تصدير
١
«من الأمور العسيرة أن نتحدَّث عن أرسطو بغير إسراف؛ لأنك ستحسُّ إزاءه أنه عملاق
جبَّار، لكنك ستعلم إلى جانب ذلك أنه مخطئ فيما قال؛ إنك إذ تنظر إليه بعين
التاريخ، لترى هذا الأفق الفسيح الذي جال فيه بنظراته، لا يسعك إلا العجب والإعجاب!
لكنك إذا نظرت إليه بعين العلم، لترى كم أصاب في تلك النظرات، فاحصًا كل نظرة منها
على حِدَة، ومُختبِرًا لما يترتَّب عليها من نتائج، فلا يسعك إلا أن تُسدِل عليه
ستار الإهمال … إننا اليوم إذا ما أردنا تقدير حصيلة عمله في الكشف عن الحقائق
الإيجابية، رأينا أن أقواله — حين تكون خالية من الخطأ — تافهة لا قيمة لها، فلن
تجد في الكشوف العلمية العظيمة كشفًا واحدًا يرجع فيه الفضل إليه أو إلى أحد من تلاميذه».١
٢
«مَن أراد في عصرنا الحاضر أن يدرس المنطق، فوقتُه ضائع سُدًى لو قرأ لأرسطو أو
لأحد من تلاميذه، نعم إن تآليف أرسطو المنطقية دليل على مقدرة ممتازة، وكانت تكون
ذات نفع للإنسانية لو ظهرت في الوقت الذي لم تزَل عقول اليونان فيه نشيطة مُنتجة،
لكنها — لسوء الطالع — قد ظهرت في ختام فترة الإبداع للفكر اليوناني، ومن ثَم
استمسك بها الناس على أنها المرجع الموثوق بصحته، حتى إذا ما حان الوقت الذي عادت
فيه للمنطق قوة الأصالة والابتكار، كان أرسطو قد أنفق على عرش السيادة ألفَي عام،
مما جعل إنزاله عن عرشه ذاك أمرًا عسيرًا».٢
١
Lewes, G. H., Aristotle، ص١.
٢
Russell, B., History of Western
Philosophy، ص٢٢٥.