الفصل التاسع

جريج

١

بعد ساعة، كان الطبيب يجوب عيادته الصغيرة وحيدًا.

فعل كل ما في وسعه لتهدئة نفسه. تناول مهدئ البروميد، وخرج في جولة سريعة على الطرقات، وأجبر نفسه على الجلوس والرد على بعض الرسائل. لكنه كان مستحيلًا تخفيف ضغط أفكاره؛ فقد شعر أن دماغه لن يكف أبدًا عن الدوران في دائرة من التساؤلات اليائسة. وفي النهاية، ورغم تأخُّر الوقت، اتصل بجريج عبر الهاتف.

كان رجل الساعة الآلي مستلقيًا في قبو الفحم، الذي كان يقع في الفناء السفلي، أمام باب العيادة مباشرةً. كان مستلقيًا هناك، صلبًا ومتخشبًا، وبتعبيرٍ جامد على وجهه، وعيناه وفمه مفتوحان على مصراعَيهما.

بعد ذلك الانهيار الأخير، تمكَّن الطبيب بطريقة ما من إعادته إلى شكله الطبيعي، ثم، بصدفة شِبه إعجازية، اكتشف أحد عقارب الساعة الذي يؤدي عند تدويره إلى خلود رجل الساعة الآلي إلى حالة من السكون التام. بدا الآن أكثر شبهًا من أي شيء آخر بالدُّمى التي يستخدمها الخياطون لعرض ملابسهم، وقد عزز الغياب الظاهر للدورة الدموية وحتى التنفس من ظهوره على هذه الهيئة. بدا حيًّا، ولكنه لم يكن يبدو على قيد الحياة.

لكنه كان حيًّا. أكد الطبيب ذلك من خلال بعض التجارب المبدئية، وقد استغل أيضًا حالة سكونه لأجل إجراء فحص شامل — بقدر الإمكان — لهذه المعجزة القادمة من المستقبل. لكن نتيجة فحصه كانت فشله في التوصل إلى أي استنتاج محدَّد؛ بل تعمَّقت لديه مشاعر الغضب والثورة. كان من المستحيل القبول بأن رجل الساعة الآلي كائن بشري.

كان أشبه بنسيج من الأكاذيب الفسيولوجية.

يمكن إثبات ذلك بما لا يدع مجالًا للشك، وبالرجوع إلى جميع القوانين المعروفة في علم التشريح، فإنه لم يكن موجودًا حقًّا.

كانت أعضاؤه الداخلية، التي سمع أصوات عملها في سماعته الطبية، أشبه بالضجيج الذي يصدره مُولِّد الكهرباء عند دورانه بأقصى سرعة.

ولكن هذا الكائن الخارق للعادة بشدة، هذه المحاكاة الساخرة غير المسبوقة لجميع الكائنات الحية، هذا الشيء الأكثر تناقضًا مع الإنسانية، كان يتنفس ويتحدث بالفعل. كان كائنًا حساسًا وواعيًا. كان أكثر من مجرد إنسان؛ لأنه كان في الإمكان تحويله إلى شيء آخر بمجرد الضغط على أحد المصدات. بالنظر إلى الأمر بعناية، لا شك أن الآلية سمحت لصاحبها بالانتقال على سُلم التطور البيولوجي صعودًا وهبوطًا حسب التعديلات.

كانت هناك تفصيلة أو تفصيلتان أخريَان لم يغفل عنهما الطبيب.

لم يكن لرجل الساعة الآلي جنس واضح.

كان جسده مليئًا بالندوب والتشوهات، كما لو أن العديد من العمليات الجراحية قد أُجريت له.

وكان هناك عضو يشبه إلى حدٍّ ما القلب البشري، لكنه أقوى للغاية، وحركته الصمامية معقدة للغاية.

كما جرى تركيب مجموعة من الأنابيب الطويلة ذات النهايات الشبيهة بالصمامات داخل الساعة بطريقة تسمح بإزالتها. أزال الطبيب بعضها، وفحصها بعناية شديدة، لكنه لم يتمكن من الوصول إلى أي فكرة عن غرضها.

في كل نقطة من نقاط فحصه، وجد الطبيب نفسه أمام تعقيد، وفي بعض الأحيان أمام تناقض صريح، في الوظائف البشرية العادية. لم يتمكن من فهم حتى المبادئ الأساسية للوضع الذي جعل وجود رجل الساعة الآلي ممكنًا.

٢

قُبيل منتصف الليل، التقطت أذن الطبيب المتأهبة صوت شخص ينزل عن دراجة. قعقعت خطواتٌ أسفل درجات السُّلم المؤدي إلى الفناء السفلي، وظهر جريج، مرتديًا ملابس الكريكيت، عند الباب المفتوح. تلاشت الابتسامة من شفتَيه عندما رأى ملامح الطبيب المتوترة والمضطربة.

صاح: «مرحبًا. تبدو متعبًا جدًّا.»

أغلق الطبيب الباب بعناية، ورفع إصبعه محذرًا. «يجب ألا يعرف أحد بهذا الأمر يا جريج. يجب ألا يتجاوزنا نحن الاثنين.»

«لماذا؟» جلس جريج على الأريكة يدير قبعته بين أصابعه في حالة من اللامبالاة.

قال الطبيب محاولًا السيطرة على ارتجاف ملامحه: «لأنه أمرٌ مُروع للغاية. ما رأيته الليلة ليس مناسبًا لأن تراه عين إنسان. إنه غير إنساني. إنه وحشي!»

غاص في الكرسي، وغطَّى وجهه بيدَيه. منحه وجود شخص آخر نوعًا من الراحة لمشاعره المكبوتة. إذ سمح له بالتعبير عنها.

«يا إلهي، إنها نهاية كل شيء يا جريج. إنها نهاية كل الآمال العقلانية للجنس البشري. إذا كان صحيحًا أن الإنسان في المستقبل قد وصل إلى هذه الحال، فإن التاريخ بأكمله ما هو إلا مزحة وسخرية. الكون ليس أكثر من صندوق للحيل السحرية، والإنسان ليس سوى قرد يقدم عروضًا. صدقني يا جريج، إذا أُعلن هذا الاكتشاف، فسيدمر كل شيء جيد في الوجود.»

صاح جريج وهو ينهض في دهشة بالغة: «توقف لحظة، تبدو مضطربًا. لا أفهم ما تهذي به؟»

أشار الطبيب بإصبعه بحدة نحو قبو الفحم. «لو رأيت ما رأيته الليلة، لفهمت. كنت ستشعر بالضبط بما أشعر به الآن.»

وضع جريج يده بلطف على كتف صديقه. «لماذا لم تستدعني من قبل؟ أنت متوتر للغاية. كانت هذه التجربة أثقل مما تحتمل.»

قال الطبيب بصوتٍ أجوف: «أعترف بذلك، وأعلم جيدًا التأثير الذي ستتركه هذه الصدمة عليَّ. أنت أصغر مني سنًّا يا جريج. أنا سعيد لأنك لم تُضطر إلى رؤية هذا المشهد.»

سأل جريج بعد برهة: «ولكن أين هو رجل الساعة الآلي؟»

أشارت إصبع الطبيب مرة أخرى إلى قبو الفحم. «إنه … إنه هناك … لقد … لقد تمكَّنت من إيقافه. إنه … إنه … فيما يشبه النوم.»

وبعد ذلك، عندما توجَّه جريج بخطوة هادئة نحو الباب، كأنه يريد التحقق من الأمور بنفسه، أمسك الطبيب بكمه. «لا تفعل ذلك. استمع أولًا إلى ما سأخبرك به. أعتقد أنه سيخفف من فضولك.»

استدار جريج، وجلس على الأريكة. أشعل سيجارة. ولم يبذل أي جهد لإخفاء شعوره برباطة الجأش العالية. أخذ الطبيب السيجارة التي قدمها له، ومال إلى الأمام محاولًا إشعالها من رفيقه. لكن يده ارتجفت بشدة فلم يتمكن من إتمام العملية البسيطة. في النهاية، أشعل جريج عود ثقاب آخر وأمسكه بيدٍ ثابتة.

وبينما كان الطبيب يروي قصة ما حدث مؤخرًا في الغرفة الصغيرة، كان جريج يجلس محتضنًا ركبته المرفوعة بين يدَيه والسيجارة تتدلى بلا اكتراث من شفتَيه. مرة أو مرتين قاطَعه بإشارة، ولكن إذا كان قد شعر بالدهشة فلم يكشف عن ذلك قَط. حتى وصف النمو المفاجئ للِّحية لم يعكر صفو نظرة الاستفسار الهادئة على ملامحه المتيبسة. بدا كأنه يتابع شيئًا في ذهنه يفسر الحقائق مع ظهورها؛ وعندما اقتربت الرواية من نهايتها، أومأ برأسه إيماءة خفيفة جدًّا، كأنه وجد تأكيدًا لهذه الأحداث الغريبة في نظرية خاصة به، والعكس صحيح. وعندما وصل الطبيب أخيرًا إلى ذروة قصته، لم يظهر أي ذعر على وجه جريج. بقي هادئًا، مثل حاجز تصطدم به عبارات الطبيب الهستيرية دون جدوى.

مرَّت لحظة من الصمت. كان الطبيب يتحدث بسرعة كبيرة، وكان متأثرًا جدًّا بمشاعره إلى درجة أنه لم يلحَظ سلوك الآخر. عندما رفع رأسه، كان جريج يذرع الغرفة بخطواتٍ متزنة ذهابًا وإيابًا. كان قد أسقط سيجارته، وفمه في وضع الصفير. انتفض الطبيب واقفًا على قدمَيه.

«ماذا! أتصدق ذلك إذن؟ أنت، الذي لم يرَ هذا اللغز … أتصدقه؟»

«لمَ لا؟» توقف جريج عن المشي لبرهة، وبدا متفاجئًا حقًّا.

«لكن … بالتأكيد!» جلس الطبيب مرة أخرى وتنهد. «بالتأكيد لا يمكنك قبول مثل هذه القصة دون أي شك، أليس كذلك؟ فأي عقل يمكنه تصديق مثل هذه الأمور دون أن يراها؟ عجبًا، أيها الأحمق الساذج، ربما اخترعت القصة بأكملها!»

ابتسم جريج. «أنا أحد أولئك المستعدين لقبول المعجزات بناءً على روايات الآخرين. بالإضافة إلى ذلك، نسيت أنني شهدت بالفعل بعض مظاهر براعة رجل الساعة الآلي. لا شيء مما أخبرتني به يثير دهشة أكثر من الدهشة التي شعرت بها في المرة الأولى؛ حيث كان لدينا سبب للاعتقاد بأن رجل الساعة الآلي هو … ما هو عليه. كل ذلك، في رأيي، طبيعي ومنطقي تمامًا.»

قاطعه الطبيب: «لكن يجب أن تعترف أنني قد أكون أخدعك. يمكنني أن أفعل ذلك بسهولة؛ فقط لأثبت أنك مخطئ. أؤكد لك أن ذلك كان سيتناسب تمامًا مع مزاجي الحالي! بدلًا من ذلك، أنا مَن يبدو كالأحمق. لم أرغب قَط في التصديق بوجود رجل الساعة الآلي. وكنت غاضبًا منك لأنك صدقت بوجوده. اعترف أنه سيكون انتقامًا عادلًا من جانبي أن أخدعك.»

هزَّ جريج رأسه. «قد تحاول فعل ذلك، ولكنك بالتأكيد لن تنجح فيه. بالإضافة إلى أنني أعرف أنك تقول الصدق. طريقتك في التعبير تُظهِر ذلك بوضوح.»

عاد للجلوس على الأريكة. «ربما من الجيد أنني صدقت بوجود رجل الساعة الآلي من البداية؛ لأنه بينما كنت تمر بتلك التجارب غير السارة، كنت أدرس الأمر جيدًا، وقد وصلت بالفعل إلى استنتاجاتٍ معينة أجرؤ على القول إنها تؤكد قصتك بدرجة كبيرة. لهذا السبب لم أُظهِر أي دهشة من روايتك. رجل الساعة الآلي بالفعل يتوافق تمامًا مع الشكل الذي تخيلته؛ إنه تجسيد حقيقي للمستقبل كما تصورته منذ فترة طويلة.»

عند هذه الكلمات، رفع الطبيب ذراعَيه في يأس. وصاح: «إذن أنا أحمق؛ فلم تكن لديَّ مثل هذه الآمال الجامحة، أو هذا اليأس الجامح بالقدر نفسه، بشأن مستقبل الجنس البشري. أعترف أنني كنت متأخرًا. هذه الأمور أُسقطَت من اهتماماتي. شغلتني الحياة العادية، كما هي الحال مع أي رجل تجاوز شبابه. لكنني مستعد لأن أصدق أي شيء يمكن تفسيره.»

قاطعه جريج ببعض الحماسة: «وبالنظر تحديدًا إلى أنه يمكن تفسير وجود رجل الساعة الآلي، أجد أنه من السهل أن أصدق بوجوده.»

اعترض الطبيب، مع بعض آثار غضبه القديم: «لكن كيف يمكنك تفسير كينونته؟ أنت حتى لم ترَ الساعة.»

رد الآخر مؤكدًا: «وصفك لها يكفيني تمامًا، أستطيع أن أتخيلها. علاوة على ذلك، كان واضحًا بالنسبة إليَّ، من البداية، أنه لا بد من وجود أداة مثل هذه من أجل ضبط رجل الساعة الآلي عند الضرورة. هذا استنتاج منطقي.»

ارتجف الطبيب قليلًا، وأسند رأسه إلى ذراعه. «اعتبرْ نفسك محظوظًا لأنك لم ترَ الساعة قَط، ولم تسنح لك الفرصة لاختبار كفاءتها. من الجيد جدًّا أن تتحمس لنظرياتك، لكن الحقائق قاسية.»

قال جريج، الذي بدأ يضيق ذرعًا بتصرفات الآخر: «بالضبط، وبما أن الحقائق قد كشفت عن نفسها، فما الفائدة من محاولة تجنبها؟ ها هو رجل الساعة الآلي، كائن ليس له أي سابقة؛ لأنه لا يوجد ذِكر لوجوده في الماضي، وبقدر ما نعلم لم تكن هناك أي محاولة ناجحة لإيجاد مثل هذا الكائن في عصرنا الحالي. كل شيء يؤيد فرضيتي الأصلية؛ أنه بطريقة ما، وربما عبر خطأ ما في الآلية التي تتحكم فيه، تراجع إلى هذه السنوات الأولى من وجود الإنسان. يبدو لي أن ذلك معقول. إذا كان الإنسان قد غزا بالفعل الزمان والمكان، فإن أدنى خلل في هذا المبدأ الجديد للعمل سيؤدي إلى كارثة مثل تلك التي يجب أن نفترض أنها حدثت لرجل الساعة الآلي. من المحتمل جدًّا أن يؤدي أي تعديل بسيط إلى عودته السريعة إلى أكثر الظروف ملاءمةً لحالته الحقيقية.»

قاطعه الطبيب بمرارة: «لكن هذا لا يفسر وجوده.»

«انتظر، سأصل إلى تلك النقطة. علينا أن نُرسِّخ الحقائق بوضوح في أذهاننا. أولًا، هناك آلية، مبدأ وظيفي، يتسبب في حدوث عمليات معينة، ويمنح رجل الساعة الآلي إمكانية التصرف بطريقة لا يستطيع أي إنسان عادي أن يتصرف بها. ولكننا لا نعرف ما هذا المبدأ الوظيفي؛ يمكننا فقط افتراض وجوده — ويجب أن نفعل ذلك — واستخلاص ما يمكننا من نتائجه. الآن، تأثير المبدأ الوظيفي واضح لي، حتى لو كان السبب مجهولًا. من الواضح أن تأثير الآلية هو تسريع عمليات معينة في الجزء البشري البحت من كيان رجل الساعة الآلي إلى درجة أن ما قد يستغرق سنوات، أو حتى أجيالًا، ليحدث لدى البشر العاديين، سيحدث على الفور. شاهد نمو اللحية، والتغييرات في المظهر، والانهيار الكلي. من الواضح أن هذه التغيرات الفسيولوجية تحدث في حالة رجل الساعة الآلي بسرعة كبيرة؛ وبواسطة الضبط يمكن إنتاج أي تغيير. تعتمد مشكلة وجوده الطبيعي على تنظيم للساعة في غاية الدقة، التي أعتقد أنها لوحة التحكم بالمبدأ الوظيفي. لكن ما يهمنا في الوقت الحالي هو حقيقة أن هذه القدرة على النمو السريع تجعل رجل الساعة الآلي قادرًا على التصرف بتحدٍّ كامل لقوانيننا المقبولة المتعلقة بالسبب والنتيجة.»

قال الطبيب بنبرة أسًى: «لقد دار بيننا جدال حول ذلك. وحاول أن يشرح لي الأمر، لكن يجب أن أقول إنه لم يكن أكثر نجاحًا منك. الأمر كله غامض تمامًا.»

لكن جريج لم يُعِر الكثير من الاهتمام للمقاطعة. وواصل: «بمجرد أن تدرك هذه الفكرة عن نوعٍ جديد من النسبية، وبمجرد أن تدرك أن رجل الساعة الآلي يتصرف وفقًا لقوانين مختلفة تمامًا عن قوانيننا، تستطيع أن تبدأ في البحث عن تفسير لمثل هذه الظاهرة. يتصرف رجل الساعة الآلي بطريقة معينة؛ يجب أن يكون هناك سبب، مهما بدا غريبًا لنا، يفسر ذلك السلوك. الآن، ما السبب وراء التصرفات البشرية العادية؟ إنه شيء لا يمكن تفسيره أيضًا. في مقدورنا تفسيره من حيث نظام، أو سلسلة من العمليات، لكننا لا نعرف حقًّا ما النبع السري الذي يحرك الكائن البشري. يمكننا وصف آلية الجسم البشري، لكننا لا نعرف حقًّا ماهية الحياة، أو ماهية الطبيعة الحقيقية للقوة التي تصدر أفعالنا بناءً عليها. حتى الآن لا تتجاوز معرفتنا برجل الساعة الآلي القدر الذي نعرفه عن أنفسنا. الفرق يكمن فقط في العمليات.»

قال الطبيب: «كل هذا بديهي، لقد رأيت ما يكفي لإقناعي بذلك.»

«بالضبط. ولأنك رأيتَ أكثر مما رأيتُ، فأنت أقل قدرة على فهم الأمر مني. فانخراطك في الأمر يحُول بينك وبين رؤية الصورة الكاملة. مرة أخرى، كنتَ خائفًا للغاية. فتوقفت غرائزك العلمية عن العمل. كل ما رأيته كان تشوهًا مروعًا، حالة عصبية شاذة، آلة بشرية منافية للعقل. من غير الممكن أن تكون قادرًا على التفكير بوضوح في تلك الظروف. إذا فكرت في الأمر بعقلانية بعد أن تهدأ، فلا بد أنك ستتفق معي في أن فكرة أداء الإنسان وظائفه بوسائل ميكانيكية ليست أكثر غرابة في الواقع من فكرة أدائه وظائفه من الأساس.»

ردَّ الطبيب بحدة غير متوقعة: «لا أتفق معك. أعتقد أن قدرة الإنسان على أداء وظائفه كما هو عليه الآن أكثر إثارة للدهشة من فكرة جعله يؤدي وظائفه بوسائل ميكانيكية. رجل الساعة الآلي ليس أكثر إدهاشًا، في هذا السياق، منك أو مني. إنه ببساطةٍ مختلف، مختلف بطريقة مُربِكة للغاية.»

ضحك جريج ضحكةً هادئة. «حسنًا، هذه مجرد طريقة أخرى لقول ما قلتُه بالفعل. يبدو أنك تنظر إلى رجل الساعة الآلي باعتباره نوعًا من التهديد؛ إنه يعكر إحساسك بما هو لائق ومقبول. أما بالنسبة إليَّ، فهو أمر غاية في الإثارة. إنني أقبله، وأقبل كل ما يعنيه تكوينه الغريب. فكر في الإنجاز العظيم للعقل البشري. بفضل اختراع الساعة المذهل، تمكَّن الإنسان بالفعل من توسيع الكون.»

همهم الطبيب، مكررًا وصف رجل الساعة الآلي: «عالَم متعدد الأشكال، عالم ذو أبعاد كثيرة.»

ردَّد جريج بحماسة: «أجل، عالَم متعدد الأشكال. عالَم يتحرك فيه الإنسان كما يشاء، وينمو كما يشاء، ويتصرف بكل طريقة بالضبط كما يشاء. عالم مُحرَّر! فكِّر فيما يعنيه ذلك!»

صاح الطبيب، وكاد الغضب يظهر على ملامحه وهو يقفز واقفًا: «توقف. أنت مَن يهذي الآن. كيف يمكن أن يوجد مثل هذا العالم؟ وأي محنة أصابت الجنس البشري إلى درجة أنه أصبح يعتمد على الأجهزة الميكانيكية في أفعاله! ولكن، لا. أرفض الاعتقاد بأن رجل الساعة الآلي يمثِّل المصير النهائي للإنسان. إنه أسطورة، كاريكاتير، في أفضل الأحوال مجرد تجربة. هذا العالم المتعدد الأشكال الذي يتحدث عنه بسهولة بالغة هو مجرد تفاخر مبالغ فيه. بالإضافة إلى ذلك، من سيهتم بالعيش في عالِم كهذا، وكل فعل مشروط بآلية دقيقة؟ إن تفاؤلك بشأن هذا الأمر الغريب يدهشني أكثر من الأمر نفسه. في أحسن الأحوال ما يعنيه هو أن الإنسان قد وصل إلى الخراب النهائي، لا أنه قد حقق أيَّ سيطرة حقيقية على الحياة. إذا كانت جميع المخلوقات في العالم بعد ثمانية آلاف سنة ستصبح في الواقع أشبه بساعات آلية، فهذا لأن هناك طغيانًا وحشيًّا قد وُلِد في سلالة الإنسان، ولأن هناك خطة شيطانية وُضعَت لجعل جميع الرجال عبيدًا. قد تجعل الساعة الإنسان مستقلًّا عن الزمان والمكان، ولكنها بالتأكيد تحكم عليه بالعبودية إلى الأبد. لذلك ما زلت أرفض تصديق ما رأته عيناي؛ ولذلك فإن أي تفسير لهذه الظاهرة أفضل من التفسير البديهي!»

قاطعه جريج: «لكن الدليل أنك لا تستطيع الهروب من الحقائق. ها هو رجل الساعة الآلي مُستلقٍ هناك. فَسِّر وجوده بطريقة أخرى إن استطعت.»

تنهَّد الطبيب ووجهُه مخفيٌّ بين يدَيه: «لا أستطيع.» ثم رفع رأسه فجأة، ولمعت عيناه. «ربما، في نهاية المطاف، يكون هذا هو الجانب المريح في القصة. إذا كان رجل الساعة الآلي قابلًا للتفسير بالفعل، فستكون هذه حقًّا نهاية كل منطق وعقل. ولكن بما أنه غير قابل للتفسير، فربما لا تزال هناك فرصة لنتمكن من إزاحة أي فكرة عنه من عقولنا. صدقني يا جريج، يمكنني أن أتجاوز هذا، يمكنني أن أنسى هذه الليلة المروِّعة؛ ولكن ليس في حالة وجود تفسير منطقي. ليس إذا استطعت الوصول إلى قناعة!»

أكمل جريج الحديث بهدوء: «كما قلتُ من قبل، لم تكن في حالة مناسبة للتحقق من الأمر. لم تتمكن حتى من قبول ما هو واضح. لحسن الحظ تذكرت بعض الحقائق الأكثر بروزًا. تلك الأنابيب المثبَّتة في الساعة، على سبيل المثال، أعتبرها ذات دلالة كبيرة. فكر في الأمر يا ألينجهام! طاقة أجيال مضغوطة داخل أنبوب ويستخدمها فرد واحد. هذا هو ما سيحدث حتمًا في العام ٨٠٠٠. لا بد أن العلماء سيكتشفون وسائل لجمع الطاقة العصبية وتخزينها. لدى الجميع هذا الاحتياطي الإضافي من القوة. هذا حل لمشكلة واحدة. ثم تأتي مسألة التوزيع الأفضل. سيكون عليهم اختراع نظام عصبي جديد. إذا أُتيحت لنا الفرصة لفحص رجل الساعة الآلي بدقة، فسوف نكتشف ماهية هذا النظام. وعلى نحوٍ تقريبي، يمكننا افتراض أنه على الأرجح توسيع لنطاق ما نسميه النبضات الواردة والصادرة. ستكون هناك أيضًا مراكز جديدة، سواء للفعل المنعكس أو اللاإرادي. كل نبضة، في هذا النظام الجديد، سيكون لها نطاق تأثير أكبر، ومدة زمنية أطول.»

توقف جريج قليلًا فجأة، كأنه وصل إلى أزمة في تفكيره. «لا بد أن الأمر كذلك. لا يوجد تفسير آخر لما رأيناه. الإنسان، كما نعرفه، ليس سوى نتيجة ما يسمح له نظامه العصبي أن يكون. إنه كائن يعتمد على الحركة، ولكن حركاته مقيَّدة تمامًا بحدود جهازه العصبي. في حالة رجل الساعة الآلي، نواجه ظاهرة توسيع هائل للنشاط العصبي. في مقدورنا أن نتخيل موجاتٍ هائلة من الطاقة التي لا تُعيقها — أو لنقُل التي لا تعيقها نسبيًّا — العمليات التثبيطية التي تحد من الاستهلاك لدى الكائن الطبيعي. بالطبع، يجب أن يكون هناك تثبيط من نوعٍ ما، ولكن نظام رجل الساعة الآلي بأكمله يعمل على نطاقٍ واسع جدًّا بحيث تحدث أفعاله في ترتيب زمني مختلف. انتكاساته، كما يصفها، هي ببساطةٍ ما يعادل تدهور الأنسجة الذي يصاحب التعب البشري العادي. لهذا السبب يبدو لنا افتقاره إلى الكفاءة مرعبًا. ومرة أخرى، ستكون إدراكاته مختلفة. فسيرى جزءًا أكبر بكثير من الكون، وستقوده أفعاله أبعد وأبعد في المستقبل، بعيدًا جدًّا عن تلك القوانين التي وضعناها لأنفسنا، وفقًا لقيودنا العصبية. فمثلما يخضع الإنسان لسيطرة جهازه العصبي، يُعَد تصوُّره للقوانين الكونية هو نتيجة طبيعية لإدراكه العصبي؛ والكون ليس سوى ما نعتقده بشأنه.»

في حماسته المتزايدة، نهض جريج وأخذ يذرع الغرفة ذهابًا وإيابًا، لم يسمع الضحكة الخفيفة التي صدرت من الأخير، ولم يلحظ أي علامات للشك العميق على ملامح صديقه، والتي ربما كانت ستدفعه إلى تهدئة حماسته. وواصل حديثه بصوتٍ مبتهج. «فكر فيما يعنيه هذا! نحن نعرف المستقبل! قد يؤدي الظهور العرَضي لرجل الساعة الآلي إلى إنقاذ الجنس البشري من أجيال من الجهود والمساعي في الاتجاه الخاطئ. أو بالأحرى، سيجنبنا المرور بالمرحلة الوسيطة بوعي؛ لأن كل شيء قد حدث بالفعل، وأقصى ما يمكننا أن نأمل فيه هو الهروب من معرفة حدوثه. سنكون قادرين على الإقدام على قفزة كبيرة إلى المستقبل. بمجرد أن نفهم مبدأ رجل الساعة الآلي، يصبح مسار البشرية واضحًا. قد يستغرق الإنجاز النهائي عدة آلاف من السنين، لكن يمكننا على الأقل أن نبدأ.»

صاح الطبيب وهو يقفز فجأة ناهضًا على قدمَيه: «كلا. كلا بحق السماء. ليس هكذا!»

استدار جريج بحركة تدل على الانزعاج. كان كلاهما قد وصل إلى ذروة التوتر، وكل كلمة قيلت بدت كأنها تنطوي على أهمية كبيرة.

قال جريج وهو يلتقط أنفاسه: «لمَ لا؟»

كان رد الطبيب باللهاث نفسه، «لأنني شخصيًّا أرفض تحمُّل مثل هذه المسئولية. إذا كان هذا الوحش هو فعلًا صورة المستقبل، فإنني أرفض المستقبل. لن أكون جزءًا من أي محاولة لإعادة إنتاجه؛ لأنني أرى أن هذا ما يدور في ذهنك. تريد أن تجعلنا جميعًا رجال ساعة آليين قبل أواننا! لكني أقول لك، بدلًا من أن يحدث ذلك، بدلًا من أن يُحرم الجنس البشري من بضعة أجيال أخرى من الحرية، سأتخذ خطوات لمنع معرفة أي شيء عن زيارة رجل الساعة الآلي لنا. سأخفيه. حتى أنت لن تراه مرة أخرى. سيبقى لغزًا متعذرًا فهمه. لن يحرس أي كاهن وثني أسرار الحياة المقدسة من عامة الناس غير المفكرين كما سأحرس أنا هذا اللغز المنبثق من رحم الزمن! لن يعرف أحد. سيبقى في حوزتي، رمزًا لانحدار البشرية النهائي!»

سأل جريج بنبرة امتعاض واضحة: «ولكن لماذا تصر على تبنِّي هذا الموقف؟ إنه موقف رجعي للغاية.»

شد الطبيب شاربه. وتمتم بغضب، وبدأ يذرع المساحة الضيقة للأرضية ذهابًا وإيابًا: «ليس لديَّ أدنى اهتمام بمثل هذه العبارات.» استند جريج إلى الجدار، وكانت تعابير وجهه لا تزال ناقدة.

انفجر صوت الطبيب مجددًا، وكان فيه نوع من البكاء: «لن أقبله، لن أقبل رجل الساعة الآلي بأي ثمن. كل عصب في جسدي يصرخ ضده. إنه فضيحة العصور. يجب إسكاته، إخفاؤه، نسيانه.»

«هذا بالفعل مستحيل. فقد أصبحت أفعاله حديث البلدة.»

صرخ الطبيب وهو يضرب رأسه بقبضته المغلَقة: «دَعهم يتحدثون. بحق السماء دَعهم يتحدثون عن الأمر حتى يصبح ضجة لا تلبث أن تزول سريعًا. دَعهم يعتقدون أنه الشيطان … أي شيء بدلًا من أن يعرفوا الحقيقة. ربما هناك مئات التفسيرات لهذا اللغز، وقد يكون تفسيرك هو الصحيح، كل ما أعرفه هو أنني أنكره. لا أستطيع الهروب من الأدلة التي رأيتها بأم عيني؛ ولكنَّ هناك شيئًا في داخلي يرفض رجل الساعة الآلي. إنه حجر عثرة في طريقي. صِفني بما تشاء؛ فلن تزعزعني العبارات. ماضي البشرية بأسره يصرخ ضد هذا الكابوس الوحشي الذي يحمله المستقبل. لا تطلب مني أن أقدم تفسيري الخاص للظاهرة. ليس لديَّ أي تفسير. فقد حاولت أن أعتصر عقلي للتوصل إلى حل لهذا اللغز حتى كاد ينفجر، ولكن بلا جدوى. أما أنت، فيبدو أنك مستعد لقبول رجل الساعة الآلي باعتباره نتيجةً حتمية. الزمن وحده هو ما سيكشف من منا أقرب إلى الحقيقة.»

ابتسم جريج. وقال بعد لحظة صمت مناسبة، عقب كلمات الطبيب المتحمسة: «في النهاية، لن يكون القرار بيدك أو بيدي. دورنا المتواضع هو طرح المشكلة. وسيتعيَّن على رجال أكثر حكمة منا أن يفسروا دلالتها.»

كان يمكن لهذا التصريح أن ينهي النقاش في الوقت الحالي، لولا حادثة وقعت غيَّرت مجرى الأمور تمامًا. كان جريج يتمتع بالحكمة التي تكفي لأن يدرك أن صديقه كان خارج نطاق السيطرة بسبب الخوف والنفور؛ وكان سيكتفي تمامًا بانتظار فرصة أخرى لاستئناف النقاش. ولكن في تلك اللحظة أطلق الطبيب صرخة دهشة، وانحنى والتقط شيئًا من الأرض. في اللحظة التالية كان الرجلان يقفان أحدهما بجانب الآخر، يتفحصان بشغفٍ شديد دليلًا آخر على اللغز.

الشيء الذي التقطه الطبيب من الأرض كان قطعة معدنية مستطيلة الشكل، رقيقة كالورقة تقريبًا، ومزرقَّة قليلًا. على سطحها، مطبوع بأحرف حمراء بارزة، ما يأتي:

رجل الساعة الآلي
تعليمات الاستخدام

  • (١)

    أزِل القبعة والباروكة واكشف الساعة.

  • (٢)

    افتح غطاء الساعة بواسطة القفل.

  • (٣)

    اجعل الرجل الآلي في وضع الاستلقاء، ووجهه إلى الأسفل.

  • (٤)

    اضغط على المصدَّين أ وب جيدًا، ولف اليد الحمراء.

تنبيه: يجب توخي الحذر الشديد لتجنُّب لف الساعة أكثر من اللازم.

  • (٥)

    يجب أن يجلس رجل الساعة الآلي الآن، ويتناول غذاءً بسيطًا. يجب تقديم هذا فورًا في صورة قرصَين أخضرَين (مواد صلبة) وكبسولة زرقاء واحدة (سوائل). يجب الضغط الآن على المصد ج، والاستمرار في الضغط حتى يظهر ضوء أحمر داخل المصباح «س ١». يشير هذا إلى أن عملية الهضم قد حدثت.

لا يجوز بأي حال من الأحوال إجراء أي تعديل قبل ظهور الضوء الأحمر. أي محاولة لتشغيل الوظائف على معدة فارغة ستؤدي إلى الفشل.

رجل الساعة الآلي جاهز للضبط الآن. يجب دراسة الرسم البياني بعناية، واختيار أحد الأنماط الموضَّحة. بعد الاختيار، ابدأ في ضبط المؤشرات وَفقًا للتعليمات المفصَّلة، مع اتخاذ أقصى درجات الحذر لاتِّباع التوجيهات بدقة تامة، حيث يمكن أن يؤدي أقل خطأ إلى حالة خطيرة من الارتباك. من الطرق الجيدة حمل الرسم البياني في اليد اليسرى، والتحكم في المنظمات باليد اليمنى، مع التحقق من كل تعديل بمجرد إجرائه.

الآن، لُف العقرب الأسود المركزي أربع عشرة مرة ونصف المرة، واضغط على المقبض الأوسط حتى يرن الجرس، ثم أغلق الغطاء، وضع الباروكة والقبعة، وسيصبح رجل الساعة الآلي جاهزًا للعمل.

تغيَّر التعبير على وجه جريج، وهو يقرأ هذه التعليمات المذهلة، ببطء من فضول متلهِّف إلى قلق مربك. شعر بحرجٍ واضح من هذا التحوُّل المفاجئ في الأحداث، ولم يستطع لبضع لحظات استيعاب الأمر على الإطلاق. ولكن الصياغة كانت مفهومة بما فيه الكفاية، وكان تطبيقها على رجل الساعة الآلي واضحًا للغاية. لا بد أن القطعة المعدنية الصغيرة الرقيقة قد انزلقت من جيبه خلال فحص الطبيب له، وأن اكتشافها كان بلا شك مهمًّا للغاية.

ولكن ما الذي يمكن أن تعنيه؟ كان جريج يفخر بمرونة عقله، ولكن حتى أقصى درجات المرونة التي يمتلكها لم تمكِّنه من التغلب على الإحساس المفاجئ بعدم الارتياح. هل كان رجل الساعة الآلي، في النهاية، ليس أكثر من دُمية متطورة ومعقدة للغاية؟ لكن كيف يمكن ذلك، وهو يتنفس ويتحدث ويُظهِر جميع علامات امتلاكه لوعي فردي؟ من هذا المنظور الجديد، أصبح تفسير وجوده أكثر صعوبة.

ولكن عندما نظر جريج إلى أعلى، بشيء من الخجل، متجنبًا مقابلة عين الطبيب، شاهد منظرًا أرسل رعشة غير مريحة أسفل عموده الفقري. فقد كان الأخير ممددًا بالكامل على الأريكة، وصدره ومعدته يرتفعان وينخفضان في تشنجات ذلك الضحك المفرط الذي يُثير للوهلة الأولى شكًّا بالخطر في ذهن المُشاهِد؛ حيث مات رجال من شدة الضحك. حدَّق جريج إلى صديقه المستلقي، وكانت ملامحه متجمدة في فزع. مرَّت دقائق طويلة قبل أن يأتي أي صوت واضح ليخفف من التوتر؛ لأن ضحك الطبيب كان بدائيًّا؛ هزَّ أحشاءه، وزلزله من رأسه إلى أخمص قدمَيه، بدأ وتوقف، ثم استمر في سلسلة من الانفجارات، لا تختلف كثيرًا عن تلك التي كان يصدرها رجل الساعة الآلي نفسه، حتى وصلت في النهاية إلى الحلق، ووجدت منفذًا للتعبير.

اخترقت ضحكته أخيرًا صمت الليل: «ها! ها! ها!» (وسمعت السيدة ماسترز الضجيج في العِلية العليا، وظنَّت أن الشيطان يتسلق الأسطح). «ها! ها! ها! ها!»

استجمع جريج شجاعته، وتوجَّه نحو الأريكة. فكَّ ياقة الطبيب، وأجبره على الجلوس. صفع ظهره بقوة، في البداية معاتِبًا، ثم لجأ إلى العبارات المهدئة. إذ كان لا يزال هناك أثر من الهستيريا في تصرفات الطبيب؛ لكنها أصبحت الآن علامة على تحرُّره من ضغط لا يُحتمَل. كانت بهجة رجل قد أنقذ للتوِّ عقله.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٥