الفصل الأول

قدوم رجل الساعة الآلي

١

في اللحظة التي كان فيها الطبيب ألينجهام يهنِّئ نفسه بعدما وجد أن منافسه في لعبة الكريكيت قد أخفق في إصابة الهدف، ومن ثَم أصبح لا يحتاج إلى شيء سوى أن يضرب الكرة، ويوفِّر على نفسه عناء الركض، وبينما كان يرمق الحدود بعينٍ واحدة، ويتابع بالأخرى ذراع تانر القصيرة المعوجة وهي ترتفع لأعلى فوق اللوحة البيضاء خلف المرمى المقابل، لمح شخصًا غريبًا. كان لظهوره المفاجئ، الذي بدا للوهلة الأولى كما لو أن فزاعة قد أُلقيت فجأة في الأفق، أثرٌ في تخفيف قبضته على المضرب. في تلك اللحظة الحاسمة، شرد ذهنه، وتبدَّدت صورة الرامي القادم أمامه لتحل محلها صورة هذا الرجل المثير للدهشة قادمًا عبر الطريق أعلى التل، رجل بدت هيئته، عند التمعن فيه، تشبه على نحوٍ استثنائي رجلًا آخر في وضعية التصويب.

لذلك كان تأثيره مشتِّتًا للغاية. بدا للطبيب ألينجهام أن الرجل قد ظهر هناك عمدًا ليُقلِّد حركة الرامي ويعيقه. خلال الجزء الصغير من الثانية الذي وصلت فيه الكرة إليه، حجبت هذه الصورة العارضة كل شيء آخر. لكن سلوك الرجل كان قطعًا غير طبيعي. كانت حركاته مضطربة اضطرابًا عنيفًا. إذ كانت ذراعاه تدوران كأشرعة طاحونة هواء. وكانت ساقاه تندفعان في جميع الاتجاهات وسط غيمة من الغبار.

تحوَّلت دهشة الطبيب إلى انزعاج عند رؤية قوائمه الخشبية وقد أسقطها الرامي. انطلقت قعقعة تصفيقٍ خافتة. انحنى حارس المرمى لالتقاط القطعتَين الخشبيتين. استرخى اللاعبون الآخرون، واستلقوا على العشب. بدا أنهم أدركوا فجأةً حرارة الجو في عصر هذا اليوم، وأن لعبة الكريكيت كانت، في الواقع، لعبةً مرهِقة نوعًا ما. ضيَّق أحد المحكِّمين، الذي كان رجلًا ماكرًا وخبيثًا، عينَيه ونظر إلى الطبيب بحدَّة وهو يمر بجانبه بخُطًى بطيئة ومتراخية للاعبٍ يغادر الملعب، وأخذ يلوِّح بقفازَيه. لم يكن أمامه سوى أن يبادله النظر بغضب ليُشعِره بالإهانة. كان الطبيب يرتدي نظارة، وقد نجح تمامًا في إيصال مغزى نظرته إلى الحَكَم. اشتعل غيظه، وأثار شعورًا من الغضب الطفولي الذي لم يتمكن من كبح جماحه. بطريقة ما، لم يتمكن من تسجيل أي نقاطٍ هذا الموسم، وكان متوسط رمياته في أسوأ حالاته. بدأ يفكر في التوقف عن لعب الكريكيت. كان يتجاوز العمر الذي يمكن للرجل فيه قبول الهزيمة بروحٍ رياضية، وكان متعَبًا وقد سئم رؤية اسمه كل أسبوع في جريدة «جريت وايميرينج جازيت» مع إعلان مغادرته للمباراة بسبب «ضآلة عدد نقاطه».

كان يحتقر نفسه لشعوره بهذا الانزعاج الشديد. كان مستغرِبًا كيف أنه مع تقدُّم المرء في العمر يصبح من الصعب عليه كبح دوافعه البدائية والوحشية. عندما لا تسير الأمور على ما يرام، ترغب في فعل شيء عنيف، ولا يمكن غفرانه، شيء ستندم عليه فيما بعد، ولكنك ستكون على استعدادٍ تام لفعله من أجل الرضا الفوري. وبينما كان يقترب من جناح اللاعبين، أراد أن يهجم على المجموعة الصغيرة من اللاعبين المحتشدين حول طاولة التسجيل، أراد أن ينقضَّ عليهم ويضرب رءوسهم بالمضرب. كان ذهنه مليئًا بهذا الدافع السخيف إلى درجة أن جسده اندفع فعليًّا إلى الأمام كما لو كان ينوي تنفيذه، وتعثَّر قليلًا. كان من السخف أن يشعر بهذا، كانت كل حادثة صغيرة تثير أعصابه فيستشيط غضبًا، ويبالغ في كل شيء ويفسره على أنه مؤامرة ضده. هناك شخص يتلاعب بلوحات الأرقام المعدنية الموضوعة على لوحة النقاط السوداء الكبيرة. رأى الرقم ١ معلقًا للاعب الأخير. لقد سجَّل أكثر من نقطة بالتأكيد! كل تلك الضربات والصفعات، كل ذلك القلق والتوتر، دون أن يحقق شيئًا! ولكنه تذكر أنه لم يُسجِّل سوى نقطة واحدة، وأنها كانت ضربة حظ. كان اللاعبون يقِظين على نحوٍ يثير الدهشة. كانوا دائمًا في المكان نفسه الذي يظن أنهم ليسوا فيه.

دلَف إلى الجناح. قال أحد اللاعبين: «حظ سيئ يا ألينجهام»، وظل ينظر إلى الأرض خشية أن تكشف عيناه عما فيهما من حقد. ألقى مضربه في أحد جوانب الغرفة، وجلس ليخلع وسادتَي السلامة عن ساقَيه. دخل جريج، قائد الفريق. كان شابًّا هادئًا أشقر الشعر، عاد للتوِّ من كامبريدج. دخل وعلى وجهه ابتسامة لم تغِب عنه إلا عندما رأى تعبيرات وجه ألينجهام.

قال بفتور: «ظننتُ أنك كنتَ في وضع جيد للغاية.»

قال ألينجهام وهو يلقي بوسادة ساقه نحو الجدار المقابل: «كنت كذلك. لم أشعر أنني كنت في وضع جيد كهذا في حياتي. ثم يأتي شخص غبي ويقف أمام اللوحة. مجنون هارب من مصحة المجانين. شاب لديه الكثير من الأذرع والأرجل. شيء لم يرَ المرء مثله في حياته!»

قال جريج، وقد عاود الابتسام: «حقًّا!» وأردف بعد قليل: «همم، سقطت ست نَصِيبات، وخرج جميع اللاعبين الجيدين. يبدو أننا على وشك الانهيار. خاصةً أننا ينقصنا أحد لاعبينا.»

قال ألينجهام: «حسنًا، لا أستطيع أن أفعل شيئًا حيال ذلك، لا أحد يتوقع حدوث شيء مثل هذا. ما فائدة اللوحة البيضاء؟ لقد وُضعَت لكي تتمكن من رؤية ذراع الرامي. ولكن شيئًا ما يعترض الطريق، أمام اللوحة مباشرةً، تمامًا في الموضع الذي تركز عليه عينَيك. إنه شيء لا يحدث إلا مرة واحدة في المليون.»

قال جريج مبتهجًا: «لا بأس، هذا كله جزء من اللعبة.»

استهلَّ ألينجهام حديثه: «هذا ليس على الإطلاق جزءًا من اللعبة.» لكن الآخر كان قد خرج.

وقف ألينجهام، وبدأ ببطء في إنزال كُمَّيه وارتدى سُترته. في الواقع كان هذا طبع جريج، بمعنى الكلمة، يتقبَّل المكاسب والخسائر بروحٍ رياضية. ولكنه كان لا يزال في الرابعة والعشرين من عمره. يمكنك أن تكون مثله في ذلك العمر، مليئًا بالحياة والمعنويات المرتفعة التي تتدفق منك بسخاء ودون جهد. أما في الأربعين من عمرك، فتبدأ في الذبول. ضمور في الأحاسيس الرفيعة. تبدأ في التحوُّل إلى شخص بخيل وضيق الأفق عن عمد وإصرار. وتجد متعة وحشية في جعل الآخرين يدفعون ثمن خيبات أمَلك.

نظر من النافذة، وكان ذلك الشخص اللعين لا يزال يتراقص. كان قد اقترب من الملعب. ويحُوم بطريقة غريبة تجعله يبدو غير مُنتمٍ إلى ما حوله؛ مما زاد الأمور إرباكًا. لم يبدُ أنه كان يعرف ما يفعله، ولكنه قفز بلا هدف، كما لو كان يتعقَّب مسارًا، وتوقف لحظة، ثم تقدَّم متخبطًا مرة أخرى، وسار في مسارٍ متعرج نحو الملعب. راقبه الطبيب وهو يتقدَّم عبر المرج الواسع الذي كان يحيط بالملعب، متسللًا بين مجموعات الأبقار الصغيرة التي ترعى، والتي رفعت رءوسها بثباتٍ بطيء على غير عادتها كأنها فزِعت من صوتٍ ما. بدا الشخص متجهًا نحو الحاجز المكوَّن من العوائق الذي يحيط بالملعب، غير أنه كان من الصعب معرفة ما إذا كان يرغب في المشاركة في لعب الكريكيت أم كان له هدف آخر، وما إذا كان يرغب في التسلية أم في مجرد استراحة من حركاته المضطربة. وأخيرًا، سقط على السياج وعَلِق هناك، ويداه معقوفتان على الحاجز وساقاه مضمومتان عند ركبتَيه. أصبح فجأة ساكنًا تمامًا إلى درجة يصعب معها التصديق بأنه كان يتحرك من قبل.

كان الأمر بالتأكيد غريبًا جدًّا. كان الطبيب مذهولًا بشدة بشيء ما «غير طبيعي» تمامًا في هذا الشخص، شيء يوحي بظاهرة مَرَضية، إلى درجة أنه كاد ينسى انزعاجه، وظل يراقبه وقد وضع سيجارة لم يشعلها بين شفتَيه.

٢

كان هناك شخص آخر حاضر في مباراة الكريكيت بدا له ظهور الشخص الغريب على التل أمرًا غير مألوف، غير أنه رأى فيه تسليةً ممتعة لا إزعاجًا مثيرًا للغضب. فقد كان مشهدًا مثيرًا للاهتمام، وأكثر إثارة من لعبة الكريكيت. كان آرثر ويذرز مستلقيًا على العشب الطويل طَوال فترة ما بعد الظهيرة، يمضغ بعضًا منه بين الحين والآخر، متمنيًا أن يحدث شيء يمنعه من الخروج إلى الملعب وإحراج نفسه. كان يعرف جيدًا أن تانر، الرامي الداهية للفريق المنافِس، سيُخرجه من الملعب من الرمية الأولى. قد يتلكأ في موقع المواجهة في حين تُسجَّل نقطة أو نقطتان، لكن لم يكن هناك مسعًى أكثر عبثية ويأسًا من تلك الرحلة، التي كان سيقطعها وهو مُكبَّل بوسادتَي ساقَيه وقفازَيه إلى موقع الكارثة الحتمية. كان يخشى العناء الذي لا مفر منه؛ الانتظار في أثناء سيره مرتجف الركبتَين إلى النَّصِيبة، والمساعدة الدقيقة من الحَكم في تحديد مركز مناسب له، كل طقوس الكريكيت المُعدَّة خصوصًا من أجله، والتي لا يستحقها على الإطلاق. وبعد ذلك سيُوضَع في موضع الدفاع حيث يجب عليه الركض كثيرًا، لا لشيء إلا لالتقاط الكرات التي لم تعُد مؤثرة في النقاط. بالطبع، لم يكن يتهرب؛ فهذا لا يتماشى مع طبيعة لعبة الكريكيت. لكنه كان شديد اليأس. كان يتساءل أحيانًا عن سبب دفعه لاشتراك من أجل المشاركة في لعبة يكبِّده لعبها مثل هذا الألم النفسي. لكن الأمر يتعلق أكثر من أي شيء آخر بالامتياز الذي يحصل عليه. وهو مجرد السماح له باللعب.

اعتاد آرثر أن يُسمَح له بفعل ما يشاء. قبِل مصيره بابتسامة عريضة، وعزم على أن يتصرَّف بكل ما يتماشى مع طبيعة الكريكيت في الحياة. كان الجميع في جريت وايميرينج يعرفون أنه أحمق وساذج بعض الشيء. ويعرفون أن مسيرته المهنية في البنك مليئة بالأخطاء، وأنه نجا بأعجوبة من الفصل أكثر من مرة. ولكن حتى ذلك لم يكن مهمًّا في الحقيقة. فقد كانت الأمور تحدث له بقدرِ ما تحدث للآخرين الأكثر كفاءة، بعض الظروف الغريبة التي جعلت بقية الحياة غير مهمة مقارنةً بها. كل يوم، على سبيل المثال، كان يحدث شيء طريف في الحياة، شيء يمحو كل الهموم، شيء يستحق الاستيقاظ في منتصف الليل للضحك عليه مرة أخرى. لذلك كان سعيدًا بظهور هذا الشخص الغريب المظهر. فقد كان مسليًا للغاية. كما أنه أنساه مخاوفه. مثل جميع الأشياء أو الأحداث الطريفة التي تنسيك ذاتك لحظة.

لفت الأمر اهتمامه إلى درجة أنه نهض في النهاية، وتجوَّل على طول خط الحواجز نحو المكان الذي استقر فيه الشخص الغريب. لم يتحرك على الإطلاق؛ مما أضاف دهشةً إلى فضول آرثر. تشبَّث مستميتًا بالحاجز، كما لو كان سعيدًا بوصوله إليه. كان في وضعية غير مريحة على الإطلاق، منحنيًا وغير مستقر، لكنه لم يحاول التعديل من وضعيَّته إلى وضعية أخرى مريحة. على مسافة أبعد، كانت هناك مجموعات صغيرة من المتفرجين يتكئون على الحاجز في مواضع مماثِلة تقريبًا، يدخنون الغليون، ويتململون، ويشاهدون المباراة بتركيز. لكن الشخص الغريب لم يكن يفعل أي شيء على الإطلاق، وإذا نظر إلى اللاعبين فقد كان ذلك بدرجة غير طبيعية من المراقبة الدقيقة. سار آرثر نحوه ببطء متسائلًا عن المسافة التي يمكنه أن يجتازها ليقترب من هدفه دون أن يبدو وقحًا. لكن، لسببٍ ما، لم يظن أنه سيلقى صعوبة في الاقتراب. لقد كان هناك شيء فريد من العزلة والبؤس في هذا الشخص الغريب، شيء يوحي بعدم الاتساق. كان آرثر يكاد يجزم بأنه كان مشردًا، وبلا هدف أو عمل. لم يكن جزءًا من مشهد الحياة، بل شيء عابر ظهرَ فيه بالصدفة. كان الآخرون تظهر عليهم بعض الدلالات الواضحة في سلوكهم أو تصرفهم تكاد تُمكِّنك من تحديد انتمائهم إلى فئة معينة. يمكنك تخمين شيء ما بشأنهم. لكن هذا الشخص الغريب، الذي ظهر فجأة من خط السماء، وعبَر المشهد بلا هدف، لم يحمل حتى أدنى علامة على موطنه الأصلي. كان قد تعثَّر على الطريق، ليس بالخُطى المألوفة لرجل سكران، ولكن بنوعٍ من القرار اليائس، كما لو كان قد اقتنع في قرارة نفسه أن الطريق الذي كان يسلكه كان هو في الواقع مجرد لوح رقيق ممتد من السماء إلى الأرض، وكان عليه أن يوازن نفسه عليه. والآن كان متشبثًا بالحاجز، وبدا الأمر كما لو أن شخصًا ألقى قطعة كبيرة من الطين، وشكَّلها ببضع ضربات ماهرة في هيئة بشرية غامضة.

٣

عندما اقترب آرثر أكثر، تلاشى، بدرجةٍ ما أو بأخرى، انطباعه بأن الشخص الغريب لم يكن بشريًّا عندما اكتشف أنه يرتدي باروكة. كانت باروكة حمراء لونها فاقع، وقد دسَّ فوقها قبعة صُلبة مستديرة بُنية اللون. وكان وجهه قرمزيًّا مترهلًا. رأى آرثر أنه لم يكن وجهًا مثيرًا للاهتمام. فقد بدت ملامحه متداخلة على نحوٍ غريب؛ مما يجعلك لا تدرك منه شيئًا سوى أنك تنظر إلى وجه. كان على وشك أن يدير رأسه بأدب ويواصل طريقه، لكنه تسمَّر في مكانه عندما لاحظ شيئًا استثنائيًّا للغاية.

كانت أذنا الشخص الغريب ترفرفان بقوة إلى الأمام والخلف، وبسرعة لا يمكن تصوُّرها!

شعر آرثر بشعور قابض ومفاجئ في قلبه. لقد سمع بالطبع عن أشخاص يمكنهم تحريك آذانهم قليلًا. كانت هذه معلومة شائعة. لكنَّ أذنَي هذا الرجل كانتا تهتزان بشدة. فهما أشبه بجناحَي حشرة غريبة من أذنَين بشريتَين. كان منظرًا مروعًا، لا يمكن تصديقه، ولكنه كان واقعًا مرئيًّا. حاول آرثر الابتعاد، ونظر هنا وهناك، لكنه من المستحيل مقاومة سحر هاتَين الأذنَين المرفرفتَين. كما أن الشخص الغريب قد رآه. كان يحدق إليه بعينَين لا تتحركان في محجرَيهما، ولكنهما تحدقان مباشرةً إلى الأمام؛ وكان آرثر قد وقف أمام ناظرَيه مباشرةً. تعبيرات عينَيه ساحرة، أشبه بتأثير التنويم المغناطيسي.

تجرَّأ آرثر وقال بصوتٍ أجش: «معذرةً، هل كنت ترغب في التحدث إليَّ؟»

توقف الشخص الغريب عن رفرفة أذنَيه وفغر فاه. فغره عن آخره على نحوٍ كريه، كأنه يحاول التثاؤب. ثم أغلقه فجأة وبقوة، ودون أن يتثاءب. بعد ذلك، نقل جسده بأكمله ببطء شديد، كأنه يحاول أن يوقظ نفسه من خمول جاثم. وبعد ذلك بدا أنه ينتظر حدوث شيءٍ ما.

تململ آرثر ونظر حوله في قلق. كان موقفًا محرجًا، لكنه في النهاية كان هو من جلبه على نفسه. لم يكن يرغب في الابتعاد. بالإضافة إلى أنه بعد أن بدأ الحديث، كان من الآداب المتعارَف عليها أن ينتظر رد الغريب. وبعد قليل، فغر الغريب فاه مرة أخرى. هذه المرة، تحدث بالفعل.

قال: «والابالو … والابالو … بومبادي … بومبادي … ووم. ووم … ووم … تسعة شلنات وتسعة بنسات.»

قال آرثر بسرعة: «معذرة!»

أجاب الآخر بحماسة: «والابالو. والا… أوه، تبًّا … مرحبًا، الآن حصلنا عليها … والابالو … كلا، لم نحصل عليها … بانج والوب … تسعة شلنات وتسعة بنسات …»

ابتلع آرثر ريقه عدة مرات بسرعة. تراجع عقله إلى حالة غريبة من الفراغ. ولبضع لحظات لم يكن مدركًا لأي عمليات ذهنية على الإطلاق. بدأ يشعر بالدُّوار والإغماء، من شدة الحيرة. ثم تسللت فكرة الهروب إلى وعيه. حرَّك إحدى قدمَيه، معتزمًا الابتعاد. لكن الغريب رفع يده على نحوٍ غير متوقع، بحركةٍ متقطعة ومفاجئة. قال: «تسعة شلنات وتسعة بنسات»، وكررها ثلاث مرات ببطء وجدية، ورفرف أذنه اليمنى مرتين. على الرغم من حيرة آرثر، لم يستطع ألَّا يلاحظ التزامن الغريب والرهيب لهذه الحركات. على أي حال، بدت أنها تساعد هذا الشخص المسكين في الخروج من مشكلته. وبيدٍ لا تزال مرفوعة، تمكَّن من إكمال جملته الأولى.

قال محتجًّا: «أنا لستُ مجنونًا هاربًا»، وحاول تحريك رأسه. لكن هذه المحاولة جعلت أذنَيه ترفرفان مجددًا.

ثم، كما لو أنه أُنهكَ تمامًا من هذه المحاولات، تهاوى ليصبح شيئًا بلا شكل، أشبه بكتلة لا تنتمي إلى هذا العالم. سقطت يده في ثِقَل. وانتفضت أذناه متشنجتَين، تعكس اليمنى حركة اليسرى. بدا كأنه يهبط، مثل بالونٍ مُفرَّغ من الهواء، وفلتت من شفتَيه تنهيدة خافتة كالصفير. اعتلى وجهَه تعبير في غاية التواضع، كما لو كان يرغب في الاعتذار للهواء عن مشقة إبقائه حيًّا.

حدَّق إليه آرثر، متوقعًا في كل لحظة أن يراه يسقط أمامه على الأرض أو حتى يختفي في جوفها. ولكن في اللحظة التي وصلت فيها رخاوته وضعفه إلى أدنى مستوًى، هزَّه نبض مفاجئ من رأسه إلى أخمص قدمَيه؛ وصدرت منه أصوات لا تكاد تكون بشرية، أنفاس وزفرات، أقرب إلى صرير وحشرجة متقطعَين. كان ينتفض لحظة، ويبدو عليه الحيوية والنشاط، ويرفع جسده بأكمله بقوة ولياقة، ولكنه كان ينهار مرة أخرى، ببطء وحزن، ويسقط رأسه على أحد جانبَيه، وتخفق ذراعاه بوهن كطائرٍ مَهيض الجناح.

كانت أبرز مشاعر آرثر الآن هي الشفقة على مخلوق يبدو جليًّا أنه في حالة بائسة. وكاد ينسى خوفه وسط تعاطفه مع ما يمر به الشخص الغريب من صعوبات. جعلته تلك المعركة التي كان يخوضها من أجل البقاء على قيد الحياة، ولإنتاج التفاعلات الأساسية للوجود، يفكر في شعوره بالفشل، في عجزه هو شخصيًّا. اقترب أكثر من الحاجز.

سأله فيما يشبه الهمس: «هل أستطيع حقًّا أن أساعدك في شيء؟» فجأة، بدا أن الشخص الغريب استعاد شيئًا من السيطرة على نفسه. شرع في فتح فمه وإغلاقه بسرعة كبيرة، مُصدِرًا أصوات نقر حادة.

قال أخيرًا: «الأمر شاق للغاية، هذا الشعور، كما ترى … طق … أن يكون المرء جاهزًا تمامًا ولكن بلا وجهة يذهب إليها … طق … طق …»

سأله آرثر: «هل هذا ما تشعر به؟» اقترب أكثر، كما لو كان يريد أن يسمعه بطريقة أكثر وضوحًا. لكن الآخر تعثَّر في الرد. حرَّك إحدى أذنَيه في رفرفة متقطِّعة، فتراجع آرثر بسرعة.

في ذلك الوقت، كانت فترة ما بعد الظهيرة دافئة جدًّا وهادئة جدًّا. وحيث كانا يقفان، كانت الأصوات الوحيدة التي تصلهما هي الطقطقات الخافتة لضرب الكرات، وخطوات اللاعبين الخفيفة. لذلك كان من الصعب ألَّا يُلاحظ ما حدث بعد ذلك. بدأ الأمر بوضع الشخص الغريب لكلتا يدَيه فجأةً أعلى الحاجز، ثم رفع نفسه عن الأرض مسافة بوصة تقريبًا. بدا فجأة مليئًا بالنشاط والحيوية. ولمع بريق في عينَيه.

قال مُصدِرًا نقراته: «مرحى! أنا أعمل!»

صرخ آرثر متراجعًا: «ماذا؟ ماذا قلت؟»

قال الآخر مهتزًّا: «اﺳ… اﺳ… اسمع.»

ما زال يضغط بيدَيه على الحاجز، وانحنى عليه حتى تدلَّى الجزء العلوي من جسده على نحو خطير. واعتلى وجهَه تعبير براحة لا تُوصَف.

صرصر قائلًا وقد احمرَّ وجهه: «ألا تستطيع حقًّا أن تسمع؟»

ثم أصبح آرثر متأكدًا تمامًا من شيء كان يسمعه خافتًا للحظات. بدا كأن ما يقرب من ١٠٠ ساعة منبِّهة تعمل جميعها في آنٍ واحد، بصوتٍ مكتوم بعض الشيء، ولكنه مُركَّز. كان ما يشبه الطنين منخفضًا ومتقطعًا في البداية، ولكنه انتشر ليصبح أكثر انتظامًا وأقل اضطرابًا.

سأل وقد سيطر عليه الخوف الآن: «ما هذا الضجيج؟»

قال الآخر: «ما هي إلا ساعتي.» تسلَّق الحاجز، متيبسًا بعض الشيء، كما لو كان يشك في عمل أطرافه. وباستثناء حالة من الارتباك العام، وارتعاش مفاجئ بين الحين والآخر، بدا أنه أصبح عقلانيًّا وعاديًّا تمامًا. لم يفهم آرثر على الإطلاق ردَّه، الذي بالتأكيد لم يشرح مصدرَ ذلك الضجيج المزعج. حدَّق إليه فاغرًا فاه، وقد أصبح أقل غرابة الآن، ولكنه كان لا يزال محيِّرًا، ولاحظ لأول مرة بدلته ذات اللون البُني الضارب إلى الصُّفرة والنقشة الغريبة، وحذاءه ذا اللون الرمادي الغريب، ووجهه البدين الذي يتوسَّطه أنفه الأخنس، وجبهته العريضة التي يتوِّجها شعره المستعار الغريب. علت نبرة صوته تدريجيًّا في حين واصل حديثه حتى استقرت.

تابع قائلًا: «ربما يجب أن أشرح لك الأمر. كما ترى، أنا رجل ساعة آلي.»

قال آرثر، فاغرًا فاه عن آخره: «أوه.» ثم قال متلعثمًا ومسرعًا: «ذلك الضجيج.»

أومأ رجل الساعة الآلي بسرعة موافقًا، كأنه يتذكر شيئًا. ثم حرَّك يده اليمنى في تشنُّج إلى أعلى وأدخلها بين طيات سُترته، في مكان ما في موضع صدريته. بدا كأنه يحاول العثور على شيءٍ ما. في النهاية، وجد ما كان يبحث عنه، وتحركت يده مرة أخرى بحركة حادة ومتعمَّدة. فتوقف الضجيج على الفور. قال مفسرًا: «إنه خافت الصوت، لقد نسيت تشغيله. يا له من شعور مريح أن أعود إلى عملي! لا بد أنني كدت أتوقف تمامًا. يا له من أمر محرج للغاية! محرج جدًّا حقًّا!»

بدا كأنه يتحدث إلى الفراغ بوجه عام.

«الحقيقة هي أنني في حاجة إلى تجديد شامل. أنا مُفكَّك تمامًا. لا شيء يبدو على ما يرام. ليس من المفترض أن أُصدِر مثل هذا الصرير. بالتأكيد ثَمة مسمار مفكوك في مكانٍ ما.»

حرَّك ذراعه ببطء في حركة دائرية، كما لو كان يُطمئن نفسه. كانت ذراعه تعمل بلا توازن، مثل عجلة غير منتظمة التصميم، ترتفع بتيبُّس ثم تسقط بسرعة على المنحنى. ثم رفع رجل الساعة الآلي ساقًا، وأرجحها بسرعة إلى الأمام والخلف. في البداية، انطلقت الساق بحدة، وبدا أنه يواجه صعوبة في إرجاعها؛ ولكن بعد بعض التدريب، تحركت بسلاسة تامة. واصل هذه التجارب بضع لحظات، في صمتٍ تام وبتعبير قلِق قليلًا على وجهه، كأنه كان يخشى حقًّا ألَّا تكون الأمور على ما يرام.

ظل آرثر صامتًا في ذهول. لم يكن يعرف كيف يفسر هذه الأفعال الغريبة. نظر إليه رجل الساعة الآلي، وبدا أنه يحاول بجِدٍّ أن يعيد تشكيل ملامحه لتكتسب تعبيرًا جديدًا يوحي ببعض اللطف. ولكن كان واضحًا أن أي حركة في وجهه تتطلب جهدًا كبيرًا؛ وأن أيَّ تغيير كان يجعله يبدو أشبه بصورة كاريكاتورية لنفسه.

قال ببطء: «بالطبع لا تفهم. ليس متوقعًا أن تفهم. عجبًا، ليس لديك ساعة حتى! كان هذا أول شيء لاحظته فيك.»

اقترب قليلًا من آرثر، يمشي بقفزاتٍ قصيرة، كرجلٍ قدماه مربوطتان معًا.

واصل قائلًا: «ولكنك تبدو كائنًا ذكيًّا من نوع ما، حتى على الرغم من أنك تمثِّل مفارقة زمنية.»

لم يكن آرثر متأكدًا من معنى هذا المصطلح. وعلى الرغم من حيرته، لم يمنعه ذلك من الشعور ببعض المرح. كان الشخص الواقف بجانبه يشبه تمامًا تمثالَ شمعٍ دبَّت فيه الحياة، وكان حديثه يذكِّره بعض الشيء بصوت آلة الجرامافون.

سأل الآخر فجأة، دون أن تتحرك عضلة واحدة في وجهه: «في أي عام نحن؟»

قال آرثر بابتسامة خفيفة: «١٩٢٣.»

رفع رجل الساعة الآلي يده إلى وجهه، وبصعوبة شديدة وضع إصبعه على أنفه مفكرًا. قال مكررًا: «١٩٢٣. يا له من أمر مثير للاهتمام. مثير للاهتمام حقًّا. لا يمثِّل لي الوقت شيئًا.»

بدا كأنه يفكر عميقًا، وإصبعه لا تزال على أنفه. ثم بسط ذراعه اليسرى بحركة رياضية سريعة، ووضع راحة يده المسطحة على كتف آرثر.

سأله: «هل رأيتني قادمًا من فوق التل؟»

أومأ آرثر أنْ نعم.

«من أين ظننتَ أنني جئت؟»

قال آرثر، بعد قليل من التفكير: «بصراحة، ظننتك جئت من السماء.»

بدا رجل الساعة الآلي كأنه أراد أن يبتسم، ولكنه لا يعرف كيف يفعل ذلك. توهَّجت عيناه بلمعانٍ خافت، لكن بقية أساريره ظلَّت ثابتة، في هيئةٍ رسمية. قال بنبرة سريعة ودقيقة: «كدت تقترب جدًّا من الحقيقة، لكن ليس تمامًا.»

لم يقدِّم أيَّ معلومات أخرى عنه. ولفترة طويلة، ظل آرثر مرتبكًا بسبب الحركات التي تلت هذا التعليق الأخير. يبدو أن رجل الساعة الآلي كان يرغب في تغيير تكتيكاته؛ إذ لم يكن يرغب في مواصلة المحادثة. ولكن في محاولته للابتعاد، كان واضحًا أن يده، التي كانت لا تزال على كتف آرثر، تعيقه. لم يبدُ أنه قادر على ثَنْي ذراعه بطريقة طبيعية. وبدلًا من ذلك، استمر في أداء حركة نصف دائرية بجانبه الأيمن، ونتيجة لذلك كان كلما تحرك بهذه الطريقة أوقفه اصطدام يده برقبة آرثر. في النهاية استطاع أن يحل المشكلة. خطا خطوة سريعة إلى الخلف، وكاد يفقد توازنه في أثناء ذلك، وحرَّر ذراعه، التي خفَّضها بعد ذلك على نحوٍ طبيعي. ثم استدار بحركة حادة إلى اليسار، متأملًا لحظة، وانصرف متهاديًا. لم يكن ثَمة مصطلح آخر، في تقدير آرثر، لوصف مِشيته الغريبة. لم يكن يمشي بخطواتٍ واسعة؛ فقد كان كل ما يفعله هو أن يرفع قدمًا ثم الأخرى، ثم يضعهما على الأرض مرة أخرى على مسافة لا تبعد كثيرًا عن موضعهما السابق. تمايل جسده من جانب إلى آخر في تناغم مع مشيته الغريبة. بعد أن تقدَّم بضع ياردات، استدار إلى اليمين، بحركة حادة، ونظر تقريبًا في اتجاه آرثر. فتح فمه وأغلقه بسرعة كبيرة، وعبْر الفراغ الفاصل بينهما سارت ضوضاء بشرية غامضة وشديدة الإزعاج، كان واضحًا أنها مقصودة كتعبير عن الوداع. ثم استدار إلى اليسار مرة أخرى، بنفس حركته الشبيهة بالتمارين العسكرية، وواصل مشيته المتمايلة.

٤

راقبه آرثر وهو يشعر بعدم الثقة بالنفس، وميَّالًا بعض الشيء إلى متابعته تحسبًا لسقوطه. ذلك لأن رجل الساعة الآلي لم يكن يتمتع بالكثير من الثبات. كان واضحًا أن أدنى عائق سيتسبَّب في سقوطه على أنفه. أبقى رأسه مرفوعًا، ولم ينظر إلى أسفل أو إلى اليمين واليسار. بدا مُولعًا تمامًا بطريقته الغريبة في الحركة، كأنه يجد متعة في مجرد التحرك. ظل آرثر يحدق إلى ظهره المنتصِب الصلب، الذي تعلوه الباروكة والقبعة، وتساءل عما سيحدث عندما يصل رجل الساعة الآلي إلى نهاية خط الحاجز، حيث يبدأ حاجزٌ آخر بزاوية قائمة عبر نهاية ملعب الكريكيت.

كان منظرًا يجذب الانتباه، ولكن لحُسن الحظ، كما ظن آرثر، بدا الجميع منغمسين في اللعبة إلى درجة أنهم لم يلاحظوا ما كان يحدث. خفَّف حِس الفكاهة من بعض مخاوفه المزعجة. كان ثَمة شيء مريب فيما حدث. بطريقة ما، لم يبدُ طبيعيًّا، ولكنه كان مضحكًا بلا شك. كان مشهدًا غريبًا. وكان عليه أن يضحك على تلك الشخصية الغريبة، أو أن تنتابه قشعريرة بنوعٍ آخر من الإحساس. بالطبع، كان الرجل مجنونًا. كان، على الرغم من إنكاره، هاربًا من مصحة المجانين. ولكن ماذا عن ذلك الضجيج؟ كان من الصعب بالتأكيد تفسيره. ربما كانت لديه آلة جَهنمية ما مخبَّأة في جيبه؛ ما يجعله نوعًا خطيرًا من المجانين.

ماذا كان سيفعل بعد ذلك؟ كان قد وصل إلى نهاية الملعب وتوقف فجأة. يبدو أن وجود حاجز آخر كان بمنزلة عائق تام أمام حركته. بقي ثابتًا تمامًا عدة ثوانٍ. كان في تلك اللحظة على بُعد نحو ١٠٠ ياردة من آرثر، لكن الأخير كان حاد البصر، وكان مصممًا على عدم تفويت شيء مما يحدث.

ثم رفع رجل الساعة الآلي يده ببطء إلى وجهه، وعرف آرثر أنه كان يكرر حركته التأمُّلية السابقة، حيث وضع إصبعه على أنفه. بقي على ذلك الوضع دقيقة كاملة، كأن معضلة أي طريق يسلك كانت أكثر مما يمكنه تحمُّله. وأخيرًا، استدار بحركة حادة إلى اليمين، واستكمل السير.

أدرك آرثر وجود شخصَين آخرَين يقتربان من الشخص الذي كان يراقبه باهتمام. هذان الشخصان هما جريج، قائد الفريق، والطبيب ألينجهام. كانت الضفائر الصفراء على سُترتَيهما تلمع تحت أشعة الشمس، وتمكَّن آرثر من رؤية الشعار الأزرق على جيب جريج. كانت هناك مواجهة لا مفرَّ منها. كان الشخصان اللذان يرتديان سترتَين من قماش الفلانيلَّة يسيران في خط مستقيم نحو ذلك الشخص الغريب الآخر الذي لا ينفك عن إثارة الاهتمام. حبس آرثر أنفاسه. لسببٍ ما، كان يخشى هذا اللقاء. عندما نظر مرة أخرى كان هناك نوع من النقاش يجري بينهم. الغريب في الأمر أن الطبيب ألينجهام وجريج هما مَن بدا عليهما عدم القدرة على الحركة الآن. وقفا هناك، ويداهما في جيوبهما، يحدقان ويستمعان. بينما كان رجل الساعة الآلي يستغل أقصى ما يمكنه من حركاته المحدودة. كانت ذراعاه تتحركان باستمرار. وكان أحيانًا يرفع إحدى ساقَيه، كما لو كان يؤكد على نقطة شديدة الأهمية. وبين الحين والآخر كان يشير بإصبعه في اتجاه الملعب. سمع آرثر صوتًا عاليًا وحادًّا يحمله النسيم الخفيف.

بغضِّ النظر عن موضوع النقاش، بدا أن رجل الساعة الآلي قد حقق مبتغاه؛ لأن الأشخاص الثلاثة استداروا معًا، وتقدموا في خط مستقيم نحو جناح اللاعبين، وكان الطبيب ألينجهام وجريج يتأرجحان في سيرهما على نحوٍ طريف في محاولتيهما التكيُّف مع دوران رفيقهما.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٥