الفصل السادس عشر

خلال فترة إقامتها في لايز، استيقظت لوسي مبكرًا قليلًا في صباح كل يوم مقارنةً باليوم الذي يسبقه. ففي بداية فترة إقامتها، وبمجرد أن يتوقف صخب جرس الخامسة والنصف صباحًا، كانت تتقلب على الجانب الآخر وتخلد إلى النوم مجددًا. ولكن قوة العادة قد بدأت تترسخ. فلم تتوقف فحسب عن النوم مجددًا بعد سماع الجرس، بل زاد انتباهها في اليوم أو اليومين الأخيرين؛ لدرجة أنها أصبحت تدرك من أعماقها أن جرس الاستيقاظ على وشْك أن يرنَّ. وفي صباح يوم العرض، حققت إنجازًا كبيرًا باستيقاظها قبل بوق الاستيقاظ.

ما أيقظ لوسي من نومها في صباح يوم العرض هو خفقان بسيط في المنطقة أسفل عظمة القص، وهو شعور لم تشعر به منذ طفولتها. كان شعورًا مرتبطًا بالأيام التي تُوَزَّع فيها الجوائز في المدرسة. وكان للوسي دائمًا نصيبٌ في إحدى هذه الجوائز. لكنها للأسف لم تحصُل مطلقًا على جائزة مميزة — كانت تحصُل على المركز الثاني في اللغة الفرنسية، أو المركز الثالث في الرسم، أو المركز الثالث في الغناء — ومع ذلك، كانت راضية بالطبع عن تلك الإنجازات. وأيضًا من حين لآخر، كانت هناك فرصة في أيام توزيع الجوائز لعزف مقطوعة موسيقية — مثل المقدِّمة الموسيقية لرخمانينوف؛ التي تُعزَف باستخدام إيقاع دا-دي-دي، وليس إيقاع دا-دا-دا؛ مع التركيز الشديد على دي-دي-دي — ومن ثمَّ كانت لوسي تشتري فستانًا جديدًا لحضور هذه المناسبة. ومن هنا جاء الإحساس بالخفقان. واليوم، وبعد كل هذه السنوات، شعرت لوسي بالشعور نفسه. فعلى مرِّ السنين، عادةً ما كان أي إحساس بالخفقان في تلك المنطقة سببه مجرد عُسر هَضم (إن صحَّ استخدام كلمة «مجرد» مع عُسر الهضم). والآن، بما أنها قد أصبحت جزءًا من الشابات المتحمسات من حولها، فقد شاركتهن حماستهن وترقُّبهن.

استوت لوسي جالسةً على الفراش وألقت نظرة على الطقس من النافذة. بدت السماء ساكنة ورمادية، وظهر ضباب مُنعش قد يختفي لاحقًا، مما جعل النهار حارًّا ومُشمسًا. نهضت لوسي من الفراش واتجهت صوب النافذة. كان الجو ساكنًا بالخارج. وكانت الحركة الوحيدة في ظل الجو الرمادي الساكن هي حركة قطَّة الكلية، وهي تمشي على الأحجار المبتلة بفعل الندى وتهز قدمها في انزعاج. كما غطَّى الندى الأعشاب، وكانت لوسي، التي لديها حبٌّ غير معتاد للأعشاب الرطبة، تشعر بالسعادة عند النظر إليها.

وفجأةً دق الجرس ليمزق جدار الصمت. فهربت القطة مسرعة، كما لو أنها تذكَّرت شيئًا مهمًّا. وسار جيدي في طريقه إلى صالة الألعاب الرياضية، وسرعان ما سُمِع الصوت الخافت لمِكنسته الكهربائية، الصوت الذي يشبه صافرات الإنذار من بعيد. ومن الغرف الصغيرة في جميع أنحاء المبنى، سُمعت الآهات، والتثاؤب، وسُمعت أصوات الفتيات يسألن عن الطقس، لكن لم يأتِ أحدٌ إلى النافذة للنظر إلى الخارج؛ بدت عملية النهوض من الفراش وكأنها صراعٌ كبير يريد الجميع تأجيله حتى اللحظة الأخيرة.

قرَّرت لوسي أن ترتدي ملابسها وتخرج في هذا الصباح الرمادي المُلَبَّد بالغيوم، في هذا الطقس البارد والرطب والرائع. سوف تذهب لترى كيف يبدو الحوذان من دون انعكاس الشمس عليه. سيبدو لونه على الأرجح وهو مبتلٌّ أصفرَ فاقعًا. فاغتسلت بسرعة وارتدَت أثقل ملابس معها ووضعت معطفًا على كتفيها، وخرجت إلى الرَّدهة الساكنة ونزلت الدَّرج الخالي. توقَّفت بجانب باب المبنى لتقرأ الإشعارات على لوحة الطالبات؛ كان بعضُها غامضًا، والبعض الآخر متخصصًا، والبعض الثالث واضحًا. «نُذكِّر الطالبات أنه يمكن اصطحاب الوالدين والزوَّار إلى أجنحة غرف النوم والعيادة، ولكن ليس إلى المنطقة أمام المبنى.» «نُذكِّر طالبات السنوات الأولى أن عليهن مساعدة العاملات في تقديم الشاي للضيوف.» وفي مكانٍ بمفرده، كُتب إعلان بسيط آخر بالأحرف البارزة:
ستُوزَّع الشهادات صباح الثلاثاء في تمام التاسعة.

وبينما كانت لوسي ذاهبة باتجاه الممشى المُغطَّى، تخيَّلت شكل الشهادات وكأنها لفائفُ فاخرة حولها شريط، لكنها بعد ذلك تذكَّرت أنه حتى فيما يتعلق بالشهادات، فإن لهذا المكان أسلوبه الخاص. فقد كانت الشهادات في هذا المكان شاراتٍ توضع على المعاطف؛ شارات صغيرة مصنوعة من المينا والفضة، تُثبَّت على الجانب الأيسر من ملابس العمل، وستشير هذه الشارات إلى المكان الذي درسن فيه وهن طالبات وما حقَّقنه.

خرجت لوسي إلى الممشى المُغطَّى وتسكَّعت على طوله نحو صالة الألعاب الرياضية. كان جيدي قد انتهى بالفعل منذ مدة من التنظيف — كانت قد رأته من نافذتها قبل مغادرة غرفتها يتأمل الأزهار التي زرعها في الجانب البعيد من الحديقة — وكان واضحًا أن راوس قد انتهت بالفعل من تدريبها الصباحي — كانت آثار حذائها الرياضي الرطب واضحةً بعض الشيء على الأرض الخرسانية — وهذا يعني أن صالة الألعاب الرياضية كانت خالية حينذاك. توقَّفت لوسي وهي على وشْك السير على طول الطريق المجاور للجدار الجانبي، ودخلت إلى صالة الألعاب الرياضية من الباب المفتوح على مصراعيه. كانت قاعة الانتظار الخالية رائعةً مثل مضمار السباق قبل وصول الحشود، أو مثل أي ساحة خالية قبل امتلائها بالناس والأنشطة. فخلوُّ القاعة من الناس والهدوء والضوء الأخضر، الذي يشبه الضوء تحت الماء، كل هذا قد أعطى المكان طابعَ العظمة والغموض، الذي لم يكن موجودًا فيه خلال النهار. وفي الصالة، بدت القطعة الوحيدة من المعدَّات التي استخدمها راوس (العارضة) كأنها تطفو في الظل، وانعكس الضوء المُنساب من المرايا الموجودة أسفل الشُّرفة خافتًا على الجانب الآخر من القاعة، مما خلق تأثيرًا بصريًّا مُتموِّجًا.

تمنَّت لوسي أن تصرخ فقط لتسمع صوتها في الصالة الفسيحة الخالية، أو أن تتسلق أحد قضبان الحائط لترى إذا كان بإمكانها فعل ذلك من دون أن تُصاب بسكتة قلبية؛ لكنها اكتفت بالتحديق. فامرأة في سنها، كان يكفيها التحديق؛ وهو نشاطٌ تجيد فعله.

لمع شيء على الأرض في منتصف الطريق بينها وبين العارضة؛ شيء صغير وساطع. بدا للوسي أنه مسمار أو ما شابه ذلك؛ ثم تذكَّرت أنه لا توجد مسامير في أرضيات صالة الألعاب الرياضية. فتقدَّمت بشيء من الفضول والتقطت هذا الشيء. كان وردةً صغيرة مثقوبة، مسطَّحة الشكل، مصنوعة من معدن يشبه الفضة؛ ومن دون تفكير كثير، وضعتها في جيب معطفها واستأنفت سيرها، وقد ارتسمت على شفتيها ابتسامة. فإن كان الخفقان في المنطقة أسفل عظمة القص الذي شعرت به هذا الصباح قد ذكَّرها بأيام المدرسة، فإن هذه القطعة الدائرية المعدنية الصغيرة قد ذكَّرتها بوضوحٍ أكثر بالحفلات التي اعتادت حضورَها في طفولتها. وبمجرد أن بدأ عقلها الواعي في استيعاب ماهية هذا الشيء، كانت قد انتقلت بذاكرتها إلى أيام الحفلات المليئة بالمقرمشات وحلوى الجيلي والفساتين الحريرية البيضاء، وفي هذه الرحلة الذهنية، وجدت نفسها تلبَس حذاءً جلديًّا برونزيَّ اللون، به مطاط عند الكاحلين، ووردة فضية صغيرة مثقوبة على كل إصبع من أصابع قدميها. وبينما كانت تسير نحو بوابة الحقل، أخرجت الوردة من جيبها مرةً أخرى وابتسمت، وهي تتذكَّر الأيام الخوالي. كانت قد نسيت تمامًا تلك الأحذية البرونزية التي كانت تلبَسها؛ كانت هناك أحذية سوداء أيضًا، ولكن جميع الأشخاص الأنيقين كانوا يلبَسون أحذية برونزية. وتساءلت في نفسها مَن في الكلية يلبَس مثل هذا الحذاء. فالفتيات في الكلية يلبَسن أحذيةَ باليه للرقص، سواء أكان لها جزء أمامي قوي أم لا؛ ويلبَسن أحذية رياضية من الجلد ملحومًا بها جزءٌ مطاطي عند مشط القدم. ولم ترَ لوسي مطلقًا أحدًا يرتدي هذه الأحذية التي عليها زخارف صغيرة عند أصابع القدم.

ربما تستخدمهما راوس أثناء الركض إلى صالة الألعاب الرياضية في الصباح. فمن المؤكد أن الحلية قد أُسقطت هذا الصباح؛ إذ إن المكنسة الكهربية التي يستخدمها جيدي تشفط أي شيء غير مُؤمَّن بإحكام في صالة الألعاب الرياضية.

وقفت لوسي عند البوابة فترةً قصيرة لكن الجو كان باردًا ومخيبًا للآمال؛ كانت الأشجار غير مرئية بفعل الضباب، وتغيَّر لون الحوذان إلى البُني المحمرِّ وسط المروج الرمادية، وأصبح سياج أشجار مايو يشبه الجليد المتَّسخ. لم تُرِد العودة إلى المبنى قبل الإفطار؛ لذا مشت إلى ملاعب التنس؛ حيث كانت طالبات السنوات الأولى يُصلحن الشباك — قلن لها إن هذا اليوم مخصَّص للقيام بأعمال متنوِّعة، وهو اليوم الذي يحافظن فيه على طاقتهن استعدادًا لما سيُطلب منهن لاحقًا خلال اليوم — فبقيت معهن تتحدَّث إليهن وتساعدهن في عملهن، حتى حان وقت الإفطار فعُدنَ جميعًا إلى الكلية. وعندما أبدت الفتيات استغرابهن من استيقاظ لوسي مبكرًا قالت الآنسة موريس الصغيرة إن سبب استيقاظ الآنسة بيم مبكرًا هو سأمُها من تناول الخبز المحمَّص البارد في غرفتها، ولكن حين اعترفت لوسي صراحة بأنها لم تستطِع النوم من فرط حماستها، أبدت الفتيات سعادتهن برؤية هذه المشاعر المناسِبة للحدث تصدر من شخص غريب عنهن، ووعدنها أن التجربة الفعلية ستتجاوز توقعاتها بكثير. يبدو أنها لم تشهد شيئًا رائعًا بعد.

غيَّرت لوسي حذاءها المبلَّل، وتعرَّضت لتعليقات مازحة من عضوات هيئة التدريس المتجمعات بسبب فرط نشاطها، ونزلت معهن لتناول طعام الإفطار.

عندما ألقت لوسي نظرة سريعة لترى كيف بدا شكل إينيس هذا الصباح، لاحظت وجود فجوة وسط الوجوه المفعمة بالحيوية. لم تكن على دراية كافية بترتيب الطالبات لتحديد الطالبة الغائبة، ولكن كان هناك بالتأكيد مقعد فارغ على إحدى الطاولات. وتساءلت في نفسها عما إذا كانت هنرييتا على علم بذلك. ألقت هنرييتا نظرتها الناقدة المعهودة على الطالبات أثناء جلوسها، ولكن بينما كانت الطالبات يجلسن، أصبح من الصعب على الفور ملاحظة غياب إحداهن.

وعلى عجل، في حال لم تكن هنرييتا على دراية بهذه الفجوة، أبعدت لوسي نظرها دون مزيد من التدقيق. فلم ترغب قط في التسبُّب في عقاب أيٍّ من الطالبات، حتى وإن كانت أساءت التصرف. فربما، بالطبع، قد مرضت إحداهن؛ وهو ما يفسِّر عدم ملاحظة أحد غيابها.

بعد أن التهمت الآنسة هودج كعكةَ السمك الخاصة بها، وضعت شوكتها في الطبق ونظرت إلى الطالبات بعينيها الضيقتين. وقالت: «اطلبي من الآنسة ناش أن تتحدَّث معي يا آنسة راج.»

فنهضت ناش من مكانها على رأس أقرب طاولة وذهبت للتحدث مع الآنسة هودج.

«هل الآنسة راوس هي الغائبة من طاولة الآنسة ستيوارت؟»

«نعم يا آنسة هودج.»

«لماذا لم تأتِ لتناول الإفطار؟»

«لا أعلم يا آنسة هودج.»

«أرسلي إحدى طالبات السنوات الأولى إلى غرفتها لتسألها عن سبب تغيُّبها.»

«حسنًا يا آنسة هودج.»

وقع الاختيار على تاتل لتؤدي هذه المهمة، وهي فتاة متبلِّدة الحِسِّ وودودة ودائمًا ما تؤدي مثل هذه المهام، وعادت بعد ذلك لتقول إن راوس لم تكن في غرفتها؛ فنُقِلَت هذه الأخبار إلى الطاولة الرئيسية بواسطة بو.

«أين كانت الآنسة راوس حين رأيتِها آخر مرة؟»

«لا أتذكَّر أنني رأيتها اليوم على الإطلاق يا آنسة هودج. كنا منتشرات هذا الصباح نؤدي أعمالًا مختلفة في أنحاء الكلية. لم نكن، مثلًا، جالسات في محاضرة، أو نتدرب في صالة الألعاب الرياضية.»

قالت هنرييتا موجِّهة كلامها إلى جميع الطالبات: «هل تعلم إحداكن أين راوس؟»

ولكن كان واضحًا أن لا أحدَ يعرف.

«هل رأتها إحداكن هذا الصباح؟»

ولكن اكتشفت الطالبات الآن أنه لم يرَها أحد هذا الصباح.

قالت هنرييتا، التي التهمت شريحتين من الخبز المحمَّص أثناء غياب تاتل: «حسنًا يا آنسة ناش»، وعادت بو لتناول وجبتها. طوت هنرييتا بعد ذلك منديلها والتقت عيناها بعينَي فروكن، ولكن فروكن كانت تنهض بالفعل من الطاولة، وقد بدا على وجهها القلق.

قالت هنرييتا: «سنذهب أنا وأنتِ إلى صالة الألعاب الرياضية يا فروكن»، فذهبتا معًا، وخرجت بقية عضوات هيئة التدريس خلفهن، ولكنهن لم يتبعنهما إلى صالة الألعاب الرياضية. وبينما كانت لوسي تصعد الدَّرج في طريقها إلى غرفتها لترتيب فراشها، أخذت تفكِّر قائلة: «كان من الممكن أن أُخبرهن أنها ليست في صالة الألعاب الرياضية. كم أنا حمقاء لأني لم أفكِّر في هذا.» رتَّبت لوسي غرفتها — وهي مهمة يُتوقع من الطالبات أداؤها، وقد وجدت لوسي أنه من العدل أن تؤديَها هي أيضًا — وهي تتساءل في نفسها طوال الوقت أين اختفت راوس؟ ولماذا؟ هل فشلت مرةً أخرى فجأة هذا الصباح في أداء تمرين العارضة البسيط وتعرَّضت لانهيار عصبي؟ هذا هو التفسير الوحيد الذي يتناسب مع الحقيقة الغريبة المتمثِّلة في غياب طالبة في أي كليةٍ عن إحدى الوجبات؛ خاصةً وجبة الإفطار.

دخلت لوسي «المنزل القديم» ونزلت الدَّرج الأمامي وخرجت إلى الحديقة. سمِعت صوت هنرييتا من المكتب، وهي تتحدث في الهاتف بسرعة؛ لذلك قرَّرت عدم إزعاجها. لا يزال يتبقَّى أكثر من نصف ساعة حتى ميعاد الصلاة؛ وسوف تقضي هذا الوقت في قراءة البريد في الحديقة، حيث كشف الضباب المُتبدِّد عن بصيص في الأجواء الرمادية التي كانت خالية من الحياة. مضت إلى مكانها المفضَّل على حافة الحديقة، الذي يوفِّر إطلالةً على المناطق الريفية المحيطة، وبقيت هناك حتى الساعة التاسعة صباحًا، ثم عادت. لقد تحسَّن الطقس الآن بلا شك؛ سيكون يومًا جميلًا؛ ولن تحدث «المأساة» التي كانت هنرييتا تخشاها.

وعندما انعطفت عند زاوية المبنى، لاحظت سيارة إسعاف تغادر من أمام الباب الأمامي وتتجه نحو الشارع. فشاهدتها باندهاش؛ لكنها خلَصت إلى أنه في مكان كهذا، قد لا يكون وجود سيارة إسعاف أمرًا مخيفًا كما هي الحال بالنسبة للأماكن الأخرى. وخمَّنت أن وجود سيارة الإسعاف قد يكون مرتبطًا بالعيادة.

وفي غرفة المعيشة، بدلًا من أن تجد جميع عضوات هيئة التدريس حاضرات كعادتهن قبل الساعة التاسعة بدقيقتين، لم تجد سوى الآنسة لوكس.

سألت لوسي: «هل ظهرت راوس؟».

«نعم.»

«أين كانت؟»

«في صالة الألعاب الرياضية، بكسر في الجمجمة.»

حتى في تلك اللحظة الصادمة، لاحظت لوسي أسلوبَ لوكس المعتاد في التعبير بإيجاز. وسألت: «ولكن كيف؟ ماذا حدث؟»

«لم يُثَبَّت الدبوس الذي يدعم العارضة جيدًا. وعندما قفزت عليها، نزلت على رأسها.»

«يا إلهي!» كادت لوسي أن تشعر بسقوط هذا الجذع الثقيل على جمجمتها. فلطالما كانت تخشى العارضة.

«ذهبت فروكن معها من فورها في سيارة الإسعاف إلى غرب لاربورو.»

«كان هذا تصرُّفًا سريعًا.»

«نعم. إن غرب لاربورو ليس بعيدًا، ولحسن الحظ، في هذه الساعة من الصباح، لم تكن سيارة الإسعاف قد خرجت، ولم يتسبَّب المرور في تأخيرها وهي في طريقها إلى هنا.»

«يا له من حظٍّ عاثر للجميع. في يوم العرض.»

«صحيح. حاولنا إخفاءَ الأمر عن الطالبات، ولكن ذهبت جهودنا سُدًى بالطبع. لذا فكلُّ ما يمكننا فعله هو التقليل من خطورة الحادث.»

«في رأيك ما مدى خطورة الحادث؟»

«لا أحدَ يعرف. الآنسة هودج أرسلت برقية إلى عائلتها.»

«ألم يكُنَّ قادمات إلى العرض؟»

«على ما يبدو. فهي ليس لديها أبوان؛ فقط عمَّة وعمٌّ تولَّيا تربيتها. والآن بعد أن فكَّرت في الأمر»، وأضافت بعد لحظة صمت: «وجدت أن راوس كانت وحيدة.» وبدت غير مدركة أنها استخدمت صيغة الماضي.

سألت لوسي: «لقد كان خطأ راوس، أليس كذلك؟»

«أو الطالبة التي ساعدتها في تجهيز العارضة الليلة الماضية.»

«ومَن التي ساعدتها؟»

«أودونيل، على ما يبدو. الآنسة هودج استدعتها للاستفسار عن الأمر.»

في تلك اللحظة، دخلت هنرييتا، واختفت كل مشاعر الاستياء الغامض التي كانت تحملها لوسي تجاه صديقتها في الأيام القليلة الماضية عند رؤيتها لوجه هنرييتا. فقد بدت هنرييتا أكبرَ بنحو ١٠ سنوات، وبدت، بشكل غريب، أخفَّ وزنًا بنحو ستة كيلوجرامات على الأقل.

قالت، وهي تكمل الموضوع الوحيد الذي يشغل بالها: «إن لديهما هاتفًا، على ما يبدو؛ لذلك سأتمكن من التحدث إليهما قبل وصول البرقية. أنا في انتظار المكالمة الخارجية الآن. يجب أن يصلا إلى هنا قبل حلول الليل. أحتاج أن أكون موجودةً هنا لتلقِّي المكالمة؛ لذا ستتولين أمر الصلاة يا آنسة لوكس. فلن تعود فروكن في الوقت المناسب.» احتلَّت فروكن، بصفتها لاعبة جمباز قديمة، المرتبة الثانية مباشرة بعد الآنسة هودج. وأردفت هودج: «قد لا تأتي الآنسة راج للصلاة، إنها تشرف على ترتيب صالة الألعاب الرياضية. ولكن ستكون السيدة هناك، وستساعدك لوسي.»

قالت لوسي: «بالطبع. أتمنى لو كان هناك المزيد الذي يمكنني القيام به.»

طُرِق الباب، وظهرت أودونيل.

«آنسة هودج؟ هل أردتِ رؤيتي؟»

«أوه، في مكتبي يا آنسة أودونيل.»

«لم أجدك هناك؛ لذا …»

«لا يهم الآن بما أنكِ هنا. أخبريني: عندما ساعدت الآنسة راوس في تثبيت العارضة الليلة الماضية؛ كانت أنتِ مَن ساعدها؟»

«نعم يا آنسة هودج.»

«عندما ثبَّتِّ العارضة معها، أي طرف ثبتِّه؟»

كانت هناك لحظة متوترة من الصمت. وكان من الواضح أن أودونيل لم تكن تعرف أي طرف من العارضة قد أفلت، وأن ما ستقوله خلال الثواني القادمة إما أنه سيدينها أو يُبرِّئها. ولكن عندما تحدَّثت، كان ذلك بنوع من اليأس الحازم الذي ينقل الصدق في كلماتها.

«الطرف الذي ناحية الحائط يا آنسة هودج.»

«أدخلت الدبوس في الطرف المثبَّت على الحائط؟»

«نعم.»

«والآنسة راوس ثبَّتت الجزء الذي في المنتصف؟»

«نعم يا آنسة هودج.»

«ألديك شك بشأن الطرف الذي ثبتِّه؟»

«لا، على الإطلاق.»

«ولماذا أنتِ متأكدة؟»

«لأنني كنت دائمًا أثبِّت الجزء ناحية الحائط.»

«لماذا؟»

«إن راوس أطول مني ويمكنها رفعُ العارضة أعلى مما أستطيع. لذلك كنت دائمًا أثبِّت الجزء ناحية الحائط، مما يسمح لي بوضع قدمي على قضبان الحائط.»

«فهمت. حسنًا إذن. شكرًا لك يا آنسة أودونيل لكونِك صريحة للغاية.»

استدارت أودونيل لتغادر، لكنها عادت مرة أخرى.

«أي طرف قد أفلت يا آنسة هودج؟»

قالت الآنسة هودج: «الطرف الذي في المنتصف»، وهي تنظر إلى الفتاة بشيء أقربَ إلى المودة، رغم أنها كانت تفكر في إبعادها دون تخفيف قلقها.

غمرت الألوان وجه أودونيل الشاحب في العادة. وقالت بصوت خافت: «أوه، شكرًا لكِ!» وغادرت الغرفة على عجل.

قالت لوكس: «مسكينة. لقد كانت لحظة مرعبة بالنسبة لها.»

قالت هنرييتا وهي تفكر: «ليس من عادة الآنسة راوس أن تكون مُهمِلة في تركيب المعدَّات.»

«تقصدين أن أودونيل لا تقول الحقيقة؟»

«لا، لا. من الواضح أن ما قالته كان صحيحًا. كان من الطبيعي بالنسبة لها أن تثبت الجزء الذي ناحية الحائط بحيث يمكنها الاستعانة بقضبان الحائط. ولكن ما زلت لا أفهم كيف حدث ذلك. فبصرف النظر عن حذر الآنسة راوس المعتاد، يجب إدخال الدبوس بطريقة سيئة للغاية حتى يهبط الذراع إلى هذا الحد. أيضًا، يجب أن يكون حبل الرفع مرتخيًا جدًّا تقريبًا حتى يسقط ذراع العارضة!»

«هل فعل جيدي شيئًا عن طريق الخطأ؟»

«لا أعرف ما كان يمكن أن يفعله. لا يمكنك تغيير موضع الدبوس بهذا الارتفاع دون أن يصل إليه عن قصد. إنه ليس شيئًا كان يمكن أن يلمسه عن طريق الخطأ بمعداته. وعلى الرغم من تفاخره بقوة المكنسة الكهربائية، فلا يوجد شفط يمكن أن يسحب دبوسًا من تحت عارضة.»

فكَّرت لوكس لحظة: «لا. الاهتزاز هو القوة الوحيدة التي يمكن أن تغيِّر موضع الدبوس. نوع من الهزة. ولكن لم يكن هناك شيء من هذا القبيل.»

«ليس داخل صالة الألعاب الرياضية، بالتأكيد. فالآنسة راوس أغلقتها كالمعتاد الليلة الماضية وأعطت جيدي المفتاحَ، وفتحه بعد الجرس الأول مباشرةً هذا الصباح.»

«إذن لا يوجد تفسيرٌ آخر غير النظرية القائلة بأن راوس كانت مهملة للغاية لمرة واحدة. كانت آخر مَن غادر المكان وأول مَن دخله … لن تجد أيَّ شخص هناك في تلك الساعة من الصباح لم يكن مجبرًا على ذلك … لذا فإن اللوم يقع على راوس. وعلينا أن نكون ممتنِّين لهذا. فالأمر سيئ بما فيه الكفاية، لكنه سيكون أسوأ بكثير إذا كان الخطأ من شخص آخر …»

رنَّ الجرس للصلاة، ورنَّ الهاتف في الطابق السفلي بطريقة هستيرية.

سألت لوكس: «هل حددتِ الصفحة التي وقفنا عندها في كتاب الصلاة؟»

قالت الآنسة هودج: «حيث يوجد الشريط الأزرق»، وهُرعت إلى الهاتف.

سألت السيدة: «ألم تَعُد فروكن؟» بعدما ظهرت عند مدخل الباب. وتابعت: «حسنًا، دعنا نواصل الحياة. فالحياة يجب أن تستمر، إذا كان بإمكاني استخدام هذا التعبير. ودعونا نأمل ألا يكون ما سنسمعه في الصلاة هذا الصباح ذا صلة بالحدث. فالنصوص الدينية دائمًا ما تكون ذات صلة بالأحداث بوجه مدهش.»

ليست هذه هي المرة الأولى التي تتمنى فيها لوسي أن تُعزل السيدة لوفيفر في جزيرة قبالة أستراليا.

كان تجمعًا صامتًا وهادئًا في انتظارهن، وسارت الصلاة في جوٍّ من اليأس لم يكن مألوفًا وغير مسبوق. لكن مع الترنيمة، تعافَين قليلًا. لقد كانت ترنيمةً لبليك، وكان لها إيقاع عسكري قوي، وقد غنَّينها بحماسة. وكذلك فعلت لوسي.

غنَّت، منتبهةً للكلمات إلى أقصى حد: «لن أترك سيفي.» ولكنها توقفت فجأة، كما لو أن شيئًا ما أصابها.

شيء ما أصابها وجعلها غير قادرة على الكلام.

لقد تذكَّرت شيئًا التوَّة. تذكَّرت سبب تأكدها من أنهن لن يعثرن على راوس في صالة الألعاب الرياضية. كانت آثار أقدام راوس المبللة واضحة على المسار الخرساني؛ لذلك افترضت أن راوس قد جاءت إلى صالة الألعاب وغادرتها بالفعل. ولكن راوس لم تأتِ. لقد أتت راوس في وقت لاحق وتسلَّقت العارضة المهتزة وبقيت هناك حتى بعد الإفطار عندما كان الجميع يبحث عنها.

إذن … آثار أقدام مَن؟

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤