعلان، وربما جهل من شئون ثروته ما يعلمه هؤلاء ويقدرون على التصرف فيه.
وهذه الثروة التي كانت تنحصر في يد واحدة أو أيد قليلة يستدعي نظام المعاملة في مجتمعات الصناعة الكبرى أن تتفرق بين الشركاء والمساهمين على حسب الحصص والسهوم، فيحسب رأس المال بالملايين ويحسب مالكوه بالمئات والألوف، ويصعب تقسيم المالكين في هذه الحالة إلى طبقات وفئات يقف بعضها من بعض موقف المغالبة والصراع، ويسري مع نظام المساهمة نظام التعاون بين البائعين والشراة على سنة المشاركة والتضامن في الكسب والخسارة، وقلما تتباعد المسافة بين الطبقات حيث تحسب الثروة بالحصص والسهوم بين المتعاونين والشركاء.
وقد كان العمل اليدوي خلوًا من الفطنة والخبرة الفنية في مصانع القرن التاسع عشر، وكان العمال اليدويون هم الكثرة الغالبة بين إجراء الصناعة يزيد عددهم على عشرة أمثال الحذاق من الخبراء ومساعديهم الفنيين، فتطورت الصناعة ولا تزال تتطور حتى اختلفت النسبة بينهم أبعد اختلاف، وأصبح العمل اليدوي أقل الأعمال في المصانع الكبرى، وما يصاحبها من المصانع الصغرى وأجهزة الصناعة في البيوت والمكاتب وأندية الفن، ومعاهد التجارة وحقوق الزراعة، وتلاحقت الدرجات من أعلى وظائف الهندسة والفن إلى أدناها، فاشتملت على طبقات مشتبكة الأطراف يصعب التمييز بينها والفصل بين مصالحها عند تمييز الطبقات على النحو القديم.
وكل تطور ينمو بالمجتمع نحو التقارب في الطبقات والتشابك في المصالح والحقوق فهو خطوة ثابتة تنمو به نحو الاستقرار والحرية، فلا يتأتى في مثل هذا المجتمع أن تسطو فئة منه على الفئات الأخرى، ولا هي بحاجة إلى ذلك تلح عليها فتحرضها على السطو والثورة، إذ كان معظم أسباب السخط والتمرد إنما ينجم من الهوة الفاصلة بين فئة وفئة أو من الظلم الواضح في تقسيم الأقدار والأرزاق، وما من داع إلى الطغيان والاستبداد بالأمر في مجتمع تقل الفواصل وتكثر الروابط ويرجع فيه تفاوت الأقدار والأرزاق إلى الدراية بالعمل النافع للجميع، ولا يرجع إلى التقاليد المبرمة والحواجز المفروضة بغير فارق معقول.
فالتعاون بين الطبقات هو التطور الملازم للصناعة الكبرى، ولا استقرار قبل بلوغ ذلك الطور الذي يستعصي فيه على طبقة من الطبقات أن تستبد بغيرها، ولا مفر من الاستبداد في مجتمع تتغلب فيه إحدى الفئات، وتجور على سواها.
أما ثورة المحرومين فليست من لوازم الصناعة الكبرى، وليست هي بالطور الأخير المحتوم الذي تنتهي إليه هذه الصناعة، وإنما تحدث هذه الثورة في عهد الصناعة قبل اتساعها واستقرارها، كما حدثت قبل عصور الصناعة في التواريخ الغابرة، ولا بد أن تحدث مع الظلم والتفاوت كلما تهيأت لها بواعثها ومشجعاتها، ومنها — بل في مقدمتها على الدوام — أن تضعف هيبة الحكم القائم، وأن يتيسر للمحرومين أن يتألبوا في مكان واحد، إما في حالة كحالة الجند المنهزمين، وإما في حالة كحالة العمال والزراع المحشودين في جوار واحد بين المناجم والحقول.
حدثت أشباه هذه الثورات بعد زوال الدولة القديمة في مصر قبل أربعة آلاف سنة، فشوهدت فيها جميع أعراض الثورات التي يربطها بعضهم بصناعة القرن العشرين، ويحسبها الطور الأخير من أطوار تاريخ الإنسان إلى نهاية الزمان، فجاء في محفوظات البردي التي تخلفت لنا من عهود الأسرات المالكة بعد السادسة أن العامة شكُّوا في الدين وأضربوا عن الشعائر والقرابين، وأن أحدهم كان يقال له: تقرب إلى الإله المعبود فيقول: لو عرفت مكانه لحملت إليه قربانه، وأن أواصر الأسرة قد انحلت، فاستباح الأخ قتل أخيه، واجترأ الولد على حرمات أمه وأبيه، وأن الزواج بطلت قداسته واستبيحت أعراض المصونات من كرائم البيوتات، وأن التي كانت تنظر وجهها في الماء أصبحت تقتني المرآة والحلية المنتقاة، وأن أصحاب السمت والوقار خلعوا سمتهم ووقارهم وتزلفوا إلى الخدم وشذاذ الآفاق، وأن الضياع هجرت والقصور دمرت، واستولى من استطاع على ما استطاع كما سولت له المآرب والأطماع، وحدث هذا كله بعد حقبة جارت فيها عِلية القوم على سِفلتهم، وانحصرت فيها الثروة بين أمرائهم وسرواتهم، وتوالت فيها الغارات والقلاقل من خارج البلاد وداخلها، وسيق فيها الألوف من الزراع والعمال حشدًا بعد حشد لبناء الأهرام وتشييد الهياكل والتنقل من سخرة إلى سخرة في خدمة الرؤساء وولاة الأمر بغير أجر، بل بغير قوت في كثير من الأحيان غير الخبز القفار.
وحدثت حركة الأرقاء في العصر الإسلامي بعد منتصف القرن الثالث للهجرة «وبعد منتصف القرن التاسع للميلاد» حين ثار زنج البصرة بقيادة علي بن محمد بن عبد الرحيم، وما برحت ثورتهم تحتدم وتخبو من أيام الخليفة المهدي بن الواثق إلى أيام الخليفة المعتمد بن المتوكل، وتمكن هؤلاء الزنج من التجمع؛ لأنهم كانوا يعملون في الموانئ وسكنى الشواطئ كما كانوا يعملون في الزراعة ونقل البضاعة، ولم يكن هؤلاء الأرقاء ولا أرقاء «سبارتاكوس» أو أرقاء الهيلوت والضواحيين عمالًا مسخرين في صناعة كبرى أو صغرى، بل كانوا فلاحين أو حفارين في المناجم أو حمالين على الشواطئ جمعتهم أماكن عملهم ووحدت الشكاية، ووحدت المصلحة بينهم، فخرجوا في تلك الحركات الاجتماعية قبل عصر الصناعة الكبرى بأكثر من عشرين قرنًا في الزمن القديم ونحو عشرة قرون في زمن الإسلام.
وعملت في كل حركة من هذه الحركات الاجتماعية عواملها المشتركة التي لا بد منها في جميع العهود، وهي عوامل الدعاية والقيادة والهزيمة أو سقوط الهيبة وظهور العجز عن تدبير الأمور من قبل الهيئة الحاكمة.
ولا نعلم على التحقيق كيف كانت دعاية الثورة المصرية بعد عهد الأهرامات، ولكن تفرق الدعاة والأسر في الوجه القبلي على الخصوص، مع شيوع الشكوى بين الفلاحين قد يدل على دخيلة الدعوة التي جذبت كل فريق من الثائرين إلى زعيم من زعماء الأسر وطلاب العروش.
والمعروف عن ثورة الأرقاء على روما أكثر من المعروف عن ثورة الأرقاء على إسبرطة، قياسًا على اشتهار الأنظمة الرومانية واشتباكها بالأمم المحيطة بها، فلا ينظر المؤرخ في تفصيلات الحوادث التي انتهت بنشوب ثورة سبارتاكوس إلا وجد فيها جميع العوامل التي تخلف هذه الثورات من الأزمات السياسية والاقتصادية إلى هزائم الحروب، وسقوط الهيبة إلى تحريض الدعاية، وإمكان حشد الثائرين في صعيد واحد.
تعاقبت الغارات على روما من برابرة الشمال في القرن الأول قبل الميلاد، وانقسم ولاء الجيوش الرومانية بين المشرق والمغرب، وتضعضعت الحكومات القنصلية أو الشبيهة بالجمهورية ومهدت الطريق لقيام سلطان الاستبداد، وظهور الحاكمين بأمرهم من القادة وزعماء العشائر، وخابت آمال المصلحين في برامج الإصلاح، ومنها تقييد الملكية الزراعية، ورسم الخطط الواسعة لتوزيع الأرض والثروة بين الملاك الكبار والصغار بالتدريج.
إن فتنة الزنج أشاعت الذعر والفتك من حولها خمس عشرة سنة، وكان زعيمها فارسيًّا انتحل النسب إلى علي بن أبي طالب، فكان يدعو أول الأمر بهذه الصفة إلى بعض الآداب الروحية، ثم ما عتم أن كشف عن خبيئته فإذا هو متمرد منتفض يسري عليه لقب الخبيث، وكان يحوم في شبه الجزيرة العربية قبل ذلك على غير طائل، ثم رفع راية العصيان، ونادى بالحرية لجميع المستعبدين ووعدهم بما لا حد له من الأسلاب والغنائم إذا التفوا برايته، واتخذ له شعارًا آية من القرآن كتبها على الراية تبطل الرق وتلغيه إِنَّ اللهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ ۚ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ ۖ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وفسر الآية بأن الله اشترى الرءوس والأموال فلا يملكها أحد، ولم يكن بالمستغرب من العبيد، الذين علمهم أن يهينوا سادتهم أن يهرعوا إليه بالألوف، ومعهم أهل البادية من طلاب الأسلاب والغنائم. أما اسم الزنج، فمعناه الأثيوبيون من أوشاب القارة الأفريقية، ومن هنا نسبت إليهم الفتنة، فسميت بفتنة الزنج، وكانت سنة خمس وخمسين ومائتين بداءة عصاينهم ومجاهرتهم بالقتال، وتلتها سنتان انتشروا فيهما بين جوانب وادي النهرين وشواطئ قزوين إلى الأهواز، فبسطوا أيديهم من ثم على هذه الأنهر، وشجعهم النجاح فأغاروا في سنة سبع وخمسين ومائتين (٨٧١م) على البصرة واقتحموها، وأعملوا في الآهلين كل منكر وفظيعة، ثم نادوا بالأمان غدرًا، فقتلوا كل من اغتر بأمنهم من جمهرة السكان المخدوعين، وهدموا المسجد الكبير، وأشعلوا النيران في المدينة كلها، وقد راع الخليفة مقتربهم من عاصمة الخلافة، فأنفذ الموفق على رأس الجيش لقتالهم، فنشط للقتال نشاطًا قويًّا، ولكنه لم يظفر بهم إلا قليلًا في المعارك الأولى لاضطراره إلى وقف القتال حينًا بعد حين واشتغاله بدرء المخاطر في مواقع أخرى من الدولة، ولقي موسى وغيره من القادة مثل هذا الفشل سنة بعد سنة ثابر الزنج خلالها على الغارة مع ما كانوا يمنون به من الهزيمة في بعض المعارك، وجعلوا يغيرون على العراق وخوزستان والبحرين عصابات متفرقة أو جموعًا مصفوفة، فنهبوا الأهواز واتخذوا «واسط» معسكرًا يشنون منه حروب التخريب والتقتيل، وانقضت على البلاد تسع عشرة سنة من الشقاء والفزع، ثم فرغ لهم الموفق بعد الخلاص من الأعداء الخارجيين، فوحد الجيوش تحت قيادته وقيادة ابنه المعتضد، ودارت الدائرة من ذلك الحين على جموع الأرقاء، فطردوا أولًا من خوزستان، ودفعوا إلى الجانب السفلي من النهر حيث استعصموا بالمواقع الحصينة واحتموا بالأقنية والجداول المحيطة بها، ولا تزال أخبار المعارك التي تلت ذلك نحو خمس سنوات محفوظة تروى بتفصيلاتها المسهبة المملة، وأجلى العدو من مواقع كثيرة، ولكنه لبث بعد جلائه عن تلك المواقع ثلاث سنوات مستعصمًا ببعض الحصون لانقطاع الحصار فترات متوالية من جراء إصابة الموفق بجراح أقعدته عن العمل السريع، وأخذ الثوار يتسللون زرافات زرافات إلى الموفق، فيتقبل منهم التوبة برفق وسماحة، وبلغ من رفقه وسماحته أنه أعلن العفو عن المسيء الأكبر، فأعرض عنه هذا بصلف وقحة، ثم سقطت القلعة وعاد كثير من النساء السبايا إلى ديارهن، ووقع الخبيث في الأسر، وهو يمعن في الهرب، فقتل وحمل رأسه حيث رفع على مشهد من الجموع المتخوفة؛ فخروا سجودًا يشكرون الله على النجاة من شره.
وتلخيص موير هذا لفتنة الزنج يصدر عن نظرة تاريخية على الحيدة بين الداعية والدولة التي يثور عليها، فلا يمتزج بالغضب الديني الذي يشعر به المؤرخ المسلم وهو يتكلم عن فتنة من فتن المروق والإباحة والافتراء على الحضرة النبوية، وهي — في رواية موير — على نسق تام مع الثورات التي من قبيلها، وإن تفاوتت أبعد التفاوت في الأزمنة والأمكنة وأجناس الثوار ومطالبهم وعقائدهم التي يأخذون بها أو ينتقضون عليها.
•••
وقد تكررت في أوائل عصر الصناعة الكبرى ظواهر اجتماعية من قبيل ما سلف، فتكررت فيها الثورات التي تفرقت في أنحاء الزمن ولم يختص بها عهد من العهود، ولوحظ في كل ظاهرة منها تكررت حديثًا أنها تأتي في أول أطوار الصناعة الكبرى، كأنها مفاجأة غير مألوفة تعتري المجتمعات التي لم تتهيأ لتوسيع مجال الصناعة والتوفيق بينها وبين مرافقها ومصادر ثروتها، فهي عرض من أعراض المفاجأة، وليست نتيجة خاصة مدخرة للصناعة الكبرى في آخر أطوارها، ولا هي من الطوارئ المعلقة وراء حجاب الزمن إلى أن يحين حينها وتدور بها أدوارها.
أما الثابت من مراقبة الحوادث بعد تمكن الصناعة الكبرى التي استوفت أطوارها، فهو الاستقرار الذي تقل فيه المفاجآت، ويقل فيه انتظارها وتوقعها؛ لأن زيادة الثروة من اتساع مجال الصناعة الكبرى تصاحبه كثرة المالكين، وكثرة أنواع الأعمال، وكثرة الروابط التي تقضي بالتضامن بين أعضاء المجتمع الواحد في المنافع والأضرار.
وسوف يتسع مجال الصناعة فوق اتساعه في هذه السنوات الوسطى من القرن العشرين، وقد يقصر المدى قبل نهايته دون استقامة هذا المجال في أرجاء العالم، ولكن الأوضاع التي يبلغها التطور قبل نهايته كافية لتصحيح الآراء عن علاقة التطور الصناعي بنهاية الطبقات، جديرة بتعليم الناس أن العاقبة للتعاون بين طبقات المجتمع الواحد، وأن الاستقرار والحرية مفقودان حيث تسطو فئة من المجتمع على سائر فئاته، رهينان بتعدد الطبقات، وتعدد الكفايات، وتعدد أنواع الأعمال، ومن هذا التعدد يخلق الترياق الواقي من الأثرة والطغيان، فإنهما خرق لنظام الحياة العامة، لا يستطاع ولا يحتاج إليه حيث تتقارب الأقدار والحقوق، وتتداخل المصالح والعلاقات.